لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 66

اسلاميات

الحلقة 66

تتمة سؤال 264:

نحن وقفنا في المرة الماضية عند هذا الإستعمال في قول الله سبحانه وتعالى (فَانْظُرْ إِلَى آَثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) الروم) وفي موضع آخر الكلام على خلق الإنسان (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة) إستعمال كلمة (ذلك) قلنا، السؤال هو كان يمكن أن يقال في غير القرآن: إن الله لمحيي الموتى، إن ربك لمحيي الموتى، ممكن لكن يضعف الكلام وذكرنا واقعة لبشار ابن برد لما دعي إلى ترك كلمة (ذلك) التي فيها الإشارة لأن الإشارة هنا كأنما فيها تعظيم لشأن المتحدث عنه. بشار في قوله:

بكِّرا صاحبيَ قبل الهجير      إن ذاك النجاح في التبكير

قال: لمَ لم تقل (في النجاح)؟ قال: تصبح ضعيفة، ليّنة وأنا بنيتها عربية, وهناك بيت آخر لخُفاف إبن ندبة السُلمي جاهلي أدرك الإسلام وأسلم وتوفي سنة 20 للهجرة، عنده قصيدة يقول في مطلعها:

أقول له والرمح يأطر متنه               تأمل خُفافاً أنني أنا ذلكا (ضرب إنساناً برمح، يأطر متنه أي صار جسمه ينحني)

كانوا يستعملون كلمة (ذلك) للتفخيم لما يريد أن يتحدث عن نفسه، يذكر شيئاً من الأشياء إذا أراد أن يشير إليه بالبعيد يقول ذلك فلما هنا يقول الباري عز وجل (إن ذلك لمحيي الموتى) يعني إن ذلك العظيم الشأن لمحيي الموتى. اللام للبعد والبعد المعنوي، الإرتفاع لله سبحانه وتعالى أقرب إلينا من حبل الوريد. (إن ذلك لمحيي الموتى) فإذن إستعمال (ذلك) هنا لغرض رفعة الشأن ولهذا المعنى الذي وجدناه في هذين البيتين وبشار توفي عام 167 هـ وخفاف توفي عام 20 هـ.

وهنا نلاحظ في الآية الأولى: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) الروم) وذكر إسم الجلالة (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ) لو قال : إن الله لمحيي الموتى كأن الكلام إنقطع ولكن لما قال (ذلك) ذلك إشارة إلى من سبق أن ذُكِر يعني: إن ذلك ذا الرحمة الذي يحيي الأرض بعد موتها هو نفسه محيي الموتى. فيها هذا المعنى الإضافي إضافة إلى التفخيم والتعظيم (إن ذلك العظيم الشأن) فيها أيضاً الربط فيما قبلها لأنه سبق أن ذكر إسم الله عز وجل (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) إن ذلك الذي فعل كل هذا هو نفسه الله. (ذلك) تعني الفاعل المُحدِث الله سبحانه وتعالى. وأيضاً في قوله (ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة) الله خلق، الله سوى، فجعل، الفاعل الله، أليس الذي فعل كل هذه الأشياء (يشير إلى تلك الأفعال) لما يقول الله أو الرب كأنه الإسم المجرد لكن الإشارة بـ (ذلك) ربطت بالمعاني السابقة لأنه كما قلنا في المرة الماضية عن الجرجاني أنه قال: هنا إن وأليس جاءت كأنها وصلت وفصلت هي مفصولة لكن وصلت بربطها عن طريق الإشارة، ربطت بما قبلها.

سؤال 266: ما دلالة إستخدام الضرب على السمع للتعبير عن الموت في الآية (فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) الكهف) ولماذا لم يقل فأمتناهم كما قال في سورة البقرة (فأماته الله مئة عام ثم بعثه (259))؟

أولاً أهل الكهف لم يموتوا وإنما ناموا لأنه تعالى قال: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا (18) الكهف) الراقد ليس ميتاً ولذلك لا يصلح أن يقول: أماتهم. هذه واحدة.

بالنسبة للرجل فهو رجل مرّ بقرية وفي القرآن يقول مر على قرية، تجاوزها، نظر إليها وكان يبدو راكباً مرتفعاً فنظر إليها فإذا هي قرية خربة. من الرجل؟ ما هي القرية؟ الذي سكت عنه القرآن نسكت عنه والذي يعنينا هو العبرة أن هناك إنساناً ما مر بقرية ما لا يقدم ولا يؤخر من هو أو ما هي القرية؟ هو مثلٌ يضربه الله عز وجل لنا لرجل كان فيمن قبلنا وقع له هذا الأمر وكان ما وقع له معجزة وجعله الله سبحانه وتعالى آية لمن خلفه الذين شاهدوه والذين روى لهم الله عز وجل أمره. الله سبحانه وتعالى حدّثنا بهذا الأمر ونحن نؤمن بأن هذا الأمر وقع له. الأصل أن ما سكت عنه القرآن نسكت عنه ولا سيما إذا لم يكن فيه ثمرة. وكما قلنا سابقاً في سورة يوسف (وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)) من الوارد وما إسمه؟ يوسف كان في الجُبّ وجاء الوارد، من أي القبائل كانت القافلة؟ المشكل الذي وقع في بعض علمائنا للأسف الشديد أنهم أدخلوا أشياء من كتب بني إسرائيل وبنو إسرائيل أعملوا أيديهم في كلام الله عز وجل فغيّروه فما بالك بأحداث التاريخ؟! أحداث التاريخ هناك طوائف وفرق دينها قائم على الأكاذيب يقولون حدث في التاريخ كذا وفلان دس له السم وكلها أكاذيب، إنسان مات حتف أنفه فيقول فلان دسّ له السم، من أين علموا هذا؟ ومن قال لهم هذا الكلام؟. من أحد التفاسير الجيدة لكن للأسف الشديد لما ينظر فيم كُتِب قبله ويجد هذا الكلام يحاول أن يورده حتى وإن نقضه بعد ذلك (لن أذكر إسم التفاسير حتى لا نحدث خللاً في أذهان الناس) نتجنب الفكرة أما التفسير الذي فيه هذا الكلام تفسير جيد وموثق لكن في هذه الجزئية ما عندنا ما هو شر كله أو خير كله بالنسبة لأمور الكتب، حتى بعض الأمثال لدى العوام يقولون: يفوتك من الكاذب صدق كثير. لكن نحن عندنا هذا المنهج أنه ما سكت عنه القرآن نسكت عنه فكل ما روي مما سكت عنه القرآن ولا ثمرة من ورائه نضرب عنه صفحاً. ننظر في قوله تعالى (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) البقرة) إختلفوا في هذا المارّ الذي مر على قرية وما دام اختلفوا إذن ليس بين أيديهم حديث صحيح عن رسول الله r لو كان هناك أثر صحيح ما اختلفوا وما دام إختلفوا إذن هي التهويمات والتصورات والنقل من كتب بني إسرائيل وتخريفاتهم وتحريفاتهم قيل هو عُزير وقيل أرينيا إبن حلقيا، وقيل الخِضر وقيل حزقيل إبن بوار وقيل إبن شرخيا وقيل شعيا، قال مجاهد: كان المارّ رجلاً كافراً، وحتى قسم يقول كان مؤمناً. مؤمن كافر المهم أنه لما ثبت عنده الأمر قال (أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

أهل الكهف لم يحدد الله تعالى عددهم وما أسماؤهم. أسماؤهم منهم من قال: مكسلمينا ويمليخا ومرطونس وثبيونس وذرجونس وكفاشيطيطوس وأنطونواسيس هو الراعي والكلب إسمه قطمير، ومنهم من قال: يمليخا ومكشيليما ومثيلينيا هؤلاء أصحاب يمين الملك ومرنوش ودبرنوش وشاجنوش أصحاب اليسير وكان يستشير الستة والسابع الراعي لم يذكر في هذه الرواية وبعد ذلك يعلّق ويقول في صحة نسبة هذه الرواية مقال، وطالما فيها مقال لماذا يذكرها في كتاب تفسير القرآن؟ وكتابك كتاب عالي القدر كتاب مهم يجدر به أن لا يذكرها. (أنا أريد أن يقر هذا الأمر في القلوب أن ما سكت عنه القرآن نسكت عنه) ولا يكتفي بهذا وإنما يقول: أسماء أهل الكهف ذكروا لها خواص (مثل السحرة الذي يظهرون على بعض القننوات الفضائية يسألون إسمك إسم أمك هذا حرام يدخل صاحبه النار لا تقبل صلاته أربعين يوماً): عن إبن عباس (مسكين إبن عباس لأنه تعلق عليه أمور كثيرة) أن أسماء أصحاب الكهف تصلح للطلب والهرب وإطفاء الحريق وللحرث تكتب على قرطاس ويرفع على خشب منصوبة على الفخذ اليمنى، للحمى المثلثة والغنى والجاه والدخول على السلاطين ولحفظ المال والركوب في البحر والنجاة من القتل ثم يعلّق الكاتب فيقول: ولا يصح ذلك عن إبن عباس ولا عن غيره من السلف الصالح ولعله شيء إفتراه المتزيّون بزيّ المشايخ ولأخذ الدراهم من النساء وسخفة العقول، هو يعلم هذا أنه إفتراه بعض الناس ليضحكوا على بعض النساء وسخفة العقول فلماذا تذكره في كتابك؟ الأصل إذن في تعاملنا مع القرآن أن ما سكت عنه ربنا سبحانه وتعالى نسكت عنه لأنه لا ثمرة فيه إلا إذا ورد فيه خبر صحيح من رسول الله r يكون موضحاً لجزئية معينة.

(أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا) نلاحظ أنه إستعمل كلمة يحيي وكلمة الموت فلما إستعمل الأحياء والموت ناسب ذلك أن يقول (فأماته الله) لأنه تكلم عن موت وحياة. لكن قد يقول قائل هو لما تكلم عن موت وحياة قال (أماته) فلم لم يقل (وأحياه)؟ قال (فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ) فأماته مناسب للموت. يُفترض في غير القرآن أن يقال فأماته الله مائة عام ثم أحياه. لو قال ثم أحياه أي جعل فيه الروح، جعله حياً. أما بعثه فالبعث فيه معنى الإنهاض، بعثه يعني الحياة جزء منه، لما يقول بعثه أي جعله ينهض. الفعل بعث له معنيان متقاربان: المعنى الأول: أرسله والإرسال كأنه بعد تقييده كأنه كان عنده ثابت ثم أرسله لذلك يقولون أرسل السهم. ثم فيه معنى النهوض: يقول بعث الناقة لما تكون باركة بعثها أي أقامها وأنهضها بأن حلّ رباطها. هذان المعنيان متقاربان: بعثه أي أنهضه كاملاً مبصراً عاقلاً لأنه بعث بمعنى إستوى قائماً كما تستوي الناقة واقفة إذا بعثتها. الناقة فيها العقال فإذا قيل له إبعث ناقتك يفك العقال وينهضها. فلما ينهض هذا النائم الميت أي نهض بوعيه بعقله حتى يحاور حتى يقال له كم لبثت؟ ويجيب. ثم ختامها (قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) لما عُرِّف قدرة الله سبحانه وتعالى (فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا) بدأ الحمار شيئاً فشيئاً يتكوّن فعند ذلك قال (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مسألة كان يعلمها لكنها الآن أصبحت يقيناً كأنه متعجب أنها قرية ميتة كيف يبعثها الله تعالى؟ فجعلها الله تعالى آية لمن بعده ونحن من هؤلاء الذين يرون فيها آية من آيات الله أنه يحيي الموتى ويكسو العظام لحماً.

بالنسبة لأهل الكهف (فضربنا على آذانهم) الضرب هو إيقاع شيء على شيء ثم توسعوا فيه فقالوا: فلان يضرب في الأرض (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا (101) النساء) يضرب في الأرض إشارة إلى ضرب قدمه على الأرض وهو سائر وصار إذا قيل يضرب في الأرض يعني إذا سافر مسافات طويلة. (فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) الحديد) أي بمعنى بُنيَ سور. الضرب له إستعمالات كثيرة حسب السياق وأصله إيقاعك شيئاً على شيء. (فضربنا على آذانهم) كأنه ضرب حاجزاً أو شيئاً على الآذان لأن الذي يوقظ النائم بشكل طبيعي هو الصوت، إذا كان نائماً في أول نومه مستغرقاً في النوم إذا أوقدت ضوءاً لا يستيقظ وإذا أردت أن توقظ إنساناً يوقظونه بالصوت يصوتون يا فلان إستيقظ أو أن تضع المنبّه لأن الأذن مفتوحة أما العين فمغلقة عند النوم. (فضربنا على آذانهم) أي لم يعودوا يسمعون شيئاً وكان الضرب سنين معدودة تعدّ عداً. (ثم بعثناهم) لأنهم صاروا حزبين والعلم هنا هو علم الله المشاهدة وليس علمه اللدني الذي عنده أي علم مشاهدة وعلم وقوع وحدوث، بعضهم قال لبثت يوماً وبعض قال الله أعلم كم لبثنا.

ألهذا السمع مقدم على البصر في القرآن؟ قد يكون هذا من الأسباب وقد يكون أن الإنسان يستقبل الآيات ويستقبل المواعظ الآيات من الرسل بالأذن أكثر من إستقبالها بالبصر (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36) الإسراء) يسمع ما يلقيه عليه الرسل ثم ينظر في ملكوت الله ثم يعمل ما سمعه وما نظره في فؤاده.

سؤال 267: بعض العلماء يستدل بالآية (فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) هود) على أن إسماعيل هو الذبيح والبعض يعترض ويقول المقصود (إسحق) فما المختار بين الرأيين؟

لو نظرنا في ضوء المبدأ الذي قلناه لا يعنينا من الذبيح؟ المهم إبراهيم u حدثت له قضية مع أحد ولديه وكان الولد من الصابرين وكانت محنة اختُبِر بها إبراهيم u فيها ونجح في هذا الإختبار. ما يعنينا أن يكون فلاناً أو فلاناً والدليل على أنه ليس هناك أثر صريح صحيح إختلاف العلماء ما دام إختلفوا في هذا إذن ما عندنا شيء ثابت مع ذلك خاضوا في الموضوع في ضوء الآيات. لما ننظر في الآيات: الآية في سورة هود (وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71) هود) هذه المرأة التي كانت عاقراً لم تكن تلد وكانت كبيرة في السن، هي امرأته الأولى بُشِّرت بإسحق. المرأة الثانية زوجة إبراهيم هي التي ولدت له هذا الذي أخذها وإياه وأسكنهما بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. لما ننظر في الوقائع في الآيات نجد نوعاً من الترجيح أنه إسماعيل الذي ذهب إلى ديار العرب وتزوج منهم وعاش هناك. لأن الكلام الأول كان عن إسحق. لما نأتي إلى الآيات في سورة الصافات التي ذكر قصة إبراهيم (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ (97) فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ (98) وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)) لما يمضي في القصة بعد أن ينتهي من قصة الذبيح يقول تعالى (وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ (112)) إذن جاءت البشارة بإسحق بعد البشارة بالذبيح وإسحق ذكر إسمه في القرآن وإسماعيل ذكر إسمه في القرآن فالمرجح عند بعض العلماء أن الذبيح هو إسماعيل وليس إسحق. ولكن نقول الذبيح من الصابرين ولما ننقل إلى الآيات (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) الأنبياء) أيوب صبر، وإسماعيل وإدريس كلٌ من الصابرين، من الذي وُصِف بوصف الصبر؟ إسماعيل لأنه قال عنه في آية أخرى (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) وأكد القرآن في موقع آخر أن إسماعيل من الصابرين. إسحق ما وصف بهذا وإنما قال (فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب) لكن نقول: والمسألة قبل ذلك وبعد ذلك لا يترتب عليها أمر من أمور الدين وليس فيها نص صريح قاطع بدليل إختلاف العلماء فيها فالخوض فيها غير مثمر ويكفي إتخاذ العِبرة منها بصرف النظر عن الإنسان الذي وقعت له.

هكذا نقول أن الأمر يتعلق بأحد إبني إبراهيم u . بعض العلماء رجح بناء على هذا والسيوطي رجح مرة هذا ومرة هذا ثم قال ليس هناك مجال للترجيح. وبعض العلماء المتأخرين حاول أن يستدل بما ذكرته الآن. إذا كان إسحق أو إسماعيل لا يقدم ولا يؤخر لكن المهم العبرة. العبرة أنه أحد إبني إبراهيم، عندنا قوله تعالى (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) إبراهيم كان موجوداً هنا وأقام هنا واتخذنا من مقامه مصلى وغبنه الذي كان معه ملحق وإسماعيل نبي. إسرائيل هو يعقوب ومن أبناء يعقوب موسى وهارون من ذرية يعقوب وأنبياء ورسل إسرائيل من ذرية يعقوب كثيرون. إبراهيم عنده ولدان إسماعيل وإسحق، من إسماعيل نبيٌ واحد هو خاتم الأنبياء والمرسلين r ومن أولئك هذا الجم الغفير فكلهم لا يقف أحد منهم ند للرسول r. إسماعيل ومن أولاد إسماعيل محمد r وهؤلاء أبناء عمومتهم” سأبعث من أبناء عمومتهم في فاران” (فاران هو المكان الذي ترك فيه إبراهيم ولده إسماعيل وهم يزعمون أن فاران في مكان آخر في فلسطين). لو صح الحديث “أنا ابن الذبيحين” لانتهى الحوار لكنه لم يصح كما قال إبن جنّي لما بدأ يتكلم عن نشأة اللغة قال: فإذا ورد الخبر الصحيح بذلك وجب تلقيه بالقبول. كم كان علماؤنا يقيمون وزناً للخبر الصحيح لأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى إذا ورد كلام صحيح عنالرسول r ينقطع الكلام ولا مجال فيه للحوار.

سؤال 268: ما الفرق بين إستعمال (وإليه ترجعون) و(إليه تحشرون) وما دلالة كل كلمة في القرآن؟

الآية الأولى تتكلم على الجانب المالي (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) البقرة) والآية الأخرى (قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) الملك). لما كان الكلام على المال، على القرض، والمال يذهب ويجيء، الله سبحانه وتعالى يقبضه ويبسطه فيناسب الكلام على البسط والقبض الذهاب والإياب، ذهاب المال وإياب المال يناسب كلمة الرجوع، أنتم وأموالكم ترجعون إلى الله لأن فيها قبض وبسط ففيها رجوع.

الحشر إستعمله مع ذرأ لأن ذرأ بمعنى نشر، يذرؤكم في الأرض أي يبثّكم وينشركم في الأرض. هذا الذرء والبثّ يحتاج إلى جمع أن يُجمع والحشر فيه معنى الجمع. فإليه ترجعون كأنما هذا الرجوع لكن ليس فيه صورة لمّ هذا المذروء المنثور فالذي يناسب الشيء المنثور الموزع في الأرض كلمة الحشر وليس الرجوع صحيح الرجوع كله إلى الله سبحانه وتعالى. واللفظة المناسبة لـ (ذرأكم في الأرض) أي بثّكم كلمة تحشرون هذا الحشر الذي يناسب الذرء.

Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:”Table Normal”; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:””; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:”Times New Roman”; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;}

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 22/11/2006م:

ما هو شرح الآية (إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) البقرة)؟

ما دلالة ذكر الموت قبل الحياة في بعض آيات القرآن؟

ما دلالة استخدام كلمة (ألفى) في الآية (وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) يوسف)؟ في سورة المائدة (قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ (104)) فهل يمكن أن تأتي وجد مكان ألفى أم أن ألفى لها معنى آخر يزيد عن وجد؟

ذكر الدكتور في حلقة سابقة أن كلمة إستضاف قُلِبَ معناها في استعمالنا الآن وكانت تستخدم بمعنى طلب الضيافة فهل كلمة إمتازوا (إمتازوا اليوم أيها المجرمين) وتميزّ (تكاد تميّز من الغيظ) ويميز (ليميز الله الخبيث من الطيب) حدث لها إقلاب معنوي واليوم تستخدم بشكل طيب؟

ما الفرق بين ثقِف وألفى ووجد؟

هل هناك علاقة بين كلمة جبت وegypt لأنه كثر الكلام في هذا الموضوع مؤخراً؟

أين نجد كتب الدكتور حسام النعيمي؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 22/11/2006م

2009-01-27 19:08:07