لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 68

اسلاميات

الحلقة 68

تابع سؤال 271:

وقفنا في المرة الماضية عند عدد من الألفاظ التي سأل عنها السائل ومنها كلمة التفسير وقلنا أن الفسر في الأصل كأنه لو أخذ تمراً وشقّها حتى يخرج النواه فهذا فسر كأنه إزالة الشيء الذي يغطي ما تبحث عنه. لذلك لما تأتي الجملة أو العبارة كأنها غير واضحة لعموم القارئين بسبب بُعد الشقّة الزمنية ونحن لا نشك أن كل آيات الله سبحانه وتعالى كانت مفهومة من قِبَل العرب في وقتها لكن لما ابتعد الزمن صار هناك حاجة لبيان هذه المعاني. فسّر الشيء كأنه إكثار في الكشف، فيه معنى الإكثار، التفسير فيه معنى الإكثار من بيان المعنى. بعض علمائنا يقول كل هذه الكلمات (التفسير، التأويل، الإجتهاد، إعمال العقل، إبداء الرأي) بمعنى واحد وعندنا نصّان، نصٌ لابن الأعرابي ونص لثعلبة، إبن العربي يقول التفسير والتأويل والمعنى واحد، ومثله يقول لما سئل عن هذه الكلمات قال: التأويل والمعنى والتفسير واحد لكن نحن مع الذين يقولون هناك فوارق جزئية وكل لفظة لها معناها.

التأويل: لما نأتي إلى التأويل نجد أنها من آل الشيء يؤول بمعنى صار يصير أو رجع يرجع. آل هذا الأمر إلى كذا أي صار إلى كذا أو رجع إلى كذا، هذا التأويل. لما ننظر في إستعمالات القرآن للفظة التأويل نجد أنها تأتي بمعنيين: المعنى الأول هو بيان ما يؤول إليه اللفظ من معنى، لما نأخذ آية من القرآن وهي صورة من الصور التي ذكرها القرآن عن آل فرعون (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر) هذا تأويله واضح إذا أراد الإنسان أن يأوّله سيقول عند ذلك أنه آل فرعون أصابهم العذاب الشديد وأُهلِكوا وهم في موتهم وهلاكهم يعرضون على النار إما يعذبون فيها أو يرونها فيخافون وفي يوم القيامة سوف يدخلون النار ويعذبون عذاباً شديداً. هذا بيان المعنى الذي هو التيسير.

المعنى الثاني للتأويل هو بيان حقيقة الشيء، حقيقة الشيء بمعنى ماهيته، ما هو هذا الشيء؟ وكيف هو؟ هذا بيان الماهية والكيفية لا يكون في كل موضع. في هذا الموضع مثلاً بيان الماهية والكيفية غير ممكن، لماذا؟ نحن نستفيد من هذه الآية أن هؤلاء الناس يعذبون في القبر (عذاب القبر) لأن الآية صريحة (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) إذن هذا عذاب وهذا عذاب، فالإيمان بعذاب القبر. لكن ما ماهية هذا العذاب؟ وكيفيته؟ هذا النوع الثاني من التأويل الذي هو أن نرى مآل حقيقة هذه الألفاظ، حقيقة المعنى ليس معنى الألفاظ وإنما حقيقتها، حقيقة هذه الألفاظ هنا غير معلومة. ما حقيقة هذا العذاب في القبر؟ ما ماهيته؟ كذلك ما ورد من كلام في صفات الله سبحانه وتعالى لما يقول (سميع بصير) تأويلها أو معناها الظاهر أن الله سبحانه وتعالى يبصرنا ويسمعنا (قال إنني معكما أسمع وأرى) فالله سبحانه وتعالى يسمعنا ويرانا، كيف يكون هذا السمع؟ كيف تكون هذه الرؤية؟ هذا الذي قال عنه علماؤنا أن حقيقة هذا الأمر غير ممكن والتي أشارت إليه الآية الكريمة (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ) (محكمات هن أم الكتاب) هذا أيضاً من معاني الحكم الذي ليس فيه تعارض والحكم الذي فيه كلّيات يستنبط منه التفاصيل تستخرج منها التفاصيل مثل الأم التي تلِد. والتشابه في القرآن له أكثر من معنى: التشابه بمعنى إنعدام التعارض والتناقض (متشابهاً) ليس فيه تعارض. ومتشابه أي يشتبه على الناس جزء منه. نؤكد أولاً أن القرآن الكريم كله كان مفهوماً من لدن العرب لكن هناك آيات هي مفهومة كما قلنا في آية (وحاق بآل فرعون سوء العذاب) هذا مفهوم لكن فيها مساحة للغيب. (وأُخر متشابهات) التي فيها مساحة للغيب لا نعني أنها غير مفهومة لأن ليس في القرآن الكريم شيء غير مفهوم، كله مفهوم لكن فيها مساحة فيها غيب كالآية (وحاق بآل فرعون سوء العذاب). نحن نؤمن أن هناك عذاب القبر مفهومة من هذه الآية لكن فيها مساحة غيب، كيف هو هذا العذاب لا ندري؟ ما ماهية هذا العذاب؟ لا ندري. (أسمع وأرى) مفهومة يسمعنا ويرانا لكن كيف؟ ما ماهية السمع؟ (يد الله فوق أيديهم) ما ماهية هذه اليد؟ هذا الذي قال علماؤنا نُمِرّه مروراً كما هو. فيها مساحة للغيب يعني صفات الله سبحانه وتعالى، الحديث عن الماهيات، الكيفيات، في الجنة نعيم ما ماهيته؟ ما كيفيته؟ في النار عذاب، ما ماهيته؟ ما كيفيته؟ كيف يكون العذاب؟ كيف يكون الإنسان يحترق ويجادل؟ (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77) الزخرف) (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50) الأعراف) لأن هذا العذاب له ماهية خاصة، تكوين خاص، وله كيفية خاصة هيئة خاصة تليق بذلك اليوم والخوض منه ضياع الوقت وتشكيك للعقول وصفه الله تعالى (فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ) يريدون أن يفتنوا الناس ويحاولون الوصول إلى حقيقة هذا الشيء، حقيقة عذاب القبر غير مفهومة تقول هذا غرق وهذا حرق وكيف سيعذب وإذا أحرقنا إنساناً كيف سيعذّب؟ هذا كله غيب. نحن نؤمن أن هناك عذاب للميّت قبل قيام الساعة في الأقل آل فرعون. قال r: “يعذبان في قبريهما وما يعذبان في كبير” لكن ما وصف r ماهية العذاب، هما يعذبان والحديث صحيح لكن كيف يعذبان؟ لم لا نسمع عذابهما؟ طريقة العذاب؟ إذا لم يبق من الإنسان شيء إلا عجب الذنب لا يعجز الباري أن يقول كن فيكون فتعود هذه الأجسام جميعاً حتى لو لم يبقى منها شيء. نحن لا نقيس قدرة الباري عز وجل على ما عندنا في حياتنا. (يتبعون ما تشابه منه) ولا يمكن أن يصلوا فيه إلى نتيجة لأن الغيب لله سبحانه وتعالى، بعد موت الإنسان كل الأمور غيب ويصان عقل الإنسان عن أن يكدّ فيها فوصفهم بهذا الوصف (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وما يعلم تأويله إلا الله) لا يعلم حقيقة العذاب، حقيقة العذاب والنعيم، حقيقة هذا الشيء الذي هو غائب عنا في الدنيا يتعلق بالآخرة لا يعلمها إلا الله تعالى والراسخون في العلم يقولون آمنا به. هماك وقف عند الله، والراسخون في العلم ويكون معرفتهم بالشيء وليس الحقيقة ولا أحد من هؤلاء العلماء حتى الذي نسب إليه أنه قال أنا ممن يعلم تأويله هو يعلم تأويله بمعنى معناه، دلالة ألفاظه وليس بمعنى حقيقته لأنه لا أحد يعلم حقيقة عذاب القبر ومن زعم لنفسه ذلك فقد قال كلاماً كبيراً إلا إذا كان نبياً يوحى إليه وانقطع الوحي بعد رسول الله r.

(وما يعلم تأويله إلا الله) أي حقيقته، حقيقة معنى هذه المتشابهات. عذاب القبر معلوم من خلال الآية لكن حقيقة هذا العذاب لا يعلمه إلا الله، لأن قلنا التأويل له معنيان: بيان مراد الألفاظ، معانيها الظاهرة، هذا تأويل أي ما يؤول إليه اللفظ لأنه تأويل ويؤول اللفظ إلى كذا ويؤول اللفظ إلى حقيقة كذا هذا الجزء هو مما إختص الله عز وجل بعلمه. فيكون عندنا في المتشابهات هناك مساحة من الغيب لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى والمساحة العامة يعلمها كل من يقرأ القرآن الكريم ويعرف لغة العرب.

التفسير: كأنه الفسر أي الكشف عما هو غامض في المتأخرين من الناس ممن لغتهم العربية ضعيفة فيحاولون أن يفسروا لهم ما غمض من المعاني كأنهم يكشفون عن شيء في الداخل هو المعنى.

الإجتهاد: بذل الجهد في معرفة الشيء، أن يبذل الإنسان جهده في معرفة هذه المعاني وفي الاستدلال بها على إستخراج الفتاوى ويجتهد في فهم هذه النصوص. وقلنا أن الاجتهاد في الفتوى له أهله الذين أمضوا حياتهم في هذا الأمر وليس الذي يقرأ كتاباً أو كتابين ويقول هم رجال ونحن رجال، أبو حنيفة رجل وأنا رجل، فكما هم اجتهدوا ونحن نجتهد، هناك آلة منها معرفة الناسخ والمنسوخ ومعرفة أساليب العرب، معرفة دلالات الألفاظ أحياناً اللفظة الواحدة تؤدي عدة معاني.

إعمال العقل: الإنسان لا بد أن يُعمل عقله في تفهم المراد لكن أن يُعمل عقله في الاستنباط ينبغي أن يكون وفقاً للضوابط وليس على هواه، يعمل عقله في الاستنباط من النصوص. ذكرت مرة أنه في أيام الشباب كنا نقرأ على أحد المشايخ في التجريد الصريح للبخاري الذي فيه جرّد الأسانيد وجرد المكررات ووقفنا عند الحديث: إنما الماء من الماء، والمفهوم منه أن الإنسان إذا عاشر أهله وكسِل فلم يُنزل لا يغتسل لأنه إذا نزل الماء يغتسل لأن الماء من الماء، وانتهى الوقت فقال الشيخ على رسلكم هذا الحديث منسوخ لأنه في أول الإسلام فلا يذهب أحدكم فيفتي، سنأتي في الجلسة القادمة ونذكر حديثاً آخر نسخه لأن جاء بعده ” إذا جلس الرجل بين شعابها الأربع ثم جهدها وجب عليه الغسل أنزل أو لم يُنزِل ” إذا أعمل عقله وقرأ إلى حدّ الحديث الأول سيفتي أنه لا يعتسل ويقول هو من البخاري، لا، هذا دين الله لا ينبغي أن يعبث به العابثون ” أسرعكم إلى الفتوى أسرعكم إلى النار” كما قيل. فإعمال العقل وفقاً للضوابط أن يكون مؤهلاً لإعمال العقل، إعمال العقل في النص وفق ضوابط اللغة، لو كان مهندساً ودرس على المشايخ ليس هو شيخ نفسه يمكن أن يتكلم لكن ينبغي أن يعلَّم طريقة الإستنباط وطريقة الجمع بين النصوص، هذا دين الله لا ينبغي أن يعبث به العابثون. طبيب يدرس ويتخصص، مهندس لكن يأخذه من أفواه الرجال، من المشايخ ولا يكون الإنسان شيخ نفسه لذا علماؤنا يقولون: ” من لا شيخ له فشيخه الشيطان”. لا يقول أحد أقرأ وأنا فهمت كذا، إعمال العقل وفق الضوابط عن طريق الرجال.

القول بالرأي: وكذلك القول بالرأي لما يكون عندك رأي ينبغي أن يكون الرأي وفق الضوابط أيضاً. حرام أن تقول أنا رأيي أن الشجرة الملعونة في القرآن يعني بني فلان، هذا لا يجوز، هذا حرام. أن تبدي رأياً وفق ضوابط ووفق مناقشات. لذلك لما تكلمنا عن مدرسة أبي حنيفة قلنا أحياناً في المسائل الإجتهادية يكون لأبي يوسف رأي مخالف لأبي حنيفة أو محمد بن الحسن رأي مخالف. هذه آراء بناء على استدلالات يقول دليلي كذا وكذا. فالمسلم ينظر في الأدلة ويرى ما هو الأرجح إذا كان من أهل النظر فإذا لم يكن من أهل النظر وليس له قدرة على الترجيح فلا بأس أن يتبع أحد الأئمة الأربعة المشهورين رضي الله عنهم ويحاول جهد الإمكان إذا وجد مسألة خلافية أن يسأل عن دليل كل واحد فيحاول أن يتبع الدليل. فهم جميعاً يقولون: إذا جاءكم الحديث فهو منهجي، هذا قولهم.

فهذه خلاصة والكلام في هذا يطول وسيجعلنا ننتقل من اللمسات إلى القضايا الأصولية.

سؤال 272: حرف الهاء يقصد بها التنبيه في (هؤلاء، هذا) فهل للهاء نفس الدلالة في (فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) الحاقة)؟ وما دلالة باقي الكلمة (اؤم)؟

يفرحنا جداً مثل هذه الأسئلة والملاحظة والتتبع والمراعاة وتشير إلى أن المشاهدين يتتبعون فصاروا ممن يلاحظ هذه الآيات كما قال تعالى عن أناس هجروا هذا القرآن (أفلا يتدبرون القرآن) فصاروا ممن يتدبر القرآن وينظرون شيئاً دُبُر شيء.

(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) الحاقة) الجزء الأول في هاؤم (هـ) هو ليس كالجزء الأول في لفظ (هذا)، الجزء الأول من لفظ (هذا) نص العلماء على أن (ذا) هو إسم الإشارة ولو تذكرت أبيات الألفية:

بذا لمُفردٍ مذكّر أشِر           بذي وذِه تي تا على الأنثى اقتصر

وتدخل الهاء للتنبيه فيقال (هذا) وأحياناً لا تدخل الهاء وإنما يأتي ذاك وذلك. لكن هنا (هاؤم) الهاء ليست للتنبيه و(أؤم) التي يحار الناس في معناها وإنما هذه لفظة، هي إسم فعل (هاؤم) كلمة كاملة كما هي بمعنى (خذوا) كأنما يريد أن يعطيهم شيئاً (هاؤم اقرأوا كتابيه) خذوا كتابي فاقرأوه.

(هاؤم) قال العلماء تستعمل في لحظة الفرح الشديد، يقول هاؤم هذا وانظروا فيه. بعض العلماء تتبع هذه اللفظة في لغات العرب فوجد أن العرب تستعملها بثماني طرائق: منهم من يقول (ها) فقط: ها يا رجل، ها يا امرأة، ها يا رجلان، ها يا امرأتان، ها يا رجال، ها يا نسوة صورة واحدة بمعنى خذ وخذي وخذا وخذوا وخذن. وبعضهم يستعمل معها الهمزة (هأ) هأ يا رجل، لكن يقولون أكثرها استعمالاً التي أشار إليها سيبويه إمام النحاة وهي التي يقول فيها العربي (هاءَ يا رجل، هاءِ يا امرأة، هاءا يا رجلان ويا امرأتان، هاؤنّ للنساء وهاؤم يا رجال) فهذه هي اللغة العليا الأكثر إستعمالاً. أن تلحق الألف همزة مفتوحة قبل كاف الخطاب هذه لغة أخرى: (هاءك، هاءكِ، هاءكما، هاءكنّ، هاءكم). ثماني لغات لكن اللغة التي عليها القرآن الكريم أجودها ما حكاه سيبويه لما يقول العرب تقول أي جمهور العرب فهي اللغة العليا المثلى تقول (هاءَ، هاءِ، هاءا، هاءكنّ، هاؤم) فالميم في هاؤم كالميم في أنتم وضمها كضمها في بعض الأحيان. وفسّر هنا بـ(خذوا) وتستعمل عند الفرح والنشاط وكأنها جواب، كأنها لشخص يقول: ما عندك؟ يقول: هاءِ ما عندي، في حال فرحك ونشاطك وسرورك. هؤلاء كانوا مسرورين فيقولون (هاؤم) لفرحهم وسرورهم، والذي أعطي كتابه بشماله لم يقل هاؤم.

وعندنا رأي يرى “وزعم قوم أنها مركّبة في الأصل” كأنها منحوتة نحتاً أصلها هاء التنبيه وأوموا أي إتجه إلى الشيء، هاأوموا إليّ يعني إتجهوا إليّ لكن لا يوجد دليل واللغات السبع الأخرى دليل على أنها كلمة وصنعت هكذا ابتداءً وليست من النحت.

هناك فرق بين هاؤم وخذوا: هاؤم كأنها لفظة سرور لكن إذا قلت خذوا أي خذوا هذا الأمر وأنت فرح أو غاضب أو راضٍ أو غير راضٍ أو غيره لكن هاؤم فيها سرور وفرح.

(لا تخفى منكم خافية): مناسبة أن نقول أن هذه الآية وحدها لو كان الإنسان يتبصّر فيها لتوقف عن كل عمل لا يرضي الله سبحانه وتعالى لما يتذكر أنه (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) هذه وحدها لو أراد أن يسرق أو يعصي، يقول صحيح أنه لا أحد يراني، لكن كيف أصنع يوم لا تخفى خافية؟ سلاّمة لما قالت لعبد الرحمن القُسّ (يقال له قُسّ لعبادته) قالت له: إني لأحبك، قال وأنا والله، قالت: وأشتهي أن أقبّلك، قال وأنا والله، قالت: فما يمنعك فإن الموضع لخالٍ؟ قال: يمنعني قول الله عز وجل – تذكروا فإذا هم مبصرون – (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) الزخرف) فأخشى أن تحول محبتي لك عداوة يوم القيامة. فلو تذكر الإنسان دائماً هذه الآية (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) ما كان عصى أحدٌ ربّه سبحانه وتعالى.

سؤال 273: كلمة بقيت وردت في سورة هود مكتوبة بالتاء المفتوحة (بَقِيَّتُُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (86) هود) فهل جاء لها رسم بالهاء؟

كلمة (بقية) وردت في ثلاثة مواضع من القرآن الكريم: في سورة البقرة (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (248) هذه رسمت بالهاء أو التاء المربوطة كما يقال، في سورة هود أيضاً في الآية (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116)) رسمت بالهاء وفي السورة نفسها في الآية (بَقِيَّتُُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (86)) وردت بالتاء. هذا يجعلنا نعود إلى مسألة رسم المصحف. (تكملة الإجابة في الحلقة القادمة).

Normal 0 false false false MicrosoftInternetExplorer4 /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:”Table Normal”; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:””; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:”Times New Roman”; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;}

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 2/12/2006م:

ما دلالة النصب والجزم مع وجود العطف في الآية (وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون)؟

ما سبب عدم تنوين كلمة يوم في الآية (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) المائدة)؟

ما هي اللمسات البيانية في قول النملة في الآية (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) النمل)؟

كيف يقضى بالحق بين النبيين والشهداء في الآية (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) الزمر) وبعدها (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75))؟

لماذا كتبت كلمة سجى بالياء مع أنها من سجا يسجو ولماذا قرئت بالإمالة في بعض القراءات (وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) الضحى)؟

ما الاختلاف بين الآية 55 والآية 85 في سورة التوبة؟ (الإجابة على هذا السؤال على هذا الرابط)

في الآية (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى (58) قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) طه) السؤال كان عن المكان وأما الجواب فكان عن الزمان فهل يتناسب السؤال مع الجواب؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 2/12/2006م

2009-01-27 18:51:47