نحن قلنا في نهاية الحلقة الماضية أن هذا السؤال يتعلق برسم المصحف، برسم القرآن الكريم وأن لفظة بقية وردت في ثلاثة مواطن: وردت في سورة البقرة (وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (248)) وهذه رسمت بالهاء يعني بالتاء المربوطة كما نسميها، في سورة هود وردت كلمة بقية مرتين في البقرة مرة وفي هود مرتين ولم ترد في مكان آخر على ما أحصاه محمد فؤاد عبد الباقي: مرة في الآية 116 وردت لفظة بقية في قوله تعالى (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ (116)) كتبت كلمة بقية بالتاء المربوطة، وقبل هذه الآية في الآية 86 في سورة هود كتبت كلمة بقيت بالتاء المفتوحة وهي قوله سبحانه وتعالى (بَقِيَّتُُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ (86)).
خط المصحف توقيف، وكلمة توقيف فُسِّرت على وجهين: بعض الناس يقول هي على ما أملاهالرسول r ونبّه عليه في رسم الخط وهذا الكلام – فيما أراه – مرجوح لأنالرسول r لم ينبه على كلمة كيف تكتب ولا يوجد دليل على ذلك. الرأي الثاني أن رسم المصحف توقيف على ما رسمه أصحاب رسول الله r في ذلك الوقت لأنه كان الخط العربي يمر بمراحل تطور من قبل الإسلام ثم جاء الإسلام وبعد الإسلام الخط يتطور بحيث كما أن الحركات لم تكن تكتب، لما كانوا يكتبون كلمة (كَتَبَ) لم يكونوا يضعون الفتحة على الكاف. كذلك في بعض الكتابات لما يكتب كاتب لا يضع الأف لأن الفتحة والألف صنوان، الفتحة هي ألف قصيرة لأن الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول: الحركات أبعاض حروف المدّ (الضمة بعض الواو والكسرة بعض الياء والفتحة بعض الألف) لكن الفارق أن الواو والياء لهما صورتان أخريان لا تكونان مدّاً فرُسِمتا، بينما الألف لا تكون إلا مدّاً ففي أماكن كثيرة لا تُرسم. ونحن عندنا في بداية كتابة المصحف – طبعاً نعلم تاريخ الكتابة – المصحف كُتِب في زمن أبي بكر رضي الله عنه الكِتبة الأولى ثم أعيد نسخه في زمن عثمان رضي الله عنه ووُزِّع. عندنا حديث في البخاري في قصة جمع القرآن حين دعا عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه زيد بن ثابت (أنصاري) فأمره وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوا الصحف في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء في القرآن فاكتبوه بلسان قريش فأنما نزل بلسانهم فكتبوا الصحف في المصاحف فاختلفوا هم وزيد بن ثابت في التابوت فقال الرهط القريشيون التابوت وقال زيد التابوه فرفعوا اختلافهم إلى عثمان رضى الله تعالى عنه فقال أكتبوه التابوت فأنه بلسان قريش . ولو كانالرسول r أملى على زيد (وزيد كاتب الوحي) كيف يكتب التابوت ما اختلف مع القرشيين قال نحن نقول التابوه فنكتبه بالهاء قالوا نحن نكتبه بالتاء فرُفع الأمر إلى عثمان فكرر الكلمة أنه نزل بلسان قريش. هذا الحديث موجود في البخاري في موضعين وورد في سنن الترمذي وفي صحيح إبن حبان مع اختلاف في التفصيل. فالكلام كان على اللسان، على النُطق، هو ينطق هكذا، الرسم: هي (بقيت الله) تلفظ هكذا و (بقية مما ترك آل موسى) تلفظ هكذا لكن الخط لم يكن قد استقر، الهمزة ما كانت موجودة، لم تكن قد خُلٌِقت بالرسم والذي إبتكرها هو الخليل بن أحمد الفراهيدي المتوفى عام 175 للهجرة فما كان هناك همزات مرسومة في خط المصحف، لا يرسمونها لكن يُنطق لأن القرآن حُفِظ في الصدور. لكن هل هناك سِرٌ أنها قد كتبت هكذا مرة ومرة كتبت هكذا؟
نحن لو تأملنا في هذا المرسوم وفي إختلافاته ليس من السهل أن نجد ضابطاً لذلك ولهذا نقول الراجح أنه كان بسبب عدم إستقرار الخط. فيكتبونها مرة بالتاء ومرة يكتبونها بالهاء، غير مستقرة. وهناك من يقول هناك أسرار ونحن لا نعرف هذه الأسرار. جئت بمثال من سورة مريم (ذكر رحمت ربك (2)) وفي سورة ص (أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب (9)) كلمة رحمت في الآية الأولى مضاف إليه وأضيفت إلى لفظة (رب) وفي سورة ص كلمة رحمة مضاف إليه وأضيفت إلى كلمة (رب) فهي صورة واحدة: لفظ مضاف إليه ومضاف إلى كلمة أخرى هي هي، إلى (ربّ) لكن في سورة مريم كتبت (رحمت) بالتاء الطويلة وفي ص كتبت (رحمة) بالتاء المربوطة. ونحن نقول هذا عدم إستقرار ولكن ماذا نستفيد منه الآن؟ نستفيد شيئاً أن المسلمين لم تمتد أيديهم إلى كتاب الله سبحانه وتعالى بتغيير حرف منه لمطاوعة الإملاء أو لتوحيد الإملاء، فالذي لا تمتد يده لتغيير حرف لا يمكن أن تمتد يده لتغيير آية. هذا منطق: أنه أناس رفضوا أن يغيروا كلمة (رحمت) بالتاء لو كتبت بالهاء ستقرأها رحمة لأنها ما نزلت مكتوبة وإنما نزلت صوتاً، الصحابي كتبها بالتاء الطويلة. كأنما أراد الله سبحانه وتعالى أن تكون هناك أكثر من صورة لبعض الكلمات ويحافَظ عليها حتى تكون دليلاً قاطعاً لكل منصف أن المسلمين لم يغيروا في قرآنهم شيئاً، ما بدلوا حرفاً بحرف. وقد سُئل الإمام مالك في هذا: أنكتب المصحف على كتبة اليوم؟ أي في زمانهم لأن الإملاء صار واضحاً يكتبون كلمة (صراط، رياح، صلاة، تكتب بالألف) صار عندهم قواعد إملائية، قال: لا، إلا على الكِتبة الأولى، حتى لا يكون ذلك سبباً في هذا التغيير، أي يكون سبباً لتحريف القرآن لأن الله سبحانه وتعالى تعهد بحفظه، فالقرآن يُحفَظ بعمل الرجال الذين يهيئهم الله سبحانه وتعالى لخدمة كتابه لذلك النقط والحركات صارت خارج جسم الحرف القرآني. ما وضعوا الفتحة في كلمة كَتب وضعوها بين الكاف والتاء، هي بعد الكاف الفتحة بعد الكاف، ما وضعوا لها رمزاً يفضل بين الكاف والتاء، قالوا نضعها خارج الجسم. وفي البداية رفضوا أن يفعلوا ذلك وقالوا: كيف نصنع ما لم يصنعه أصحاب رسول الله r؟ شيء اعتيادي عندهم أن تكتب الكلمات هكذا مرة بالتاء ومرة بالهاء مثل كلمة رياح مرة تكتب بالألف ومرة بدون الألف.
أظهر الدكتور حسام على المشاهدين صورة لبعض الآيات يقولون الخط منسوب للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وإن لم يكن خطّه فالمكتوب من عصره. لما ننظر إليها إذا لم نكن نعرف من أي سورة ليس من السهل أن تُقرأ. هي من سورة الحجر (من كل شيطان رجيم إلا من استرق السمع..) كلمة شيطان ليس فيها ألف، (إسترق) القاف موجودة على أول السطر التالي، في السطر الرابع نجد كلمة رواسي هنا أثبت الألف بينما في خط المصحف الآن ليست مثبتة أحياناً توضع وأحياناً لا توضع. تعني أن الكتابة كانت غير مستقرة لذلك العلماء يقولون الذي يقول بتحريف القرآن خارجٌ من المِلّة لأنه يقول شيئاً مخالفاً لقول الله عز وجل (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ثم كأنما يعطّل عقله. الكتابة كانت صعبة وانظر إلى عُسرها. في معايش أثبت الألف وفي المصحف لم تثبت، خزائنه لم يضع الألف مع أنها موجودة في المصحف. الألِفات كانت مظنّة الإختلاف. رسم المصحف الذي بين أيدينا أُخِِذ من روايتين مسندتين: رواية إبن نجاح والداني كلاهما من الأندلس وإذا اختلفا في شيء يرجّح إبن نجاح.
لما جاء أحد القساوسة إلى قاضي بغداد وقال له: تقولون التوراة من الله والإنجيل من الله ثم تقولون حُرِّفت إذن القرآن من الله وأيضاً حُرِّف. نحن أصل القرآن عندنا محفوظ في الصدور. فلما جاء إلى مجموعة من الأطفال في أزقة بغداد فقرأ عليهم (تب يدا أبي لهب وتب إلى أن وصل إلى: في جيدها حبل من ليف (المسد في العربية معناه الليف) ترك الصبية اللعب وبدأوا يصفقون له يضحكون منه، تركوا اللعب يقولون: الشيخ لا يحسن القرآن، قالوا ويحد أطفال يحمون كتاب الله من يستطيع أن يغيّر فيه؟ بقاء هذا الإختلاف في رسم بعض الكلمات خلافاً للرسم الإملائي الذي إتفق عليه فيما بعد بقاؤها دليل على أن المسلمين حافظوا على صورة الحرف القرآني لم يغيروا فيه شيئاً ولو غيّروا لا مانع في الحقيقة لأنه سيقرأها رحمة (الصلوة سيقرأها الصلاة) ما زالت تكتب بالواو وهكذا الكلمات الأخرى.
سؤال 274: لماذا لم تكتب كلمة (ابراهم) بالياء في سورة البقرة بينما كتبت بالياء في باقي القرآن؟
كلمة إبراهيم كلمة أعجمية وليست عربية وكل كلمة غير عربية في لسان العربي يتصرف بها يعني يلفظونها بطرائق مختلفة. إبراهيم يُنطَق إبراهام، إبراهيم بعض العرب كان ينطقها إبراهيم وبعضهم ينطقها إبراهام. إبن عامر قارئ الشام (أهل الشام كانوا يقرأون بقراءة يمثلها إبن عامر) القبائل في الشام تقرأ بقراءته ليس العكس وإنما هو يمثل مجموعة قبائل سمعت من رسول الله r أو قرأ بعضها بين يديالرسول r فأقرهم بأمر من ربه. نشدد على أن القراءات أو الأحرف السبعة هي بأمر من الله سبحانه وتعالى وليست بفعل رسول الله r.
كلمة إبراهيم وردت في 69 موضعاً في القرآن الكريم. نصّ العلماء على أن إبن عامر قرأ في 33 موضعاً (إبراهام) وفي 36 لم يقرأ إبراهام لأنه لم تنقل له في هذه المواضع كلمة إبراهام، لم يسمعها من القبائل وإنما سمعها إبراهيم. نحن نشبّه نطق القبائل ونشبّه الرواة أشبه بشريط تسجيل الآن، هنا سمع هذه الكلمة يقولها هكذا كما قلنا مرة في المغرب العربي الآن ورش يقرأ (فأكله الذيب) (قل للمومنين) بدون همزات وإذا به يأتي (أولئك هم شر البريئة) (يا أيها النبيء) الهمزة التي في الذئب والمؤمنين أنت سهلتها فكيف تأتي النبيء يقول هكذا سمعت أذني وسجله دماغي فأنا ألفظه، لا يُشغِّل عقله، هذا قرآن. فإبن عامر قارئ الشام 69 موضعاً فيها كلمة إبراهيم لم يقرأ بالألف إلا في 33 موضعاً. أكثر من هذا روى لبعض رواته أنه في البقرة وحدها هذه القبائل قرأت وقبيلة أو قبيلتين قرأت في الـ 33 موطناً وفي البقرة 15 موضعاً. لذلك الأندلسيون أخذوا من هذا الراوي الذي يروي 15 موضعاً فكتب المصحف على روايتهم وإلا إبن عامر خارج البقرة أيضاً قرأ في 18 موضعاً قرأ إبراهام لكن رسمت بالياء حملاً على جمهور رواته أنه فقط في البقرة والنص أوردته قال: (وروى جماعة من المغاربة عن إبن الأخربي عن الأخفش عن إبن الأكوان – أحد راويي إبن عامر – بالألف في البقرة خاصة (هذه رواية واحدة من إحدى عشرة رواية أو طريقاً) ومن هنا جاء تخصيص البقرة بحذف الياء وبه قرأ أبو عمرو الداني – أحد راويي خط المصحف – فثبتت) أيضاً هذا يجعلنا نقول المصحف على ما رُسِم، على ما روي، حتى هذه الجزئيات الصغيرة ما غُيّرت فمن أين يأتي بعض الضالين ويقولون هناك سورة محذوفة، هناك آية إنتقلت من مكان إلى مكان من المستشرقين ومن أتباع المستشرقين؟! هذا الرسم يؤكد لنا واختلاف الأسماء عندنا مثلاً: الطور، طور سنين، طور سيناء، إلياس، إل ياسين، آل ياسين هو هو العرب تتصرف والقرآن نزل بلغتهم وهكذا قرأ الناس فأُقِرّت قراءتهم بأمر من الله سبحانه وتعالى فجاءت الصورة هكذا. طبعاً إل ياسين فيها قراءة آل ياسين لكن إلياس قراءة واحدة، طور سنين قراءة واحدة الكل مجمعون عليها، طور سيناء مجمعون عليها. في الإختلاف في نطق الإسم الأجنبي ثبت كما هو.
من أراد أن يكتب مصحفاً يضع بين يديه نسخة من المصحف ويرسم الجسم كما هو ومن أراد أن يعلِّم الصبيان يرسم لهم الآيات على الكتابة الإملائية – أجازها الإمام مالك – وإن كان في الرسم نرى الآن أنه من الأفضل أن يعلَّموا بالرسم القرآني حتى يتعلم الصبيان ويرون صورة رسم المصحف حتى لا يأتي أستاذ ثم لا يحسن القراءة في المصحف.
سؤال 275: ما دلالة تكرار (من قبلكم) في آية سورة التوبة (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (69))؟
الخلاق أي النصيب ولكن فيه شيء من التهوين (النصيب الهيّن التافه) حتى أحياناً تُستعمل في العامية فيقال الخلقات أي الملابس. يعني هذه الأموال والأولاد هي عند الله سبحانه وتعالى ” لو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء”. (فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ) هم استمتعوا بخلاقهم فاستمتعوا بخلاقكم، ممكن في غير القرآن أن يقول: كما استمتعوا بخلاقهم لكن سيكون التكرار قريباً “فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتعوا بخلاقهم” كرر الشيء الأول (كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم) حتى يخفف استعمال الضمائر لأن استعمال الضمائر صار كثيراً. خف الاستعمال ثم مضى في هذا التجنب لحشد الضمائر وقال (وخضتم كالذي خاضوا) ولم يقل خضتم كخوضهم أو كالذي خاضوه، أو خاضوا فيه، لكن قال (خضتم كالذي خاضوا) (الذي) فيها شيء من التعريف فهذا الذي جعل الإبتعاد عن تكرار الضمائر وتكرار العبادة بنصّها. (فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم) كأنه كره ” كما استمتعوا بخلاقهم” رجع إلى الأول فهو نوع من تجنب الضمائر، شيء من التخفيف.
العربي كان يعرف هذا ويسميها إستراحة، يستريح من تكرار الضمائر بهذا الشكل ويمكن أن نتحسس ذلك فالذي درس العربية يمكن أن يتلمس ذلك عندما يضع المقترح والآية “كما استمتع الذين من قبلكم” هو يريد أن يكرر كلمة خلاقهم حتى يشدد على تفاهة هذا الشيء كما قال مالك بن الريب (ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة بجنب الغضى، فليت الغضى، وليت الغضى، وادي الغضى، لقد دنى الغضى، ولكن الغضى) هو يريد أن يقبِّل هذه الكلمة، يحبّها كذلك عندما يريد القرآن أن يبغِّض هذا الشيء أن هذه الأموال والأولاد خلقات (خلاقهم) يكررها. بدل ما يقول كما استمتعوا بخلاقهم ويكرر الضمائر وتثقل بَعُدَ قليلاً وقال: كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم ثم قال (وخضتم كالذي خاضوا فيه). تكرار الكلمات التي يريدها والاستراحة بالابتعاد عن تكرر العبارة كما هي لأنها قريبة مرتبطة بها فرجع إلى عبارة بعيدة قليلاً حتى يكون نوع من إستراحة السمع واستراحة النطق. هذا وكان العربي يدركه على وجه اليقين وهذا الذي جعلهم يقولون: ما هذا بكلام بشر!
بُثّت الحلقة بتاريخ 6/12/2006م
2009-01-27 18:50:21