لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 78

اسلاميات

الحلقة 78

سؤال: ما دلالة هذا السؤال في ختام سورة الملك (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ (30) الملك)؟

قوله تعالى (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ) هذا سؤال تقريري يقرر السامعين عن المنعم الأول، من المنعِم؟ وأنه لا يمكن أن يفعل أحد غير ما يريده سبحانه. نحو هذا السؤال ورد في آيات سابقة، قبلها قال (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (20) أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (21)) ثم قال (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28)) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ) السياق هو عن المنعِم الأول والجواب عن كل ذلك لا أحد غيره فله الفضل وله المنّة. إذن هو السؤال تقريري والسياق هكذا في جملة أسئلة متعاقبة عن المنعِم الأول الذي تفضل علينا بالنعم. ليس سؤالاً واحداً وإنما هي عدة أسئلة.

معنى الآية (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ) الله تعالى يخاطب الناس ويذكّرهم بالنِعم فمن غير الله يأتيكم بماء معين؟ هذا يسمى استفهام تقريري، من غير الله؟ لا أحد فله الفضل وله المنّة. غرض الاستفهام في القرآن كما في قوله (وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ (116) المائدة) يقرره أيضاً كالمحاكمة، لو كان الأمر بمقتضى علم الله تعالى لا يحاسب أحداً فالله تعالى يعلم ولكنه يقيم الحجة يوم القيامة.

سؤال: ما الفرق بين استشهدوا وأشهدوا في آية البقرة (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ (282) البقرة) وفي نفس الآية (وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ (282) البقرة)؟

استشهد (إستفعل) يعني احتمال الأول أن يكون للطلب أي اطلبوا شهيدين أو قد يكون للمبالغة أي اطلبوا ممن تكررت منه الشهادة وممن تعلمون قدرته وعلمه على أدائها. الهمزة والسين والتاء للطلب يعني اطلبوا شهيدين ومنها للمبالغة فالهمزة والسين والتاء تأتي لأمور منها هذه، أما أشهدوا فليس فيها هذا الأمر معنى ذلك أن استشهدوا معناها أقوى ولو لاحظنا كيف قال استشهدوا والموضع الذي قال أشهدوا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا (282)) تقييدات في حفظ الحقوق (فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ) الذي لا يستطيع أن يحفظ حقه قال (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ) في هذا الموقف نطلب من يستطيع أن يتحمل الشهادة أمين قادر على أن يتحمل أداءها قال (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) أما في الثانية قال (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ) في البيع ليس فيه أحد قاصر لا يستطيع أن يمل ما عليه الحق وما إلى ذلك وإنما حالة أكبر فقال (أشهدوا) لأن البيع لا يحتاج. إذن الحالة التي تستدعي دعوة الأمين والقوي والمقتدر والعالم بالشهادة ذكرها في موطنها والتي لا تحتاج ما قال اكتبوها (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا) فيما هو أهم جاء بالفعل الذي يدل على الأهمية الطلب ولمبالغة والأمر الاعتيادي الذي يحصل في الأسواق قال أشهدوا فوضع كل فعل في الموضع الذي ينبغي أن يوضع فيه.  

سؤال: ما معنى الآية (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا (8) النمل)؟

المفسرون ذكروا أقوالاً مختلفة فيها قسم قال من في النار الملائكة ومن حولها موسى والنار ليست ناراً عادية وقسم قال موسى من فيها والملائكة حولها وقسم قال هو نور رب العالمين تراءى له كأنه نار. (من في النار) بمعنى الذي لذلك المفسرون اختلفوا وقسم قال موسى الذي كان في النار غشيته رحمة الله وقسم قال الملائكة في النار وموسى حولها وقسم قال النار هو نوره سبحانه.

سؤال: (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا (212) البقرة) ما دلالة التذكير (زين) ولم يقل زينت مع أن الدنيا مؤنث؟

من حيث الحكم النحوي يجوز وليس فيه إشكال لأن الحياة مؤنث مجازي والمؤنث المجازي الذي ليس له م1كر من جنسه فمثلاً البقرة مؤنث حقيقي لأن الثور ذكر من جنسها، النعجة لها كبش من جنسها، المرأة رجل، إذن كان هنالك مذكر من جنسه هذا مؤنص حقيقي. كلمة سماء ليست مؤنث حقيقي وكذلك الشمس مؤنث مجازي والقمر مذكر مجازي, إذن كون (الحياة) مؤنث مجازي يجوز تذكيره وتأنيثه، هذا لغوياً؟ ثم هنالك فاصل بين الفعل والفاعل (زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) والفاصل حتى في المؤنث الحقيقي يمكن تذكيره هذه القاعدة (أقبل اليوم فاطمة) طالما فصلنا بين العامل والمعمول يجوز تذكيره وتأنيثه (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ (12) الممتحنة). إذن من حيث النحو ليس فيه إشكال من حيث أمران: كونه مجازي وكون هنالك فاصل. لكن لماذا اختار التذكير؟ هنالك قراءة أخرى وهي (زَيّن للذين كفروا الحياةَ) بالبناء للمعلوم والفاعل الشيطان (الحياة مفعول به)، وهذه القراءة لا يمكن أن يقول فيها زَيّنت لذا التذكير صار واجباً. إذن في الآية قراءتان: قراءة زَين بالبناء للمعلوم وهو يلزم التذكير صار فيها معنيين، ما دام هنالك قراءة أخرى أصبحت (زينت) لا تنسجم مع القراءة الثانية.

سؤال: (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) طه) يجادل بعض المسلمين ويقولون هل انتهت عملية الخلق أم أنها مستمرة باستمرار علماً أن هناك آية أخرى (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8) النحل)؟

لا أدري كيف يُفهم هذا الشيء؟ في الأصل سؤال لفرعون لموسى (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى (49))، يسأل أحدنا من ربك؟ يقول ربي الذي خلق السموات والأرض ووضع الجبال وسخر الأنهار، لا يقول سيخلق وإنما خلق. السؤال من ربكما يا موسى؟ فذكر له موسى أموراً واقعاً لم يقل سيفعل كذا. أعطى كل شيء خلقه ثم هدى فهذه الآية لا تدل على انتهاء الخلق وإنما إجابة على السؤال. حتى هذه الآية فيها معنى آخر يذكره اللغوييون وهو ربنا الذي أعطى خَلْقه كل شيء أي صورته لأنه خلقه سبحانه وصوّره فأعطاه كل شيء يحتاج إليه. فعل أعطى ينصب مفعولين الأول (كلَّ) مفعول أول و(خلْقَه) مفعول ثاني والأول يصلح أن يكون فاعلاً درهماً مثل: أعطيت محمداً درهماً (محمداً مفعول به يصلح أن يكون فاعلاً) تقدم المفعول الثاني أو تأخر. في مثل هذه الآية (أعطى كل شيء خلْقَه) أعطى خلقه كل شيء، الخلق أخذوا إذن هم الذين استفادوا فاصروا هم المفعول الأول و(كل شيء) صار المفعول الثاني تقدم أو تأخر. والإجابة على هذا السؤال أن ربنا الذي فعل هذا وليس الذي سيفعل هذا. هذا لا يدل على انتهاء الخلق وإذا كان بالمعنى الآخر يحتمل احتمالاً قوياً أنه أعطى خلقه كل شيء يحتاجون إليه. (يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ (4) الزمر) (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8) النحل).

سؤال: (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) طه) لماذا كرر إسم موسى في الآية مع استخدام الضمير في (نفسه)؟

فيها تقديم وتأخير وليس فيها تكرار، أصل الكلام فأوجس موسى خيفة في نفسه ليس فيها تكرار، هي فيها تقديم وتأخير فصل بين الهاء والفاعل ولم يحصل تكرار. أخّر موسى لأنه مدلول عليه من السياق. ثم هناك أمر آخر تقديم (في نفسه) أهم من تقديم موسى لأنه في مقام بينه وبين السحرة اختبار، هنا فأوجس في نفسه لأنه لو ظهر عليه الخوف – والخوف قد يظهر على الإنسان- فالخوف كان في نفسه لم يظهر على وجهه لذلك قال (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى) لو قال فأوجس خيفة يعني ظهر على وجهه كما في قصة إبراهيم u (فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ (28) الذاريات) معناه ظهر الخوف عليه. موسى أوجس خيفة في نفسه لم تظهر عليه لأنها لو ظهرت لكانت علامة ضعف وعدم ثقة إذن تقديم (في نفسه) أهم من تقديم الفاعل. ربنا ذكر مع أنه قال لموسى لا تحف ذكر هذا الأمر وهذا يعتري البشر فحدد مكان الخيفة والتوجس في نفسه (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى) لم تظهر على وجهه. هذا التقديم إذن له دلالة. الكلام في السياق كله مع موسى (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) طه) وقبله مناظرته مع فرعون وفي الآية قال (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى) وتقديم (في نفسه) أهم من تقديم موسى. بينما في يوسف قال تعالى (فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ (77) يوسف) أخّر (في نفسه) لأن كلمة أسرّ يعني في نفسه لم تظهر (في نفسه) جاءت متأخرة وتضيف دلالة لأن حتى الإسرار قد يكون كلاماً مع شخص (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا (3) التحريم) فيقدم عندما يكون السياق محتاجاً إلى التقديم ويؤخر عندما يكون السياق محتاجاً للتأخير (ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) نوح). قدّم (في نفسه) حتى لا تظهر عليى علامات الضعف والآية أصلاً ليس فيها تكرار ثم إن موسى الذي خاف وليس هارون وموسى من أولي العزم فكم كانت قوة السحر؟! (قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) الأعراف).

سؤال: (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ (17) الكهف) لماذا استخدم تزاور عند الشروق وتقرضهم عند الغروب؟

لأن هذا هو الواقع، تقرضهم يعني تتركهم جانباً وتزاور بمعنى تتنحى عنهم لا تدخل إليهم حاصل الجملتين أن الشمس لا تصيبهم لا في الشروق ولا في الغروب. تزاور يعني تبتعد وتتنحى من ازورّ، الشمس لا تدخل إليهم ولا يصيبهم نور الشمس والمفهوم من الآية أن باب الكهف إلى الشمال تطلع الشمس فتبتعد وعندما تغرب تتركهم والمفهوم أن الشمس لا تأتي عليهم.

سؤال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) حكمة الخلق للعبادة خلق الجن والإنس للعبادة وفي آية أخرى نجد أن حكمة الخلق لسبب آخر (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (119) هود) لام لذلك أي لأجل الإختلاف خلقهم، اختلفت حكمة الخلق فكيف يمكن أن نفسر الآيتين ونعطي لكلتا الآيتين معناها الخاص ونفهمها؟ كيف نفهم عملية الخلق والغرض منها؟

الغرض هو العبادة ربنا حصر الغرض من الخلق بالعبادة ثم إرسال الرسل ثم (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) ذكر أنه خلقهم مختلفين في العبادة منهم ضالّ ومنهم مهتدي (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً) أمة هدى أو أمة ضلال كما يشاء لو شاء أن يجعلهم أمة واحدة أمة ضلال أو أمة هدى (أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا (31) الرعد) لكن ربنا ما شاء ذلك فإذن سيكونون مختلفين منهم ضال ومنهم مهتدي ولذلك خلقهم ليسوا أمة واحدة، هكذا خلقهم على هذه الشاكلة منهم ضال ومنهم مهتدي، التكليف من اهتدى وعبد الله وأطاعه فله جزاء الجنة ومن عصاه فله النار. ربنا سبحانه لو شاء أن يجعل الناس أمة واحدة أمة هدى أو أمة ضلال لفعل (أَن لَّوْ يَشَاء اللّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) لكن هو لم يشأ ذلك فإذن سيبقون مختلفين منهم ضال ومنهم مهتدي ولذلك خلقهم مختلفين لم يخلقهم ليجعلهم أمة واحدة ، خلقهم ليعبدوه، (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) الشمس) هذا تكليف (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) البقرة) الله تعالى لا يجبر الخلق على شيء معين وإنما ربنا يحاسب الخلق إن أطاعوه دخلوا الجنة وإن عصوه دخلوا النار.

سؤال من المقدم: كيف خلق الإنس والجن للعبادة ثم مشيئته اقتضت أن يكون هناك اختلاف في العبادة؟ هو خلقهم للعبادة ولكن لم يجبرهم على أن يكونوا أمة واحدة، خلقهم وأعطاهم جبلاتهم وطبائعهم من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار. إذن الغرض من الخلق العبادة ومسألة الاختلاف كي لا يكونوا أمة واحدة ولو شاء الله لفعل لكنه لم يشأ، لو شاء أن يجعلهم أمة واحدة لفعل لكنه لم يشأ ذلك فالناس مختلفين لأنه لم يشأ أن يجعلهم أمة واحدة إذن سيختلفون.

أسئلة المشاهدين خلال حلقة 6/12/2007م:

  1. مداخلة لأحد المشاهدين حول إجابة الدكتور السامرائي في حلق سابقة عن الآية (وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ (37) يس) على حسب معرفتي أن الليل الكوني يحتوي على النهار وعلى الظلام لذلك إذا وضعت الكرة الأرضية مقابل الشمس بالليل الكوني صار الجزء المقابل للشمس منوّراً والجزء الذي خلفها غير منوّر مظلم أما الليل إذا خرجنا إلى خارج الغلاف الجوي، إذن الليل الكوني يحتوي على النهار وعلى الظلام وعندما يصطدم الليل الكوني بالكرة الأرضية يسلخ منه رب العالمين النهار الذي هو مقابل للشمس فيبقى بخلف الكرة الأرضية الظلام فلو أخذنا جسماً ووضعناه خلف الكرة الأرضية فإنه لا ينوّر ولا يعطي أي أشعة لأنه لا يوجد. ولو تتبعنا كلمة الليل في القرآن الكريم لوجدناها وردت مع مشتقاتها 83 مرة وكلمة النهار مع مشتقاته ورد 57 مرة وكلمة الظلمات 26 مع مشتقاتها مرة فلو جمعنا النهار مع الظلمات يكون المجموع 83 مرة بما يعادل المرات التي وردت كلمة الليل الكوني. لماذ جمعت الظلمات مع النهار وليس مع الليل؟ لأن الليل يحتوي على الظلمة وعلى النهار. ما المقصود بالليل الكوني؟ الليل الكوني يحتوي على الأشعة وعلى الظلام. الليل الكوني هو المادة الموجودة بالكون مطلقاً. أما الليل الأرضي فهو عبارة عن الليل الكوني مسلوخاً منه النهار.

  2. (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151) الأنعام) كل الآية نواهي ما عدا الوصية بالوالدين إحساناً فما دلالة هذا؟

  3. (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) يوسف) أحد السجينين عندما نجا من السجن وذهب إلى السجن وأخبره بالرؤيا أعاد عليه قصة الرؤيا مرة أخرى وعادة القرآن الإيجاز والبيان فما دلالة إعادة قصة الرؤيا مع أنها ذكرت في آية سابقة؟

  4. (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98) الكهف) ما دلالة صيغة كلمة دكاء على هذا الشكل؟

  5. (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى (67) طه) هلى يمكن أن نقرأ الآية على اعتبار أن موسى كان بمثابة منادى أتى بلحاق آية سابقة وكثيراً ما نودي موسى من ربه في مواقف عدة وطريقة القراءة: فأوجس في نفسه خيفة ثم نقف هنا ونقرأ موسى قلنا لا تخف فهل يمكن هذا؟ لو كان صحيحاً لقال: موسى لا تخف ولم يقال موسى قلنا لا تخف، (قلنا لا تخف) خطاب وليس نداء.

  6. ورد في القرآن الكريم سبعين مرة غفور رحيم وورد مرة واحدة في سورة سبأ الآية 2 الرحيم الغفور (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)) فما دلالة التقديم والتأخير في آية سورة سبأ؟

  7. في سورة غافر (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (35)) لم يقل على قلب كل متكبر جبار، فهل الطبع على كامل قلب المتكبر الجبار أو على كل القلوب؟ وما الفرق بين الصيغتين؟ يذكر فيه المفسرون معنيين: يطبه على كل قلبه بحيث لا يترك من قلبه شيء وعلى قلوب كل المتكبرين ولو قال على قلب كل متكبر لكان المعنى واحد، سيشمل قلوب ولكن ليس كلها ولو قال على قلب كل متكبر يعني على جميع قلوب المتكبرين. الآية (على كل قلب) جمعت معنيين: يعني القلب كله لم يترك منه شيئاً طُبِع عليه كله وليس على بعض القلب وإنما على كل القلب وعلى كل القلوب، دلالتان ذكرها المفسرون: على القلب كله بحيث لم يترك منه شيئاً وعلى قلوب كل المتكبرين. على كل قلب لها معنيين: يطبع على القلب كاملاً وعلى القلوب كلها. أما على قلب كل متكبر جبار لها معنى واحد وهو فقط على قلوب المتكبرين ليس فيه على كل قلب. على قلب ليس فيها شمولية والاختيار القرآني (على قلب كل متكبر جبار) أفاد الشمولية بنوعين: الطبع على القلب كله وعلى قلوب كل المتكبرين أجمعين ولو قال على قلب كل متكبر ستعني شمولية واحدة.

  8. من هم أصحاب الأعراف المذكورين في سورة الأعراف؟

بُثّت الحلقة بتاريخ 6/12/2007م

2009-01-21 08:31:25الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost