الحلقة 85
تناسب افتتاح السور وخواتيمها في القرآن الكريم
الذي ينظر في تناسب افتتاح السور وخواتيمها يجد هنالك مناسبة ظاهرة بين مفتتح السورة وخاتمتها، هذا طابع عام في القرآن الكريم ونوضح الأمر بأمثلة من القرآن الكريم:
نبدأ بسورة الفاتحة التي تبدأ بقوله تعالى (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)) وتنتهي بقوله (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ (7)) نلاحظ أنه في الخاتمة هو استوفى أنواع العالمين، العالمين من هم؟ إما منعم عليهم الذين أنعمت عليهم أو مغضوب عليهم الذين عرفوا الحق وحادوا عنه أو الضالين ليس هناك صنف آخر، هؤلاء هم العالمون المكلفون فلما قال رب العالمين ذكر من هم العالمين في آخر السورة إذن صار هناك تناسب بين مفتتح السورة وخاتمتها، (رَبِّ الْعَالَمِينَ) من هم العالمين؟ العالمين هم (الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) إذن هناك تناسب ظاهر بين مفتتح السورة وخاتمتها. العالمين هم العقلاء المكلفون لأنه جمع مذكر سالم وجمع المذكر السالم الأصل فيه أن يكون للعاقل إما علم عاقل أو صفة عاقل والعالمين ملحقة بها (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) (لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الفرقان) إذن العالمين هم المكلفون العقلاء، قسمهم هذا النقسيم وشمل هذا التقسيم العالمين ويدخل فيهم الجن لأنه يدخل فيهم كل المكلفين.
ننظر الآن في سورة البقرة تبدأ بقوله تعالى (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6)) إذن هو ذكر المؤمنين يؤمنون بما أنزل إليهم وما أنزل من قبل ثم ذكر الذين كفروا وقال في آخر السورة (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)) هذا إيمان بالغيب، في مفتتح السورة قال (وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) وهنا قال (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ). ذكر الإيمان ومن يؤمن وكيفية الإيمان وأصنافه في مفتتح السورة ثم الذين كفروا وفي آخر السورة قال (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ) هذا غيب (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) مقابل (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) في مفتتح السورة، وهنا (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) إذن بما أنزل إليه وما أنزل من قبله. ثم قال (أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)) وذكر في المفتتح الذين كفروا (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) ثم ذكر في الخاتمة الدعاء (فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)، هذا تناسب.
ثم نأتي إلى آل عمران حتى تتضح المسألة. آل عمران ذكر في مفتتحها (الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)) وفي أواخر السورة قال (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَـئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)) ذكر الكتب في أول السورة وذكر المصدّقين بالكتب في خواتيمها ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) وفي أواخرها ذكر الذين اهتدوا بهذه الكتب (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ) القرآن والتوراة والإنجيل. ثم قال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4)) في مطلع السورة وفي الخواتيم قال (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)) كأنما هذه الآية تأتي بعد الآية التي في مفتتح السورة، هذا تناسب. ثم ذكر أولي الألباب في أول السورة (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ) ويستمر (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (7) رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (8)) هذا كلام أولو الألباب وفي خواتيم السورة قال (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)) ثم ذكر (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193)) نفس الدعاء الذي ذكره أولو الألباب في أول السورة ذكر مثله في خواتيمها، هذا تناسب أن يذكر أولو الألباب ودعاءهم في أول السورة ويذكر أولو الألباب ودعاءهم في خواتيم السورة. في أول السورة قال (رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)) وفي الخواتيم قال (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)) ليوم لا ريب فيه هذا يوم القيامة (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا) كأنما دعاء ما ذُكر في الأول (إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ)، هذا تناسب.
سورة النساء بدأت بقوله تعالى (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)) هذه أوائل السورة وقال في خاتمتها (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)) يستمر في المواريث. بدأت السورة بخلق الإنسان وبثّ ذريته في الأرض (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) إذن بدأت بخلق الإنسان وبثّ ذريته في الأرض وانتهت بهلاكه من دون عقِب (إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ) انتهت بنهاية الإنسان، ليس هذا فقط وإنما بدأت بإيتاء الأموال للنشئ الجديد (وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ) واختتمت بتقسيم التركات، هذا تناسب. إذن هذا الترتيب توقيفي مع أن القرآن نزل منجّماً على مدى ثلاث وعشرين سنة.
في سورة المائدة ابتدأت بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)) ثم ذكر ما يتعلق بالأطعمة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)) إذن بدأت بطلب الوفاء بالعقود ثم استمر في ذكر الأطعمة ما حلّ منها وما حرّم منها وانتهت بإنزال المائدة من السماء وهذا طعام (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ (114)). وذكر الوفاء بالعقود (أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) وذكر في الخاتمة ما أخذه عيسى على قومه من العهد ثم تركوا ذلك (مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117)) هذا عهدٌ عليهم وهم تركوا هذا العهد. إذن أخذ عيسى u على قومه العهد (أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) فلم يفوا به وفي المفتتح قال (أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ). الآية الثالثة من سورة المائدة قال (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) هي نزلت في عرفة في أعياد المسلمين وفي خاتمة المائدة قال (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)) هذا تناسب في المواقيت والأزمنة إذن سورة المائدة أوائلها وآواخرها متناسبة.
سورة الأنعام بدأت بقوله تعالى (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1)) وقال في الخاتمة (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164)) هل أعدِل بغير الله؟ (بربهم يعدلون) يعدلون أي يميلون إلى غيره فيعبدون غيره، عدل عن الطريق أي مال عنه، يعدلون يجعلون له عِدْل فيتركونه ويتولون إلى غيره، يقال عَدَل عن هذا. في البداية قال (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) وفي الختام (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا) هل أعدل به؟ هؤلاء عدلوا به فهل أعدل به وهو رب كل شيء؟ الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور هو رب كل شيء. إذن في بدياتها قال (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أما هو فلا يعدل بربه أحداً وهو رب كل شيء فالمذكور في بداية السورة مناسب لخواتيمها، ذكر الذين كفروا بربهم يعدلون أما هو فلا يبغي رباً غيره فهو رب كل شيء كأنه رد على الكفار وحتى لو جاءت هذه الآية بعد الأولى تكون متناسبة ويكون فيها تناسب.
في الأعراف بدأت بقوله تعالى (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2)) وقال في خاتمتها (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)) الكتاب الذي أنزل هو القرآن وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا، كتاب أنزل إليك فاستمعوا له وأنصتوا، هذا تناسب.
سؤال من المقدم: ماذا يفيد التناسب؟ ليس كما يظن البعض أن القرآن جاء هكذا من دون منهج ومن دون ارتباط والقدامى ذكروا تناسب الآيات والسور وقالوا هو كالكلمة الواحدة في تناسبه، ذكروا تناسب الآيات والسور يعني تناسب السورة مع السورة التي قبلها وخاتمتها وما بعدها، هذا أمر مقصود لذاته. الذي نستفيده من هذا التناسب أن القرآن ليس كلاماً من دون رابط كما يظن البعض وليس بينها علاقة أو رابط وكنا نقرأ هذا الشيء أن القرآن ليس بينه ارتباط وقد سمعنا أنه يأتي بموعظة من هنا وموعظة من هناك، والتناسب حجة تلزمهم.
في الأنفال تبدأ بقوله تعالى (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ (1)) ما يتعلق بالحروب والأموال والغنائم ويأتي بعدها ما يتعلق بمعركة بدر (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5)) وتستمر وتنتهي بمعركة بدر (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (70)) إذن بدأت بالأموال التي تؤخذ في الحروب وتنتهي بالأسرى وهم المحاربون والحروب فيها أموال وأسرى. في أول السورة (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (7)) والأسرى هي إحدى الطائفتين (أموال أو أسرى). فذكر الأموال التي تؤخذ في الحروب وتنتهي بالأسرى الذين أيضاً يؤخذون في الحروب وفي الحروب أسرى وأموال وهذا كله يدخل تحت منظومة الجهاد وقال في خواتيم السورة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)) الجهاد، إذن كلها تتنتظم تحت الجهاد كنسق عام للسورة.
سورة التوبة تبدأ بقوله تعالى (بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ) ثم آذنهم بالقتال (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (5)) ثم ذكر البراءة وأعلمهم بالقتال (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) وانتهت بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)) بدأت بقتال المشركين وانتهت بالقتال (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)) كأنهما آيتان متتابعتان. بدأت السورة (بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ) وانتهت (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (129)) الابتداء صار فيمن تولّى عن الله واستحق القتال (المشركين) تولوا فاستوجبوا القتال والثانية فيمن تولى ولم يستوجب القتال وإنما استعان عليه بالله فقال (حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) المتولي قسمان قسم يستوجب القتال وقسم لا يستوجب وإنما نستعين بالله عليه لعله يهتدي، إذن براءة من الله للذين استوجبوا القتال والفئة الثانية قالوا حسبنا الله، هذا تناسب واضح.
بعدها سورة يونس أولها قال (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (1) أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُبِينٌ (2)) وفي خواتيمها قال (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108)) بدأ بالإنذار والتبشير (أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا) وختم بهما (فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) في الآية الأولى أمره (أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا) إذن أمره بالإنذار والتبشير وفي الخواتيم يعلّمه كيف يُنذر (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ). كيف أنذرهم؟ قل لهم (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) في البداية الأمر كان بالإنذار وفي الختام علّمه كيف ينذر (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا) توضيح لما بدأه في الأول، هذا تناسب.
في سورة هود تبدأ بقوله (الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2)) وفي الآخر قال (فاعبده وتوكل عليه) أولها وآخرها عبادة، (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)) هذا من الكتاب الذي احكمت آياته، ألا تعبدوا إلا الله (عام) ثم التفت فقال (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123)). ذكر له الكتاب وأنباء الرسل (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ) فاعبده وتوكل عليه إذن هناك ارتباط بالأول وارتباط بالآية قبلها.
في سورة يوسف قال في أولها (الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3)) وقال في الخاتمة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)) إذن هذا أحسن القصص (وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) هذا مرتبط. إذن هذا الترابط كانت الآية حينما تنزل يقول جبريل u ضعها بين هذه الآية وتلك وهذا الترتيب توقيفي. الآية قد تنزل لسبب معين (أسباب النزول) وقد تنزل من ربنا سبحانه وتعالى المشرّع سواء سأل عنها السائل (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ (222) البقرة) أو لم يسأل أو حادث معين (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (1) المجادلة) قد تنزل لسبب أو قد تنزل لحكمة يريدها الله سبحانه وتعالى لكن وضعها يكون في مكان مناسب لما قبلها وما بعدها ولذلك نلاحظ جبريل u كان يعارض الرسول r في رمضان يعرض عليه ما نزل من القرآن وفي السنة الأخيرة عرضه عليه مرتين معناه كل آية وضعت في مكانها توقيفاً.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 7/1/2008م:
-
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان) بحسب القاعدة التي ذكرها الدكتور بالنسبة لتقديم خبير على العلم نجد في الآية أن هذا عمل الله تعالى فلماذا أخّر خبير على العمل ولم يقل خبير بما تعملون؟
-
(يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) الإنسان) وفي سورة الفتح (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25) الفتح) ما دلالة تأخير وتقديم المشيئة؟
-
ما مدى الاستفادة من علم اللغة الحديث في تفسير القرآن الكريم؟
-
(قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ (26) النحل) ما مقام ودلالة (من فوقهم) مع أنه معلوم أن السقف يخر من فوقهم؟ للتوكيد.
-
(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) الشعراء) وفي الدخان (فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (23)) المعروف أن السرى يكون ليلاً فلماذا قال ليلاً ولماذا لم يقل ليلاً في آية سورة الشعراء؟ هذا الظرف المؤكِّد.
-
(مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18) ق) رقيب عتيد كيف يسجلا أعمالنا؟ هنالك ملكان يسجلان ما يلفظ من قول تسجيل الأقوال الرقيب الذي يراقب كل حرف وكل كلمة وقيل كل عمل والعتيد هو الحاضر المهيأ (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) ق) عتيد يعني حاضر، (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً (31) يوسف) أي أحضرت، عتيد معناه حاضر مهيأ، إذن رقيب عتيد ملكان أحدهما يكتب الحسنات والآخر يكتب السيئات كل لفظة تصدر منه يكتبها هاذان الحسنة يكتبها أحدهما والآخر يكتب الآخر وقلوا ملك الحسنات هو الآمر الأول فيقال أنه إذا تكلم الشخص بكلمة فأراد أن يكتبها فيقال له تريث لعله يستغفر فإن لم يستغفر يقال له اكتبها، إذن رقيب عتيد هما ملكان لكل واحد، كل شخص هنالك ملكان موكلان به يكتب أحدهما الحسنات والآخر السيئات وهاتان صفتان للملكين. كل الملائكة رقيب عتيد فيكف يكون عَلَم؟ رقيب عتيد هذه صفة، العَلَم ما أطلق شيء ولم يتناول غيره ما أشبهه، كل واحد عنده رقيب عتيد فيكون يكون علماً؟ العَلَم يكون خاصاً. رقيب عتيد صفة رقيب من المراقبة كل حركة يراقبها وليس فقط كل قول، والآخر عتيد مهيأ حاضر لهذه المسألة إذن رقيب صفة مراقبة وعتيد من الحضور التهيأة كل واحد له هذان أحدهما موكل بكتابة الحسنات والآخر بكتابة السيئات ما يلفظ من قول إلا كتبه أحد هذين الملكين.
-
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) الفلق) استعاذ برب الفلق من ثلاثة أمور وفي سورة الناس استعاذ بثلاثة صفات من صفات الله من أمر واحد (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)) فما اللمسة البيانية في هذا الاختلاف؟ سورة الفلق فيما يقع على الإنسان من المكاره وليس من عمل يده لأن كل ما ذكره ليس من عمل الإنسان ولا يحاسَب عليها وقد تدخل في صحيفة حسناته لأنها مما يقع عليه (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) لا يملك منها شيئاً أما في الناس فهي من عمل الإنسان ومحاسب عليها في الدنيا والآخرة فسورة الناس أخطر لأنه يستعيذ من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس من شر المعايب التي يفعلها الإنسان وما في سورة الناس يحاسب عليها في الدنيا والآخرة. فالأولى في شر المصائب والثانية في شر المعايب، الأولى من شر ما يقع عليه من الآخرين والثانية من شر ما يفعله ويقع على الآخرين فإذن الثانية تحتاج إلى استعاذة كبيرة أكبر من الأولى.
-
(وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3) الطور) ما اللمسة البيانية في كلمة رِقّ؟
-
(يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا (9)الطور) ما اللمسة البيانية في الآية؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 7/1/2008م
2009-01-21 08:48:36الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost