مقدم الحلقة: د. أحمد نوفل |
تاريخ الحلقة: 19/6/2009 ـ 25 من جمادي الاخر 1430 هـ |
نظرات
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وإمام المرسلين سيدنا محمد أكرم الخلق أجمعين وعلى آله الغر الميامين، ربنا لا تزغ قلوبنا بعدئذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .. ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ..
أحبائنا الكرام، أخواتي المشاهدين، أخواتنا المشاهدات حياكم الله ـ السلام عليكم ورحمة الله
هذا لقاءنا الرابع عشر مع آيات سورة الإسراء المباركة، قلنا أن السورة ترسم منهج للأمة الراشدة الأمة الظافرة الأمة المنتصرة وكل جزء فيها مقصود بذاته مرتب ترتيب منظم كل شيء مقصود، نحن الآن في الآيات التي تشكل منهج أخلاقي لهذه الأمة العظيمة المنتصرة، لن تنتصر هذه الأمة بدون هذا المنهج المتكامل الذي تطرحه سورة الإسراء بمنهجية رائعة تحتاج منا إلى نظرات عميقة ثاقبة تنظر النص وإشارات النص ودلالات النص وما بين السطور واقتداء النص، كل هذه الدلالات نحاول أن نستشف منها المعاني والكنوز والدروس والعبر والعظات، الآن مع قوله تعالى:
(وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءاً كَبِيراً{31} وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{32} وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً{33})
مع هذه الآيات نقضي هذه الدقائق إن شاء الله ..
(وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ)
هل ممكن أن يصل الإنسان به الانحطاط والتردي إلى أن يقتل ولده، الحيوان لا يفعلها، لكن للإنسان ممكن وفق منظور اجتماعي ردئ، فكانوا يؤدون البنات إما خشية العار أو خشية الافتقار، غدا ا لبنت تعوز تفتقر فتبيع شرفها فلا، أخلص عليها من أول الطريق وأدفنها حية، توحش وإجرام، ممكن أن يقتل الولد أيضًا، الإناث كان يعتبرها المجتمع شخص مزهود فيه فهي لن تفعل شيئًا فلن تحمل السيف ولا تقري الضيف ولا تدفع الحيف ماذا أريد منها، اقتلها، ونسي أنه لولا البنت ما جاء هو .. إذًا إما وفق منظور قيمي هابط متخلف أو وفق منظور عقدي ربش كمن كانوا يقدمون أولادهم قرابين للآلهة هؤلاء من أرباب الباطل المقفولين قتل أولادهم شركائهم ليرضوهم كما قالت سورة الأنعام، وفي نفس سورة الأنعام قالت ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، والإملاق هناك واقع ونحن نرزقكم وإياهم لأن الإملاق واقع لا تخاف على نفسك، هنا الإملاق متوقع (نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم) إذن إما أن الإملاق واقع نرزقكم، وإما الإملاق متوقع (نرزقهم وإياكم)
ما العلاقة بين (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ)، (وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{32})؟
الحقيقة الزنى والقتل بينهما اتصال، لأنه البنت حملت فيقول ننزل الجنين فهذه جريمة قتل، بدأت بهوى وشهوة واندفاع وانتهت بجريمة قتل وقد تموت الأم أثناء عملية الإجهاض فصارت قتل نفسين وليست نفس واحدة وقد تتحول إلى ثأر بين العائلات، فالزنى جريمة خطرة، ولكن في الحضارة المعاصرة تحولت هذه الجريمة إلى إلف مألوف وعرف معروف وأصبحت وقعها هين وتتقبل بيسر بالعكس ربما يعرضوا على الطبيب النفسي من لا يقع في هذه الجريمة ..
(وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى) ليس فقط ولا ترتكبوا، لا تقربوا لأن البدايات توصل إلى النهايات، لذلك لا تفعل البدايات التي تودي بك إلى النهايات ..
(وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ)
أخوانا وأخواتنا هذا الدين عظيم، كل ما فيه عظيم، ومن ضمن أعظم ما فيه تحريم الدماء، الدم ينبغي أن تفكر مليون مرة قبل ما تلوث يدك بدم، الآن صار قتل النفس مثل شرب الشاي، ليه؟ لأنه استهنا بالدماء، لخلاف على رأي أقتل، لخلاف على مال أقتله، أحيانا عصبيا ويتقاتلون على إيه؟ الشيطان ينفخ في رؤوسنا على قضايا تافهة لا تساوي شيئًا ..
لاحظ النص الكريم (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ) مطلق النفس نفس مؤمن كانت أو نفس كافر كانت، الدماء محرمة يا مسلمون يا أمة دينها عظم الدماء وحرم الدماء أصبحت للأسف دماء المسلمين الآن أكثر الدماء إراقة حتى من فعل بعضنا أصبحت تسيل على خلافات تافهة مذهبية، طائفية، تخلف .. الطوائف والمذاهب السياسة الشرعية أن يحتوي بعضنا بعضًا، وأن يحتمل بعضنا بعضا، وألا تمتد يد من واحد على واحد مننا باتجاه الآخر بالعدوان والظلم معاذ الله، هذا الدين دين التعايش وساحة الآخرة هي ساحة فض الاشتباك وفك النزاع، إن ربك هو يحكم بينهم، يوم القيامة لست أنا في الدنيا مسيطرا على أحد، يعتقد من شاء ما يشاء، لكن أصفي حساب مع واحد لأنه حمل عقيدة معينة أو مذهب معين أو انتمى إلى طائفة معينة، الدماء يا مسلمون، يعني الملائكة خايفين من التجربة الإنسانية من نقطتين .. (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) الدماء .. هذا كافر، ولكن يا أخي من قال لك أن الكافر دمه مباح، يا مسلمون هذا الدين الجميل حرام أن يشوه جماله، حرام أن نعطي هذا الدين العظيم السمح الكريم صورة شائهة منفرة صورة كريهة حرام، ينبغي أن يظل وجه الدين جميلا وهو كذلك، ولكن من رأى أفعالنا ظن أن ديننا كأفعالنا، معاذ الله .. (وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ)
طيب أنا قتل لي واحد والدماء غلت في عروقي شوف كيف أن ربك يعالج هذه النفس المكلومة المظلوة قال: (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً) أنا هانصرك أنا معك (فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً{33}) المقتول سينصره الله، ولي المقتول سينصره الله، لا نريد أن نعيدها جاهلية من جديد ونقتل بعض ويأتي من قتل أبي قبل 15 عام وأقتله، لا يا أخوانا آن أن نترك الجاهلية ولا نقتل بعضنا البعض بحكم العادات الجاهلية فعلينا أن نترك أفعال الجاهلية ونحيي هذا الدين، الدماء معظمة محرمة دماء النفوس البشرية مطلقا محرمة إلا بالحق، والحق أن تقاوم من اغتصب بلادك هذا حق، لكن أقتل من هب ودب لأنه ينتمي إلى شعب معين أو أمة معينة .. لا .. هذا لا يبيحه الدين والمنهج الأخلاقي العظيم لينشيء أمة تكون شامة الأمم درة الأمم زينة الأمم هي أمة محمد آن تعودي مثلما أراد لك ربك قمرا في ظلمات هذه المجتمعات البائسة الجاهلية ..
إلى أن نلتقي بكم في حلقة تالية إن شاء الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته