الحلقة 120
(إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة) – (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) هود)
الدُّكْتُوْر نَجِيْب: بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم، الْحَمْد لِلَّه وَالْصَّلاة وَالْسَّلام عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّد وَعَلَى آَلِه وَصَحْبِه وَبَعْد، ها نحن من جديد مَع شَيْخِنَا الجليل الْأَسْتَاذ الْعَلِامَة الْدُكْتُوْر أَحْمَد الْكُبَيسي حفظه الله مبيناً بعض الفروق الدقيقة بين الآيات القرآنية التي تبدو أنها متشابهة.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. ولا نزال في سورة التوبة أو سورة براءة. وسورة التوبة هذه سورة سياسية بالمعنى الكامل من ألِفِها إلى يائها تتحدث عن أحكام سياسة العباد وسياسة الملوك ورؤساء الدول والجمهور والشعوب المؤمنون منهم والصالحون والمنافقون وما يجري في العالم منذ أن خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعة. هذه السورة تفلسف لنا هذه الأنظمة السياسية في العالم كله.
في هذه الحلقة عندنا موضعان الآية 39 من التوبة (إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) التوبة) يتكلم عن جماعة من المنافقين عملوا مشكلة وتخلوا عن واجباتهم في أزمة الدولة ورئيسها محمد صلى الله عليه وسلم قال (يستبدل) و (لا تضروه)، كلمة يستبدل و لَا تَضُرُّوهُ. في سورة هود سيدنا هود يقول لقومه نفس العبارة (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) هود). النبي صلى الله عليه وسلم قال يستبدل قوماً يعني رب العالمين يقول للمنافقين في زمن سيدنا محمد يقول لهم (وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ)، منافقي هود كانوا كافرين في الحقيقة، رب العالمين هنا يخاطب المنافقين الذين أعلنوا إسلامهم في الظاهر فهم منافقون. بزمن سيدنا هود لم يؤمنوا هم كافرون فقال (وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ) قال (وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا) لاحظوا الفرق بين الآيتين يستبدل هنا ويستخلف هناك (وَلَا تَضُرُّوهُ) وهنا (وَلَا تَضُرُّونَهُ) هاتان الآيتان تتحدث عن واقع يقع في كل التاريخ. هناك فرق بين حكومة صالحة ولكنها ضعيفة غير قادرة فيها شيء من الكسل وشيء من التقصير ولكن معقولة وبحسن نية وعن ضعف قال يستبدل أنتم موجودين تطلعون على سطحة في مكان آخر تأتي حكومة أخرى قوية ولهذا الحاكم لا بد أن يكون قوياً، ما ينفع صلاح الحاكم. ظالم مصلح خير من عادل ضعيف هذه معروفة ولهذا أبو ذر قال يا رسول الله إنك لا تستعملني؟ قال (إنك امرؤ ضعيف) هذا أبو ذر الصالح الوفي الزاهد قال لا أنت ضعيف جيب واحد رجل يحكم الحاكم لا بد أن يكون قوياً، إذاً هنا يستبدل. أنت لم تكن قاتلاً ولا متآمراً على شعبك ولا أنت أعملت سيفك فيهم بظلم هذا يستخلف يمحقك يهلكك يأتي واحد آخر خلافك وهو عدوك وهو الذي يمحقك. هذا الفرق بين يستبدل ويستخلف. هناك حكومات ضعيفة كما هو الحال في كثير من دول العالم وراح تسقط هذه الحكومات (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد) هذه حالة. وعندنا (لا تضروه) و (لا تضرونه)؟ ما الفرق وهي نفس العبارة ونفس الصيغة وهذه (لا) نافية وليست ناهية – للعلم برنامجنا هذا لطلبة العلم ولأهل العلم لأنه دقيق وربما عامة الناس لا يعنيهم – لو كانت ناهية كان قلنا حذف النون، لا، هذه نافية يعني لماذا قال هنا (وَلَا تَضُرُّونَهُ) وهنا (وَلَا تَضُرُّوهُ)؟ تأمل دقة القرآن لما يقول لك مثلاً أنا أحكم عليكم أنتم شعب طيب تكرهون الربا ولا تأكلوه (بدون النون) لماذا؟ بشكل مطلق، أنتم من حيث المبدأ ما تأكلون هذا الربا (ولا تأكلوه). أخاطب واحد ثاني هو عنده معاملة ربا يشتغل بالمعاملة وراح يأخذها أقوله يا أخي أنت مسلم وأنتم تكرهون الربا ولا تأكلونه، في هذه الحالة الخاصة التي أنت فيها الآن ولا تأكلونه فلما نقولها تدل على التقليل قضية حالة خاصة مؤقتة. مثلاً قال عن المهر (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) النساء) (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ (169) الأعراف) لماذا هذه تأخذونه وهذه يأخذوه؟ لأن الأولى مهر معين يتكلم عن حالة خاصة (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) النساء). هناك تكلم عن قضية عامة ناس مرتشين هم أهل الفساد في الدولة أهل رشوة (وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ). هذا الرسم الدقيق في كتاب الله عز وجل وهو من إعجازه ليس في وسع بشر مهما كان بليغاً أن يستمر 23 سنة على هذا الإعجاز الذي لا يمكن لأعظم العظماء في اللغة أن يفعله ولم يخطئ ولا مرة ولم يفوِّت ولا مرة ولم يسهو عن هذه الدقة اللغوية ولا مرة. إذاً هذا الفرق بين حكومة يستبدلها الله لأنها ضعيفة وحكومة يستخلف الله بعدها هذه تُمحق
د. نجيب: كما حصل في التاريخ قبل سيدنا محمد
د. الكبيسي: حتى بعد سيدنا محمد، فلا ينكر أن الأمويين في آخر أيامهم أفسدوا فرب العالمين محقهم وجاء بدلهم بالعباسيين هذا استخلاف بينما يأتي فلان خليفة يأتي وراءه واحد يزيد يعدّوه ظالماً فاستبدله بواحد غيره وهو عمر بن عبدالعزيز وهكذا. إذاً الاستبدال أن الحكومة الفاسدة تُعزَل وتأتي بالصالحة أما الاستخلاف لا فلا بد من محق
د. نجيب: كما حصل في نفس السورة الكريمة في قصة هود عليه السلام
د. الكبيسي: مثلاً
د. نجيب: صار استخلاف وكذلك موسى وعيسى عليهم السلام كان استخلاف
د. الكبيسي: نعم، إذاً هذا هو الفرق. نتكلم بشكل عام عن هذا الموضوع يعني نحن فهمنا الفرق بين يستبدل ويستخلف وبين تضروه وتضرونه ككل الأفعال أنتم تكرهوه أو تكرهونه، تكرهوه بشكل عام مطلق قاعدة عقيدة، تكرهونه هذا الشيء، تأخذوه بشكل عام تأخذونه هذه الحالة المعينة
د. نجيب: هل الاستبدال هذا سياسي؟
د. الكبيسي: نعم الاستبدال سياسي وهو كله سياسي والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كل شيء، علماء تنتهي العلم كان عراقياً الآن ليس فيه ولا ذرة علم انتقل إلى مكان آخر. هناك دول بالعالم كانت مشهورة بشعرائها وانتهى هذا وانتقل إلى مكان آخر، بالزراعة يعني العراق بلد النخيل في التاريخ كله لم يعد بل أصبحت الإمارات بلد النخيل فيها خمسين مليون نخلة وبظرف أربع سنين ستصبح مائة مليون نخلة وهكذا (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ(140) آل عمران) في كل شيء، في المياه والخصب والعلم والشعر والعدل وهكذا وحتى بالتصحّر هناك صحراوات صارت جنات يعني نحن الآن في الإمارات كانت تعتبر بيئة رملية أصبحت بيئة خصبة 100% والعراق أرض السواد كانت خصبة وأصبحت بيئة كاسدة مائة بالمائة هذه قوانين (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ (58) الأعراف) حتى لو كانت البيئة غير صالحة الله يطلعه كالإمارات لأن فيها عدل كالإمارات البلد الطيب أي البلد العادل. والذي خبث بالظلم لا يخرج إلا نكداً ولذلك بالعدل تقوم السموات والأرض. لما حصل من البرامكة أيام الرشيد وقتل البرامكة أبادهم إبادة كاملة هذا شيخي القتل العام القتل الاستئصالي يمحق الحاكم ويمحق المجتمع إذا لم يأخذ بيديه يعني الآن ما نشهده في العالم العربي الآن من حاكم يقتل شعبه بالطائرات والدبابات والصواريخ هذا سيمحق البلد محقاً إلا إذا قام عليه. وحينئذٍ هذه من قوانين الله. هذه السورة التوبة سورة براءة ترسم لك قوانين وسنن الحياة في قضايا سياسية بشكل عجيب.
الدكتور نجيب: الآن شيخي اتضح لي السر الذي تولى الأعاجم العلوم الشرعية من التفسير والحديث والفلسفة وغيرهم البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه والغزالي والفارابي وابن سيناء كلهم أعاجم
الدكتور الكبيسي: الله قال (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة) فلما سألوا رسول الله من هؤلاء؟ قال: قوم هذا – أي سلمان-. وفعلاً الفرس كانوا مجمع حضارة الإسلام وجيشه، قرون وفارس مصدر العلم وحتى لغتك العربية حتى النحو هذا هم فعلوه سيبويه والشيرازي وهكذا. حينئذٍ فلما جاء الصفويين وقلبوهم 180 درجة صار هذا الذي يجري الآن. وهذا ينطبق على الجميع العرب سادوا حوالي عشرة قرون الآن لا شأن لهم، لماذا؟ هذا (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) والتولي أنواع كما تفضلت كسل ظلم فتنة (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام) يعني عدة أسباب كل خلل يقع في المجتمع هو نوع من التولي إذا كانت الدولة لها دخل فيه إما من تقصير أو تعمد. ولهذا (لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً) ما من حاكم يقتل شعبه إلا تصدّى الله بنفسه وبشكل مباشر كما قال على فرعون (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141) الأعراف) ولهذا (نجيناكم) و (أنجيناكم) أنجيناكم ساعة الحدث ونجيناكم على الاستمرار. وهذا من سنن الله عز وجل في الكون وبالتالي الفرق بين يستبدل ويستخلف على مدى ظلم هذا الجيل أو تقصيره، المنافق شيء والقاتل الماحق الكافر الظالم الذي يمحق الأرض والزرع هذا شيء ثاني، ولهذا الحكم الإسلامي كله ناس خلصوا وراح وبقي الحكم ضعيفاً الخ وناس لا، مسح الله بهم الأرض مسحاً يعني حتى سلبت عيون بعض الخلفاء لشدة ظلمه للناس وقتله لهم. يعني أنت تعرف عمر بن عبدالعزيز كيف مات؟ لما راح يزور مملكته بعد سنتين من حكمه أراد أن يرى هذه المملكة التي يملكها من خرسان وسمرقند إلى الأندلس كلها يحكمها هو، وجد ما يلي: راح زار العراق وشاف في السجون مليئة بأناس مقلوعة أعينهم من التعذيب ثم راح إلى نيسان وهي من أغنى بقاع العراق والآن قاحلة وفيها خَراج هائل فكان الوالي يأتي بالفلّاح ويأمره بأن يدفع الخراج وهو ضريبة فقال له ما في مطر والخراج على الأرض الزراعية فقال له ما في مطر فأخذ بقدور من الماء تغلي كل فلاح لا يدفع الضريبة ويحمل الأطفال طفلاً طفلاً ويرميه في هذا الماء هذا واحد، ثم راح إلى مصر ورأى أن الحاكم الذي هو نائب عنه هذا الرجل في مصر وكّل الفتوات والقتلة والمجرمين قال افعلوا ما تشاءون وأعطوني فلوس وأنتم خذوا ما تشاءون أعطوني مثلاً مليون دينار وافعلوا ما تفعلون فبدأوا يسومون الشعب سوماً فكلهم قتلة. ثم راح إلى إفريقيا وهي تحت حكمه ورأى الحاكم رجل صالح يصلي وذكّار أربع وعشرين ساعة يذكر الله فجاءوه باثنين متخاصمين أمامه وهو يسّبح سبحان الله وأثناء تسبيحه يأمر: اقطعوا يديه!، إفقأوا عينيه! وهو مستمر بالتسبيح
د. نجيب: مثل الجزار يسبِّح ويذبح
د. الكبيسي: فعاد إلى الشام لما رأى كل هذا الظلم واستدعى رجاء بن حيوى وكان من الصالحين وكان مستجاب الدعوة وهو الذي أشار على بنو أمية أن يعيّنوا عمر فعينوه بمشورة رجاء بن حيوى، فجاء رجاء من المدينة وذهب إلى الشام وقابل عمر بن عبدالعزيز وبعد ثلاثة أيام أنت ماذا تريد مني؟ فقال له أنا لي عندك حاجة فأرجوا أن تقضيها قال له سأفعل قال اقسم بالله، قال لا أقسم، قال لا بد أن تُقسم فأقسم بالله أن يقضي حاجته فقال له ادعُ الله لي بالموت فقال أعوذ بالله بئس الوافد أنا على المسلمين إذاً، ما الذي حدث؟ قال له هذا الذي حدث وأخبره عن الذي رآه في العراق والسجون المليئة بالتعذيب ومصرأباحوا فيها القتلة والمجرمين وأفريقيا حاكمها يذكر الله ويقتل ويفقأ عيون الناس فاقتنع وقال اللهم يا رب العالمين أمِت عمر الليلة أثناء ما قال هذا جاء ابنه الصغير عبد العزيز طفله فقال له وادعُ على هذا فإني لا أستطيع فراقه فقال اللهم أمِت عمر بن عبد العزيز الليلة وأمت معه طفله هذا وأمتني معهما فماتوا الثلاثة في تلك الليلة، تصور!! هذا الظلم شيخي الحاكم الذي يقتل شعبه هذا أخسّ خلق الله، هذا يستخلف بعد ما يستأصل هو وعائلته وعشيرته وأصله وفصله ولهذا استحرّ القتل الآن. ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم لما رب العالمين وعده أنه ما تستأصل الأمة وعده أنها ما تُشرِك وطلب منه (أن لا يجعل بأس أمتي بينهم فمنعنيها) ولهذا بأس الأمة بينها إلى يوم القيامة.
د. نجيب: وهذا ما هو حاصل الآن نسال الله العفو والعافية.
——فاصل——
د. نجيب: عودة إلى الاستخلاف والاستبدال.
د. الكبيسي: إذاً هكذا هو الأمر. وتستمر سورة التوبة في ذكر آفات الحكم وآفات المجتمع وأسباب فساده وكيف يؤدي هذا إلى الاستخلاف أو الاستبدال. فننتقل إلى التوبة في الآية 67 (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) التوبة) انتبهوا جيداً (بعضهم من بعض)، وبعدها بآيات (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) التوبة) لماذا المؤمنون بعضهم أولياء بعض؟ والمنافقون بعضهم من بعض؟ لماذا ما قال هذا عن المؤمنين؟ لا، المؤمنون أمة والمؤمنون أخوة في الدين وكل الأمم النصارى أمة واليهود أمة والمجوس أمة هذه أمة كبيرة، فهؤلاء بعضهم أولياء بعض يعني ناس تحكم ناس وناس تساعد ناس وناس ترث من ناس الخ فهم أولياء هذه الأمة كبيرة. إذا صار كل أمة بعضهم أولياء بعض في كل أمة هناك شريحة منافقة كل استعدادات الدولة من أجل هذه الشريحة في مخابرات وفي استخبارات وفي أمن وفي رقابة وفي صور الخ لماذا؟ هذه شريحة المنافقين والقرآن وصفهم ومنهم ومنهم يا الله! وفعلاً الآن منذ أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم بل منذ أن قامت دول في العلم من آدم إلى أن تقوم الساعة هذه الشريحة هي التي تترصدها الدولة بكل أجهزتها الأمنية. سأذكر بعض ما قاله القرآن الكريم في سورة التوبة عن هذه الشرائح. قال الأمة أمة يجمعهم فكر أو عقيدة الخ. المنافقون شريحة متراصة متآلفة متكاتفة وقد تكون من عائلة واحدة من قبيلة واحدة من حزب واحد يتخصصون في التربص للدولة. في الظاهر أحباب وجيدون ومعكم ولسانهم طيب وصفهم القرآن بأربعين ثلاثين آية في سورة التوبة يعني في غاية الدقة وهم موجودون في كل مكان. ولذلك رب العالمين قال (المنافقون بعضهم من بعض) دائماً أصحاب الشر متكاتفون لماذا؟ الذي يقوم بالشر قاتل قاطع طريق لص حتى يقولون أن الذين يشربون الخمر يشعر أن هذا منكر ولهذا لما يتعرف على ثلاثة أربعة خمسة ممن يشربون الخمر يصبحون أصدقاء جداً متكاتفون متقاربون يأنسون ببعضهم ولهذا يقول لك الخمر يؤلف القلوب لماذا؟ من الخوف. كل الخائفين وكل الشاعرين بالنقص شاعرين بأنهم أشرار بأنهم منبوذون يتآلفون
د. نجيب: والطيور على أشكالها تقع
د. الكبيسي: وحينئذٍ المؤمنون أمة حيث ما ذهب يقول لك أنا مسلم وأنا مسيحي تروح على أوروبا يقول لك أنا مسيحي، تذهب إلى إسرائيل يقول لك أنا يهودي الكل هذه أمتك لكن المنافقون في كل الدول التي تترصدهم الأجهزة الأمنية اللصوص القتلة السارقون المزورون أصحاب الإشاعات (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) الأحزاب) أصحاب الإشاعات والإشاعات يسمونها الطابور الخامس فالملك عنده أربعة طوابير في القتال قال لا أنا أنتسب للطابور الخامس وهو أصحاب الإشاعات وفعلاً الإشاعات تمزق جهد الدولة إشاعات عجيبة غريبة، فالمرجفون في المدينة يطلقون الإشاعات والإشاعات قد تسبب لك حرباً وقد تسقط دولة. وحينئذٍ هؤلاء المنافقون (الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) في الغالب هم من عشيرة واحدة ولهذا قال (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) القلم).
من ألمانيا: عن الحج بغض النظر عن الإنسان إذا مقتدر يعني قادر لكن في أناس طيبين طلبوا منه وتمنوا عليه أن تكون حجته كلها من بلده إلى الحج والعودة على نفقتهم رجاء فهل يقلل هذا من أجره؟
الإجابة: أبداً لا يقلل ولا شعرة والأجر متبادل بينهما كمن يفطر صائماً من غير أن ينقص من أجره شيئاً.
أحمد من الشارقة: سؤالي للشيخ هل الذي يحدث في المنطقة العربية حالياً هل هو مكتوب؟
الدكتور الكبيسي: لا، هذا تطور تاريخي هذا من قواعد الكون كل الحياة هكذا كما قلنا قبل قليل أرض زراعية تتصحر وصحراوية تصير خصبة، شعب كله شعراء وأدباء وعلماء أصابه كسل وصار جاهلاً والعكس صحيح الحضارة تنتقل من الشرق إلى الغرب من الفرس إلى الروم من العرب إلى غيرهم من الأمريكان إلى الصين وهكذا هذه قواعد كونية،
السائل: عفواً يا شيخ لكن هل زيادة الظلم وأكل الربا وانتشار الفواحش في البلاد سبب لذلك؟
الإجابة: طبعاً هذا الذي قلناه له أسبابه، هناك حكومات مقصرة وشعوب لاهية وشعوب لم تقم بواجبها وهناك فساد (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم) وقلنا قبل قليل “بالعدل تقوم السموات والأرض” البلدان التي فيها ظلم يعني أنت تصدق واحد يضرب شعبه بالصواريخ والقنابل!! أي حاكم هذا يا رجل؟!.
محمود من السعودية: بالنسبة لعمر بن عبد العزيز كان يُضرَب به المثل في الورع والتقوى والعدل وما ذكره الشيخ بأنه دعا على نفسه بالموت أول شيء كيف يتفق هذا مع أنه يضرب به المثل بالعدل؟ الشيء الثاني يعني كيف الحاكم أو أي إنسان يدعو على نفسه بالموت؟
الإجابة: في الحقيقة ذكر الموت وحب الموت من علامات الصلاح واحد، اثنين لو كنت أنت حاكماً وأنت في عهدك هذا الذي أنت فيه وسأذكر بعد قليل بعض الأحاديث عن الحاكم الظالم أو الذي يسكت عن مظلمة أو الذي يعلم أن في شعبه مظلمة ويسكت والله لن يشم رائحة الجنة. وحينئذٍ عمر بن عبدالعزيز جيء به بالقوة إلى الحكم، ويقول لا فائدة، أبقى إلى أن أموت؟! فلأموت وأخلص من هذا وهذا من حبه ولهذا قال (وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45) إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) ص)) الموت، النبي قال (كيف كان ذكر صاحبكم للموت؟ قالوا: ما يذكره قال: ليس بشيء)
د. نجيب: (اللهم اجعل الموت راحة لي من كل شر)
د. الكبيسي: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23) مريم)). فرب العالمين عز وجل في هذه الآيات من سورة التوبة يتكلم عن هؤلاء المنافقين الذين هم فعلاً أساس خراب كل دولة. أولاً عنده وجهين (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) المنافقون)) وتعرفونها جيداً هذا يُخِلّ أمام الحاكم أمام الملك أمام المسؤول هو يظهر بشكل المود والمحب ولكنه كالسرطان يمشي في الدولة إذا لم تنتبه إليه يسعى في الدولة إلى أن يفسدها وكل فساد الأمم من هؤلاء الذين ذكرهم رب العالمين قال (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) المنافقون) إذاً المنافقون بعضهم من بعض. طبعاً من المنافقين ما يسمى الآن بالجواسيس وهؤلاء (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47) التوبة) حينئذٍ هؤلاء الذين يسترق السمع بأذنه وهناك طبعاً المحرفون الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويحرفون الكلم من بعد مواضعه، كل ما يمكن أن ينفع الناس سواء كان بمقالة أو بقانون أو بمرسوم يتدخل إلى أن يضع يعني نحن نعرف هذا البيان بيان الأمم المتحدة الذي كان فيه إيقاف القتال في العدوان الثلاثي بين مصر فيه غلطة صغيرة بحرف واحد غير المفهوم يعني الفرق بين الجلاء عن الأراضي المحتلة والجلاء عن أراضٍ فقط شال كلمة the وتغير المعنى وإلى هذا اليوم راح الحق. إذاً هذا من التحريفيين المنافقين. وأنت عندك كما قال القرآن الكريم
د. نجيب: والمنافقين الذين شالوا الـ (أل –the) هم من المنافقين العرب، أرضٍ عربية بدل الأراضي العربية.
د. الكبيسي: طبعاً. وهذا المنافق كما ذكرت في الآية (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7) المنافقون) أينما رأوا حول الحاكم مخلصين أهل حكمة أهل رأي صائب أهل حق وأهل صراحة وأهل توجيه ونصيحة يظلون يحفرون لهم إلى أن يزيلوهم حتى ينفضوا. وهذا المنافق كما وصفهم القرآن الكريم فيهم استعلاء يعني يتظاهر بأنه من العلية ثم يرى بأنه خير من الآخرين كما قال تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (8) المنافقون). والقرآن يحدثنا أن هؤلاء المنافقين الذين هم تجدهم في كل بلاط في السلطة في العالم هذا ولاؤه بقدر ما يكسب بقدر ما تعطيه إذا وقفت عن عطائك له انقلب إلى الضد كما قال تعالى عنهم (لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (42) التوبة). في الشدائد كما يقول القرآن الكريم في الشدائد وعند الأزمات ينفض من حولك تماماً ويختفي ولا تراه مطلقاً بل قد ينضم إلى عدوك
د. نجيب: وكما حصل في غزوة أحد
د. الكبيسي: تماماً، هذا واحد وكما حدث في تبوك (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) التوبة) ولكن هؤلاء المنافقون إذا صلح الحاكم وكان ذكياً والمفروض أن الحاكم يكون ذكياً وبصيراً وقوياً. القوة أول شرط من شروط الحاكم التي تستدعي العدل، والضعيف لا يكون عادلاً كما القوي (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ (26) ص) لقوته لما أعطاه الله من الملك. فرب العالمين سبحانه وتعالى إذا أراد أن ينصر حاكماً ينصره إذا كان حاكماً عادلاً يكفيه شرهم كما قال تعالى (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) التوبة) رب العالمين يعزل أصحاب الشر من أن يكونوا من أصحاب المغانم أو المكارم أو المساهمات العالية وكلكم تعرفون من في هذا الزمان أسعد شعبه وحقق العدل فيهم وخدمهم ورفع شأنهم كيف أن الله سبحانه وتعالى يحميه ويوفقه بمشاريعه ونجاحها وقوته وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى.
الظلم الذي شاع في العراق يعترف به العراقيون أنفسهم حكاماً ومحكومين وهذا شيء مؤقت وسيزول إن شاء الله. في الحقيقة نحن الذين استدرجنا هذا الذي يجري في العراق والله بما كسبت أيدينا لم نُظلَم وإنما أراد الله عز وجل أن يؤدب هذا الشعب الذي إذا أدبه الله وسوف يتأدب بإذن الله فإن الله يستعمله في صالح الأمة كلها وهذا جرى في التاريخ.
——–فاصل———–
د. نجيب: إذا كان مجتمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أطهر المجتمعات وهو الموحى إليه ولم يخلو من هذه المجموعات المنافقة لكنهم ليس لهم ذكر في المرحلة المكية
د. الكبيسي: لأن المسلمون كانوا قلّة والنفاق بعدما انتصر المسلمون، النفاق يكون عند الحاكم القوي العادل الغني لأنهم يطمعون في عطائه وفي سياسته وفي مغانمه ولهذا بمكة كان المسلمون ضعفاء وهاجروا منها والمنافقون يقولون لماذا؟ لم يعد لهم شأن وليس هناك مغانم.
أبو أحمد من الشارقة: شيخنا الفاضل هل ما يحدث في العراق يرتبط بقول (كيفما تكونوا يولى عليكم)؟
الإجابة: والله ليس بعيداً يعني فيها لكن الله قال (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141) آل عمران) (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) إن لله في العراق شأن، اقرأ التاريخ كله لماذا أول بلد على وجه الأرض العراق؟ إن لله في العراق شأن، الأنبياء الحضارات الخ وكلما أصابته قوانين التعري والقِدَم وصار فيه هذا الخراب الذي أنت تراه رب العالمين يبعث عليه هذا الوباء وهذا البلاء إما فرس وإما روم وإما أمريكان وإما عثمانيين وإما كذا إلى أن يطهره إلى أن يستعمله. وكل الناس يعرفون الآن أن الشعب العراقي اليوم غير الشعب العراقي من ثلاث سبع سنوات الآن توحدوا واستيقظوا وبعد سنتين ثلاثة أربعة سوف ترى العراق بلداً عظيماً ينفع الأمة العربية كاملة بدون استثناء لما فيه من طاقات وما فيه من ثروات وما فيه من تاريخ بإذن الله. هذا البلد يُعَدّ الآن إعداداً هائلاً لأن الأمة العربية كلها قادمة هذا الذي يجري في الأمة العربية كله تجديد وإيقاظ همم وأن يستيقظ الناس وأن يُزال الخبث وما يصح إلا الصحيح ما يبقى إلا الحاكم العادل الأصيل المعروف الذي ما يأتيك من مجهول والناس كلهم عبيده! إذاً الأمة قادمة وفي التاريخ كله ما ينهض العالم إلا بالعراق ولا تقول لي أني أتحيز، إقرأ التاريخ ولهذا كان الحديث الصحيح في السنن لما سيدنا إبراهيم أراد أن يدعو الله على أهل العراق حرقوه بالنار وهم قساة، العراقيون قساة على الحاكم بشكل خيالي ولذلك ما جاءهم حاكم إلا سحلوه وقتلوه حتى علي بن أبي طالب. هذا الشعب العنيف إذا أراد الله أن يستعمله لخير الأمة فعل الله به هكذا كما هو الآن. وكل الناس يعرفون بأن العراق الآن يعود ويلتئم مرة أخرى لكي يكون دولة عربية مسلمة تنفع الأمة نفعاً عظيماً مع أخواتها الدول العربية الأخرى التي كما تراها الآن تصفي نفسها من هذا الاغتصاب أربعين وخمسين عاماً واحد ضابط ما تعرف من أين جاء؟! حينئذٍ هذا الذي يجري لصالح الأمة إن شاء الله لأن الأمة قادمة الأمة قادمة حتماً هذا قدرها وكما أخبر النبي بها ثم يعود على هدي النبوة إلى خمسين إماماً.
وعد من سوريا: عندي سؤال والسؤال من شقين عندما يذكر سبحانه وتعالى (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) لقمان) وقوله سبحانه وتعالى (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) فاطر) هذا الشق الأول فما جوابكم عليه؟
الإجابة: قصدك لماذا قال مرة عزيز حكيم ومرة عزيز غفور؟ أقول لك شيئاً: من أحق بالمغفرة؟ أنت لو تعرف أنه ما من عبادة يُتقرب بها إلى الله عز وجل كالعبادة التي تكون في نطاق (عين لام ميم) علم وأعلم وتعلم ومعلم وعالم وهذا (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ). ولكن العلماء العاملون لأنه أول من تسعر بهم النار العلماء وأول من يدخل الجنة العلماء. وحينئذٍ نقول بأن الله لما تكلم عن العلم والعلماء الحقيقيين عزيز بإعزازهم وإكرامهم وسوف يغفر لهم كما في الحديث يجمع الله العلماء ويقول لهم العاملون ويقول لهم (إني لم أضع فيكم علمي لكي أعذبكم اذهبوا فقد غفرت لكم) ثم يأمرهم أن يشفعوا لكل من يريدون، هذه معروفة. والعكس صحيح العلماء غير العاملين الذين طبعاً مع الكفار وكما تراهم الآن يعني أنت الآن في الصورة (أول من تسعر بهم النار يوم القيامة عالم ومنفق وشهيد) من أصحاب الرياء وما أكثرهم ونحن منهم والله أعلم!.
د. نجيب: نبشّر الأخ وعد بأن هناك برنامجاً خاصاً عن أسماء الله الحسنى في القريب بإذن الله
د. الكبيسي: إن شاء الله. إذاً هكذا هو أمر الإمام العادل، ياللهَ ما من شيء كما قال الأخ الكريم وعد الآن على مسألة العلم والعلماء ما من شيء يستدر الرحمة للبلد والخصب والثروة والأمن كالحاكم العادل. ولهذا أول السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم القيامة إمام عادل. وحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (ساعة من إمام عادل تعدل عبادة ستين سنة) واحد يعبد الله ستين سنة يقوم الليل ويصوم النهار وهذا الإمام العادل ساعة من ساعاته التي يعدل بها بين شعبه ويكرمهم ويعلمهم ويصلحهم خير من عبادة ستين سنة والعكس صحيح. يقول عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلى الله عله وسلم (ما من حاكم يحكم بين الناس إلا جاء يوم القيامة وملك آخر بقفاه ثم يرفع رأسه إلى السماء فإن قال ألقِه ألقاه فهو في مهواه أربعين خريفاً) هكذا الفرق بين الحاكم الظالم والحاكم العادل. وأنتم الآن في الصورة قارنوا عقلياً بشكل بديهي وسريع بين حاكم يقتل شعبه بالشكل الذي تعرفونه آلاف القتلى وبِشَرّ طريقة لا لشيء إلا لأنه يصر على أن يبقى وهو ليس حاكماً وليس ملكاً جابوه أربع سنوات وبقى أربعين سنة وبين حاكم أسعد شعبه وعلمه وهذبه ورفع شأنه. أنت الآن وأنت جالس قارن بين أوروبا وبين أمريكا وبين الغرب وبين الشرق وبين المسلمين، والعدل لا يختص بدين (وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) هود) يعني بظلم بشِرْكٍ إذا كان أهلها مصلحون يحققون العدل فيما بينهم. فالعدل هذا عند المسلمين وعند غير المسلمين كل دولة تحقق العدل ففي الدنيا رب العالمين يمن عليها بالخصب والرزق والعدل والأمان والعكس صحيح. ولذلك السلطان ظِلُّ الله في الأرض، من أجل هذا حساب السلطان يوم القيامة عجيب. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (يجاء بالإمام الجائر يوم القيامة فتخاصمه الرعية فيفلجون عليه) يعني يدحرون حجته (فيقال له سُدّ ركناًً من أركان جهنم) تصور! تأتي الرعية تقول له انظر ماذا فعلت بنا! قتل وتعذيب وقطع رقاب وصواريخ وقنابل فالله يقول (سُدّ ركناً من أركان جهنم) فيقول النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه وعليه هبلة الله) الهبلة يعني اللعنة، (اللهم ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم اللهم فأرفق به) رواه مسلم. ويقول صلى الله عليه وسلم (ما من أحد يلي من أمر المسلمين شيئاً لم يحفظهم بما يحفظ به نفسه إلا لم يرح رائحة الجنة) وفي رواية (لم يجد رائحة الجنة). ولذلك الحاكم هذا في محنة عظمى ما في وسط إما في جنة وإما في نار وأي نار إن كان ظالماً؟! وأي جنة عظيمة إن كان عادلاً!.
عبد الكريم من الأردن: ما هو واجب الوقت على الأمة الآن؟ السؤال الثاني علمنا العلماء الأفاضل بأنه إذا احتلت منطقة في المشرق واستغاثوا بأهل المغرب ولم يغيثوهم فكلهم آثمون؟
الدكتور نجيب: كأن سؤال عبد الكريم كيف تسَخِّر الأمة الآن من الاستفادة بوقتها من حيث الأولويات وما تهب عليها من مصائب
الدكتور الكبيسي: الأمة التي ينبغي عليها أن تُغيث إذا كانت أمة واحدة دولة واحدة كما كان في المسلمين من المشرق إلى المغرب يحكمها واحد إما في بغداد أو في دمشق. هذا لم يعد الآن أصبحت الآن هناك شعوب، الأمة انقسمت إلى شعوب ولكل شعب حاكم. فالمسؤولية على الحكام الآن وليس على الأمة لأنها ما تستطيع لأن الآن هناك دول تُقتَل فينبغي للأمة أن تسعفها على شرط أن يسمح الحاكم ولا ينبغي أن تحدث الفوضى. إذا الحاكم أمر شعبه أن ينجد تلك الأمة فلا بد أن يطيعوا وهذا معروف. إذاً أحكام الأمة وواجبات الأمة نعم لكن هذا في حدود النظام السياسي الموجود الآن. عندما كانت الأمة يحكمها واحد يجلس عباسي في بغداد أو أموي في دمشق ومن مشرق الشمس إلى مغربها هذا كلامك صحيح أما الآن هناك دول وأنظمة وجواز سفر وحدود وقوانين دولية وأمم متحدة. لكن كل من يتاح له أن ينصر جماعة من المسلمين ولا يذهب فهو آثم إذا همّ بالمسلمين أمر فلا مال لأحد ولذلك حينئذٍ عند الأزمات يصبح هذا فرض عين لا فرض كفاية.
أم محمد من أبو ظبي: الآية سبعين في سورة النحل (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) النحل) وفي سورة الحج آية خمسة (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا (5) الحج) ما الفرق؟
الإجابة: (لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) واحد بلغ التسعين لما تريدين أن تعلميه شيء لا يتعلم هذا فلان شيء هذا فلان ما يعرف لكن القديم ما ينساه، هذا (لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا) بدون (من). أنه لم يعد يستطيع أن يتعلم معلومات جديدة وأصبح ينسى ولا يدري هذا واحد. يتطور معه هذه الحالة ويصل إلى المائة ومائة وعشرون (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) حتى البدايات وهذه (من) للابتداء حتى بدايات معلوماته الصغيرة ما يعرفها. في ناس ما يدرك الحاضر أو الآن لكن عندما تحدثه عن طفولته وأقربائه وتاريخه يعرفه هذا يعلم من بعد علم شيئاً ولا يعلم بعد علم شيئاً. يعني معلومات الكِبَر ينساها ومعلومات الصغر ما ينساها يتطور معه الكِبَر إلى أن حتى (لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا) حتى البدايات نسيها وهذا سؤال جيد.
الدكتور نجيب: شيخ عودة إلى موضوعنا ألا ترى أن الله سبحانه وتعالى عندما قال (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11) النور) إن هذه الظاهرة وإن كانت سلبية قضية النفاق
الدكتور الكبيسي: بالعكس شيخي هذا الذي يجري فيه قوة للأمة (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا) (لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) فهؤلاء الجواسيس والناس الخ هذا فيه قوة فالأمة تأخذ حذرها والله قال (خُذُوا حِذْرَكُمْ (71) النساء)).
د. نجيب: شكراً شيخنا الجليل وبارك الله فيكم شيخنا. وإلى اللقاء مع شيخنا الجليل في الحلقة القادمة. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لفضيلته داعياً الله سبحانه وتعالى أن يوفقه لاتمام هذه الرحلة القرآنية في هذا البرنامج وغيره من البرامج التي نأمل أن يتمها وإلى اللقاء في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 27/5/2011م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
==========
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2437
على
على