وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 126

اسلاميات

الحلقة 126

(إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ (55) آل عمران) (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا (48) المائدة) (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ (60) الأنعام) (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ (164) الأنعام) (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا (4) يونس) وجاءت (إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ (23) يونس)

الدُّكْتُوْر نَجِيْب: بِسْم الْلَّه الْرَّحْمَن الْرَّحِيْم، بعد أن استعرض شيخنا الجليل في الحلقة السابقة مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في الآية الأولى التي تناولها من سورة يونس عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام فسيتناول في هذه الحلقة آية أخرى جديدة وجديرة بالتأمل ارتباطاً بالآيات الأخرى التي تبدو أنها متشابهة فليفضل مأجوراً مشكوراً.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وفي الآية 4 من سورة يونس أيضاً (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا (4)) هذه الجار والمجرور حاءت في القرآن بعدة صيغ (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ (55) آل عمران) (إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا (48) المائدة) (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ (60) الأنعام) (ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ (164) الأنعام) (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا (4) يونس) وجاءت (إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ (23) يونس) ست صيغ لطبيعة الرجوع إلى الله عز وجل يوم القيامة. الفرق بين هذه، ما معنى كلمة رجع؟ عندنا رجع وعندنا عاد وعندنا انقلب (إليه تقلبون) وردّ. أما رجع كلمة رجع يعني عاد إلى الحالة التي كان عليها سابقاً. هذا رجع إلى حيث كان، فأنت كنت عند رب العالمين سابقاً أنت كنت بين الكاف والنون في عالم الذرّ وأنت منذ أن خلقك الله من سلالة آدم وكنت قبله أنت مخلوقاً في عالم الذر ترجع إلى الله كما كنت فحينئذٍ كما خلقك أول مرة سيخلقك مرة أخرى فحينئذٍ أنت رجعت إليه إلى الله عز وجل أعطاك هذه المسافة الطويلة ثم رجعت ولهذا رجع أما عاد يعني بدأت العمل من جديد كانت عندك مهمة ثم أنجزتها ثم عدت إليها من جديد هناك الرجوع زمنياً هنا العود من حيث الفعل.

الانقلاب رجعت لكن بوضع جديد هناك رجوع كالإياب والرجوع كما قال الدكتور هو نفسه أنت لما ترجع إلى الله نفسك ولما تعود نفسك، لما تنقلب تنقلب بوضع جديد لكنك انقلبت يعني كنت بخير صرت بشر كنت ناجياً صرت هالكاً كنت فقيراً وهذا حتى في الدنيا كنت مريضاً أصبحت صحيحاً (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران) هذا في الدنيا هو كان خائفاً ومرعوباً والجيش قادم وجماعة بدر وأحد الخ (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ) الرجوع كما كنت كيف بدأتم كيف بدأتم الحياة مع آدم ستبدأون الحياة وأنتم تعرفون الحديث أن الإنسان يعاد خلقه من عجب الذنب العظم الذي لا يبلى وهذه قضية متفق عليها. إذاً ترجعون من حيث أصل الخلقة طبيعة أن يخلقنا الله عز وجل يوم القيامة كما خلقنا في الدنيا من حيث الأسلوب، خلقنا من تراب وهنا من عظمة كما سوف نعرف يوم القيامة. لماذا قال (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ (8) العنكبوت) و (إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (4) هود) و (إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ (7) الزمر) و (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ (60) الأنعام) و (إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ (23) يونس) كل واحدة تعطي معنى أولاً (إلى الله) صاحب القدرة لمن الملك اليوم مالك الملك والملكوت إلى الله الملك العظيم وحينئذٍ يوم القيامة سترجع إلى ملك العظيم وليس له ملك إلا الله عز وجل (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16) غافر) هذا (إلى الله) التقديم للتخصيص ولكن لفت النظر إلى الله عز وجل هذا إلى الله إلى ربكم فيها أمل يعني هذا خطاب لمن له أمل بالله عز وجل أنه ربه ورحيم به ويرجو شفاعته ربكم على أن تعترف به ومعنى ذلك إن لم يكن لك رب كما في الحديث كل يذهب إلى ربه الذي كان يعبده.

د. نجيب: بين جلال الله وجمال الله.

د. الكبيسي: (إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ) بالعظمة كما قال تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان) حينئذٍ عليك أن تعرف أن أكثر الصيغ يعني أملاً قوله (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) يعني أنت مثلاً تعرف حاتم الطائي وأنت قادم من سفر بعيد وتسأل أبوك إحنا وين رايحين؟ فيجيبك رايحين إليه يعني ما في غيره وهو حاتم الطائي الذي سوف يكرمك بجوده، فـ(إليه مرجعكم) أنتم تعرفون رب العالمين أنت المسلم تعرف كرمه وعفوه ورحمته وأنت الكافر تعرف عذابه. إذاً كلٌ منكما راجع إليه وكل منكما يعرفه يعرف هذا الرب العظيم يعرفه حق المعرفة إن كنت صادقاً أو كنت كاذباً إن كنت مؤمناً أو كنت كافراً على هذا النسق نحن نعرف أن الله سبحانه وتعالى يوم القيامة سوف يكشف لنا المعاني التي كتبها في كتابه العزيز بحيث لم تخطر على بال أحد ولكننا نحن مأمورون بذلك. حينئذٍ يوجهنا القرآن العظيم دائماً لكي تعرف هذا الرجوع وفلسفته والمطلوب منه والمطلوب له عليك أن تتأمل في الموت كثيراً وأن تتبع النصوص من الكتاب والسنة يعني بين الفترة والفترات كل سنة كل شهر والصالحون كل يوم (كيف كان ذكر صاحبكم للموت؟) (إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (46) ص) الصالحون لا يغفلون عن ذكر الموت ولا ينبغي للمؤمن أن لا يخطر الموت في باله على الأقل في الشهر مرة، بدايته، فلسفته، ما عنده من أخبار من أحكام شرعية من آيات من أحاديث لأن هذا هو الذي يرقق القلب وهو الذي يقرب العبد من ربه. أول خطوة لهذه العملية عملية الرجوع والعودة الانقلاب عليك أن تتأمل بحتمية الموت إياك أن تغفل عن هذا (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30) الزمر) وغفلتك عن حقيقة الموت وأحقيته هي التي تجعلك تتمادى فيما تتمادى فيه من هذا الذي نحن فيه أيضاً. ثم عليك أن تعرف أن هذا القبر عالم كعالم الدنيا وأوسع أوسع من العالم الذي أنت فيه إياك أن تحصر نفسك في هذه الحفرة وهذه من أخطائنا الدعوية حصرنا الناس في هذه الحفرة الترابية وجعلناهم يقضون أعمارهم وهو مرعوب من هذه الحفرة أنك أنت في الحفرة هذه سيوقظوك ويضربونك ويشبعون فيك ضرب هذا غير صحيح فهذه الحفرة دنيوية والقبر برزخي هذا الدنيا كل القبور كما يقول الشاعر:

هذه قبورنا تملأ الرحبا     فأين القبور من عهد عاد

خفف الوطء ما أظن أديم الأرض     إلا من هذه الأجساد

رُبّ لحد قد صار لحداً مراراً                   ضاحكاً من تزاحم الأضداد

إذاً هذا قبر ننساه، ما أن تخرج الروح من جسد الإنسان إلا وتنتهي علاقتها بهذه الدنيا وينظر للقبر والجسم هذا كأنه شيء انتهى هذا الجسم الطيني يبقى بهذه الحفرة ويتحلل طيناً تراب كما كان. أما القبر الذي تذهب إليه الروح هذا شيء ثاني هذا في البرزخ (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) قبل أن تفارق الروح في النزع الأخير، تعرفون أن الروح تبدأ بالخروج من القدم إلى الساق إلى البطن إلى الصدر (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ) يبدأ يرى العالم الآخر يرى أهله وتلاحظون بعض المحتضرين يتكلم مع الأموات يحكي مع أمه وأبوه وكذا ما دام تكلم انتهى وصل. ولو أن كل محتضر بالثواني التي يموت فيها تأمل في وجهه أنت ستعرف هذا إن كان ذاهب إلى الجنة أو إلى النار من الطمأنينة والابتسامة الخفية الوجه المستقر وآخر مرعوب فزع الرعب والفزع يملأ صدره وعينيه وحتى يفتح عينيه برعب شديد وهناك ناس أسلموا أو صلحوا بعد أن رأوا ميتاً رأى مكانه من النار وهو يصرخ وأنا قرأت كتاب عن ستالين كتبته ابنته فالنتينا كتبت الثواني الأخيرة في حياة أبوها كيف مات؟ هنا أيقنت أنه كان يرى كان صراخه يملأ الأرض وكان ينظر إلى الأعلى وعينه جاحظة وكان مرعوباً. ويقال هذا عن أينشتين صاحب القنبلة الذرية التي قتلت ملايين الناس نفس الحالة. إذاً عليك أن تعرف بأن هذا القبر هذا فقط رمل، فهذه الروح كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ساعة ما تخرج الروح تحملها الملائكة إلى السموات والقصة طويلة وواضحة في كتب السنة ورب العالمين ماذا يقول عن عذاب القبر وعن فرعون؟ (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر) رأينا جسم فرعون، جسم فرعون لا يزال وأنا شفته وكل الناس شافوه في مصر في المتحف الفرعوني هو بعظمه ودمه وحتى وجدوا رمل في شعره

د. نجيب: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ (92) يونس)

د. الكبيسي: إذن من الذي يتعذب؟ الجسم الطيني انتهى، فعذاب القبر ليس على هذا الجسد هذا ينتهي الروح تبقى في البرزخ كما في الحديث أن الإنسان الصغير يكبر والمجنون يعقل بساعة الاحتضار (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق) حياة البرزخ حياة إعداد لهذه الروح تترقى لكي تكون جديرة بذلك الجسد العملاق القادم يوم القيامة جسد كما نسميه سوبرمان لا يمرض ولا يجوع ولا ينام ولا يتعب ولا الخ قوانين أخرى هذه الروح التي نفخها الله وسواه بشراً (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) الحجر) ولهذا الروح لا تموت لأنها من روح الله عز وجل. تأمل في هذا لكي يصبح الموت عندك متعة يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الإمام مالك في الموطأ وهو حديث صحيح الموت تحفة المؤمن. التحفة أغلى شيء في بيتك وفعلاً قرأنا ورأينا أناساً ماتوا موتة ملوك بهدوئه بابتسامته بالكلام الذي صدر عنه وهناك ناس وهو يموت يتحدث مع أهل الجنة هؤلاء الذين تتنزل عليهم الملائكة ساعة الاحتضار (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) فصلت) أن لا تخافوا مما هو قادم ولا تحزنوا على ما تركتم وابشروا بالجنة في المستقبل فالموت جميل على شرط أن تكون موحداً ومن أهل القبلة

د. نجيب: وهي الساعات الحاسمة في حياته (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيًا)

د. الكبيسي: (ومنكم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى……) نسال الله حسن الخاتمة. من أجل هذا إذا ختم لك بخير فقد نجوت. ولذلك الموت هذا الحالة السلبية المرعبة التي أعطينا عنها فكرة سلبية للناس وهي فكرة خاطئة ولا حقيقة لها في واقع الأمر وكل من تشبع بهذه الأفكار أن هذا حفرة ما أن يحتضر حتى يرى أن هذا كله عبث ولا قيمة له.

الدكتور نجيب: للأسف يا شيخ أن الآيات التي نزلت في الكفار مما ينالون من العقاب والعذاب ساعة نزعهم عُمِّمت وكأنها للمسلمين كقوله تعالى (وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا (1) النازعات) هذه ليست للمسلمين؟ أليس كذلك؟

الدكتور الكبيسي: هو هذا أيضاً من الأخطاء التي وقع فيها المسلمون يجيبون آية عذاب مكان رحمة ورحمة مكان عذاب

—فاصل———

د. الكبيسي: هذه الآية ليست لكل الناس قطعاً لا ويقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن أحدكم إذا مات) يعني إذا كان في النزع في الاحتضار (عرض عليه مقعده بالغداة والعشي) إن كان من أهل الجنة من أهل الجنة من أهل النار من أهل النار (يقال هذا مقعدك حتى تلقى ربك فقالوا: يا رسول الله ماذا نُسأل؟ فقال صلى الله عليه وسلم:بي تفتنون من هذا الرجل الذي بعث فيكم؟) فبالتالي ما من مؤمن بالله عز وجل إلا ويقول هذا محمد رسول الله وبالتالي نجى. وفي الحقيقة الأحاديث البشائر التي تتعلق بالموت في الحقيقة عجيبة يعني الترمذي عنده حديث صحيح يقول (ما من مسلم يموت يوم الجمعة) أو ليلة الجمعة (إلا وقاه الله فتنة القبر) ولهذا يوم الجمعة يوم مبارك.

نبدأ خطوة خطوة فقط للتذكير لأنكم كلكم تعرفونها النفخ يوم القيامة كيف تقوم الساعة؟ (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ (101) المؤمنون) هذه أقل من لمح البصر أقل من الثانية فعليك أن تعلم كما قال صلى الله عليه وسلم (والذي نفس محمد بيده لتموتنّ كما تنامون وتبعثون كما تستيقظون) كالذي غفا ثم مات ثم استيقظ ووجد نفسه في مكان آخر هكذا هو الموت.

د. نجيب: (الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا)

د. الكبيسي: هكذا وكلمح البصر (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (113) المؤمنون) ولما سئل سيدنا نوح (قالوا: يا أطول الأنبياء عمراً كيف رأيت الدنيا ؟ قال: كبيت له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر). يقول قال ابن عباس: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال: “يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104) الأنبياء) وأنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك” من أجل هذا عليك أن تكون حذراً كُن مع سواد هذه الأمة (تركت فيكم ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا أبداً كتاب الله وسنتي) (ولن تختلفوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي) فعليكم أن تعرفوا بأننا في خطر إذا أخذت عنواناً غير موثوق، عناوين أحزاب وجماعات وفئات وطوائف تملأ التاريخ ونعوذ بالله وصدق رسول الله كلها في النار إلا واحدة (ما عليه أنا وأصحابي اليوم) أي نعم في سعة لكن إياك أن تتعدى الحدود (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا (187) البقرة) (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا (229) البقرة) هناك حدود هناك فرق إسلامية تركت الحدود بحيث لم يعد فيها من الإسلام إلا الاسم! فإياك وهذا وعلامة ذلك أن تكفِّر الآخرين وان تستحل دماءهم انتهى أنت خارج هذا الدين بالمائة مائة (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ (165) النساء).

عندنا هذه السورة في القرآن الكريم (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ (34) الفرقان) يعني تخيل أن يوم القيامة هناك قوانين لا يمكن لك أن تدركها بعقلك اليوم كما جعلك الله تمشي على رجليك يوم القيامة يجعله الله سبحانه وتعالى يمشي على وجهه يتقي الشوك والطين والتراب والصخور يتوقاها بوجهه من شدة العذاب. يقول عن أبي سعيد في قوله (فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) المعارج) قيل: ما أطول هذا اليوم! خمسين ألف سنة! فقال النبي صلى الله عليه وسلم (والذي نفسي بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من الصلاة المكتوبة) فالطول هناك من شدة الهول وأنتم تعرفون أن شدة الهول والخوف تجعل الزمن طويلاً وهناك يوم الفزع الأكبر من حيث إذا كنت تعرف من أنت هناك (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) وشهيداً وكل واحد من ساعة الاحتضار يعرف نفسه ويرى موقعه ومن ساعة الاستقبال يوم القيامة يعرف نفسه أنت لما تروح مركز الشرطة من أول ما تدخل تعرف إذا كنت مكرماً أو معتقلاً من طبيعة المعاملة. فعليك أن تعلم بأن هذا اليوم يطول ولكنه إذا كنت من أهل النجاة فأنه أقل من صلاة مكتوبة. ولكي نكون واضحين لو قرأت الصفحة الأولى من سورة البقرة لعلمت أنك ناجي، تؤمن بالغيب تقيم الصلاة والزكاة والحج وتؤمن بالكتب السابقة كلها بالتوراة والإنجيل والزبور (وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) البقرة) إعرض نفسك دائماً على هذه السورة وهي الصفحة الأولى المزركشة الجميلة التي هي بعد الفاتحة مباشرة وهي بداية القرآن لأن الفاتحة قرآن وحده السبع المثاني قرآن وحده ولكن القرآن يبدأ بالبقرة، هذه الصفحة الأولى إذا انطبقت عليك فأنت من المفلحين هذه الأساسيات. وإياك والمهلكات! هناك مهلكات وموبقات تبطل وتحبط الأعمال (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) الكهف) الذي تأكله الغيبة والذي يأكله المال الحرام والذي يأكله الظلم والذي يأكله القتل والذي يأكله أن تقذف امرأة وأنت ظالم، الخ يعني المهم كلها ما اجتنبت الكبائر فإياكم والكبائر فإذا اجتنبت الكبائر وكنت من أهل الصفحة الأولى من سورة البقرة وهي الأركان الخمسة فأنت إن شاء الله من الناجين.

د. نجيب: وكما أن هناك أعمال صالحة تكفر السيئات

د. الكبيسي: هناك سيئات تحبط الصالحات نعوذ بالله (إن الرجل ليأتي بأعمال كالجبال وقد أخذ قسطاً من الليل ثم لا يجد عند الله منها شيئاً قالوا: بم يا رسول الله؟ قال: باللقمة الحرام يقذفها) أعمال كالغيبة وهناك أعمال محبطة.

البداية النفخة وفي الحديث المتفق عليه عليك أن تكون به دقيقاً لأن الإيمان به واجب. النبي صلى الله عليه وسلم طبعاً هناك بعض من قال وخاصة في هذا الزمن من العلماء المسلمين الأفاضل في كل أنحاء الدنيا يقولون أننا نحن الذين نقيم القيامة وليس رب العالمين يعني كما أنك أنت تتزوج وتجيب ولد فنحن بما نفعله في هذه الحياة الدنيا نحن الذين سوف ندمر هذه الكرة الأرضية وحينئذٍ رب العالمين يقيم الدنيا التي نحن دمرناها. إذاً هناك من يقول بأن طلوع الشمس من مغربها وتدمير الأرض والبحار تسجّر كل هذا نحن نفعله وهذا الآن صار منطقياً. يقول النبي صلى الله عليه وسلم على حكاية النفخة والحشر كيف يبدأ يقول انتبه للحديث (تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قِبَل المغرب مثل التُرْس فلا تزال ترتفع ترتفع ترتفع في السماء وتنتشر حتى تملأ السماء ثم ينادي منادي أيها الناس أتى أمر الله فلا تستعجلوه) أنت الآن لو قرأت العصف الذرّي والأفلام التي مثلت وهي قريبة من الواقع بل أن ما يكتبونه عن العصف الذري فعلاً قنبلة تعمل بقدر التُرْس شيء من السواد تنتشر وتنتشر إلى أن تمسح الكرة الأرضية مسحاً. يعني هذا التنفس البسيط الذي جرى من تشيرنوبل قبل عشر سنوات إلى الآن أوروبا تعاني منه في جميع المأكولات والمشروبات كلها ملوثة. التنفس البسيط الذي حصل قبل كم يوم في اليابان مدن انتهت وهذه البحار كلها فاضت، يعني هذا التسونامي عصف ذري تنفس بسيط صار تسونامي. إذاً هناك من يقول عن هذا الحديث المتفق على صحته أنه هكذا تقوم الساعة تنفجر فينا قنبلة وحينئذٍ هذه تنتشر كما العصف الذري ولو تقرأ عن العصف الذري تُرعَب، مرة طلعوا فيلم خيالي عن العصر الذري ناس ماتوا من الخيال وطبعاً الخيال أقل من الحقيقة بكثير. إذاً من الآراء التي تقول بأن القيامة نحن الذين ندمر الأرض لكي تقوم القيامة النفخة تأتي بعد أن ندمر نحن الأرض هذا رأي، وفعلاً هذا العصف الذري يشعل البحار والنار والآبار تفور وتتساقط النجوم وتهلك الدنيا بأكملها. وفي هذه الحالة لما يحدث هذا الشيء ويصير هذا الترس الذي ينتشر يقول صلى الله عليه وسلم (فوالذي نفسي بيده إن الرجلين ينشران الثوب فلا يطويانه وإن الرجل ليرفع لقمته إلى فيه فلا يطعمها) يعني من سرعة الهلاك والصعق النووي هذا أحد الآراء، رأي جديد نتأمل فيه. الصعق النووي بثواني تنتهي الأمة يعني بأقل من ثانية وإلا ما في دولة كاملة انتهت، هذا بداية النفخة.

المرحلة الثانية الحشر في الحديث المتفق عليه (يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرص نقي ليس فيها معلَم لأحد) أرض عدلة واضحة ما فيها معلَم يحشر الناس هناك (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) مريم) وفداً يعني باستقبال رسمي كل واحد من أهل الجنة استقبال رسمي ووفد كبير يأخذونه كأنه عريس حتى أنه في حديث لما النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنه لما يأتي هؤلاء الناس باستقبال الرجل من أهل الجنة فرئيسهم من الفخامة والجمال فهذا يسجد له يظنه الله! فيقول لا، أنا رئيسك خدمك (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا) (ألا إن سلعة الله لغالية) يا سيدي. أحياناً أنت تفكر تقول أدخل الجنة بسهولة وأحياناً تقول مستحيل وكلاهما صحيح فيها من الرحمة ما يدخلها كل الناس وفيها من الدقة ما ترعِب الأنبياء والصالحين .

د. نجيب: فلا نقنط من رحمة الله ولا نأمن من مكر الله أبداً

د. الكبيسي: (ما هلك عبد على خوف ورجاء) (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ (9) الزمر). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن الحشر ويبدو أن هناك مواصلات يقول (يحشر الناس رجالاً وركباناً وعلى وجوههم) هذا الذي جاء في القرآن الكريم ناس راكبة لكن راكبة ماذا؟ ما نعرف راكبة برق وتغرفون يوم القيامة يقول النبي صلى الله عليه وسلم (خيل لها جناحان لا تبول ولا تروث من ذهب تغمزها فتطير إلى حيث تشاء) يعني مركبة فضائية لكنها على شكل خيل. (تدنو الشمس من الأرض فيغرق الناس في العَرَق). ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن العبور على الصراط يقول (أسرع الناس الفقراء وأكثر الناس تثاقلاً الأغنياء) لأنه في حساب أهل المال والسلطان هؤلاء يحاسَبون

د. نجيب: وهؤلاء الفقراء لا يحاسبون أما الأغنياء باعتبار أنهم أصحاب أموال وأمواله من أين اكتسبه وفما أنفقه.

——-فاصل———-

د. الكبيسي: من الأحاديث المخيفة يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربعة عن عمره فيما أفناه وعن علمه فيما فعل به وعن ماله من أين اكتسبه وفيمَ أنفقه الخ حقيقة هذا مخيف وفي المقابل قال لن يُدخِل الجنة أحدكم عمله  قالوا: ولا أنت قال صلى الله عليه وسلم (ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته) هذا الحديث  نتأمل رحمة الله ما هي رحمة الله؟ رحمة الله وسعت كل شيء. فأنت لما تعرف أن رحمة الله وسعت امرأة بغياً سقت كلباً يلهث وسعت عبداً خطاء بكى يوماً من خشية الله، وسعت عبداً كان له دين على واحد وأعفاه من الدين وقس على هذا. إذاً رحمة الله عز وجل يستطيع أن يصل إليها المسلم بأخلاقه وعمله وعلاقته مع الآخرين ولهذا أرجى الأعمال يوم القيامة موقفك من الآخر: من جارك، من الرحم، من الوالدين، في السوق، تتعامل مع الناس، من الذي يعتدي عليك (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) فصلت) من الأمانة أنت مؤتمن على مال ولم تخن هذه الأمانة، هذا التعامل هو الذي يجعل رحمة الله سبحانه وتعالى تنجيك يوم القيامة وترفعك إلى درجات ما كان يمكن أن تصلها بأي عمل حتى الأنبياء لا يدخلون بأعمالهم ولو دخلوا بأعمالهم ما نالوا مرتبة كالتي نالوها برحمة الله عز وجل. من أجل هذا شيخي يوم القيامة التعامل ولذلك الصلاة تحبَط الصيام يحبَط (رب مصلي ليس له من الصلاة إلا القيام والقعود والجوع والعطش) هذه الأعمال لا تحبَط التقوى تقوى التعامل تقوى الناس تقوى الصلاة تُحبَط تقوى الصوم تُحبَط (رب صائم ليس له من الصيام إلا الجوع والعطش) الغيبة تبطل الصوم ولكن الأعمال والتقوى الاجتماعية إكرام الجار إكرام الرحم إكرام الوالدين الكبير يعطف على الصغير الحاكم العادل وأن تعفو عمن ظلمك من المعاملات الحسنة الأخلاقية العالية هذه التي عليها الاعتماد يوم القيامة بدليل أن بغياً سقت كلباً فماذا لو سقيت إنساناً؟!

الدكتور نجيب: لكن هذه الأعمال القلبية لا يتأتى إلا من أصحاب القلوب الرحيمة السليمة (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء) وسلامة القلب شيخ يعني من الأمور الصعبة في هذا العصر

الدكتور الكبيسي: هي من الأمور الصعبة لكن أقول لك شيئاً أنت لو تعرف أو لن تعرف فتخيل بخيالك الجزء الأقل من الجنة تقول والله هذا ملك يعني ماذا لو قال تعالى نعملك ملك على الكرة الأرضية معنى هذا الكرة الأرضة تساوي أجر آخر واحد خرج من النار. حينئذٍ لا بد أن تدفع ثمناً ولذلك سلعة الله غالية (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) العنكبوت) إذا تحب أن تدخل الجنة فقط بأي شكل من الأشكال تراها سهلة والله العظيم رب العالمين ما يترك واحد يقول لا إله إلا الله مصدِّقاً بها قلبه إلا أدخله الجنة في يوم من الأيام لكن نحن سؤالنا الآن ليس هذا سؤالنا أين في الجنة؟ هو هذا سؤالنا (وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) المطففين) من أجل هذا أولو الألباب لا يرضوا أن يكونوا في الجنة في أي مكان قال (سلوا الله الفردوس الأعلى فإنها مقصورة الرحمن)

الدكتور نجيب: لكن الفردوس أتبعه الله سبحانه وتعالى في سورة المؤمنين بعد مجموعة من الخصال (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11) المؤمنون)

الدكتور الكبيسي: إذا اعتمدت على رب العالمين وطلبت وقلت يا ربي مكِّني أن أكون واحد منهم سيمكنك لا سهل إلا ما جعله سهلاً، يعني هذا النوع الذي تفضلت بذكره ليسوا قليل أنا رأيت في حياتي يمكن عشرين واحد وأنا أستطيع أن أكون لكن ما كنت حقيقة فالدنيا أخذتنا ولكن لو شاء الله أن يوفقني ما هي صعبة. يعني الزهد في الدنيا، بالمطعم والله شايف ناس لابس هذا الثوب ويأكله لقمة في اليوم ويذكر الله ويعلم الناس ومبتسم وما يغضب وما يزعل وتشتمه وانتهينا يعني ليست تكاليف كثيرة فلم يطلب منك أن ترمي نفسك بالبحر أو تحرق نفسك لا، يعني مطعم مقتصد ملبس مقتصد تنفق في سبيل الله تفكر بالآخر تذكر الله تصلي على النبي تصلي خمس أوقات بالمسجد خلاص تصل.

الدكتور نجيب: يقول الفضيل: ما بلغ عندنا من بلغ بكثرة الصيام من النوافل ولا بكثرة الصلاة ولكن بسلامة القلب وصفاء السريرة

الدكتور الكبيسي: هو هذا ولهذا قال (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت) وهذا ليس بالأمر السهل تأييداً لكلامك يعني ليس سهلاً واحد يشتمني ويسبني وأعامله كصديق!! إلا أصحاب القلوب السليمة (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)

د. نجيب: يعني السلامة في الاعتقاد والسلامة في الأخلاق وفي كل شيء

د. الكبيسي: وهذا يحتاج إلى مربي إلى شيخ إلى معلم

الدكتور نجيب: وإلى عهد قريب في الدول الإسلامية حتى أخر الخلافة العثمانية كان هناك نظام المؤدِّبون الذين يقومون بتأديب وتربية أبناء الملوك قبل غيرهم من أفراد الشعب فمحمد الفاتح وغيره من القادة العظماء إلا أنهم كانوا نتيجة لهذا التأديب وهذه التربية،

الدكتور الكبيسي: وكانوا شيخي كما رأيتهم أنت وكما رأيتهم أنا فإذا رأيتهم ذكرت الله يعني ثق تجلس معهم جلسة واحدة تنصلح وربما بعد سنة سنتين تخرب فترجع إليه مرة ثانية وكلنا رأينا في حياتنا أناس بسطاء في مسجد أو صاحب دكان صغير أو يعلم الأطفال القرآن أو تاجر أو موظف لكن واضح عليه أنه كتلة نور بابتسامته بلطفه بحبه للآخرين أبداً جلسة واحدة بهذا الكلام الجميل بواقع حاله

د. نجيب: وفقط بالنظر إلى وجهه

د. الكبيسي: نعم، بالنظر إلى وجهه والله إذا رأيته ذكرت الله وتطلع من عنده بعد جلسة واحدة تطلع صافي هذا كان كثيراً الآن موجودين لكن لابد أن تبحث عنهم سبب هذا ما هو؟ شيخي هذا الجيل جيل منعَّم سبحان الله أغدق الله النعم على هذا الجيل بشكل عجيب ولهذا الدنيا غرتنا جميعاً كما قال سيدنا علي (إليك عني غُرِّي غيري) وما هي الدنيا بزمانه؟؟ حصان وشوية لقمة خبز تعال شوف الآن الموائد والمطاعم والسيارات والقصور

الدكتور نجيب: ولهذا وقت الصلاة كان يروح يصلي وراء سيدنا علي ووقت المائدة كان يروح لمعاوية فلما سألوه عن هذا قال: (الصلاة وراء عليّ أخشع لكن مائدة سيدنا معاوية أدسم) سيدنا علي رضي الله عنه لأنه ظل على زهده وعلى كسرة خبزه انفض الناس من حوله فالأمة قد تغيرت وجاءها الوهن

الدكتور الكبيسي: وقوله تعالى (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) الدنيا رجس فرب العالمين حماهم سيدنا علي وأولاده والسيدة فاطمة وهذه السلالة الطاهرة الزكية الباقر والصادق والكاظم هؤلاء من كبار الأمة ويا ريت فقط الدنيا ما صابوها بل كلهم عذبوا وقتلوا وسحلوا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن أهل بيتي سوف يلقون من بعدي تقتيلاً وتشريداً فمن حضرهم فلينصرهم) والله لو تعلم ماذا فُعِل بهم تعجب؟! يعني لو تأخذ الساعة الأخيرة من حياة سيدنا علي ونصف الساعة الأخيرة من حياة سيدنا الحسين لعجبت والله ولكنه موعود أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بالمليم قال كيف ينقتل وكيف وحتى وصف الذي يقتله (قال وجه مبقع كالكلب الأجرب الخ) وهما سيدا أهل الجنة،

الدكتور نجيب: تذكرت جليلة لابن القيم بمناسبة البرزخ وكما تفضلت من تغيير مفهوم الموت عند الناس الذي كأنه شبح وأنه مخيف بل أنه حبٌ للقاء الله سبحانه وتعالى (فمن أحب لقاء الله أحب الله لقائه) يقول: إن خروج الإنسان المؤمن الموحِّد من هذه الدنيا إلى عالم البرزخ كخروج الجنين من بطن أمه،

د. الكبيسي: ولادة،

د. نجيب: كما أن هناك ضيق في ظلمات ثلاث فهو يخرج من ظلمات هذه الدنيا حتى هو يعجب كيف كان هو محتمل هذا المكان الضيق ولكن المفهوم الآن عند الناس للأسف الشديد أن المنية أمر مخيف وعظيم وهذا صحيح لا شك فيه

الدكتور الكبيسي: ولكن الحزن فقط في الفرقة والفراق (وإن على فراقك يا إبراهيم لمحزونون) هو فقط الفرقة أما الموت متعة على شرط أن تكون موحداً ومن أهل التوحيد ومن ثم من أهل القبلة ولا تكره ولا تقتل وعلى كل حال مرات تقول ما أسهل دخول الجنة! ومرات تقول ما أصعبه! ولهذا رب العالمين يقول (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (156) الأعراف)،

الدكتور نجيب: وكلمة سيدنا عيسى في المدارج (إنكم لن تلجوا عالم الملكوت حتى تولدوا مرتين) مرة الأولى من بطن أمك والثانية من البرزخ

الدكتور الكبيسي: نعم ولادة. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة يقتص الخلق بعضهم على بعض حتى للجمّاء من القرناء) حتى النعجة التي لها قرون إذا تعدت على نعجة مالها قرون تحاسب معنى ذلك وهذا من باب المبالغة لكي لا يموت الإنسان وفي عنقه حق لآخر لا بلسان لا بشتيمة لا بمال لا بعِرْض لأنها مصيبة يوم القيامة. ويقول صلى الله عليه وسلم (ينادي رب العالمين في المحشر لمن الملك اليوم؟ أنا الديان أنا الملك لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله أحد من أهل الجنة حقٌ حتى أقصه منه ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الحنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصّ منه حتى اللطمة) واحد ضرب واحد على وجهه يقول له تعال خذها إلا إذا الله عفا عنه

د. نجيب: من كمال عدله سبحانه! فما بالك بمن يعفو عن هؤلاء في الدنيا والعافون

د. الكبيسي: رب العالمين يغار أنت إذا تعفو يقول أنا أكثر منك عفواً وبالتالي يعفو عنهم فمن عفا عمن ظلمه في الدنيا عفا الله عنه يوم القيامة

د. نجيب: وخاصة عندما يكون هذا العفو من الملوك وأولياء الأمة عن الشباب والرعية الذين يسرفون على أنفسهم

د. الكبيسي: إذا كان صاحب قدرة أما إذا كان جباناً لا ينفع، (من كظم غيظه من أجلي وهو قادر على أن إنفاذه كان حقاً عليّ أن أدخله الجنة). هذا الحساب يتم على الجسر على الصراط والصراط كما في الحديث الصحيح المتفق عليه فيه كلاليب والكلاليب هي كهذه الآلات التي تحفر التراب-الشيول- وصفها النبي صلى الله عليه وسلم هذه التي على الجسر تسمى كلاليب كل واحد من الكلاليب يحضن بقدر عاد وثمود ويعرفون أصحاب النار يعرفونهم بسيماهم فيقبضونهم ويلقون بهم في النار نعوذ بالله نسأل الله العافية.

د. نجيب: نسأل الله العافية ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينجينا من عذاب القبر ويرزقنا نعيمه ويكفينا عذاب النار ويرزقنا نعيم الجنة باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الدكتور العلامة أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه علماً أن الإعادة الساعة الثامنة صباحاً من كل سبت، إلى اللقاء في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 8/7/2011م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.

——————

الحلقة 126 (8-7-2011)

من قسم الفيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2456

على

 

على