الحلقة 129
حلقة خاصة عن مبدأ الشورى
الدكتور نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في روائعه القرآنية.
الدكتور الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. من أعظم الأخلاقيات الإنسانية الدائمة بين الأمم جميعاً وهي القاسم المشترك بين أمجاد كل أمة ثلاثة التي هي النصيحة والموعظة والمشورة الشورى. الفرق بينها كما يلي:
الموعظة لرجل أو لإنسان زلّ زلة فتعظه لكي لا يعود إليها أبداً {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} الذين خاضوا بالإفك أخطأوا {إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} حينئذ أخطأوا خطأًً فقال الله {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقد وعظهم نعم الوعظ حتى انتهى الموقف هذه الموعظة. ولهذا إذا رأيت مجتمعاً إذا رأوا واحد من الناس زلّ زلة لا يشهّروا به ولا يعيّرونه ولا يفضحونه ولا يجفونه وإنما يؤخذه واحد من الحكماء يقول يا فلان أنت لا يليق بك الذي فعلته يا فلان اتق الله في هذا أنت أخطأت في المكان الفلاني أنت تعديت على فلان وسويت على فلان وان شاء الله هذه لا تعود منك وانتهى الأمر هذه الموعظة، وهذه من أخلاقيات الأمة. أما التشهير وإشفاء الغليل والحسد والحقد هذا من انحطاط الأخلاق ، ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ “من ستر مؤمناً ستره الله يوم القيامة ومن فضح مؤمناً تتبعه الله حتى يفضحه في بيته” لماذا؟؟؟ هذا أخطأ خطأ ماذا يقول له النبي صلى الله عليه وسلم “إذا رأيتم أخاً لكم زلً زلةً فقوموه وسددوه” ما في أحد يترك أخوه على سالفة كل ابن آدم خطاء إذن هذه الموعظة علامة من علامات أخلاقيات الأمة هذا واحد.
اثنين النصيحة: النصيحة الصدق في التعامل مع الآخر أتعامل معك بصدق كامل يعني أبذل جهدي عندما تكلفني بشيء لا أترك من جهدي شيئاً أفعل كل ما أستطيع لكي أنفذ لك ما تريد، كما قال عليه الصلاة والسلام “الدين النصيحة” قالوا لمن يا رسول الله؟ قال “لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم” يعني قضية كونية، النصيحة لله أن تصدق مع الله عز وجل بتوحيدك إياه ولهذا الإخلاص كما تعرفون يعني ركعتان بإخلاص قد تساوي صلاتك كلها طول عمرك. الإخلاص هذا في تعاملك مع الله ضد الرياء وضد التظاهر وضد وضد وضد تصبح فعلاً من الملائكة، الإخلاص {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} فهذا النصيحة لله. ولكتابه أن لا تكون جاهلاً وتلعب لعباً كما فعلوا في التاريخ وأضلوا الناس وطلعت طوائف خليت من الإسلام بواحد غبي فسر لهم آية آيتين على مستواه وجعلها طائفة تخرج من الدين كاملة، وإنما عليك أن تتأمل القرآن وأن تتدبره والتدبر هو أن تبقى وراء الآية شهور وسنين حتى تعرف ماذا تعني هذا يسمونه الإخلاص لكتاب الله، وهذا الذي وفّق الله به هذه الأمة حتى وصلنا هذا الكتاب ولم يتغير منه حرف ولا حركة. والمفسرون نوعان: نوع الذي سماهم رب العالمين تعالى أهل العلم {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} وهناك أناس يتطفلون منهم من حاول أن يفعل شيئاً ولكن منهم من تعمد الإضلال فأضل حتى أخرج أناساً من دينهم هذا معروف.
الثالثة وهي موضوع حلقتنا الشورى {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} حينئذ (وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) الشورى) {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) الشورى} القرآن الكريم كما تعرفون يدخل الناس يوم القيامة إلى الجنة زمرا {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} والزمرة: الجماعة المتخصصة بعمل واحد متشابه، هذه الزمرة من طبيعتها أن الصغير والكبير يتساويان في الفضل، أهل الليل مثلاً ثلاثيتهم كما قال تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ثلاث صفات إذا كانت فيك فأنت من أهل الليل، وأهل الليل زمرة هذه الزمرة ماذا قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم؟ “أشراف أمتي أهل الليل”، أهل الليل ولو ركعة قال “صلوا من الليل ولو بقدر فواق ناقة” بقدر حلب ناقة يعني ركعة ركعتين، قال صلوا ولو ركعة لماذا؟؟؟ الذي يصلي ركعة أو يصلي 400 ركعة كما كان أصحاب النبي في أول الإسلام، والآن في أناس يصلون العشرين والثلاثين الذي يصلي معهم ركعة واحدة يحشر معهم في زمرتهم، وهذه الزمر القوي يحمل الضعيف فأنت معهم وتحشر معهم ويحشر المرء مع من أحب، وما فرح أصحاب النبي بشيء كما فرحوا بقوله عليه الصلاة والسلام: إن الرجل يحب القوم لا يلحقهم بعمل فيحشر معهم وبدرجتهم بحبه لهم، هذه الزمرة. فرب العالمين عز وجل تكلم عن الزمر بأنواع الزمر: زمرة أهل الليل زمرة المقتحمون الذين فيهم قوة {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} إلى آخره. والزمر كثيرة من أعظمها: زمرة أهل الشورى ورب العالمين في الأسلوب القرآني الكريم لما يعدد عدة زمر أو عدة صفات يجعل المهم جداً في الآخر يعني مثلاً {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا} جعل المساجد في الأخير {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} بالأخير وهكذا. هذه الآيات في سورة الشورى لأهمية الشورى وقدسيتها وفضلها وبركتها سمّى الله هذه السورة العظيمة باسمها سورة الشورى، فرب العالمين ماذا يقول؟ بسم الله الرحمن الرحيم {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} هذه الزمرة الأولى أصحاب التوكل {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} هذه زمرة. الثانية {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} هذه زمرة ثانية الذين لا يرتكبون الكبيرة وأنتم تعرفون أن الصغائر تغفر بالصوم والصلاة، ما بين الوقتين الفرضين كفارة، ما بين الجمعتين كفارة، ما بين رمضان ورمضان كفارة كلها كلها ما اجتنبت الكبائر، من قال سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مائة مرة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ما اجتبت الكبائر، فاجتناب الكبائر صلاح عظيم {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} كما قال تعالى {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} هذا إحسان {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وأنتم تعلمون أن الله إذا أحب عبداً نظر إليه وإذا نظر إليه فلا يعذبه أبداً، فإذا كنت من زمرة المحسنين ولو بأقل عمل تشبههم يعني مثلاً، لو كان هناك مجاهدون المجاهد مجاهد وتعرفون فضلهم كان معهم سائس خيل واحد يعمل لهم الطعام كلهم زمرة واحدة، كان هنالك في السابق في تاريخنا العظيم الآن لم يعد موجوداً هذا، كانت المحلة الواحدة في القرية الواحدة مدرسة فيها 5-10- 15-20 عالم من العلماء الأتقياء الصالحين حينئذ هؤلاء زمرة، الذي يسقيهم شاي معهم والذي يعمل لهم طعاماً معهم والذي يسقيهم ماء معهم والذي يحضر لهم الفواكه كل من اشتغل معهم مع الزمرة. فرب العالمين في هذه الزمر الثلاثة أخر زمرة الشورى لأهميتها وقدسيتها وقال
الدكتور نجيب: وقلة أهلها
الدكتور الكبيسي: وقلة أهلها أحسنت الله يرضى عنك. وقال {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} جعلها في الأخير لماذا؟ لأنه كما قال الدكتور نجيب أولاً قدسية لماذا؟ بالله عليكم محمد رسول الله الموحى إليه خاتم الأنبياء والرسل الذي جاءت كل الرسل تبشر به، يقول عنده بدو وشوية صحابة؟؟!! تقول له نعم العلماء ماذا قالوا؟ حقيقة العلماء ككل الناس قالوا رسول الله المعصوم الذي يُوحى إليه الذي رفيقه جبريل الذي قيل له {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ومعه أناس أميون؟؟؟؟ قالوا نعم وهذه الشورى عملية كرامة، ماذا قال العلماء؟ قالوا أمره الله بالشورى لا ليتعلم ولكن لكي ينال فضلها لما يعلم الله من فضل الشورى عنده. عالم آخر من علماء المسلمين قال لأن فيها بركة للأمة فأراد الله عز وجل أن يتمكن النبي من هذه البركة، ماذا تعني البركة؟ البركة يعني المجد، أنتم تلاحظون كل التاريخ الإنساني من آدم والى اليوم والى قيام الساعة من أعظم ما تفتخر به الأمة أن عندها مكان يجتمع به الشعب لكي يتشاوروا مع الملك، تعرفون أنتم بالجاهلية كان دار الندوة وقد حضر النبي بعض مجالسها لأنها مجد قريش مجد العرب في الجاهلية أنهم إذا حزبهم أمر أو حرب أو سلم اجتمعوا في دار الندوة وتحاوروا وتشاوروا حتى يصدروا بقرار واحد دار الندوة، وكان عليه الصلاة والسلام عندما يحزبه أمر ينادي المنادي “الصلاة قائمة” فيأتي المسلمون والنساء قبلهم في الصف الأول ثم يصعد المنبر فيشاورهم في الأمر. ولهذا تعرفون أن قصة أحد هزيمة أحد النبي صلى الله عليه وسلم فضّل فيها أخلاقية الشورى على النصر، النبي مُوحى إليه وعندما اجتمع المسلمون لكي يقاتلوا في أحد اقترح النبي عليه الصلاة والسلام أن نقاتل في المدينة قال هذه نعرف دروبها وأزقتها نأكل ولا يأكلون ونشرب ولا يشربون قالوا لا يا رسول الله نخرج إليهم، صار نقاش أصرّوا قالوا يا رسول الله نخرج إليهم
الدكتور نجيب: الشباب المتحمس
الدكتور الكبيسي: متحمس، فعلاً دخل النبي وأقرهم على هذا ودخل لكي يلبس لأمته يعني الدرع فبينما راح وذهب لكي يتوضأ يصلي ركعتين لبس الدرع الصحابة قالوا ما هذا الكلام؟ ماذا عملتم؟ تردون على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فعلاً تلاوموا قالوا لا لا نحن ننزل عند رأيه، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالوا يا رسول الله ننزل على رأيك، قال لا ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يخلعها، فطاوعهم على هذا الأمر الذي يعلم أنه خطأ، وفعلاً راحوا كما تعرفون وشبعوا ضرب وكسير وكان رأي النبي هو الصواب ورأيهم هو الخطأ {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} إلى آخره حتى النبي ضُرب ووقع في الحفرة وتعرفون ملحمتها
الدكتور نجيب: إقراراً لمبدأ الشورى
الدكتور الكبيسي: إقراراً لمبدأ الشورى، يعني فضل الشورى وعظمتها وكرامتها ومجدها خير من نصر في معركة، لقد انتصرنا قبل أيام في بدر وسننتصر حتى نفتح الدنيا وفعلا يعني ما مرت أعوام حتى أسقط المسلمون إمبراطوريتين عظيمتين هما فارس والروم كانتا تتقاسمان الكرة الأرضية كما هو الآن الاتحاد السوفيتي وأمريكا وكلاهما الآن يعني يتخلخل. إذا لأجل مبدأ الشورى وصيانته ضحى النبي بمعركة وضحى بخمسة وسبعين شهيدا إذا كم أن الشورى مبدأ مقدس؟ ولهذا جاءت الأخبار والأحاديث والآيات حتى الزوجين {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} الآية في سورة النساء {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} المهم التشاور هذا أساس مجد الأمة ولذلك لاحظوا كل أمة عندها عنوان، مثلاً في أمريكا الكونغرس في بريطانيا مجلس العموم هذا مجدهم عندما يتكلمون ودائماً يطلعونهم بالأخبار يتناقشون مع الملك مع رئيس الجمهورية يقول كذا يقولوا لا، نعم، أمور الدولة وشؤون الدولة وقضية الشعب وقضية الضرائب وقضية الاقتصاد. عندك أناس يسمونها مثلاً في روسيا مجلس الدوما عند المسلمين كان مجلس الشورى كما هو اليوم الآن في المملكة مجلس الشورى في مصر مجلس الشورى وهناك أيضاً أسماء حديثة مجلس النواب في سوريا وفي المغرب وفي الجزائر، هنالك المجلس الوطني في العراق في العهد الماضي وفي الإمارات المتحدة الآن يسمونه المجلس الوطني والكل يفتخر بأن عنده انتخابات حرة وتُقاس عظمة تلك الدولة بحرية الانتخاب. الجمهوريات تقوم على حزب واحد أو على جماعة واحدة لا أسماء تأتي إلى الانتخاب كلام فاضي والصناديق هذه تمثيلية والكل يعرف أنها كذلك كما ترون الآن أنها قضية إجرام وقتل لا شورى ولا غير شورى. لكن هنالك فعلاً دول تسمع كلام المجالس وهذا حصل في الكويت وحصل في الإمارات وحصل في البحرين وحصل في كثير من الدول في المغرب. حينئذ هذا مجد ولهذا عندما يقف واحد من الشعب ويقول لرئيس الدولة يا سيادة الرئيس هذا الرأي أنا عندي رأي آخر كما فعلت المرأة مع سيدنا عمر، سيدنا عمر يخطب هذا الأمر المهيب يخطب وقد أراد أن يشرع تشريعاً يحدد فيه المهور قال، لقد تغالى الناس في المهور ولو كان مفخرة لكان أولاكم بها رسول الله، ما زاد مهر إحدى بناته على أربعين أوقية فمن زاد على ذلك جعلت له ذلك في بيت المال، خطبة جمعة والمسجد مليء وعمر أسقط دولتين دولة فارس والروم!! وتقوم امرأة تقول يا عمر امرأة امرأة! ونحن الآن في هذه الدولة المباركة وفي كل الدول العربية هنالك نائبات مُنتخبات نساء، قالت يا عمر ما قالت يا أمير المؤمنين ليس ذاك إليك، هذا خطأ فالناس كلهم حبسوا أنفاسهم ما هذا؟ فعمر رضي الله عنه يعرف قدر الشورى وكيف أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه المُوحى إليه تطامن لها في أحد، قال لم يرحمك الله؟ لم قلت هذا؟ قالت يعطينا الله وتمنعنا؟ قال ماذا أعطاك الله؟ قالت ألا تسمع قوله تعالى؟ {وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} أتعرف القنطار؟ قال والله أعرفه انه قُدس من الذهب والله كأني لم أسمع بهذه الآية إلا الآن وألغى القانون والمشروع وانتهى هكذا هذه الأمة بدأت. شرف عظيم أن تقف امرأة وتقول يا صاحب الفخامة يا سمو الأمير يا صاحب الجلالة، هذا الشيء الذي تنوي فعله أنا عندي رأي ثاني. عظمة الملك وعظمة الرئيس وعظمة الزعيم وعظمة رب الأسرة وشيخ القبيلة أن يقول قل يا ولدي أسمعك والله النعم برأيك تفضل طبقوه، على شرط في هذه الأمة أن لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً، القضايا العامة الاقتصاد رواتب يعني شؤون الأمة، حينئذ الشورى مجد الأمم. ولهذا من هذا المنطلق إذا أردت أن تكون لك قيمة تاريخية يذكرها التاريخ فليكن عندك مجلس مُنتخب انتخاباً حقيقياً نحن نعرف أن بعض الدول يجيبون أسماء وخلاص، يقول لك خمسين اسم يعينهم الملك وخلاص والباقي انتخابات كاذبة، والله رأينا انتخابات يعني الناس مقهورة بالقوة بالإعدام بالسحل والقتل يجيبون تمثيلية بالتلفزيون أربعين خمسين واحد واقفين حول صندوق وكلها تمثيلية أمن ومخابرات على أساس أنهم ينتخبون والباقي لا أحد يقول لا يختفي ولا يعرف به أحد كما تسمعون وترون الآن علناً هذا يجري في هذا العصر والناس لا يحترمون هذا لا مجلس النواب ولا البرلمان ولا يعرفون له قدراً بل يضحك منه الناس. الناس يريدون انتخاباً حقيقياً المرشحون مختارون اختياراً جيداً لأن صوت المُنتخب أمانة يسأل عنها يوم القيامة، لم انتخبت فلاناً وأنت تعلم أنه ليس قادراً على حمل الأمانة؟ ولم لم تنتخب فُلان المرشح وأنت تعرف بأنه يستطيع أن يحمل الأمانة؟ وحينئذ مسؤولية كبيرة لأنك أنت بانتخابك لهذا العضو في المجلس الوطني يعني أنك أنت تختار واحداً لكي يحمل هموم الأمة ويشير على السلطان والسلطان يكلفه بدراسة قوانين ومشاريع وبالتالي إذا كان أهل الشورى على هذا فلا بد أن تكون الدولة ناجحة ومتطورة من حيث أن أهل الشورى خيار الأمة ولهذا ينبغي أن تختارهم أولاً من أصل معروف، هذا فلان ابن فلان ابن فلان ابن هذه الأرض نبت في جذورها أعرف أجداده وأخواله وأعمامه ليس فيهم مثلبة ولا طمع وليسوا مجهولين يعني أناس معروفون بأصالتهم هذا واحد. اثنين عليك أن تعرف بأن هذا الإنسان عنده قدرة عقلية ماذا يقول الأحنف بن قيس هذا حكيم العرب؟ الذي كان مُستشاراً لسيدنا أبو بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا علي هذا زعيم بني تميم، زعيم بني تميم كان حكيماً حتى قيل له بم سُدت قومك ولست بأغناهم؟ ما عندك فلوس والأمير لازم يكون عنده فلوس حتى يكرم ويذبح ويعزم ويعطي ويهب هذا ما عنده! قيل بم سدتهم ولست بأغناهم؟ قال: بحلمي عليهم ورأيي فيهم عندي رأي إذا واحد سألني سؤالاً عنده مشكلة عنده كذا يستشيرني أستطيع أن أعطيه رأياً كما كان يفعل مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وفعلاً أنقذ كثير من المواقف برأيه السديد المشورة. حينئذ ماذا يقول هذا الأحنف؟ قال طبعاً هنالك الانتخاب يسموه المشاورة، “لا تشاور معلم الصبيان” ومعلم الصبيان عندنا في التاريخ العربي في تراثنا الذي يعلم القرآن عمرهم أربع خمس سنين يعلمهم القرآن هذا كان يسمونه معلم الصبيان يقول لك هذا معلم عايش طول عمره مع الأطفال ماذا تستشير فيه؟ ما عنده كفاءة! يعني هذا لما يدخل مجلس النواب ماذا يفعل ماذا يفهم؟ ألف باء تاء ثاء جيم حاء هذا الذي يعرفه هذا واحد. اثنين “ولا تستشر راعي غنم” واحد من الصبح إلى المغرب عايش مع الغنم هذا ماذا يفهم؟ صار واحد من الغنم. ثالثاً “لا تستشر حكيماً يطيل الجلوس مع النساء” وفعلاً في ناس عنده علم وعنده دراية ولكنه يحب النساء تلاقيه قاعد مع الحريم يسولف ويضحك وكذا هذا خلص ذهب حلمه وذهب رأيه حينئذ ماذا أراد الأحنف؟ قال “استشيروا صاحب العقل النافذ العقل الوثاب الذي إذا استشرته أعطاك رأياً” كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل وكما كان الخلفاء الراشدون يفعلون والى هذا اليوم العالم كله يفعل هذا ولا يستنكفون إطلاقاً من الشورى هكذا .
الدكتور نجيب: ولهذا قيل ما خاب من استخار ولا ندم من استشار
الدكتور الكبيسي: حديث شيخي ما خاب من استخار ولا ندم من استشار
الدكتور نجيب: نعم نعود إلى شيخنا الجليل بعد هذا الفاصل إن شاء الله لنواصل هذا الموضوع
======فاصل======
د. نجيب: سيدي الشيخ نعود إلى حديثنا عن الشورى وأهميتها
الدكتور الكبيسي: وحينئذ كما قلت يا دكتور نجيب فعلا يعني اختيار المُرشح أو تعيين مُرشحك الذي سوف تنتخبه مسؤولية. كما في كل دولة هناك شروط هنالك عن السن كم يكون عمره هذا يكون في كل مكان ولكن هناك شروط تعارفت عليها البشرية كما قلت الأحنف بن قيس هذا الحكيم يقول لا تشاور الجائع حتى يشبع ولا المقل حتى يجد ، يقول لك إذا واحد فقير جداً مو لاقي يأكل مخبوص يبيع بأي كلام هذا إن أنت انتخبته وصار بالمجلس الوطني ما راح ينفعك بشيء يعني هذا كل همه أن يجمع فلوس ويصير غني ومش عارف ايش ولهذا ما عنده فكر وين تعلم؟ شيخي المشورة تجربة حياة، علمتك التجارب من حياتك من سفرك من علمك من قراءاتك وبالتالي هي ليست فقط عنك عقل فلان عنده عقل ولكنه أحمق وما أكثر الحمقى في الدنيا! ماذا يقول الحسن البصري؟ يقول الرجال ثلاثة: رجلٌ رجلٌ وهو الذي له رأي ويشاور هو رجل حكيم شخصية وزعيم وحاكم محترم ملك ابن ملك تعلّم الحكم أباً عن جد ومع هذا يقول لك يا فلان ما هو رأيك؟
الدكتور نجيب: يَستشير ويُستشار
الدكتور الكبيسي: يَستشير ويُستشار برغم كونه قادرا على أن لا يَستشير لأنه هو رجل مليء يعني سليل الملوك تعلم الحكم وفلسفة الحكم عن آبائه وأجداده يعني مش جاي ضابط ملازم سوّى انقلاب وصار رئيس جمهورية ولا يعرف الصم من البكم لا هذا سيد ومع هذا يشار إليه هذا رجلٌ رجل. ورجلٌ نصف رجل هو لا رأي له يعني ضابط كان بالجيش سوّى انقلاب وصار رئيس جمهورية ما يفتهم لكن يُشار يا فلان تعالوا فهموني علموني هذا نصف رجل، ورجلٌ ليس رجلاً لا رأي ولا يشاور وهذا الآن في كل جمهوريات العربية رجل أمي عنده نجمة كان حارس وخادم عند الملك خان الملك وصار رئيس وقاسى شعبه منه الذل ويدّعي العلم ويدّعي المعرفة ودمر بلاده بالكامل هذا لا علم ولا مشورة هذا رجلٌ ليس رجلاً وإنما رجل يُسلط على شعب لكي يعلم الله هذا الشعب الصبر ولكي يأجره ويدخله الجنة أو إن الله يعد هذا الشعب لمهمة أعلى ولهذا {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ}
الدكتور نجيب: سيدي الشيخ إذا تسمح لي نعطي مجال لمن؟ للشيخ حسن إبراهيم الشاعر الكبير الذي افتقدناه مثل فترة طويلة مرحبا بك شيخ حسن إبراهيم
المتصل: السلام عليكم
الدكتور نجيب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته طال انتظارنا
المتصل: كيف حالك يا أبا عبيد وأبا أحمد؟
الدكتور نجيب: حياك الله وبياك
المتصل: نطل عليكم الحمد لله معلم شباب لا معلم صبيان
الدكتور الكبيسي: لا معلم جامعة
المتصل: ولذلك يؤخذ برأيه على ما أعتقد
الدكتور الكبيسي: يؤخذ على رأسنا وأعيننا
المتصل: تسلم تسلم يسلم رأسك ويسلم عينك ويسلم عمرك جئتكم اليوم سيدي أشتهي تحيتكم
الدكتور نجيب: بارك الله فيك وعليك السلام
المتصل: وتحية دبي وأنا أتابع أخبارها فقد أصبحت الدنيا قرية وأتابع روعة شوارعها وجسورها وأنفاقها والمترو الذي انطلق أول أمس ويُخيل إلي يا سيدي أنه يسير مسرعاً في عزة وكبرياء خاصة وأنه يلقى رعاية دبي وشاعرها الصنديد الذي يتردد صدى صوته في أذني في كثير من قصائده التي سبق أن استمعت لها وتتميز بأروع المعاني وأصدق المشاعر ولكني يا سيدي راجياً أن يتسع صدركم اليوم لي فلعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا
الدكتور نجيب: لا لا إن شاء الله نلقاك
الدكتور الكبيسي: عمرك طويل
المتصل: فما جئت مادحاً وأنا أعلم يا سيدي أنك لا تحب المدح وكما قال غنيم “فما من شأني حب المديح ولا المدائح شأني” ولكني جئت مقرراً لا عن علم ودراية ومعرفة فما أبعدني عن العلم وما أبعد العلم عني! ولكن بإحساس وحس تجاه الأخر المتشابهات هذا من ناحية خصوصاً وأنه في الحلقة الماضية كانت قد وردت السورة العظيمة الآية العظيمة الآية الإعجازية {وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} كلما قرأت هذه الآية قفزت إلى ذهني معان عظيمة أنه مهما كانت الحالات ومهما تعددت ومهما تغيرت الأمور فلن يؤمن هؤلاء ولن ينتموا إلى الإسلام وهذه الآية تجعل سورة تبت يدا أبي لهب سورة المسد تقفز إلى ذهني والتي شلت وعطّلت تفكير وذكاء ومكر ودهاء أبي لهب وهو كتاب لا شك مُحكم عظيم تناولته أنت والدكتور نجيب وتكسبون فينا وفي كل المسلمين فجزاكم الله عنا خيرا مما دفعني أن أقول
من لي لما تسديه من آداب وتقيم من حجج ومن أسباب
أقنعتني أشبعت فيّ نوازعا تهفو إلى علم وفهم كتاب
أخر تشابهت المعاني بينها فأتيت تفتح مغلق الأبواب
جددت نهج السابقين فصاحة وكتبت من زهو ومن إعجاب
لغة فيها نزل الكتاب مُحبراً في حبكة أسرت ذوي الألباب
والجاهلون به يخيب رجاؤهم وتخيب دعواهم وسوء مآب
يا أحمد العلماء تلك تحيتي تأتيك قاصرة بلا إسهاب
ما قد ملكتُ من المعاني بعضها فاعذر وسامح مُخلِص الأحباب
وأقول لدبي وأهل دبي وقادة دبي
تحياتي لكم لدبي خير إذا الألفاظ تنقلها رسوما
أخص نجيب بعدك في كثير من الوقفات أُجملها عموما
ولكن الثناء بلا حدود لفارسها الذي أخذ الحلوما
محمد من به شرفت قوافي لها الشعراء تنظمها لزوما
فشكرا ألف شكر يا أميرا أبى إلا المكارم أن يروما
وجزاكم الله كل خير
الدكتور نجيب: وبارك الله فيك شكرا شيخنا وقد افتقدناك فترة طويلة ونحن كنا على انتظار مشاركتك الدؤوبة الدائمة وقد علمت أنك قد كنت في فترة نقاهة فشفاك الله وعافاك وبالقرآن زكاك
الدكتور الكبيسي: شكراً لك بارك الله فيه. إذن هكذا كما قلنا بأن استشارة الآخرين إنما هي مشاركة لهم في عقولهم، إذا استشرت أحدا فإنما شاركته عقله ولهذا الاستشارة دليل الحضارة ودليل المدنية ودليل التفوق وكما قال الدكتور نجيب يعني ما خاب من استخار ولا ندم من استشار وسيدنا عمر يقول لا خير في أمر أبرم من غير مشورة ولو كان صواباً ؛لأن صوابه كان صدفة
الدكتور نجيب: سيدي الشيخ يعني كثيراً من المواقف التاريخية كنا على مفترق طرق وعندما كان هذا المبدأ مبدأ الشورى قائماً سرعان ما كنا نأخذ القرار الصحيح السليم، ولكن عندما غابت هذه المؤسسة وغابت هذه الفريضة التي ألزمنا الله نتعالى بها أمراً ووجوباً للأسف أدى بنا أن تقطعت بنا السبل والأهواء منذ فجر هذا التاريخ ومع نهايات هذه الخلافة الراشدة في جميع مجالاتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأسف الشديد
الدكتور الكبيسي: لكي نكون منصفين لأننا نحن العرب خاصة في القرن العشرين والواحد عشرين أصابتنا لوثة جلد الذات ومن حقنا أن نفعل ذلك لشدة إخفاقاتنا بدأنا ننظر إلى أنفسنا نظرة متدينة ونتهم أنفسنا بكل شيء هذا فيه مغالاة، الكلام الذي قلته من غياب الشورى ليس إلا على مستوى الحاكم، على مستوى الحاكم في كثير من العصور حالة أو حالتين وفي هذا العصر الذي نحن فيه هناك نوعان من الحكام: حكم وراثي من عوائل معروفة أباً عن جد والله ما غابت عنها الشورى، وهناك هذه الانقلابات السريعة من ضباط لا يعرف أحد من أين جاؤوا ولا من هم آباؤهم وكانوا جهلة بكل معنى الكلمة استبدوا بالأمر حتى ظنوا أنهم يعرفون كل صغيرة وكبيرة ولم يكن لواحد من شعبهم قدر مهما كان عالماً هذا واحد. اثنين في معاني الحكم نحن منذ نشأنا إلى هذا اليوم شيخ القبيلة يستشير رب الأسرة يستشير الأصدقاء بعضهم يستشير بعضاً هذه الأمة أمة مباركة ورب العالمين عز وجل خاطبها قال {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} وسوف نبقى خير أمة من حيث أن القيم المفقودة مفقودة على مستوى الحكم ولكن على مستوى الحياة الاجتماعية أنت الوحيد الذي تعرف آباءك وأجدادك في العالم كله تعرف أنت فلان ابن فلان ابن فلان كما كان أجدادك قبل الإسلام. وأنت الوحيد الذي لك أعمام وأخوال وأنت الوحيد الذي لك جيران لهم حقوقهم وأصدقاء لهم كرامتهم وأنت الوحيد الذي تكون اجتماعياً في كل الناس وأنت الوحيد الذي تتزوج زوجتك وهي عذراء هذا ليس في العالم كله وقس على هذا. إذن أمة فاضلة لكن شيخ العشيرة وشيخ القبيلة ورب الأسرة لا يُؤخذ في الإعلام، الإعلام إعلام دولة. نعم حقيقة في هذا العصر في عصر الشباب أما نحن الذين ولدنا في النصف الأول من القرن الماضي لا، أدركنا الأسر الحاكمة في العراق ومصر وسوريا والمغرب والجزائر وتونس والى آخره والله كنت كأنك في عهد الخلفاء الراشدين أمن ونعمة {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} واستشارة وكثير لما يُقال كلام قاس للملك يبتسم ويأخذه يقول لك كيف تفعل هذا؟ هذا خطأ هذا كذا، وحينئذ ما فعلت المرأة بسيدنا عمر فعل هذا بكثير من الملوك والى هذا اليوم الأسر الحاكمة كلكم تعرفون وكل العالم يسمعنا أنت تمشي بسيارتك إلى الغرفة التي يجلس فيها الشيخ والأمير والملك، هذا لا تجده في الجمهوريات ولا تجده في تلك الأحكام المستبدة. إذن أنت تستطيع أن تقول للملك يا فلان ترى هذا صح وهذا خطأ يقول لك بارك الله فيك وشكراً بل هو الذي يستشيرك. وحينئذ هذه الأمة مُباركة ولكن منذ 1918 لما فقدت الأمة السيطرة على زمام سياستها بفعل الزمن كما سيطر على العالم قوتان الاتحاد السوفيتي وأمريكا ومن ورائهم الغرب ثم بدأ هذا يزول الآن هنالك قوتان وقبلها الفرس والروم وقبلها الرومان واليونان هذا منطق التاريخ. حينئذ هذه الأمة على مستوى الأفراد والعوائل والأسر والله لا تزال كما تركها النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا أخشى عليكم أن تشركوا بعدي، الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة. كلنا مع إخواننا وأخواتنا وأهلينا نتشاور ونتحاور بل فليكن عندك شأن من غير كل أهلك جاؤوا هذه الشورى أنت في غير مكان أنت تعيش وحدك لا يدري بك أحد. ولكن نحن ننشد الكمال أنا حقيقة هذه الحلقة أنا فكرت بها على هامش انتخابات المجلس الوطني لأن العالم كله يعرف ماذا أقول، العالم يعرف أنه ما من دولة على وجه الأرض اليوم إجماعا وإطلاقا، ما من دولة حققت لشعبها كما حققت دولة الإمارات، وهذه التجربة يراد لها أن تتعمم الآن لماذا؟ واضح أن العالم تغير كما كان في 1918 تغير 2018 تغير كامل سقطت القوتان. فمطلوب من العرب الآن أن يدخلوا إلى هذا العالم الجديد كتلة واحدة، أنت تعرف في القرن الماضي ناس مع ايطاليا وناس مع فرنسا وناس مع بريطانيا وناس مع روسيا، الآن لا بد أن ندخل قوة عربية وإسلامية على ند مع الآخر هذا يقتضي أن تمر بتجربة وأنا حسب رأيي ورأي الكثيرين
الدكتور نجيب: أمة متحدة إسلامية
الدكتور الكبيسي: ما من تجربة ناجحة كهذه التجربة، ولهذا جميع العرب الآن سعداء جداً عندما سمعوا طلباً من المغرب والأردن للانتماء إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالعقل السياسي كلنا نحن سياسيون هذه التجربة الوحيدة وكلما تقاطر العرب عليها يعني أن الأمة مقبلة
الدكتور نجيب: والحمد لله رب العالمين نعود إلى شيخنا الجليل بعد هذا الفاصل إن شاء الله
——-فاصل———
د. نجيب: نحن المسلمون والحمد لله قد سبقنا الأنظمة الديمقراطية التي أصبح الآن هو شعار الأمم سواء من حيث المضمون أو من حيث الشكل منذ أن قام هذا الدين والنبي صلى الله عليه وسلم يُشير ويَستشير ويدرب ويروض أصحابه عليها وكذلك اتبع هذا المنهج الخلفاء الراشدون ومن جاء بعدهم. وللأسف الشديد كثير من إخواننا المسلمين يتغنون بالديمقراطية ولا شك أنها مقارنة بغيرها من النظم تُعد أفضل من غيرها ولكن لا تقاس مع الشورى
الدكتور الكبيسي: الشورى لا تُحل حراماً ولا تحرم حلالاً، وإنما تَرعى فضائل الأمة وقيمها. اثنين شيخ هؤلاء الناس عندهم قدرة على الإعلام والإعلام أقوى من القنابل، والله شيخي واقع الأمر 20% ما يذهب إلى صناديق الاقتراع لما تصير انتخابات ما يروح 20% ما يروح إليها، لكن هكذا الإعلام يطبل ويزمر. نحن حقيقة مع الانتخاب إذا كانت الدولة كدولة الإمارات وأمثالها ومثيلاتها الكل يذهب هذا واجب وطني وواجب ديني، ولهذا نختلف اختلافاً كبيراً من أجل ذلك عندنا فلسفة الاختيار أنت لست حراً أن تختار من تشاء حتى لو هواك معه، ماذا يقول تراثنا؟ يقولون سبعة لا تستشيرهم يعني لا تَنتخبهم قالوا سبعة لا ينبغي لصاحب عقل أن يشاورهم أي أن ينتخبهم: جاهل وعدو وحسود ومراءٍ وجبان وبخيل وذو هوى، فإن الجاهل يضل والعدو يريد الهلاك والحسود يتمنى زوال النعمة والمُرائي يقف مع رضى الناس والجبان من رأيه الهرب والبخيل حريص على جمع المال فلا رأي له في غيره وذو الهُوى أسير هواه فلا يقدر على مخالفته. حتى إن واحداً كان قاض مرو اسمه نوح بن مريم كان مشهوراً من دهاة أصحاب القضاء وكان شديداً في العدل فأراد أن يُزوج ابنته ما عنده أحد يستشيره عنده جار مجوسي فطرق عليه الباب وسلم عليه فاستغرب الرجل هذا كيف القاضي يأتي يسلم علي! القاضي سابقاً موكب ملكي لما يمشي فدخل عليه قال له أنا جئتك أستشيرك، قال سبحان الله! الناس يستفتوك وأنت تستفتيني؟! قال لا بد أن تشير علي، قال ماذا؟ قال أن أريد أن أزوج ابنتي فلمن أزوجها؟ قال كان كبير الفرس وهو كسرى يختار المال إذا جاء شاب عنده مال يزوجوه وكان كبير الروم يعني قيصر يختار الجمال إذا جاءهم شاب جميل يعطوه، وكان كبير العرب يختار الحسب إذا واحد فلان بن فلان من قبيلة فلان يعطوه حتى ولو كان فقير، وكان رئيسكم محمد يختار الدين فانظر من تقلد! انظر ما استنكف هذا عن الاستفادة ولهذا المشورة هذه فن والمشورة أخلاق. من أجل هذا لما رب العالمين أمر النبي بها قال {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ومن عوامل وأعمدة الخلق العظيم أن تكون أنت مُشاوراً، أن تشاور حتى من هو أصغر منك، كان أحد العلماء مرة من المرات عنده مشكلة ما عنده أحد استشار جاريته الحبشية! فقط لكي يتبرك بالمشورة، والمشورة فضل كبير ومجد عظيم هكذا هو الأمر إذن
الدكتور نجيب: يكفي توسطها بين الصلاة وبين النفقة
الدكتور الكبيسي: أي والله
الدكتور نجيب: لولا عظمة الشورى ما جاءت في وسط هاتين الفريضتين العظيمتين
الدكتور الكبيسي: وبعدين جاءت بعد ثلاث زُمر في غاية الروعة، متوكلون وأناس معصومون تجتنب الكبائر هكذا
الدكتور نجيب: سيدي الشيخ نعطي المجال للأخت أم محمد من أبو ظبي، تفضلي أم محمد
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور نجيب: وعليكم السلام أم محمد تفضلي
المتصل: تحياتي للدكتور الشيخ أحمد الكبيسي ولك دكتور نجيب
الدكتور نجيب: الله يبارك فيك تفضلي أم محمد
المتصل: أشكر الدكتور أحمد بخصوص موضوع الحلقة كان مناسب تماماً للمرحلة أو العرس الكبير الذي تحتفل فيه دولة الإمارات بخصوص انتخابات المجلس الوطني
الدكتور الكبيسي: فعلاً عرس يا بنتي أحسنت والله، فعلاً عرس عظيم لكل الشعب ولكل العرب قدوة حسنة لهم جميعاً
المتصل: ووُفقت جداً في الشروط التي يجب أن تتوفر في الناخبين أو المُرشحين للمجلس الوطني
الدكتور نجيب: وهذا تنبيه وتوجيه من الشيخ إلى أن يلتزموا بمثل هذه الآداب الإسلامية
المتصل: نعم لأن في أناس وهذا موجود أن فئة من الشعب ممكن أن تتواطأ مع مرشح س أو ص من المُرشحين يعني ممكن لأسباب قبلية أو صلة قرابة أو يعني أسباب مثل العاطفة دون الالتفات للبرنامج الذي رشح الناخب نفسه به مصلحة الوطن
الدكتور نجيب: شكراً أم محمد بارك الله فيك
الدكتور الكبيسي: بارك الله فيك
الدكتور نجيب: عندي دكتور وعد من سورية تفضل دكتور مرحبا بك دكتور وعد
المتصل: حياك وبياك شيخ نجيب أيها الحبيب
الدكتور نجيب: حياك الله الشيخ معك تفضل
المتصل: الله يرضى عنكم ويجزيكم خير الجزاء
الدكتور نجيب: أمين وإياكم
المتصل: السلام عليكم شيخي الحبيب
الدكتور الكبيسي: وعليك السلام ورحمة الله ونجّاكم ونجّى سورية من كل شر يا رب العالمين
المتصل: وإياكم وأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، شيخي الحبيب عندي سؤال بسيط وهو متعلق بموضوع هذه الحلقة عندما استمتعت بطرح جنابكم عن موضوع هذه الحلقة الرائع خطر ببالي حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن الرويبضة في أمة سيدنا محمد يتكلم في هذه الزمان
الدكتور الكبيسي: نص الحديث لا تقوم الساعة حتى يتولى الرويبضة أمر الأمة، قالوا يا رسول الله ما الرويبضة؟ قال الرجل التافه وأنت تفهمني جيداً
المتصل: الله يرضى عنكم وهذه طامة كبرى ابتليت بها أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وصحبه وسلم
الدكتور نجيب: نسأل الله العافية
المتصل: نعوذ بالله منها حتى قد حضرني بعض الأبيات يقول فيها
عـلـم الـعـلـيـم وعـقـل الـعـاقـل اختلفا مـن الـذي مـنـهـمـا قـد أحرز الـشـرفـا
الـعـلـم قـال: أنـا أدركـت غـايـتـه والـعـقـل قـال: أنـا الـرحـمـن بـي عُـرفـا
فـأفـصـح الـعـلـم فـصـحـا” وقـال لـه بـأيـنـا الله فـي قــرأنـه إتـصـفـا
فـبـان لـلـعـقـل أن الـعـلـم سـيـده فـقـبـل الـعـقـل رأس الـعـلـم وانـصـرفـا
ألا يحدو بهذه الأمة أن تتفطر في هذه المعاني؟! أشكر سعة صدركم حبيبي وشيخي الفاضل
الدكتور نجيب: جزاك الله خير ونحن نشكرك أيضا أخ وعد
الدكتور الكبيسي: نبشرك يا أخ وعد بتكملة الحديث، يقول عليه الصلاة والسلام أن هذا الأمر بدأ نبوة ورسالة ثم يكون خلافة على هدي النبوة إلى ثلاثين عاماً يعني الخلفاء الراشدين بمقتل سيدنا الحسين تنتهي، ثم يكون مُلكاً عضوداً ابتداء من معاوية إلى العصر العباسي الثاني، يعني أنت المُلك هذا خلي عندك حرية وروح وسافر وتعلم ما حدا يقول لك، تقترب من الحكم يقتلوك حتى قتلوا أولاد النبي، ثم يكون ملكاً جبرياً من العصر العباسي الثاني إلى هذا اليوم أنت لا قيمة لك كفرد هنالك حاكم يقول أنا الرئيس المناضل ومش عارف مين الأوحد وكما تعرف، ثم يعود مُلكاً على هدي النبوة إلى خمسين إماماً وأنت تعرف أن كل الإرهاصات اليوم تدل على هذا أن الأمة استلمت زمامها وقد بدأ لهؤلاء الذين اغتصبوها اغتصاباً وأذلوا شعبها وسرقوا أموالها وهربوها للخارج وملأوا السجون كما تعرف نحن عانينا ولا نزال نُعاني
الدكتور نجيب: وتحقيق هذا الأمر بهذه الشورى التي أمرنا الله تعالى بها بعد غزوة أُحد والتي تم فيها الشورى فنزل قول الله تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} بعد أن كان الله تعالى قد أمرنا إخبارا {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} كما تفضل الشيخ تحقيقاً وتأكيداً لهذا المبدأ، فان أخفقت الشورى مرة لا يعني إلغاؤها. باسمكم جميعا أتقدم بالشكر الجزيل إلى شيخنا الجليل العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وشاعرنا الكبير الشيخ حسن ابراهيم والأستاذ وعد وبقية إخواننا الذين تعذر علينا أن نجيبهم على الهواء نرجو مراسلتنا على الايميل الذي نشرناه على التلفاز والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 16/9/2011م وطبعها الأخ الفاضل هيثم جزاه الله خيراً وتم تنقيحها.
—————–
الحلقة 129 (16-9-2011)
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2610
تحميل الحلقة صوتيا mp3 ( بحجم 5.5 ميجا )