الحلقة 135
حلقة خاصة عن الحج (4)
الدكتور نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الإمام الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه في بدائعه القرآنية وخاصة في هذه الليلة المباركة التي صبيحتها إن شاء الله يوم عَرَفة.
الدكتور الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ (198) ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (199) البقرة) ليلة ويوم من أيام الله (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ (5) إبراهيم) وإن لله أياماً يعدل كل يوم منها دهراً كاملاً بل إن مصير المسلم ومصير المؤمن من كل دين تتوقف على يوم من أيام الله خصّصه الله عز وجل للعطاء بلا حساب وللعفو بلا حساب ومن فاته هذا اليوم فاته خير كثير. يعني إذا ضاقت بك السُبُل وقصّرتَ عن الطاعة وكثُرَت ذنوبك فإن لك في يوم من الأيام فيه منجاة من عذاب الله لأن الله سبحانه وتعالى له هذه الأيام التي يعطي فيها عطاءً كما لا يعطي في أيّ يوم آخر. الأيام كثيرة، ليلة القدر، النصف من شعبان، ستة من شوال، أيام كثيرة متعددة أبرزها يومان وليلتان لا غنى للمؤمن عنهما ليلة القدر وتعرفون ما معناها، تضيف إلى حسناتك كل عام حسنات ثلاث وثمانين سنة قيام ليلها وصيام نهارها ولم ترتكب فيها ولا ذنب
د. نجيب: عمر كامل
د. الكبيسي: فعلاً، عمر كامل تضيف إلى عمرك عمراً جديداً مليئاً بالطاعة وبلا سيئات. يعني ماذا لو أن عبداً من عباد الله عبد الله ثلاث وثمانين سنة لم يرتكب فيها إثماً تأمل
د. نجيب: يعني لو خمسة عشر ليلة قدر مرّت عليه كأنما أكثر من ألف سنة عَبَد الله تعالى
د. الكبيسي: وحينئذٍ رب العالمين من نظامه يوم القيامة أن من زادت حسناته على سيئاته لا يُحاسَب ويدخل الجنة من غير حساب. إذاً بهذه الليالي وهي من أيام الله كما تفضلت إذا صمت أو حضرت أو سهرت أو أقمت هذه الليالي ليالي القدر عشر عشرين مرة حتى خمس مرات حتى مرتين تجعلك ضامناً أنك تُبعَث وحسناتك أكثر من سيئاتك وحينئذٍ لا تُحاسَب وتدخل الجنة من غير حساب هذا نظام الآخرة من زادت حسناته على سيئاته فأولئك هم السابقون ولا يحاسب
الدكتور نجيب: ذكرت كلمة للشافعي يؤكد ما تفضلت به لما اختلف العلماء ما معنى العدالة التي تقبل بها الشهادة قالوا هي مَلَكةٌ في النفس تمنع صاحبها من اقتراف الصغائر فضلاً عن الكبائر واجتناب ما فيه بأس خشية الوقوع فيما به بأس فقال الإمام الشافعي لا، العدل عندنا من غلبت حسناته سيئاته، العدالة بهذا المعنى عند المحدثين عندما يروون حديث النبي أما في شهادة بعضنا على بعض يكفي أن تغلب حسناته على سيئاته
الدكتور الكبيسي: هو هذا وأما من تساوت حسناته وسيئاته (فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) الانشقاق) فقالت السيدة عائشة: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: العَرض. (خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (102) التوبة) وهذه عسى للتأكيد. “وأما من زادت سيئاته على حسناته فذاك الذي أثقل ظهره وأوبق كاهله وذلك الذي أشفع له إذا كان من أمتي” ولا يكون من أمته إلا إذا كان مصلّياً، من لا يصلي فهو محجوب عن أن يكون من أمته. وبالتالي شفاعة النبي حقٌ لأهل الكبائر على شرط أن يكون مصلياً أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة. إذاً بدون الصلاة فأنت لست من أمة محمد
د. نجيب: إنهم ليسوا من أمّتك، الملائكة تدفعهم عن الحوض والنبي صلى الله عليه يجرّهم! :وأنا آخذٌ بحجزكم” فيقال إنك لا تعلم ماذا أحدثوا بعدك”
د. الكبيسي: وقد أحدثوا كما ترى. الشيء الثاني الذي يفصل المسلم عن أن يكون من أمة محمد الحاكم الظالم وقد نرى في التاريخ القديم والمعاصر أصنافاً ممن أشبعوا شعوبهم قتلاً وضرباً وتعذيباً وإبادة هذا لا يمكن أن يكون من أمة محمد. إذاً في كل الحالات إن هذا النبي عليه الصلاة والسلام جاء رحمة للناس جميعاً للمسلم وغير المسلم ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم “أنا فَرَطكم يوم القيامة”. ولذلك إذا صحت منك الصلاة وأنت موحد الآن سنتكلم عن فضل ليلة القدر وفضل هذه الليلة ليلة عرفة لماذا كل هذا العطاء؟ لشيء واحد، سبق في علم الله أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسالات لكل الأمم وأنبياء ورسل ما شاء الله الأمة الوحيدة حصراً التي استطاع نبيها عليه الصلاة والسلام أن يزرع فيها توحيد الله عز وجل زرعاً نهائياً مطلقاً لا يُخاف منه محمد صلى الله عليه وسلم وهذه الأمة. اليوم هذا في عصر العلم والانفتاح والفضائيات والتواصل ليس على وجه الأرض أمة توحّد الله توحيداً مطلقاً بإجماعها إلا هذه الأمة وكل أصحاب الرسالات السماوية فيهم خير وفيهم عدل وفيهم لكن الشرط الأساسي مختل تماماً وهو كيف توحِّد الله وتنزِّهه عما ينبغي أن تنزِّهه هذه هي القضية الرئيسية ولهذا ما معنى هذه الأحاديث؟ “من قال لا إله إلا الله دخل الجنة مصدقاً بها قلبه”، “كل أمتي يدخل الجنة إلا من أبى” حينئذٍ لماذا كل هذا؟ أنت إذا محصت التوحيد ووحدت الله توحيداً مطلقاً بفهم ودراية وعقيدة أنت لا يمكن إلا أن تكون صالحاً حتى ولو أذنبت حتى ولو زنا ولو سرق سيعود ويتوب ولهذا رب العالمين عز وجل أناط بهذه الأمة وقال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران) لماذا خير أمة؟ توحدون توحيد كامل كما لا يفعل غيركم واحد، اثنين تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ثم الإيمان باليوم الآخر أصبح معدوماً الآن، ما اليوم الآخر؟! هذه كله خرافات! وبالتالي هذا التوحيد المطلق الممحص ثم هذه السجية في الأمر بالمعروف يعني أنت الآن في أي مجلس في أي مكان واحد حكى تقول له يا أخي اتقي الله هذا لا يجوز هذا غير صحيح هذا حرام بس هذه الأمة هذه النغمة هذا يجري في دمائنا وعروقنا حتى لمن هو خفيف العبادة الناس تعرف أن هذا الحرام وهذة الجريمة وهذا الإعتداء وهذه الغيبة وهذه النميمة وأن تطعن في الآخر وأن تسرق مال الآخر وأن تأكل مال الآخر أو تظلم الآخر ليس هناك من محيطك من يرضى بذلك، أمة أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ديدنها من حيث أصبح الرأي العام والعُرْف العام وسيلة من وسائل الهداية
د. نجيب: ولهذا سيدنا عمر حاجج أبا بكر قال (كيف تقاتلهم وهم يقولون لا إله إلا الله والنبي قال من قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ودمه وعرضه)؟ فقال: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم (إلا بحقها)؟
د. الكبيسي: وهذا حقها. إذاً هذه الليلة ونهار الغد من أيام الله، لا تدري كيف تناغمت ليلة القدر مع هذه الليلة كلاهما إحداهما تكمل الأخرى وفي هذا نجاة المؤمن بهما نجاة عظيمة مؤكدة ومن وقف على عرفة بشروطها وتمامها ثم شكّ أن الله ربما لم يغفر له أو لا يغفر له أو لن يغفر له فقد أشرك، تأمل!! أيّ ثقة بالله عز وجل هذه، هكذا هو الأمر. سنقرأ بعض الأحاديث والأحاديث في فضل عرفة التي تعرفونها جيداً لكن هنالك نقاط ومقاطع في بعض الأحاديث عجيبة العجائب يعني مثلاً عن جابر قال عليه الصلاة والسلام “ما من يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة” هناك أيام كثيرة يعتق الناس بها بليلة القدر وبالرباط وأثناء إغاثة اللهفان لكن كيوم عرفة شيء مجمع عليه، لماذا؟ هذا الذي في عرفة مغفور له ليس هو فقط يقول الحديث الآخر “لما تنزل الرحمة على أهل عرفة فتعمّهم جميعاً وما بقي -والذي بقي خيال- يوزع على كل أهل الأرض من المؤمنين بالله ورسوله فما من مؤمن إلا وتصيبه من تلك الرحمة شيء” هذا واحد. اثنين “اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج” هل هناك حاجٌ يقف على عرفة غداً في تلك الساعة التي يطّلع الله فيها على عباده ومن حوله الملأ الأعلى ويقول “انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً أشهدكم أني قد غفرت لهم” هل يمكن أن يكون واحد من هؤلاء الحجاج فقط دعا لنفسه؟! من المستحيل في واحد في عرفة يقول فقط اغفر لي أنا يا ربي! كذلك الأعرابي لما المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعد ما أفاضوا ورموا الجمرات راحوا للكعبة لطواف الإفاضة فواحد أعرابي بدوي أسرع بدابته سرعة عجيبة إلى أن وصل قبل الناس جميعاً إلى الكعبة قال اللهم يا ربي اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد غيرنا قبل أن يدهمك الناس، يعني قبل ما يأتي الحجاج ويصير ازدحام يمكن ما تسمعني! هذا أعرابي على قد حالته إذاً هذه تقال لطرفة وقد حدث هذا فعلاً قال بس أنا اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد غيرنا هذا شيء هو أعرابي بدوي على قد حاله. لكن لا شك أن كل من يقف على عرفة وهم الآن واقفون على عرفة كل هؤلاء يقولون اللهم اغفر لي ولوالدي ولفلان وفلان وفلان أولاً هو ما ذهب إلى الحج إلا وقد أمنه بعض الناس أمانة أن يدعو الله أن يغفر له في عرفة هذا واحد. ثانياً ما في أحد من هؤلاء إلا عنده أحباب وأقارب وأرحام وأصدقاء لا حصر لهم وكلنا نسمع عندما نكون هناك كل واحد يعدد عشرات الأسماء ويبكي ويقول يا رب اغفر لفلان وفلان ويسامح من آذاه واعتدى عليه والخ. إضافة إلى هذا يبقى الحاج ستة أشهر بعد أن يعود إلى أهله مستجاب الدعوة كل من يأتي إليه عندما يزوره بعدما يعود مهنئاً بالحج يقول يا أخي استغفر لي فيقول اللهم اغفر لي ولأخي فلان. ولهذا هذا اليوم من أيام الله المغفرة هنا شاملة ويوم عرفة يضاعف السنين سنين العبادة وبالتالي من يدخل النار إذاً؟! “لا يدخل النار إلا شقي” كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ومن حُرِم هذا المجد وهذا الفخر وهذا العطاء فقد حُرِمَ الخير كله. إذاً يقول عبادة بن الصامت قال عليه الصلاة والسلام “إن الله تطوّل عليكم” -على أهل عرفة- يقول لهم “إن الله تطول على أهل عرفة تتنزل الرحمة فتعمهم ثم تفرَّق في الأرض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده” يا الله! شرطين إذا عمّت الرحمة كل أهل عرفة وأفاضت على الأرض تشمل كل مؤمن يوحِّد الله عز وجل وهو من أهل القبلة على شرطين أن يسلم الناس من لسانه ويده “والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” يعني من الأشياء التي تحرمك هذا العطاء الإلهي في هذا اليوم أن يكون لسانك في الناس غيبة ونميمة وشتماً وقذفاً بالحق والباطل. اثنين أن تكون يدك ممتدة بالأذى والسرقة والاختلاس والرشوة وما شاكل ذلك “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده” يعني أن من لم يسلم المسلمون من لسانه ويده ليس مسلماً لماذا؟ لأنه ليس من أمة محمد وحينئذٍ الرحمة لا تشمل إلا هؤلاء الناس.
الأحاديث في عرفة عجيبة، حديث عجيب يقول وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة وقد كادت الشمس أن تؤوب -يعني كلنا نعرف الذين حجينا وغالب الذين يسمعون قد حجوا- في الدقائق الأخيرة من عرفة يعني قبل ما تغيب الشمس تماماً كل الناس كل واحد على سيارته أو راحلته أو أي شيء حتى نتهيأ للنفرة إلى مزدلفة والكل يبتهل ويصرخ في هذا الخضم النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا بلال أنصِت ليَ الناس، هذه الضوضاء بالدعاء والابتهال فقام سيدنا بلال قال: يا أيها الناس أنصِتوا لرسول الله -وصوته جهوري- وفعلاً صمت الناس
د. نجيب: لكي يستمعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسوف نصغي إن شاء الله تعالى إلى ما قاله عليه الصلاة والسلام بعد هذا الفاصل
——–فاصل———–
د. الكبيسي: قال بلاب أيها الناس أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال “يا معشر الناس آتاني جبريل آنفاً -يعني قبل قليل- فاقرأني من ربي السلام وقال إن الله عز وجل قد غفر لأهل عرفة وضَمِنَ عنهم التَبِعات”. وفي حديث آخر “إن الله قد غفر لأهل عرفة إلا التبِعات” يعني مسؤوليات الناس ظُلم الناس -وهي قصة طويلة نحكيها في وقت آخر – باختصار لما كان النبي في عرفة قال “اللهم اغفر لأمتي كلها فجاء جبريل وقال لقد غفر الله إلا الظالم منهم” في مزدلفة النبي صلى الله عليه قال “يا ربي اغفر لأمتي كل ذنوبها” -عن الحجاج أهل عرفة- “وحتى الظالم منهم وأجزل العطاء للمظلوم عنه” فهكذا جاء الأمر فصار معنى ذلك أن التظالم بين الأقران فقط وليس تظالم السلطة العليا كمعلِّم وطالب، بائع ومشتري، وجار وجار، شريك وشريك، تظالم
د. نجيب: كثرة الخلطة بينهم
د. الكبيسي: وحينئذٍ رب العالمين هنا يجزي المظلوم فالنبي صلى الله عليه وسلم ضحك وما كانوا يعرفون ما الموضوع فقالوا لأبو بكر الصديق يا أبو بكر إن النبي ضحك ليتك تعرف لماذا ضحك فسأل النبي أضحك الله سنّ: ما الذي يضحكك في هذه الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم “فلما جاء هذا رأيت إبليس يحفي التراب على رأسه فكنت أضحك من صنيعه” فهذا الحديث يقول “أن الله عز وجل غفر لأهل عرفة وضمن عنهم التبعات” فقام عمر وقال يا رسول الله أهذا لنا خاصة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم “هذا لكم ولمن جاء من بعدكم إلى يوم القيامة”. كل من يحج، فقال عمر: كَثُرَ خيرُ ربنا وطاب، وظل يكررها. وفعلاً أمة كل هذا العطاء ما عليها إلا أن تمحص توحيد الله وهذا حاصل إلا بعض الشذوذ وبعض الطوائف وبعض الانشقاقات التي أشركت قبراً أو بشراً أو صنماً أو إلهاً وهذه قِلّة. سواد الأمة الذين لا يزالون على اسم الإسلام ما في اسم آخر (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ (78) الحج) من بقي على هذا ليس فيهم واحد إلا وهو يوحد الله إلا من كان له اسم آخر صار شيوعي أو علماني اتخذ له اسم آخر خرج وهم قلة قليلة جداً. إذاً سواد الأمة توحد الله عز وجل ولا يذهب إلى الحج إلا وقد استسمح الناس ممن أساء إليهم بلسانه أو بيده وهذا ديدن الناس. من أجل هذا فإن يوم عرفة من أيام الله العظيمة كما قال تعالى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ (5) إبراهيم).
الدكتور نجيب: أثرت يا شيخ في بداية الحديث العلاقة بين ليلة القدر ويوم عرفة؟
الدكتور الكبيسي: أنت تعرف شيخي كما يعرف كل الناس أن ليلة القدر نزل فيها القرآن (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) ومتى تمّ القرآن؟ في يوم عرفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) المائدة) لاحظ دقة القرآن الكريم أكمل الله من حيث الكمّ، الإكمال كمّ والتمام كيف. فحين قال أكملت الدين كاملاً وأتممت عليكم نعمتي ونعمة الله لا تكون إلا جميلة، النعمة تمامها جمالها كالذي يصلّي صلاة كاملة لكنها ليست جميلة فيها بعض الهفوات والقبح ولهذا قال (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ (196) البقرة) ما قال أكملوا قال أتموا لأن في قدرتك هذا وقال أتموا الصيام لأنه في قدرتك هذا لكن ما قال أتموا الصلاة لأنه ليس في قدرتك أن تتم الصلاة إلا إذا كنت نبياً. لا يمكن لعبد غير الأنبياء أن يتمها تماماً كما ينبغي إلا إذا كنت نبياً رسولاً ولذلك رب العالمين ما كلّفنا شططاً قال أتموا الصيام فممكن جداً أنك ما تغتاب أحد، وأتموا الحج أن تذهب وتعود بمال حلال وتستغفر الله الخ أما أن تتم الصلاة! فلما قال أتموا الحج وأتموا الصيام أي بجمالياته وهذا ككل شيء إيجابي يتفاوت من حيث الجمال ولكن لا ينبغي أن يتفاوت من حيث الكمال (تلك عشرة كاملة) ثلاثة وسبعة تكون عشرة كاملة قد لا تكون جميلة أو تامة. إذا تم الحج أو لم يتم بالمعنى المطلق فإن هذه من الفرص التي يغفر الله الذنوب أو يضاعف الحسنات من هنا نفهم قوله عليه الصلاة والسلام (لا يدخل النار إلا شقي) (وكل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) هكذا هو الأمر.
نتكلم الآن في مثل هذا فيما نحن فيه كيف يمكن لهذه الأمة أن تتلمس ما وعد الله عز وجل به هي من أين جاءت البداية؟ جاءت من أن الله أعلن إرادته بأنه يريد أن يتوب على هذه الأمة (يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ (26) النساء) هذا إعلان الإرادة وإصدار القانون ثم قال قدم الفاعل هناك (يُرِيدُ اللّهُ)، آية أخرى (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ (27) النساء) أن هذه الإرادة لا يمكن أن يفعلها إلا الله عز وجل ولهذا حصرها على ذاته الكريمة. ثم قال (يريد الله ليتوب عليكم) بعد الإعلان النظري قدّم رب العالمين لنا الأسباب التي إذا أخذناها غفر الله لنا وهي لا حصر لها.
مداخلة شعرية من الأخ الشاعر حسن ابراهيم
د. الكبيسي: ماذا نستنبط من كل هذا الفضل في عرفة؟ هذا يفسر لنا لماذا كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه كيف أن قتل المسلم هذا أشد على الله من هدم الكعبة. نفهم لماذا رب العالمين عز وجل يغار إذا قذفت مسلماً صائباً أو كاذباً؟ ماذا لو كنت من الصالحين وكان لك أخ حبيب تحبه جداً وتعطف عليه وتشفق عليه وكان الأخ هذا بعيداً عن كل طاعة فكنت تنصحه وتؤنّبه وترجوه يا أخي تعال صلّي لا تترك الصلاة الخ كما في الحديث وفي كل مرة هذا الأخ الصالح يُشبِع هذا الأخ الطالح بالمسبّة أو باللوم ويحاول لكن من غير فائدة. أخيراً نفذ صبره فقال والله ليدخلنّك الله النار. أقسم هذا الرجل الصالح أن الله لن يدخل أخاه هذا الطالح إلا النار فقال الرب عز وجل كما جاء في الحديث (من هذا الذي يتألى عليّ؟) من هذا الذي يقسم أن أفعل ما يشاء هو؟ وكأنني أُسيَّر منه ومن أمثاله؟! (من هذا الذي يتألّى عليّ وعزتي وجلالي لأدخلنّه الجنة ولأدخلنّك النار مكانه) فسِّر لماذا هذا؟ هذا عبد من عباد الله يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ولكنه كثير العصيان وكثير الذنوب من أدراك ما هي النهاية؟ وقد شهدنا في الحياة مثل هذه الصور العجيبة “منكم من يعمل بعمل أهل النار حتى لا يبقى بينه وبين النار إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها” والعكس صحيح رأينا ناس صالحين، علماء دين، ناس محترمين، أساتذة جامعات، أصحاب شهادات عليا، كانوا يصومون ويصلّون جاء شيء اسمه الحزب الشيوعي وفي يوم الأيام دخلوه وإذا بعد لا صوم ولا صلاة ولا ينكرون الله واليوم الآخر قبل أن يموت بأيام والعكس صحيح. رب رجل ملحد في آخر أيامه قبل أن يموت بيوم يومين شرح الله صدره للإسلام. من أجل هذا لا يعرف أحد ما هي الخاتمة، أما أنك ترى نفسك خيراً من هذا وكأنك تمنّ على الله بما تفعل وكأنك متميز على غيرك وأنت ضامن للخاتمة هذا ليس من مسلك الإسلام. من أجل هذا رب العالمين لما كان كل هذه الأعمال ما أدراك أن هذا في يوم من الأيام سيذهب ويحج مؤمناً بالله إيماناً كاملاً وبرزق حلال ويحج الحج كاملاً وقد أتمّه ووقف في عرفات في مثل هذه الليلة الآن هو واقف؟! ما أدراك أن بعض الذين يقفون الآن على عرفات ربما فيهم واحد ما ركع لله ركعة قبل اليوم، ما صام رمضان قبل اليوم وهو الآن جاء إلى الله يبكي ويتضرّع ورافعاً يديه وتجلّى الله على كل من في عرفة وقال: انظروا إلى عبادي جاءوني شعثاً غبراً أُشهِدُكم أني قد غفرت لهم.
د. نجيب: ولو لم يشأ الله تعالى أن يغفر له لما يسّر له الأسباب ليقف على هذا المكان المبارك ويرفع يديه للسماء، نسأل الله الاستجابة، نعود بعد الفاصل
——–فاصل———-
د. الكبيسي: نكمل لماذا رب العالمين عز وجل شرّع لنا تشريعات قد لا نفهمها إلا في مثل هذا اليوم من حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من قال لأخيه يا مشرك أو يا كافر إلا حار بها هذا) اثنين رجل صالح وله أخ آخر مسلم ولكن ارتكب ذنباً عظيماً فرق بين أن يشفق عليه وينصحه يا أخي تب إلى الله وبين أن يتشفى ويفرح لأن هذا سينفضح حسداً أو حقداً أو كراهية أو غيرة لا يفعل رجل برجل هكذا يعني أنت سمعت أن فلان الفلاني ارتكب كبيرة وهو من أهل الصلاح ثم شعرت بالتشفّي بالفرح أن هذا سينفضح وسوف يفعل به وسوف إلا تاب الله على هذا وأصلحه وذهب هذا إلى ما كان يفعل الأول. يعني إذا تمنيت لأخيك مثل هذا إلا شفاه الله عز وجل وابتلاك بهذا البلاء وهذا مشهود وواقع وبكثرة يعني كل من يتشفّى بمسلم ليس لوجه الله ولا حزناً على أخيه وإنما تشفياً به حسداً أو بغضاً بل ويبدأ ينشر عنه الإشاعات ويشهر به ويخبر الناس إلا ابتلاه الله بما كان في ذاك الذي شافاه. ولذلك هذه الأيام يعني أنت تعرف بأن صوم يوم عرفة وأنا لا أظن أن مسلماً يخشى الله إلا ويصوم يوم عرفة من حيث أنه يغفر ذنوب سنتين يعني أنت كل عام تستطيع أن تغفر ذنوب سنتين. ماذا لو صمنا في كل عرفة لمدة عشر سنوات يعني لو صمنا عشر مرات في عرفة وكلنا نفعل هذا وفي ناس صاموا عشرين ثلاثين مرة يوم عرفة أيّ ذنب يبقى عليه إذاً؟ من هنا (لا يدخل النار إلا شقي) (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى). من أجل ذلك علينا أن نتذكر أن هذا من أعظم ومن رؤوس أيام الله فإياك أن تفوتك عليك أن تدخل إلى الله عز وجل وبيدك الشهادة أنك كنت تصوم أيام عرفة لأن فيها فضلاً عظيماً
د. نجيب: نحن نركز على طهارة الأبدان والجوارح ولكن في غالب الأوقات نتناسى تلك العبادات التي تتعلق بطهارة القلوب والجوانح (إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) الشعراء)
د. الكبيسي: فالمغفرة في عرفة وليلة القدر لا يغفر فيهما لأخوين متخاصمين يقول (اتركوا هذين حتى يصطلحا) (البغضاء هي الحالقة) إذا كان في قلبك بغضاء على مسلم أي كان سببه فرق بين أنك تشفق على فلان أخوك الذي أصبح تاركاً لدينه وبين أنك تبغضه بغضاً وبالتالي هذه البغضاء التي شاعت وعمّت هذه هي الحالقة لا ينفع لا صيام ولا عرفة ولا قدر ولا أي شيء. وهذا بغضاء فردي فكيف إذا كانت بغضاء عامة جماعات وأحزاب وملل وقد شاعت الآن هذا يقول لك يا كافر وهذا يقول لك يا مشرك وهذا يقول لك يا خائن ولا يسلم أحد على أحد يصلي في المسجد الواحد والآخر يلعن الثاني أحزاب كاملة تحكم على من عداهم بأنهم كفار ولا يسلمون على أحد إلا إذا كان منهم أو إذا ليسوا كفار يبعدون ويقصون
د. نجيب: والمشكلة هنا في العجب بالنفس والاعتداد بها
د. الكبيسي: هذا عندما فات على المسلمين أهل الصلاح الذين كانوا يبدؤون بإصلاح نفس المسلم كما يعلمونه العلم الآن تأخذ شهادات وعلم وأنت عالم لكن لم تتدرب على السلوك فالسلوك صار ضعيفاً لأن الناس لم يعد يهتموا يهتم فقط بالدراسة. ولهذا إذا كنت ممن قد نجاهم الله من البغضاء أخوين متصارمين أو عاقٌ لوالديك أو سلم الناس من لسانك أو سلم الناس من يدك فأبشِر بأن الله سبحانه وتعالى في عرفة مغفور لك سواء كنت في عرفة أو خارجها إذا دعا لك أحد الناس بالمغفرة. وكلنا نحن قد أوصينا العشرات بأن يسغفر لنا في عرفة
د. نجيب: هؤلاء في عرفة وعنا نحن الذين هنا؟
د. الكبيسي: إذا كنت تتمنى أن تكون معهم ومثلهم في مثل هذا المكان وتشعر بالشوق إلى هذا المكان الذي قد تكون زرته أو لم تزره فحينئذٍ أنت معهم إن شاء الله (إن الرجل ليحب القوم لا يلحقهم بعمل فيبعث معهم بحبه لهم).
مداخلة من الأخ محمد العمير من السعودية أنشد فيها بعض الأبيات الشعرية
د. الكبيسي: هذه الليلة ويوم غد من الأيام المباركة فعلاً الكل كل المسلمين الآن خاصة الآن في عصر التلفزيون يشهدون المناسك ويشهدون الناس في عرفة كل المسلمين الآن يجددون إيمانهم وعلاقاتهم ويزداد أملهم بالله عز وجل وخاصة في هذا العصر الذي كثُرت فيه آلام ومصائب المسلمين في كل مكان من حيث أنه تمالأت عليهم الأمم كما في الحديث (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم) وقد حصل هذا ولكن الله غالب على أمره ما تضيق إلا ويأتي الفرج بعدها إن شاء الله. ولذلك هذا النشيد الذي سمعناه والذي نسمع بعضه من هنا وهناك قطعاً يداوي الجراح ويرقّق القلوب لأن هذه الأيام المسلم فيها يرقّ ويتعافى ويصالِح من يُخاصِم ويعطي من كان قد منع ثم يجدد الإيمان (الإيمان يبلى كما يبلى الثوب فجددوه بالشهادتين) فالحمد لله رب العالمين أمة مباركة مواسمها في هذا الباب كثيرة يعني هذه أيام الله التي عددناها من المواسم فما من مسلم إلا وينهض وينشط من جديد في ليلة القدر في النصف من شعبان في ذي الحجة في عرفة وما أكثر هذه الأيام المباركة.
د. نجيب: ركزت على قصة الأذكار والاستغفار في هذا اليوم يوم عرفة ماذا بالنسبة للصيام؟
د. الكبيسي: كما قلنا قبل قليل من فاته صيام يوم عرفة فقد فاته خير كثير ماذا لو أن الله سبحانه وتعالى حرمك من هذا اليوم تبقى ذنوبك في العام الماضي والعام القادم على حالها! ولو أن الله سبحانه وتعالى شرّع أسباباً كثيرة كالمرض والألم والفقر والحزن والهمّ وما أكثرها ولكن هذا يوم مبارك أنه من أيام الله (وذكرهم بأيام الله) هذا يوم مضمون إن الله يُشهِد كل الملأ الأعلى على أنه غفر لأهل عرفة ولمن استغفر لهم أهل عرفة وبحبك لهم وبالدعاء لهم وبشوقك لذلك المكان فأنت معهم إن شاء الله. فنحن في يوم من أيام الله عز وجل الخير فيه عامّ يكفي أن الرحمة التي تنزل على أهل عرفة فتعمّهم جميعاً ويبقى منها شيء كثير لأنه (وسعت رحمتي كل شيء) حينئذٍ هذه تتوزع على كل المسلمين على شرط كما قال الدكتور نجيب أن يسلم الناس من لسانك ومن يدك قد تكون قد فعلت ولكنك تبت إلى الله (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) إياك أن تكون الآن الناس يعانون من يدك أو من لسانك تقتل وتحبس وتسرق وتعتدي أو لسانك بهذا وذاك غيبة ونميمة وشتماً وسباباً الخ ثم أخوان متصارمان كل من له أخ لا يتكلم معه عليه أن يستغل هذا اليوم من الآن يقول يا أخي السلام عليكم سامحني هذه الكلمة ابعث له برسالة إذا كنت مكسوف أو الآن عندك موبايل ابعث له وقل يا فلان السلام عليكم نحن في ليلة عرفة أرجوك سامحني فكل الذين ذهبوا إلى الحج أرسلوا لنا مسجات أرجوكم سامحونا نحن رايحين للحج ما أحلاها وما أجملها. يعني هذا يسمونه العجز فالمسلم الذي يعجز عن أن يستحوذ على الأجر في هذا اليوم عاجز فلا يلومنّ إلا نفسه فقد فاته خير كثير ولكن هذا إن شاء الله معدود في هذه الأمة إلا من أراد الله به شرّاً.
الدكتور نجيب: من الملاحظ في هذا الدين أن الله سبحانه وتعالى قد طوى الزمان والمكان للنبي صلى الله عليه وسلم بالإسراء والمعراج ثم على هذه الأمم بأن طوى لهم الزمان كله ليلة واحدة تعادل العمر كله، يوم واحد كيوم عرفة تكفر السنة التي قبلها وإن شاء الله السنة التي بعدها، يوم عاشوراء، المكان الصلاة في الحرم النبوي الصلاة في المسجد الأقصى والله أحدنا يعيش ستين سنة وخمسين سنة وكأنما عاش كما عاش سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام،
الدكتور الكبيسي: لا شك أن الله تعالى أكرم هذه الأمة إكرامات لا يدركها العقل المجرّد ولكن هذا لا ينفي أن الله عز وجل أكرم كل الأمم التي بعث إليها أنبياء وإن تختلف فلهم صلاتهم وأماكن يعبدون الله بها ومكان يحجون إليه ولكن الإتباع والطاعة والاستمرار نادرٌ إلا في هذه الأمة يعني هناك حج عند اليهود وحج عند النصارى وهناك ليالي يصومونها وهناك عبادات يقومون بها لكن لو تعمل إحصاء وتقارن بين الأمتين لرأيت بوناً شاسعاً هناك أفراد بالألف واحد بل قد يكون بالعشرة آلاف واحد. هذه الأمة لا تجد فيها إلا من ندر ممن خرج ولذلك هذه الأمة فيها خير لأنها مستمرة على دينها بشكل أو بآخر بحيث حتى هذا الذي فيه ذنوب كثيرة يأمل بالله وقد يبكي في الليل ويستغفر الله عز وجل ويوحد الله تماماً ويخاف من اليوم الآخر مسألة اليوم الآخر لم تعد ترد على أحد إلا على المسلمين أصبحت خرافة نعوذ بالله. إذاً هنا قال (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آَمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) آل عمران) كنتم خير أمة هذه كلمة قالها الله عز وجل ولها مدلولها وآثارها التي لا يمكن إدراكها إلا يوم القيامة.
الدكتور نجيب: ولذلك قال اليهودي: لو علينا معشر اليهود نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) لاتخذناه عيداً” فقال عمر رضي الله عنه: أنا أعلم متى نزلت إنها نزلت يوم عرفة يوم تمام القرآن الكريم كليلة القدر التي هي ليلة نزول القرآن الكريم ومن هنا كانت هذه أشرف ليلة وذلك أشرف الأيام في ظل هذه العشر داعين المولى سبحانه وتعالى أن يقبل منا صيامنا وقيامنا ويبلّغنا هذا الأجر العظيم ويقبل من الحجاج حجهم وسعيهم مشكوراً وذنبهم مغفوراَ. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور العلامة أحمد الكبيسي حفظه الله وللشيخ حسن ابراهيم على هذه القصيدة الربانية وللمنشد محمد العمير من السعودية والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 4/11/2011م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
———————
mp3 ( بحجم 5.5 ميجا تقريباً )
على