وأخر متشابهات
الحلقة 147
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا الإمام الدكتور العلامة أحمد الكبيسي حفظه الله وفي سورة قرآنية جديدة من سور الأنبياء.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. انتهينا من سورة هود وندخل الآن إلى سورة سيدنا إبراهيم. هذه مجموعة أربع سور باسم الأنبياء عليهم السلام يوسف ويونس وهود وإبراهيم. نحن في السورة الرابعة من هذه المجموعة المباركة وهذه السورة بالذات أيضاً فيها فقط أربع أماكن فيها متشابهات لعلنا ننجزها في هذه الحلقة وحلقة ثانية فقط وننتهي من هذه السورة لندخل في غيرها. نبدأ في الآية الأولى من هذه السورة (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) إبراهيم) إلى صراط العزيز الحميد في سورة ثانية وهي سورة الحج يقول إلى صراط الحميد (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج) فقط الحميد من دون العزيز، هذا الموضوع. قبل كل شيء نحن قلنا أكثر من مرة أن ليس في القرآن أي اختلاف في حركة أو حرف أو كلمة أو صيغة ماضي أو مضارع اسم فاعل اسم مفعول إلا ولها مدلول هائل بل حتى الحركة فلماذا مرة يقول (إلى صراط العزيز الحميد) ومرة (إلى صراط الحميد)؟ إلى صراط العزيز الحميد عندما تدعو الناس إلى توحيد الله عز وجل، كل الأنبياء عندما دعوا أممهم رب العالمين يقول أنتم تدعونهم إلى صراط العزيز الحميد من استجاب أوصلتموه إلى صراط الحميد ومن لم يستجب وأوصل نفسه إلى صراط العزيز الغالب القاهر القهار الغني المتكبر الذي لا يزيده ولا ينقصه إيمانكم وعدم إيمانكم
د. نجيب: إلى جلاله وجماله
د. الكبيسي: فتح الله عليك. والحديث (ولو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم جاؤني على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً ولو أنهم كلهم كفروا ما نقص ذلك من ملكي شيئاً) إذاً فهو عزيز وأنت تتعامل مع رب قاهر قادر جبار متكبر. إذاً فهو الغالب وعليك أن تعلم أنك إما أن تصل بإيمانك به إلى صراط الحميد وإما أن تصل إلى صراط العزيز إلى صراط الحميد فتنجو، إلى صراط العزيز فتهلك هذا في الدنيا. إذاً إذا سمعت أن الله يقول إلى صراط العزيز الحميد فاعلم أن الخطاب لعباده في الدنيا الذين لم يؤمنوا. هذا الكتاب أنزلناه إليك أنت جئت على ناس مشركين يعبدون الأوثان أنت تريد أن تهديهم إلى صراط العزيز الحميد إما إلى العزيز أو إلى الحميد من آمن بك فهو إلى الحميد ومن لم يؤمن فهو إلى العزيز. إذاً نتيجة هؤلاء الأنبياء بما أنزل الله عليهم من كتب واحدة من ثنتين إما أن تصل أممهم إلى صراط الحميد وهو صراط الجنة وإما إلى صراط العزيز الغالب القاهر الجبار المتكبر وهو إلى النار هذا في الدنيا. لو انتبهت على سورة الحج لعلمت أن الله يتكلم عن الجنة ما في عزيز فقط الحميد ويقول (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج) الطيب من القول هو (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46) الحجر) ما في أطيب من هذه الكلمة في ذلك الفزع الأكبر (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) عندما يقال (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) الأعراف) ( ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ) ( وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) الرحمن الرحيم الحميد الذي يحمد على نعمه التي لم تنقضي يوم القيامة إذا كان في الدنيا رب العالمين كما تتكلم في نفس الآية بعد قليل (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم) مرة يقول (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) ومرة يقول في سورة النحل (إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) النحل) إذاً في الدنيا لو أنت عديت نعمة الله لا تحصيها فكيف في الآخرة إذاً؟ ذلك النعيم المقيم (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان) إذاً هذا هو الأمر. العزيز عليك أن تخاف (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) الزمر) (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) السجدة) وهكذا حينئذٍ (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) البقرة) أنت في الدنيا عليك أن تخاف فالخوف ضرورة من ضرورات الإيمان ولذلك رب العالمين عز وجل يخيرنا في هذه الدنيا ثم يخيفنا ويؤمننا وحتى لو كنت نبياً عليك أن تخاف. فالنبي صلى الله عليه وسلم سألوه أنت تصلي حتى تورمت قدماك قال (أفلا أكون عبداً شكورا)؟. إذن هكذا هو الأمر في الدنيا أنت تتعامل بين السلب والإيجاب أنت بين إصبعين من أصابع الرحمن ليس هناك ضمانة إلا رحمته (لن يدخل الجنة أحدكم عمله قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته). إذاً عليك أن تخاف من الله وماذا يعني خوف الله؟ ولذلك الذي يخاف الله في الدنيا هذا في غاية الجمال ولهذا قال (من خافني في الدنيا أمنته في الآخرة ومن أمنني في الدنيا أخفته في الآخرة) هذا كله في الدنيا أنت تتعامل مع العزيز الحميد كلكم ساعة مع العزيز وساعة مع الحميد هذا أنت المؤمن ويقول سيدنا عمر (لو لم يدخل النار إلا واحد لخشيت أن أكون أنا ولو لم يدخل الجنة إلا واحد لرجوت أن أكون أنا) فكل من يسمعني هكذا لما تقرأ رحمة رب العالمين تقول إن شاء الله أنا ناجي ولما تقرأ عذاب رب العالمين تقول أنا هالك شوية غيبة وشوية كذا مع أمك مع أبوك مع جارك قليل من الربا يعني نحن هلكى ومرة تتذكر قوله صلى الله عليه وسلم (كل أمتي يدخلون الجنة) (من قال سبحان الله وبحمده مائة مرة غفر الله له) والذي يحج يغفر له والذي يصلي الجماعة يغفر له وإذا أصابه صداع يغفر له أو حمى يغفر لك شوية حزن يغفر لك مرة تقول والله الجنة تحت يدي ومرة تقول لا، بعيدة والله النار أقرب لي هكذا. ويقول صلى الله عليه وسلم (ما هلك عبد بين الخوف والرجاء يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه هكذا. لكن هذا في الدنيا في الدنيا إلى صراط العزيز الحميد مؤمنكم وكافركم بين هذين الموقفين لكن أنت وصلت الجنة الآن وصلت الجنة وادخلوها بسلام آمنين واستقبال حافل من ساعة البعث تستقبل استقبال الملوك وفي الجنة تستقبل كأنها ملك لأبوك كأنك وحدك في الجنة من شدة الإكرام قال (وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ). من ساعة ما يبعث العبد المؤمن بالله عز وجل يرى الناس يرى مملكة حوله حتى في حديث أن هذا العبد المؤمن يأتيه واحد فيسجد له المؤمن من جماله وهيبته فيقول ماذا تفعل يا سيدي؟ فيقول: ألست أنت الله؟ من شدة جماله فيقول لا، أنا سيد خدمك رئيس خدمك. إذن هناك (وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) فعلينا أن نعمل جاهدين على الأقل في حسن الخاتمة أن نعمل على أن نكون ممن يُهدَون يوم القيامة إلى صراط الحميد إلى الكلام الطيب ينادي منادي في ذلك الفزع الأكبر الذي يجثو الأنبياء فيه على الركب الأنبياء من شدة يعني تصور لو صار زلزال في مدينة حتى ملك المدينة يخاف، زلزال هائل! يعني التسونامي لما وقع في بعض الدول حتى ملوك تلك الدول يخافون لأنه عام الجو كله مخيف هكذا يوم القيامة الأنبياء عليهم السلام يجثون على الركب من شدة الفزع وهناك من عباد الله قال (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103) الأنبياء) هذا عندما تتلقاك الملائكة بدأت معك هذه الآية (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) ما تسمع إلا طيباً تستقبل استقبال الملوك وطبعاً هذا يتفاوت على حسب العمل في أبواب مثلاً باب الريان للصائمين، الحكام العدول، العلماء العاملون كما كانوا في الرعيل الأول والحمد لله لا يزال بعضهم موجود هنا وهناك يعني هناك عبادات يفعلها الكبار لشدة صعوبتها، الشهداء مع النبيين والصديقين والشهداء يستقبلونهم استقبال ملوك يعني حتى واستقبال ملوك الآخرة وليس ملوك الدنيا مهما كان يعني مكانة الملك في الدنيا لا تساوي واحد من تريليون من مكانة الملوك يوم القيامة. إذاً الفرق بين صراط العزيز الحكيم جاءت مرتين في القرآن الكريم في سورة سبأ وفي سورة إبراهيم ومرة واحدة في الحج (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)) ما في أطيب من القول يوم القيامة في ذلك الخوف والأنبياء جاثون والناس ترتعش ويصيح يا فلان ابن فلان قم فادخل الجنة بسلام يا الله! على رؤوس الأشهاد (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ) حينئذٍ هناك (وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) طبعاً الصراط هو الطريق الموصل بين ضفتي جبل داخله نار أو هلاك وكلنا رأينا مضائق في العالم وعليها جسر إذا صار خلل تطيح فوراً في الوادي انتهيت هكذا هو الصراط الذي جسر على جهنم إما صراط العزيز على النار على طول صراط الحميد عالجنة على طول وهذا ما تعرفه ولا تضمنه إلا عندما تُنادى بالكلم الطيب (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ) (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ). هكذا إذاً هذا هو الفرق بين الآيتين صراط العزيز الحميد في الدنيا وصراط الحميد في الآخرة نسأله تعالى أن يجعلنا ممن يقال لهم (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ) إن شاء الله،
د. نجيب: ولهذا يتبين سر تذييل كثير من الآيات القرآنية (إن الله عزيز حكيم) لو تأملنا غالبها وعيد.
د. الكبيسي: هذا في الدنيا لكن عندما تصل (أولئك لهم الأمن) الأمن هناك ومهتدون إلى أماكنهم. وتدري هناك في الجنة أنت عندك مملكة بقدر الدنيا مائة مرة وأنت هناك كل شيء يتحرك على حسب دماغك أنت عندك مملكة بقدر الدنيا وعندك بيت في روسيا وبيت في بريطانيا فقط أنت تتوجه إلى بيتك بروسيا في ثواني يعني قوانين أخرى وحينئذٍ أنت في هذا النعيم المقيم (وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) من أين؟ من هذا الذي وصلت إليه وتحته مهلكة فهناك صراط العزيز الحميد أنت في الدنيا ما تمشيه لأن هذا الصراط يجوز يكون بين ضفتين نفسه يؤدي بك إلى النار أو إلى الجنة وبالتالي أنت في الدنيا إلى صراط العزيز الحميد إما هنا وإما هناك. هناك لا إذا أنت حكمت بالجنة وقال لك ادخلها يالله ونحن رأينا بعيننا في بعض الدول العربية فيها محاكم عسكرية فرضاً حصل انقلاب في دولة عسكرية مثل العراق أو سوريا لو تعرف ما الذي يحصل!! خيال وبعدين 200 ضابط يعدمون مثل النمل وإذا في وسط هذا وجد واحد بريء ويخرجونه من هذا، واحد من كبار السياسيين في العراق علق في المشنقة اسمه عبد الخالق وهو أسس حزب البعث العراقي وهو بالمشنقة ستنزل عفو عنه علقوه وهو يهذي، حينئذٍ تصور أنت في هذا الفزع الأكبر يوم القيامة أي إعدام أي مصيبة هناك شيء خيال يعني يؤتى بأسعد إنسان على وجه الأرض ويشم رائحة النار ويسألونه: هل رأيت نعيماً قط؟ يقول لا، فقط الرائحة. ولهذا صراط الحميد هناك يعني إذا فزت بالاسم وأنت تعرف أن الحساب يوم القيامة كما لو لم يكن أحد غيرك كما أن هذه ساعة الحساب ما في غيرك فتحاسب بكل التفاصيل
د. نجيب: وما خلقكم وبعثكم إلا كنفس واحدة
د. الكبيسي: فتح الله عليك. يعني صوت وصورة ترى كل شيء فأنت هالك إذاً وإذا يقال لك عفو تفضل على الجنة! يا الله يا لها من فرحة (لا يحزنهم الفزع الأكبر) هذا الفرق بين الآيتين إذا مريت بالعزيز الحميد قل يا ربي سمعنا كلام الحميد يوم القيامة، هذا الموضوع الأول.
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) إبراهيم) – (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) النمل)
الموضوع الثاني آية 32 في سورة إبراهيم يقول (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) إبراهيم) في النمل 60 نفس الشيء (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) النمل) فيها لكم، لماذا في إبراهيم (أنزل من السماء ماء) وفي النمل (أنزل لكم من السماء ماء)؟ هذه الزيادات ليست بلا معنى إطلاقاً.
أم أحمد من عجمان: ذكر د. أحمد أنه في الآخرة الإنسان يُحاسب على كل الأعمال التي عملها وماذا عن العمل الذي أخطأ به ثم تاب عنه توبة نصوح هل سيعرض؟
الإجابة: كله مكتوب وكله سنراه في أن هذا الذنب الله سبحانه وتعالى تاب عليك منه يا بنتي (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء) وحينئذٍ سوف ترين كل شيء الذي تبت منه والذي عليه عقوبة يعني ولهذا من أين يأتي الفزع الأكبر؟ لما ترين أمامك سجلات كبيرة كل صغيرة وكبيرة عملتيها في حياتك وواضح كيف نحن الآن عندنا الأجهزة الإلكترونية توضح كل شيء هناك كتابك واضح وضوح الشمس (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) ولهذا لا تخافين
أم أحمد: دكتور العفو ألا تبدل سيئاتنا حسنات؟ يعني تعرض ثم تبدل؟؟
الدكتور الكبيسي: طبعاً وإلا أين الفرحة إذاً؟! يقول لك هذه عملت كذا عملناها حسنة هذه غفرناها لك لا وعليك ذنوب كنت نسيتيها وهكذا ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من نوقش الحساب هلك، من نوقش الحساب عُذِّب) والله يا بنتي لو رب العالمين يحاسبنا رحنا في ستين داهية ولهذا على كل من يسمعني أن يتتبع الأحاديث التي تقول “غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر” لكي لا نحاسب. والله يا أولادي يا أخواني يا أمهاتي يا آبائي والله إذا حاسبنا رب العالمين من الخجل سنموت، تقول الآية (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) غافر) ما هي السيئات؟ السيئات العرض فرب العالمين قسم من عندنا ما يحاسبهم من البعث على الجنة على طول ما في حساب يدخلون الجنة من غير حساب هذه الراقية وفي ناس يحاسبون حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسرورا قالوا: يا رسول الله ما الحساب اليسير؟ قال: العَرْض. يعني عندنا حالتين حالة على طول على الجنة من غير حساب وهذا مرتاح جداً الثاني يُعرَض على الله (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) الكهف) ورب العالمين ينظر في الصحيفة يقول ودوه على الجنة، بهذا العرض من حياك فهناك هذه الصحيفة التي رب العالمين يشوفها أنت تعرف كل شيء فيها كل الذي سويته فمن الخجل يذوب شحم وجهك وثم يقول خذوه على الجنة أما ذاك الذي يحاسب يا لطيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم (فذاك الذي أثقل ظهره وأوبق كاهله وذاك الذي أشفع له) إذا كان من أهل القِبْلة ولم يقتل أحداً (لم يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حرام) يصب ما قال يقتل سواء كان قتلاً أو رضي بالقتل وفرح يعني ولنكن واقعيين نحن الآن في مصيبة سوداء في العالم العربي أنت ما قتلت لكن لما قتلوا فلان أنت فرحت لأنه هو من طائفة وأنت من طائفة هو من حزب وأنت من حزب أنت من جماعة الحكومة وهو ليس من هذه الجماعة فلما أعدموه أنت فرحان.
د. نجيب: ولذلك الله تعالى عاقب القوم مع أن الذي عقر الناقة واحد ولكن الدمدمة والعذاب جاء على الجميع (فعقروها). لنا عودة بعد الفاصل.
———-فاصل———-
د. الكبيسي: الآية الثانية في إبراهيم (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) وفي سورة النمل (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) ما هي فائدة هذه شبه الجملة الجار والمجرور (لكم)؟ أنتم تعرفون أن الماء له قدسية هائلة (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ (7) هود) (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) الأنبياء) وعنصر الماء في هذا الكون عنصر خيالي إلهي مباشر، الماء خلقه الله سبحانه وتعالى وهو الذي ينقله من مكان إلى مكان بكل الطرق بالسيول بالأنابيب بالآبار بالبحار يعني مصر كان فيها خمسة أنهار النيل والآن فها نيل واحد ولهذا قال فرعون (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف) بقي فيها واحد. العراق كان فيه سبعة وبقي فيها اثنين، توجد أماكن ما فيها ماء وطلع فيها ماء عذب وهكذا هذا الماء أعجوبة من ضمنها هذا الغيث اللهم اسقنا الغيث. وبالتالي إنزال الماء نوعين نوعاً قانون رب العالمين عنده قوانين تصير بخار وشمس وضباب وهواء حار هواء بارد تتشكل غيوم وينزل مطر في كل مكان في الأرض قد ينزل في مكان مجدي في أرض خصبة ينزل مطر يطلع عشب وكمأة وفقع وأشجار ولهذا أفريقيا إذا وقع مطر عاشوا وإذا ما وقع ماتوا هم ومواشيهم وهذا في كل مكان في العالم. ليس هناك مكان حتى لو كان في أنهار كثيرة كالفرات والنيل لا يُستغنى عن المطر نحن في العراق إذا ما نزل مطر الناس تموت هناك أماكن لا تصلها مياه الأنهار في الأماكن البعيدة والنائية والصحراوات هناك ناس تعيش بالملايين وعندهم مواشي وبقر وغنم وإبل وكل شيء. فرب العالمين إما أن ينزل الماء حسب القوانين الطبيعية التي خلقها لكل البشرية هذا أنزل من السماء ماء (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً). أحياناً رب العالمين عز وجل ينزل في مكان ما في زمان ما مطر من أجل هؤلاء لأنهم فعلوا شيئاً استجاب الله لهم فأنزل مطراً يعني كالاستسقاء مثلاً فالأول عام والثاني خاص (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) أنزل لكم انتم بالذات أنتم يا أهل دبي وأتذكر قبل سنين كان عندنا استسقاء بالدولة كلها وفعلاً حينئذٍ أمطرت مطراً شديداً قبل أربع خمس سنين وهذا في كل مكان يقول هذا أنزل لكم، لماذا؟ لأمرٍ ما رب العالمين استجاب الدعوة في هذا العام وقد يكون في عام آخر ما يستجيب لأمر ما أيضاً فهذه لكم (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) تعني إنزال الماء بالشكل الزمان والمكان المحددين لأمر يعلمه الله عز وجل إما عبادة أو حاجة أو بشفاعة صالح يعني مثلاً اقرأوا التاريخ. والغريب وانتبهوا لهذا لما ينزل الماء تحت عنوان (لكم) فقط أنتم في هذه المدينة استسقيتم بأمر ما والله أنزل عليكم المطر هذا الماء فيه بركة خيال يعني مثلا رب العالمين أنزل ماء زمزم لسيدنا إبراهيم وابنه بالذات ولهذا هذا الماء فيه بركة خيالية أولاً يبقى ليوم القيامة لا يغور هناك أنهار غارت في التاريخ في مصر أربعة أنهار كبيرة انتهت الآن الفرات الذي في العراق يكاد يغور وهذا عندما كنا أطفال الذي يعبر الفرات نعطيه جائزة لأنه كان كبير جداً، الآن أطفال يعبرونه بأرجلهم يعني بعد عشر عشرين سنة لن يوجد ماء الفرات يمكن العراق يعطش. وهناك أماكن يتفجر فيها الماء يعني مثلاً زمزم دعوة سيدنا إبراهيم (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) إبراهيم) قال الله تعالى افتحوا لهم ماء هنا إلى يوم القيامة أخصب من دجلة والفرات يعني هناك أنهار نضبت وهذا ما نضب وإلى يوم القيامة وليس هذا فقط فهذا الماء أعجوبة صيدلية (ماء زمزم لما شُرِب له) وكلنا جربناه عندنا سعال عندنا نزلة عندنا كذا والله العظيم إذا أيقنت بهذا الحديث إلا تشفى وقس على هذا وأنا في حياتي رأيت من رأى بعينه عجائب من هذا الذي أنزل لكم أنتم بالذات. أمثلة مثلاً في قرية ما في البادية شبه بدوية لكن مستقرة عندهم آبار ونخيل النخيل تنمو بالماء المالح وكل الآبار مالحة ولما يريدون ماء عذب النهر العذب يذهبون على الحمير أو البغال يمكن ساعتين أو ثلاث ساعات ليأتون بشوية ماء يوم من الأيام جاءهم ضيف والضيف معروف اسمه الشيخ إبراهيم الراوي كان من الصالحين ومعروف أن هذا الرجل من أهل الله جاءهم في هذه القرية ورأى أن عندهم أزمة كبيرة بالماء العذب طبعاً أنا رأيت الذين رأوا هذا يعني أنا لما كنت طفلاً كان هناك ناس بالثمانين أعمارهم وحكوا لنا يمكن ولا مائة واحد كانوا موجودين في تلك الحادثة. قال جاء إبراهيم الراوي وهو معروف عند كل الأنبار أن هذا الرجل كان صالحاً ولا نزكي على الله أحداً فضاف هذه القرية قالوا له عندنا خمسة آبار كلها مالحة نسقي فيها الإبل والزرع والنخيل لكن الشرب نجلبه من النهر أخذهم قال تعالوا معي وراح على هذه الخمسة آبار حتى وصلها وتحتاج إلى نصف ساعة لتصلها ويقولون لما صار إلى هذه الآبار قال أنا سأنام هنا وإياكم أن توقظوني مهما حصل حتى لو رأيتم الأفاعي تأكلني خلوني نائم لا أحد يوقظني هذا الرجل غز رمحه ونام بجواره والناس متعجبين من أمره تمدد الرجل ونام! حسوا عليه أن هذا غاب عن الوعي والله قسم منهم وأنا رأيتهم بعيني كانوا في الثمانينات قالوا وإذا فجأة من تحت الرمح ظهر شوية ماء فصار أخضر شوي شوي الماء سال وانتشر الماء وكاد أن يغطي الشيخ وقد كان نائم في مكان منخفض كأنه حفرة فاختصموا الناس يا جماعة صحوه قالوا لا هو قال لا توقظوني الخ وفي الأخير صحوه ولما صحوه قال ألم أقل لكم لا تصحوني؟ الحاصل قال لو أنكم ما أيقظتوني لصارت هنا بحيرة وفعلاً هذا المكان أنا دخلت فيه وشربت منه وسموه البئر العذي وإلى هذا اليوم موجود ويغرفون منه بالآلاف من هذه الأواني ولا ينضب يسمونه البئر العذي والذي هو العذب هذا رأيته بعيني. وتعرفون القصة الثانية التي في قرية أخرى بالموصل أنا رأيتها بعيني أيضاً هذه لكم خاصة لكم أنتم بالذات كما سيدنا إسماعيل فُجرت له زمزم فُجرت هذه العين ولا يزال إلى الآن في غاية العذوبة وحوله خمسة مالحة فقط هذا، هذه لكم انظر لكم كم هي عظيمة. الثانية كل القرى العربية والإسلامية أصحاب مواشي وزراعة فهذه مصادر الثروة ما في غيرها، هذه القرية هم أهل زراعة وما جاء مطر والاستسقاء في هذه القرية على السُنة فأهل القرية ناس صالحين يعني محافظين هذا الكلام تقريباً من حوالي أربعين سنة والسنة في الاستسقاء أن تخرجون مع المواشي إلى خارج المدينة وأنتم لابسين ملابس أسمال وتستغفرون يا رب العالمين اسقنا الغيث ومعكم مواشيكم والخيل والبغال والحمير والبقر الخ وفعلاً هي أربعة أيام المفروض إذا ما جاء مطر أول يوم ثاني يوم ثالث يوم ما في مطر وكان في تلك القرية كان واحد شبه مجنون متخلف لا أحد يتكلم معه لابس ملابس أسمال ويسمونه نافع وهذا يلملم وساخة من الشارع وإذا وجد لقمة أكلها ولا يتكلم مع أحد ويعرفون أنه ساكن في مكان كله خرائب وسيارات قديمة عنده غرفة من صفيح ويسكن فيها وحده ويعرفون أن هذا مسكين يعني عقل ما فيه فلما في اليوم الرابع ما في مطر واحد كان يمزح وقال جيبوا نافع خلوه يستسقي لكم فضحكوا ونافع مسكين هذا وواحد يمكن عنده صفاء عقل يعرف أن نافع هذا عبد من عباد الله ورب العالمين مع المنكسرة قلوبهم وفي الحديث (رُبّ أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه) وذهب إلى نافع يطلبه ونافع يرفض ويرميه بالحجارة فقال له يا نافع شوف الناس فقراء عطشى ما ترحمهم؟ ما ينكسر قلبك عليهم؟! وبدأ يكلمه كلام يفهمه وإذا به ليس نافع المجنون الخبل أصبحت نظراته حادة وصار جاد ومشى معه بهدوء إلى أن وصل إلى الجماعة والناس يضحكون جاء نافع جاء نافع وهم بالمئات الخ جاء نافع فتيمم وصلى ركعتين والناس حوله طبعاً أنا رأيت الذين رأوه وهم يحكون لي أنا، يقول لما قام يصلي هذا ليس نافع الذي نعرفه ويضحكون عليه الأطفال! ما هذا الخشوع ووجه تحول وانقلب إنساناً آخر والناس لما رأوه هكذا بدأت الضوضاء من حوله، المهم انتهى من الصلاة وجلس على التحيات قال يا ربي سأنزل رأسي ولن أرفعه حتى تمطر يا أرحم الراحمين ثم نزل رأسه حتى كادت تطق الأرض يقول والله العظيم ما هي إلا دقائق حتى شيء أسود بالسماء كأنه صحن، هذا الصحن الأسود بدأ يكبر ويكبر وإذا بها غيمة تعم المدينة كلها ثم بدأت تمطر حتى أن بعض السيارات التي كانت موجودة والتي جاء بها بعض الناس ما استطاعت أن تعود من شدة المطر لهذا الإنسان هذا (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) لكم أنتم لأمر ما بمكان بزمان. وحينئذٍ عليك أن تستمطر المطر بصالح بعمل بصالح بمجموعة صالحة، وماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لولا البهائم لم يمطروا) قد تكون لأجل البهائم، لكم أنتم بالذات في هذا المكان ولا أحياناً يكون مطر في صحراء ما له قيمة
د. نجيب: ولهذا كان سيدنا عمر بن الخطاب يستسقي بآل بيت رسول الله وعلى رأسهم سيدنا العباس عمه صلى الله عليه وسلم.
د. الكبيسي: هذه (لكم).
——–فاصل———–
مريم من أبو ظبي: تكلمت شيخي في الآية السابقة أن الأعمال تعرض, أي عمل نعمله يعرض لرب العالمين ونحن دائماً نخشى البشر وما نخشى الخالق دائماً يعني مثلاً أنا أفكر في يوم الحساب دائماً نكون خجلانين من البشر أكثر من خجلنا من رب العالمين فهل هذا يعتبر قلة خوف من رب العالمين؟
الإجابة: قطعاً هذه من نقائص الأعمال والعبادات ولهذا هناك أناس ما يسألون في العالم ولا شيء ولا يخاف إلا من الله عز وجل ولا يستحي إلا منه ولكن الله عز وجل يعرف هذا ويعرف هذا ولهذا ليس لنا أمل يا بنتي إلا بالمغفرة من رب العالمين، اثنين بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم (شفاعتي حق لأهل الكبائر من أمتي) وللأسف الشديد أن بعض الناس ينكرونها الآن والنبي قال (فمن أنكرها حُرِمها) هذا الضمان يعني واحد عنده هدية ويقول ما أبغاها شفاعته حق لأهل الكبائر الذين ماتوا ولم يتوبوا منها. أما التوبة هذه أعجوبة حتى لو تبت قبل الموت بساعتين (ما لم تغرغر) وكلنا عندنا كبائر وربما نكون قد نسيناها الله أعلم نغتاب غيبة أكلت حراماً عاق لوالديك قاطع رحم يوم من الأيام يعني عندما كبائر غافلين عنها هذه تودي في ستين داهية كما يقول المصريون يعني (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) النساء) كلنا لا بد أن يكون عندنا كبيرة وناسينها ونموت ونحن لم نتب منها ما لنا أمل إلا الشفاعة وفي ناس يقول الشفاعة لأمتي وليس لكل واحد لأمتي قد يكون مسلماً ولكن ليس من أمة محمد القاتل ليس من أمته مفصول الذي ما يصلي ليس من أمته ما يصوم رمضان ليس من أمته عاق لوالديه أو قاطع رحم مفصولين إذا واحد ما عنده كل هذه صلى الله عليهم وسلم يشفع لهم واحد واحد بحيث ينجون من ذلك.
اتصال من أم عثمان من السعودية: سؤالي عن آيتين في سورة التوبة (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ (94) التوبة) (سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ (95) التوبة) ما الفرق بين رجعتم وانقلبتم؟
الإجابة: الانقلاب غير الرجوع فالرجوع اعتيادي يأتي عن النصر شوفي واحد راح تاجر وربح وجاء يقال هذا رجع وإذا خسر يقال انقلب ولهذا في الحالتين بعض المسلمين تخلفوا عن الحرب هذه عن المخلفين. بل أحياناً النبي صلى الله عليه وسلم انتصر هو والجيش هذا رجعوا وأحياناً لا، المسلمين خسروا كما فعلوا في أُحد خسروا وانقلبوا لكن هناك قس انسحبوا فهذا هو الفرق بين رجعوا وانقلبوا.
إذا كان الأمر كذلك فلكي تستديم النعم لما قال (وَأَنْزَلَ لَكُمْ) لكم أنتم بالذات لكونكم استغفرتم لكونكم كذا فيكم صالح فيكم بهائم جائعة أو عطشى فيكم شيوخ ركع والأطفال الرضع والبهائم الرتع هذه كلها عند الله لها جاه. إذاً فعليكم أنتم الذين استفدتم من هذا الماء الذي نزل لكم ليس نزل فقط على كل الناس لا لكم أنتم فقط أنتم القرية المدينة الشعب الوادي فعليكم بالشكر حينئذٍ لأن الشكر هذه العبادة التي يتمناها حتى الأنبياء (واجعلني من الشاكرين). يعني مثلاً (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147) النساء) هذا سيدنا لوط (نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) القمر) (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ (19) النمل) يعني بعد أربعين سنة يقول يا ربي أوزعني أن اشكر نعمتك لا تخليني أنسى، وفي الحج مطلوب منك ليس فقط الحج وإنما (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) البقرة) ( وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)المائدة) (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) النحل) أنت لاحظ كل النعم وراءها ولعلكم تشكرون (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) فإذا كان الشكر للناس بهذا الفضل فكيف الشكر لله عز وجل؟! ولذلك الشكر يديم النعم فبالشكر تدوم النعم وتزداد النعم ولذلك قال (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) إبراهيم) من أجل هذا علينا أن نعرف إذا أردنا أن نستدرج رحمة الله وعطفه وكرمه علينا أن نشكره. وعليك أن تفهم ماذا يعني الشكر؟ فهناك فرق بين الذكر والشكر أن تذكر الله شيء وتشكره والله غني عنك فالشكر لنفسك والذكر لنفسك ولهذا الشكر استعمال النعمة في طاعة الله إذا الله أعطاك فلوس خلي منها قسم للفقراء قسم للمساكين أدى زكاتها وأدي زكاة الجاه إذا الله أعطاك جاه أدّي زكاة الجاه
د. نجيب: (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ) وليس فقط باللسان
د. الكبيسي: ليس باللسان بل بالعمل هكذا إذاً فأنت عندما تشكر تشكر لنفسك فالله غني عن ذلك (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) يعني هذه الآية ينبغي على كل من يقرأها أن ينتبه (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) فادعو اللهم اجعلني من القليل لعل الله سبحانه وتعالى يلهمك شكره، ما ألهم الله شكره لعبد إلا كان العبد صالحاً (إنا وجدناه صابراً نعم العبد)
الدكتور نجيب: ذكر المؤرخون الطبري وغيره أن المسلمين عندما فتحوا مصر كان النيل يفيض مرة كل سنة يعني فيضاناً كبيراً يغرق فيه القريب والبعيد وتغرق القرى ورأوا أنهم قبيل هذا الفيضان يبحثون عن ملكة جمال مصر ويأخذون هذه الملكة ويلقونها في النيل اعتقاداً منهم أن هذا فداء للنيل ليتوقف عن الفيضان فلما رأى أنهم يعملون مسابقة ملكة جمال مصر لكي يأخذونها ويرمون بها في النيل منعهم عمرو بن العاص لكنهم قالوا أن النيل سيفيض علينا إذا لم نفتدي بهذه الفتاة الجميلة فأصر المصريون الأقباط الغير المسلمين فكتب إلى عمر بن الخطاب فعمر بن الخطاب بعث رسالة إلى نهر النيل قال له (من عمر بن الخطاب إلى نيل مصر إن كنت تفيض من عندك ففض حيث شئت وكما شئت أما إن كنت تفيض بأمر الله ومن عند الله تعالى فاعلم أن نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) واستشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمر أن ترمى رسالة عمر مكان الفتاة فتوقف الفيضان واستقر الأمر فهذا (أنزل لكم)
الدكتور الكبيسي: انظر النقلة سيدنا عمر كان يلعب مع الأطفال وأصبح بهذا المكان هذه الأمة التي كانت أمة جاهلة أصبحت هذه الأمة الفاضلة
الدكتور نجيب: وكان يستشفع بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا إن الأولياء الصالحين كما تفضلت رب أشعث أغبر موجودين بين أيدينا نعمة وقد لا نعلمهم وهؤلاء يدفع الله بهم عنا البلاء بوجود هؤلاء بين أظهرنا
الدكتور الكبيسي: كما في نص الحديث أن الله يدفع بهم البلاء، هذه لكم فالأمة مباركة (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات) وهذا الرجل العظيم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) يعني لو فقط بحثنا في فضل النبي علينا لمتنا فيه عشقاً ولهذا عليك أن تفرح به كما فرح به عندما ولد بعض الناس فأكرمهم الله تعالى.
الدكتور نجيب: كهذا الرجل المسيحي الذي اتصل بنا قبل أسبوع وكان ضيفاً على هذه الدولة تكريماً من حكومة الشارقة فوجئ الناس كيف أن هذا الرجل المسيحي يتغنى بالنبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في هذه المواسم الشريفة الطيبة ونحن المسلمين ربما يعني قصرنا في حقه عليه الصلاة والسلام
الدكتور الكبيسي: قصرنا فيه كثيراً وخضنا فيه خوضاً لا يليق وهو يقول (أدبوا أولادكم على حبي) ولهذا تعبث بنا الآن أفكار نعوذ بالله منها ونسأله تعالى أن ينقينا منها وأن يبعث لهذه الأمة من يأخذ بيدها إلى الصواب بعدما كثرت الآراء والأفكار والفرق والطوائف كما ترى. وإن شاء الله هذا الذي يجري في الأمة الآن قضى على كل العناوين الأخرى ما بقي إلا الإسلام وحده فلتكن أنت من أي طائفة وأي مذهب ولكن نحن تجمعنا كلمة الإسلام إن شاء الله هذا بدأ عهد جديد كما وعدنا المصطفى (ثم يعود خلافة على عهد النبوة)
الدكتور نجيب: لكن الناس خايفين في هذه الفترة التي ظهرت فيها هذه الفتن
الدكتور الكبيسي: هذه الفتن إن شاء الله مقدّمة للصفاء (لا تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين) ولهذا هذه الفتن التي تحدث الآن إن شاء الله وراءها أمة موحدة وقد فهمت العدل وفهمت الصواب ولعل الله يبعث لها رجلاً يوحدها فكرياً ودينياً كما ينبغي وكما جرى في التاريخ قروناً طويلة إن شاء الله.
الدكتور نجيب: أشارت الأخت مريم إلى قضية الحياء من الله سبحانه وتعالى وأن الحياء في الدنيا من الله مقدّم على الحياء في الآخرة ولهذا يقول القائل أستغفر الله مما يعلم الله إن الشقي الذي لم يرحم الله
هبه تجاوز لي عن كل سيئة واسوءتاه من حيائي يوم ألقاه
الدكتور الكبيسي: ولهذا شيخي هذه الآية (وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ) قالوا السيئات الخجل عند العرض، هناك من لا يعرض على طول على الجنة فهذا ما يحاسب لكن هناك ناس تعرض على الله فرب العالمين ينظر في صحائفهم يقال لما يشعر أن الله ينظر في صحيفته من خجله مما فيها يقع لحم وجهه هذا هو السيئات الخجل ولهذا نسأله تعالى أن يقينا الخجل إن شاء الله وفي حديث أن الله ينسّي الملائكة ويحذف من السجل السيئات فنسأله تعالى أن يكرمنا ويكرم كل من يسمعنا الآن أن يبدل سيئاتنا حسنات أو على الأقل ينسي الملائكة ويمسح هذه الصفحة لكي لا نلقاه بالسيئات يوم القيامة إن شاء الله.
د. نجيب: اللهم آمين. باسمكم جميعاً نتقدم بالشكر الجليل إلى شيخنا العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله على هذه الروائع القرآنية وعلى بدائع استنباطاته في هذه الآيات الجليلة فيما يتعلق بالآيات التي تبد أنها متشابهة. سنتابع بإذن الله معه في الأسابيع القادمة علماً أن الإعادة إن شاء الله غداً في الساعة الثامنة صباحاً وإلى اللقاء في الحلقات القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 24/2/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
من قسم الفيديو على هذا الرابط: