الحلقة 151
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. مع شيخنا العلامة الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في هذه الآيات المتشابهات.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. والكلمة الأخيرة في سورة الحجر الآية 52 قوله تعالى في قضية سيدنا إبراهيم (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ (52) الحجر). قصة سيدنا إبراهيم كما تعرفونها موزعة في عدة سور وتختلف الكلمات فيها اختلافاً عجيباً لكي تعطي كل كلمة زاوية من الصورة التي لم تأتي في القصة الأولى، وهذا هو شأن القصص القرآني. فتكراره أو تجزئة القصة الواحدة في عدة سور لكي تكتمل هذه الصورة على الوفق الذي أراده الله عز وجل. فقصة سيدنا إبراهيم مرة قال (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) يعني لما قالوا سلام عليكم قال نحن خائفون منكم، في مكان آخر دخلوا عليه قالوا سلاماً قال سلامٌ. إذاً مرة رد عليهم ومرة ما رد عليهم قال نحن خائفون، مرة قال (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) الذارايات) ومرة قال (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) هود) لماذا سمين ولماذا حنيذ؟؟ وهكذا اختلاف كثير في هذه القصة وكل اختلاف هو ليس اختلافاً وإنما هو جزء جديد يكمل الصورة على وفق ما تحتاجه هذه الصورة دون تلك. وهذه آخر آية في سورة الحجر بعدها ندخل إلى النحل ونكون قد اقتربنا من نهاية هذا البرنامج باعتبار أننا إذا وصلنا إلى سورة النحل ثم الإسراء ثم الكهف نكون قد انتهينا من هذا الموضوع الذي تناولنا النصف الآخر من القرآن مع نصفه الأول.
(فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) – (فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ)
نبدأ في قضية سيدنا إبراهيم في عدة سور في النحل وفي الحجر وفي هود والذاريات لماذا مرة قال (فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) ما ردوا السلام ومرة قال (فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ). طبعاً أنتم تعرفون أن الملائكة الذين جاءوا إلى سيدنا إبراهيم جاءوا على شكل بشر الملائكة يتشكلون كما تعرفون وكانوا عشرة في رواية وفي رواية ثلاثة وكلهم من الملائكة بقيادة جبريل عليه السلام كلهم أشخاص. سيدنا إبراهيم في بيت محصن وإذا به يرى البيت امتلأ رجالاً، من أين دخلوا؟ وكيف دخلوا؟ فخاف قالوا (قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) هود) استقر وفهم منهم لماذا جاؤوا قالوا له نحن جئنا على مهمة معينة والخ قالوا نحن جئنا على هؤلاء نعذبهم قال (قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (32) العنكبوت) (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) هود) حينئذٍ لما قالوا سلامٌ عليكم قال عليكم السلام. أنتم لاحظوا طبعاً في القرآن الكريم في (سلام) نكرة (فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ) (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد) (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ (46) الحجر) ومرة بالألف واللام (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) مريم) (وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) طه) وكلاهما صحيح إذا قال سلامٌ نكرة فهي دعاء سلامٌ عليك يعني أدعو الله أن تكونوا في سلام النكرة إذا جاءت موصوفة يصح أن تكون مبتدأ كما تعرفون ويعرف أهل اللغة. لما يقول سلامٌ عليكم هذا أفصح وأصحّ وأكثر شيوعاً من السلام عليكم. سلام مجرد ذكر الحقيقة المادة أنت ترى عليك السلام إخبار كأنه هذا دعاء (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) حينئذٍ هذا الفرق بين مرة السلام ومرة سلام فلما تقول لواحد سلامٌ عليكم يعني تدعو الله له أن يكون هو في سلام مثل خيرٌ لكم يعني تدعو الله أن يكونوا في خير، سلامٌ أن تدعو الله أن يكونوا في سلام هذا سلامٌ. إذا قال السلام (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) مريم) (وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) طه) معناها ذكر الحقيقة أن هؤلاء وقع عليهم السلام، هذا الفرق بين التعبيرين في قصة سيدنا إبراهيم وهي مرة سلامٌ عليكم ومرة السلام عليكم وكلاهما صحيح لكن التنكير أكثر شيوعاً وأكثر عمقاً في المعنى هذا واحد.
د. نجيب: إذن قول سيدنا عيسى عليه السلام (والسلام عليّ) مُخبِراً أما قول يحيى عليه السلام فهو دعاء (وسلام عليه)
د. الكبيسي: هناك إخبار وهنا دعاء. فتح الله عليك. ثانياً فهمنا لماذا لما قالوا سلامٌ مرة رد عليهم ومرة لم يرد؟ عندما لم يرد عليهم عندما خاف ورأى ناس داخلين عليه من أين دخلوا؟ كما دخلوا على داوود (إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) ص) الرجل كان مغلق الأبواب ويريد أن يصلي (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) ص) كان يصلي فوجد اثنين جالسين على المحراب (فَفَزِعَ مِنْهُمْ) الفزع الشيء المفاجئ هناك خوف وجيف وحذر كما تحدثنا عنها في الكلمة وأخواتها. لما قال (إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) الوجل توقّع الخوف هذا الذي جاءني هل هذا ضيف أو عدو؟ لا أعرف، هذا وجل الخوف لا أشهر البندقية عليك هذا خوف الفزع مفاجئ يعني أنت جالس وإذا يسقط من السقف أفعى طويلة تصرخ وتفزع (فَفَزِعَ مِنْهُمْ). إذن هنا قال وجلون نحن شاكّون من هم هؤلاء الناس فقالوا له لا تخف فهو كان خائفاً ناس دخلوا عليه عشرة رجال وحلوين في غاية الجمال ما هذا الجمال! إلى أن شرحوا له أنهم أرسلوا إلى قوم لوط الخ والقصة معروفة، إذن هذا الفرق بين سلامٌ قالوا سلاما ًهذه انتهينا منها.
(فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) الذارايات) – (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) هود)
بعدها مباشرة قصة سيدنا إبراهيم تعلمنا آداب الضيافة التي يحبها الله عز وجل ومن أجلها اتخذ الله إبراهيم خليلاً قال له يا إبراهيم ما اتخذتك خليلاً لأنك أعبد خلقي لي ولكن استعرضت قلوب عبادي فلم أرى قلباً أسخى من قلبك. الله سخيّ يحب الأسخياء والسخاء خُلُق الله الأعظم ويأمرنا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: “تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله يستره له في الدنيا ويغفره له في الآخرة”. إذا كان هناك عبد من عباد الله وكان سخي في ضيافته في إكرامه في عطائه لأهله لأقاربه للناس فإياك أن تنال منه لأن هذا في ذمة الله إذا سخِرت أو اتهمت أو أغلظت القول لسخيّ فإن الله سينكبك نكبة لا تخطر لك على بال “تجاوزوا عن ذنب السخي” إياك أن تقول هذا فعل فلان شيء ما دام سخياً هذا في ذمة الله كمن يصلي الصبح في جماعة في ذمة الله إذا اعتديت عليه فستأتيك النكبة سريعة، هذا واحد. فسيدنا إبراهيم أول من سنّ القرى الضيافة ما كان يأكل إذا ما في ضيف لا يأكل إلا مع ضيف بحيث لما كان طفلاً وكانت ترضعه أمه ما كان يرضع إلا أن تُرضع أمه طفلاً آخر معه. الكلام في سخاء سيدنا إبراهيم أعجوبة كما تعرفون إذاً هذه قصة سيدنا إبراهيم في مجملها تصف لك آداب القِرى طبعاً الضيف لكي تعرفون جيداً الضيف ليس الزائر فالزائر من المدينة أنت في دبي أنت في الجميرة جاءك واحد من المدينة هذا زائر قدم له الموجود حتى لو كان تمر ولبن أو تمر وقهوة أو من غدائك تغدوا مع بعض هذا زائر لا تتكلف له. أما إذا جاءك وراكب دابة أو حصان أو سيارة جاءك من أبو ظبي أو من رأس الخيمة أو من البحرين لا بد أن تذبح له ذبيحة، الذبيحة علامة الإكرام (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) وحنيذ في آنٍ واحد كيف؟ أولاً لاحظ (فراغ إلى أهله) هذا من آداب الضيافة واحد جاءك ضيف راكب حصان راكب سيارة جاءك من الكويت من العراق من البحرين من المملكة ولم يخابرك ودخل هذا ضيف حيّا الله الضيف فأنت إياك أن تأمر أهلك بأن يصنعوا طعاماً أو يذبحوا الذبيحة أمام الضيف ستُحرِجه وسيحلف والله ما تسوي أن تقول أمامه يا أم فلان اذبحي لنا ذبيحة! هذا ليس من آداب الضيافة سيضطر الضيف يحلف يمين والله العظيم ما تذبحوا وصحيح. (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ) بعد ما سلم على الضيف وأجلسه في مكانه الخ راغ أي ذهب إلى أهله خفية وبدون أن يشعر الضيف فشاور امرأته قال يا بنت الحلال هذا ضيف عزيز اذبحوا لنا ذبيحة. حينئذٍ دور الزوجة في ضيف زوجها عجيب في هذا الكتاب العزيز (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ (71) هود) قائمة على خدمة الضيوف مع زوجها مباشرة، هكذا في التاريخ العربي كله وفي الإسلام كانت النساء في عصر النبي والذي بعده إلى عهد أمي أنا وإلى الآن في هذا الجيل عند بعض الذين لا يزالون متمسكين بالقيم الرفيعة إذا جاءهم ضيف تأتي أم البيت تسلم عليه مرحباً يا ضيف كيف حالك؟ حياك الله تسلم ذاك السلام وتروح وتخدم ضيف زوجها وهي معه تماماً تودّعه تستقبله تسأل عن أهله لكي يرتاح ويشعر بأنه في بيته (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ) أولاً (فراغ) إياك أن تأمر بإعداد الطعام ثم عليك أن تعد الطعام بسرعة منذ أن يأتي الضيف لماذا؟ انظر الآية يقول لك (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) ما جلس، لما جاء الضيف حيّاك الله واستريح وأجلسه بعد ما جلس بعد قليل وإذا قد جاء (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) جاء الغداء
د. نجيب: وهذا دلالة على أن بيته كان بيت مضياف ومعد لإعداد الطعام للضيافة
د. الكبيسي: نعم ولهذا أنت لا تأتي على كل بيت في كل مدينة في كل حي في كل قبيلة هناك بيوتات معروفة بالضيافة الناس لا يعرفونهم يدخل سلام عليكم السلام، وهذا في كل الدول العربية أنا رأيتها بعيني في كل مدينة في كل قرية هناك بيت بيتين ثلاثة الله متفضل عليهم يدخل الضيف ما يعرفهم سلام عليكم السلام تجد ما يسرك من ترحاب وطعام وإذا كنت آتياً من بعيد وعرفوك يعزمون الجيران والأقارب على جاهك. هذا كما تفضلت هذا البيوت المعدة للضيافة، ومعظم بيوت العرب ومن بعدهم المسلمون بيوتهم للضيافة وفي الشريعة الإسلامية إذا كنت في أي مدينة من حقك أن تدخل على أي بيت من دون أن تعرفهم ويجب عليهم أن يضيفوك ثلاثة أيام. الضيافة ثلاثة أيام في اليوم الرابع يقولون تفضل يا فلان ماذا تأمر؟ يقول كذا وكذا. هذا واجب وإذا دخل على بيتك ولم تضيفه يشتكي عليك عند الحكومة ويغرّموك هكذا في الإسلام يغرِّموك طعام ثلاثة أيام الضيافة في الإسلام عبادة. ولهذا شيخي الضيف يدخل برزقه ويخرج بذنوب أهل الدار، هذا الطعام الذي قدّمته للضيف سيرزقك الله أضعافه، واحد. وما يبقى عليك ذنب ويقول عليه الصلاة والسلام إن الله يغفر بالطعام الذي نقدّمه للضيف للزوج الذي آمر والمرأة التي طبخت والخادم الذي قدّم الكل مغفور له بهذه الضيافة. يا الله! يعني دين في غاية الخلق الرفيع والانسانية والسخاء “إن هذا الدين لا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما”
د. نجيب:
يُغطّى بالسماحةِ كلُّ عيبٍ وكم عيبٍ يُغطّيه السخاء
لنا عودة لشيخنا الجليل بعد الفاصل إن شاء الله
———فاصل———
د. الكبيسي: (فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) جاء هو بنفسه يحمل الصينية ويحمل كذا مع أولاده مع زوجته شايل الطعام وخلاه أمام الضيف (فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) الذاريات) فقربه إليهم ما قال لهم قوموا على الطعام لا، لماذا ؟ يقول لك هذا الضيف الذي جاء من بعيد عنده سلاح وأغراضه و……واستراح فلما تقول له تفضل على الطعام وصار المجلس مليئاً بالناس سيروح ويرجع يلاقي المكان اختلط فمن إكرامه أن تقرب الطعام إليه بمعنى أن هذا الضيف اللي جاء من مدينة أخرى تجعل أمامه السفرة والطعام وتفضل الجماعة قربوا على هذا الضيف فالضيف في مكانه من آداب القرآن أن الضيف القادم هو الذي يكون في الصدارة ويقدم الطعام إليه إذا كان ثلاثة أربعة خمسة ثم يعني يكون هو محور المائدة (فقربه إليهم).
ثم قال مرة (جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) ومرة قال (فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ) نحن قلنا القصص القرآني يكمل بعضه بعضاً. الحنيذ حسن الطباخة والسمين كما تعرفون اختيار الأفضل يعني السمين كمٌّ والحنيذ كيف. يعني هو لما جاء بالعجل ليس ضعيفاً مسلولاً طالعة له عظام يعني الواحد يشوفه يقرف ضلوعه ناتئة هكذا لا، جاء بعجل سمين هذا من حيث الكيف عليك أن تقدم أفضل ما عندك للضيف وليس للزائر فالزائر كما في الحديث كان الصحابي يأتي عليك من تحت السرير طلع طبق فيه تمر تفضل كل تمر هذا زائر جاء من جيرانكم من بعض الأحياء في المدينة في مكة في دبي هذا قدم له الموجود من غدائك. وإذا أنت قدمت له أكثر من غدائك هذا معناها أنت لست معترف أن هذا صديق وحبيب وزائر، هو من يزور زيارة خاصة؟ إلا صديق فهذا لو كان غريباً كان عملت له أنت ذبيحة لكن ما دام صديقاً وما دام زائر ومش ضيف وإنما من داخل المدينة وجاء مود ومحب ويقول الحديث “ألا أدلكم على رجال في الجنة؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: محمد في الجنة وحمزة في الجنة ورجل يزور” ليس يضيف “يزور أخاه في ناحية المِصْر في الجنة” يعني ناحية المدينة يعني واحد في دبي وواحد في جميرة وواحد في البرشة تلاحظ حينئذٍ جاء وركب سيارته وزارك سلام عليكم السلام قدم له شاي معه أي شيء بسيط جداً من الموجودات هذا زائر. إذا كان من بعيد هذا ضيف. حينئذٍ الضيف تقدم له كمٌّ وكيف. سمين اختار لك أنت ستذبح خروفاً تذبح عجلاً اختار له واحد شيء يعني واضح أن له قيمة
إياد من العراق: قال تعالى (واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا ابليس أبى واستكبر وكان من الكافرين (34) البقرة) هل كان ابليس من الملائكة؟
الإجابة: هذا الموضوع سوف نطرقه في برنامج خير الكلام الحلقة القادمة والبرنامج تغير موعده من السبت إلى الاثنين الساعة الثامنة مساءً بتوقيت الامارات على قناة سما دبي.
حينئذ عندما قدّم خير ما عنده قال حنيذ، والحنيذ طبخ معروف في العراق فقط وهو المشوي ولكن لا يشوى على اللهب، على الوهج. فرق بين اللهب والوهج اللهب تضعه على النار، اللهب على النار يستوي، لا، النار هناك لكن فيها وهج حرارة يجي على وجهك هنا تخلي هذا العجل أو الخروف أو الآن عندهم يسمونه مسقوف وسيدنا إبراهيم عراقي كما تعرفون فيبدو أن هذا النوع من الطعام المسقوف والحنذ هذا من زمن سيدنا ابراهيم. حنيذ مشوي ليس على النار هذا أرقى أنواع الشيّ أنك تشويه على الوهج من بعيد شوي شوي حرارة إلى أن ينضج نضجاً عجيباً من كونه على الوهج ينزل منه كل الدهن وكل السمن وكل المضَرّة يبقى لحم صافي ليس فيه أي هذا حنيذ ما من طبخ أعظم من طبخ الحنذ أن يكون الشيء حنيذاً. والآن عندهم في العراق يسمونه السمك المسقوف يعني السمك يخلونه بعيد والنار من بعيد على وهجها جميع ما فيها من دهن وسمن وفضلات تنزل يبقى اللحم من أروع ما يكون وهكذا يضعون العجل أو الخروف على آلة يديرونه من بعيد على الوهج إلى أن يستوي هذا في القرآن الكريم قال (جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) وهذا من عادات أهل العراق ويبدو أنا كنت أظنه حديثاً لكن تبين أنه من زمن سيدنا إبراهيم، إذن صار كماً وكيفاً كماً أعظم ما عنده عجل سمين بعدين كيفاً حنذه حنذاً على طريقة العراقيين الوهج من بعيد يأتي عليه شيئاً فشيئاً ساعتين ساعة ونص حتى ينضج السمكة لكن تنضج نضجاً تستطيع أن تأكل أربع سمكات ولا يصيبك الضرر لأنه ما بقي فيها لا سمنة ولا دهن هكذا هو الأمر مرة قال سمين ومرة قال حنيذ. لما قال سمين يعني كمّ أنه أفضل ما عنده ولما قال حنيذ طبخ أعظم طباخة إذاً عليك أن تكرم الضيف بشيئين بأجود ما عندك وبأحسن طبخ. ولهذا عليك أن تعلِّم زوجتك بل على كل أم أن تعلم أبنتها عندما تتزوج على طبخة تتقنها إتقاناً عظيماً بحيث إذا جاءها ضيف من بعيد تكرمه بهذه الطبخة التي يشعر فيها بأنه أُكرِم إكراماً خاصاً (جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) هذا الفرق بين مرة في الآية يقول حنيذ ومرة يقول سمين، هذا الفرق.
أحمد من ليبيا: نحن في ليبيا نقرأ القرآن على روياة قالون ونسمع إخواننا في المشرق يقرأون على رواية حفص ونجد بعض الاختلاف ونريد برنامجاً يفسر معنى الاختلاف، ما الفرق مثلاً بين قوله تعالى (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثا (19) الزخرف) وفي رواية (الذين عند الله إناثا)؟
الإجابة: أنت تعرف أن القرآن نزل على سبعة أحرف سبعة قرآءات وكلها صحيحة ونحن في المشرق على قرآءة حفص وأنتم على قرآءة نافع وهناك كتب في القرآءات فلا تقلقوا وأنتم شعب ليبيا شعب قرّاء وفي بعض التفاسير تشرح هذه.
أبو راشد من دبي: إذا الإسلام حثّ على استقبال الضيف والترحيب فيه، هذا الضيف من هو؟ هل كل واحد يدخل عليك أنت تضيّفه؟ نحن نسمع الخطباء يقولون “لا يأكل طعامك إلا تقيّ” ونحن هنا لا نعرف هل كل شخص يدخل عليك تعتبره ضيفاً؟ فربما يدخل عليك شخص غير سوي أو مجرم وتعرف نحن اليوم عايشين في مجتمع غير عن المجتمعات الأولية.
الإجابة: كلامك في غاية الروعة وفي لبّ الموضوع فلاحظ في الآية قال (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) لأن في البداية ما سلموا تأييداً لكلامك الضيف ينبغي أن يكون معروفاً لأهل الدار وإلا قد يكون عدواً قد يكون قاتلاً قد يكون لصاً (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) الذارايات) قالوا لا تخف نحن ملائكة الخ والمثل العربي يقول “إذا سلمت سِلمت” إذا قلت السلام عليكم إذاً أنت رجل صديق وبالتالي لما يأتكم ودق الباب وقعد مرحباً يا أخي من الأخ الكريم؟ حياك الله المفروض يعرّفك بنفسه والمفروض الضيف المفروض أن لا يحرجك إذا جاءك من مدينة أخرى من مكان بعيد يخابرك يبعث لك برسالة يا فلان ترى أنا سآتي اليوم الفلاني تهيئ نفسك تحضر غرفة الاستقبال قد يكون عندك سفرة أو روحة أو مشغول. ومن أدب الضيافة ونحن نتكلم عن أدب المُضيِّف. بقيت أدب الضيافة أولاً أن لا يكون متشوّفاً يعني منذ أن يدخل يتلفت يمين شمال ما هذه الغرفة ما هذا!! لا بد أن تدخل وأنت مطأطئ الرأس تغض البصر في البيت إلى أن تستقر كل ما تمر امرأة تنظر إليها هذا ليس من أدب الضيافة. اثنين أول شيء أن تعرِّف نفسك إن لم تكن معروفاً لماذا؟ في قرى وخاصة سابقاً كان يدخل واحد غريب لا نعرفه كضيوف سيدنا إبراهيم لا يعرفهم (قوم منكرون) إذاً على هذا الضيف إذا لم يخبرك من هو أن لا تدخله فإذا أتاك ضيف لا بد أن تعرف من هو ومن أين أتى فإذا عرفته تأنس به تدله على الحمام وعلى مكان الاستراحة والخ تبدأ باستقباله. فكلامك صح في منتهى الصح وبالتالي الضيف عادة تعرفه إما من أقاربك من قبيلتك بينكم مراسلات سابقة أو إذا كان مجهولاً لا بد أن يعرّفك بنفسه وإلا هو أسقط حقّه عليك قد يكون فعلاً خاصة في هذا الزمان وأنت تلاحظ ماذا يحدث قد يدخل واحد وفعلاً حصل قبل أيام ولأكون صريحاً وبدون ذكر أسماء في هذخ الأيام الماضية جاء ضيف ودخل في أكثر من بيت تبين أن هذا الرجل في جيبه مسجّل وعامل نفسه من فلان جماعة ويثير في الكلام وأنت تدعوه في المجلس إذا عندك ضيف تعزم أربعة خمسة عشرة على جاهه ويصير كلام وهو يسجل ثم شاء الله أن يُكشَف. فتأييداً لكلامك يا أبو راشد لا بد أن تعرف الضيف ممن ومن أين وماذا يريد لكي تأمنه ويأمنك وحينئذٍ تبدأ أنت بإكرامه وإلا قد يكون عدواً ولهذا خاف سيدنا ابراهيم (إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) ما رد عليهم السلام سألهم من أنتم لا أعرفكم؟ أنتم قوم منكرون؟ فعرفوه بأنفسهم الخ كلامك صح وبالتالي إذا عرفته فاجر يصلي ما يصلي تقيّ، هذا كلام (لا يأكل طعامك إلا تقيّ) إذا كنت أنت كل يوم تأتي بواحد اثنين أنت عندك أربعة خمسة أصدقاء واحد يصلي والآخر ما يصلي واحد يشرب خمر والآخر ما يشرب خمر وهم أصدقاؤك وأردت أن تتغدى مع أحدهم تغدّى مع الذي يصلي وليس مع الذي لا يصلي لكن إذا جاءك ضيف فليكن من يكون ما دام عرفته وهو ابن فلان وهو ضيف فعلاً أكرِمه ولا يهمك الباقي فالباقي على الله عز وجل هكذا.
د. نجيب: العجل بالذات أجمل ما يكون حنيذاً مشوياً
د. الكبيسي: نعم، مشوياً على اللهب ليس على النار، هذا المسقوف.
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل) – (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45) فاطر)
د. الكبيسي: نأخذ الآية الأخرى في هذه الحلقة قال تعالى وهي من أخطر المواضيع والموضوعات في كتاب الله عز وجل. انتهينا من سورة الحجر، نبدأ رأساً في الآية 61 من سورة النحل (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) النحل) في سورة أخرى يقول (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا (45) فاطر) لماذا مرة بظلمهم ومرة بما كسبوا؟ ولماذا (ما ترك على ظهرها) و(ما ترك عليها)؟ ما الفرق بين الحالتين؟
د. نجيب: الباء هنا سببية؟
د. الكبيسي: الباء سببية نعم.
د. نجيب: سنكمل إن شاء الله بعد هذا الفاصل
———-فاصل————
د. الكبيسي: قلنا هي آيتان ((وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ) ومرة يقول (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) ما الفرق بين الحالتين؟ الناس آمر ومأمور (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ) قد يكون واحداً ولكن واحد له أتباع وأنصار إما حزب أو جماعة أو طائفة أو شبيحة الخ يعني هناك من يأتمرون بأمره وكل مجتمع في الأرض هناك أفراد يأتمر الآخرون بأمرهم إما رؤساء قبائل ناهيك عن الحكام والملوك، لكن رئيس قبيلة رئيس حزب واحد غني وعنده أعوان عنده ثلاثين أربعين رجال العمال والصناع والخدم كل من له أناس يأتمرون بأمره فهذا اسمه ناس، ليس إنساناً واحداً هو ناس، انظر الآية (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) آل عمران) تعرفون قصة بدر الأولى وكيف رب العالمين نصرهم وتواعدوا على بدر الثانية بدر الصغرى ثم في بدر الصغرى أيضاً خافوا من المسلمين فبعثوا واحداً اسمه نعيم قالوا له قل للمسلمين إياكم تأتون ترى هذا أبو سفيان جمع عليكم جيوش الأرض إياكم تطلعون عليه والنبي قال لو لم أكن إلا وحدي لخرجت إليه. (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ) يعني نعيم وهذا نعيم كان رئيس قومه وعنده قبيلة وأربعمائة خمسمائة رجل يسمى ناس (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ) الذي هو نعيم وحده نعيم بن الأسود تعرفون القصة في السيرة. (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا) يعني أبو سفيان وهو زعيم المشركين الذي جاء بهمم للقتال (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ) واحد (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا) يعني رجل فكل رجل له جماعة يأتمرون بأمره يسمى في القرآن الكريم وفي اللغة العربية ناس. كلمة ناس معناها رأس الجبل في اللغة العربية فمن منا لا يرى رأس الجبل الأشمّ؟ إذاً الرجل الرأس رأس علم أو رأس سياسة أو رأس اقتصاد أو تاجر في السوق كل من له من يأتمر بأمره ويدور في فلكه يسمى ناس. لما النبي صلى الله عليه وسلم جاء من بدر الأولى ذلك الانتصار العظيم وقتل فيه سبعين رجلاً ثم جاء إلى المدينة واستقبله المسلمون فرحين فواحد قال-ما كان يدري- قال يا رسول الله أين كنتم؟ واحد كان يمزح اسمه نعيمان معروف في التاريخ كان يُضحِك النبي صلى الله عليه وسلم ويضحك المسلمين ويعمل مقالب لكن من أهل البطولة، فسأل الرجل: يا رسول الله أين كنتم؟ وفي الحقيقة المسلمون ما كانوا يعرفون أن النبي قاتل، النبي هو وجماعته طلعوا وراحوا يحضرون قافلة فيها طحين وتمر قد استولى عليها المشركون في مكة فإذا صارت معركة وقاتلين خمسة وسبعين واحد ونازل جبريل وأهل المدينة لا يدرون فسأل رسول الله أين كنتم؟ فقال نعيمان: كنا وجدنا خرافاً فنحرناها فقال النبي صلى الله عليه وسلم “لا يا ابن أخي والله إنهم الناس” فعلاً كل واحد وواحد من الذين قتلوا في بدر من المشركين يساوي أمة رجال ليس أي كلام كل واحد منهم وراءه عشيرة وقبيلة وذكاء وعقل وشخصية وكرم وشجاعة لكن ما هداهم الله للإيمان (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات). قال “لا والله يا ابن أخي إنهم الناس”، يا الله! كل واحد منهم أمة. فهؤلاء (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) هؤلاء الرؤوس الشخصيات شخصيات حكم مال سياسة قبائل يعني هناك من يأتمر بأمره ماذا يفعلون؟هذا يظلم؟ هذا قال (بما عملوا) والعمل عام العمل كل تصرفاتك تسمى عمل الشيء الواحد يسمى الفعل. يعني نقول ماذا يعمل فلان؟ يقول يعمل بالخشب نجار هذا خمسين مليون شكل هذا نجار شبابيك وأبواب وسقوف وسفن يعني عمل الخشب ما له حدود، قال له وماذا يفعل؟ قال يصنع الأبواب فقط هذا اختصاصه. ولو يؤاخذ الناس بما عملوا أو (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) هذا شمولي هذا حاكم يحكم بأمره حاكم يحكم الدولة بالكامل وهو ظالم يقتل ويعذِّب وينتهك وسمعتم في الأخبار ماذا فيها من المصائب التي لم تحصل في التاريخ كله، ما حصل في التاريخ من آدم إلى هذا اليوم هذا الذي يحصل في دولة تعرفونها الآن شيء خيالي! هذا (بِظُلْمِهِمْ) لأن هذا فيها رئيس فيها حكومة وإذا كان لا، أتباعه هؤلاء الناس الذين يأتمرون بأمره هذا بما كسبوا (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا) هذا يأخذ شيئاً بسيطاً هذا الحاكم يأخذ كل شيء الذي يقتل وينهب أموال الناس كله ملكه المال مالي والوجاهة كلها والكيد كيدي والرجال رجالي! ما حاسب آخرة ولا موت ولا حساب ولا أبداً! ويوم القيامة مقتل واحد فقط واحد تقتله ظلماً لن ترى الجنة فكيف تقتل بالتسعة آلاف والعشرة ألاف الخ؟!!! إذاً (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ) يعني الشخص الواحد الذي بيده الأمر والنهي اقتلوا اذبحوا اغتصبوا انهبوا (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ) كلمة دابة الذي يدبّ على الأرض بقوة كالدبابة وحينئذٍ كلمة دابة تُطلق على كل من يدبّ إنسان أو حيوان (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود). حينئذٍ نقول كلمة دابة تُطلق على كل من له سَيْر في طريق واضح ومرسوم ويحسن السير عليه. انظر الحصان كيف يمشي انظر الإبل كيف تعرف الطريق من أوله إلى آخره وبقوة ولا تخاف أحداً هكذا الذي يدبّ على طريق سياسة أو حكم أو مال أو قبيلة أو حزب أو ما شاكل ذلك. وحينئذٍ هؤلاء الناس قال (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) هؤلاء أصحاب القرار، أصحاب الأمر والنهي وتلك (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا) من هذا السلطان يأخذ راتباً، هؤلاء الشبيحة والمخابرات والذي في الأمن وهذا يعدم وهذا يقتل وهذا يعذِّب يشتغلون عنده هذا (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا) هو يأخذ جزءاً يسيراً لقاء هذا الجُرم العظيم الذي سيجعله خالداً في النار. إذاً إلى هنا نقول الفرق بين الحالتين وهذا طبعاً الموضوع سنكمله يوم الاثنين القادم في برنامج خير الكلام ما هو كماله؟ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب) هذه تكملة الموضوع بل هو لولب الموضوع لهذا الموضوع الخطير الذي سنكمله إن شاء الله يوم الاثنين في الساعة الثامنة في برنامج خير الكلام.
اتصال من العراق: سؤالي عن سورة الكهف الآية 106 (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) الكهف) لماذا لم يقل لهم جنات وقال كانت؟
الإجابة: (كانت) تدل على الديمومة يعني الأمر قُرر ليس مجرد وعد خلاص حصل هذا يعني من باب اليقين، من باب التحقيق كما تسمع في الإقامة قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة وهي ما بعد قامت ولكن لأن هذا أكيد استعمل الماضي للدلالة على أنه شيء انتهى مقرر ما يقبل الغلط.
أنتم لو تعرفون هؤلاء (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) لو تعرفون في التاريخ كله ماذا عمل بعض من بيده القرار لعجبتم! في أرقى الدول في العالم الظلم من شيم النفوس
فإن تجد ذا عفّة فلعِلّة لا يظلم
وكما قلنا من الذي لا يظلم نفسه؟ إن لم نظلم الناس فقد نظلم أنفسنا بالذنوب والمعاصي والبخل وقطع الرحم ظلمنا أنفسنا! لكن يتكلم عن الذين يظلمون (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ) للآخرين هؤلاء الناس القادة الرؤساء (مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ) ولهذا قال إن هذا الإمام العادل أول من يدخل الجنة ولا يدخل أحد قبله إلا محمد بن عبد الله ومعه الأنبياء، هو مع الأنبياء (فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء). حينئذٍ نقول بأن هذا الذي يظلم الناس هذا الظلم عام يعني كل واحد من قد ظلم أحداً ظلم صديقه اغتبتك هذا ظلمتك ما أعطيتك حقك استنجدت بي ما نجدتك اغتبتك غيبة صح أو خطأ كل هذا ظلم لكن محدود. ظلم صاحب القرار ظلم السلطان ظلم صاحب النفوذ أيّاً كان أسباب النفوذ هذا ظلم عام ولذلك لو رب العالمين يأخذ كل حاكم ظلم شعبه أيّاً كان الظلم ولو كان يسيراً (مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ) لماذا؟ أحياناً الظلم يكون فيه فائدة وهذا أعجوبة العجائب وإن بعض السمّ دواء، بعض السم يعالج به حتى يشفى المريض ولذلك يا سيدي الكريم من أمن العقوبة أساء الأدب. قيل لعنترة كيف تعلمت الشجاعة؟ قال أختار الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة ينخلع لها قلب الشجاع فأنثني عليه فأقتله. هو ظلمه لكن هذا حتى يكون بطلاً ويهابني الناس لا بد أن أظلم ظلماً. معنى ذلك ويقول الله تعالى بعد هذه الآية (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (73) الأحزاب) كل هذا يقول لك بعده الذي يؤمن بالله ولأمر ما أن هذا الرجل أخطأ يعني كما في بعض المعارك شائع عند الناس يبدو أنها أذيعت في مكان ما ولم يفهمها الناسذكرنا عن النبي صلى الله عليه وسلم كشف عن بطنه، الذي يتكلم عن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم بأدب. مرّ النبي صلى الله عليه وسلم في أحد المعارك وهو يرتب الصفوف القتال ويضع كل مقاتل في مكانه وكان بيده عصا صغيرة يقول يا فلان أنت قف هنا وأنت قف هنا وأنت قف هنا وواحد قال له يا رسول الله أنت أوجعتني بهذه العصا فالنبي قال له خذ هذه العصا واقتص قال لا أنا جسمي عاري أنت ضربتني على جسمي قلت لي قف هنا فالنبي صلى الله عليه وسلم كشف عن بطنه قليلاً فقال له تعال اقتص تفضل تعال اضربني هنا فهذا رأساً جاء وحضن النبي صلى الله عليه وسلم وقال له يا رسول الله كل ما أردت أن يمس جسدي جسدك، لأن هذه سأدخل بها الجنة إن شاء الله. شاهدنا هنا أنك أنت أحياناً قد تغلظ القول وأنت صاحب جاه وصاحب سلطان وصاحب حزب وصاحب جماعة وصاحب قبيلة، رجل أساء جداً وأسأت له أنت ربما قسوت عليه لكي أنت تؤدبه ولولا وخز الإبرة ما استقام الثوب هناك تصرف وقد يكون خشناً لكنه لا بد من ذلك،
الدكتور نجيب: لكن سيدي أليس أكثر ما يصيبنا نحن أفراداً وأمماً وجماعات بما كسبت أيدينا؟ يعني القرآن دائماً يؤكد هذا (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182) آل عمران)
الدكتور الكبيسي: قطعاً ما من فعل يصيبنا فيه من الله ظلمٌ إطلاقاً فالله العدل الحق هكذا
د. نجيب: لذلك إما أن يتلو هذه الآيات (إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) أو
د. الكبيسي: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم) هذا كل الذي يجري من صنعنا. هذا الذي صنع الساعة صنعها تعمل لكن نحن خربناها لما استعملناها فما بالك بالله عز وجل كل شيء ما دخل فيه جهد البشر بقي صالحاً الشمس القمر النجوم كلها تمشي، شيء دخلنا فيه الزراعة الصناعة المياه لوثناها كلها ملوثة بفعلنا نحن هكذا.
د. نجيب: نسأل الله العافية. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه داعياً الله سبحانه وتعالى أن يتمم علينا النعمة باستكمال هذا البرنامج علماً أن الإعادة غداً الساعة الثامنة صباحاً أما برنامج خير الكلام فيوم الاثنين الساعة الثامنة مساء على قناة سما دبي بمشيءة الله تبارك وتعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت هذه الحلقة بتاريخ 23/3/2012م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
=======================
الحلقة 151 (23-3-2012)