الحلقة 185
سورة ق إلى سورة الواقعة
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. نعود إلى شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وفي هذه الروائع القرآنية المتميزة المتعلقة بالآيات المتشابهة لفظاً المختلفة معنى.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. وصلنا إلى سورة ق وفي سورة ق كلمتان مرة يقول (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) ق) بالواو ومرة قال (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) ق) بدون واو. يقول بسم الله الرحمن الرحيم (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) ق) وقال بالواو (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) ق) قال بدون واو، ما الفرق؟ الأولى القرين الذي جاءت كل نفس معها سائق وشهيد نحن كلنا سنبعث يوم القيامة وراءك اثنين يعرفون عنك أكثر مما تعرف المخابرات الأمريكية عن كل العالم اليوم صغيره وكبيره (مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف) يعني حتى أنفاسك حتى نيات قلبك حتى ما توسوس به نفسك (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) ق). فالشهيد لما تتقدم للحساب القرين بدأ يحكي معه أنت فعلت كذا وعملت كذا ويعرف أن هذا القرين طبعاً أن هذا الذي يمشي معه لم يكن مؤمناً فيتكلم عن واحد لم يكن مؤمناً، هذا الواو يريد أن يحكي عن العلاقة بين هذا المتهم العبد الذي يُساق إلى الحساب وراءه سائق وأمامه شهيد ويتكلم معه أنت فعلت كذا وسويت كذا وبشكل لا يمكن لعقلك أن يدركه بثواني بجزء الثانية يتكلم معه بمساحة يمكن مائة سنة بثواني يعطيه كل المعلومات صوت وصورة بثواني فالزمن يوم القيامة نسبي (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) الحج) أنت تخيل السنة التي تعيشها الآن بألف سنة معناها دقيقتك بعشرين ثلاثين شهر. فهذا القرين يحكي مع هذا الرجل يقول له أنت عملت كذا فرب العالمين تسلسل بالموضوع لما جاءه وبعث من القبر ثم جاء بالعرض ثم وسيق الذين كذا كأنهم جراد منتشر وإلى نصب يوفضون الخ كل هذا يحكي معه كل هذا ووسط هذا كله وقال قرينه (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) تعال هذه المعلومات عندي بالمائة مائة لا تنكر من ذلك شيئاً ما لدي من معلومات عنك يا سيد كلها ثابتة تنكر؟! قال لا والله ما أُنكر. قال كنت كذا وكنت في غفلة عن هذا وعملت وسويت وتفضل هذا ما لدي عتيد كل هذا يحكي وهو قال (وقال). إذاً كل هذا الكلام يحكيه القرين أنت سويت وأنت عملت وهذا ما لدي (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) هذا الواو الشاهد الذي هو القرين يتكلم مع صاحبه الموكل به. التي وراءها – وطبعاً هذا الكلام في آية 22 في ق – 22 و23 و24 و25 و26 يتكلم مع هذا الرجل يقول له كذا وأنت كذا وأنت كذا وقال له وحكى له وسوى له (وَقَالَ قَرِينُهُ) انظر دقة القرآن العظيم رسم بالصوت والصورة! (وقال قرينه). ثم بدأ الحساب ومشهد آخر بدأ يتكلم مع رب العالمين هذا الشهيد صاحب العلاقة، كلام مستأنف مع رب العالمين بدون عطف من جديد كلام وهو قاعد يرجف وخائف والشهيد أمام رب العالمين خاشع يقول له يا ربي والله وعزتك أنا ما أضللته ولكن هو كان في ضلال
الدكتور نجيب: وهذا الاختلاف بين الواو كونها عاطفة أو استئنافية تقلب المعنى رأساً على عقب
الدكتور الكبيسي: هذه الحروف معجزة هذا البرنامج المبارك كم واو وفاء غيّرت الكلمات والمعنى كذلك. فالبرنامج القادم كما هو المطلوب منه أن نعلم الناس ما هي قدسية هذه اللغة العربية العظيمة بالنسبة لكتاب الله كيف أن هذا الكتاب العزيز لا يمكن أن يفهم ولا يتلى ولا يؤدّى إلا باللغة العربية. فهذه اللغة الوحيدة التي هي تحمل المطلق الإلهي سنثبت هذا بالتجارب وسنعرف وأثناء الكلام والذي سيكون تقريباً الكلام في فلسفة اللغة العامة القرآن قرأناً عربياً ومن ضمن ما سنتكلم عنه سنتكلم عن العلماء الذين تحدثوا عن هذه اللغة وعندنا علماء كتبوا في الحروف مجلدات ثلاثين عشرين خمسين مجلداً. والغريب أن معظمهم فرس ولهذا الإسلام ماذا فعل؟ ليس فقط أنقذهم من عبادة النار جعلهم مسلمين أولاً ثم بكتاب الله بهذه اللغة المعجزة كانوا يتكلمون العربية بل هم الذين فلسفوا هذه اللغة ووقعوا على شيخي كل علماء اللغة فرس ابن مالك وسيبويه كلهم فرس ولم يتركوا لا حركة ولا فعل ماض ولا صفات يعني ما تركوا شيئاً! عشرين ثلاثين مجلداً في موضوع واحد أما الحروف أخذت منهم مجلدات فالحروف هي لب اللغة هي كالمواسير التي توجه الماء يمين وشمال.
د. نجيب: لو كان الدين في الثريا لناله أهل فارس. (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة) قالوا يا رسول الله من؟ قال (قوم هذا) وأشار على سلمان الفارسي. وهذا علماء الحديث المحدّثين كالبخاري وغيره من فارس
د. الكبيسي: وفعلاً شيخي الفرس ولهذا هذه الأمة العظيمة التي درة الإسلام جاءها واحد وأخرجها من دينها ومن معجزات هذا الإسلام يقول أنا أستطيع أنا أغير الإنسان حتى تكوينه الداخلي فعلاً كل المحدثين تقريباً
الدكتور نجيب: علماء النفس يقولون الإنسان بعد العشرين والخمسة والعشرين يتعذر بل يكاد يستحيل تغيير فكره وعقله وكيانه
الدكتور الكبيسي: إلا هذا الدين. حتى العواطف والأحاسيس يغيرها سبحان الله! إذن هذا الفرق بين قال قرينه وبين وقال قرينه كما قال الدكتور نجيب (وقال قرينه) الله الذي يعطف هو حكى القرين مع صاحبه يقول له يا فلان ماذا سويت وأنت سويت وسويت وعملت وهو خائف مذعور، رأساً أقل من الثانية وإذا هم أمام الخالق عز وجل في الحساب بدأ يحكي الرجل مع رب العالمين فقال هنا (قال قرينه) وليس (وقال قرينه) لأنه أول كلام له مع رب العالمين، هذا الفرق بينهما.
سورة الذاريات
د. الكبيسي: ننتقل من ق إلى الذرايات. والذاريات هذا القسم الإلهي في كل مكان والصافات صفاً الخ وتعرفون القسم في القرآن الكريم عجائب! رب العالمين عز وجل أقسم بكل مكونات هذا الكون الأساسية التي أسس هذه الحياة في هذه الدنيا: الذاريات الرياح الحاملة للسحاب هل ممكن أن تكون هذه الدنيا بدون ريح تسوق السحاب؟ لا يمكن. الحاملات وقراً الجاريات يسراً الجاريات يعني مواصلات البحار هل يمكن أن تكون هناك بحار بدون مواصلات وهي السفن؟ لا، المقسمات أمراً وهم الملائكة الذين يقسمون الأرواح الروح تنفخ في الإنسان ولكن النفس التي تجعل صاحبها مختلفاً نحن كلنا لما تنفخ فينا الروح صرت حياً أصبحت حياً لكن تعال شوف هذا الكريم وهذا الحليم وهذا البخيل وهذا الغاضب وهذا الأخلاق وهذا اللاأخلاق وكل واحد عنده مشتهيات وهوايات يعني كيف هذه البصمة بصمة اليد والعين والشعر، تعرفون هذا اخترعه العلم الآن والعلم في كل جيل يأتينا بمعجزة لهذا القرآن الكريم. بصمات الإنسان أعجوبة الآن أنت لا يمكن أن تزور على إنسان آخر البصمة تختلف، بصمة العين تختلف، بصمة الشعر تختلف وهذه تقسّمها الملائكة (فالمقسمات أمرا). وقس على هذا هذه المقسمات أعجوبة العجائب ولاحظ أن الله عز وجل ما ترك شيئاً من عناصر الكون إلا أقسم به لكن على شيء أقسم به؟ على ثلاثة أشياء أساسية عناصر هذا الكون وعناصر هذا الدين. عناصر الدين التي أقسم الله عليها
أولاً على وحدانيته
ثانياً على نبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والشهادة له
ثالثاً على الحشر
كل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وإنك لعلى خلق عظيم وتعرفون كم أقسم الله تعالى على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكذلك على يوم القيامة كل هذا عن يوم القيامة لكن ما أقسم على وحدانيته إلا مرة واحدة فقط مرة واحدة (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) الصافات) ولا مرة وأقسم على النبي كثير وعلى الآخرة كثير وعلى الحشر وذلك لأن هنالك آيات كثر تدل على أنه واحد. ثانياً كل هؤلاء المشركون كل هؤلاء المشركين يؤمنون بالله بقلوبهم (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل) لما يقسم يقسم على شيء ما هم مؤمنين به لكن ما يقولون وقد يقولون (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (3) الزمر) يقولون الله موجود ولكن نعبد هذا ليقربنا والآية الأخرى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ (38) الزمر). إذاً رب العالمين أقسم لهم على ما وراء ذلك على الرسالات وصحتها وصدق الأنبياء ويوم القيامة ماذا قالوا هم؟ قالوا صح الله موجود لكن ما في حشر (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات) فرب العالمين انصب قسمه على اثبات نبوة النبوات وعلى يوم القيامة. من أجل هذا كل هذا الذي مكتوب طبعاً كلام جميل وطويل وكثير والتوحيد مرة واحدة أقسم عليه لأنه فطري لو عاش الإنسان في غابة وولد في غابة وماتت أمه وبقى وحده في الغابة لعرف بعقله أن الله واحد. إذاً ما أقسم، لكن الباقي النبوات والحشر والخ (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) الضحى).
د. نجيب: لذلك أكثر الآيات القرآنية المتعلقة بالإيمان والعقيدة تنصب كما تفضلت على نبوة
—–فاصل——
د. نجيب: هذه العجالة في هذه اللفتات القرآنية لا تشفي الظمأ. الآن تعرضت لقضية القسم ذكرت نموذجاً واحداً ومن قبل سنوات تعرضنا لنموذج. مثل هذه اللفتات لو جمعتها لنا وأفردتها في حلقة مستقلة خاصة في موضوع القسم
د. الكبيسي: لو اجتمع كل علماء البرشية يتكلمون عن القرآن، لو مليون عالم من علماء الأمة وعلماء التاريخ الذين ملأوا الدين علماً وقضوا أعمارهم مئتي قرن ما انتهوا من الحديث عن القرآن! ولهذا هذا الكتاب العزيز لا نقضي عجائبه. كل المفسرين كل جيل منهم يأتي بما يناسب جيله وقلنا أكثر من مرة أنه عليك أن تفترض أن القرآن نزل بعصرك وعليك أن تفهمه بعلوم عصرك. واحد راكب بعير يفهم القرآن كما يحتاجه بالمائة مائة، في هذا العصر عصر الاختراعات العظيمة العلم كله يقف منحنياً أمام الآيات القرآنية التي نزلت قبل قرون!
سورة الطور
د. الكبيسي: ننتقل إلى سورة الطور يقول (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (20) الطور) في الواقعة (عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) الواقعة) كلها متكئين عليها. طبعاً الاتكاء علامة الترف لأن أنت إذا عندك شغل ما تتكئ أنت لو مشغول أو عندك وظيفة أو عندك مهام عظيمة أنت لا تتكئ لأنك أنت مشغول لا، هؤلاء الدّعة والنعيم اللامعقول والذي لا ينتهي. فمرة مصفوفة هذه العظمة فأنت لست جالساً في كرسي لوحدك يعني واحد صاحب مجلس كبير أمير أو وجيه من وجهاء البلد فالمجلس مليء أسرّة وكنب لأنه رجل يُقصد فهم هكذا أهل الجنة مرة تصير مصفوفة لكثرتها لأنه هو وجيه في الجنة (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان). تصور أنت آخر واحد يخرج من النار له بقدر الدنيا عشر مرات، تخيلها عملياً وكلها يراها ويشوفها أمامه كما لو كان في بيته الآن كيف أنت في بيتك الآن تسمعني الآن في بيتك وجالس في الصالة وهذه غرفة الطعام وهذه غرفة الاستقبال ومسيطر على بيتك تماماً، هذا الذي له بقدر الدنيا عشر مرات مسيطر عليها أكثر من سيطرتك على هذا البيت الصغير لأنك أنت يوم القيامة مخلوق آخر وبقوانين أخرى لا يوجد لا بعد ولا مسافات ولا جهل ولا شيء. فأنت كل هذا الملك العظيم تراه أمامك بالثانية تنتقل من مكان إلى مكان عندك قصر في آخر الدنيا بثواني تنتقل على حسب ذبذبات عقلك ولا تفكر في الكيفية لأنها (ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على عقل بشر). نحن في الدنيا الآن لو واحد حكى لجدك قبل مائة سنة عن التلفزيون لكان قال هذا مجنون خذوه على مستشفى المجانين كيف واحد يحكي بالتلفزيون ويسمعونه الآخرون ويرونه؟! يعني اقرأ كل التفاسير طول عمرهم يقول المحدثين (لا تقوم الساعة حتى يتكلم رجل في المشرق يسمعها المغرب) كيف؟ يصرخ مثلاً كيف؟ ما عرفوا ونحن الآن عرفنا تتكلم في المشرق يسمعونك في المغرب صوت وصورة فكيف الجنة؟! ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر! هذا المُلك العظيم لآخر واحد يخرج من النار هذا الرجل مقطع السمكة وذيلها وحينئذٍ هذا فقط قال لا إله إلا الله محمد رسول الله مرة في حياته مصدقاً بها. قال والله ما معقولة هذه الناس كلها وهو شيوعي وملحد والخ وقال والله يا ربي أشهد أنك أنت موجود ما قال غيرها في حياته ومات هذا سيدخل إلى النار قطعاً كما هو النص (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة). هذا الذي هو آخر واحد الذي في حياته قال لا إله إلا الله له بقدر الدنيا عشر مرات والله يصف هذا الملك، ملك الدنيا تافه! ويقول عن هذا الملك الذي في الدنيا أمريكا تحكم نصف الكرة الأرضية قيصر اسكندر المقدوني العرب والمسلمين بغداد حكمت العالم دمشق حكمت العالم عند الله ما يساوي جناح بعوضة!. وفعلاً الآن ثبت بالعلم كما يقول هذا رائد الفضاء المشهور أرمسترونغ يقول نحن في مسافة البعد الفلاني الكذا وكذا خط العرض وخط الطول من القمر نسبة الكرة الأرضية إلى ذلك المكان بحجم الزيتونة بالضبط. فإذاً ما قيمة هذه الدنيا؟!! فكيف أنت تأخذ هذا الرجل الذي هو آخر واحد قال لا إله إلا الله في حياته سيأخذ بقدر ملك الدنيا عشر مرات. وأحكي لكم شيئاً في رواية أخرى عن النبي صلى الله عليه وسلم تقول مائة مرة فرواة الحديث رووا روايتين رواية تقول له بقدر الدنيا مائة مرة ورواية قالوا له بقدر الدنيا عشر مرات. والله أنا نفسي قلت لو أقول هذا من يصدقها يا ابن الحلال؟! فأقول عشر مرات على الأقل معقولة لكن ثق هي يمكن ألف مرة لأن هناك شيء اللامحدود اللامنتهي. من أجل هذا مصفوفة هكذا لأن أنت وجيه هذا ملكك تأتي الناس تزورك يتزاورون والطيارات كلها تكنولوجية فقذ تضغطها طيارة الكترونية من ذهب فقط تجلس بفكرك تقول نروح مكان فلان هي تفهم لأنها عاقلة وتأخذك إليه فالمادة في الآخرة عاقلة تسمعك وتكلمك وتعرف ماذا تفكر به وتطير بك بثواني توصلك إلى قدر الكرة الأرضية مائة مرة هذه في بيتك مليان كراسي مصفوفة ومتكئ عليها لأنك أنت ما عندك شغل كلها متع وكلها نعيم (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)) الملك الكبير الواسع النعيم أنت جالس مترف ما عندك شغل هذه مصفوفة. في الآية الأخرى في الواقعة قال(عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ) مصفوفة قلنا للوجاهة وأنت في مجلسك العظيم، موضونة نوع الكرسي هناك الكم وهنا الكيف (مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) هذا كم و(عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) هذا كيف موضونة كيف هذه من أي مادة؟ يقولون لك هذه قوائمها من مادة صلبة لا تكون إلا في عروش الملوك كراسي الملوك نحن في الحقيقة ما رأينا عرشاً في حياتنا في ناس شافوا وقالوا هناك ملوك كانوا في العراق وفي ليبيا وفي مصر والملوك العظماء الذين حكموا العالم مثل ملوك الفرس والروم والخ ملوك بني العباس وبني أمية فعلاً العرش خيال! الآية (وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) النمل) امرأة هذا الهدهد يقول (إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) النمل) هذا العرش يعادل عشرين ثلاثين جبل من عظمته وكبره ومادته فلما النبي سليمان رآه قال (قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ (40) النمل) ما هذا الذي حصل؟ العرش إذاً الكراسي يوم القيامة لكم يا أصحاب الجنة يا أمة محمد الوحيدين الذين توحدون الله أنتم كما سأذكر بعد قليل. يقول موضونة المادة المصنوعة منها كالمادة التي يصنع منها عروش الملوك. هذا الفرق بين مصفوفة كمّاً وبين موضونة كيفاً.
سورة النجم
د. الكبيسي: ننتقل إلى سورة النجم (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) النجم) الظن وما تهوى الأنفس، وفي مكان آخر (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) النجم) إلا الظن فقط وبدون وما تهوى الأنفس، ما الفرق؟ (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) النجم) وفي آية أخرى (وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) ما الفرق؟ يقول لك يا أخي هذا القرآن يرسم بالكلمات العقيدة عقيدة الشرك ظنّ تخبط الذي يعبد الحجارة والذي يعبد صنم، يا أمة محمد اشكروا الله على أنكم مسلمون والله الآن في هذا العصر العلمي الآن دعك من العصور الساحقة الناس محصورة وقاعدة، أنت الآن في عصر العلم والاختراع والاكتشافات والحضارة وانظر حولك وإلى اليوم في ناس تعبد بقرة وهم شعب متحضر عنده اختراعات وابتكارات خيال لأن الهند بلد أصبح تاريخياً بلد عظيم تاريخاً وواقعاً لأن تاريخ الهنود يا الله! وفلاسفة الهنود شيء عجيب والآن علماء ذرة ويعبد بقرة!! هذه اليابان من الدول العظمى ويعبدون بوذا والآخر يعبد الشمس وهنالك من يعبد الشيطان الذين هم اليزيدية ومنتشرين في العراق وإيران والإتحاد السوفييتي وقسم منهم في سوريا يعبدون الشيطان ولهذا قال رب العالمين (قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17) الحجرات). إلى هذا اليوم وهذه الدقيقة ليس على وجه الأرض من يوحد الله توحيداً كاملاً حقيقياً موضوعياً وبسهولة وبعفوية إلا هذه الأمة حصرياً لا غرب ولا شرق على وجه هذه الكرة الأرضية من مشركين وملحدين وعباد أوثان أنت الوحيد الباقي تقول لا إله إلا الله وأن عيسى وموسى وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويحيى وزكريا رسل الله. أنت الوحيد بعفوية ما عندك مشكلة وبإيمان وباعتقاد يقيني، هو لا، يتبعون إلا الظن في العقيدة. (تهوى الأنفس) في العبادة نحن كمسلمين لنا الحق أن نعبد الله بما تهوى الأنفس لكن ليس في الفروض ولكن بالنوافل. يعني أنا على يقين بأن الله واحد يقيني ما عندي مشكلة وأيضاً أن الأركان خمسة عندي يقين ما في هوى نفسي على أني لا ما أصلي وبدل الصلاة أدفع فلوس لا، هذا ما فيها. لكن بالنوافل لا أنت عندك هوى وأنا عندي هوى أنت متعلق قلبك بالقرآن ليل نهار تقرأ، الآخر تعلق قلبه بالحديث صار من علماء الحديث، الآخر تعلق قلبه بالعدل يعدل بين الناس، الآخر تعلق قلبه بالإنفاق، الآخر تعلق قلبه بذكر الله أربع وعشرين ساعة يذكر الله ويشعر بسعادة هائلة
د. نجيب: (حتى يكون هواه تبع لما جئت به)
د. الكبيسي: فتح الله عليك! وفي ناس فعلاً ذكار أربع وعشرين ساعة وهذا الذكر وقد رأينا بأعيينا كما في التاريخ الذكر إذا تمكن من صدرك سترى معجزات وخوارق قد تفقد عقلك ويا ما ناس فقدوا عقولهم من كثرة الذكر. شيخي هذا الذكر يفتح عليك عوالم يجعل الملائكة كلها تقف حولك فربما تصير حركة أنت عقلك لا يتحملها. وفي ناس لا، رجال وقفت عنده وصار من كبار الصالحين أصحاب كرامات بالذكر. لكن هذا الكافر لا يؤمن بالله إلا ظناً ويتبع أي شيء يوم يعبد حجارة ويوم صنم ويوم
د. نجيب: وإمامهم إبليس فهو أول من اتبع ظنه عندما قيل له اسجد آدم لم يسجد فأول من اتبع ظنه في عبادة الله تعالى (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) ص).
إن لم يكن من الله عون للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
——فاصل———–
د. الكبيسي: الفرق بين لما رب العالمين وضع (وما تهوى الأنفس) يتكلم عن ناس يتلاعبون بالعبادات على حسب أهوائهم وحتى المسلمين تعال شوفوا الآن أنواع الخرافات إن كانت تخل بالعقيدة فهي مرفوضة وإن كانت لا تخل فهي من باب المحبة. لكن اليقين ينبغي أن يكون لا إله إلا الله يقين مطلق لا تشك به ولا لحظة، هذا الفرق بين الاثنين.
سورة القمر
د. الكبيسي: ننتقل إلى القمر (خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7) القمر) ومرة يقول (يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) المعارج) يوم نُحشر يوم القيامة مرة رب العالمين يوصفنا كأننا جراد منتشر ومرة يقول كأنهم إلى نصب يوفضون يعني أعتقد تفهمون الفرق من حيث طبيعة الخروج والبعث طبعاً منتشرين مثل الجراد الهائج كل واحد شايف نفسه وإذا هو فوق الأرض كيف؟! ما نعرف بالضبط ويشوف الناس طبعاً هذه الكرة الأرضية كلها قبور
هذه قبورنا تملأ الرحب فأين القبور من عهد عاد
رب لحد قد صار لحداً مرارا ضاحكاً من تزاحم الأضداد
تخيل الموتى من آدم إلى أن تقوم الساعة معنى ذلك الموتى يكونون بقدر ذرات التراب فكلهم قاموا طبعاً كأنهم جراد منتشر هذا وصفهم. ثم يساقون إلى الحساب (كأنهم إلى نصب يوفضون). أنتم الآن يا أهل الرياضة تعرفون الرياضة الآن أصبحت من عناصر هذا الكون ومن متعه أنتم تشوفون الناس كيف يركضون في السباقات؟ طبعاً ناهيك عن سباق الخيل طبعاً هؤلاء يوم القيامة أسرع إلى المحشر منهم في سباق الخيل. إذاً تخيل كيف سباق الخيل لما تركض أول المتسابقون لما يصير سباق للركض مثلاً هؤلاء الناس عندما يساقون إلى الحساب ما يتمشون لا بالعكس كأنهم إلى نصب يوفضون. أنتم وضعتم سباق القدرة والنهاية لها إشارة عالية هذا النصب العالي إلى هنا ينتهي، كذلك أهل البعث ثم الحشر هكذا. أول مرة عندما يبعثون كأنهم جراد وبدون أرقام ما في رقم يعدهم كل البشرية من آدم إلى أن تقوم الساعة كم؟ ملايين
الدكتور نجيب: والجراد ما تشمي إلا في رِجل، الجراد جماعات جماعات، رجل من الجراد كالزمرة
الدكتور الكبيسي: هذه لقطة جديدة، كلامك يؤيد الآية (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) إذا هذا الفرق بين نصب يوفضون ليس فقط من السرعة وإنما كُتلاً
د. نجيب: كتل وتناسب بينهم من حيث الحجم والنوعية، يقال رجل من جراد
د. الكبيسي: هذا ما خطر في بالي، خطر في بالي الكثرة كأنهم جراد، الجراد منتشر وليس ساكناً وإنما يساقون زمراً كما قال تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا). إذن هذا الفرق بين نصب يوفضون من السرعة وبين الكثرة التي سوف يكونون زمراً كما قال د. نجيب وهو قول صواب يؤيده القرآن الكريم.
سورة الواقعة
ننتقل إلى سورة الواقعة (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) الواقعة) وفي سورة عم (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) النبأ) ما الفرق؟ نحن في الدنيا نسمع تأثيماً ونسمع كذاباً ناس تكذب أو تكذب وناس تتهمك أنت زاني أنت سارق أنت خائن أنت مبتدع أنت مشرك أشكال وألوان، فالحياة ما تكرهه إما أن يكون تأثيماً أو أن يكون كِذاباً. التأثيم كما قلنا هو كلام غير مقبول يعني واحد يتهمك بالباطل هذا له حق وأحياناً التأثيم هو أنت صحيح فيك لكن هو ما عليه إثم يعني كأن يقول يا زاني وأنت زاني فعلاً لكن هو هذا ارتكب اثماً قذف يعني يعاقب عليه عقوبة شديدة كما في الحديث عندما سأل الرجل الرسول صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله أنا إذا أحكي على واحد وهو فيه قال له (إذا كان فيه فقد اغتبته وإذا لم يكن فيه فقد بهته) والبهتان أشد من الكذب وأشد من الغيبة. ورب العالمين يكلمنا في الآيتين على أخطر وأكره ما تكره النفس في الدنيا. واحد يكذب عليك أو يكذبك يعني أنت جالس في مجلس معين ويقول لا أنت كذاب يا أخي عيب عليك أنا قاعد في المجلس وأنا رجل محترم. أو يحكي عليك من ورائك غيبة أو بهتان أو يتهمك بالفواحش أو التأثيم. ولهذا رب العالمين تكلم بالآيتين مرة عن السابقين (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) الواقعة) لماذا؟ لأن رب العالمين لما جاء بهاتين الآيتين والتأثيم أبلغ من التكذيب فهذا المكان الذي لا يسمعون فيه هذا السابقون السابقون منهم السابقون ومنهم المتقون في سورة النبأ المتقون (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) وَكَأْسًا دِهَاقًا (34) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا (35) النبأ) للمتقين، هناك للسابقين (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) الواقعة) إلى أن قال(لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا) معنى ذلك أن هذا التكذيب وهذا التأثيم مرة يقول تكذيب هذا للسابقين ومرة بالإجماع أن السابقين أعلى من المتقين، السابقون شيء آخر فالسابقون هم جزء من المتقين تقدموا عليهم هذا الفرق بين (لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا) (فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا) وهي أقبح ما يمكن أن يؤذي الناس وأن يفرق بينهما في الدنيا هكذا. فرب العالمين مع السابقين قال (لغوا ولا تأثيما)
د. نجيب: وهذا يدل على أن الجنة درجات
د. الكبيسي: آخر كلمة وهي في سورة الواقعة (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) الواقعة) رب العالمين تكلم عن الطبقة الراقية في هذه الأمة هؤلاء السابقون قال جماعة كثيرة من الأمم السابقة جماعة كبيرة هؤلاء ثلة من الأولين وقليل من الآخرين وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قليل. وفي آية في نفس السورة قال (لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (40) الواقعة) كيف؟ قال لك هذا إذا تكلم فقط يقارن بين أصحاب موسى وأصحاب موسى وعيسى وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كل الأنبياء بالمئات وبين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لأن أصحاب النبي بالنسبة لأصحاب الأنبياء قلة لأن أصحاب الأنبياء بالملايين لأن الأنبياء ليس فقط الذين ذكروا في القرآن الكريم. ثم بعدها رب العالمين تكلم عن السابقين في الأمم كلها في كل أمة، السابقون في هذه الأمة يعادلون السابقين في كل الأمم السابقة. والدليل على هذا الآن قارن بين كل الأديان اليهود والنصارى والصابئة والخ كم واحد منهم الآن على دين نبيه؟ يحافظ على الصلاة والصوم والحج والزكاة والذكر، لا يوجد، انتهى، بينما هذه الأمة مستمرة منذ أن جاء النبي إلى يوم القيامة كما ترون الذكر والصوم والصلاة الخ فالسابقون الآن الحكام العادلون العلماء العاملون أهل الليل أهل القرآن أهل الذكر بناة المساجد أهل الحج والعمرة يعني الأمة مليئة صالحين بشغل الآخرة يعني هل تتصور واحد من هذه الأمة اليوم هناك مجموعة ما لها علاقة بالآخرة؟؟ مستحيل! في حين 99% يقول آخرة ماذا يا ابن الحلال؟ خلينا نعيش! ولهذا قال (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7) الروم) فعلاً كل الأمم غافلة عن الآخرة بنسبة هائلة وكبيرة إلا قلة منهم وإلا هذه الأمة النسبة الكبيرة منهم تعمل للآخرة وقلة قليلة لا تذكر تقول ما في آخرة أو ناسية الآخرة. إذاً هذا الفرق أول مرة قال (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ) على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم تكلم عن الأمم (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ) ولا شك أن صالحي الأمة في هذه الأمة الإسلامية يعادلون كل الصالحين في كل الأمم الأخرى من حيث دوام المناسك والعبادات والتوحيد وعلاقات البشر فيما بينهم من حيث الجوار ومن حيث العائلة وتعرفون كل هذه التفاصيل. إذاً هذا الفرق بين الآيتين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ) عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة لأصحاب الأنبياء الكثيرين جداً ما ذكر في القرآن وما لم يذكر يعني الحواريين وغيرهم وأصحاب سيدنا موسى هكذا
الدكتور نجيب: شيخ إذا كان هؤلاء المقربون هم أصحاب الأنبياء فكيف يمكن للبشر عباد الله سبحانه وتعالى في مثل هذا العصر أن يبلغ مبلغهم ويكون في عداد السابقين؟
الدكتور الكبيسي: لا هذا (والذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثلي جبل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم) شيخي هذا رزق الله أتى بك أنت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمن موسى وسيدنا عيسى وصرت من أصحابه وأنت تعادل أمة كلمة وراءك هذا رزق من رب العالمين! لكن الباقي نتفاضل أنت (لا تقوم الساعة حتى يكون أجر العامل منهم أجر خمسين قالوا: خمسين منهم؟ قال: بل خمسين منكم) بالأجر وليس بالفضل. يعني قد يكون شيخ من الشيوخ الآن هو يمكن أنت تكون أغنى منه وفعلاً هنالك تجار ومُلّاك أغلى من ملكهم أو من رئيسهم لكن هو أغنى صح ولكنه ليس بقدر هذا الملك أو هذا الشيخ فالملك ملك حتى لو ما عنده فلوس. فيقول أنتم قد يكون واحد عندنا الآن أجره أكثر من أجر صحابي لكن الفضل لا، المكانة الهيبة المقام الاحترام غير شيء. فالكلام عن الأجر نعم أنت الآن (طوبى للغرباء) قال (لأنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون) هكذا. إذاً باختصار شديد هذا الذي قلناه عن هذه الآيات وهي تدل على أن كل حركة أو سكنة كما تحدثنا عن ذلك كثيراً في كل الحلقات أن هذا الكتاب العزيز الحركة والفعل الماضي والمضارع اسم الفاعل واسم المفعول حرف الجر في هذا المكان يعني المشتقات كلها تعطي رسماً دقيقاً لهذا الإعجاز القرآني الذي يثبت بالعلم التجريبي والتجريدي أن هذا القرآن لا يمكن أن يكون إلا من تنزيل الله سبحانه وتعالى
الدكتور نجيب: ولكن شيخ ألا ترى أن هذه الأدوات وهذه الأحرف لا يكفي لها هذه الإشارات العابرة التي نمر عليها في هذا البرنامج وجدير بكم إن شاء الله وانتم أهل أن تفردوا لها برنامج مستقلاً تتبعون فيها أسرار هذه الحروف حروف الجر وغيرها من الأدوات القرآنية وبيان ذكرها ففي آية معينة نجد استعمال الباء ونفس الآية نجدها في مكان آخر نجد (عن) أو نجد حرفاً آخر من هذه الحروف
الدكتور الكبيسي: يعني مثلاً (إن الله يقبل التوبة من عباده) (إن الله يقبل التوبة عن عباده) إن شاء الله في البرنامج القادم كما تعرفه سنُظهر الفرق وإظهار فلسفة اللغة العربية وفضلها وتفوقها بحيث رب العالمين اختارها لكتابه قال (قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28) الزمر) الكلمة العربية لا تتناقض مطلقاً ولا تفشل إطلاقاً لماذا؟ لعدة الوجوه التي تتضمنها. الكلمة العربية في هذه اللغة معبأة بالمعاني بحيث تستطيع أنت في الكلمة الواحدة أن تستخرج عدة معاني وكلها صحيحة.
د. نجيب: سواء كانت اسماً أو فعلاً أو حرفاً أو كلمة أو جملة وارتباط هذه بالكلمات والجمل الأخرى. باسمكم جميعاً أتقدم بالشكر الجزيل لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه على هذه الروائع القرآنية التي أتحفنا بها في هذه الحلقة الممتعة وتلك الحلقات السابقة داعين الله سبحانه وتعالى أن أن يوفقه إلى اتمام هذه الحلقات إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله.
بُثّت الحلقة بتاريخ 22/2/2013م وقامت الأخت نوال من السعودية بطباعتها جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
رابط الحلقة فيديو
http://www.youtube.com/watch?v=1wvHzbSfeio