وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 20/الجزء الأول

اسلاميات

 

الحلقة 20

كنا قد انتهينا من سورة آل عمران ودخلنا أو نوشك أن ندخل في هذه الحلقة إلى سورة النساء إلا أن بعض المشاهدين استدركوا علينا بعض الآيات التي فاتت علينا وهم محقون ومنها ما قد بحثناه ولكنهم يبدو أنهم لم يستمعوا إلى الحلقات.

(وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿28﴾ آل عمران) – (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴿53﴾ الشورى) – (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿109﴾ آل عمران) – (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿22﴾ لقمان)

من الذين استدركوا علينا أم نائل من أمريكا قالت في قوله تعالى (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿28﴾ آل عمران) (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴿53﴾ الشورى) (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿109﴾ آل عمران) (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿22﴾ لقمان) ونحن قد تحدثنا سابقاً عن وإلى الله ولله عاقبة الأمور ولكن ينبغي فعلاً أن تنظم وتنظم كل هذه الأواخر من السور بالمعنى المتقارب لكي نعرف ما الفرق بين هذا وهذا. نحن نعلم أنه كما قال تعالى (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ﴿4﴾ الروم) (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴿19﴾ الانفطار) الأمر حكم الملك الأمر هو الحكم المطلق في المملكة كل ملكٍ يحكم بلده بشكل مطلق في كل شؤونه يسمى ولي الأمر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ ﴿59﴾ النساء) هذا إذاً يوم القيامة ملك الملوك كما قال تعالى (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ﴿16﴾ غافر) والله الواحد القهار مالك يوم الدين وملك يوم الدين فهو المتصرِّف المطلق في ذلك اليوم كما هو في هذه الدنيا بالأسباب وهناك بدون أسباب إنما بشكل مباشر. ما الفرق بين (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴿28﴾ آل عمران) (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴿53﴾ الشورى) (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴿109﴾ آل عمران) (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿22﴾ لقمان) كما تحدثنا عنها في الحلقات الماضية؟ (إلى الله المصير) فيما يتعلق بنهاية رحلتنا نحن كبشر من عباد الله من بني آدم رحلتنا طريقة وطويلة مما كنا في ظهور آدم في عالم الأمر ورب العالمين خاطبنا (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى ﴿172﴾ الأعراف) ثم بقينا هناك إلى أن تزوج آباؤنا بأمهاتنا ثم حملوا بنا ثم ولدنا ثم مشينا في الطريق إلى أن متنا ثم ذهبنا إلى البرزخ والبرزخ عالم تحدثنا عنه طويلاً ثم سوف نبعث يوم القيامة ثم سوف نحشر مسيرة طويلة جداً إلى أن تصل أجسامنا وأجسادنا إلى ساحة المحشر هذا مصيرنا (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) تبقى الخطوة الأخيرة عندما نتوجه إما إلى الجنة وإما إلى النار ذاك ممشى آخر. إذاً صار (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿126﴾ البقرة) المصير في أجسادنا عندما نقف أمام الله وبين يديه (إلى الله المصير) انتهت الرحلة. عندما أصبحنا في المصير النهائي لمن تصير الأمور؟ في الدنيا كان الأمر لأبيك لأختك لأمك للملك للحاكم للمعلِّم للمدرس للمؤدب للأنبياء الخ، في تلك الساعة لمن تصير الأمور؟ أنت جسدك صار إلى النهاية (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) أمرك بيد من؟ مصيرك بيد من؟ بيد الله إذاً صار (إلى الله المصير) بجسدك (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) بالحكم عليك وشؤونك وأحوالك كلها إلى ما لا نهاية. هذا الفرق بين مصيرك أنت كإنسان وبين أن تصير أمورك كلها مباشرة بدون أسباب بيد الله عز وجل هذا الفرق بين (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) وبين (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ). نحن وقفنا أما رب العالمين فهذا المصير رب العالمين سبحانه وتعالى في تلك الساعة سوف يحاسبنا، من الذي يملك المحاكمة؟ ومن الذي يملك أن يحكم عليك بالخلود في النار أو بالخلود في الجنة؟ هذا يسمى مرجعية الحكم. من هي المرجعية التي يكون كلامها هي الفصل؟ عند الخصومة في الدنيا القاضي هو الذي ترجع إليه الأمور تذهب أنت والخصم عندك محامي وهو عنده محامي وتذهب إلى المحكمة وأوراق ودعاوى ثم يقف الخصمان أمام القاضي فالقاضي هو الذي يحكم بينكما فترجع الأمور إلى القاضي الذي يقوله القاضي هو الصح ليس هناك غيره، هذا في الدنيا إلى القاضي ترجع الأمور يوم القيامة لمن ترجع الأمور؟ إلى الله عز وجل. فهذه تتكلم لما رب العالمين ينزل كما في الحديث ثم بعد المحشر ينزل الله سبحانه وتعالى للفصل بين العباد، هذا الفصل الحساب ثم إصدار الحكم هذا (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ثم حكم عليه، صدر الحكم المرجعي صدر الحكم من مرجعيته المباشرة وهو الله عز وجل إلى أين نتوجه؟ قال ستتوجهون حتى النهاية (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) إما خالدٌ في الجنة أو خالد في النار، فلما تمشي من ساعة الحساب ثم تعبر الصراط وعلى الصراط هناك مشاكل وبعد الصراط حوض الكوثر وبعد حوض الكوثر دخول الجنة ثم يستقبلونك على الباب ويكون لديك مدير أعمال يأخذوك إلى دارك هذا الممشى (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) العاقبة آخر شيء، عقب الإنسان آخر شيء، إلى الله في الطريق وأنت ذاهب إلى أن تستقر استقراراً نهائياً إما في الجنة خالداً أو في النار خالداً (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) الذي يدخل النار ثم يخرج منها هذا إلى العاقبة على أن يخرج من النار ثم يغتسل ثم يذهب إلى الجنة في الطريق كل هذا إلى الله (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) المرحلة النهائية لما يصل كل واحد منا إلى داره إلى سكناه ويدخل القصر واستقبال حافل كما جاء في الكتاب والسنة (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴿41﴾ الحج). هذا الفرق بين (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) وبين (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). وهناك انتهى الأمر وأصبحنا (وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿24﴾ الرعد) هذه العاقبة آخر شيء (فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) هذا هو الفرق بين (وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) (إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) و (وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ). الآن استدرك علينا بعض الناس فهذه تصير وترجع أخذناها في الكلمة وأخواتها لكن طبعاً نحن الآن ينبغي أن نضع الكلمات في آياتها لكي نبين الفرق بين الآيتين لا بد أن نعود لكي نقتبس من ذلك البرنامج تلك الكلمات لكي نضعها في مواضعها هذه القضية الأولى.

(إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) – (إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ)

القضية الثانية في سورة البقرة وآل عمران كما ذكرت لنا هذا سمر الأرناؤوط من المملكة تقول لم تبحثوا لنا عن هذه في البقرة (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى ﴿120﴾ البقرة) في آل عمران (قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ ﴿73﴾ آل عمران) ما الفرق بينهما؟ طبعاً الأولى (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) اليهود ماذا قالوا؟ رب العالمين يقول (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) عندهم يقين أنك أنت لست نبياً والقرآن ليس كتاب الله عز وجل وإنما عليك أن تكون إما يهودياً أو نصرانياً حتى يرضون عنك ولن يرضى عنك اليهود ولا النصارى إلى يوم القيامة وهذا قدر أثبته التاريخ إلى هذا اليوم أنك مهما فعلت من خير أو أمن أو سلام أنت متهم عندهم بكل شرّ. قضية ليس لها علاج حتى يرث الله الأرض ومن عليها فرب العالمين يقول قل لهم يا محمد (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) وهو القرآن هو الهدى، نهاية الوحي في هذا الكون الذي لا يحوَّر ولا يزيّف ولا يبدّل ولا يزوّر ولا يختلف وليس فيه عوج لا يتناقض ويقبل القسمة على جميع البشر وعلى جميع الأديان هو هذا القرآن (قل إِنَّ هُدَى اللَّهِ) القرآن (هُوَ الْهُدَى) وليس ما أنتم عليه من توراة وإنجيل توراتكم وإنجيلكم حرفتموها ولم تعد ولن يعد منها شيء مما جاء به سيدنا موسى وسيدنا عيسى كما قال تعالى (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ ﴿46﴾ النساء) ساعة وحيه ما أن يخبرهم سيدنا عيسى وسيدنا موسى بالوحي حتى يغيروه وآية أخرى تقول (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ﴿41﴾ المائدة) بعد ما مات سيدنا موسى ورفع سيدنا عيسى بعد قرون بعد مئات السنين غيروا فعلاً كثير من الأناجيل وكثير من صيغ التوراة وُضِعت وضعها الرهبان والقساوسة بعد هذا بمئات السنين. إذاً الآية تقول إن هدى الله وهو القرآن هو الهدى ولا شيء غيره ليس هناك هدى غيره ثابت أناجيلكم كثيرة وتوراتكم مزورة وأنتم قلتم إن عيسى ابن الله وعزير ابن الله وزوّرتم واختلفتم ولم يعد الهدى الذي أنزله الله عليكم وهو هدى التوراة الله قال (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ (44) المائدة) (وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ﴿46﴾ المائدة) لكن هذا الهدى زُوّر وهذا ثابت بالدليل الواقعي حينئذٍ الهدى الوحيد الباقي على حاله غير قابل للتزوير مهما حاولت البشرية من غير المسلمين وقد حاولوا مراراً وتكراراً ولا يمكن تزويره فالهدى الباقي على وجه الأرض بكماله وتمامه بالشكل الذي أنزله الله وأوحى به إلى محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن وحده قل إن هدى الله وحده هو الهدى هذه (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) هذا واحد. في حالة ثانية اليهود تآمروا كالعادة اليهود تآمروا على المسلمين وعلى النصارى اليهود تآمروا بالإجماع على سيدنا عيسى أولاً حتى قالوا صلبناه وقتلناه وتآمروا على النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿72﴾ آل عمران) يعني أنتم قولوا أنك أسلمتم بالليل قولوا كلام كفار وقولوا ما هذا؟ هذا ليس بقرآن والخ لعلكم تعملون فيهم فتنة وعدم ثقة بأنفسهم لعلهم يرجعون عن هذا الدين ويؤمنون بالتوراة فقط فرب العالمين قال لهم التوراة والإنجيل والقرآن كلها من الله (قُلْ إِنَّ الْهُدَى) الهدى كله سواء كان جاء الهدى من التوراة أو من الإنجيل أو من القرآن من أين أتى كله؟ من الله عز وجل إذاً لماذا هذا الحرب على بعضكم بعض وكله من الله نازل فحينئذٍ لماذا هذا التحاسد؟ لماذا هذا (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴿111﴾ البقرة) لماذا؟ قارنوا بينكم وبين ما جاء في القرآن (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) وهو القرآن، لماذا؟ قالوا (آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿136﴾ البقرة) عندكم نصٌ في هذا؟ عندكم كلام رباني إلهي يقول إله الناس ورب الناس جميعاً لا فرق بينهم؟ القرآن يقول هذا فالقرآن إذاً لكل الناس لا يفرق بينهم (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ البقرة) جمعكم كلكم بدين واحد (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴿6﴾ الصف) إذاً دين واحد جاء على فترات هل عندكم الآن في هذه التوراة التي بين أيديكم وهي ليست توراة منزلة وهذا الإنجيل الذي بين أيديكم وهو ليس منزل المنزل انتهى هل عندكم هذه النصوص أم عندكم تفرقة وعنصرية واستعلاء وطرد للآخر ورفض للآخر؟ هذا الفرق بين (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) وهو القرآن وبين (إِنَّ الْهُدَى) الذي أُنزل على موسى وعيسى ومحمد هذا من الله عز وجل فلما كان المصدر واحداً لماذا هذا التنافس إذاً؟ فكلا الحالين هي إقامة الحجة بينهم وعليهم من أجل هذا هذا الفرق الواضح بين (إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى) وبين (إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ).

سورة النساء:

(إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴿36﴾ النساء) – (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴿18﴾ لقمان)

ننتقل الآن إلى سورة النساء في سورة النساء أول ما لاحظنا من المتشابه الآية 36 (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴿36﴾ النساء) في لقمان (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴿18﴾ لقمان) لماذا في النساء (مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) وفي لقمان (كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) ما الفرق بينهما؟ طبعاً الخيلاء هي كلها من الكِبر والتكبّر هناك تكبر يعني من وهم في تكبر شخص سلطان هو فعلاً سلطان ملك متكبر قليلاً هذا لا يقال عنه خيلاء يقال متكبر هناك ملياردير متكبر على الناس يقال عنه متكبر، وهناك واحد لا شيء لديه ولكنه يتصور نفسه شيء فيمشي بكبرياء خيال لا شيء فيه يسمى هذا خيلاء (من جر ثوبه خيلاء جر قطبه في النار) وكان الجاهليون إذا أراد أن يتكبر بالخيلاء يجعل ثوبه طويل يسحل وراءه حوالي ذراع يسحب في الأرض ولهذا الإسلام حارب هذا في زمانه لما كان هذا علامة الخيلاء وليس الآن له علاقة بالموضوع. حينئذٍ الخيلاء أن ترى نفسك عظيماً كالخيال كراكب الخيل كلنا نعرف أن الفروسية رجولة إذا ركبت الفرس بشكل فني حتى صرت فارساً لا شك أنك ترى نفسك أنك أنت شيء عظيم وكبير ومهم يعني حسن سياسة الفرس حسن ركوب الخيل بشكل متميز كما يفعل هنا شبان وأشبال وشيوخ الإمارات حيث فازوا على العالم بالقدرة هذا يعطيك شعوراً بأنك أنت في غاية العظمة في غاية الإبداع في غاية التمكن الخيل المعقود ولماذا الخيل سميت خيلاً؟ تتهادى، الحصان هذا يرى نفسه ملك الدنيا عندما يسير ولا يسأل عن الناس. فاستمروا على الخيلاء لكل من يتخيل نفسه مثل الحصان أن هذا هو الفارس وهو الفرس العظيم وقد يكون هو لا شيء قد يكون إنسان مسكين غلبان لكن استبد به الغرور ومرض نفسي يرى نفسه في خيلاء هذا النوع من الخيلاء يحتقر أمه وأبوه وأهله يعني يتكبر عليهم وفعلاً رأينا ناس في واقع الحال يتنكر لأبوه لأنه أصبح ذا شأن وأبوه مسكين غلبان فلاح بسيط راعي ينكر أبوه أو بنت صارت وجيهة وأستاذة ومحامية وكذا وأمها غلبانة من الجيل القديم تقول لا هذه ليست أمي هذه خادمتنا في البيت هذا (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) لقلة هذا النوع من البشر قال (مَنْ كَانَ) لأنهم قليلين من هذا الذي ينكر أباه وأمه ويتكبر على أهله وعشيرته وقومه؟! يعني هناك من الناس من أصبح ذا شأن وأنكر عشيرته وعائلته وأعمامه وأولاد أعمامه وأخواله لأنهم كلهم بسطاء أميين أو بسطاء في المال أو ليسوا ذا شأن كبير واحد منهم صار رئيس وزراء صار ملك صار مليونير صار وزير عينوه سفير وأصبح يتكبر على أهله لا يحضر أفراحهم ورأينا ناس واحد واثنين لا يحضر أفراح أعمامه وأخواله يرى نفسه خيرٌ منهم هذا أخبث وأحقر وأقبح أنواع التكبر أن تتكبر على أبويك ورحمك أعمامك وأخوالك وقومك وعشيرتك. ولهذا من كِبَر نفسك أن تعامل كل أفراد عشيرتك وكل أفراد عائلتك ورحِمِك بمنتهى الاحترام حتى لو كنت أنت وزيراً وكان هم رعاة فهؤلاء أهلك دمك وأصلك والله تكلم في الآية الأولى وقال (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ (36) النساء) إلى أن قال (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) (من كان) لأنهم قلة كم واحد كان مختال على قومه؟ قلة، هذا من كان مختالاً فخوراً على قومه وأهله وأمه وأبيه وأعمامه وأخواله أقبح إنسان وأقبح تكبر هذا نوع من الخيلاء السخيف (مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) يفتخر بثوبه بسيارته بقميصه أنا عندي سيارة أنا عندي بيت وأنت ما عندك هذا تافه جداً فالمفروض أن يقول الحمد لله ويدعوهم فيه ويعزمهم ويتذلل لهم هذه (مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) لمن يتكبر ويختال على أمه وأبيه وأعمامه وأخواله وأخوانه وأخواته وهذا موجود لكن قلة ولهذا قال (مَنْ كَانَ) (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) كم واحد؟ يمكن واحد، كم واحد كان في زمن المسيح واليوم حتى الآن كم واحد بلا خطيئة؟ لا يوجد ولا واحد بالمليون (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) كما قال سيدنا المسيح هذا التعبير للقلة والدناءة أما الآية الأخرى فهي عامة كل من كان فيه خيلاء بأي حال عالم شايف نفسه شوفة فنان كبير يتكبر على العالم غني جداً موظف كبير امرأة من النساء اللواتي تفخر على قومها وتتكبر عليهم لأنها غنية أو صاحبة شهادة أو ما شاكل ذلك ولهذا التواضع خلقُ الإنسان العظيم (من تواضع لله رفعه) من أجل هذا النبي صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق كان أشد الناس تواضعاً (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴿159﴾ آل عمران) إذاً (مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) قلة من الناس يفتخرون يتكبرون على آبائهم وأمهاتهم وأخوانهم وأخواتهم وأعمامهم وأخوالهم هذا أحقر الخلق (مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) لكن الذي يتكبر على الناس جميعاً كثيرون موظف تدخل عليه لا يتكلم معك سفير ووزير مليونير الخ كثير من الناس عندهم حتى مشايخ وعلماء انشهروا وعرفوا تجدهم في أيام يعني كل شايف نفسه الخ (من كان في قلبه ذرة من كبرٍ) هذا لا يدخل الجنة مع أول الداخلين حتى لو كان صحابياً حتى لو كان صدّيقاً. إذاً هذا الفرق بين (مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا) و (كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ).

د. نجيب: وإشارة إلى مقولة سيدنا عيسى عليه السلام يقول سيدنا أبو بكر رضي الله عنه:

إذا لم ينصح العاصين من هو مذنبٌ  فمن ينصح العاصين بعد محمدِ

(وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) – (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ)

أيضاً في سورة النساء ونرجع معها إلى البقرة (كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴿264﴾ البقرة) (وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هذا في سورة البقرة في النساء (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴿38﴾ النساء) فيها (ولا) زيادة هناك (كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هنا (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) (ولا) ما الفرق بينهما؟ وفي سورة التوبة أيضاً (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴿29﴾ التوبة) إذاً في سورة النساء والتوبة (لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر) وفي البقرة (يؤمن بالله واليوم الآخر)، الذي لا يؤمن بالله واليوم الآخر كافر شخص يقول أنا لا أؤمن بالله ولا في الآخرة أنا أعبد الأصنام وإذا مت صرت تراباً لا يوجد لا قيامة ولا الخ هذا لا يؤمن بالله واليوم الآخر هذا إعلان الكافر هو قال أنا رجل شيوعي أنا أمام الناس شيوعي وحزبي الشيوعي أنا ستالين أنا لينين أنا غورباتشوف لا يوجد لا الله ولا الخ هذا (لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هو معلن عن كفره وشركه بالله لا يوجد الله أصلاً بالنسبة له فهو ملحد هذا لا يؤمن بالله واليوم الآخر وهذا أصدق من الأول. الأول يدعي أنه مؤمن فهو يقول أنه مؤمن وأنه مؤمن بوجود الله لكنه كذاب دجال يعني فقط بالظاهر فهو منافق يقول أنا أؤمن بالله واليوم الآخر فالله قال له لا أنت لا تؤمن لا بالله ولا باليوم الآخر. فحينئذٍ هذا الفرق فقوله تعالى (لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هذا منطق الكفار جميعاً ولما يقول لك (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هؤلاء المنافقون فالمنافق كافر لكن يدعي أنه هو مؤمن ولا يتبع الإيمان ومتناقض (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ ﴿8﴾ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴿9﴾ البقرة) هذا الذي الله يقول عليه (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) لاحظ، مثلاً كشخص جاء وقال لك أنا راسب خلاص هذا فلان راسب بالدروس لكن لو قال لا أنا ناجح في الرياضيات والإنجليزي المدير قال له لا أنت لست ناجح لا بالرياضيات ولا بالإنجليزي أنت كاذب. جداً واضح هذا الفرق بين (لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) فهو مشرك عادي ومعلن هذا ولا يغيره فهو يقول لا يوجد الله ولا آخرة ولا حساب ولا كتاب وآخر وهو غير مؤمن أيضاً لكن يخفي هذا الأمر إما لطمع أو خوف أو نفاق أو لآخره قال هذا الذي قال (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) هذا الله يقول عليه (وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ) هذا الفرق بين التعبيرين.

(لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾ البقرة) – (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿18﴾ إبراهيم)

نفس الاثنين الله يقول عن الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر يقول (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا ﴿264﴾ البقرة) ومرة ثانية يقول عليه (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ﴿18﴾ إبراهيم) يعني آيتين عجيبتين ما الفرق بينهما؟ وحينئذٍ رب العالمين يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿264﴾ البقرة) على شيءِ مما كسبوا، في مكان آخر في آية أخرى (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) ما الفرق بينهما؟ أنا أقول لك أنت لا تملك شيئاً من مالك أو أقول أنت لا تملك من مالك شيئاً لغة أعجوبة. رب العالمين عندما اختار هذه اللغة العربية حسّنها ورقّاها حتى وصلت إلى قمة رقيها فنزل القرآن على تلك القمة وما كان للغة أخرى غير العربية أن تحمل هذا المطلق الإلهي والفهم النسبي. هذا الكلمة القرآنية تعطيك معنىً جديداً إلى يوم القيامة معبأة بمعانٍ لا تنضب وكل واحد على قدر ثقافته وفهمه وعقله وحضارته وعصره وحاجاته يستطيع من الجملة الواحدة من الآية الواحدة أن يستنبط فيها حكماً جديداً مدللاً عليه لم يخطر على بال الأجيال الذين سبقوه. لما نقول نحن لدينا كافر ومنافق كما قلنا قبل قليل أن هناك فرق بين الاثنين بين كافر وبين مؤمن لكن مؤمن منافق، الكافر لا يقدر على شيء مما كسب ليس لديه كسب يعني واحد يقول لا يوجد إله وفرضنا تصدق هل له أجر؟ الجواب لا. عمل مشروع عظيم ولكنه لا يؤمن بالله مثلاً هؤلاء الشيوعيين في روسيا الذين كانوا ينكرون وجود الإله عمل خدمات للبشرية اخترع شيئاً اخترع سيارة أو طيارة أو دواء ليس له فيها أجر والله تعالى يقول (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ ﴿7﴾ آل عمران) لكي يكون لك أجرٌ على الإبداعات اختراع البنسلين واختراع الأسبرين واختراع الطيران يعني خدمات ناس قدمت خدمات للبشرية والله كلما ركبت طيارة أو سيارة أو قطار أو ما شاكل ذلك تقول ما هذا؟ العالم أصبح جميلاً أصبح مريحاً ناس بعقولها اخترعت هذا هؤلاء من كان منهم يؤمن بالله قال لا أنا أؤمن بأن الله وهو رب العالمين إله الناس وهناك يوم القيامة وحساب وكتاب هذا له أجره عند الله عز وجل (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) وشخص آخر قال لك لا يوجد إله أنا شيوعي هذا عمل أعمال صالحة لكن ليس له شيء فالذي هو يعتقد بأن الله موجود هذا انتهينا هذا يقدر على شيء مما كسب. المنافق والمشرك، المنافق تكتب حسناته نقول عنه مؤمن أنا مسيحي أنا يهودي أنا مسلم لكنه كاذب هو منافق، في الأعماق هو ملحد فهناك من الناس من ارتدوا  بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أعلن الكفر وأعلن الإسلام وأخفى الكفر وارتدوا بعد ذلك فهذا كونه مسلم تكتب له وتسجل له أعمال حسنة لكن ليس له منها شيء. عنده فلوس وأموال لكن لا يستطيع أن يسحب ولا درهم محجور عليه هذا (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ). ذاك الذي هو يقول لا يوجد الله هذا (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) ليس لديه كسب أصلاً ليس لديه كسب لا يستطيع أن يأتي بما فعل لكي يضعه في حسابه (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) يعني لا يمكن أن تأتي بهذه الحسنات يضعها في حسابه في بنك الرحمن عز وجل إذاً هو أصلاً كافر والكافر لا يحاسب على الفروع وليس له أي عمل، الإيمان شرط العمل. الثاني المنافق لا هو في الظاهر مؤمن هو مواطن. يعني نفترض جدلاً أن لدينا شخص مندس هنا وهو جاسوس للعدو لكن لديه جواز سفر وهو جالس هنا في الظاهر هو منتمي هذا في الظاهر يدخل ويخرج لا بأس لكن ليس له قدرة على أن يكون في أي مكان لأن الدولة تعرف أن هذا مندس. هذا الفرق بين الملحد وبين الكافر المشرك العلني فالمشرك (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) والمنافق الذي يعلن الإيمان والإسلام (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) هذا هو الفرق بين هاتين الآيتين.

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴿48﴾ النساء) – (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿116﴾ النساء)

آية أخرى من سورة النساء أيضاً (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴿48﴾ النساء) فقد افترى إثماً عظيماً نفس الآية في صدر السورة (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿116﴾ النساء) لماذا هذه من يشرك ضل ضلالاً بعيداً وتلك افترى إثماً عظيماً؟ الذين يشركون بعد أن آمنوا بدينٍ سماوي هذا قد افترى إثماً عظيماً الافتراء تعمد الكذب بدقة وعناية هذا الافتراء فهنالك فرق بين أن أكذب عليك أو أن أفتري عليك أو أبهتن عليك البهتان أكاذيب ليس لها وجود وتجعل المجتمع يقوم ويقعد هذا بهتان عظيم الكذب غير الحقائق الافتراء كذبة تشيع بين الناس يعملها عدو أو دولة مضادة لك يفترون عليك افتراء مرتب يعني بالصور وأدلة وتزويقات بحيث ينطلي على أكثر الناس هذا افتراء فالافتراء هو الكذب بعناية ورصد وحبك حدث قوي جداً مصنوع بحيث ينطلي على كثيرين. فالذي كان مؤمناً كان يهودياً أو نصرانياً أو مسلماً ثم ارتد صار شيوعياً (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ﴿137﴾ النساء)هذا افترى إثماً عظيماً، نسج نسجاً حقيراً خسيساً لكنه متقن وفي أدلة مزوقة ممكن أن تنطلي على الناس (فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) هذا الخطاب لليهود هذه الآية تخاطب اليهود تقول الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ﴿44﴾ النساء) إلى أن قال (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) هذا عن اليهود واليهود كانوا مؤمنين ولكنهم قالوا عزير ابن الله وقالوا المسيح ابن الله وقالوا ثالث ثلاثة هذا شرك لكن بعد إيمانٍ بالتوحيد في البداية لماذا؟ جاءوا بأدلة مصنوعة ككثير من المسلمين نحن المسلمين الآن أشركوا الذي يعبد الحسين والذي يعبد يزيد أو شيخ من الشيوخ الخ هذا افترى إثماً عظيماً بعد ما آمن وبعد ما جاء القرآن الكريم والتوراة والإنجيل واضحة هذا افترى إثماً عظيماً. الآية الثانية تخاطب مشركين العرب لا عنده كتاب ولا دين ناس وثنيين (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴿115﴾ النساء) يخاطب مشركين العرب ألم يأتكم النبي صلى الله عليه وسلم لماذا هذا الشقاق؟ لماذا تحاربون في بدر وفي أحد؟ ووراءها يقول (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) أي هناك ضلال مقدور عليه يتوب وكلنا نرتكب ضلالات ولكن نتوب لأننا نحن أصلاً نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ونصلي ونصوم ونذنب وكل ابن آدم خطاء وحينئذٍ ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً هذا المشرك ضلال بعيد لا يتوب ولهذا أبو لهب ما تاب ولا كان متوقع أن يتوب مسلكه وفكره بعيد عن التوبة من أجل هذا فقد ضل ضلالاً بعيداً. فالخطاب مع الذين كانوا من أتباع الأديان ثم أشركوا (افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) والذي هو أصلاً مشرك وهو أصلاً يعبد الأصنام هو أصلاً وثني هذا (فقد ضل ضلالاً بعيداً) وهذا هو الفرق بين الآيتين.

(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴿40﴾ النساء) – (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿49﴾ النساء) – (وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿77﴾ النساء) – (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴿124﴾ النساء) – (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴿13﴾ فاطر)

آخر ما عندنا في هذه الحلقة (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴿40﴾ النساء) (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿49﴾ النساء) (وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿77﴾ النساء) (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴿124﴾ النساء) وفي سورة فاطر (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ﴿13﴾ فاطر). عندنا ذرة وفتيل ونقير وقطمير كل هذا لضرب المثل بالقلة لماذا قال مرة فتيل ومرة نقير؟ الفتيل كلغة عربية كلنا أحياناً بالصيف تلعب بجسمك وتحرك يدك على جسمك وتفتل فترى في يدك قذارة طبعاً من جسمك عرق وتراب الخ فلما تعمل هكذا ترى فتيلاً من الوساخة من وساخة جلدك شيء مفتول أسود وترميه أو من صار له مدة ولم يغتسل ويلعب برأسه فيرى فتائل صغيرة مثل الخيط ويرميها كلها وساخات فرب العالمين لما تكلم عن اليهود (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴿49﴾ النساء) (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴿111﴾ البقرة) (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ﴿18﴾ المائدة) نحن شعب الله المختار نحن الخ (بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴿49﴾ النساء) يا ناس يا وسخين يا من يستحمون في السنة مرة شف كم فيك من فتيل صغير قذر أنا لا أظلمك فرب العالمين ضرب مثل في القلة لناس وسخين في عقيدتهم في سلوكهم قال (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) كهذا الفتيل الذي في أجسادكم الوسخ هذا (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا). لما رب العالمين عز وجل ضرب المثل لمسلمين لا يزالون يؤمنون بالله عز وجل قال أنتم من يعمل من الصالحات وهو مؤمن (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا ﴿124﴾ النساء) النقير هو هذه النقطة التي في ظهر النواة المعروف أن العرب جميعاً والمسلمين بل العالم كله ألذ فاكهة عندهم التمر معروف فالتمر فاكهة راقية أنت الآن لما ترى أنواع التمر في السوق والله حتى الذي فيه سكري يأكل من شدة لذتها وجمالها والإبداعات في تطويرها كما في الإمارات بعد ما كان العراق البلد الأول في العالم في التمور وكان فيه أكثر من ألف صنف ولكن للظلم الذي ساد فيه ولهذا الوباء الذي نحن فيه والانهيار الأخلاقي والسياسي الذي نحن فيه مما تآلفنا مع الأعداء وغير ذلك رب العالمين محق هذا والمعروف أن الزراعة من كرم الله (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ﴿58﴾ الأعراف) الطيب الذي فيه عدلٌ وأمن، الحاكم يعدل بين شعبه رب العالمين ينمي الزراعة فيه بشكل عجيب كالإمارات بلد رملي أصبح بلداً زراعياً من الطراز الأول والعراق الذي كان بلد زراعي من الطراز الأول لم يعد فيه لا تمر ولا زراعة للظلم الذي ساد فيه. فحينئذٍ رب العالمين يضرب المثل للصالحين من عباده بأنكم ستأخذون جزاءكم كاملاً ولن تظلموا بقدر هذه النقطة التي في ظهر النواة التي تتركها في فمك تمصها كلنا لما نأكل التمر بجميع أنواعه نتركها في فمنا إلى أن نظل نمص بالنواة إلى أن نخرجها من فمنا بتلذذ ثم نرميها بمهل قد ما هي عنده محترمة قال (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) فعندما رب العالمين يضرب للناس مثل بالقلة وناس وسخين في أعمالهم وسلوكهم قال (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) لما يضرب المثل لناس صالحين ناس حلوين يضرب لهم المثل بشيء حلو وجميل أحلى ما في هذا الكون هو التمر وأحلى ما في التمرة عندما تمص النواة لاحظ فالذواقة في أكل التمر يتلذذ في أنه يلوك بالنواة في فمه إلى أن يلقيها بشكل رقيق. إذاً هذا الفرق بين (وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا) و (وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا). ثم يقول تعالى (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ) القطمير الغشاء الشفاف الذي على النواة ما قيمته هذا؟ فرب العالمين لما تكلم عن الملوك قال أنا رب العالمين أنا الذي أنعمت عليكم كل هذه النعم وملكي لا حدود له هذا الذي تعبده ما الذي لديه؟ حتى قطمير ما يملك، هذا الصنم أو العبد أو آلهتكم التي تصنعونها التي تدعونها من دون الله لا يملكون من قطمير، هذا ضرب المثل باللاشيء. القطمير شيء شفاف يكون غشاء النواة غشاء وحينئذٍ ماذا يمكن لك أن تجني من هذا الغشاء؟ (مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ).

بُثّت الحلقة بتاريخ 25/7/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها