الحلقة 22
ولا نزال مع استدراكات بعض المشاهدين الكرام عن بعض الآيات التي فاتتنا ولم نتعرض إليها وهذه خدمة عظيمة لهذا البرنامج فجزى الله كل من يلفت أنظارنا إلى أننا تخطينا آية مما كان ينبغي أن نشرحها.
(لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ﴿153﴾ آل عمران) – (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد)
في آل عمران (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ﴿153﴾ آل عمران) وفي الحديد (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد) لماذا مرة يقول لكي لا تحزنوا ومرة لكيلا تأسوا؟ الحزن على شيء مؤقت فاتك شيء محبوب فاتتك وظيفة فاتك مرتب صديق سافر وسيعود كل شيء تحزن عليه حزناً مؤقتاً وسوف ينتهي هذا الجزن قريباً إما بعودة الغائب أو بنجاح بعد رسوب أو بغنى بعد فقر، صفقة تجارية خسرت ثم بعد يومين تربح. كل شيء قريب سريع التغيير يسمى حزناً الكلام هنا في الآية على هزيمة بدر ورب العالمين قال (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا ﴿154﴾ آل عمران) إلى أن قال (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ﴿153﴾ آل عمران) ما فاتكم من نصرٍ وما أصابكم من هزيمة وأذىً وجروح مؤقت وإن شاء الله سيزول بانتصارات قادمة وفعلاً هذا الذي حصل في العام القابل الذي تواعد فيه المشركون مع المسلمون نكس المشركون وخافوا وانتصر الإسلام نصراً عظيماً فلما كان الألم أو فوات ما تحب أو حصول ما تكره لأمر لزمنٍ محدود يقال حزناً (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴿84﴾ يوسف) تصوّر بلغ من شدة الحزن إلى أن عيونه ابيضّت ومع هذا قال حزن ما قال آسى لماذا؟ لأن رب العالمين أخبر يعقوب عليه السلام بأن هذا مؤقت ويوسف سيرجع وسيصبح رئيس وزراء مصر والخ كما الله قال على سيدنا يوسف (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴿15﴾ يوسف) وهو في الجُبّ فسيدنا يوسف وسيدنا يعقوب يعلمون أن هذا الكلام قريب هذا كان حزن لأنه قريب. إذا كان الشيء الذي آلمك يعني لا أمل فيه كشخص ابنه مات وراح أو إنسان مسجون أربعين سنة أشغال شاقة هذا أسى هذا ليس ليوم أو يومين فالأسى أكثر ألماً من الحزن على شيء قد فات. جميع الأنبياء لما نصحوا أممهم يا جماعة آمنوا وثم أُهلكوا هلاكاً قال (وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ ﴿93﴾ الأعراف) هذا سيدنا شعيب بعد ما جاءهم عذاب يوم الظُلّة وأبادهم (كَيْفَ آَسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ) الأسى على شيء (قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴿26﴾ المائدة) أربعين سنة يتيهون في صحراء سيناء أربعين سنة أشغال شاقة حينئذٍ هذا أسى. إذاً الحزن على شيء قريب والأسى على شيءٍ دائم ورب العالمين كما قال على اليهود وعلى طواغيت قريش (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿68﴾ المائدة) ما قال لا تحزن، في مكان ثاني قال لا تحزن، هنا قال لا تأس إذاً معنى هذا أن اليهود لن يؤمنوا بك أبداً وطواغيت قريش لن يؤمنوا بك حتى يقتلوا في بدر وقد قتلوا في بدر جميعاً ولم يؤمنوا ولم يسلموا فلا تأس. هذه فهذه مأساة كبيرة على أصحابها على كفار قريش وعلى الذين لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فهي مأساة عظيمة. فالمأساة هي من الأسى، فلان يأسى وفلان آسن وفلان أسيان يعني حزنه حزن دائم إما دائم أبدياً قطعياً أو دائم مدة طويلة هذا هو الفرق بين (لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) واحد رسب ينجح في السنة القادمة لكي لا تحزن على رسوبك لكن واحد فُصِل من الجامعة فصل يعني رسب سنتين متتابعتين وفصل نقول لكي لا تأسَ على فصلك لأن هذا فصل نهائي هذا هو الفرق فكلما قرأت في القرآن الكريم لكي لا تحزن فهو مؤقت ولكي لا تأسى فهو دائم.
(ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿195﴾ آل عمران) – (نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴿198﴾آل عمران)
مرة أخرى في آل عمران أيضاً عندنا آيتين (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴿195﴾ آل عمران) رب العالمين يقول (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴿195﴾ آل عمران) إلى أن قال (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴿195﴾ آل عمران) بعدها بآيتين أو ثلاث (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴿196﴾ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿197﴾ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴿198﴾ آل عمران) (نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) لماذا هناك ثواباً من عند الله وهنا نزلاً من عند الله؟ التعبيران بينهما آيتين ورب العالمين تكلم عن ناس إيجابيين كلاهما من الذين آمنوا وعملوا الصالحات هؤلاء اتقوا وفي الآية الأولى آمنوا وعملوا الصالحات؟ قال لك لا، القرآن من ضمن وجوه الإعجاز الكثيرة الإعجاز اللغوي وخاصة أنه جاء لأمة متكننة بالحرف في لغتها وهي اللغة العربية التي ما من لغة أخرى يمكن أن تحمل هذا المعنى المطلق من الله سبحانه وتعالى والفهم النسبي. قال في الأولى تكلم عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هؤلاء ما هو الثواب؟ الثواب هو الجائزة على عمل ايجابي عمل متميز كل من يقوم بعمل متميز ويأخذ جائزة هذه ثواب (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) فهؤلاء ناس خمس مرات ربنا كذا ربنا كذا يعني خمس مرات نادوا ربهم فاستجاب لهم ربهم يعني هذه أواخر آل عمران معروفة (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿191﴾ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴿192﴾ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴿193﴾ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴿194﴾ آل عمران) ربنا ربنا خمس مرات توسلوا بالله وتضرعوا إليه بمناجاة هائلة ربنا ربنا ربنا إلى أن قال (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) إلى أن قال (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) فهؤلاء الناس كان يدعون رب العالمين دعاء تضرع فهم لم يبدوا عملهم إنما أبدوا دعاء يا رب أعطينا كذا وأعطينا كذا فرب العالمين جداً استحسن منهم هذا التضرع خمس مرات قالوا ربنا ربنا ربنا ربنا ولهذا سيدنا جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه – وهو من تعرفون علماً – استنتج من هذا أن كل من يناجي ربه فيدعوه خمس مرات ربنا أعطني كذا ربنا أغفر لي كذا ربنا وفر لي كذا خمس مرات ربنا سبحانه وتعالى سيستجيب دعاءه وهو صادق في هذا وهذا مجرَّب كل من يستعمل في المناجاة صيغة ربنا خمس مرات فرب العالمين يستجيب له. رب العالمين في هذه الآية في أواخر آل عمران قال (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) حينئذٍ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ويلٌ لمن قرأ الأواخر من آل عمران ولم يتفكّر بها) لقد فاته خير كثير وقد تفكر بها سيدنا جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه ثم قال هذه المقولة وهي ثابتة فعلاً. إذاً هؤلاء الناس لقاء عمل متميز هذا التضرع الجميل الذي استحسنه الله عز وجل منهم أعطاهم جائزة (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ). لكن أنت عندما يحل عليك قوم كرام أنت رجل ملك، أنت أمير، أنت وجيه معروف بالكرم جاءك قوم أنت تحترمهم جداً وتُعزِّهم جداً وترى أن لهم قيمة عالية جداً ماذا تفعل؟ طبعاً أنت تقدم لهم ضيافة من أرقى ما يكون هذا النُزُل. والنُزُل ما يقدم للضيف وهذا النزل على قدر المضيف والضيف على قدر قيمة الضيف وعلى قدر كرم المضيف من أجل هذا ذاك جائزة على عمل عظيم متميز وهو حسن المناجاة ربنا خمس مرات اقرأها جيداً تراها عجباً (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ) الخ إلى أن قال (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) هدية جائزة على هذا العمل المتميز لأن هؤلاء أحسنوا التضرع والتضرع عند الله عز وجل من أحب الأعمال (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ﴿42﴾ الأنعام) (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴿43﴾ الأنعام) كل من تصيبه المصائب شعب أو دولة أو ناس أو واحد إذا أحسن التضرع لله الله سبحانه وتعالى يكشف عنه السوء هذا ثواباً. لكن عندما يأتون يوم القيامة الله تعالى قال عن هؤلاء أصحاب الدول الكبرى والعظماء في العالم (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ﴿196﴾ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ﴿197﴾) سنة سنتين عشرة عشرين خمسين سيزولون في النهاية هذا التاريخ ليس في الأرض قوة طاغية تبقى وانظر إلى التاريخ كله اليونان والرومان وحتى المسلمين طغاة ذهبوا هذه الكرة الأرضية لا تدوم لأحد “لو دامت لغيرك لما وصلت إليك” مسرح كل شخص يؤدي دور وينزل ولن يعود (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ) دبابات وطائرات الخ كل هذا مؤقت كله سيزول (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) والتقوى كما تعرفون أن يبدأ مسلماً عاماً ثم مؤمناً عاماً ثم مؤمناً خاصاً ثم متّقياً هذا (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ﴿63﴾ يونس) يعني اثنين فالتقوى مرحلة متقدمة من العمل والطاعة وهؤلاء الأتقياء أولياء (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿62﴾ الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فهم أولياء الله أحباب الله لهم مواصفات هائلة وأخلاقياتهم وعباداتهم قلّ من يستطيع أن يضاهيها أو يشاكلها فهؤلاء أحباء عند رب العالمين سبحانه وتعالى فسوف يلقون من يحبهم ويحبونه هذا عندما يأتي يوم القيامة كيف سوف يضيفه الله عز وجل؟ قال (نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) هكذا هو الفرق بين (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) و (نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) هذا هو الفرق.
وفي الآية نفسها يقول تعالى من ناحية ثانية (وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) طبعاً الله عنده ثواب وعنده حسن الثواب. حسن الثواب (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴿40﴾ النساء) ويقول (وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) وكلكم تعرفون أن الله يضاعف العمل بعشرة أو العمل بثمانية عشر أو العمل بخمس بعشرين والعمل بسبعين والعمل بسبعمائة وعمل لا يعلم جزاءه ومضاعفاته إلا الله سبحانه وتعالى.
(وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿67﴾ النساء) – (آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿65﴾ الكهف)
عندنا الآن الفرق بين (عِنْدَهُ) و (مِنْ لَدُنْهُ) أنا أقول أعطيتك مما عندي وأعطيتك مما لدني. مما عندي أنا عندي ممتلكات في كل مكان عندي مواشي في المكان الفلاني وعندي مثلاً أراضي في المكان الفلاني ملكي واسع أنا ملك أنا أمير أنا شيخ أنا ثري أملاكي في كل مكان عندي كذا وعندي كذا الخ إذا أردت أن أعطيك مما عندي أقولك اذهب إلى بني فلان وخذ منهم مائة ناقة، اذهب إلى شركة السيارات واجعلهم يعطونك سيارة من ما عندي، أعطيك شقة من عندي خمس ست عمارات بنايات خذ لك شقة منهم، هذا كله أعطيتك مما عندي لاحظ هذا مما عندي. إذا كان الشيء بيدي عندي أنا أشياء خصوصية جداً أشياء خاصة للغاية لا أعطيها إلا لمن أحب هذا من لدني (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿65﴾ الكهف) وحينئذٍ أنت لاحظ الفرق (وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا ﴿67﴾ النساء) وانظر إلى هذه الآية (آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ﴿65﴾ الكهف) الرحمة من عندنا الرحمة ثراء عطاء صحة عافية مُلك غنى من نعم الله الظاهرة والباطنة علينا جميعاً هذا من ملك الله الذي لا تحيط به العقول (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴿49﴾ الشورى) هذا بالأسباب. إذا أعطاك الله من عنده بالأسباب عملك وزير سخّر قلب الملك لكي يجعلك وزيراً، أعطاك مالاً سخّر لك تجارة أو هدية أو عطاء من هنا وهناك وجعلك ثرياً هذا بالأسباب. إذا كان (من لدنه) بدون أسباب هو من عندي رأساً مباشرة. (أتيناه رحمة من عندنا) ورحمة الله في كل مكان المطر رحمة والمياه رحمة والأراضي رحمة كل ما في الكون هذه رحمات هي ملك الله عز وجل فإذا أعطاك ملكاً فهذا (من عنده) ليس مما هو في يده. الآن هذا لكي يبين لك ما الفرق بين أن يعطيك من عنده ومن لدنه معنى أنت عندما تكون من لدنه يعطيك مباشرة من دون أسباب لا بد أن تكون إما نبياً أو تكون قريباً من رب العالمين قرباً خيالياً. (آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا) والرحمة في ملك الله لا حدود لها في كل مكان. (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) لا يمكن لأحد أن يعلِّمك يعني علم الله لا يأتي بالأسباب يسمونه علم لدني بدون أسباب. أنت تتعلم بالأسباب تذهب إلى الجامعة إلى المدرسة الثانوية ابتدائية عند شيخ عند أستاذ يعلمك هذا يعلمك علماً لكن إذا كان من لدن الله من دون معلِّم (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) عن طريق شيخ عن طريق مُفَقِّه لكن قال نحن رب العالمين (وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا) بدون أسباب هكذا شيء (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا ﴿5﴾ مريم) لو قال هب لي من عندك كان تزوج واحدة تجيب أولاد وهذا من رب العالمين (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴿49﴾ الشورى) الخ هذا من عنده، قال لك أنا كبير وزوجتي عاقر ليس من الممكن أن ننجب أولاد بدون أسباب أعطيني قال (مِنْ لَدُنْكَ) (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا). هذا الفرق بين من عندك ومن لدنك، من عندك بالأسباب سخّر لي أحد عبادك يعطيني، من لدنك مباشرة ورب العالمين قال (وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ﴿90﴾ الأنبياء) يا فلانة كن فيكون روحي احملي فحملت من دون أسباب. هذا الفرق بين (مِنْ لَدُنْهُ) و (عِنْدَهُ).
(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿119﴾ المائدة) – (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿13﴾ النساء) – (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿72﴾التوبة) – (وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾ التوبة) – (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿60﴾الصافات)
بعض الآيات تنتهي نهاية واحدة عندنا آيات متعددة في سور متعددة تنتهي بآية أو بجزء من آية (ذلك الفوز العظيم) مرة تأتي على هذا النسق كما في سورة المائدة (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿119﴾ المائدة) نحن في النساء الآن في النساء أضاف واو قال (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿13﴾ النساء) هناك ذلك الفوز العظيم هنا وذلك الفوز العظيم الفرق ما هو؟ عندما قال (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبر، رب العالمين يقول هؤلاء الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه قال (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) كما قال عن الجنة عيسى عندما دعا لقومه (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿118﴾ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿119﴾ المائدة) (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبر أنت ناجح (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبر فقط. في النساء أضاف واو (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) تلك حدود الله، هناك فقط لمن آمن وكان صادقاً في عباداته (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وهذا أساس الجنة، من دخل الجنة (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴿185﴾ آل عمران) لكن فاز، الفوز أنواع هناك فوز مجرّد يعني 50% وهناك فوز عظيم لكن في أعظم منه والأعظم منه هو الذي فيه واو فيه قسم (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) هذا الثاني (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لمن يطيع الأحكام في الكتاب والسنة حلال وحرام قال (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿13﴾النساء) هي الطاعة من يطع الرسول فقد أطاع الله (أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴿20﴾ الأنفال) بالحلال والحرام هذه هي التقوى، إذاً فيها واو (وَذَلِكَ) هذا واحد. في سورة التوبة أضاف هو بدون واو في قوله (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿72﴾ التوبة) من هم هؤلاء؟ الذين هم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ﴿71﴾ التوبة) هو يعني خصّصّ أن هذا الفوز فوز فريد (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لا فوز غيره في مقامه (ذَلِكَ هُوَ) (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿80﴾ الشعراء) في يطعمني ويسقيني لم يقل هو لأن هناك غيره يطعمون ويسقونك هناك آخرون أبوك أمك الدولة الخ هنا (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) ما في غيره ولا الطبيب هذا أسباب بينما هنا قال نفس الشيء (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) كلمة هو أضافها لكي يبين أن هذا فوز متميز لأن فيه طاعة الحلال والحرام. في موقع آخر في سورة التوبة أضاف الواو والهاء يقول تعالى (وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾ التوبة) هذه للشهداء (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿111﴾ التوبة) قطعاً أن فوز الشهداء أقوى من فوز الذين يتبعون الحلال والحرام الطاعة لأن هذا إضافة، الحلال والحرام أنت ملزم به ولكن هذا لم يكن ملزماً به أن ينال الشهادة فنال الشهادة قال (وَذَلِكَ) واو القسم جاء بالواو وهو معاً، الله سبحانه وتعالى يقسم بأن هذا هو الفوز الفريد المتميز جداً لماذا؟ لأن فيها شهادة. أنت لاحظ كل زيادة حركة في تغيير في المعنى فهناك الأولى خَبَر الثانية للمتقين الصادقين الثالثة لمن اتبع الحلال والحرام الرابعة للشهداء (وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). أخيراً في الصافات قال (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿60﴾ الصافات) إنّ مؤكِّدة ثم هو ثم لام توكيد إنّ على هو، يعني هذا معناه فوز عجيب متى هذا؟ هذا عندما الناس دخلوا الجنة وعاشوا بسعادة وحور عين وأماكن رائعة جداً وجالسين في مجالس حلوة وفي هذه النعمة العظيمة فازوا فوزاً عظيماً فواحد قال والله يا جماعة احمدوا الله على هذا الذي نحن فيه (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ ﴿51﴾ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ﴿52﴾ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ ﴿53﴾ الصافات) ما في آخرة والخ كان ملحداً أو شيوعياً فقال له والله العظيم هذا الرجل كان أوشك رويداً رويداً أن يجعلني أكفر فذاك قال له الآخر (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ﴿54﴾ الصافات) طبعاً في الآخرة قوانين عجيبة لا يوجد مساحة ولا مسافة ولا جاذبية من الصعب تصورها وأنت جالس ممكن أن ترى كل الكون في لحظة واحدة فقط خطر في بالك ترى فلان في جهنم تراه أو فلان في الجنة تراه على خواطرك الذي تريده يحدث (قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) انظروا على جهنم وإذا هذا صاحبه الذي كان سيُضِله وإذا به في جهنم قال له (فَاطَّلَعَ فَرَآَهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ ﴿55﴾ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴿56﴾ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴿57﴾ الصافات) الحمد لله الذي خلصني فارتعب عندما رأى هذا المنظر في الجحيم وهو في النعيم شعر بالفرق الهائل، هذا الفزع الأكبر الذي يعيشون فيه أهل النار كان من الممكن لو أنه أطاع هذا الإنسان وصار شيوعياً أو صار ملحداً أو كفر بالله أو ما شاكل ذلك أو قال له تعالى نقتل مسلماً نكفِّره أو نقتل شخصاً نفسِّقه يعني هذا الإنسان طبعاً كل مجرم في ناس أضلوه (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴿67﴾ الزخرف) لما يرى الفرق الذي هو فيه والجحيم الذي براه ارتعب أنت في الدنيا كثير من الناس دخلوا سجون ورأوا أدوات تعذيب خيال على حين غرة واحد منهم يخرجونه لأمرٍ ما يشعر بكرم الله والرحمة كيف خلص من هذا العذاب الذي كان فيه؟ هذا عذاب الدنيا فكيف عذاب الآخرة (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ﴿56﴾ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) إلى أن قال (أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ﴿58﴾ إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ﴿59﴾ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿60﴾ الصافات) يعني نحن لن ندخل جهنم ولن نموت ولن نحاسب مرة أخرى! يكاد يجن من الفرحة (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).
إتصال من الدكتور يعقوب من الكويت: نشكر الأخوان من مخرج إلى مُعِد على هذه البرامج التي فعلاً نحن في حاجة إليها في زمن اختلفت كثير من الآراء والتوجهات وأصبحت الحقيقة في بحر من الظلمات إلا أن وجودكم أنتم يا شيخ في الحقيقة ينور خصوصاً الشباب والشابات إلى هذه الأمور الدنيوية التي نحن في حاجة لها الحقيقة. سؤالي أنا اليوم سمعت في الخطبة أن الدخول إلى الجنة له عدة أسباب مثل الزكاة والصدقات والعطف على الفقير وإخراج باليد اليمنى بدون ما تعرف اليد اليسرى وأشياء كثيرة أكون شاكر جداً شيخ لو شرحت الأمور التي فعلاً تساعد على دخول الجنة شاكر لك جداً.
الإجابة: جزاك الله خيراً. قبل الجواب أطمئنك تماماً والله لو تتبعت الكون أو تاريخ الكون لرأيت أنه سبحانه وتعالى كلما أراد أن يمُنّ على هذه الأمة بنهضة جديدة بعد عبث وتمدد وفلتان يبتليها ببلاء عظيم فيما بينها من أعدائها لكي ينظِّف ساحتها تنظيفاً كاملاً كما نُطهِّر الأشياء نحن بالنار فرب العالمين الآن يطهر هذه الأمة من عناوين وطوائف وأحزاب وفئات ومرتزقة تنظيفاً كاملاً الكل ينكشف الآن وها أنت الآن واحد من ملايين هذه الأمة تتلمس أن هناك شيء وشيء. حينئذٍ هذا البلاء الي نحن فيه بإذن الله ما هو إلا تطهير هذه الفتنة والفتنة تعني تطهير المعدن (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ العنكبوت) كما تفتن المعدن لكي يكون ذهباً فأبشر يا دكتور يعقوب أن الأمة وراءها نهضة هائلة توحيدها ووحدتها ورجوعها دينها بالدين السمح الجميل وليس هذه الأديان التي اخترعتها الأمزجة ومعظم أدياننا اليوم اخترعتها الأمزجة كل واحد له مزاج سوف يصفو كل هذا بهذا البلاء الذي يصب علينا صباً مما بيننا ومن عدونا فابشر بالخير هذا أولاً. ثانياً خذها مني وأنا أخذتها من رسول الله r (والله إني رسول الله وما أدري ما يُفعَل بي) ما ندخل الجنة إلا برحمة الله (ما لم يتغمدني الله برحمته) إذا أردت أن تدخل الجنة ودخولها لا يكون إلا برحمة الله (لن يُدخِل الجنةَ أحدُكُم عمله إلا برحمة الله) فاستمطر رحمة الله أي دع الله يحبك والله يحب التوابين استغفر كثيراً، يحب المتطهرين كن متوضأ دائماً وهذه عادة لو تتعود عليها يا دكتور ترى نفسك خفيف الظل ومتفائل بشكل عجيب، امسح على رأس يتيم، اعفو عمن ظلمك يوم من الأيام شخص اعتدى عليك قل له مسامح بابتسامة، صلي ركعتين بالليل قبل أن تنام قل أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ست مرات يغفر لك ذنوبك، كن ذاكراً تتبع (إن الله يحب) ويحب ويحب يحب التوابين والمتطهرين والمتواضعين والكرماء والأسخياء والعافين عن الناس والكاظمين الغيظ والذي ينفق في السراء والضراء خذ لك واحدة (اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴿35﴾ المائدة) توسَّل إلى الله بعملٍ واحد يحبه والله العظيم وهو كما يقول سيغفر لك كل ذنوبك يا سيدي الكريم سأقول لك شيئاً اسمعها مني كلنا نذهب إلى السوق كل يوم نرى أسواقاً أصبحت المدينة كلها أسواق إذا دخلت أي سوق وقلت دعاء السوق (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيءٍ قدير) يعطيك مليون حسنة ويذهب عنك مليون سيئة بالله يا دكتور ماذا تقول في هذا الرب؟. خلاص لا تفعل شيئاً صلي خمس أوقات وصم رمضان وكلما دخلت السوق قل دعاء السوق يومياً تحصل مليون حسنة ويرفع عنك مليون سيئة، هل ترتكب يومياً مليون سيئة يا ابن الحلال؟ والله حتى الكافر لا يرتكب مليون سيئة في اليوم! وحينئذٍ اجعل رب العالمين يحبك إذا كنت ذكاراً يحبك إذا دخلت السوق وتوضأت وقلت دعاء الوضوء الخ يعني خذ لك واحدة فقط قل يا رب جئتك بهذا العمل من كرمه وعفوه وسخائه (يا عبدي لو جئتني بمثل قراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاًَ غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي) فقط قل له أنت واحد أحد لا أشرك بي شيئاً لا أطلب من غيرك ولا أعتمد على غيرك أنت ربي أنت إلهي حينئذٍ كما قلنا قبل قليل عن الجماعة الذين توسلوا إلى الله خمس مرات (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴿191﴾ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴿192﴾ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴿193﴾ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) خمس مرات قال خلاص (ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) حينئذٍ أحسِن التضرع إلى الله بعمل واحد وليكن دعاء السوق خذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم تصور الصحابة كان يومياً واحد يركب الحصان أو الحمار عشر مرات داخل على السوق وجاي ليس لغرض وليس لديه مال ليشتري فقط لكي يقول هذا الدعاء وهذه في الإسلام عشرات بل مئات المناسبات كدعاء السوق وغيره يغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر. كم مرة تتوضأ في اليوم؟ خمس سبع ثمان مرات إذا أحسنت الوضوء وأسبغته غفر الله لك ما تقدم. يا سيدي الكريم والله كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار إلا شقي) ورمضان قادم (رَغِم أنف عبدٍ أدرك رمضان ولم يُغفَر له) ما عليك إلا أن تقول يا ربي إني أصوم لوجهك لا رياء ولا سمعة وانتهى الأمر ولا يبقى عليك ولا ذنب واحد ويضاف إلى رصيد أعمالك رصيد ثلاثة وثمانين سنة وهي ليلة القدر فتوكل على الله يا ابن الحلال وابشر بالخير.
إتصال من الأخت إيمان من السعودية: بالنسبة للعمرة أنا والوالدة نحن ليس لدينا محرم هل تجوز في رمضان؟
الإجابة: العمرة تجوز إذا كنت مع رفقة. المحرَم في الحج والعمرة بلا محرم بشرط أن تكوني مع رفقة آمنة.
قبل أن ننتقل إلى موضع آخر لا زلنا مع الفوز عرفنا الفرق بين (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) و (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) و (ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) و (وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) و (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) عرفنا هذا. ثم عندنا:
(ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴿11﴾ البروج) – (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴿16﴾ الأنعام)
ثم لدينا (ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ﴿11﴾ البروج) و (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴿16﴾ الأنعام) المبين وليس العظيم، العظيم كيف؟ يعني فرق بين أن أعطيك بيت هذه هدية لكن أن أجعلك رئيس وزراء هذا فضل عظيم لأنه عام مشهور، هذا الفوز العظيم. الفوز الكبير كمّ؟ يا الله يعني لا حدود للكرم الذي سوف تناله! والفوز المبين على رؤوس الأشهاد فهناك يوم القيامة الله قال كما سوف يأتي (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴿35﴾ ق) يعني يعطيك بينك وبينه لكن هناك في عطاء يوم المحشر على رؤوس الأشهاد يا عبدنا فلان ابن فلان قم أعطيناك كذا أمام الآخرين لماذا؟ رب العالمين يوم القيامة في المحشر ينصِّب ملوكاً، الجنة لها ملوك (يا علي أنت ملك الجنة وذو قرنيها) حينئذٍ والجنان مائة جنة وفي كل جنة ملايين الدول في الجنة الواحدة وكل جنة لها ملك كما في الدنيا والملك عندما يكون محبوباً أنت سعيد كل الناس هنا في الإمارات كان يقولون عن الشيخ زايد رحمة الله عليه كونه رئيس الدولة كان يضفي عليهم سعادة وبهجة فخورين بأنه رئيس الدولة كما هم خلفاؤه الآن. حينئذٍ ما بالك بملك على وجه الأشهاد يقول يا عبدي يا فلان وقد يكون شخصاً فقيراً (رُبّ أشعث أغبر ذي طمرين مدفوعٍ بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) قم يا فلان اشفع لخمسة آلاف واحد لمائة ألف واحد هذا فوز مبين (وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) الذي كل الناس يعرفونه، حينئذٍ فوز كبير وفوز عظيم وفوز مبين مشهور.
(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴿41﴾ النساء) – (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ﴿84﴾ النحل)
نعود مرة أخرى لكي نكمل ما في سورة النساء (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴿41﴾ النساء) جئنا من كل أمة في آية أخرى يقول في كل أمة (وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ﴿84﴾ النحل) في سورة أخرى (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ ﴿89﴾ النحل) ما الفرق بين نبعث من كل أمة شهيداً ونبعث في كل أمة شهيداً؟ لما يقول نبعث من كل أمة شهيداً هذا يتكلم عن الأمم السابقة ما قبل الإسلام الذين سوف يبعث الله عليهم نبيهم شاهداً، سيبعث سيدنا عيسى على قومه شهيداً وسيبعث سيدنا موسى على قومه شهيداً وسيدنا إبراهيم يعني كل الأنبياء والرسل سوف يشهدون على أنفسهم على أممهم هذا (نَبْعَثُ مِنْ) من منهم من بعضهم. لما قال (نَبْعَثُ فِي) هذا من غيرهم من خارجهم وهؤلاء المسلمون فقط من حيث أن المسلمين سوف يشهدون على كل الأمم لماذا؟ لأن المسلمين الأمة الوحيدة التي تؤمن بجميع الرسل والرسالات حصراً لا تفرِّق بين أحد من رسله ولا تستثني رسولاً ولا رسالة وهذا من فضل هذه الأمة ولا تجده عند غيرها مطلقاً إلا استثناءات قليلة هناك فئات محدودة هناك فئة قليلة من اليهود جداً تكاد تندثر موجودة والله وهناك فئة من النصارى أيضاً موجودة يقولون جميع الأنبياء بما فيهم محمد رسول أيضاً هذا قلة الغالبية العظمى يقولون لا، المسلمون ليسوا أهل دين. المسلمون صغيرهم وكبيرهم تقيهم وفاسقهم وكل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله يقول (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴿285﴾ البقرة) (قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴿136﴾ البقرة) لهذا كما قال تعالى (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴿143﴾ البقرة) فكل المسلمون سوف يشهدون أن هذا فلان الفلاني كان لا يفرِّق بين أصحاب الرسالات وفلان الفلاني كان يفرِّق، كل واحد إذا عرف واحد من اليهود أو من النصارى ما كان يفرِّق بين أصحاب الأديان ولا يتعالى على غيره يقول يا ربي هذا كان كذا (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وقال (نَبْعَثُ فِي كُلِّ) من غيرهم من خارجهم، (نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ) من تلك الأمة نفسها، هذا الفرق بين (نَبْعَثُ فِي كُلِّ) و (نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ).
(وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) – (وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا)
الشيء الثاني في قوله تعالى (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ ﴿89﴾ النحل) (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) وقوله (وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) ما الفرق بينهما؟ إذا قال (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) لبيان عظمة النبي عليه الصلاة والسلام ومدى نفوذه يوم القيامة، له نفوذ على كل الأمم وهذه قضية عقائدية وهذا منطقي جداً باعتباره خاتم الرسالات قال (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) إذاً الإبراز وبيان الفضل للشهيد بغض النظر من هم المشهود عليهم. لما قال (وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) بيان قباحة الأمة التي ذكرها القرآن بأنهم أشركوا وغيّروا وحرّفوا قال وجئنا بك على هؤلاء الذين انحرفوا شهيداً فلما يقدّم المقدم إذا كان قدّم الشهيد فلبيان فضله إذا قدّم المشهود عليهم فلبيان مدى جرمهم، هذا هو الفرق بين (وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ) أو (عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) هذا هو الفرق بينهما.
بُثّت الحلقة بتاريخ 8/8/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها