الحلقة 32
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد هذه حلقة جديدة نستدرك فيها أيضاً بعض الآيات القرآنية التي فاتتنا من سورة البقرة وآل عمران والنساء يلتمس فيها شيخنا الجليل العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ما لها من أخوات في كتاب الله تعالى في مواضع متفرقة من الذكر الحكيم. ومن حسن الطالع أن هذه الحلقة بحمد الله تعالى تأتي وهذه المناسبة العظيمة العزيزة على هذه الدولة الكريمة داعياً المولى سبحانه وتعالى أن يوحد قلوبنا ويؤلف بيننا والتي يعود فيها الفضل إلى الشيخ زايد عليه رحمة الله تعالى وشآبيب رضوانه الذي ترك هذه الآثار الخالدة ووضع نموذجاً للإتحاد والوحدة العربية الإسلامية سائلين المولى أن يقتدي بها الآخرون إن شاء الله.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم ونحمده تعالى على ما أنعم على العرب والمسلمين بهذا الأنموذج الذي يبعث الأمل في نفوس الناس جميعاً في وحدة بينهم بأي شكل من الأشكال بعد أن نجحت هذه التجربة العظيمة التي هي من صنع الله سبحانه وتعالى وجعل أسبابها شيوخ هذه الدولة الكريمة وعلى رأسهم سمو الشيخ زايد رحمة الله عليه وسمو الشيخ راشد وهما قطبا هذا الإتحاد العظيم الذي برهن على أن الوحدة أو الإتحاد بين العرب والمسلمين بشكل من الأشكال ممكن وهذا هو الدليل وهذا الاتحاد حجة على العرب جميعاً وعلى زعمائهم برغم أنه في عصر فشلت فيه عدة محاولات ولكن على جميع الدول العربية والاسلامية أن تدرس لماذا نجحت هذه الدولة في هذا الاتحاد الذي أصبح قبلة لكل العالم. جميع العالم من عنده مشكلة أو خلاف أو حاجة يأتي إلى هنا ليجد في هذه الدولة الموحدة المتحدة بهذا الخلق الرفيع وبهذه السياسة المتوازنة عطاء ونصحاً وإرشاداً وتوجيهاً ولا يوجد على وجه الأرض كلها عدو أو معارض أو ناقد لهذه الدولة وهذا من عجائب الزمان ومن معجزات هذا القرن فنسأله تعالى أن يرحم سمو الشيخ زايد وسمو الشيخ راشد ويحفظ جميع شيوخ هذه الدولة ويأجرهم على ما فرّحوا قلوب الناس بهذا الإتحاد الذي يزهو وينمو بعد يوم. وبهذه المناسبة أسأله تعالى أن يجزل العطاء لسمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة على مكرمته العظيمة وهل كعادته في كل مناسبة عندما أطلق سراح 514 سحيناً ممن صلح حالهم وحفظوا القرآن وأصبح السجن في هذه الدولة مدرسة لإصلاح الجانحين وهذه مكرمة في سلسلة المكرمات في هذا الباب التي تعودنا عليها في كل الإمارات يطلقون من صلح حاله وإن كانت مدته عالية.
د. نجيب: لعل الدعوة تمتد إلى بقية الزعماء والرؤساء ليقتدوا بهذا الصنيع فيخرج الشباب والشيبة من المعتقلات والسجون.
د. الكبيسي: وخاصة في العراق التي تمتلئ السجون بمئات الآلآف أطفال ونساء وصغار ولعلهم يقتدون بهذا الصنيع ويخرجوا الناس من سجونهم الظالمة. وبهذه المناسبة أيضاً في الحلقة الماضية تحدثنا عن تطور المكر العالمي بالنسبة للعراق وكيف أن العالم العربي كله يخضع لعدة محاولات لإضاعة الزمن والمراهنة على أزمنة العرب عشرين سنة يهيؤون أفكاراً وأحزاباً وتحدثنا عن الأحزاب الشيوعية في العالم العربي وذكرنا إسم عبد الرحمن البزاز وكنت أعني عبد الرحمن القصاب لأن عبد الرحمن البزاز أعظم وأكرم وأثقف وأشرف رئيس وزراء عراقي في تاريخ العراق وهو من العلماء الأفاضل أصحاب الفكر العالي وكان رئيس وزراء العراق في أيام عبد الرحمن عارف وكان عهده عهد علم وثقافة وسياسة رائعة وكنت أعني به عبد الرحمن القصاب هذا الذي أشرف على مجزرة العرب والمسلمين في الموصل من منطلق أنهم رجعيون لأنهم لم يكونوا شيوعيين فأنوّه أنني أعني عبد الرحمن القصاب في الموصل وليس الدكتور عبد الرحمن البزاز الأستاذ الدكتور عبد الرحمن البزاز. ذاك عبد الرحمن القصاب كان قصاباً يبيع اللحم وبعد أن يبيع اللحم للناس ليأكلوا كان يعلق غير الشيوعيين على أعمدة الكهرباء ويقطع أوصالهم وهو معروف وهو ما يزال مختبئاً في الاتحاد السوفياتي السابق أما بعد الرحمن البزاز فهو مفخرة من مفاخر العراق التاريخية وشخصية من شخصياته التاريخية التي تضي للناس دروبهم في زمن شاع فيه الظلام في العراق وهذا الظلم الذي وعينا عليه من 1858 إلى اليوم ظلم يسلم إلى ظلم أشد منه.
(وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) الكهف) – (وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى (50) فصلت)
نتكلم الآن عن بعض الأشياء التي استدركنا بعض المشاهدين فيها وكما قلنا هذا البرنامج يحتمل كل الآراء يستطيع أي إنسان مهما كان بسيطاً حتى أمياً أو امرأة أن ينقدح في ذهنها قضية من قضايا هذا البرنامج. تحدثت في حلقة سابقة عن الفرق بين (وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) الكهف) (وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى (50) فصلت) وقلت: الردّ أن تأتي مكرهاً وقلت واحد رُدّ فلان إلى بلده، وأُرجع فلان إلى بلده، أُرجع بشكل سهل وطبيعي وعلى رغبته بشكل طبيعي بعدما سافر رجع إلى بلاده وكان يعرف أنه سيرجع، أما رُد تعني أن هناك مشكلة إما أكرهوه على هذا أو غير مرغوب فيه أو هو لا يريد أن يأتي أو جابوه بالقوة هذا الردّ. هذا الذي قلناه أحد المستمعين في العراق إسمه سعد من الحويجة ربما لخص هذا تلخيصاً أكثر دقة منا، قال الرجوع (وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَى) هذا يؤمن باليوم الآخر فهو مؤمن أنه سيموت وأنه سيرجع إلى الله فيرحمه أما الذي يقول (ولئن رددت) هذا لا يؤمن باليوم الآخر وإنما يستهزئ (وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا (36) الكهف) ورأيت هذا منطقي جداً وأردت أن أنبّه عليه لأنه تفوق علينا من حيث أنه قال الرجوع لمن يؤمن بالله واليوم الآخر ورُددت للذي لا يؤمن وإنما يقول لو حصل على فرض المستحيل.
(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الأنفال) – (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) الطارق) – (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ (142) النساء)
الموضوع الثاني عندنا ثلاث كلمات عجيبة غريبة (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ) (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (50) النمل) وعندنا (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)) وعندنا (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) أساليب تعامل ناس غير مؤمنين وغير صالحين مع الله عز وجل وهو تعاملهم مع الناس أنت هناك من يمكر بك ومن يكيد لك ومن يخادعك وهذا شأن الناس جميعاً في بعض تصرفاتهم. فما الفرق بين (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ) (وَمَكَرْنَا مَكْرًا) وبين (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا) (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ (76) يوسف) (إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) يوسف) وبين (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142) النساء)؟المكر سر في الإنسان عن طريقه يعني تضعه في مكان معين يفرح به وظيفة عالية تجعله غنياً بعد فقر، تعطيه رتبة هائلة مثلاً كان جندياً بسيطاً تجعله لواء، يعني تكرمه إكراماً زائداً ولكن هذا ليس لمصلحته وإنما تريد أن تقلب به الأرض، هذا المكر (وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا). مثلاً قارون أعطاه الله مالاً (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ (76) القصص) ولما رب العاليمن أعطاه هذا المال ليسعده به وإنما أراد أن يمكر به (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ (81) القصص) هكذا شأن الذين يتعاونون مع الطغتة في كل التاريخ، هذا الطاغية سواء كان استعماراً أو محتلاً يأتي بعملاء يعطيهم فلوس ومناصب وقصور وأرصدة في الخارج يسعدهم سعادة وهمية وهم فرحون بذلك ولكن هو لا يعني هذا هو يمكر بهم وفي النهاية سوف يأخذ كل شيء منهم ثم يلقيهم في التهلكة وهذا يحصل كل يوم ناس تتعاون مع محتلين وعصابات وجماعات وقتلة كثير في التاريخ ثم بعد ذلك يقلبونهم قلبة هائلة. قبل سنتين قرأت في جريدة البيان في دبي عن واحد فلسطيني نظموه اليهود جاسوساً لهم وتكلم في مذكراته كيف أعطوه شقة في القدس وشقة في حيفا وشقة في إيطاليا وأرصدة هائلة إلى أن صار أسعد الناس ثم لما انتهى عمله نكبوه نكبة هائلة وتحدث كيف فعلوا به. هذا الجيش في لبنان الذي خدم إسرائيل ثلاثين سنة وأعطوه دبابات وفلوس ثم لما صارت المشكلة وهربوا إلى إسرائيل انتقموا منهم إنتقاماً أمام شاشات التلفزيون في العالم مزقوهم مزقاً، هذا هو المكر. الله تعالى قال (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ (36) الأنفال) (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ (16) الحشر) الشيطان قال للإنسان اكفر وأنا سأعطيك ويوم القيامة أنكر (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ (22) إبراهيم) (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (67) الزخرف) (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ (166) البقرة) هذا المكر. من مكرهم بالله أنهم فلسفوا الكفر، كيف مكروا بالله؟ لو تعرف كيف يتكلم هؤلاء، إقرأ كل ما في القرآن الكريم عن وجهة نظر هؤلاء عملوا فلسفة (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا (5) ص) (أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا (3) ق) وقس على هذا كلام وفلسفة وجماعات وطروحات وفلاسفة هؤلاء الشيوعيون في الاتحاد السوفياتي طلع عندهم فلاسفة وكتب ودور نشر وإذا بها هباء منثوراً كأن لم تكن. (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (33) سبأ) قال حينئذ (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) هذا هو المكر ولهذا كل من يعطي عطاء الهدف منه توريط المعطَى وليس إسعاده وإنما إلهلاكه بهذا العطاء يسمى مكراً. الإتحاد السوفياتي هذا أغوى دولاً عشرين ثلاثين دولة عملهم شيوعيون في آسيا وعند العرب ثم ذهب وقطعوا إرباً هذا هو المكر. الكيد هو دقة التدبير الخفي (كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ (76) يوسف) رب العالمين أراد أن يجعل يوسف ملك مصر ويوسف صغير عند يعقوب كيف؟! يقول القول الحكيم: لو يعلم العبد كيف يدبر الله الأمور لذاب فيه عشقاً. شيء عجب ولذلك كل واحد منا مر في حياته أشياء كان يكرهها (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ (216) البقرة) وإذا بها من تدبير الله يؤدي إلى سعادة متناهية. يوسف فتى جميل وإخوانه حسدوه رموه في البئر ورب العالمين أراد أن يرمى في البئر ثم يباع لرئيس الوزراء في مصر لماذا رئيس الوزراء كان يمكن أن يذهب لمكان ثاني هذا حسن تدبير هائل خفي وهو لا يعرف هو في البئر كان يبكي وفي السجن قال (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ (33) يوسف) لكن رب العالمين كما في الحديث “إن الله ليضحك من يأس عبده وقُرب غيَره” أنت في أزمة وزعلان ويائس وبعد يوم يومين شهر شهرين وإذا هذا العناء الذي كنت فيه هو المقدمة الضرورية لسعادة ما بعدها سعادة ونجاح ما بعده نجاح فرب العالمين يضحك من هذا الوضع من يأسك والفرج القادم يبهرك. حينئذ هذا الكيد (إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ (28) يوسف) حسن التدبير بخفاء وحينئذ (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) الطارق) تعال وانظر كل قوى الشرك في العالم مؤامرات وعصابات وأحداث سبتمبر وما يحصل في الهند هذه كلها مصنوعة وكلها مبرمجة يعني شيء خيال وإذا بها في النهاية تنقلب لصالح المسلمين بالمائة مائة والآن نسب كبيرة من الأوروبيين في العالم بعد الهجمة على الاسلام والإرهاب هذا كيد وجاؤا بأكاذيب وأسلحة دمار شامل في العراق وبرنامج نووي في سوريا يعني أكاذيب واليوم هذه الهند وما يحصل فيها مدبر لماذا؟ لأن الهند هي الدولة الوحيدة مع الصين التي ما تأثرت بهذه المحنة المالية فجاؤوا ببعض المسلمين مغفلين وهذا من صنائعهم وما أكثر صنائعهم عملوا هذه المشكلة حتى يقال الإسلام إرهابي ودمروا الهند وألغو الثقة الاقتصادية فيها. كيف الآن أميركا وأوروبا تتراجع وتهوي والصين والهند تبرز والعالم كله يتحدث بما فيه أوباما وماكين قالوا الصين تتقدم والهند تتقدم كيف تتقدم؟ فجاؤا بهذا الكيد جاؤوا من الباكستان بشباب صغار أدخلوهم هنا وهنا هذا الكيد والمكر هذه العلاقة البشرية إلى يوم القيامة. المكر إذن عطاء كثير إسعاد كثير مواقف إيجابية لكن وراءها مصيبة ستأتي يعني السُمّ بالدسم تعطي واحداً كل ما يريد تسعده سعادة هائلة لكن بغرض أن تودي به إلى مهلكة. الكيد تدبير خفي ينطلي على المكيد به وأنت تريد من ورائه شيئاً معيناً أما المخادعة والخديعة فإظهار المحبة إظهار الولاء والشفقة ثم أنت في واقع الأمر أن تصل بهم من وراء هذا الظن إلى أن تؤدي بهم إلى الهلاك. إذن ثلاثة تشترك في أنها إلى هلاك لكن هلاك عن طريق التزيين والعطاء السم بالدسم والكيد عن طريق دقة التدبير بحيث لا تأتيك التهمة إطلاقاً ولا يطالك القانون نهائياً إذن هكذا هو الفرق بين المكر والكيد والخديعة.
د. نجيب: لكن من حيث نسبتها إلى الله؟
د. الكبيسي: هذا من باب المجانسة
قالوا اقترح شيئاً نُجِد لك طبخه قلت اطبخوا لي جُبة وقميصا
في اللغة العربية والقرآن عربي هنك المشاكلة تقول لي اسقني ماء أقول سأسقيك عطراً هو لا يسقى كلن من باب المشاكلة. أنتم تمكرون فانظروا مكر الله، (نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ (67) التوبة) الله تعالى لا ينسى لكن سيفعل بهم كما لو نسيهم يهملهم والجزاء من جنس العمل والمشاكلة من أبواب البلاغة معروفة. الله تعالى قال عن عيسى (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ (54) آل عمران) (إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ (55) آل عمران) رأى الناس الفيلم الأوروبي عن صلب المسيح تقشعر له الأبدان وسيدنا المسيح ما صلب نهائياً هذا ما نعتقده نحن المسلمين. هم فعلاً جاؤا بسيدنا عيسى ليصلبوه ثم تبين أنه واحد منهم من المتآمرين رب العالمين ألقى عليه شبه عيسى فقتلوا صاحبهم الذي يتآمر معهم (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ (157) النساء) وحينئذ هذا مكر الله، سيدنا المسيح عليه السلام عملوا له خطة وتآمروا عليه سنوات ورب العالمين مكر بهم كما أردوا أن يمكروا بعيسى فألقى شبهه على واحد من زعمائهم فصلبوا هذا ورفع سيدنا عيسى إلى السماء (بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ (158) النساء) إذن الكيد ليوسف والمكر لعيسى. هذا هو الفرق بين المكر والخديعة والكيد.
ننتقل إلى موضوع ثالث وبالمناسبة هذه آخر حلقة في سورة البقرة وآل عمران والنساء ثم ننتقل من الحلقة القادمة إلى سورة المائدة.
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96) آل عمران) – (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (24) الفتح)
آل عمران 96 (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (96)) بالباء، في سورة الفتح 24 (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (24) الفتح) لماذا هناك بكة وهنا مكة؟ المفسرون قالوا بكة هي مكة لكن لأنها تبك رقاب الأعداءهؤلاء المفسرون جزاهم الله خيراً والعلم والتنقيب والدراسات الجغرافية تقول غير هذا. عندنا مكة هي أُم القرى (وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا (92) الأنعام) أم القرى كانت إلى جانبه التي هي مكة ومكة ما كانت بهذه السعة كانت بلدة صغيرة أنت لما تطير الآن فوق العالم العربي يعني أنت لما تسافر من هنا إلى عمان تجد تجمعاً كبيراً خاصة في الليل بالأضواء تجد مدينة لنقل عشرة آلأف عرشين ألف ومتناثرة حولها مجموعات صغيرة من الأنوار يعني قرى صغيرة هذه القرية الكبيرة هي أم القرى مكة التي هي مكة الآن لم تكن بهذه السعة كان مكان الحرم الحالي كانت صحراء فيها ميزة معينة يسمونها بكة لم تكن بلداً كانت مكان ليس فيه بناء فيه آثار البيت والبيت بنته الملائكة ولهذا قال تعالى (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ (127) البقرة) قال يرفع ولم يقل يبني. هذا المكان الذي فيه الحرم الآن كان يسمى بكة (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) بالمكان الذي هو ضاحية من ضواحي مكة القديمة وكان يبعد عنها مسافة فكان في بكة وإلى جانبه مكة، مكة هذه هناك مكة وهناك وادي أربع وديان خمس مجموعات متناثرة كلها تدور في فلك مكة مكة هذه أم القرى المتناثرة كلها تدور في فلك مكة. في القاهرة عندنا مصر ومصر الجديدة عندنا بغداد وبغداد الجديدة هي قطعة من بغداد لكن لم يكن فيها بناء في سنة 1952 هذه ما كانت موجودة سابقاً ثم بنيت بعد ذلك. هناك محافظات بدأت جديدة لكن كان لها أسماء قديمة حلوان منطقة إسمها حلوان ونحن الآن في دبي هناك مناطق كثيرة كانت موجودة سابقاً ثم بنيت بعد هذا. إذن بكة التي فيها الحرم الآن كانت أرضاً خلاء لذا قال (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ (37) إبراهيم) ليس فيها أحد نهائياً لما سألت هاجر إبراهيم عليه السلام آلله أمرك بهذا؟ قال نعم قالت إذن لن يضيّعنا. إذن بكة المكان الذي بُنيَ فيه الحرم من قبل سيدنا إبراهيم وإسماعيل ولم يكن فيه بناء لهذا قال سيدنا إبراهيم (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا (126) البقرة) في المستقبل لما نبي الحرم قطعاً سيأتي أناس يبنون حوله سيصير بلداً إجعل هذا البلد الذي ليس هو بلداً الآن عندما كانت بكة قال له اجعل لنا هذ البلد آمنا واستجاب الله تعالى دعوة سيدنا إبراهيم كما ساتجاب دعوته أن يبعث فيهم رسولاً منهم نبياً عربياً. إذن موقع بكة الآن في هذه البقعة التي كانت بعيدة جداً عن مكة كما هي عرفة والحجون كلها كانت أماكن بعيدة عن مكة، مكة صغير حولها سور ولهذا إذن مكة غير بكة لكن الآن توسع مكة أصبحت بكة داخل حدود مكة أصبحت بلداً بدعوة سيدنا إبراهيم.
إتصال من الأخ عايش من السعودية: (فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ (117) المائدة) ما دلالة التعبير بالوفاة مع أن سيدنا عيسى عليه السلام رُفِع؟
د. الكبيسي: نحن قلنا أن الوفاة غير الموت (حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا (61) الأنعام) الوفاة هي نوع من أنواع النوم الوفاة هي الثواني والدقائق التي أنت لست ميتاً بعد (اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا (42) الزمر) قبل ما تموت تتوفاها يعني أنت ذاهل عن كل ما حولك ومن حولك لكنك أنت حي تتعامل مع الملائكة مباشرة (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) وبالتالي هذا الذي يحتضر ساعة الاحتضار هو لا زال حيّاً لكن تعامله مع الله مباشرة فالوفاة تعطيل الحواس والتعامل مع العقل والقلب مباشرة مع الملائكة (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ). سيدنا عيسى توفي ما مات يعني أصبح غير قادر على يعيش حياتنا هذه وإنما عاش حياة الملائكة وبالتالي سيدنا عيسى حي يسمع ويرى ولكنه لا يكتسب المعارف بحواسه وإنما بالضخ من الله تعالى مباشرة.
إتصال من الدكتور صالح من سوريا: مداخلتي اليوم نثرية وشعرية. أنت ناقشت الفتيل والنقير في الحلقة الماضية جزاك الله خيراً فقدحت في فكري وأنا جمعت الآيات التي وردت فيها الفتيل والنقير في القرآن فوجدت ثلاث مرات فتيل ومرتين نقير وأشكلت عليّ عندما قلت أن الفتيل إذا كان جماعة والكلام تافه وأشكلت عليّ آية في سورة الإسراء (يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (71)) أنا قلت حقها أن تأتي نقير لكني رجعت إلى الآيات ثم عدت إلى الآية الأصلية (إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) النساء) فقلت في نفسي إن كان يضاعف الحسنة فإنه لا يضاعف السيئة ولا يزيدها فالظلم الذي يقصده رب العالمين في القرآن نوعين إما نقص من الأجر أو زيادة في العقوبة وعندما أراد سبحانه وتعالى أن يستخدم النقص في الأجر استخدم النقير وعندما أراد أن يستخدم الزيادة في العقوبة استخدم الفتيل والنقير هو النقرة التي في النواة كما أنت قلت وهي التي يخرج منها الرُشيد وهي مظنة المنفعة لأنه يخرج منها الرُشيد فيمكن أن تخرج منها شجرة لذلك رب العالمين استخدمها في عدم إنقاص الأجر إنما أشكلت عليّ آية الإسراء.
د. الكبيسي: لما قال تعالى (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً) هل كان يمكن أن يقول تعالى نقيرا؟! لماذا هذا الذي يصلي ويصوم ويحج هل الله تعالى ينكر له الصلاة؟! الصلاة ليست فتيلا، لا يظلمك بشيء عظيم حتى الشيء التافه عبادة مستعجلة والله مرات أصلي صلاة في حالة معينة لما أُسلِّم أقول والله لو كنت رب العالمين لا أقبل هذه الصلاة أصليها وأنا مستعجل وكل مسلم عنده عبادة هي من ضمن العبادات لكنه أداها بتفاهة وبخفة يمكن أقل من مقبول هناك بعض العبادات التي لا تساوي شيئاً لتفاهتها لكنها ليست حراماً رب العالمين يقول حتى هذه العبادة التافهة التي لا تسايوي شيئاً رب العالمين لا يظلمنا فيها وإلا غير معقول رب العالمين أن ينفي عن نفسه أنه ينكر لي الصلاة والزكاة. هناك عبادات تافهة كلنا وأنا أتكلم عن نفسي ما ممكن أن تعطي عطاء مثل هذا البرنامج لا يمكن إلا أن يكون فيه بعض الرياء، بعض الناس يقولون كل هذا العمل محبط والله هذه ثقيلة رب العالمين لهذه الآية قال أنتم تعملون شيئاً جيداً وتنفق جيداً لكن عندك عبادات فيها سرطان الرياء والعجب فأصبحت لا قيمة لها يقول الحديث: إن العبد ليأتي يوم القيامة بأعمال كالجبال وقد أخذ قسطاً من الليل ثم لا يجد عند الله منها شيئاً قالوا بِمَ يا رسول الله؟ قال باللقمة الحرام يقذفها في جوفه” لكن ثق كل عمل فيه رياء ليجب أن يكون فيه جزء ولو بقدر الفتيل لا يظلمك فيه ولهذا الذي قال أن الله يحبط العمل كله، لا، هذا الكلام لا يليق برب العالمين الواسع، بغي مومس يهودية سقت كلباً يلهث، ما قيمة سقيا الكلب بمقابل البغاء؟ لا شيء أقل من فتيل ولكن الله تعالى (وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً).
الدكتور صالح: جزاك الله كل خير وهذا التفسير جميل وأنا أخذت سورة الإسراء كلها فوجدتها إفعل ولا تفعل وكما قلت أنت مظنة الإنسان أن يخطئ بالعبادات لذلك لا يظلم فتيلاً.
د. نجيب: سنعاود الاتصال بالدكتور صالح بعد الفاصل إن شاء الله.
د. الكبيسي: الدكتور صالح والشيخ صالح صمام أمان لنا.
د. نجيب: بمناسبة بكة ومكة ذكر الدكتور فتحي الزبيدي أن الكتب المقدسة في بشارتها للنبي r والقرآن الكريم تنص على كلمة بكة.
(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) آل عمران) – (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد)
ننتقل إلى آل عمران 133 (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) وعندنا آية أخرى (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21) الحديد) قرآن عجيب، هذا القرآن كيف يمكن أن يقول أحدهم هذا ليس كلام الله؟! (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) وفي الآية الأخرى (كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ) ليستا سواء. هذا الحرف يغير المعنى. أولاً سارعوا وسابقوا: سارعوا ضد البطء السريع ضد البطيئ، هذه السرعة ينتج عنها السبق الذي يسرع يسبق فالسبق إذن نتيجة من نتائج الإسراع رب العالمين يقول يا مسلمين سارعوا بادروا إلى الأعمال هذه معروفة السرعة ضد البطء والسبق بالتقدم. (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ) يتكلم عن سعة الجنة بحيث أنها كسعة السموات والأرض في الدنيا والآخرة (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ (48) إبراهيم). سموات الآخرة سموات الدنيا لا تساوي عندها حلقة ملقاة في فلاة لكن كلاهما بالكاد أنت تفهم على مستواك العقلي تفهم كم هي سعة رحمة الله يوم القيامة لما يتناسب مع كونك تفهم القرآن الكريم من إعجازه أنه ما يأتي شيء غير مفهوم وإلا كان عبثاً ولكن الفهم يتفاوت (إلا فهماً خاصاً يؤتيه الله من يشاء من عباده) لكنه مفهوم في النهاية. حينئذ هذه الرحمة سعتها مثل السموات والأرض مجموعة من سموات وأرض الدنيا والآخرة المبدلة والمبدل منه هذه من حيث السعة. تلك من حيث الاستيعاب أنت عندك إناءان متساويان في السعة لكن أحدهما يتسع لماء أو لطعام من الآخر لأنه به عمق أو طول أو عرض كل إناءين متشابهان في المساحة يختلفان في العمق والاستيعاب. رب العالمين يتكلم عن قضيتين يتكلم عن سعة الجنة أقصى ما يمكن أن يدركه عقلك البشري في الدنيا والآخرة أنك أنت عقلك في الدنيا أكبر شيء في الكون السموات والأرض وهذا صحيح وعقلك في الآخرة يتطور تطوراً هائلاً أكثر شيء يستوعبه من السعة السموات والأرض في الآخرة (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ) إذن سعة الجنة كسعة السموات والأرض على عقلك هنا وعقلك هناك المتطور جداً (فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق) هذا من حيث السعة. من حيث الاستيعاب الرحمة إناء الجنة إناء وكلمة عرض متشابهة ليس في القرآن مترادف لكن فيه مشترك العرض ليست هنا عكس الطول وإنما استيعاب الشيء ووجوده إذن كل منهما في باب.
مداخلة الدكتور صالح من سوريا الشعرية: أحدهم سألني لماذا يقول القرطبي إياك نعبدُ وإياك نستعين تبطل الصلاة فقلت له أن الأيا هو ضوء الشمس وهذا يختلف عن الضياء وأحببت أن أعلن هذا في برنامجكم وأخر متشابهات
جليسك من ضياء يا نجيب وأنت إياء شمس لا تغيب
بهاء كليكما وجه صبوح وقول صادق ثر خصيب
فأنت جميل قولك قد تسامى كما يسمو بك الصمت المهيب
وأحمد قد علا قمم المعاني كذا قدر الصقور علا تجوب
على المتشابهات له شروح بأروقة البيان لها ضروب
وفي أخواتها أبدى بياناً فأخبرنا بما يربي الأريب
جزى الله المعلم كل خير على علم هو السحر الخلوب
جزاكم مخرجاً ومصوراً والمنفذ كلكم عندي حبيب
على التلفاز منكم ضوء عطر شفيف المشتهى حلو خضيب
فإن كان الكتاب كتاب ربي فهل عجب إذا أنت طيوب
وأرجو يا شيخي أنا لست ضليعاً في اللغة العربية وإنما طبيب عيون ولكن لي هذه الاهتامامات فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فلا تؤاخذني.
د. الكبيسي: ما شاء الله وبارك الله فيك شعراً ونثراً وعلماً. هذه المفاجأة السارة منك يا دكتور صالح أنك طبيب عيون قلت سابقاً أنه ينبغي أن يعتلي المنابر الآن أطباء ومهندسون الناس الآن بحاجة إلى آيات الكون وهذا لا يحسنه إلا الأطباء والمهندسون وأنت واحد منهم. وما قلته في (إياك) أن هذا القرآن من إعجازه أن الحرف آية “لا أقول ألم حرف وإنما ألف حرف ولام حرف وميم حرف” والآن نقول الحركة آية فهذه الشدة تغير المعنى تماماً مثل ميت وميّت هذا القرآن إعجازه لا ينتهي إلى يوم القيامة سيأتي أناس يغرفون من هذا المعين الطيب الذي لا ينضب وهذا هو الدكتور صالح طبيب عيون والشيخ صالح وغيرهم ممن يتصلون بنا بالتلفون والفاكسات والله يا أخي هذه الأمة مباركة وفي البرنامجين الكلمة وأخواتها وهذا البرنامج تسعدنا هذه الأمة وإن كانت راكدة الآن لكنها فيها قابلية للعلم والتعلم عجباً وهي أمة مباركة إن شاء الله.
د. نجيب: الإمام الجليل عبد الحميد الفراهي من المجددين في تفسير القرآن الكريم في ربوع الهند قبل قرنين من الزمان عندما جاء إلى هذه الاية ففسرها كما فسرته وخالف المفسرين في قضية العرض فقال أن العرض هنا السعة بدليل قوله تعالى (فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ (51) فصلت) واستشهد بقوله تعالى (أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) المؤمنون) كأن هذه الآية تفسر هاتين الآيتين. والدكتور أحمد حسن فرحات هو الذي عرف العالم العربي والاسلامي بهذا العالم الجليل الفراهي وله التفسير الكبير ومعظمه مخطوط للأسف الشديد.على كل حال بقت دقائق لكن باختصار شديد:
(إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) النساء) – (إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) الأحزاب)
(إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) النساء) (إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (54) الأحزاب). إن تبدوا خيراً في كل تعاملاتك مع الله أو مع الناس أما إن تبدوا شيئاً أو تخفوه بالتعامل مع آل بيت النبي r ينبغي أن تكون حذراً من كل شيئ شائب عندما تتعامل مع نساء النبي r أو مع آل بيت النبي r إياك أن تتخدهم غرضاً بقتلهم كما فعل بعض المسلمين أو بتأليههم كما فعل البعض الآخر كل هؤلاء هالكون. آل بيت النبي r بشر يأتون يوم القيامة تحت العرش كتلة واحدة مع النبي r حينئذ أمرناالله بحبهم (من أحبهم فبحبي أحبهم) ورب العالمين قال (لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) فأي مخالفة عقدية أو تعاملية أو سوء ظن ناهيك عن أن تشتمهم أو تقتلهم مصيبة المصائب. إذن (إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ) يعني أي شيء ليس شرطاً أن يكون محدداً. هذا الفرق بين إن تبدوا شيئاً أو تخفوه وإن تبدوا خيراً أو تخفوه.
د. نجيب: كما قال تعالى (وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ (25) الحج)
د. نجيب: نعود بمناسبة هذه الأيام الكريمة ونحن على أبواب الحج وهناك فئة كبيرة من المسلمين الحمد لله رب العالمين قد شدوا رحالهم إلى البيت العتيق وهذا يحتاج إلى حلقة خاصة. نحن مقبلون على العشر الأوائل من ذي الحجة.
د. الكبيسي: هذه الأيام مباركة وما من صيام أعظم من صيام هذه الأيام إلا صيام رمضان فنسأله تعالى أن يوفق جميع المسلمين أن يصوموها ومن ينوي أن يضحي يلتزم بالسُنة إن شاء الله من الآن يقص شعره وأظافره ويتنظف والمأثورات في هذا الباب معروفة. فلنغتنم هذه اليام المباركة ليغفر الله لنا كل ذنوبنا فإنها ايام مباركة
د. نجيب: من الأمور التي أرجو أن تتكرم بالتنبيه عليها كما نبهت في أول الأمر لأولياء الأمر لعموم المسلمين وهو مساعدة من لم يُكتب لهم الحج في أقطار هذه المعمورة.
د. الكبيسي: بما أن الحج أصبح مقنناً لصعوبته فلا تزاحم فمن حج مرة أو مرتين فليفسح المجال لمن لم يحج وهذا ليس فيه أجر إذا أنت تأخذ مكان غيرك الذي لم يحج واتقوا الله في الناس.
د. نجيب: هذا لا ينقص من فضلهم ولا ينقص من أجرهم بل هو لهم أجر خاصة إذا كان حج الفريضة وفي مشارق الأرض ومغاربها ما يزال هناك العديد من المسلمين الذين لم يحجوا.
د. الكبيسي: أزمات لأنه ليس هناك مقاعد وبالعكس هناك من بالواسطة يستولي على مقعد من لم يحج مع أنه هو يكون قد حج مرة أو مرتين.
د. نجيب: تذكرت في هذا المقام قول شيخ الإسلام بن تيمية عندما سئل أي العشر أفضل العشر الأواخر من رمضان أو العشر الأوائل من ذي الحجة فقال العشر الأوائل من ذي الحجة نهارها أفضل أما العشر الأواخر من رمضان فلياليها أفضل لأن هنا المناسك في النهار وخاصة يوم عرفة وهناك بالليل وخاصة ليلة القدر. شكراً لشيخنا الجليل والسلام عليكم ورحمة الله.بثّت الحلقة بتاريخ 28/11/2008م