د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وبعد. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. موضوعنا اليوم متصل بالحلقة السابقة ولكنه أيضاً متصل بهذه المناسبة العظيمة التي ستطل علينا من خلال هذه الحلقة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. والمسلمون اليوم في أجواء الحديث عن المولد النبوي الشريف تلك الساعة التي.أشرق فيها المصطفى عليه الصلاة والسلام على هذه الأرض والذي جعله الله سبحانه وتعالى رحمة للعالمين وهذا له حديث آخر. الإحتفال بالمولد النبوي الكريم إحتفال عظيم من حيث هو مناسبة عظيمة لأنه يوم من أيام الله كما قال تعالى لسيدنا موسى (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) إبراهيم) ومن أيام الله ولادة المصطفى وبعثته وهجرته وإسراؤه ومعراجه ووفاته. والملاحظ أن المسلمين في هذه المناسبة يجهدون ويجتهدون في الإطلالة على هذا التاريخ العظيم يحاولون استذكاره أو استنطاقه أو إستدراج العبر والدروس التي ربما تفوت على هذا الجيل أو ذاك وهذه أمور كما تعرفون تتجدد في كل عام. ولكن الملاحظ أن القرآن الكريم لم يتحدث عن مولد النبي عليه الصلاة والسلام وإنما تحدث عن موته فقط وهذا ليس خاصاً بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام وإنما هي قضية عامة في جميع الأنبياء والرسل تحدث القرآن الكريم عن موتهم وأسباب موتهم وظروف موتهم وقتلهم ولم يتحدث عن مولدهم إلا في حالة معينة عندما يكون مولد هذا النبي أو ذاك معجزة كبرى. عندما تكون ولادة هذا النبي أو ذاك تكون معجزة كبرى كخلق سيدنا عيسى وسيدنا آدم (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) آل عمران) كلنا نعرف أن هذه الولادة العظيمة سواء كان أبونا آدم أو سيدنا عيسى عليه السلام إنما هو وجود عظيم فيه قدرة بالغة خارقة بكل ما يمكن أن يخطر ببال البشر.
د. نجيب: أو عجيباً كيحيى
د. الكبيسي: أو ميلاد إسحاق ويعقوب لسيدنا إبراهيم وعمره 120 سنة (قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود) وكذلك يحيى وهكذا إذاً رب العالمين ما تحدث عن ولادات ومولد الأنبياء وإنما تحدث عن الإعجاز في هذا المولد أو ذاك من الأنبياء ولكن الله سبحانه وتعالى تحدث عن ظروف موتهم وأسباب ذلك ودواعيه وما في ذلك من عِبَر (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87) البقرة).
(أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ (144) آل عمران) – (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ (46) يونس)
القرآن الكريم تحدث عن موت النبي عليه الصلاة والسلام بثلاث كلمات متشابهة (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ (144) آل عمران) ثم قال (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ (46) يونس) إذاً القرآن الكريم تحدث عن موت النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الموت أو القتل أو الوفاة وهذا من التشابه. وكل هذه الثلاثة معنية وأنتم تعرفون ليس في القرآن حرف واحد زيادة بل ولا حركة زيادة ولاحظ في القرآن الكريم آية تقول (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) (وإما) وهذا في سورة يونس، في سورة الرعد (وإن) وحدها و(ما) وحدها (وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ (40)الرعد) هذا يعني أن هذا الكتاب العزيز بإملائه وخطه يعني عندا يقول مرة (إِنَّكَ مَيِّتٌ (30) الزمر) ويقول (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا (122) الأنعام) وهكذا هذا اللغة المعجزة التي لا يمكن أن يفعلها إلا رب هذا الذي يقتضي أن ننظر فيها كما ننظر بتواضع وإيجاز ولمسات خفيفة في هذا البرنامج والأمر يقتضي بحثاً وغوراً عظيمين. إذاً كيف مات النبي وكيف قتل وكيف توفي؟ بإختصار شديد نستعرض آخر الايام التي عاشها النبي عليه الصلاة والسلام وقبل أن يموت وساعة وفاته وظروف ذلك وهذا بحثٌ مناسب جداً أن نتحدث فيه وعنه في ذكرى المولد. وإنما المولد ما هو إلا خطوة أولى قبل الوفاة (لدوا للموت وابنوا للخراب) يعني ليست هناك ولادة إلا وهي في طريقها الأكيد المؤكد إلى الموت، إذاً فالموت أخلد وأبقى. وفي هذه المناسبة نستطيع أن نستبط بعض العبر وبعض اللقطات واللفتات من هذه الأيام العشرة التي سبقت موت النبي عليه الصلاة والسلام.
نبدأ بالموضوع خطوة خطوة بإختصار شديد جدا.ً في الحقيقة القضية تتعلق بحجة الوداع، لو اطلعتم على حجة الوداع – وقد اطلعتم فعلاً – هذه الحجة كأنها تلفت أنظار المسلمين إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام يودعهم وكلكم قد قرأتموها (لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا …..الخ) فكان النبي عليه الصلاة والسلام يودعهم بأنه قال في الأخير (إن عبداً من عباد الله خيّره الله بين الدنيا وزينتها والجنة وبين أن يلقاه) فالناس قالوا النبي يتكلم عن رجل من الرجال إلا أبوبكر بكى وقال (نحن نفديك يا رسول الله) فعجبوا فما علاقة كلام الرسول وبكاء أبو بكر؟ أبو بكر وحده أدركها أن النبي صلى الله عليه وسلم ينعى نفسه لأصحابه وفعلاً هذا الذي حصل. بداية قصة الموت أو الوفاة أو القتل – حتى نكون واقعيين – الآية تقول (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) انظر الإعجاز! كان الله يعلم أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم إما أن يموت أو يقتل وكان أن يقول (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) آل عمران) يعلم أنه سيقتل قال (أَفَإِنْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) أما قوله (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) هذا كلام واحد لا يعلم الغيب! والله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ (27) الجن) ثم الأحداث تأتي وإذا محمد صلى الله عليه وسلم يموت قتلاً أو يُقتل موتاً وقبل هذا وذاك يشبع وفاةً. فالنبي صلى الله عليه وسلم مات مقتولاً وقُتِل ميتاً وقبل أن تخرج روحه الشريفة الطاهرة من جسده الطاهر قد مر بحالة الوفاة وتحدثنا عن الفرق بين الوفاة والموت في الحلقة السابقة. كلٌ منا سوف يتوفى إلا من مات موت الفجاءة وهذه ميتة غير محمودة ولهذا كان عليه الصلاة والسلام دائماًَ يقول (اللهم إني أعوذ بك من موت الفجاءة) موت الفجاءة موت كرب لا تتشهد ولا ترى أهلك الذين سبقوك، الوفاة أن تلتقي بأهلك الذين سبقوك في الموت تراهم في أماكنهم وفي أحوالهم وتتحدث معهم وترى مكانك من الجنة وترى زوجاتك من الجنة وترى جيرانك وترى كل شيء (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ق) (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) هذه الوفاة، عندما يبدأ المعرق في الموت بطريقة يبدأ يتحدث مع الأموات يتكلم كلام لا نعرفه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت – كما سأذكر بعد قليل – يتحدث مع ناس تقول السيدة عائشة كان يتحدث مع ناس لا نعرفهم لا نسمعهم ولا نراهم كان يقول لهم (بل بل الرفيق الأعلى) أنا لا أريد الدنيا بل الرفيق الأعلى كأنه هكذا يقول أنا أريد مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين تقول كان يخاطب ناس لا نراهم هذه هي الوفاة. كل تصرفات الذي يريد أن يموت وهو على أبواب الموت قبل أن تفارق روحه جسده هذا الكلام والحديث والإشارات ويخاطب أمه ويخاطب أبوه ويخاطب ناس يقول كلاماً له علاقة بأشياء لا يفهموها هذه هي الوفاة (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) إذا ما أريناك الشيء الذي نعدهم وأنت على قيد سوف ترى ذلك كله ساعة وفاتك لأن الوفاة عالم، هذه الثواني قد تكون ساعات في عالم البرزخ (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47) الحج). إذن قضية القتل أو الموت تعرفون قضية خيبر وكنا شرحناها نحن عندما كنا نتحدث عن السيرة المطهرة معركة معروفة ثم لما انتصر المسلمون فيها جلس النبي عليه الصلاة والسلام تحت الشجرة فجاءته امرأة يهودية اسمها زينب جاءته بشاةٍ مصلية يعني شاة مشوية زينب هذه بنت الحارث لما انتهت المعركة والأمر أصبح للمسلمين واتفق اليهود مع النبي صلى الله عليه وسلم على شروط وكيف يديرون مزروعاتهم وكم يدفعون للمسلمين – كما هو معروف – والنبي جلس مع أصحابه تحت ظل الشجرة، في هذه الحالة كان بعض الصحابة الموجودين وجاءت هذه المرأة اليهودية زينب بنت الحارث بصينية عليها شاة مشوية شواء كاملاً جميلاً ووضعته أمام النبي صلى الله عليه وسلم. طبعاً المسلمون تقريباً يومين لم يأكلوا شيئاً أحدهم وهو البراء بن معرور رضي الله عنه من جوعه قبل أن يأكل النبي أو أصحابه أخذ نهشةً من هذه الشاة ثم بعد ذلك بدأ الناس يأكلوا وامتدت الأيدي وقبل أن يأكلوا المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الذراع في كل دعوة يُدعى فيها النبي صلى الله عليه وسلم على وليمة وفيها شاة كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصوه بلحم الذراع كان يحب هذه اللقمة من الذراع. فما أن رفع النبي عليه الصلاة والسلام هذا الذراع وأوشك أن يضعه في فمه ومس شفتيه الشريفتين وإذا به رأساً يلقيه وقال لا أحد يأكل لكن البراء بن معرور أكل من جوعه المسكين وهو قدر الله خلاص انتهى أجله، ولما سألوه لمَ يا رسول الله؟ قال (إن هذا الذراع يحدثني بأنه مسموم) فأتوا بزينب وسألوها هل هذا مسموم؟ قالت نعم مسوم وقد أشبعتُ الذراع سماً لأني كنت أسمع أن هذا النبي يحب الذراع فأشبعت هذا الذراع وسممته تسميماً كاملاً، قالوا لمَ؟ قالت لما فعلتموه بقومي فقلت في نفسي إن كان نبياً سيُخبر إن كان نبياً فسوف يُخبر بأن هذا الذراع مسموم وإن كان دجالاً أو كاذباً فليمت. عاد النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنها وقال لها اذهبي وذهبت وفي اليوم الثاني البراء مات بالسم الذي استعجل فأكله من جوعه رضي الله تعالى عنه. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل فما أن مسّ النبي صلى الله عليه وسلم بشفتيه بس فقط مسّ وأراد أن يأكل ألقاه، كيف حدّثه الذراع؟ هذا الله أعلم وهذا فوق المقول لعقولنا قال إن الذراع يحدثني بأنه مسموم. مساً رقيقاً والنبي صلى الله عليه وسلم ما تأثر بهذا إلا بعد عام شعر بشيء في أمعائه ثلاث سنوات وهو يعاني من هذه المسة مجرد مسّة ذالك السم الذي ما إن مضغ البراء بن معرور المضغة إلا وقد مات. بعد ثلاث سنوات مات النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القضية وكلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أم بشر-أم بشر أخت البراء الذي مات رأساً بالسُم- ففي الأيام العشر الأخيرة وهي آخر أيام النبي صلى الله عليه وسلم وكل يوم له دلالته والنساء يزورونه لأن النبي صلى الله عليه وسلم استقر في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها وكان النساء يزورونه وأقرابه فمن ضمنهم أم بشر فقال لها:(يا أم بشر إن السم الذي قتل البراء يُقطِّع الآن أبهري) الأبهر طبعأً هي الأمعاء وفعلاً إذاً الذي حصل ما يلي: النبي صلى الله عليه وسلم مات مقتولاً وقُتِل ميتاً فلو أنه مات بالثانية مثل البراء كان قلنا قتل كان قال قتل ولو أنه ما مات مسموماً كان قال مات لكنه مات بسم غير قاتل وإنما السُم كان سبباً في الموت بعد ثلاث سنوات فإن قلت مقتول ليس بالمائة مائة وإن قلت ميت ليس بالمائة مائة فهو قتل كالموت أو موت كالقتل انظر إلى دقة القرآن (أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ) لو قال أفإن مات قال هذا قُتِل بالسم؟! ولو النبي ما سم قال كيف تقول قُتِل وهو مات موت؟ (أَفَإِنْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) فرب العالمين عز وجل أخبرهم بأنهم سينقلبون وكلكم تعرفون ماذا حصل بعد موت النبي من الردة حتى بقوا ست شهور الجمعة لا تقام في المدينة. إذاً هذه بداية الأيام الأخيرة التي سبقت موت النبي عليه الصلاة والسلام ذلك الموت الذي يشبه القتل أو ذلك القتل الذي يشبه الموت. هذا الذي حصل، كيف بدأت العشرة الأيام الأولى؟ في أول يوم من أيام ربيع الأول عام 11 للهجرة يوم الخميس يعني مثل أمس نحن اليوم الجمعة 2 ربيع الأمس كان الخميس، الخميس في الليل أمس النبي صلى الله عليه وسلم أيقظ خادمه أبو مويهبة فاستيقظ وقال له (يا أبا مويهبة انطلق بنا إلى البقيع فقد أمرني الله سبحانه وتعالى أن أستغفر لأهل البقيع) وفعلاً أبو مويهبة يقول ذهبت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم النبي صلى الله عليه وسلم اختلى في البقيع في هذا الليل و كان يحدِّث الموتى بدأ يحدثهم ويخاطبهم وكأني أسمع حديثهم معه (ليهنكم يا أهل البقيع ليهنكم مما أنتم فيه مما أصبح فيه الناس أنكم في خيرٍ وعافية خيرُ مما في الناس لقد أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم بعضها يتبع بعضاً يتبع أولها آخرها وشر أولها آخرها) وهكذا كان يحدثهم بفتنٍ قادمة ويهنئهم على ما هم فيه من خير من حيث أن أهل البقيع مسلمون أكثرهم شهداء أُحُد وبدر وهؤلاء العظمة هذه أنصار ومهاجرون. عاد النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا الذي حصل بعد أن جلس في البقيع حوالي ساعتين ثلاث ساعات عاد إلى بيته ووجد السيدة عائشة مستيقظة فيمزح معها قال ظننتي أني ذهبت إلى زوجة أخرى؟ قالت لا يا رسول الله ما ظننت هذا، المهم وقالت (ورأساه يا رسول الله) عندي صداع قال (بل والله يا عائشة أنا ورأساه) فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم من البقيع وفيه صداع شديد. هذه البداية هذا في أول أيام ربيع يوم الخميس وهو بالأمس أمس ونحن الآن اليوم في 2 ربيع الأول أمس كان 1 ربيع الأول. بداية موت النبي صلى الله عليه وسلم من يوم الخميس لما رجع من البقيع بهذا الإرهاق مصفر والصداع في رأسه وأيضاً السيدة عائشة كانت على مثل هذا الأمر. انتهينا من هذا، عاد إلى عائشة وتعرفون الذي حصل وبقي النبي صلى الله عليه وسلم مريضاً عليه آثار الذبول وتعرفون كل يوم كان عند إحدى زوجاته وكان شبه متضايق شبه تعبان كان يقول أنا غداً عند من؟ يعني متبرماً فيقولون عند فلانة ففهمت نساء النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستعجل يوم عائشة فتنازلت النسوة رضي الله تعالى عنهم أمهات المؤمنين جميعاً أمهاتنا فتحول النبي صلى الله عليه وسلم بشكل دائم في بيت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها وفي ذلك البيت مات وهو في حضنها ويداه في يدي فاطمة رضي الله تعالى عنها وقدماه وجسده الشريف في حضن سيدنا علي كرم الله وجهه. ماذا حدث في هذه الأيام العشرة؟ هذا نحن أول يوم الخميس انتهينا، ننتقل إلى يوم الجمعة وهو اليوم 2 ربيع الأول، الخميس القادم يكون 8 وكان المفروض نكمل هذه الحلقة في الأسبوع القادم ولكن قد لا يكون هناك حلقة لأني قد أكون مسافراً ولكن نبدأ الآن نقول من الخميس القادم تخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم من الخميس القادم بالليل زار البقيع والصباح أصبح مريضاً واستقر به المقام في بيت عائشة. إذاً الخميس 8 ربيع ثقل النبي صلى الله عليه وسلم وبهذه الحالة مر تقريباً حوالي شهر على تعبه كان عنده نوع أو حالة من التعب الذي لم يكن معروفاً ولم يذكره هو، وهو كان يحسّ أن عنده شيء. من شهر النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتجهيز جيش أسامة بن زيد إلى البلقاء وفعلاً بدأ المسلمون يتجهزون لهذا الجيش. في يوم الخميس هذا الذي قلنا وهو 8 الخميس القادم النبي صلى الله عليه وسلم بعث على أسامة والجيش مكتمل ومجهز وإلخ والنبي متعب قليلاً صحته ليست على ما يرام قليل من صداع وإلخ وفعلاً النبي صلى الله عليه وسلم استقبل أسامة ودخل معهم مودعاً إلى خارج المدينة وأوصاهم ونصحهم إلخ ومع السلامة ذهب الجيش. عاد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخميس إلى بيته وهو في غاية الإنهاك، لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته أراد أن يصلي فلم يستطع الحقيقة قال (مروا أبا بكرٍ فليصلي بالناس) هو النبي صلى الله عليه وسلم في يوم 8 يوم الخميس القادم صلّى بهم الظهر والعصر والمغرب ولما أراد أن يخرج إلى صلاة العشاء ثقل ثقلاً عظيماً فقال (مروا أبا بكرٍ فليصلي بالناس) وفعلاً كان عبد الله بن زمعة جالساً في الغرفة عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها فلما سمع النبي يقول (مروا أبا بكرٍ فليصلي بالناس) خرج يبحث عن أبا بكر ويبلغه لكي يصلي بالناس ما وجد أمامه إلا عمر بن الخطاب فقال له يا عمر صلي بالناس، سيدنا عمر ما الذي فهمه من هذا؟ أن هذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أقام الصلاة وصلى سيدنا عمر وصوته جداً كان ضخماً وجهورياً النبي سمع صوته فغضب وقال (يأبى الله والمسلمون يأبى الله والمسلمون أين أبو بكر؟) فأكمل الصلاة سيدنا عمر والنبي أمرهم بأن يبحثوا عن أبو بكر وهو يقول يأبى الله هذا والمسلمون وفعلاً أتوا بأبو بكر الصديق وصلّى بالناس مرة أخرى. في هذه الأثناء كانت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تحاول أن تثني النبي عن تكليف والدها بالصلاة فالنبي غضب عليها فلما سألها لماذا لا تريد أبو بكر يصلي؟ قال والله خشيت أن الناس يتشاءمون أول من يصلي مكان النبي صلى الله عليه وسلم وهو مريض أبو بكر الصديق فقد يقولون أنت وجهك شؤم علينا كيف تصلي خلف النبي؟ وهذا اجتهادها كامرأة المهم أعاد سيدنا أبو بكر الصلاة. بعد ما مات النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت أنت ذا نظرٍ والمفروض أن تكون ذا نظرٍ لماذا هذا الحرص على أبي بكر وعلى مدحه في خطبة الوداع وكيف قال (إن ابن أبي قحافة من أمنّ الناس علي في ماله وذات يده ودينه ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكنها رفقة إيمان…إلخ) يعني هذا الثناء ما الذي حدث؟ النبي صلى الله عليه وسلم وأنتم تعرفون أن الله أراه ما هو كائن إلى يوم القيامة وأراه الفتن التي ستعقب موته بالتفصيل الكامل ولهذا أخبر بها قال يا فلان أنت ستعمل كذا، يا فلان أنت ستقوم بكذا إلخ وبالكامل فالنبي صلى الله عليه وسلم يعلم بأن الله تعالى سيشرِّف أبا بكرٍ بأن ينقذ هذه الأمة وأن ينقذ هذا الدين والتفاصيل عندكم كلكم تعرفونها كيف أن جميع المسلمين بعد موت النبي وقعوا في حيرة وأخذتهم المصيبة حتى أذهلتهم عن أي رأي حتى عمر هذا الشديد القوي بدأ يتلاشى إلا أبو بكر الصديق. والله العظيم رب العالمين سبحانه وتعالى ما وظف أبا بكر توظيفاً كما وظفه في ذلك اليوم والآية واضحة (أَفَإِنْ مَاتَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) وفعلاً ذلك الانقلاب استمر من موت النبي إلى اليوم وإلى يوم القيامة. بموت النبي صلى الله عليه وسلم انقلب من انقلب وثبت من ثبت والانقلابات مستمرة وهذا من الإخبار بالغيب المهم أن إنقاذ هذا الدين بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم جعله الله سبحانه وتعالى على يد أبي بكرٍ حتى لما سيدنا أبو بكر سحب سيدنا عمر من البعير وأسقطه أرضاً قال له (أجبّار في الجاهلية خوّار في الإسلام؟!) هذا الشيخ الكبير الطاعن في السن بقي صامداً صمود الجبال بينما سيدنا عمر وكل الصحابة العظام أصحاب بدرٍ وأصحاب أحد هؤلاء الذين الله قال (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) لشدة الهول ولشدة المصيبة وطبعاً تعرفون أن مصيبة النبي من أعظم المصائب كما قال عليه الصلاة والسلام (من أصابته مصيبة فليذكر مصابه فيّ فإنها من أعظم المصائب) ما من مصيبة تصيب المسلم أعظم من مصيبة فقد النبي عليه الصلاة والسلام بالموت أو القتل.
الدكتور نجيب: يقول ابن المدين في هذا الموضوع يقول (ثلاث مواقف ليس لها في التاريخ مثيل موقف الصديق رضي الله عنه من مانعي الزكاة وموقف الحسن عندما ألّف الله فيه بين طائفتين وموقف أحمد يوم الفتنة فتنة خلق القرآن الكريم) كل فتنة من هذه الفتن كان مفترقاً للطريق للأمم لولا أن الله تعالى قيض لها هؤلاء العظماء.
الدكتور الكبيسي: أكيد فكل هذه كانت فتن طاحنة ولكن لا تنسى أيضاً أن موقف الصديق في ساعة تصديق النبي عليه الصلاة والسلام وهو صدّيقه هذا موقف لا يهبه الله إلا لمن يحب. إن لكل نبي صدّيقاً فاختار الله هذا الرجل كما اختار السيدة فاطمة واختار سيدنا عليّ من الرجال والنساء وأهل بيته وحينئذٍ أبو بكر الصديق له الفضل الكبير بعد الله عز وجل بأن الله سخّره لهذه الأمة على هذا النحو في تصديقه للنبي صلى الله عليه وسلم في موقفه وفي خلافته التي كانت خلافة استثنائية لم يحدث للمسلمين مثلها بعد ذلك اليوم.
إتصال من الأخت خديجة من رأس الخيمة: عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم (مروا أبا بكر أن يصلي بالناس) هل هذه إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم على تعيين أبو بكر؟
الإجابة: ليست إشارة ولا تعيين ولكن إيشار الفضل أن هذا الرجل أفضل الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي البخاري يقول (كنا نفاضل بين أبي بكرٍ وعمر وعثمان ولا نفضل عليهم أحداً وأفضلهم أبو بكر) يبقى هؤلاء من أحد المسلمون ومن حيث آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم طبعاً عليّ وأولاده وفاطمة فالناس عندنا الآن فريقين فريق الصحابة أفضلهم أبو بكرٍ وهو أفضل المسلمين بعد النبي قاطبة وهذا مجمع عليه لا يختلف فيه مسلمان. ثانياً أفضل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل البيت سيدنا عليّ وفاطمة والحسن والحسين والسلالة الطاهرة على أن تثبت لأن هذه السلالة استُغلت في التاريخ استغلالاً بشعاً وكلٌ يدعي وصلاً بليلى.
يوم الجمعة وهو الجمعة القادمة التي ستكون 9 ربيع الأول اشتد المرض بالنبي صلى الله عليه وسلم شدة عظيمة وبشر الأمة بشارة عظمى قال (والذي نفس محمد بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرضٍ فما سواه) مرض مصيبة نكبة حزن همّ (إلا حطّ الله عنه خطاياه كما تحطّ الشجرة ورقها) هذا أول حدث عظيم لنا نحن المسلمين في كل مكان إلى يوم القيامة أن هذا الحديث النبي صلى الله عليه وسلم بشّر به الأمة وهو في أشد ساعات الألم والوجع والوعك وقال (أنا أوعك كما يوعك رجلان). وفي هذا اليوم كما قلنا النبي صلى الله عليه وسلم ودّع جيش أسامة وانتهى الأمر وسأله أسامة قال له أنت مريض؟ قال لا، أنت وسافر لكن سيدنا أسامة لما ابتعد عن المدينة إلى منطقة أسمها السنح ما استطاع أن يوغل في السير هو وجيشه والنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحالة لقد رأى كيف خرج النبي من بيته ودع الجيش وأنتم تعرفون علاقة سيدنا أسامة وأبوه زيد وهم من أحباب النبي صلى الله عليه وسلم وكان يسمى حِبُّ النبي صلى الله عليه وسلم فعسكر أسامة في السنح ليرى على ماذا سيسفر عن هذا المرض. فلما عاد النبي صلى الله عليه وسلم من توديع أسامة إلى بيته أُغمي عليه وجاءت نساؤه وكلهم في بكاء وما كان معهم رجل واحد إلا العباس رضي الله تعالى عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم.
السبت 10 ربيع الأول الذي هو السبت القادم الناس يتوافدون على المسجد وقد امتلأت المدينة بالمسلمين من كل مكان حتى أن الطرقات حول المسجد أصبحت تعج بالناس الجالسين على حافة المسجد. في هذا اليوم كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعمى عليه ويفيق، يُغمى عليه ويفيق فبشرهم بشارة أخرى يوم الجمعة قال (لا يموتنّ أحدكم إلا وهو يُحسن الظنّ بالله) يا ترى ماذا كان يرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يُغمى عليه؟ وهذه الإغماءات هي الوفاة والوفاة استمرت إذن من أول يوم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يُغمى عليه وهذه الإغماءات هي الوفاة قبل الموت لأنك ترى فيها أحداثاً وأشخاصاً وترى عوالم هائلة ولكن من سنن الله عز وجل أنك لا تُحدِّث عنها حتى تموت على سِرّك لكنك تعرف أشياء عجائب (وكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). انتهينا من يوم السبت. يوم الأحد 11 ربيع الأول عند صلاة الفجر أذن المؤذن وكبّر أبو بكر الصديق بالناس ليصلي الفجر فالنبي صلى الله عليه وسلم رفع الحجاب الذي بينه وبينهم ونظر إلى الصفوف من وراء هذا الحجاب فرأى الصفوف مترامية على مد البصر بهذا الانضباط وذلك الخشوع فما رؤي النبي عليه الصلاة والسلام مسروراً كذلك اليوم حتى كان أحد الصحابة قال لما سلّموا من الصلاة ورأوا النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليهم من خلف الستار قالوا وجهه كان كصفحة المصحف من شدة جماله وفرحه وسروره لما رأى المسلمين على هذه الحالة الرائعة.
إتصال من الأخ نواف من الأردن: بالنسبة لقضية القتل والموت لا أدري إن كان فضيلة الشيخ يوافقني الرأي أن القتل يترتب عليه تهتك الجسد ثم خروج الروح بينما الموت تخرج الروح وبعد ذلك يترتب عليه تهتك الجسد فلا أدري إن كانت هذه لفتة صحيحة إن شاء الله.
د. الكبيسي: أنا قلت في البداية في البداية ليس موتاً وليس قتلاً قلت هو موت كالقتل وقتل كالموت والإشارة واضحة تصل في النهاية إلى ما ذهبت إليه فلا اختلاف بيننا.
حينئذٍ النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى المسلمين على هذا والمسلمون رأوا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه البهجة فصباحاً أبو بكر الصديق طبعاً المسلمين شاع بينهم أن النبي صلى الله عليه وسلم شفي والحمد لله وأطل عليهم أبو بكر من أول الأيام العشرة لم ير أهله وقال يا رسول الله تسمح لي أروح وأزور أهلي؟ قال له تفضل باعتبار النبي شفي تماماً وحالته طيبة وخاصة لما رأى المسلمون على هذا الحال فكان صباحاً جميلاً تباشر المسلمون ومعظم الذين كانوا يحيطون بالمسجد وهم بالآلاف كل منه عاد إلى عمله أو إلى بيته وحينئذٍ شاع بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله شفي من مرضه. طبعاً بقي العباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب هم الذين كانوا تقريباً محور تلك الأحداث فالنبي صلى الله عليه وسلم لما أصبح قال لزوجاته أنا عندي فلوس؟ قالوا والله عندك تسعة دنانير، فقال أعطوها لعليّ. بعد ساعتين ثلاثة في الظهر سألهم هل أعطيتم المال لعليّ؟ وطبعاً كل الناس مشغولين واعتبروا أن هذا الأمر ليس بهذه الأهمية فقالوا بعد لم يعطوه فغضب عليهم وقال نادوا علياً نادوا علي فأعطاه وقال أنفقها الآن، وفعلاً أنفقها حتى يموت النبي صلى الله عليه وسلم وليس في ملكيته درهم واحد وهذا شأن الأنبياء. بقي النبي صلى الله عليه وسلم مرتاحاً لا نقول شفي لكنه كان مرتاحاً وكما قلنا هذه الجِلسة صدره الشريف ورأسه في حضن السيدة عائشة يداه في حضن السيدة فاطمة وقدماه ونصفه الأسفل في حضن سيدنا علي ويرش عليه الماء أين المشكلة؟ أن النبي صلى الله عليه وسلم تملكته الحمى حمى شديدة فكان يصب عليه الماء وإلخ فكانت السيدة فاطمة كلما مسكت يد النبي صلى الله عليه وسلم ورأته فيها هذه الحرارة كانت تصيح وتقول (واكرباه يا أبتاه واكرباه) وتبكي قال لها (لا تبكين يا فاطمة ليس على أبيك كرب بعد اليوم) هذه إشارة أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم ميت لا محالة. طبعاً هي ما فهمت السبب لكنه واضح الآن أنه لما مات في نفس اليوم معناها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينعى نفسه وإذا مات النبي صلى الله عليه وسلم فهو مع النبيين وفعلاً لا كرب عليه بعد اليوم. ذلك اليوم يعني كل حركات النبي في تلك الأيام العشرة هائلة مرّ أحد أقارب السيدة عائشة وكان قد علق سواكاً في رقبته فتعلقت عين النبي بالسواك فقالت له عائشة تريده يا رسول الله؟ فأشار لها نعم فأخذته السيدة عائشة من هذا الرجل وأعرقته بفمها ثم أعطته النبي صلى الله عليه وسلم تقول (رأيته إستاك بهذا السواك كما لم يستك في وقتٍ آخر) أمعن في السواك إمعاناً عجيباً وهذا يدل على أن هذه السُنّة لها مكانها ومكانتها في هذا الدين ولذلك نلاحظ الآن في العالم الإسلامي ربما خف هذا بعض الشيء أو ربما أحياناً للأسف الشديد يتخذ علامة على الفِرقة يعني يظهر بشكل معين وهذه مصيبة المصائب هذه النفس الخبيثة وهذا إبليس اللعين صاحب المؤامرات والمكائد كم يهلكنا من هذا الجانب كما سأذكر بعد قليل؟! يعني أعظم الفتن تأتي من الدين يعني من لباس الدين يضحك عليك في الدين إما رياء أو سمعة أو شقاقاً أو طائفية أو فئوية أو بغضاء وهذه مصيبة المصائب.
إتصال من الأخ أحمد من أبو ظبي: نحن أهل السُنّة أولى بآل البيت صلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم فلماذا الشيوخ والأئمة عندنا لما يذكروا سيدنا محمد يقولون صلى الله عليه وسلم لماذا لا يزيدون ويقولون صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم؟
الإجابة: لا نحن نقول ذلك ونصلي على سيدنا محمد وعلى آله وهذا موجود حتى في صلاتنا في التشهد. (من أحبّني فبحبي أحبّهم).
إتصال من الأخ علي من العراق: الأموات الأقارب في حياة البرزخ هل يتعارفون فيما بينهم؟
الإجابة: نعم يتعارفون بينهم طبعاً وحتى في ساعة الاحتضار أنت لو تلاحظ بعض الناس قبل ما يموتون يتكلمون ويتكلم مع أمه وأبوه وعمته والذي مات قبله كيف حالك وكيف حال فلان يتبادلون معلومات بينهم وقلنا في حلقة سابقة أن هذا المحتضر متى ما تحدث مع الأموات لن يعود أحياناً واحد يبقى سنة ثم يعود ويصبح بخير ولكن لحظة تحدثه مع الأموات لن يعود ويتحدث مع أهله وأقاربه ويرى مكان في الجنة تحدثنا عن هذا في الحلقة الماضية.
النبي صلى الله عليه وسلم انتكس جداً يوم الأحد وحينئذٍ كان يغطّ كما قالت السيدة عائشة كان يتحدث مع ناس لا يرونهم وكان لما يفيق يقول (لا إله إلا الله إن للموت سكرات) وفعلاً كما تحدثنا في الحلقة الماضية تبدأ العملية بسكرات الموت ثم الوفاة ثم الموت. انتشر الخبر في المدينة المنورة أن النبي صلى الله عليه وسلم انتكست صحته توافد الناس وجاؤوا حتى أسامة بن زيد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتضر. النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستطيع أن يتكلم فكان يرفع يديه للسماء واضح أنه كان يدعو الله لأسامة بالنصر وفعلاً رب العالمين سبحانه وتعالى نصرهم بعد ذلك. وبقية التفاصيل من الصعب أن نتكلم بها الآن والله لا أملك نفسي ولا تملكون أنفسكم كيف كانت التفاصيل لما النبي صلى الله عليه وسلم بدأ يثقل وبدأ يحدِّث الناس وكان يرفع يديه إلى السماء فالنبي صلى الله عليه وسلم خُيّر بين أن يعيش عمراً طويلاً خالداً في هذه الدنيا ثم الجنة وبين أن يلتحق بالرفيق الأعلى الآن والجنة فقال (بل الرفيق الأعلى) فكان ينظر إلى السماء ثم يقول (بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى) ثم تسقط يده ويُغمى عليه ثم يستيقظ ويقول (بل الرفيق الأعلى) ويتحدث حديثاً مع مخلوقات لا يراهم الحاضرون ثم سقطت يده الشريفة ومات عليه الصلاة والسلام. مات قبل الزوال بدقائق يوم الاثنين الثاني عشر لسنة 11 للهجرة وعمره 63 عاماً كأنها 63 قرن والنبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين 12 ربيع الأول يوم الاثنين هاجر في يوم الاثنين 12 ربيع الأول ومات في يوم الاثنين 12 ربيع الأول و12 ربيع الأول والذي هو يوم الاثنين القادم إن شاء الله ليس هذا ولكن الذي يليه هو يوم من أيام الله عز وجل حدثت فيه هذه الأمور الثلاثة وهي جماع هذا الكون. النبي صلى الله عليه وسلم جماع هذا الكون (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) بالمصطفى صلى الله عليه وسلم كفّ الله عن أساليبه القديمة بإهلاك الأمم المشركة كما كان يفعل أهلك عاداً وثمود وقوم فرعون وقوم لوط إلخ ومنذ أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى أن يؤجلهم إلى يوم القيامة ونسأله تعالى أن يجمعنا به يوم القيامة مع (النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)النساء) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. نجيب: هذه الايات الوفاة الموت والقتل والفتح وغيرها كلها إشارات وتهيئة للنبي صلى الله عليه وإقباله على الله عز وجل وشكراً جزيلاً لفضيلة شيخنا الجليل الدكتور أحمد الكبيسي الذي فرّق ووضح هذه النقاط الجديدة الجميلة التي أتحفنا وله الفضل في إفراده في هذه المعنى وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 27/2/2009م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها