الحلقة 48
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ها نحن مع شيخنا الجليل وإطلالة جديدة وعلم جديد في الآية وأخواتها في كتاب الله.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم.
(مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) النساء)
لا زلنا ونحن نتجاوز السور حتى وصلنا إلى سورة المائدة كلما تصفحنا القرآن تظهر لنا آية من الآيات المتاشبهات التي يجب أن نقف عندها قليلاً. لفت نظري في سورة النساء قوله تعالى (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) النساء) لماذا في الشفاعة الحسنة لك نصيب وفي الشفاعة السيئة لك كفل؟ مع أن الكفل أيضاً نصيب. فلماذا استعمل كلمة كفل مع الشر والنصيب مع الخير؟ الذي حصل ما يلي: النصيب جزء من كلّ قد لا يغنيك لكن ينفعك يعني واحد مات عنده عشرين ولد وعنده مليون درهم قسّموها على عشرين طلع لكل واحد خمسين ألف يعني مثلاً يعني طلعت بمبلغ معين ينفعك تستفيد لكن لا يغنيك لا يكفي كل حاجاتك لكن هذا نصيبك بالميراث يقال الأنصبة الثُمُن نصيب الزوجة التي لها كذا، السدس للأم، النصف للأم وهكذا هذه أنصبة كم نصيبك؟ لأنهم كثيرون الذي جاءك من الورث جيد ينفعك لكنه لا يغنيك كل حياتك ويكفيك كل معيشتك لا أبداً. ماذا لو أن أبوك يملك مليون درهم وعنده ولدين أنت نصف مليون وهو نصف مليون هذا ليس نصيب هذا كفل هذا مبلغ يغنيك ويكفيك وتنتقل من حال إلى حال. فالفرق بين النصيب والكفل أن النصيب ينفعك لكن ليس نفعاً مطلقاً لا ينقلك من حالة إلى حالة. بينما الكفل لا، أنت بعدما كنت فقياً صرت غنياً. من أجل هذا رب العالمين يقول إذا شفعت شفاعة حسنة الله يعطيك نصيبك من الأجر لكن هذا ليس أجراً شاملاً بحيث يغنيك عن الصلاة وعن الصوم وعن الحج، لا، أنت يمكن يكفر ذنوبك يعطيك حسنات زيادة يكون فيها نفع لكنه لا يغنيك عن كل العبادات الأخرى فهو نصيب والصلاة نصيب والزكاة نصيب والحج نصيب والتوابع نصيب ذكر الله نصيب ومن ضمنها الشفاعة الحسنة. والأنصبة في الدين كثيرة عبادات لسانية وعبادات بدنية وعبادات قلبية وعبادات عقلية كل هذا تعطيك نصيب من الأجر نصيب من الأجر وتتجمع هذا نصيب، هذا من يشفع شفاعة حسنة. واحد عنده قضية عند موظف عند السلطان عند دولة وما يعرف فواحد مشى معه وخلص له إياها وهي حقه “من كان وصلة لأخيه عند أمامٍ..” الخ وحصل له حقه (من مشى في حاجة أخيه مشى الله في حاجته يوم القيامة ) فيها أجر هائل لكنه لا يغنيك عن كل ما عداه ومن عداه إطلاقاً، فهو نصيب، أنت معك آلاف من هذا الأمر. لكن إذا شفعت شفاعة سيئة هذه لوحدها تكفيك عن كل الخطايا لأن هذا جاءك شر عميم بحيث لا تحتاج إلى خطايا أخرى، هذا الكفل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (28) الحديد) كفلين اثنين كفل في الدنيا وكفل في الآخرة، سيعطيكم شيء هائل أجر في الدنيا يكفيك بالكامل وأجر في الآخرة يكفيك بالكامل. قال تعالى (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا (37) آل عمران) السيدة مريم لما وقعت في كفالة زوج خالتها لم تعد تحتاج إلى أحد غير زكريا كفيل (وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا (91) النحل) يتكفل الله عز وجل بكل حاجاتك. حينئذٍ انظروا الفرق الهائل بين من يشفع شفاعة حسنة أي عبادة من العبادات كما لو صليت الليل كما لو تصدقت كما لو صليت كما لو زكيت كما لو سلمت على واحد كما لو أنك أنت كظمت الغيظ كما لو أنك أكرمت جارك لو أكرمت ضيفك هذه أخرى نصيب تضاف إلى هذه الأنصبة الكثيرة. لكنك إذا شفعت شفاعة سيئة أنت ذهبت لحاكم أو سلطان أو موظف وحرضته على أحد الناس أن هذا فعل كذا وكذا وأوذي أو واحد من الناس ظالم مجرم أنت ذهبت لكي تخرجه من سجنه أو من عقوبته أو تقول للحاكم أو للقاضي أو للسلطان لا هذا جيد (من حالت شفاعته دون حدٍ من حدود الله سقاه الله من رذلة الخبال يوم القيامة) تصور هناك يوم القيامة في ساعات في جهنم عطش هائل وناس تشرب من غسلين، من ماء غساق وهذا يشرب من صديد فروج المومسات يا لطيف! من عصارة عرق أهل جهنم! كم أن الشفاعة السيئة إذن مصيبة فيها غيبة وفيها نميمة وفيها بهتان وفيها مجموعة ثم أنت ستمنع حقاً يعني أنا مثلاً معتدى علي لكن أنا ضعيف والمعتدي قوي فأنت ذهبت لكي تخرج المعتدي لكي تعفيه من المسؤولية لكي تجعل الحق عليّ لأن عندك نفوذ عندك سلطة عندك حضور عند صاحب الأمر سواء كان قاضياً أو حاكماً أو أستاذاً أو موظفاً كبيراً. هكذا الفرق بين الشفاعة الحسنة عبادة تضاف إلى قائمة العبادات التي تقوم بها وما أكثرها فهي نصيب. الصلاة نصيب الحج نصيب الزكاة نصيب والخ وتعرفون كم هي العبادات نقوم بها يومياً الحمد لله بالمئات مئات الأنواع لسانية وجسدية وعقلية وقلبية هذه عبادة، نصيب. لكن الشفاعة السيئة هي واحدة كفاية لو لم يكن لك غيرها هنالك أحاديث (كفى بالمرء إثماً أن يضيّع من يعول) يعني لو لم يكن عندك إلا هذا الإثم لكان يكفي. الربا لو لم يكن لك إلا هذا يكفي، الغيبة لو لم تكن إلا هذه يكفي، هذا كفل. هذه الذنوب والخطايا الكبيرة التي تغرقك وتكفي عن مليون خطيئة وذنب آخر وفرق بين الخطيئة وبين الذنب ذنوب يعني العمل اليومي التي تذهب بالاستغفار لكن هنالك خطايا عجيبة غريبة مثل الربا وعقوق الوالدين هذه كبائر. ومن ضمنها الشفاعة السيئة أن تشفع لظالم لواحد مغتصب حق لواحد معتدي لواحد ينبغي أن يوقع عليه حد من حدود الله وأنت تمنع هذا بسلطتك تشفع له بالباطل يا الله! هذا الفرق بين من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب من أجرها يضاف إلى أنصبته العديدة الأخرى من صوم وصلاة وحج وزكاة وذكر وعلمٍ والخ. ومن شفع شفاعة سيئة تكفيه هذه تكفله إلى أن توصله النار كما أن هناك عبادات تكفلك إلى أن توصلك الجنة (يؤتى بالعبد وما له حسنة فيقول الرب خذوا عبدي إلى الجنة فتقول الملائكة بمَ يا رب وليس له حسنة؟ فيقول إنه كان يرحم أهله) هذا عمل عظيم. هكذا هذا خذوا عبدي إلى النار يا ربي لماذا وهذا عنده صلاة وصوم؟ وكذا قال لا هذا شفع شفاعة سيئة، لو لم يكن له ذنب إلا هذا لكفاه، إذاً خطايا. حينئذٍ هذا الفرق في التعبير القرآني الهائل المعجز بين من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها يضاف إلى قائمة أنصبته الأخرى ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفلٌ منها كل جهنم تكفلها له هذه الخطيئة وهي أنه شفع في حد من حدود الله.
د. نجيب: فالشفاعة السيئة ظلم وجور وكذب
د. الكبيسي: ظلم وجور وكذب وبهتان غيبة ونميمة وفعلاً هذه تحوي ولهذا سموا الخمر أم الخبائث لأن عقلك يذهب وتنتهك الأعراض يعني كل المساوئ في الخمرة ولهذا تسمى أم الخبائث هذه أيضاً أم الخطايا،
د. نجيب: والنصيب لا يغني عن بقية العبادات ولا تقوم مقامها ولا يكفي ولا يستر انتهاك حدود الله.
د. الكبيسي: أحسنت فتح الله عليك. هذا الفرق بين (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا) معنى ذلك أنت لست مضطراً أن تشفع شفاعة حسنة لست ملزماً لكنك إذا فعلتها فهذا فيه أجر يضاف إلى رصيدك يعني أنت عندك حساب في البنك يضاف صفر آخر. هذا نصيب لكن هذه المصيبة أنك أنت مضطر وملزم وموكل وممنوع أن تقوم بشفاعة سيئة ولو فعلت ألغت كل شيء هذه من المحبطات (فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) الكهف) فإياكم والشفاعة السيئة أن تشفع لظالم وأنت تعلم أنه ظالم، في الحديث (من مشى مع ظالم ينصره وهو يعلم أنه ظالم فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) لم يعد مسلماً يا الله،
الدكتور نجيب: أظن هذا يا شيخ يعود أيضاً إلى العصر السابق الذي تفضلت فيه أن الذنوب بعضها من طبيعة بشرية شهوية وبعضها إبليسية لعل الكفل هذا من الصنف الثاني
الدكتور الكبيسي: طبعاً ولهذا هل تتصور أن إبليس هذا المصيبة السوداء يقول لك انظر إلى هذه المرأة؟ هذه نفسك تقول لك هذا هذه حلوة لكن الجرائم هي عمله التي تؤدي إلى داهية طبعاً، هذا قانون.
انتهينا إذاً من التفريق بين هذه الآية في سورة النساء بين (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا).
(وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ (20) المزمل) – (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (148) البقرة)
ننتقل أيضاً إلى قضية في كتاب الله عز وجل فعلاً متعبة وأتعبتني وأتعبت المفسرين من قبلي كلهم بحيث لم يصلوا منها إلى اتفاقٍ على كلمة واحدة لأنها أمر واسع يحتمل كل التأويلات وهي الفرق بين الخير والخيرات رب العالمين يقول مثلاً (وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ (20) المزمل) (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ (197) البقرة) (مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ (215) البقرة) (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ (180) البقرة) خير، ما معنى خير؟ ثم التي هي أكثر ثقلاً على الفهم كلمة خيرات (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (148) البقرة) ليس خير بل خيرات، أهل الكتاب قال عنهم (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) آل عمران) أيضاً خيرات، (لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (48) المائدة) ما هي الخيرات؟ (لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (88) التوبة) الخيرات بالجنة ما هي؟ وعلى الأنبياء يقول (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73) الأنبياء) إذاً الخيرات ليست صوم وصلاة فالشيء لا يعطف على نفسه فما الخيرات إذاً؟ وقال عن الأنبياء زكريا ويحيى (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) الأنبياء) (نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَّا يَشْعُرُونَ (56) المؤمنون) ويقول (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر) فما هي الخيرات؟ يعني العلماء رضي الله عنهم جميعاً كل واحد نحى منحاً وكل واحد منهم مصيب لأن كل واحد نظر إلى زاوية نحن لما نقول لك ما هو الفاعل؟ واحد قال قام زيدٌ زيدٌ صح والآخر قال لا طلعت الشمس هذه أيضاً صح وآخر قال لا جاء الليل هذه أيضاً صح وهناك من قال اجتمع القوم كلها صح لكن يا أخي هذه مفردات هاتوا لنا القاعدة من هو الفاعل فواحد جاء مجتهد في النحو عالم قال الفاعل هو كل شيء أو شخص أو مخلوق يقوم بفعل معين وقبله فعل. إذاً هذه كلها جزئيات فالخيرات ناس قالوا النوافل ما عدى الفرائض لماذا؟ الله قال (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ) الصلاة والزكاة أركان وعطفها على الخيرات ولو كانت من الخيرات ما عطفها إذاً هي النوافل من صلاة ليل إلى صيام اثنين وخميس كل النوافل هي خيرات هذه قالها أحد الناس وجاب عليها أدلة وهذا صح (ما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل). ناس قالوا لا هو التعامل مع الآخر تسقي كلباً، تنظف شارعاً، ترد السلام تسلم على واحد في الطريق تكظم غيظك عن واحد تعفو عن واحد أساء لك، أي شيء تقدمه للآخر هذه الخيرات وقدم عليها أدلة وهكذا فكل واحد جاءنا بجزئيات كما لو قال هذا فعل، نعم هذه خيرات لكن ما هو العنوان الكامل الذي تتفرع عنه كل هذه الأمور؟ فهذه كلها أمثلة جزئيات الخيرات لكن ما هي الخيرات عموماً؟ عرّف لنا الخيرات؟.
إتصال من الأخ عبد الله من السعودية: الشفاعة للذين يغلطون غلط في الدنيا كالذين يقترفون الكبائر نشفع لهم شفاعة أنهم مثلاً يتجاوزون عنهم في الشُرَط أو المحاكم أو من هذا القبيل هل هي تعتبر شفاعة سيئة؟
الإجابة: كلام طيب وسؤال في غاية الروعة، إذا كانت الشفاعة في حد من الحدود يعني في اعتداء على الآخر سارق زاني قاتل جاسوس ملعون والدين هذا لا تجوز فيه الشفاعة هذا أنت تشفع في حد من حدود الله. لكن كما قلت واحد ظلم نفسه سكران أو لم يكن يصلي يعني تعارك هو أخوه يعني قام بعمل ليس على مستوى الدولة أو السياسة أو الاجتماع بالآخرين حينئذٍ هذا ليس حقاً من حقوق الله بل من حقوقه هو. حينئذٍ إذا وجدت فيه الإصلاح وأنت توخيت أن هذا ممكن يتوب أنت مأمور بهذا وجوباً. فما معنى الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس؟ شخص إعتدى عليك تقول له روح مسامح لكن واحد زنى بامرأة كيف تسامح؟ هذا حد. واحد سكران بالشارع حد من حدود الله واحد جاسوس كيف تعفي عنه؟! لا أعفاه الله إن أعفاه إذا رُفِع الأمر إلى القضاء فلا أعفاه الله إن أعفاه يعني الحقوق العامة ولا ينبغي أن تشفع فيها إطلاقاً. لكن نعم واحد ارتكب خطأ ظلم نفسه بالسيارة وهو مسرع أو تقاتل هو وواحد وصالحناهم فنحن لدينا هنا في الدولة وفي كل دولة تقريباً وفي الإمارات هناك معاهد لإصلاح الذين يدمنون المخدرات وأنا زرت بعض هذه المصحات وفعلاً رعاية كاملة والتلطف ورعاية نفسية وطبية وصحية ودينية وأخلاقية إلى أن أُصلِحوا وتابوا تماماً ماذا لو ألقت الشرطة القبض على واحد من هؤلاء جماعة المخدرات مثلاً وهذا مبتلى مريض وقلت يا أخوان أعطوني إياه أنا سأعالجه وفعلاً الدولة الآن تأخذه وتسلّمه إلى المعهد ويشفى، هذا شيء. لكن أن تشفع في الحدود المعروفة كالسرقة والزنا وقطع الطريق وبقية الحدود هذه لا ينبغي فيها كذلك ما يتعلق بأمن الدولة لا ينبغي لأن هذا الحق العام حق الأمة كلها واحد يتجسس لدولة أجنبية كيف تعفي عنه؟! لا عافاه الله.
إتصال من الأخ مراد من إيطاليا: سؤالي ما هو أحسن عمل خير بإمكاننا أن نفعله في الحياة الدنيا وما هي أسوأ الأعمال التي لا يجب أن نفعلها في الحياة الدنيا حتى نقابل الله عز وجل بوجه كريم إن شاء الله؟
الإجابة: طبعاً أفضل شيء بل هو قمة الأشياء هي لا إله إلا الله إذا أنت محّصتها وقلتها مصدّقاً بها فقد أتيت الله بأحب شيء إليه، هذا واحد. والباقي يأتي لكن المهم إذا إتسع الوقت اليوم في البرنامج في آخر البرنامج سنتكلم وستعرف ما هي أفضل الأعمال إجمالاً من حيث أنها للخيرات ولكل واحدٌ فينا فرصة كاملة أن يسابق في الخيرات ويصبح من السابقين أنت فقط انتظرنا.
نتكلم على مسألة الخير، الخير كل شيء ترغب به النفس هذه معروفة، كل شيء ترغب به كل النفوس وليس نسبياً هو خير. نحن نرغب بالعدل ونرغب بالفضيلة ونرغب في الغنى وهذا فيه خير للجميع ما يختلف فيه اثنين هذا واحد، هذا خير مطلق. عندنا خير نسبي وهو ينفع ناس ويضر ناس مثل المال فالمال عند قوم قمة العبادة (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ (134) آل عمران) وحينئذٍ نِعْمَ المال الطيب عند الرجل الطيب حينئذٍ هذا خير وأحياناً لا، مال يستعين به على معصية الله والتجبر والتكبر فهو سيء والقرآن الكريم مدح هؤلاء وذم هؤلاء هذا نسبي. يقول العلماء إذا أُطلِق الخير فهو المال ولكن ليس كل المال والله قال (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) العاديات) الخير المال نعم لكن كل مال يسمى خيراً؟ الجواب لا يعني أنا عندي دين مائة درهم في جيبي هو مال، واحد الآن عامل عنده خمسة آلاف درهم في بيته هذا خير؟ لا، فما هو الخير؟ الخير أولاً أن يكون المال كثيراً المال هذا واحد، اثنين أن يكون من كسبٍ حلال هذا اثنين، ثلاثة أن تنفقه في مكانٍ حلال، حينئذٍ هذا هو الخير. تأمل القرآن قال (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة) إن ترك خيراً كان ممكن أن يقول إن ترك مالاً وهنالك أحاديث عن المال لماذا هنالك غير؟ قال لك لا، أن توصي لأبوك بمال حرام؟! أو أنت لديك ألف درهم توصي لأبوك؟ سيدنا علي جاءه واحد خادم من خدمه قال له يا أمير المؤمنين إن الله أمرنا بالوصية أأوصي؟ فسأله كم لديك؟ قال عندي عشرين درهم فقال له إذا أصبح عندك خمسة آلاف درهم تعال وصّي. إذاً المال إذا كان كثيراً اسمه مال وليس دريهمات أنت إذا عندك ألف درهم عندك فلوس ما عندك مال، فلوس بعد أسبوعين تخلصها راتبك ليس خيراً راتبك فلوس تخلصها أما المال عندك مال موجود ويتضاعف وتجارة وعمل وكسب وموضوع على جهة، أنت لا تنفقه أنت تنفق من مال آخر هذا عندك خير. بتعبير الإمارات يقول والله فلان عنده خير يعني عنده مال وليس راتب بل مال مدّخر. كلمة خير التي تستعمل الآن في الإمارات على مستوى العامة اللغة الشعبية هكذا يقول العلماء المقصود بالخير في القرآن المال الكثير والمتداول وأنت محسوب من الوجهاء وهو من مكسب طيب وتنفقه في مكان طيب. حينئذٍ يقول القرآن قال لك عندما توصّي لأبوك وصّي من الخير وليس من المال إذا عندك مال حرام مال قمار مال ربا كيف توصي لأبوك منه؟! هذا ليس من بر الوالدين أو توصي له من مال حرام! انظر إذا عندك جزء حلال من مالك الكثير وصيه لأبوك ولهذا قال (مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ (215) البقرة) ولم يقل من مال أنت إذا عندك مال ربا وتنفقه مالك أجر بالكاد يسد عنك الإثم يا دوب وربما لا يسد إذاً الخير المال الكثير أولاً ومن كسبٍ طيب ويهب إلى مكانٍ طيب هذا هو الخير، فهمنا الخير.
نأتي إلى الخيرات يقول رب العالمين (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) البقرة) رب العالمين تكلم عن اليهود وعن النصارى وعن المسلمين وقال أهل الكتاب ليسوا سواء صحيح أننا تكلمنا عنهم (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) آل عمران) الخ قال لكن ليس كلهم، ليسوا سواء فمنهم (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) فما الخيرات هنا؟ بعض المفسرين قال بعض أهل الكتاب هم يؤمنون بالله وباليوم الآخر ولما جاء النبي صلى الله عليه وسلم ما أنكروه قسم منهم آمنوا فيه وعددوا خيراتهم في هذا الباب، هذا خيرات.
لما الله قال (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (148) البقرة) ماذا قال العلماء؟ قالوا الرب يقول أنتم يا يهود يا نصارى يا مسلمين كل واحد له قِبلته فاستبقوا الخيرات. نحن المسلمين ما هي خيراتنا؟ قالوا صلاة الصبح والفجر في المسجد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا علي (يا عليّ ثلاثة لا تؤخِّرها) استباق يعني إسبق الناس فيها (الصلاة إذا أتت والجنازة إذا حضرت والأيّم إذا وجدت لها كفؤاً) قالوا هذه هي الخيرات. وآخرون قالوا لا، الخيرات هي الصلاة لميقاتها الأول (بادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا عنها) وناس قالوا صلاة الفجر غلساً أي عندما تكون الدنيا ما زالت ظلمة تصلي الفجر والله قال (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (17) آل عمران) فكانت تدور حركاتهم حول هذه. قال الذي يصلي مع أول الفجر هذا سابق بالخيرات والذي على الأقل على الأقل على حسب النسبة وبالتالي هذ رأي. في آل عمران على أهل الكتاب كما قلنا قبل قليل وعلى الأنبياء (يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)) (وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) أي يبادرون إليها قبل الموت دائماً في باله أنه سيموت فيعمل خيراً حتى قبل أن يموت هذا رأي آخر (وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوْهُ (115) آل عمران). وفي المائدة (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) قال الصبر على البلاء والصبر على العبادات والصبر على الطاعات والصبر على المعاصي كل هذا من استباق الخيرات. وفي سبأ قال (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ما هذا؟ لكي نفهم الموضوع الآن يجب أن نعرف ماذا قال العلماء والمفسرون رحمة الله عليهم على هذه الآية الكتاب يعني التوراة والإنجيل والقرآن كلها اسمها الكتاب كلمة الكتاب اسم جنس تعني التوراة والإنجيل والقرآن كتاب واحد. قال ثم أورثنا الكتاب أي كل هذه ورثها المسلمون نحن الآن الأمة الوحيدة والدين الوحيد الذي يعترف بالإنجيل والتوراة والقرآن على قدم المساواة بعيسى وموسى ومحمد بنفس الطريقة فنحن الورثة كل الناس كذبت وكفّرت ونفت الآخر إلا هذه الأمة لا نفرّق بين احد من رسله فنحن الورثة (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) نحن أمة آخر الزمن. (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) نص ونص (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) انظر ماذا قال العلماء؟ قالوا الظالم لنفسه والمسيء مطلقاً واحد كله سيئات والمقتصد خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً هذا مقتصد، والسابق الذي لم يذنب وهم الأنبياء هذا رأي. الرأي الثاني قالوا الظالم هو الذي ظاهره خير من باطنه هو متدين ويصلي لكنه فاسق فاجر وكذاب ومنافق هذا ظالم لنفسه، والذي متساوي ظاهره مع باطنه سواء وهذا مقتصد، أما السابق فهو باطنه أفضل من ظاهره الناس يرون منه أخطاء وذنوب هو يتعمّد هذا حتى ما يمدحه الناس حتى لا يُعجب بنفسه فهو جعلهم يأخذون عنه فكرة سيئة لمن هو في واقع الحال يخاف الله وملتزم التزاماً كاملاً يتظاهر حتى يمنع عنه مدح الناس ومدح الناس مصيبة هذا رأي. وعالم آخر قال الظالم صاحب الكبيرة والمقتصد صاحب الصغائر التي يتوب عنها بسرعة والسابق المعصوم وهم الأنبياء. وآخر قال الظالم لنفسه الذي لا يعرف أن يقرأ القرآن والمقتصد الذي يقرأه فقط ويتعلم بعض معانيه والسابق الذي يعلمه ويتعلمه ويعلمه (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). الآخر قالوا الظالم الذي يحاسبه الله يوم القيامة ويبقيه في النار والمقتصد الذي يحاسبه الله ثم يدخله الجنة والسابق لا يحاسبه بل يدخل الجنة دون حساب هذا رأي آخر. وآخر قال لا، الظالم المصرّ على المعصية ما يتوب والمقتصد الذي يذنب لكن يتوب بسرعة والسابق هو الذي قبلت توبته. كل هذه آراء في السابق في الخيرات هذه جزئيات نحن نقول كل معصية وكل عبادة فيها مسلم ظالم لنفسه وفيها مسلم مقتصد وفيها مسلم سابق. كل عبادة الصلاة في واحد ما يصلي هذا ظالم لنفسه وهناك من يصلي ومرات يترك يفوت هذا مقتصد وفي واحد ما يفوت نهائياً بخشوعها وركوعها. والصوم نفس الشيء. والخطايا في واحد يومياً يغتاب الناس في كل مجلس هذا ظالم نفسه وآخر لا يغتاب لكن مرات ينسى ويغلط هذا ظالم وهذا مقتصد في واحد نهائياً ما يوم ذكر أحد بسوء بلسانه هذا سابق للخيرات. في واحد يشرب خمر ليل نهار هذا ظالم نفسه وفي واحد ما يستطيع ما يشرب الخمر لكن يوم من الأيام جاء أصدقائه وضحكوا عليه فشرب وتاب هذا مقتصد في واحد حياته ما ذاق الخمر وهكذا. في واحد لا يذكر الله لا ورد ولا أذكار صباح ولا مساء ولا عنده من هذا الشيء هذا ظالم لنفسه وفي واحد مرة يذكر مرة ينسى وفي واحد لا يتوقف لسانه من ذكر الله. كل معصية خذها مني كل معصية وكل طاعة فيها مسلمون ظالمون لأنفسهم لا يقومون بها نهائياً إذا كانت طاعات ويقومون بالمعاصي إذا كانت معاصي هذا ظالم لنفسه هذا سيذهب في داهية، وهناك مقتصد خلط عمل صالحاً وآخر سيئاً عسى الله أن يتوب عليهم وأن يعفو عنهم هذا مقتصدين وفي واحد لا، وإنما الأركان والصلوات والطاعات وإذا أخطأ خطأً نادراً تراه يمر في حالة من المراقبة لله تغنيه. إذاً هذا الظالم لنفسه الذي يظلم نفسه كل من عصى عصياناً مطلقاً من ترك صلاة وصوم ويشرب خمر على طول والخ هذا ظالم لنفسه وهناك واحد مقتصد هذا الذي قال عنهم (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102) التوبة) في كل أنواع العلوم كل الذي قاله العلماء كله هذا جزئيات لهذا القاعدة. وهناك ناس سابق للخيرات هذا الذي يُلزِم نفسه يراقبها يدربها حتى استقامت على الهدى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه) عوّد نفسه على الطاعة صارت الطاعة من قوانينه ومن لوازم سلوكياته. إذاً الظالم الذي يظلم نفسه الذي ترك الحبل على الغارب لشهواته ونزواته ونسي أن للكون رباً حتى لو كان مؤمناً بالله لكنه أنكر وما أكثرهم قتلة مجرمين جواسيس تعاملوا مع احتلال بلادهم قتلوا شعبهم بالسجون تعذيب هذا ظالم لنفسه وهو رايح في داهية. ومنهم مقتصد مرة هكذا ومرة هكذا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (المسلم كالسنبلة يميل تارة ويستقيم أخرى) ومنهم سابق بالخيرات هؤلاء هم (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) الواقعة) وهم في هذه الأمة رعيل يعني انظروا إلى عهد آبائكم وأمهاتكم ولكي نكون دقيقين إلى عهد أجدادكم وجدتك أنت إذا كنت تسمعني الآن تأمل إذا كنت قد وعيتها جدك وجدتك كيف كانوا؟ والله العظيم ملائكة تمشي على قدمين لو لم يخافوا الله لم يعصوه ذلك النور ذلك البهاء ذلك الصلاح الأمة كانت صالحة بشكل لا يمكن أن يتخيله شبابنا اليوم إلا من أدركهم ورآهم. ومن بقي على قيد الحياة من أجدادك وجداتك انظر حاله كيف مع الله عز وجل. إذاً السابقون في هذه الأمة كثير صح الله تعالى قال هم قليل لكنهم قليل هذا القليل بالملايين. فرب العالمين كما قال صلى الله عليه وسلم (الخير فيّ وفي أمتي إلى يوم القيامة) (والمتمسكون بسنتي عند فساد أمتي هؤلاء الغرباء طوبي لهم) وما أكثرهم وإن لم نكن لا نعرفهم وطبعاً هذا الزمن لاشك أن الزمن يختلف منذ جاء الإسلام إلى دوري أنا وأنا طفل شاب إلى دور أبي السابقون السابقون ما شاء الله هم الغالبون. ومنذ أن جاءت هذه الاحتكاكات بالغرب والذي حصل الآن تعرفون بالاختلاط في العالم والعولمة والإنترنت والخ وكل الذي نحن فيه صار فيها القابض على دينه كالقابض على الجمر. ومن رحمة الله حتى هذا الذي يتمسك بجزء من دينه تمسكاً ثم يعود وينسى ويرجع ويُفتن لا يقل أجراً عن هؤلاء قال النبي صلى الله عليه وسلم (يأتي زمان على الناس) الذي هو هذا (أجر العامل فيهم أجر خمسين من الصحابة قالوا: لِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنكم تجدون على الحق أعواناً وهم لا يجدون) يعني واحد الآن إذا مشى بالطريق ورأى امرأة جميلة لا ينظر لها واحد، وواحد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان ينظر للمرأة نفس الشيء يعني ذاك أجره مثل هذا؟ طبعاً لا ذاك كل الناس هكذا كانوا كان هذا سمت الناس إلى عهد أبوي وجدي أنا ما كان أحد ينظر إلى امرأة حرام بشهوة إطلاقاً، هكذا سمت الخلق الرائع الآن في هذا الذي تعرفونه بالشوارع والمولات والأفلام وواحد لا يزال إلى هذا اليوم عندما يرى فتاة جميلة وقد كشفت عن وجهها يعني يلتفت عنها ولا ينظر إليها؟! هذا أجره كأجر خمسين صحابي لأنهم يجدون على الحق أعواناً وهذا لا يجد. إذاً السابقون في كل مكان حتى نسبة الخطأ نسبة الخطيئة اليوم غير نسبة الخطيئة هناك لو أخطأ الصحابي أو التابعي أو حتى إلى عهد أبي أنا وجدي لو أخطأوا فأجرهم عظيم أنت تخطيء في عصر فاضل لا فيه زنا ولافيه قمار ولا فيه ربا ولا فيه غيبة ولا فيه نميمة ناس فاضلين فكيف تذنب؟ فلو أنت الآن في هذا العصر كيف تطيع؟ كيف تطيع وأنت في هذا الخضم من العصيان؟! هذا الذي يطيع بجزء يسير أنتم اليوم يخاطب النبي أصحابه (أنتم اليوم في زمنٍ لو ترك أحدكم عُشر ما أنزل الله لهلك وسيأتي على الناس زمن) هذا الذي نحن فيه (لو عمل فيه أحدهم بعُشر ما أنزل الله لنجا). يعني كونك أنت تستيقظ صباحاً وتروح على المسجد في هذا الزمان هذا يساوي صلاة مائة سنة من صحابي يروح على المسجد فكل الناس تروح للمسجد فإلى عهد أبي ما في أحد ما يصلي نحن كنا أطفالاً يأخذونا أطفال صغار الدنيا برد في العراق ونرجف وبملابس خفيفة ولكن لازم نصلي الصبح في المسجد وكانت أعمارنا 12 و10 سنوات هذا كان سمت ما كانت مشكلة ما كنا نتخيل كيف واحد يصلي في البيت ما نعرف هذا الشيء. الآن المهم أن تصلي إن شاء الله تصلي بالبدروم. إذاً هذه الأمة بهذا الشكل تسابق في الخيرات في كل عصر فالخيرات أنك أنت إما أن تكون ظالم لنفسك وهذا مطلق الفساد أو خلطوا عملاً صالح وآخر سيء وهذا المقتصد وهذا خير أيضاً فإذا وجدت في هذا الزمان سابقاً بالخيرات وانظر إلى الدقة (سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) أي هذا توفيق. أنت ممكن بجهدك أن تكون مقتصداً يعني تذنب وتتوب كلنا نقول أستغفر الله، يا رب اغفر لي يا ربي كلنا نذنب ونتوب أما أن تصبح سابقاً هذا من توفيق الله في هذا العصر (سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) وإن لله عباداً يعصمهم من هذا وذاك وليس عصمة رسمية كالأنبياء لا، بل يحميهم يعني يبصّرهم يعطيهم البصيرة يقرّبهم إليه يجعلهم ينظرون إليه بقلوبهم وحينئذٍ يصبح هؤلاء من الاختيارات (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ (68) القصص). كل معصية وكل طاعة فيها ناس ظالمين نفسهم مرتكبة نهائياً أو تارك الطاعة نهائياً وفي ناس مقتصد شوي شوي مرة خلطوا هذا وهذا وهناك ناس صالحين هؤلاء السابقون وهذا ينطبق على كل فعل والله أعلم.
د. نجيب: أحسنت وبارك الله تعالى فيك وأشهد ويشهد السامعون من العلماء وطلبة العلم أن هذه الفرائد وهذه الفوائد قد سبق لها الشيخ وأجاد فيها أفاد وباسمكم جميعاً أتقدم له بالشكر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 16/5/2009م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.