الحلقة 51
د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ها نحن مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في هذه البدائع والفرائد القرآنية فيما يبدو من آيات قرآنية تبدو أنها متشابهة.
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم.
(وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ (58) الروم) – (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ (54) الكهف)
في هذه الحلقة نتحدث عن الضرب والصرف في الأمثال الواردة في كتاب الله عز وجل. وكلنا نعلم أن العُملة منها ما يُضرب ومنها ما يُصرف. العُملة التي تُضرب العملة التي يتداول بها الناس عالمياً يعني الدينار، الدولار، كل العملات التي تتعامل أنت بها في العالم، يقال هذا ضرب العملة وهذه الدولة هي التي تشرف عليها وليس لأحد الحق أن يقلدها أو يزورها، هذا الضرب. الصرف التعامل اليومي المليم والتعريفة والعشر فلوس والدرهم الواحد هذه التي نتعامل بها في البيع والشراء، الجزئيات المحلية صرف والتعاملات الدولية ضرب.
د. نجيب: يعني مصطوكات
د. الكبيسي: أحسنت، مصكوكات. رب العالمين عز وجل له نوعان من الأمثال والأمثال ثلث القرآن الكريم إذا أردت أن تفهم مراد الله عز وجل من قضية معينة فتأمل بدقة في المثل الذي ضربه عز وجل لذلك (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ). (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ (25) إبراهيم) التي هي لا إله إلا الله. رب العالمين في القضايا الكونية التي تهم كل البشرية وهي من الخطورة بمكان قال الله تعالى ضرب (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ). في التعامل اليومي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا (11) المجادلة) (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ (134) آل عمران) التعامل اليومي فيما بيننا هذا تصريف. فضرب المثل دائماً للقضايا الكونية والسُنّة الكونية والعقيدة التي لا ينبغي أن يختلف فيها اثنان التي هي لا إله إلا الله فقال (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) إبراهيم) هي لا إله إلا الله. هذه الكلمة عروقها في الأرض وفروعها في السماء لأنها هي قضية الكون كله. لست من عباد الله إلا بهذه الكلمة وهذه الكلمة إذا قلتها فكل تصرف من تصرفاتك، كل حركة من حركاته يمكن أن تكون عبادة بمجرد أنك تنوي. قل يا رب أنا كل حركاتي نويت أن أعبدك، تذهب لعملك عبادة، تأكل تتقوى به على طاعة الله عبادة، تنام حت تصلي عبادة (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) والحين هو جزء الثانية، الثانية التي أنت فيها هذا حين. هذه لا إله إلا الله على هذا الأساس.
نتكلم اليوم في آية عجيبة وهي أنسب ما تكون لحال المسلمين اليوم. في سورة الرعد قال تعالى (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ (17) الرعد) رب العالمين عز وجل عندما جعل ثلث القرآن ضرب أمثال وتصريف أمثال عليك أن تفهم هذا المثل ما الذي أراد الله عز وجل أن يطبعه في عقلك كما قال الدكتور نجيب صك العملة أن يصك في عقلك هذا الشيء الذي ضُرب له المثل بحيث لا يُمحى وإذا مُحي فأنت لست مسلماً. من أجل هذا علينا أن نفهم كل ضرب الأمثال للضرورة لأنها تعطيك القضايا الرئيسية في هذا الدين وفي هذه الأرض التي نعبد الله فيها والتي ما خُلقنا فيها إلا لكي نعبد الله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هذه فيها ضرب المثل. هذه الآية من سورة الرعد إذا تأملت فيها تعرف هل أنت مع الحق أو مع الباطل بسهولة؟ (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء). لاحظ الدقة القرآنية (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) هذا المطر الشديد سبب سيلاً هائلاً وهذا السيل ذهب على كل وادي على قدر ما يستطيع، مادي صغير امتلأ، وادي كبير امتلأ، كل الوديان تمتلئ على قدر طاقتها كا واد يأخذ من هذا السيل ما ينفعه وما يغنيه وما يكفيه وحينئذ عز وجل يقول (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء) الجُفاء الزبالة التي ترميها وتجفوها نحن كلنا نكنس البيت هذه الزبالات تجعلها في كيس وترميها تجفوها وترميها بعيداً هذا جفاء. (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) القرآن أعجوبة. كلمة (رابياً) يعني كبير وكلنا رأينا أثناء السيل أنواع من الزبد أبيض ومنفوخ وجميل يخيل لك أنه قكن أو يخيل لك أنه شيء له قيمة لكن لما تمسكه لا تجده شيئاً. لماذا سمي رابياً؟ كالربا، الربا تغتني تغتني ثم تمحق ليس عندك ولا درهم (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا (276) البقرة) ما من مال يعتمد على الربا إلا ولّى ويذوب ويذهب من غير أن ينتفع به أصحابه في النهاية. (فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) رب العالمين عز وجل يقول لك بهذا المثل إفهم كيف تنزل الشرائع وهي المطر (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء) الشرائع جاءت من السماء لما وصلت الأرض سالت سيلها في القلوب والعقول وأصحاب العلم وأصحاب الدراسات وأصحاب الأفكار كل واحد أخذ من هذا السيل على قدر ما يحتوي هناك واحد أمّي أخذ قليلاً كم آية وكم حديث، واحد نصف متعلم أخذ أكثر وواحد عالم أخذ أكثر وواحد مفكِّر وواحد مجتهد كل واحد أخذ من هذا السيل القادم على قدر ما يستوعب. هذا السيل وهو يسير جاء بزبد، هذا الزبد الذي ملأ الأرض ظلماً وطوائف ومذاهب ضالة وبغضاء وناس تقتل ناس إلى يوم القيامة.
———–فاصل———-
هذا المطر القادم من السماء وهي الشرائع كتب سماوية توراة إنجيل قرآن صحف إبراهيم، مطر غيث نازل من السماء هذا الغيث لكثافته وخصوبته وعمقه سال سيلاً من العلم ولا ينقضي هذا العلم إلى يوم القيامة. كلنا نعترف أن ما جاء في التوراة والانجيل والقرآن إلى يوم القيامة لن نصل إلى غايته إلى آخر يوم في هذه الدنيا سوف يأتي من يكتشف في هذا القرآن أشياء جديدة (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ (53) الأعراف) فهو سيل منقطع. هذا السيل وهو سائل سار فيه زبد والزبد يأتي بحالتين، حالة السيل لقوة السيل يتفاعل مع الأرض تنبت هذه الفقاعات البيضاء التي تراها بالظاهر في غاية الجمال وتغطي الماء أحياناً ويظنها الجاهل شيئاً ثميناً فلما يمسكها لا يجدها شيئاً. الحالة الثانية عندما نريد أن نستخلص من التراب من الأرض من التربة معادن نفيسة، ذهب، حديد، فضة لا بد من فرن عالي الحرارة وكلنا رأينا أفران الحديد والذهب نار قوية وفعلاً بهذا الغليان يفرز فلزات الحديد في مكان والتراب في مكان هذا غثاء ترميه، الذهب نفس لشيء يأتي الذهب في مكان والباقي غثاء ترميه (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ) حلية ذهب وفضة، متاع حديد وقصدير وغيره (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ) الثابت والمتغير الحقيقة والخرافة الحق والباطل. من قواعد وقوانين هذه الأديان أن يصاحبها هذا الجفاء هذا الزبد، ما من شريعة إلا ومن قوانينها أن يصحبها أو يصطحبها هذا الغثاء وهذا الزبد الذي يظنه الناس شيئاً وهو ليس بشيء باطل. الذي ينفع الناس هو الحق وهذا يبقى أما التراب فيرمى في الزبالة، لا بد أن يرمى في يوم من الأيام ما من باطل إلا وسف يُجفى ويُرمى في الزبالة إلى مزبلة التاريخ واقرأ كل الأديان ما شنع الناس على سيدنا موسى وحرفوها من بعد مواضعها ومن مواضعها وما فعلوا بسيدنا عيسى في حياته وبعد موته كل هذه التحريفات ذهبت جفاء إلى مزبلة التاريخ وبقي الحق ثم تنشأ قوة أخرى تحاول أن تأتي بالزبد من جديد وهكذا إلى مر التاريخ يعني عملية دورية حق يصاحبه زبد يأتي فرن عالي يفصل هذا عن هذا يُرمى الزبد ثم نأتي بالآخر إلى يوم القيامة بحركة دورية مع جميع الشرائع النازلة من السماء تأتي طائفة، يأتي مذهب، تأتي فرقة اخترق منها ما هو حق. كيف نعرف؟ هناك مذاهب بعضها يكمل بعضاً وهذا من قاون الشريعة أيضاً. هذا المطر النازل من السماء من قوانينه أولاً أن تختف فيه الآراء بحالتين: الحالة الأولى آراء كلها تصب في نفس الاتجاه بعضها يكمل بعضاً ومتحابة ومتآلفة ومتآزرة خذ مذاهب المسليمن الحنيفة والشافعية والمالكية والحنبلية كلها بعضها يأزر بعضاً وبعضها يضيف إلى بعض إضافات أغنت هذا الشرع إغناء هائلاً وهي متحابة متآلفة وكلها تصدر عن لا إله إلا الله محمد رسول الله إلى قبلة واحدة وعلى محبة مطلقة لا تشوبها شائبة بغضاء ولا لحظة، هذا هو الحق. متى ما كانت مذاهب باطل هنا تبرز العداوة (قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ (118) آل عمران) (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (14) المائدة) فإذا رأيت أصحاب أفكار لأي شريعة يهود مع بعضهم نصارى مع بعضهم مسلمين مع بعضهم لكنهم متآلفون متحابون وكل واحد منهم يعترف بفضل الآخر ويحاول أن يضيف إليه يزيد عليه أو يوجهه يعني تعاون كما يتعاون القوم في بناء البيت كل واحد له اختصاص زمر زمر ناس تعمل الكهرباء، تاس تعمل الأصباغ، ناس تعمل البلاط، هكذا هي المذاهب الصحيحة بعضها يكمل بعضاً ويقومه هذا حق. متى ما بدأت العداوة والبغضاء فاعلم أن هذا باطل لا محالة هذا هو الجفاء الذي ينطفئ كل مائة سنة، ينطفئ انطفاء كاملاً لكي تعود مرة ثانية من جديد نفس الدورة التاريخية فيطلع زبد آخر يرمى جفاء ويبقى الحق صامداً. (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) رابياً كالربا كبير لا خير فيه يراه شيئاً وهو لا شيء (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ) إذن الزبد حالتين حالة أثناء السيل قال تعالى (يحرفون الكلم من بعد مواضعه) (يحرفون الكلم عن مواضعه). عن مواضعه بعدما نزل وصارت مذاهب أما من بعد مواضعه من ساعة ما نزل هناك محرفون وهناك خوارج وهناك ادعاءات وهناك مسيلمة الكذاب ساعة ما نزل.
رب العالمين يقول هذا الاختصام والطوائف والتحارب والتغاضب والتقاتل، لا تغضب هذا قانون لا بد منه لا يمكن أن يأتي دين إلا ويتفرع إلى فروع صح وخطأ. وقبل أن نوغل في النقاش علينا أن نعرف ماذا تعني البغضاء؟. نتكلم ماذا تعني البغضاء؟ ولكي نعرف البغضاء علينا أن نعرف معنى باقي الكلمات القرآنية.
عندنا كلمة النفور وهي الانزعاج من شيء (وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُورًا (41) الإسراء) هذا النفور إنزعاجك من شيء ابتعاد عنه له عدة أسماء وكل إسم يعني حالة تختلف عن الحالة الأخرى.
عندنا الكره هو نفور النفس طبعاً أو شرعاً يعني نفسك غير راضية مثلاً واحد يتزوج امرأة أبوه هذا شيء مقزز هذا نفور نفسي، طبعي، طبع والله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ (216) البقرة) الطبع يكره القتال وهناك مكروه شرعي. الكره هذا عندما تنزعج نفسك إما لطبعها أو إن الشرع أمرك بذلك (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ (7) الحجرات).
القِلى عندما يكون هناك عداوة مع جفاء من كثرة ما بعدت عن فلان كما يقال في المثل المصري “بعيد عن العين بعيد عن القلب” من كثرة ما بعدت عن فلان بعدت عنه كثيراً فصرت لا تحبه هذا يسمى القلى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) الضحى) (قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ (168) الشعراء).
المقت هو نفور للهوان والازدراء مثل مسالة الخمرة.
الغل عندما تخون هذا الذي تكرهه في ماله في أرضه في سمعته تتعمد أن تخونه (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا (10) الحشر).
الشنآن النفور الشديد عندما يؤدي بك إلى أن تطعن بصاحبك طعناً كاملاً (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) الكوثر).
الضغن عندما يؤدي هذا النفور إلى القتال (أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (29) محمد). إذن ما هي البغضاء؟ البغضاء عندما يكون بيني وبينك عداوة هذه العداوة تجعلني أكرهك هذا الكره يسمى بغضاء وما من بغضاء إلا وتأتي بعد عداوة مثلاً نحن أصحاب الأعمار المتقدمة عشنا مع اليهود في بلاد العرب وكل واحد كان في حارته أو شارعه يهود وليس هناك مشكلة على الإطلاق محبة ومودة ونتزاور واليهود شعب ودود بالتعامل لما أخذوا فلسطين صار بيننا عداوة وصرنا نبغضهم فالبغضاء هو الكره الذي يأتي بعد العداوة ولذلك قال تعالى العداوة أولاً ثم البغضاء (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء (14) المائدة).
إذا كنت أنت تتبع ديناً أنت يهودي أو مسيحي أو مسلم ولكنك خرجت عن الصف وكل المذاهب خرجت عن الصف هي عبارة عن شجرة ولها أغصان. جذع الشجرة هو شرع الله النازل من السماء وهذه الأغصان هو هذا الذي سال في الوديان وكل وادي أخذ ما يستوعبه (فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا (17) الرعد) أيام الشرع المحمدي أول ايامه كانوا أناس بسطاء أخذوا على قدر فهمهم ثم الذين من بعدهم أوسع فأخذوا أكثر وهكذا شريعة موسى وشريعة عيسى كلها مرت بنفس القوانين. هذه الشجرة ولكن هذه الفروع وأغضان الشجرة منها أغصان حقيقية ترجع إلى نفس الأصل لكن الأغصان تتكاتف بعضها يمد الآخر بالحياة والغذاء وقسم تخرج من أرض ثانية ما لها علاقة بالأصل ولهذا الفيصل بين هذا هو البغضاء. إذا رأيت يهوديين من مذهبين ولكنهما متباغضان فاعلم أن صاحب البغضاء غير شرعي وكذلك النصارى وما أكثر فروعهم. والمسلمون فاقوا الكل بهذه الفروع مذاهبنا ثلثاها بعضها يرفض بعضاً وبعضها يسدد بعضاً وبعضها يكمل بعضاً وبعضها يحب بعضاً حباً عظيماً بل كل هذه المذاهب المتحابة إذا التقى زعماؤها كل يطبق ما قاله زميله لشدة التآلف والتحابب والثقة فيما بينهم هؤلاء كالشجرة التي تمتد أغصانها لكي تكثر الثمرة وهناك أغصان تزاحم الأخرى لكي تزيلها. فأنت من أي دين كان رأيت نفسك تكره اليهودي الآخر وتحب أن تقتله والمسيحي الآخر وتحب أن تقتله وقد حصل في التاريخ الحروب بين المذاهب بروتستانت وكاثوليك ونحن حصل بيننا ما تعرفون من مذابح في كل التاريخ وإلى هذا اليوم هناك من يذبحك ذبح الخراف، هناك من يقول لك أنت خائن وكافر. وهناك من يقول لك أنت أخي وأنا وإياك على طريق واحد كل واحد منا يركب وسيلة أنت تركب سيارة وأنا أركب طائرة وهكذا كلنا باتجاه واحد وبهدف واحد لكن نختلف بالآلة، بالسرعة، بالطريق أنت في طريق بحري وأنا في طريق بري لكن كلنا إلى هدف واحد وكل يعترف أن الآخر على صواب ولكن هذا له أسلوب آخر لكي يصل إلى نفس الهدف هذا من قوانين هذا الدين (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ) إذن إذا عرفنا ماذا تعني البغضاء وفرقنا بينها وبين كل الكلمات الأخرى كما فرقنا الآن بإيجاز شديد عرفنا أن البغضاء كراهية تنتج عن العداء، أنت عدو لو لم تكن عدوي ما كرهتك هذه هي البغضاء.
———فاصل———–
محمد من العراق: ما الفرق بين الأمثال وبين البيان؟ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ (73) الحج) (هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ (138) آل عمران)؟
الإجابة: البيان للناس الحكم الشرعي الأصلي (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) هذا البيان يحتاج إلى ضرب مثل لكي يترسخ، رب العالمين قال (نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) الأنبياء) هذا ضرب الله له مثل، فهذا البيان الذي بينه الله لنا وأراد أن يرسّخه في عقولنا قال (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24) إبراهيم) فإذن المثل قوة في ترسيخ البيان في أذهان وعقول وقلوب سامعيه.
الشيخ عبد العزيز من أبو ظبي: تقولون بالنسبة للبغضاء لا بد أن يكون لها سبب وكثير من الأحيان ليس لها سبب يقول الشاعر مثلاً
يمشي الفقير وكل شيء ضده والناس تُغلِق دونه أبوابها
وتراه مبغوضاً وليس بمذنبٍ ويرى العداوة لا يرى أسبابها
في كثير من الأحيان إنسان ناجح لكنك تراه مبغوضاً في بعض الأحيان وليس هناك بينه وبين أي إنسان تماس فما تفسيركم لهذا؟
الإجابة: أعدّل كلامك الجيد تعديلاً بسيطة: إذن ليست البغضاء هي التي بدون سبب العداوة هي التي بدون سبب. العداوة سبب البغضاء ولكن سبب العداوة قد يكون موجوداً وقد يكون غير موجود, لاحظ في المذاهب الآن بعضهم يقتل بعضاً بحسب المذاهب الطائفية بعضهم يقتل بعضاً لأنه عداء والعداء جاب بغضاءلكن العداء ليس له سبب سبب شيطاني
د. نجيب: والظلم من شيم النفوس
د. الكبيسي: هذا الفقير مبغوض لأن الناس أعداؤه يسالهم أعطوني لكن في الحقيقة العداء ليس له سبب يكفي أن يقولوا له والله ما عندنا.
لكي نقيم الحجة نحن المسلمون الآن في أشد عصورنا تنافساً وتقاطعاً وكراهية. هذه الكراهية وصلت إلى حد البغضاء صار بغضاء لأن فيها عداء لأن بعض مذاهبنا وبعض طوائفنا تستحل دم البعض الآخر وهو عداء منقطع النظير وكل من يصل كرهه للآخر إلى حد العداء والبغضاء فقد خرج من الدين قطعاً. يقول النبي صلى الله عليه وسلم “دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء” والفرق بين البغض والبغضاء، البغض هذا الجزء الأول من أني أكرهك بيني وبينك عداوة، إذا بلغت هذه الكراهية منتهاها إلى حد أن أقتلك سميت بغضاء. فالبغضاء شدة البغض. رب العالمين قال (فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء) لم يقل بينكم البغض بحيث يقتل بعضهم بعضاً. والرسول صلى الله عليه وسلم ما قال دب إليكم البغض والحسد وإنما قال البغضاء أن أن بعضكم يستحل دم الآخر وهذا خروج على الدين قطعاً “لا يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً” هذا إذا كان دم حرام عادي فما بالك بأن تقتله على العقيدة؟ أنت هالك لا محالة لأنك خرجت من الدين. تقتل واحد على خلاف فيها قصاص وفيها دية وفيها باب (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا (32) المائدة) النفس بالنفس هذا قتل عادي لكن (مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) هذا عن عقيدة فكأنما قتل الناس جميعاً. كل من يقتل مسلماً لاعتقاده بأنه كافر أو مشرك أو مرتد كما يحصل الآن في كل مكان القاتل لا شفاعة له يوم القيامة وهو مخلد في النار (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) النساء) هذا قتل عقيدة. حينئذ العداوة والبغضاء والبغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكنها حالقة الدين. إذا قتلت مسلماً باعتقادك أنه كافر أو مشرك كما يحصل الآن فأنت قد خرجت من هذا الدين بلا أي تأويل ولا فائدة من أي تفسير آخر.
(فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) الكهف)
ننتقل إلى موضوع آخر (آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) رحمة من عندنا والعلم من لدنا. ما قال رحمة من لدنا وعلماً من عندنا. هناك شيء من عندنا وشيء من لدنا. أنا عندي أموال قسم هنا في دبي وقسم في أبو ظبي وقسم في سوريا وقسم في عمان عندي أموال في كل مكان ولما أريد أن أعطيط مالاً أقول لك إذهب إلى فلان وخذ منه وقل له أرسلني فلان، هذا كله عندي. رب العالمين عنده مُلك، الرحمة عنده في كل مكان تأخذها بالأسباب يرزقك بالأسباب تذهب لفلان تعمل عملاً يرزقك بالأسباب وهذا شأن الملوك الملك يقول لك إذهب إلى العامل الفلاني يعطيك، هذا كله من عند الملك، جميع الرواتب من عند الملك، جميع المساعدات من عند الملك. كل الملك للملك أينما ذهبت إلى عماله يعطوك، هذا من عند الملك. الملك نفسه في بيته في جيبه دائماً أمواله الثمينة ليرات ذهب، سبائك ذهبية، أثريات، تحفيات، هذا لما يأتيه ضيف عزيز يعطيه أشياء ثمينة جداً مادياً ومعنوياً، مادياً لأنه من بين يدي الملك هو الذي بنفسه يعطيك إياها بدون أسباب. وبالتالي الذي يعطيه الملك من لدنه الذي في جيبه أو في خزينته ولا يمكن أن تحصل على هذا العطاء من غيره. كل مملكته وكل شعبه لا يملك أحدهم أن يعطيك هذا الشيء، هذا من لدن الملك. أما خذ مائة ألف درهم من فلان، هذا من عند الملك. رب العالمين يقول (فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) الرحمة التي عند الله لا حصر لها، عدد الرحمة التي عليك تجدها أشكال، صحتك جيدة هذه من رحمة الله، ذهبت إلى بلد آخر وحصلت على الدكتوراه هذه من رحمة الله، لكن هذا له بأسباب، هذا في ملك الله البعيد عنه نسبياً فحينئذ هذا من عند الله. لكن إذا قال الملك تعال يا فلان خذ هذا الصكّ خذ هذه التحفة، هذه السبيكة لا تجدها إلا عند الملك ولا يمكن أن تحصل عليها إلا من الملك هذه من (لدن) قال تعالى (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) النمل) من الذي يمكن أن يعطي محمد صلى الله عليه وسلم القرآن؟ محمد عنده صحة وعافية وبصر وزوجة وأم واب هذه أسباب، هذه كلها من عند الله لكن بأسباب لكن قال تعال يا محمد خذ هذا القرآن من الله مباشرة، هذه من لدنا. (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) كان يمكن أن يقول آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من عندنا، لا، العلم مقدس وهو الرسالة، ولهذا هذا ليس إتياناً هو يؤتيك بيت، سيارة، مال، يؤتيك علم يعلمك ولهذا أشرف منحة من رب العالمين ومحنة للعبد العلم أول إكرام للعبد أن علم آدم الأسماء كلها الملائكة ما تعرفها وفيهم حملة العرش حتى جبريل ما يعلم العلم الذي علمه الله لآدم قال تعالى للملائكة (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) البقرة) قالوا (قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32)) (قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33)) هذا من لدن (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا). سيدنا موسى من أولي العزم تأثيره في النبي صلى الله عليه وسلم في الإسراء تأثير عجيب. وسيدنا موسى من رؤوس الأنبياء والمرسلين ما يعرف العلم الذي عند العبد الصالح وهو موسى.
من الذي علّم آدم؟ رب العالمين. المسيح (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ (49) آل عمران) هذا لا يمكن أن يتعمله إلا من الله تعالى، هذا العلم اللدني (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) وهو قال (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي (82) الكهف). موسى ليس عنده علم هذا العبد الصالح. تحدثنا سابقاً في برنامجنا أحسن القصص أن العبد الصالح هو محمد صلى الله عليه وسلم وفي الإنجيل والتوراة الحقيقية كما في القرآن أنهم التقوا في عالم الأمر (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) السجدة) سيدنا محمد وسيدنا موسى وعيسى التقوا وسيجنا عيسى قال (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ (6) الصف) فنحن كمسلمين يرد في القرآن كلمة الكتاب، الكتاب هو التوراة والإنجيل والقرآن مجموعها الكتاب. إذا قال الانجيل فالانجيل وحده وإذا قال التوراة فالتوراة وحدها وإذا قال القرآن فالقرآن وحده، إذا قال الكتاب يعني مجموعها لأن شرع من قبلنا شرعٌ لنا (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ (45) المائدة) نقول بأن هذا اللقاء بين سيدنا موسى والعبد الصالح الذي هو محمد صلى الله عليه وسلم سيدنا موسى لم يكن يعرف من الذي علّم العبد الصالح كل ذلك مما لا يعرفه سيدنا موسى (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا) علم مباشر من دون أسباب. اللدني الذي ليس له أسباب وفي الأمة وفي كل الأديان فيه كثير. هذا العلم اللدني قد يفسدك لأنه يعطيك قوة هائلة، هذا صدّيق موسى يعني أبو بكر موسى (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) رأى نفسه أن عنده علم هائل فهلك وكذلك إبليس. سيدنا الخضر بهذا العلم اللدني ما عرفه موسى. هاروت وماروت علمهما شيئاً ما يعرفه غيرهم. وسيدنا داوود علمه (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ (80) الأنبياء)، قارون ربنا أعطاه علم لدني وصار ملياردير وقال (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي (78) القصص) (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ (76) القصص) العلم اللدني قد يطغيك وحصل. سيدنا علي كرم الله وجهه كان يقول كلاماً ما يفهمه الصحابة فقال له أبو جحيفة: يا أمير المؤمنين أنشدك الله هل عندك من كتاب الله غير هذا؟ قال لا إلا فهماً خاصاً يؤتيه الله من يشاء، هذا العلم اللدني
د. نجيب: (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ (83) النساء)
د. الكبيسي: ما الذي قال لسيدنا عمر عن سارية الجبل من أين رآه؟! العلم من لدن الله عز وجل. كذلك سيدنا سليمان لما ألآن له الحديد، سيدنا عثمان رأى شخصاً فقال له يا فلان إتق الله لا تزني مرة أخرى فقال الرجل أوحيٌ بعد رسول الله؟ قال لا ولكنها فراسة المؤمن. باختصار شديد كل من عنده علم لا يملكه غيره وهذا العلم ما اكتسبه هو من اللدني، الصوت الجميل، الخط الجميل، إبداع في الفيزياء، كل الناس رأوا تفاحة تسقط لماذا اسحق نيوتن قال لما سقطت التفاحة هذه جاذبية وتكلم عن الجاذبية وجاء بنظرية كبيرة فتحت على العالم، هذا من لدن. واللدن لكل البشرية كل من عنده إبداع فطري لم يتعلمه من أحد وهو لا يعرف كيف يأتيه هذا من اللدن (وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا). إذن هذا الكون مليء بالمعجزات والخوارق والكرامات التي تحدثنا عنها وحدثت في التاريخ وكلها من اللدن. سيدنا مالك كان درسه يحضره عشرات الآلآف من الناس وكانوا يبلِّغون ومرة كان يتكلم عن تفسير قوله تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) الرحمن) واحد قال له يا مالك ما شأن ربنا اليوم؟ ما عرف مالك أُحرِج وقال لا أدري. في الليل فكر وتعب فنام فرأى النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا رسول الله واحد سألني هذا السؤال فماذا أقول له؟ فقال قل له أمور يبديها ولا يبتديها. استيقظ مالك وهو مذعور قال هذا الجواب ما كان يعرفه في اليوم الثاني في المجلس جاء عليه نفس الرجل وقال يا مالك ما شأن ربنا اليوم؟ قال أمور يبديها ولا يبتديها فقال له الرجل يا مالك صلي على من علّمك.
د. نجيب: صلى الله عليه صلاة تملأ الأرض والسماء يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً. نسأل الله تعالى أن يؤتينا علماً لدنياً. باسمكم جميعاً أشكر شيخنا الجليل على هذه الإبداعات والفرائد والفوائد الإيمانية كما أرجو أن تأخذ إدراة التلفزيون المقترحات التي قدمها لنا الإخوة المشاهدون والمشاهدات بعين الاعتبار.
بُثّت الحلقة بتاريخ 5/6/2009م