وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 53

اسلاميات

الحلقة 53

د. نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. حمداً لله وصلاة وسلاماً على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد. ها نحن مع شيخنا الجليل الأستاذ العلامة الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله ورعاه في هذه الاستنتاجات والاستنباطات الجديدة في الآية وأخواتها.

د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. ولا نزال في سورة المائدة بل في أخريات الآيات التي تعنينا فيها.

(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ (20) المائدة) – (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ (6) إبراهيم)

في الآية 20 من المائدة يقول سبحانه وتعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20)) يا قوم تحبب تودد تلطف، في الآية 6 من سورة إبراهيم (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)) ليس فيها (يا قوم) وإنما فيها غلظة، فيها شدة، فيها جفاء. فرق بين قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ) وبين (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ) ليس فيها يا قوم وليس فيها مجاملة ولا تودد وهذا من نسق القرآن الكريم. مرة سيدنا إبراهيم يقول (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) مريم) ومرة قال (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (74) الأنعام) فيها جفاء. وهكذا مرات رب العالمين على لسان الأنبياء تجدهم يتلطفون بالمخاطَب ومرة تجدهم شديدين مع المخاطَب نفسه. الفرق بين قول سيدنا موسى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ) وبين قوله (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ) بدون يا قوم. سيدنا موسى قال (يا قوم) في مرحلة طاعة بني إسرائيل وإقبالهم على هذا الدين وعصيانهم لفرعون وعبروا، في تلك الحالة الوديعة الجميلة كان يتلطفهم ويتألفهم كما هو معروف في كتاب الله عز وجل. بعد ذلك أيضاً من كتاب الله عز وجل تعرفون ماذا فعل بنو إسرائيل بموسى عليه السلام حاربوه واتهموه وآذوه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا (69) الأحزاب) ثم عبدوا العجل ولم يطيعوه. فعندما يكون الأمر مؤاتياً بين سيدنا موسى أو بين كل الأنبياء وقومهم يقول (يا قوم) وهذا دليل على المودة كما قال لقمان لابنه (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ (13) لقمان) سيدنا إبراهيم يقول لابنه (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ (102) الصافات) وابنه يقول له (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ) بينهم مودة وطاعة. فكلما كان الأمر مودة وطاعة بين النبي وقومه يقول (يا قوم) بغاية الجمال وبغاية الاطمئنان وبغاية المودة، وإذا عصوا وتجبروا وتمردوا لا يقول (يا قوم) وإنما يأتي الأمر لهم مباشرة (إحذروا، إفعلوا، اذكروا). قال تعالى (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7) وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) إبراهيم) غاية الشدة. هذا الفرق بين آيتين في نفس النسق في نفس القضية في نفس الحالة أحدها يقول سيدنا موسى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) المائدة) في غاية المودة والطاعة وفي الآية الثانية في سورة إبراهيم كان هناك شدة وتمرد ونفور، كل ما فعله بنو إسرائيل بموسى وبكتابه في تلك الأجواء قال (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (6)) فيها زجر، هذا الفرق بين حذف (يا قوم) مرة وإثباتها مرة أخرى. وهذه قضية عقائدية، مسألة الحب في الله والكره في الله مسألة عجيبة وكثير منا يعجز عنها. أن تحب في الله وأن تبغض في الله قضية في غاية الأهمية ” والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليحب القوم لا يلحقهم بعمل إلا بحبه لهم” ما فرح الصحابة بحديث كما فرحوا بهذا الحديث. أنت بحبك لأهل الصلاح تبعث معهم على ما كان منك وإن لم تلحقهم بعمل وهذا معنى قول الله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) الزمر) الزمرة الجماعة المتخصصة المتآلفة المتحابة المتعاونة فهذا الكتافر هو ومن معه من أحبابه ومؤيديه ومنافقيه والذين يرجفون له كلهم زمرة واحدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ (1) الممتحنة) أنت وإياهم تُبعث، هناك عدو كامل في عقيدتك في أرضك في دينك في بلدك يجتاحد وأنت تُسره بالمودة؟! أنت تبعث معه تماماً في زمرة واحدة والعكس صحيح. أنت مع الحق وأهل الحق قد لا يكون عندك القوة أن تنصرهم لضعفك ولكن بحبك لهم كونك في قلبك تتمنى لهم الخير أنت معهم بحبك لهم وإن لم تعمل عملهم. وقضية الحب في الله وقضية البغض في الله قضية في غاية الأهمية نحن محاسبون عليها (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (22) المجادلة) ولهذا الحب في الله من السبعة المتميزين الذين سوف يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله أخوان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه. مسألة الحب في الله والبغض في الله تبدو عليك في اللسان والوجه والعبارة هكذا فعل سيدنا موسى مرة قال (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) المائدة) بشّرهم وذكّرهم بنعم الله والله تعالى قال (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ (5) إبراهيم). أما في الحالة الأخرى فهناك عصيان وتمرد قال (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ (6) إبراهيم) ليس فيها (يا قوم) ثم قال (وَقَالَ مُوسَى إِن تَكْفُرُواْ أَنتُمْ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8) أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) إبراهيم) الخطاب خطاب كل مؤمن مع جماعة واحدة يختلف باختلاف موقفهم من الحق ولهذا قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قضية أساسية في هذا الدين (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ (110) آل عمران) وإلى هذا اليوم هذه الأمة متفردة بذلك ضمن ما تفرّدت به من مزايا كثيرة تمحيص التوحيد والنسب والعائلة والأسرة وعفة اليد وغيرها. ولهذا كل العالم مليء باليهود والنصارى وغيرهم وأنت وحدك أيها المسلم تقول لغيرك يا أخي إتق الله، هذا حرام، هذا لا يجوز كلما وجدت اثنين تقول يا أخي اتق الله، هذا أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وهذا من خصائص هذه الأمة. هذا هو الفرق بين الحالتين بين قول موسى (يا قوم اذكروا نعمة الله) وبين قوله (اذكروا نعمة الله) هنا خصومة وخلاف وإبداء شدة وعدم موافقة من سيدنا موسى لما يفعلون.

د. نجيب: حتى سيدنا موسى عليه السلام الذي أُمر من الله تعالى أن يكون لفرعون قولاً ليناً هذا في أول الأمر

د. الكبيسي: هذا في بداية الأمر كما فعل سيدنا إبراهيم (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)) ولكن عندما قال له أبوه (قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا) تغير الخطاب وقال (قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)).

د. نجيب: لكن ألا تجد أن هذا الأمر مضطرد حتى في خطاب الله تعالى للمسلمين فمثلاً قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم ختمه الله تعالى بقوله (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (226) البقرة) ولكن بعد ذلك قال (وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227) البقرة) فلعل هذا أمر مضطرد في كتاب الله تعالى.

د. الكبيسي: إذا أرادت أن تعرف كيف يتعامل الله معم فاعرف أنت كيف تتعامل مع الله. إن لله فعل ورد فعل وهكذا أنبياؤه ورسله.

(لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة) – لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ (89) المائدة)

الموضوع الثاني وهو من المواضيع التي تشغل الناس وهو موضوع الأيمان. رب العالمين مرة يقول (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ) مردت مرتين في صدر الآية مرة في البقرة (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة) ومرة في المائدة (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) المائدة) ما الفرق بين (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) وبين (وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ)؟ قبل كل شيء كانت الأيمان في الجاهلية عجب يعني كان اليمين على لسان الناس ما يقول قولاً إلا ويحلف. أولاً اليمين هذه أنواع، اليمين هو أنك تُشهِد شيئاً مقدّساً على ما تقول، هذه يمين، سميت يميناً لأنها قوة لكلامك. ما الفرق بين تقول أنا لن أشرب الخمر بعد اليوم وبين أن تقول والله لن أشرب الخمر بعد اليوم؟ أنت قوّيت كلامك، كلمة اليمين فيها قوة (فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ (93) الصافات) اليمين فيها قوة. كلمة يمين يعني قوي فأنت قوّيت كلامك بهذا القسم. عندما قَسَم وعندنا حلِف وعندنا إيلاء. الحلِف على شيء مضى (وَلَيَحْلِفَنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى (107) التوبة) (يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ (74) التوبة) كلمة حلفت على شيء مضى وراح يقال فلان حلف على شيء أنه ما فعل كذا هذا بالماضي هذا حلف. القَسَم على شيء بالمستقبل (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ (53) النور) في المستقبل. تقول أحلف بالله أني ما فعلت كذا وتقول أقسم بالله أني سافعل كذا. الإيلاء عندك خصلة تحبها جداً ومريحة تحلف أنك ما تقربها، كنت تشرب خمراً فقلت والله لن أشرب خمراً بعد اليوم، هذا يسمى إيلاء، (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ (226) البقرة) زوجتك حبيبتك لكن صار خلاف فقلت والله لن أقربها، هذا إيلاء.

د. نجيب: (وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (22) النور)

———–فاصل————

د. نجيب: الحلف على ما مضى والقسم للمستقبل والإيلاء ترك ما يحبه الإنسان وما هو مشروع

د. الكبيسي: لا، حتى لو لم يكن مشروعاً. كان الجاهليون في كل كلامهم قسم أو حلف أو إيلاء وبالتالي رب العالمين أنهى هذا وقال (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ (89) المائدة) فبدأ المسلمون يقننون بأنهم لا يحلفون ولا يقسمون إلا على شيء فيه كسب القلب وفيه تعقيد الإيمان. كسب القلب أن تنوي أنت قاصد أن تحلف على هذا الشيء لتجعله قوياً أي يميناً، تقول أنت أقسمت يميناً أو حلفت يميناً أي وقياً وكلمة يمين يعني قوة. وبالتالي إذا كان بينك وبين أحد عقد أو عهد تقسم عليه أو تحلف عليه هذا أنت كسب قلبك أنت تقصد وكل يمين صادفت عزم العقد على ذلك أو عقد العزم على ذلك أصبحت هذه تسمى اليمين الغموس إن أنت حنثت بها تغمس صاحبها في النار وهذه توجب الكفارة. (وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ (89) المائدة) رب العالمين جعل حلاً لهذا وهو الكفارة ولهذا أولاً جاء التفقيه في الإسلام بأن نحفظ أيماننا. ثانياً أن لا نجعل أيماننا عرضة للخير (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ (224) البقرة) هذا الذي يحلف على منع خير وأي خير؟ مثلاً واحد كان يصل رحمه كان يعطيهم ويساعدهم ثم صار مشكلة بينه وبينهم فقال والله لن أساعدكم بعد اليوم كما حصل مع سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه عندما غدر بن قريبه (مسطح) وطعن فيه. حينئذ قال (وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224) البقرة) فإذا كنت لك حسنة ولك عبادة ولم صلة رحم وحصل خلاف ثم أقسمت يميناً أو حلفت يميناً أنك لن تبر هذا الإنسان بعد اليوم ولن تصله ولن تعطيه فكفِّر عن يمينك واقطع هذا اليمين ولا تجعل هذا اليمين عرضة كما لو صار سداً مانعاً بينك وبين أن تصل هذا الرحم، بينك وبين أن تعبد الله هذه العبادة. مثلاً إذا قال أحدهم أقسم بالله العظيم أني لن أصوم الإثنين والخميس بعد اليوم لأمر ما أو لن أزور فلاناً أو لن أتكلم مع فلان، كل هذه غير مشروعة وفيها قطع رحم وغيره. اليمين البرّة هي التي فيها حق من الحقوق أنت تثبته أو تقسم يميناً على شيء لكي تحققه وأنت قاصد ذلك وهو مشروع كما قال الشيخ نجيب. إذن رب العالمين عز وجل شنّع على كثيري الحنث (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ (10) القلم) وقال تعالى (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ) وحفظ اليمين أن لا تحلف على كل شيء. هذه ثقافة الموضوع العام. يبقى ما هو لغو اليمين؟ (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ (225) البقرة) فقهاؤنا الكرام رحمة الله عليهم جميعاً بحرصهم وخوفهم من الله وخوف الفقهاء من الله عز وجل شدد علينا لكي نكون جادين ومنضبطين يعني لأن تحسر حقاً مشكوكاً فيه خير من أن تكسب حقاً ربما ليس من حقك. هذا الورع ترك ما لا ذنب فيه مخافة أن يكون فيه ذنب. والورع هذا “إن خير دينكم الورع” أن لا تفعل شيئاً مشكوكاً فيه وفي عصرنا هذا نفعل المشكوك فيه بشكل مطلق ولكن هذا ليس من الورع. أنت مثلاً عملت عملاً وضوء، صلاة زكاة فيها رأيين رأي يقول صح ورأي يقول خطأ مشكوك فيه، إحسم أمرك وخذ بالمتيقّن، هذا سمت نفر من هذه الأمة ورعون يراعون الله عز وجل وليس مطلوباً من كل الناس “إن الله يحب أن تؤتى رُخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه” أنا لا يمكن أن أطالب الجندي كما أطالب الضابط، لا يمكن أن أطالب واحد بعيد عن الحاكم كما أطالب وزير الحاكم. هذا شيء وهذا شيء. وحينئذ كل إنسان يوم القيامة يطالب على وفق مقامه، على وفق عمله، ولذلك علينا أن نفهم ذلك ولا نتعامل مع الناس وكأنهم طبقة واحدة. وحينئذ (انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً (21) الإسراء) (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ (55) الإسراء) هناك أنبياء أولو العزم وهناك أنبياء مساكين مثل أبينا آدم (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115) طه) وحينئذ هذا الذي نقوله في مسألة الورع هذا سمت جماعة من عباد الله اصطفاهم وسماهم عباد الرحمن وذكر صفاتهم في أواخر سورة الفرقان أن هذه صفوة من الناس إذا وفقك الله لأن تكون مثلهم فهذا من فضل الله وليس بجهدك، بجهدك أن تصلي وتصوم ليس فيها عذر. إذن كلمة اللغو اختلف الفقهاء فيها لشدة ورعهم. اللغو مصدر لغى يلغو وهو الكلام الباطل أو الخطأ. كل كلام خطأ أو باطل فهو لغو. بناء على هذا أناس قالوا هذا الحلف الذي يأتي مع الكلام مثلاً أين أنت ذاهب؟ والله ذاهب للسوق، هل أنت جائع؟ لا والله لست جائعاً. أنت ما تقصد وإنما صارت لازمة، والله ما ذهبنا، والله، والله، هذا مجمع على أنه لغو لأنك لا تعنيه ولا تقصده ولم تعقد عليه اليمين المطلق، هذا بالإجماع لا شيء فيه (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ) والمؤاخذة وجوب الكفارة وهذا ليس عليه كفارة وكلنا نردد هذا في اليوم ألف مرة، إلى أين أنت ذاهب؟ والله ذاهب للسوق، ماذا تفعل؟ والله جالس، ويبدو والله أعلم عند كل الناس كلازمة من لوازم كلامهم مع بداية كل جملة يقولون والله، هذا لغو بالإجماع ولا يؤاخذ الله به أي لا يوجِب الكفارة. هذا أمر والأمر الآخر قالوا إذا أقسمت أو حلفت أو آليت على شيء كنت تظنه صواباً ثم تبين خطؤه أنت تعرف أن فلان الفلاني قالوا لك أنه نجح في الامتحان، أنت عدت من الجامعة وبلغك أن فلان ناجح وسألك أهله فقلت لهم والله ناجح، فيسألونك أكيد؟ تقول والله العظيم ناجح أنت في هذه الحالة حلفت يميناً قوية حقيقية مقوّاة ثم تبين أن الذي أخبرك كان مخطئاً فأنت عندما أقسمت كنت صادقاً لكن تبين أن الحقيقة غير ذلك، هذا لغو كما يقول بعض الفقهاء وخاصة أبو حنيفة وبعضهم قال يُكفّر عن يمينه. إذن ترى الفقهاء في هذا الباب لهم آراء متعددة وهذا من الخشية من الله عز وجل وهذا من خصائص هذه الأمة فوّت علينا بعض المصالح. مثلاً مسألة الربا والبنوك والتعامل المصرفي ثِق أن نصفه حلال لكن من الذي يقول هذا والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: الربا بضع وسبعون شعبة أيسرها كمن يأتي أمه. أقل شبر ربا ولو درهم كمن يزني بأمه، من الذي يتورط في هذا ويقول أن هذا حلال؟! سيدنا عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى يبين أبواب الربا لأننا نحن لا نعلمها، الربا المعروف ربا النسيء أو ربا الفضل، هذا الذي ليس فيه نقاش وهو استغلال للفقير وغيره. هناك تعاملات مصرفية يومية ولكن الناس من الرعب وهذا من حقهم بل من واجبهم بل من رحمة الله بهم هذا الخوف من الربا لأن يوم القيامة الربا مصيبة أقل الربا كأنك تزني بأمك وبالتالي تقول من باب سد الذرائع وهذه قاعدة فقهية معروفة، سد هذه الذريعة والمسلمون غالوا في مسألة سد الذرائع حتى قنطونا أحياناً ولكنه خنق أخف بكثير من عذاب جهنم. لو قارنت بين هذا الخنق الذي أنت فيه أحياناً، مسألة الحجاب ومسألة الربا ومسألة الغيبة وكثير من الأمور هي فعلاً في حياتنا ونحن والحمد لله سددنا الذريعة بيننا وبينا لكن أحياناً تشددنا في ذلك لأن البديل مخيف، ماذا لو تساهلت قليلاً في قضية لا يمكن التساهل فيها؟ وحينئذ الفقهاء لما تكلموا عن لغو اليمين، ناس قالوا هذا وناس قالوا هذا، ناس قالوا إذا أراد أحد أن يدفع عن نفسه الضرر أو عن صاحبه هو متهم بالباطل وأنت متيقن أنه بريء تقسم بالله العظيم أني ما رأيته يفعل حتى تنقذ هذا الرجل والله تعالى قال (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ (106) النحل).

الأخ أحمد من المغرب: هل القلب يموت من المعصية؟

الإجابة: أكيد، كلما أذنب العبد ذنباً نُكِت في قلبه نكتة سوداء إلى أن يصبح القلب مطموساً ما لم يستغفر، وقالوا وجلاؤه الاستغفار.

وقيل أنه من اللغو أيضاً الذي يظنه على صواب بحسب اعتقاده هو. قلنا اليمين التي تجري على اللسان واليمين التي يظنها صواب ثم تبين أنها خطأ واليمين التي يدفع بها ضرراً محققاً إما عن نفسه أو عن إخوانه. واحد أمام حاكم ظالم وواحد أمام قاضي جائر ويريد أن يلبسه تهمة فأنت تقسم اليمين أو تحلف اليمين وأنت تعرف أن هذه يميناً خاطئة ولكن تريد أن تنقذ نفساً إذن (إِِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ).

الأخ تركي من السعودية: ما هو أعظم ذكر بعد الشهادتين والصلاة والزكاة والصوم والحج؟

الإجابة: السؤال هذا يحتاج لتعدلي، نحن لا يمكن أن نقول ما هي عظم قطرة للعين في الصيدلية؟ وإنما نقول ما هي أعظم قطرة للعين تناسبني أنا؟ أنا تحتاج عيني قطرة معينة وهناك قطرة أخرى تحتاجها عين أخرى. إذن أفضل الذكر هذا متعدد. النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا بعضها: أولاً الاستغفار. الاستغفار هذا ينفع لكل شيء “من سره أن يرى صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار” هو يغفر الذنوب ويزيد الرزق ويزيل الهم “من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب”، ثانياً عندنا “سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم” وصى بها نوح ابنه ووصى بها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قلتها مائة مرة في اليوم لا يُرفع عمل في ذلك اليوم إلى الله عز وجل أعظم من عملك إلا عمل رجل زاد عليك. “سبحان الله وبحمده: كلمتان خفيفتان في اللسان ثقيلتان في الميزان”. هناك عبادات للبخيل مثل العطاءات والصدقة، ” كل رجل في ظِلّ صدقته يوم القيامة” إذن كل إنسان يحتاج إلى عبادة، القاضي والحاكم يحتاجون إلى العدل، التاجر للصدق، المعلم للإخلاص في التعليم والجندي للثبات في المعركة، السياسي بتأدية الأمانة وخادم المال بعفة اليد وهكذا هذه التقوى كلٌ له تقواه. هناك تقوى السوق وهناك تقوى تعليم وعلم وهناك تقوى حُكم كل واحد له تقواه، إذا كنت أنا حاكم ظالم وأبني المساجد وأصلي الليل وأذكر الله ما له قيمة لأن الحاكم تقواه العدل. وهكذا رجل من العلماء يبني مساجد لكن تقواه أن يقول الحق حتى لو قطعوك إرباً، أن تصدق مع الله عز وجل وكذلك التاجر عليه أن لا يغشّ لكلٍ تقواه وأنت انظر ما عملك واختر لك تقوى والتقوى في هذا الباب كبيرة كما تحدثنا في الحلقة الماضية.

—————-فاصل————–

رب العالمين عز وجل ذيّل هذه الآية (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة) غفور حليم، تعودنا أن يقول القرآن غفور رحيم قال بما أنه لغو قال هذا مجرد قلة أدب معه، هناك إنسان أقل أدبه مع الله عز وجل حيث استعمل إسمه ليحلف اليمين أو القسم إستعمالاً فيه لغو فقال تعالى غفور حليم، حليم لا يستفزه الجاهل.

الأخ محمد من العراق: هناك من يتحدث معك حديثاً ويقول أُشهد الله على هذا الحديث وهناك آية تقول (وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) البقرة)

الإجابة: هذا من الأيمان التي كسبتها القلوب، واحد يتحدث ويقول أُشهد الله على هذا، هذا مما كسبت قلوبكم وهذا يؤاخَذ (لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (225) البقرة) أنت متعمد وحازم وجازم وقاصد وعاقد النية والنية في القلب.

د. نجيب: كأن الأخ محمد يشير إلى آية اللعان (فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ (6) النور)

د. الكبيسي: نعم.

(يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ (106) المائدة) – (لمن الظالمين) (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (107) المائدة)

ننتقل إلى الموضوع الثالث والأخير في هذه الحلقة موضوع الوصية. والوصية عبادة جليلة وعظيمة ولكننا لا أدري لماذا تساهلنا فيها في هذا العصر مع أننا في هذا العصر أحوج ما نكون إليها. في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الناس يملكون إلا سيف يوصي به أو مخدة أو قلة ماء ومع هذا يوصي. لذلك الوصية عبادة عظيمة. ولهذا رب العالمين في آخر آيتين في سورة المائدة -ونحن إنتهينا من سورة المائدة وسندخل إن شاء الله في سورة الأنعام- في هاتين الآيتين نتحدث عن أهمية أن توصي.

الأخت هبة من العراق: عندي صديقة ساعدت بأمور كثيرة وعندما أخذت ما تريده غدرت بي وآذتني كثيراً، وبعد الحلف الذي حلفته صرت أعرفها جيداً وبإمكاني أن أُرجع المساعدة التي ساعدتها بها

الإجابة: أنت الآن على حافة جناح هائل في الجنة من أجل هذه الصديقة التي غدرت بك. من حقك قضاءً أن تأخذي منها المساعدة لكن ليس لك أجر لكن لو أنك صبرت عليها وامتثلت لقوله تعالى (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) آل عمران) كظمت غيظك ولم تبدي استياءك أو غضبك وعفوت عنها وأحسنت إليها كما قال تعالى (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) فصلت) يوم القيامة سوف يجد أن الله أعطاه على هذه النعمة التي هو فيها، إنسان أساء له إساءة بالغة ومع هذا بقي على إكرامه لو تعرفين ماذا سوف يعطيك الله لتمنيت أن هذه الصديقة تغدر بك ألف مرة. إياك أن تصيعي هذه الفرصة بل قولي اللهم إني أُشهدك أن يعفوت عنها لأجلك طلباً لمغفرتك ولأني لا أريد أن أفجع محمداً صلى الله عليه وسلم بواحدة من أمته وأحسني إليها هذا خير لك من صلاة مائة عام.

الأخت أم هشام من العين: سؤالي عن الوصية وأنه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لك يكونوا يملكون الكثير فكيف الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يمتلك أمة إسلامية كاملة فما هي الوصية التي وصى بها من بعده؟

الإجابة: لم أفهم السؤال ولكننا نحن نتكلم عن وصية المسلم بماله وبشؤونه لكي لا يعبث أهله به. الآيتان الأخيرتان من سورة المائدة تتحدثان عن هذه القضية العجيبة التي أهملها المسلمون أما ما أشرت إليه فقضية عفا عليها الزمن ولا ينبغي أن نثير التاريخ وكفانا عبثاً بهذه الأمة.

الآية واضحة (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ (180) البقرة) كيف فسرها النبي صلى الله عليه وسلم؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر “من مات على وصيته مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة ومات مغفوراً له” كتب وصيته على ورقة أنا فلان ابن فلان أطلب فلان كذا، أعطوا فلاناً كذا، فلان يطلبني بكذا، كل ما عندك من شؤون، توصي لبعض الأرحام الذين ليس لهم شيء في الميراث توصي لهم ببعض الأشياء. يقول عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنا عند رسول الله فجاءه رجل فقال يا رسول الله مات فلان، قال أليس كان معنا آنفاً؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال سبحان الله كأنها إخذة على غضب، المحروم من حُرِم وصيته” لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من موت الفجاءة. تموت فجأة وأنت لم توصي، إذن عليك كل يوم من الآن أن تفوز بهذه الغنيمة اكتب على ورقة أنا فلان ابن فلان أوصي بهذه الأمور، فلات يطلبني بكذا، أعطوا إبن عمتي إبن خالتي ممن لا يرثونني مبلغاً أو بعض الأشياء وإذا بك بهذه الورقة تكسب كل هذه المغانم. بعدما سمع أنس هذا الحديث قال: ترك الوصية عارٌ في الدنيا ونار وشنار في الآخرة. عبادة تغافلنا عنها ولذلك من الذين يُكرمون يوم القيامة هم الذي يحيون سُنة قد أميتت. “من أحيا سُنةً أميتت من بعدي فكأنما أحياني”. هذه سُنة أميتت فأحيوها بنية إحياء السُنة وبنية الحصول على هذا الثواب العجيب الغريب ولهذا يقول أن هذه الوصية نار وشنار في الآخرة لأنها تسبب سوء استقبال الملائكة (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ (97) النساء). إذن هذه هي الوصية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن المرأة أو الرجل ليعمل بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضارّان في الوصية فتجب لهما النار” يعني واحد يعبد الله مائة عاماً عبادة كاملة وكتب وصية ظالمة حرم بها بعض الناس والأقارب وأنكر فيها بعض الديون. قسم منا لما يموت يحرم البنات من بعض الإرث وهذه تسمى (غير مضار) يسرع بكتابة الأموال والأملاك للأولاد جون البنات ويعمل أعمالاً فيها مضارة، فكل العبادة التي عبد الله بها مائة عام لا قيمة لها وتجب له النار على أنه ضر بعض الناس وظلمهم في وصيته.

الأخت أم سلوى من الشارقة: الوصية ورقة نكتبها هل تحتاج أن نكتبها عند كاتب عدل؟

الإجابة: هذه إجراءات العصر الآن ولكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان هناك توثيق للعقود ويكتفون بالشهود أما الآن فالوصية مثل عقد الزواج قانوناً لا بد أن توثّق في المحكمة. هذه الوصية لكي تنفذ لا بد أن توثق خاصة إذا كانت قيمتها أكثر من خمسة آلآف درهم أي خمسمائة دينار عندما كان الدينار ديناراً, وحينئذ هذه لا بد أن توثق في المحاكم عند كاتب العدل.

الأخت أم سارة من الشارقة: في حال الإنسان أصابه ضرر ما ولجأ إلى القضاء ليقتص ممن أصابه بالضرر فهل يفقده هذا اللجوء للقضاء أجره يوم القيامة؟

الإجابة: نعم قطعاً. إذا أخذت حقك في الدنيا انتهى الأمر أما إذا عفوت عمن ظلمك فهذا من الإحسان. والإحسان أن تعفو عمن ظلمك هذا إرجاء أن تأخذ الأجر في الآخرة.

الأخ ليث من العراق: بالنسبة للوصية ماذا كانت وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل بيته وللمسلمين بصورة عامة؟

الإجابة: هذا خلاف تاريخي أكل عليه الدهر وشرب ونحن في هذا الزمان نعيد التاريخ الذي مضى ونظلم النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته ونشوّه سمعتهم وندمي قلوبهم بهذا الذي يجري في العراق بعضكم يقتل بعضاً على تاريخ مضى وتاريخ أنتم صنعتموه يا أهل العراق. وبالتالي من الذي فعل هذا غير أهل العراق؟ إتقوا الله في هذا. الناس الآن بين يدي الله إذا رب العالمين لا يعرف أن يحكم فهذا شيء آخر، وإذا كنت لا تؤمن بالآخرة هذا شيء ثالث، وتأتون بعد خمسة عشر قرناً تحيون هذه الأشياء؟! نعم النبي صلى الله عليه وسلم وصى لسيدنا عليّ ثم ماذا؟ سيدنا علي بعد الخليفة الثالث صار إمام المسلمين وجاء وحكم وقتلتموه فما الذي حصل؟ قال لقد ملأتم قلبي قيحاً وجرّعتموني لغب التهمام أنفاساً لله أبوكم لله أبوكم (يعني يا كلاب يا أبناء الكلاب) خزيتمونا أمام العالم ناس تذبح ناس هذا تاريخ مضى وأنتم قتلتموه هذا عيب عليكم.

الأخت هند من دبي: هل يجوز للشخص قبل أن يموت أن يوصي للذكر نفس حظ الأنثى؟

الإجابة: لا يجوز.

باختصار شديد هاتان الآيتان في سورة المائدة تتحدثان عن الوصية إذا كنت غريباً إذا كنت في بريطانيا أو أي مكان ليس معك فيه مسلمين وأنت ستوصي، واحد حضره الموت وليس هناك إلا اثنين نصارى أو صابئة معه فقال لهم يا جماعة أنا فلان أوصي بكذا وكذا، أعطاهم وصيته ومات ولم يكن غير هذان الشاهدان غير المسلمان وأعطاهم أمانات ومال وغيره فأنكروها ثم واحد منهم أسلم وقال فلان الفلاني الذي اشهدنا على الوصية نحن في الحقيقة ما أدينا الشهادة وكان عنده كذا وكذا ونحن سرقناها ونريد إرجاعها فاستثناءً قال تعالى الوصية من غير المسلمين يجوز عليها الشاهدان غير المسلمين إذا لم يكن هناك غيرهما، هذه الحالة والوحيد ولأهمية الوصية استثنى الله شهادة غير المسلم على المسلم للضرورة نظراً لأهمية الوصية. إذا شككتم بشهادة غير المسلمين يقوم شاهدان مسلمان يقسمان بالله أننا سنشهد شهادة جديدة وشهادتنا أعظم من شهادة هؤلاء. الفرق أن الشاهدين غير المسلمين قال (لمن الآثمين) (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ (106) المائدة) والمسلمين قال (لمن الظالمين) (فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ (107) المائدة). الشاهدان غير المسلمين يقولان (إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ) لأنه ليس عندهما أحكام إسلامية، كل ما فعلوه أنهم أخطأوا بالشهادة فعليهم إثم أنهم لم يضبطوا هذا الشيء وقد يكونوا سرقوه. لكن هؤلاء المسلمان البديلان إذا كذبا على هذه الشهادة الملغاة فهما من الظالمين يوم القيامة (إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ) وقطعاً الظالمون أشد جرماً وأشد عقاباً يوم القيامة من الآثمين. هذا الفرق بين من يشهد أول شهادة على أي شيء ثم أخطأ متعمداً أو غير متعمد فهو آثم لكن الشهدان الآخران يصران على الكذب وعلى الإخفاء فهما من الظالمين. معناه أن العودة في نفس الجريمة أشد جرماً يوم القيامة ممن يجرم أول مرة هذا معنى العود والتكرار وهذا الإصرار على الخطأ.

د. نجيب: جزاكم الله خيراً. أخبرني كثير من الإخوة الذين يحفظون القرآن ويجدون صعوبة في الحفظ أنهم عندما تابعوا هذا البرنامج والتسموا تلك الآيات المتشابهة فمثلاً عندما يحفظ الذين آمنوا وعملوا الصالحات تتشابه مع آية أخرى تبدأ بهذه الآية في موضع آخر فتختلط عليه ولكنه عندما فك التشابه بين هاتين الآيتين وتدبرها ساعده على الحفظ شكراً جزيلاً سيدي الشيخ وشكراً لإخواننا الذين تابعوا معنا وباسمكم جميعاً أقدم الشكر لشيخنا الجليل داعين الله سبحانه وتعالى أن يوفقه وأن يفتح عليه آفاق رحمته وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله والسلام عليكم ورحمة الله..

بُثّت الحلقة بتاريخ 19/6/2009م