وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 6

اسلاميات

 

الحلقة السادسة:  (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴿191﴾ البقرة)(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴿217﴾ البقرة)

في هذه الحلقة نتحدث عن جزئين من أجزوائ آيتين اختلفت فيهما كلمة واحدة وهي (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴿191﴾ البقرة) وفي آية أخرى (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴿217﴾ البقرة). كلنا نعرف أن القتل من الجرائم العظيمة والأحاديث في ذلك مخيفة جداً (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة الدماء) (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ﴿32﴾ المائدة) (من أعان على قتل مسلمٍ ولو بشق كلمة بعث يوم القيامة مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله) والأحاديث في هذا كما تعرفونها. إذاً هذا القتل تصور لو أن رجلاً كما وقع في التاريخ المعاصر لو أن رجلاً قتل مدية كاملة فيها ملايين كما هو في هيروشيما وناكازاكي والخ والبقية تأتي. بقنبلة واحدة رجل قتل أربع خمس ملايين بقنبلة واحدة بساعتين كيف يمكن أن تتخيل عقابه يوم القيامة؟ لا بد أن يكون عقابه كبيراً من حيث الكمّ وشديداً من حيث الكيف. هذا الفرق بين (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴿217﴾ البقرة) هذا حجماً (وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ﴿191﴾ البقرة) يعني كيفاً أنت قد تعذب واحد بالضرب مليون سنة هذا كبير ولكنه ليس شديداً وقد تعذبه مليون سنة بالخوازيق والنار والأفاعي والعقارب وأنواع الحريق الخ هذا شدة. إذاً بقدر ما أن القتل سواء كان لفردٍ واحد (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) بحيث لو اجتمعت مدينة كاملة على قتل رجلٌ واحد لكان ينبغي أن يقتل رجال هذه المدينة بالكامل من كل من اشترك في قتله. تأمل هذا، تأمل هذه الأحاديث الواردة في هذا الباب أنه لو اجتمع عليه أهل السموات والأرض لو اجتمع على قتل رجل بغير حق قتل إنسان اجتمعت السموات والأرض كلهم ومن فيهن لأكبهم الله في النار من أجل قتل واحد هذا القتل يهون إلى جانب الفتنة. والفتنة لكي نكون واضحين في المعنى عندنا بلاء وعندنا فتنة هذان الأسلوبان من أساليب تمحيص الإيمان (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ ﴿31﴾ محمد) (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ﴿2﴾ العنكبوت) إذاً امتحان الإيمان إما ببلاء تكرهه نفسك وإما بفتنة تحبها نفسك. قد يمحص إيمانك بما تكرهه مرض، سرطان، ظلم، عمى، يعني أنواع الأشياء المكروهة فقر شديد كل هذا ابتلاء لكي الله رب العالمين يعلمك تشكر وتصبر أو تكفر. وهذا دأبنا جميعاً كلنا نصاب ببلاء تكرهه أنفسنا من فقر أو مرضٍ أو سجنٍ أو ما شاكل ذلك منا من يصبر صبراً مطلقاً ومنا نسبياً ومنا من لا يصبر يجزع. هذا عن البلاء فيما تكرهه نفسك أما الفتنة فيما تحبه نفسك في النِعم كنت فقيراً فصرت غنياً جداً هل ستستعمل هذه النعمة في شكر الله في الصالحات تعين الناس؟ أم سوف يدعوك هذا إلى التكبر والطغيان والجبروت؟ الحُكم صرت ملكاً أو أميراً أو شيخاً أو رئيس جمهورية أو ما شاكل ذلك بعد أن كنت مغموراً هل هذه النعمة التي أنعم الله بها عليك ستستعملها في طاعته بالعدل والرحمة والشفقة وإحقاق الحق أو لا بالقتل والظلم والتعذيب في السجون وما إلى ذلك؟ العلم، الأولاد (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ ﴿14﴾ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿15﴾ القلم) إذاً هكذا الفرق بين الفتنة والبلاء أن البلاء فيما تكرهه نفسك والفتنة فيما تحبه نفسك وفي كلا الحالتين أنت ممتحن. بل أن النعم أحياناً أقسى من النقمة أحياناً تصبر على البلاء سجنت وعذبت وضربت وافتقرت صبرت ولكن عندما أصابتك النعمة لم تصبر طغيت صار عندك مال ونفوذ وحكم وهذا العصر هكذا نشهد كل هؤلاء الناس هناك طبقات من الناس تكافح حاكماً ظالماً، أحزاب وجماعات يسجنون تقطع أوصالهم بالتعذيب الذي فاحت روائحه يصبرون يخرجون من السجن أبطالاً وقد صبروا على أنواع التعذيب اللامحدود ثم قفزوا إلى الحكم وإذا بهم أسوأ من ذلك الظالم ألف مليون مرة. يعني لما أصابهم البلاء صبروا ولما أصابتهم النعمة لم يصبروا أشبعوا الناس ظلماً وقهراً وسرقات وفساد كما يحث في بعض دول العالم الآن. هذا الفرق إذاً بين الفتنة وبين البلاء. رب العالمين عز وجل يحدثنا عن الفتنة هنا عن ما تحبه نفسك وأعظم أنواع الفتن الفتن العقائدية نفسك تشتهي أن تكون في طائفة أو في فئة أو في حزب يتشرب حب هذه الطائفة في قلبك، في نفسك، في عينك، في حواسك، فتبدأ تفسد الناس تُضلِّهم تقتلهم تجني عليهم تمسح بهم الأرض تتفنن في الإيغال بقتلهم وتعذيبهم وأنت في غاية السعادة والفرح نفسك تحب هذا، حينئذٍ هذا يسمى الفتنة. وحينئذٍ هذا التكالب على الدنيا من حيث إما حرب طائفية أو حرب حزبية أو فئوية أو على مال قد تقتل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (تقتل أخاك وأباك وابن عمك) كما حدث في البصرة الآن اقتتل الناس الأخ هنا والأخ الآخر هنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (حتى يقتل الرجل أخاه وجاره وابن عمه فما يدري القاتل فيما قَتل ولا المقتول لمَ قُتل؟) طمعاً في المال، في النفط وجوره وأثمانه وما إلى هذا وقد أصبح الناس الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلون من أكبر أصحاب الملايين في العالم لأنه إذا سرق نفط أربع خمس بواخر صار مليارديراً وبدأ يُعمِل القتل والذبح على هذا في كل مكان وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم عن فتن آخر الزمان الفتن وليس البلاء (لا تقوم الساعة حتى ينحسر الفرات عن جبلٍ من ذهب فيقتل عليه من كل عشرة سبعة) على أن النفط هو الذهب الأسود كما يسمونه، النفط يسمى الآن الذهب الأسود فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ذهب لا ندري إن كان ذهباً أسوداً أو كان هو الذهب المعروف وهو الذهب الأصفر فقال r (ينحسر الفرات عن جبلٍ من ذهب) وقد انحسر فعلاً الآن وعرف مكانه والمحتلون عرفوا أين يقع هذا الكنز الهائل من الذهب ويحتمل وجهين اكتشف المحتلون أن في الأنبار نفط يساوي نفط العالم وأن في نهر الفرات فعلاً منجم ذهب يوازي كل ذهب العالم فالذهبان الأسود والأصفر اجتمعا، هذان الذهبان لا يبرزان ولا يخرجان ولا يُخرجان إلا بفتنة يُقتل عليهم في هذه الفتنة من كل عشرة سبعة، إذا كان في البصرة قُتل يمكن من كل عشرة اثنين ثلاثة لكن هناك يُقتل – وفرق بين أن تسرق النفط لكي تبيعه في السوق السوداء وهذا لا يعرفه كل الناس ولا يحبه كل الناس، لكن الذهب الأصفر كل الناس يعرفونه ويحبونه حينئذٍ جميع الناس سيهبون لكي يسرقوا هذا الذهب الأصفر – حتى يُقتل من كل عشرة سبعة وفي رواية (من كل عشرة تسعة) وكلا الروايتين صحيح. يبدو أنه في البداية القتال خفيف يقتل من كل عشرة سبعة ثم يتطور الأمر يزداد النهب، تزداد الخصومة بين السارقين حتى يبدأ أحدهم يسرق ما في يد الآخر وليس يقتتلان على المنبع الأصلي. هذا مما تحبه النفس هو فتنة إذاً. هذه الفتنة سواء كانت فتنة طائفية تقصر جماعة على جماعة وتطرد جماعة وتذبح جماعة كما حصل في التاريخ الإنساني كله وفي التاريخ الإسلامي حصراً منذ بداية الإسلام وإلى هذا اليوم الفتن مستمرة. والنبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عجباً – وهو الصادق المصدوق – يحدثنا عن هذا الموضوع ويقول صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (كنا قعوداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس) هؤلاء يقول (واحد من أهل بيتي يدّعي أنه مني وهو ليس مني) يعني هذا واقع الآن أن آلاف من الناس يدعي أنه من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم وليس صحيحاً في جميع دول العالم في إيران، في العراق، في سوريا، في كل مكان يسموه السيّد يعني على هذا من السلالة وفي الحقيقة ثلثيهم ليس صحيحاً النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي بقي منه علي زين العابدين استطاع أن يخلّف الملايين وآل النبي صلى الله عليه وسلم عرب كيف يكونوا عجماً وأتراكاً وباكستانيين وما إلى ذلك؟! إذاً النبي صلى الله عليه وسلم يحدثنا عن فتنة تسمى الأحلاس والأحلاس يعني مقيمة ثابتة لا تتغير. الحِلس هو الثوب البالي الذي يوضع تحت الهودج أو تحت سرج الحصان أو على البعير هذا ثابت لا يتغير معناها لطول مكثها بين المسلمين هي فتنة سماها فتنة الأحلاس مستمرة ودائمة. صراع على من يدّعي أو ممن يدّعي أنه من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو ليس كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم (رجلٌ من أهل بيتي يزعم أنه مني وليس مني وإنما أوليائي المتقون). عن حذيفة بن اليمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (في الإسلام أربع فتن) وهذه وقعت كلها بالضبط حتى هذه التي نحن فيها الآن (في الإسلام أربع فتن تأتي الفتنة الأولى فيُستحل فيها الدماء) وهي فتنة سيدنا عثمان قتل سيدنا عثمان وفتنة هزت المسلمين هزاً وحصار الخليفة وما حصل تعرفون التاريخ لكن ما سُرقت أموال ولا انتهكت أعراض لكن قتل ناس والدماء أصبحت مستحلة استحلوا دم الخليفة واستحلوا أتباعه وأنصاره وناس تقتل ناس إذاً الدماء صارت مستباحة هذه الأولى. (والثانية يُستحل فيها الدماء والأموال) وصدق رسول الله وهي فتنة سيدنا علي رضي الله تعالى عنه سيدنا علي ليس فقط دماء وقتل إنما انتهكت الناس والأموال حتى استبيح معسكره فنُهِب بالكامل ثم كان يصلي على سجادة، على ما كان يصلي عليه فجاءه رجل وقال يا أمير المؤمنين أنا لم أحصل على شيء لم أنهب شيئاً لم أستطيع أن أحصل على شيء معين وأريد هذا الذي تصلي عليه فقال له خذها أخذها وذهب فقال (أين أنت يا أشقاها يا من تخضّب هذه من هذه) حينئذٍ هذه استبيحت فيها الدماء والأموال. (ثم تكون الثالثة يستحل فيها الدماء والأموال والفروج) وهذه الفتنة التي قام بها يزيد بن معاوية فاحتل واستباح المدينة حتى حملت عشرات النساء من نساء الأنصار حملن سفاحاً من جيش يزيد قتلوا الناس استباحوا الدماء واستباحوا الأموال، استباحوا المدينة بالكامل حتى ما بقي بيت إلا ونهب ثم شاع الزنا في نساء الأنصار الذين (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴿100﴾ التوبة) هؤلاء القوم فتنتهم الثالثة استباحوا فيها الدماء والأموال والفروج. (ثم تكون الرابعة عمياء مظلمة تمور مور البحر تنتشر حتى لا يبقى بيتٌ من العرب إلا دخلته) الله أعلم ربما تكون هذه التي نحن فيها والتي تبدأ من العراق. والغريب جداً أن معظم الفتن في التاريخ تبدأ شرارتها من العراق نظراً لمكانة العراق المركزية ولشدة تأثيره في عالم المسلمين في العالم العربي والمسلمين، هذا التأثير الشيء الثالث والمهم على امتداد التاريخ ما من قوة عظمى إلا وتطمع بما في العراق لأن ما في العراق من خير لا يتصوره أحد لو قُسِّم على نصف العالم لكفاه. من أجل هذا يقول (الرابعة عمياء مظلمة) ناس تبيد ناس، ناس تقتل ناس، ناس تنتهك أعراض ناس، سابقاً التاريخ كله شخّص لنا واحد اسمه ابن العلقمي واحد فقط خان شعبه وقومه وصار مع المغول المحتلين وتجسس على قومه لحسابهم واحد، كذلك أبو رغال واحد يمني واحد فقط صار إلى جانب أبرهة على قومه، واحد والتاريخ يلعنه وكلنا نعرف أنهم هؤلاء خونة وجواسيس والخ لأنها ما كانت عمياء كم واحد خان، ما مشكلة واحد يحصل في كل الدنيا. أما هذه العمياء شعباً بأكمله فِرَق بأكملها، أحزاب بأكملها، طوائف بأكملها تصطف علناً مع المحتل ضد شعبها تقتل شعبها وتدمره وتهجره وكلهم مسلمون، كلهم يدّعي أنه هو صاحب الحق، كلهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، هذه هي الفتنة العمياء المظلمة. (تمور مور البحر) من حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يبق بيت من العرب إلا دخلته فأرجو أن لا يكون تفسيري صحيحاً إن كانت هذه هي الموجودة الآن لأن هذا يعني إذا كانت هذه الفتنة الرهيبة التي هي في العراق الآن والتي لم تحدث في التاريخ في أي بلد من البلدان كما تحدث في العراق اليوم، لا عند العرب قبل الإسلام ولا بعد الإسلام ولا عند العالم أن يحدث أن شعباً من دولة من خمس وعشرين مليون دولة تاريخية بهذا الحجم أمُّ الحضارات في العالم، أول حكومة على وجه الأرض، أول حضارة على هذه البسيطة تُلغى بساعة واحدة إلغاءً كاملاً ويأتي الناس من كل مكان جيوش من إسرائيل من أمريكا من بريطانيا من إيران من كل مكان تنهب عيني عينك بمساعدة الشعب العراقي بمساعدة الحكومة التي تحكم العراق وأحزاب وطوائف منها ديني ومنها متعلق بكذا أو كذا هذه التي تمور مور البحر. هذا الاحتلال يُكرَّم ثم لسقوط سقفٍ على قبر يعني أنت ما بقى لا توحيد ولا إله ولا إسلام ولا دين بقى قبر هذا القبر هو الله هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو المعطي وهو الضار وهو المانع من أجل أن تأتي قوة سرية مريبة مجهولة لإحداث فتنة تنسف سقف هذا القبر ثم يقتل الآلاف انتقاماً لهذا القبر وتهدم المئات من المساجد انتقاماً لهذا القبر. فتنة عمياء مظلمة لا دين ولا أبداً برغم أنها كلها تقوم على أساس باسم الدين فإذا كانت هذه هي العمياء المظلمة معناها أنها ستُعمَّم، ما من بيت من العرب إلا تعمه هذه الفتنة. معنى ذلك أن هذا الذي يجري هذا الاقتتال الطائفي لحساب المحتل سوف يعمم في كثير من الدول العربية بالذات قال العرب ما قال المسلمين (في بيوت العرب) وفعلاً تعرفون أن في كل العرب طوائف متعايشة متسالمة القواسم المشتركة بينها كثيرة متحابة متناسبة القبيلة الواحدة فيها من هنا ومن هنا، ومع هذا ربما يسري إليهم هذا الداء، هذا المرض الوبيل الذي غُرِس في العراق غرساً عن عناية والأطراف التي ترعاه وتبثه معروفة علناً وتقال كل يوم ومن داخل العراق يصرَّح بها كل يوم والعالم لا يتحرك والعرب لا يتحركون والمصيبة قادمة على كل العرب فما من دولة من دول العرب إلا وفيها اختلاف مذهبي وحزبي وطائفي وديني. والتاريخ يشهد أن العرب هم الأمة المتسامحة في التاريخ ما من مخالفٍ لدينهم على أي وجه لقي أذىً أو اضطهاداً كما يلقى عند غير العرب. وهذه لأول مرة في التاريخ بعضهم يقتل بعضاً وبعضهم يذيق بعضاً الهوان على هذا الذي يجري في العراق فإن كانت هذه هي الفتنة ونحن تأكدنا الآن أن الأولى فتنة عثمان لأن فيها دماء فقط والثانية فتنة سيدنا علي لأن فيها تستباح الدماء والأموال وفتنة مقتل سيدنا علي لأن يزيد استباح فيها يعني معاوية وفتنة يزيد أيضاً بعده استباحوا الأموال والدماء والأعراض. حينئذٍ إذا كنا قد تأكدنا من الثلاثة وهذه في آخر الزمان لماذا آخر الزمان؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في أحاديث تدوم 12 سنة، يقول بعد 12 سنة انتظروا الأعور الدجّال معنى أن بانتهاء هذه الفتنة تتطور الأمور تطوراً آخر بعيداً بعيداً ثم يكون هناك استعداد للأعور الدجال.

إذاً هذا القتل الذي يحدث من هذه الفتنة الفتنة عموماً يعني إخراج الناس من دينها بما تحب لا بما تكره لأنك أنت تحب طائفتك أو حزبك أو فئتك ومن أجل هذا الحب أنت تقوم بهذا الذي جرى في التاريخ ويجري اليوم بشكلٍ لم يعرف له التاريخ مثيلاً معنى ذلك إذاً كيف الفتنة أكبر من القتل؟ قلنا كم تريد أن تقتل؟ تقتل واحد اثنين ثلاثة أربعة عشرة يعني قد تكون أنت ملكاً أو أميراً أو رئيس جمهورية تقتل مثلاً ألف في حياتك من المعارضين والمؤامرات الخ ألف ألفين ليس أكثر. الفتنة أكبر من هذا بكثير لأنها تمتد قروناً من العداوة والبغضاء يعني مثلاً كثير من قبيلتين أو عائلتين أو فردين اقتتلا ثم تصالحا بعد ذلك، الأوس والخزرج دامت الحرب بينهما 120 عاماً فلما جاء الإسلام وحّد بينهم (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿63﴾ الأنفال) إذاً قد يصطلحان بعد حرب دامت قرناً. حينئذٍ الفتنة أكثر من هذا تدوم قروناً طويلة لأنك أنت عملت فتنة لم تعمل قتلاً فالقتل يزول والفتنة لا تزول.

اتصال من الأخ محمد من موريتانيا: الفتنة التي يعيشها المسلمون حالياً والعرب بصفة خاصة هل سبب الفتنة الشعوب أم الحكام أم العلماء؟ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في ما معنى الحديث إذا فسدت الأمة فسبب فسادها العلماء أم الحكام؟

الإجابة: لكي لا نطيل في الموضع في الحقيقة الابتلاء قد يكون من الحُكام، الفتنة من العلماء. وأنت تعرف أن جميع الفتن التي جرت في الإسلام هذه الأربع التي جاء ذكرها الفتنة الأولى والثانية والثالثة كلها فتن بناء على فتاوى، سيدنا عثمان قالوا هذا كذا وكذا وكذا وليس إماماً وأفتى بعض الناس بأنه ليس إماماً. سيدنا علي هكذا وحينئذٍ حتى قصة معاوية ويزيد معاوية وسيدنا علي وهي من أين تأتي؟ من تأويل القرآن كما نعرف (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴿7﴾ آل عمران) كيف؟ حديث صحيح (ويح عمّار تقتلك الفئة الباغية) واضحة، وبعض الصحابة لما عمّار صار إلى جانب سيدنا علي بقوا وأرادوا يرون من يقتله حتى يكونوا ضده فرأوا أن الذي قتله جيش معاوية، واضحة إذاً جيش معاوية باغي هل تعرف ماذا قال بعض المفتين؟ قالوا لا إنما قتله من أخرجه! انظر إلى قلة الأدب وكل الطائفيات والفئويات والاقتتال والانحرافات أساسها من يدّعي ويزعم بأنه من علماء المسلمين وهو مفتي كما هو الحال اليوم. هذا الذي في العراق كله يجري بناء على فتاوى كل مجموعة لها مفتي، واحد هذا اسمه القاعدة عنده مفتي يقتل كل من عداه كل من ليس منهم فهو مشرك يجب قتله وقتلوا آلاف وقتلوا عشرات العلماء ممن نعرفهم أساتذتنا وشيوخنا علمونا وعلموا أجيال ذبحوهم ذبح الخراف بفتوى من واحد زعطوط تافه. وهكذا الذي يجري في العراق الآن في البصرة وغير البصرة فتاوى كل واحد منهم على مفتيها وهكذا كما في الخبر(لا تقوم الساعة حتى يكون علماء المسلمين ظُلاّمَهم منهم تخرج الفتنة وإليهم تعود و….القُرّاء) القُرّاء هؤلاء الناس الذين يضلون الناس. كما أن صلاح المسلمين على أيدي العلماء علماء الحق وعلماء الشرع وعلماء الإتباع من كتابٍ وسنة ومصائب المسلمين من علماء السوء أصحاب الدنيا الذين تعرفهم. والآن في الحقيقة هذا الاقتتال الطائفي في العراق أساسه العلماء من كلا الطرفين ولولا هذا ما حصل هذا التباغض. ولهذا مثلاً خذ قاعدة أن هنالك بعض الطوائف الأخرى ما ربت أبناءها على الكراهية مع اختلاف المذاهب لكن ربّتهم على أننا كلنا مسلمون نقول لا إله إلا الله واختلاف رأي وهذا هو الإسلام إذاً لا تطور الموضوع الذي حصل أن علماء المسلمين هم علماء الفتنة والنبي أخبر بهم بالنص قال (علماء الفتنة) ورآهم في الإسراء والمعراج قال (من هؤلاء يا جبريل قال: هؤلاء خطباء الفتنة). فحينئذٍ كما قلت في هذا العصر الذي نحن فيه الفتنة الأولى والثانية والثالثة والرابعة أساسها فتاوى هذه الفتاوى من المفتين من العلماء والقراء من كل الأطراف وحينئذٍ كلامك صحيح.

إتصال من الأخ أحمد من العراق: يا شيخ نحن الفتنة التي نعيشها تقريباً كلها من وراء دوائر الحكام لأن هم الحكام الذين أثروا علينا من 48 هجر أهالينا من فلسطين وأتوا إلى العراق على كون أنهم ضيوف فجعلوها كأنها فتنة وأرادوا بها إخراج الشعب الفلسطيني من دائرة الحكم والعودة إلى بلادهم الفلسطينيين ومن ثم خرجوا إلى الحدود وسوريا لم تستقبل والأردن لم تستقبل فجعلوا كل هذه الدوائر لإخراج الفلسطينيين والقضاء عليهم لكي لا يكون هناك موحدون في الأراضي المحتلة؟

الإجابة: هذا الذي تقوله بلاء وليس فتنة جاء اليهود واحتلوا فلسطين وأخرجوهم وعانوا ما عانوا في كل مكان والذي حصل كما أنت تعرف إذاًً هذا بلاء وليس فتنة. نعم هذا البلاء تدخلت فيه الحكومات كما تدخل فيه اليهود وأمريكا والغرب كله بل العالم كله تآمر على فلسطين كما يفعل الآن العالم كله يتآمر على فلسطين إذاً هذا بلاء وليس فتنة وحديثنا في الفتنة.

إتصال من الأخ عامر من دبي: الفتنة الآن الموجودة في العراق طبعاً أحد أسبابها هي المرجعيات سواء السنية أو الشيعية فالآن ما اتخذوا فيها أي إجراءات للحدّ من هذه الفتنة سواء السنية والشيعية كذلك هناك في العراق للعلم أن هناك من أجهزة المخابرات المجاورة وغير المجاورة  تلعب دورها الكبير في هذا الأمر وهي تؤجج هذه الفتنة الموجودة في العراق.

الإجابة: يا ابني ما في داعي أن تغمض القول كل الإذاعات تقول لك إيران وإسرائيل وأمريكا أنت لماذا تقول مجاورة؟ كل الإذاعات يومياً مليون مرة نسمع هذا الكلام التدخل السافر بالجيوش والاستخبارات بالفعل من إسرائيل وإيران وأمريكا.

إذاً يا أخوان الفتنة أشد من القتل ضرراً وأكبر من القتل إفساداً ولهذا رب العالمين عز وجل يوم القيامة الفتنة أشد من القتل كما أن القتل لو أن شعباً كاملاً أو مدينة كاملة قتلت واحد لقتلوا جميعاً به تصور! (لو أن أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل واحدٍ لأكبّهم الله في النار جميعاً) ومع هذا أن تفتن بين الناس بفتنة فهذا أعظم لماذا؟ القتل كالذي صار في هيروشيما حدث وانتهى والآن تعمرت هيروشيما الخ انتهينا، الفتنة لا تنتهي. والغريب دائماً الفتنة من واحد! واحد يلعب بالعالم إلى يوم القيامة. يعني مثلاً مثال آخر عندنا في العراق كما يعرف الجميع طائفة اسمها طائفة اليزيدية طائفة كاملة قريبة من الشيطان من حيث أصلها. ما هو أصلها؟ رجل صالح كريم من التابعين اسمه عدي بن مسافر رجل من الصالحين جداً اضطهده بني أمية هرب من الشام سكن في شمال العراق في هذه الجبال البسيطة الجميلة شعب مسلم والشعب الكردي إلى الآن لا يزال حتى هذه الساعة من الشعوب الإسلامية الحريصة على دينها وتراثها وقيمها وأخلاقها، الشعب الكردي معروف بعمقه في التاريخ الإسلامي وبخدمته للإسلام في العلوم وحتى في اللغة العربية. هذا الرجل عدي بن مسافر ليس له أولاد عنده ابن أخت اسمه شمس لما مات عدي الناس يعرفون أن هذا عدي خال هذا الرجل والظاهر أنه كان يلبس عمامة ومثل خاله الخ وطبعاً التفوا حوله وأحبوه الخ ومع هذا استطاع أن يضلهم وجاء لهم بآيات من القرآن الكريم (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴿6﴾ فاطر) قال الشيطان عدونا لنا أن نلعنه ولهذا لكي نخلص من شره لا بد أن نتخذه صديقاً فينقلب من عدو إلى صديق فلا يضرنا كيف؟ قال تعالوا نعبده كما نعبد الله نعبده هو أيضاً معه مرة نعبد الشيطان ومرة نعبد الله وفعلاً ضربوه الخ لكن يوم بعيد يوم صار طائفة والآن الطائفة حوالي ملايين الآن ملايين يعبدون الشيطان، واحد! والتاريخ مليء بهذا الواحد من كل مكان، من كل مكان في كل المذاهب في كل الطوائف واحد فعل بهم ما فعل. حينئذٍ هذا الواحد ضرره أكثر أو هذا الذي ألقى القنبلة الذرية على هيروشيما؟! لا قطعاً هذا أكثر (الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) و(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ).

الأسبوع الماضي جاءتنا مداخلات رائعة وجميلة وعميقة وذكية من خالد مصطفى من مصر أم الطيب الأردن الطاهر الطبربي من تونس المهندس زهير أحمد موسى لم يذكر من أين؟ جزاهم الله خيراً وإن شاء الله من الحلقة القادمة كل حلقة سوف نستعرض عليكم جهود الجمهور وهي جهود في غاية الروعة. في هذا الحزن الذي نحن فيه على العالم العربي هؤلاء الذين تداخلوا معنا في هذا البرنامج وهم بالمئات نساء ورجال والله العظيم شيء مفرح أن الأمة حية وكريمة وإن شاء الله لن تزول ورب العالمين لن يخذلها أبداً ومهما حصل هذه الأمة ستنجو من هذا إن شاء الله وتظهر سليمة بهذا الذي قرأته من مئات الأوراق والفاكسات والتليفونات من هؤلاء الناس ومنهم التاجر والضابط والطبيب الخ يعني ما شاء الله ويقولون بدأنا نقرأ القرآن بهذا الشكل ما الفرق بين هذا وهذا؟ والفاكسات التي جاءت يعني يمكن لو أحببت أن أستعرضها كلها ستأخذ مني حوالي عشرين حلقة إذاً كل حلقة نستعرض جهود خمسة من المشتركين كفاية. إذاً هذه الأمة بخير إن شاء الله ورب العالمين يعلمنا كما قال (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ).

إتصال من الأخ عباس من دبي: الأمة ممتحنة في فقهائها وممتحنة في أفعالها ولو ذاكرنا وصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لأبن مسعود عندما يقول (يا ابن مسعود فقهاؤهم) يقصد الأمة في آخر الزمان (فقهاؤهم شر الفقهاء منهم خرجت الفتنة وإليهم تعود) لكن الناس تنسى أن ترجع للدين والحقيقة في كل مشكلة عندنا رأي لفقيه، صار القتل هو الحل يعني لما يتعارض فكرك مع فكر فقيه قاعد بالنجف وبالحوزة لا بد أن تكون الدعوة المقابلة بالقتل. الله سبحانه وتعالى عندما أرسل أنبياء أرسلهم ليتحاوروا مع الناس أنتم فقهاء أخذتم الدين مهنة، الأنبياء أنفسهم لم يمتهنوا الدين وأنتم جعلتموه مهنة تعتاشون منها ومن يعارضكم في هذا القول تقتلوه كيف تحكمون؟

الإجابة: يا أخ عباس كلامك صح ومفهوم ومعلوم لكن انتبه جيداً إلى الإعلام كله والله بدأت الأمة بهذه المحنة الآن تستفيق وتستيقظ بسرعة لم تكن متوقعة. كثير من الشيعة والسنة من العلماء الأفاضل نحن كنا نتكلم عن علماء السوء وعلماء السوء لا يمكن أن يكونوا هم أصحاب الساحة لا بد أن يوفق الله عز وجل العلماء الصالحين أن يظهروا وقد ظهر، سمعنا علماء شيعة وعلماء سنة في غاية الروعة وهذا هو الذي سوف يسود ولن يصح إلا الصحيح ولكن (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴿7﴾ هود) ورب العالمين وعد هذه الأمة في كل مائة سنة من يأتي إلى العلماء من يقودها إلى سبيل الرشاد والوحدة وهذا حصل كثيراً في التاريخ فأبشر بالخير إنما نسمعه في الإعلام مما يقطع الأمعاء ألماً في مقابل تأتي وجوه كريمة طيبة رحيمة عالمة تخاف الله عز وجل. والله واحد سمعناه في التلفزيون يقول والله أنا لا أشتهي هذا الكلام لكني أنا في غاية الخوف من تلك الساعة التي سوف يضعوني فيها في قبري ماذا سأقول لله؟ هذا الآن هذا التيار قادم إليك وإلى هذه الأمة لكي يقودها من الشيعة والسنة ولن يصلح أمر هذه الأمة إلا بهذه المذاهب الجليلة لأن هذا الدين من طبيعته فيه بدائل وفيه أوجه كما تعرف أنت الآن سوف ترى في الحلقات القادمة أن الآيتين فيها أربع خمسة من المشاهدين كل واحد جاء برأي في التوفيق بينهما وهو رأي في غاية الصواب، يعني هذا الدين يحتمل أوجه (القرآن حمّال أوجه) الوجه الوحيد الذي لا يحتمله هذا الدين هو البغضاء والقتل والفتنة أن تقتلني لديني. انظر لهاتين الآيتين العجيبتين (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ ﴿45﴾ المائدة) هذا عندما يكون القتل على غير خصومة لكن أن تقتل بالفتنة (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴿93﴾ النساء) هذا قتل الفتنة كما هو في العراق الآن شيعة وسنة بعضهم يقتل بعضاً الكل خالد في النار لمن بدأ القتل. حينئذٍ الأمة قادمة وإنما هي تنظف نفسها الآن إن شاء الله.

إذاً هكذا هي قضية الفتنة. عرفنا الفرق الآن بين (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ) هذه كمّاً و (الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) هذه كيفاً من حيث شدة العذاب. وعلى كل مسلمٍ الآن أن يبتعد عن الفتنة لأنه لو شارك فيها بنصف كلمة (من أعان على قتل مسلمٍ ولو بشق كلمة بُعِث مكتوب على جبينه آيس من رحمة الله)، في حديث آخر (من قتل مسلماً فابتهج بقتله) هذا قتل على العقيدة والطائفة والحزب والفئة (فقد بريء من الذمة) يعني ليس مسلماً إذاً هكذا هو الأمر.

إتصال من الأخ ليث من سوريا: الأخوان الشيعة عندهم مرجعيات وكلام المرجعية مقدس عندهم يعني كل أمر يصدر عن المرجعية ينفذ نحن بالنسبة لنا احترنا هذا العالم يقول شيئاً وذاك العالم يقول شيئاً آخر ونحن أين نرجع؟ الإسلام وعلومه علوم كاملة؟

الإجابة: والله يا أخ ليث (تركتكم على السمحاء ليلها كنهارها) والله الإعرابي والأمي والعالم والأستاذ والجيولوجي يستطيع أن يأخذ من هذا الدين ما ينبغي أن يعرفه لكي يكون مسلماً مما يسمى “ما عُلِم من الدين بالضرورة” كلنا نعرف صغيرنا وكبيرنا أن الصلاة خمس أوقات وصوم رمضان وحج البيت والزنا حرام والقمار حرام الخ وأن البغضاء حرام وقتل المسلم حرام والقتل الطائفي حرام والقتل الفئوي حرام كل هذا مما عُلِم من الضرورة ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم امتدح فئة واحدة في هذا الخضم قال (من وسِعَه بيته) يعني اعتزل تلك الطوائف كلها حتى سلمت يده من الدم ومن السرقة وقلبه من البغضاء فإذا كنت لا تبغض مسلماً يقول لا إله إلا الله ولا يمكن أن ترضى بقتله ناهيك عن أن تقتله أنت فأنت الناجي أنت كُن هكذا كما نحن الحمد لله جميعاً بإذن الله والله بلا مبالغة 99% من الشعب العراقي على هذا النسق، لا يمكن أن يلوث يده بقتل طائفي ولا يمكن أن يفرح بقتل طائفي ولا يمكن أن يسرق نفط الشعب والناس تموت جوعاً في العراق في العراق مجاعة ومأساة لم تحدث في التاريخ ملايين المهجرين والمقتولين والناس الموجودين مغلّقة عليهم الأبواب لا أكل ولا شراب ولا ماء لا مال، أيُّ مأساة هذه! في هذا الخضم تنهب وتقتل وتسلب ما هذا؟ والله العظيم إن جهنم كلها لا تفي بعذابك. 

من المداخلات الجميلة جداً والتي أنا أول مرة أنتبه إليها من الأخ خالد مصطفى من مصر المنية سمانوط هذا الرجل بذكاء غير اعتيادي يقول رب العالمين وصّى بالوالدين (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا﴿15﴾ الأحقاف) الخ وكلنا نعرف ما هي قيمة الوالدين؟ يقول فقط مرة واحدة سمّى الوالد والوالدين والأب سمّاهم، مرة واحدة قال (الْمَوْلُودِ لَهُ ﴿233﴾ البقرة) لم يقل الوالد بل المولود له عندما تكلم عن واجب المطلِّق تجاه زوجته المطلقة وابنه الرضيع قال (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ ﴿233﴾ البقرة) لم يقل وعلى الأب يقول كأن الله سبحانه وتعالى يقول لهذا المطلِّق الذي طلق زوجته يقول له أنت آخر من يتكلم عن هذا الموضوع لقد طلقت زوجتك ولم تقم بدورك الصحيح في التقويم ولم تستطع أن تمسك عليه زوجك وولدك فمن تراه الآن سيربيه لك؟ ومن الذي سيغرس فيه الدين؟ وقد تتزوج أمه وهو لا يزال في حضنها فلا يحسن الزوج معاملة ولدك أي إن الحديث الموجه إليك يحمل عبارات اللوم الشديد والاستخفاف والتوبيخ ذلك لأنه في اغلب الأحوال غلّب مصلحته على مصلحة ولده ولذلك جاء الكلام عنه بالمولود له ما قال الوالد الأب أبداً لوماً واستخفافاً لأنه لم يقم بحق القوامة والتقويم ولكن الله تعالى أمره بالإنفاق على ولده وسماه المولود له، في غاية الروعة ومقبولة ومعقولة جداً جداً.

الطاهر الطبربي من تونس يفرِّق بين قوله تعالى على سيدنا موسى (فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴿8﴾ النمل) وفي القصص (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ ﴿30﴾ القصص) فرق بين أتاها وبين نودي وفرّق أيضاً هناك (يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ ﴿9﴾ النمل) وفي القصص قال (يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿30﴾ القصص) كلام جميل نضيف إليه طبعاً أن كلمة أتى تعني من بعيد وسيدنا موسى لما رأى النار وتوجه إليها ووضع قدمه على أول الوادي في جبل الطور قال (إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿12﴾ طه) هو من بعيد كلمة أتى في اللغة الذي يأتي من بعيد إذا كنت تنتظر زائراً ولاح لك من بعيد يقال أتى، سيدنا موسى قال (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى ﴿11﴾ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ﴿12﴾ طه) سيدنا موسى خلع نعليه ثم مشى مشى مشى إلى أن وصل إلى النار قال (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴿14﴾ طه) كلام في غاية الروعة.

أيضاً المهندس زهير أحمد موسى، طبعاً هؤلاء الجماعات الأخوان كثيرون لدينا عشرات الأخرى لكن نختار منها بعض الأشياء. المهندس زهير أحمد موسى يفرّق بين قوله تعالى (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ﴿187﴾ البقرة) (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا﴿229﴾ البقرة) يقول فلا تقربوها في المنهي عنه لما الله قال الخمر والزنا إياك أن تقترب منها ولا تعتدوها كالصلاة والصوم أنت لا تتعداها فيجب أن تفعلها كلام جميل جداً. نضيف إلى هذا تأويلاً آخر وكما قلت وسأبقى أقول أن هذه الآيات المتشابهة في هذا البرنامج تحتمل ألف تأويل كلها ربما تكون صحيحة لأنه على مر الزمن نكتشف في هذا التشابه معنىً جديداً لم يخطر على بال من قبلنا ثم يخطر على بال من بعدنا لأن ظروفهم وثقافتهم واكتشافاتهم ربما تملي ذلك. التأويل الآخر: هذا الدين الإسلامي دين حدودي يعني كل شيء فيه حد أدنى وحد أعلى يعني مثلاً في الامتحانات في المدارس والجامعة الحد الأدنى 50 في المائة دونه تصير راسب والحد الأعلى مائة لا يوجد مائة وعشرين إذا في عشرين معناها هناك عبث، هناك خطأ هكذا كل أحكام الدين إلا لا إله إلا الله حدٌ واحد فقط لا إله إلا الله ولا الصلاة والصوم والحج كل الأحكام فيها حدين فأنت صلاة الظهر ممكن تصليها الساعة 12 ونصف هذا الحد الأدنى، إياك أن تقترب من هذا بحيث تصلي قبل هذا الوقت. وهناك حد أعلى إذاً هذا الفرق بين تعتدوها أو تقربوها وكلا التأويلين صحيح وأسأله تعالى أن يفتح على الناس والسامعين كما فتح على هؤلاء العشرات الذين كلمونا وتداخلوا وسوف يتعلم المسلمون أن هذا البحث يمكن أن يقوم به أي واحدٌ منهم ولو في قضية واحدة والسلام عليكم ورحمة الله.

بُثّت الحلقة بتاريخ 11/4/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها