الحلقة 61
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. لا نزال في هذه الثلاثية العظيمة في كتاب الله عز وجل وهي الصراط المستقيم والطريق المستقيم والهدى المستقيم. وقلنا باختصار أن الصراط هو المعبر بين ضفّتين بينهما هاوية هذا المعبر ينقلك من جانب إلى جانب، من ضفتي نهر أو ضفتي جبل أو ما شاكل ذلك وأن هذا الصراط يمتاز بالقصر والاستقامة والقوة ولذها ما لم تعبر هذا الصراط فأنت هالك لا محالة، هذه لا إله إلا الله التي تنقلك من الخلود في النار إلى الخلود في الجنة وبدونها ليس هناك خلود ولا دخول إلى الجنة مطلقاً وأنت ساقط في الهاوية لا محالة، لا إله إلا الله. وكونه مستقيماً لأنها تخلو من الانحراف، الإنحراف نوع من الشرك ولكن أحياناً ليس انحرافاً وإنما فيها عيب خفيّ، قال تعالى (أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) مريم) هناك صراط مستقيم (لا إله إلا الله) ليس هناك غيره، لا حجر ولا قبر ولا شخص ولا غيره لكن أحياناً يكون هناك خلل بسيط، عيب خفيّ، فقد ترى أحياناً إنساناً محترماً جميلاً لكن فيه عيب عقلي أنت لا تراه. إذن هذه (لا إله إلا الله) قد يشوبها بعض الخفاء شيء من الرياء قليل أو شيء من الاستعانة بقبر أو الاستغاثة بمخلوق وأنت لا تقصد هذا فهو عيب خفي عليك أن تزيله كما يقول تعالى في الآية (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) طه) الخالي من أي عيب خفيّ، هذا الصراط المستقيم والسوي. ثم الطريق المستقيم والطريق المستقيم هي الأخلاقيات القرآنية من التحية ورد التحية (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) النساء) إلى الإفساح في المجالس (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ (11) المجادلة) إلى كل الأخلاقيات التي تدخل تحت الإحسان، أن تعفو عن من ظلمك وأن تعطي من حرمك وأن تصل من قطعك إلى آخر هذه الأخلاقيات العظيمة وهي التعامل مع الآخر والتعامل مع الآخر هو العمل الدسم الثمين يوم القيامة. لأن التعامل مع الأخر لا يحبط أما الصوم والصلاة قد تُحبَط. إذاً التعامل مع الآخر والتقوى الاجتماعية أن تتقي الله في الناس في أخيك في جارك في البيع والشراء، في السياسة كل ما هو متعلق بالآخرين هذه هي التقوى الحقيقية هذه هي الطريق المستقيم. في هذه الحلقة الأخيرة عندنا الهدى المستقيم (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67) الحج).
إذاً فهمنا الصراط المستقيم (لا إله إلا الله)، الطريق المستقيم التعامل مع الآخر، الهدى المستقيم بالضبط هي إشارات المرور الرسمية من الدولة أنت حيث ما ذهبت سواء كان في داخل المدينة أو خارجها تجد لوحات زرقاء مكتوب عليها هذا الطريق يؤدي إلى المكان الفلاني، يمين المكان الفلاني، يسار المكان الفلاني، انتبه أمامك مطب، انتبه أمامك حفرة، هذه الزرقاء علامة على أن هذا من إصدار الدولة وبالتالي هذا لا يقبل النقاش ولا يقبل الشك. في حين أنت أحياناً قد تضل وتتيه في الطريق وتسأل واحد يا أخي أين فلان مكان؟ يقول لك يا أخي من هنا د يكون صح وقد يكون خطأ لأن هذا مجتهد إذا أصاب له أجرين كونه أصاب وكونه علّمك وكونه خدمك وإذا أخطأ معذور لأنه خطأ غير مقصود لكن غير مضمون، هذا هدى ولكن غير مستقيم ممكن يخطئ. هذا الفرق بين النص القرآني أو الكتاب والسنة الثابت ثبوتاً لا جدال فيه ولا اختلاف وهذا هدى مستقيم من إصدار رسمي الصلاة خمس أوقات، الصيام في رمضان، الحج في مكانه وغيره، هذه ما فيها نقاش صادرة من الدولة هذه هي العلامات الدلالات الأدلة أو البصائر التي لا يناقش فيها اثنان وليس فيها احتمال. هناك دلالات وهدايات فيها احتمال يعني ما هي المذاهب؟ المذاهب بعدما أقروا معنا وأقررنا معهم بالهدى المستقيم الصلاة خمس أوقات، رمضان له أركان، الحج وأركانه الزكاة ومقاديرها بالنص الثابت بالأدلة بالدلالة بالهدى المستقيم ما في نقاش، لكن هناك جزئيات يعني أنت عندما تأتي إلى المدينة وقد اتبعت إشارات المرور العالمية الدولية الرسمية يقول لك من هنا دبي من هنا أبو ظبي من هنا الشارقة واتبعتها بالمائة مائة ثم دخلت في حارات وفي أزقة ما في إشارات في ناس يدلونك لكن هؤلاء الناس قد يخطئون وقد يصيبون ولكن الكل مأجور. حينئذٍ أنت عندما تتبع هذه الفرعيات قد يصير اختلاف ربما واحد ناسي واحد غلطان واحد غير خبير. حينئذٍ كلامنا عن هذا هذه قضية أخرى، هذا من فعل المذاهب. أبو حنيفة قال إذا مسكت امرأة لا تتوضأ اجتهد هذه حواري وأزقة وفروع، أحمد قال لا إذا مسكتها بشهوة تنقض، الشافعي قال لا أنت تتوضأ، كل هذا هدى ولكنه غير مستقيم يعني في احتمال اجتهاد. وحينئذٍ كل حكم شرعي صادر عن اجتهاد فيه احتمال وإذا خالفت ما تكون أنت خالفت مخالفة عظيمة ما تخرج من هذا الطريق. لكن إذا كان نص قال لك (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) النور) وتقول والله أنا ما أصلي، يا ابني رمضان يقول لك لا، تقول له رأيت الهلال وهو يقول أنا لم يأتيني أمر من المرجع إلى الآن. أنت يا أخي هذا ما فيه احتمال هذا ما فيه اجتهاد هذا هلال والآية تقول (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ) هؤلاء العرب قبل الإسلام كانوا يحجون في مزدلفة وليس في عرفة وكانوا يحاججون النبي صلى الله عليه وسلم والله قال ما عليكم فيهم (إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ) نحن قلنا لك بأن الحج عرفة (أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (198) البقرة). ماذا تعني كلمة منسك؟ المنسك يطلق على العبادة ومكان العبادة، الصلاة نسك المسجد منسك، الطواف نسك لكنه حول الكعبة هذا منسك، السعي نسك لكن الصفا والمروة منسك وهكذا (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ) دعك منهم (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ) أدلتك واضحة، إشارات مرورية صادرة من الدولة وبدونها لن تصل. ولهذا تخيل كل العالم الآن تخيل أنك تسير من دولة إلى دولة ومن مدينة إلى مدينة وما في إشارات مرور بالتأكيد ستضيع، ما في هدى مستقيم ففي ناس يقولون لك من هنا وآخرون من هنا سيضيعونك، لكن هذه معلقة زرقاء هذه من الدولة لا تقبل الخطأ ولا تقبل الاحتمال وهي مقدسة. ماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم على إشارات المرور؟ يقول (لعن الله من سرق تخوم الأرض) وحديث آخر (لعن الله من غيّر تخوم الأرض) يعني واحد سرقها يعني هناك علامة على الطريق العام (هاي واي) ما في أحد جاء واحد سرقها ومشي أخذها وعمل منها باب أو أي شيء وجعل الناس تضيع هذا ملعون لأنه سرق الدليل الأساسي. (ولعن الله من غيّر تخوم الأرض) هو ما سرقها لكنها عكسها أو غير اتجاهها فجعل الناس يضيعون وهذا التغيير في التخوم ابتلي به المسلمون منذ أن جاء الإسلام وإلى يومنا هذا وإلى يوم القيامة. كل هذه الفرق والانحرافات والضلالات كلها أفتى بها واحد غيّر تخوم الأرض. الله تعالى قال والنبي قال الحج عرفة يقولون لا نحن نذهب إلى عرفة أخرى لأن فعلاً الآن في مسلمين لا يقفون مع المسلمين في عرفة، يقف ثاني يوم هذا ليس له حجّ، حجه باطل حتى لو حج كل عام ما دام تعمد أن يقف في عرفة ثاني يوم لا حج له بل يؤثم على هذا الحج لأنه مثل مسجد الضرار ناس بنوا مسجد ومئذنة ويصلّون خمس أوقات فيه لكن كان هدفهم تفريق المسلمين إلى شعب (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) التوبة) يا الله! ويحلفون (لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) التوبة) لا تقم فيه هذا مسجد ضرار هذا عبث هذا شق المسلمين. وهكذا كل الفرق التي ابتليت بمفتي من المفتين طبعاً هي كلها بمفتي نعوذ بالله، ولذلك كأن هذا من بلاء الله سبحانه وتعالى في كل جيل ما أن مات النبي صلى الله عليه وسلم إلا فعلها المسلمون هذا إلى هذا اليوم يعني أنتم تعرفون في رمضان 99% من المسلمين صاموا وهناك مسلمين قالوا لا ما نصوم والهلال أمامهم في السماء يعني يصومون بعد رؤية الهلال بيوم أو يومين يعني نحن صمنا السبت وناس صاموا الأحد والاثنين والثلاثاء يا أخي لماذا؟ يقول لك والله المفتي قال لا تصومون -هذا الهدى المستقيم ما فيه نقاش- هذا صومه صام شهر لكن لا صوم له إطلاقاً هذا الذي لا يقف في الحج مع المسلمين في عرفة بأيّ حجة كان لا حج له وإن طاف وسعى وهدى والخ، بل هذا الحج وباء عليه وهكذا كل هدى مستقيم أي نص ثابت نص ثابت لا يقبل الاحتمال. هناك أحياناً نص يقبل الاحتمال يعني مثلاً مسألة الوضوء قال (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (6) المائدة) يعني المسح داخل أو غير داخل، بحرف منصوب في احتمال هو النص يحتمل كقوله (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ (6) المائدة) هو النص يحتمل هذا النص ليس من الهدى المستقيم هو هدى هذا (هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) الجاثية). إذاً هناك هدى مطلق وهناك هدى مستقيم. الهدى يقبل الاحتمال وهو الاجتهاد اختلاف المذاهب و(اختلاف أمتي رحمة) وحينئذٍ النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كان يفتي بفتويين لقضية واحدة وهذا هدى. لكن الهدى المستقيم يعني لا يقبل الاحتمال الصلاة خمس أوقات ما فيها احتمال فهي لا تصير أربعة ولا ثلاثة بل خمسة، الصبح ركعتين ما تصير أربعة، رمضان لرؤيته، الحج حج في يوم عرفة. تتبع تاريخ المسلمين ناهيك عن الهدى المطلق الذي يقبل الاحتمال واختلاف المذاهب رحمة والقرآن حمّال أوجه هذا كله مقبول كله هدى كله مقبول، أينما تضع يديك وأنت في الصلاة هذا هدى، إذا لامست امرأتك وسواء توضأت أو ما توضأت كله هدى فيها احتمالات وقال بهذا عالم وقال بهذا عالم لكن هناك هدى مستقيم يعني هل ممكن واحد يقول لك تعال نحج ويروح بيروت؟!.إذاً كل شيء لا يقبل الاحتمال هذا من الهدى المستقيم ولذلك كل ما فعل المسلمين من انحرافات إنما كان ذلك في الهدى المستقيم. وإلا الذين اختلفوا في الهدى المطلق أحباب حنفية شافعية مالكية حنابلة ظاهرية كل المختلفين أحباب لأن هؤلاء لهم الحرية، هذا هدى. لكن هدى مستقيم ما فيه احتمال ولهذا رب العالمين قال (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (23) الشورى) ما فيها احتمال قال يا أمتي أنا لا أريد منكم أن تعطوني أجر فقط أحبوا أهلي أحبوا آل بيتي الذين أنتم تصلون فيهم اللهم صلي على محمد وآل محمد وكل المسلمين يقرأون هذه الآية وكل المسلمين متفقون على أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم نحن نصلي بهم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تكتمل إلا بالصلاة على آله وإلا صارت صلاة بتراء. ومع هذا هناك من بقي مائة عام يلعنون أهل البيت على المنابر وهناك من قتلهم ويعتبر أن قتلهم هذا عمل من أعمال الجهاد ويتقرب إلى الله بذلك واتبعته أمم. ورب العالمين قال (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) التوبة) رضي الله عنهم ورضوا عنه واضحة ما فيها نقاش المهاجرون، الأنصار، الرضوانيون طبقة من الطبقات المقدسة (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) جاء واحد قال ألعنوهم ولعنهم وإلى يوم القيامة هناك من يلعنهم وعلى هذا الهدى المستقيم يعتقد بأنه هو على صواب مع أن هذا هدى مستقيم فيه نص لا يقبل الجدل ولا الاحتمال ولا الاختلاف. ومع هذا هناك آلاف الملايين تنقض هذا الهدى المستقيم وتلعن أصحاب النبي من المهاجرين والأنصار والرضوانيين. (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) النور) يا ناس الذين شككتم في السيدة عائشة وخضتم في الإفك وقد لعنت هؤلاء الناس والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم وأليم (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أن العودة إلى مثله ينفي الإيمان وهناك ملايين يعودون إلى مثله ويقولون بأن السيدة عائشة بغيّ إلى هذا اليوم. هذا هو البلاء هذا هو الذي يأتي يوم القيامة وقد خسر الدنيا والآخرة. إنسان كهذا لا عمل له حتى لو حج وصام وصلى، لماذا؟ هذا فاقد الشرعية فاقد الانتماء أمر التعيين غير موجود. وكل ما في هذه الأمم اسمعها جيداً كل من اتخذ له عنواناً غير عنوان مسلم غير عنوان الإسلام اخترق الهدى المستقيم بنص واضح صريح بحيث اتخذ رغم كل ذلك منهجاً وعنواناً آخر يقتل ويكره ويلعن ويسب ويتآمر. ولهذا الوصية بالسُنة والجماعة أن تكونوا مع الجماعة “من شذّ شذّ إلى النار” “من أتاكم وأمركم جميع يريد أن يفرق جمعكم اضربوا رأسه بالسيف كائناً من كان” هذا من خطورة الموقف من حيث أنه بلاء هذه الأمة وكل الأمم. ما من نبي إلا مر بذلك ما من نبي جاء برسالة من السماء إلا اختُرقت من جماعة من أصحابه وأتباعه رغم هذا الهدى المستقيم اتخذوا لهم طريقاً وطوائف ومذاهب بعضهم يقتل بعضاً، بعضهم يكفِّر بعضاً ولهذا على المسلم أن يكون حذراً وليعلم أن سلعة الله غالية ويوم القيامة يقول له (كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) الإسراء). ناس قتلوا آل البيت كلهم الذين نقول رضي الله عنهم أمم، واحد أفتاهم قال هؤلاء أموراً كذا وكذا ويقول رضي الله عن رجل قتل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ولعنهم على المنابر ولهذا في هذه الأمة نواصب وفي هذه الأمة روافض وفي هذه الأمة خوارج وفي هذه الأمة أسماء لا حصر لهم خرجوا عن الهدى المستقيم يعني نص لا يقبل الاحتمال. ماذا لو جاء بعض الناس وأفتى بحِلّ الخمرة؟ ماذا لو جاء بعض الناس وأفتى بإبطال قوانين الإرث؟ وهكذا وكل هذا الذي أقوله صارت محاولات في التاريخ خروجٍ ومروقٍ على نص صريح لا يقبل الاجتهاد ولا الاحتمال. إذاً معنى ذلك أن الهدى المستقيم هو إشارة المرور الرسمية من الدولة التي ليس فيها احتمال يعني صادقة بالمائة مائة وملزمة بالمائة مائة لأنك إن لم تتمسك بها تضيع تروح تتفرع فيك الطرق وتضيع كما ضاع مصقلة، وهذا مثل عند العرب إذا واحد ضاع ولم يرجع يقال ضاع كما ضاع مصقلة. ومصقلة هذا أخو عثمان بن عفان لأمه وأخذ جيش يقاتل به الفرس المجوس قبل الإسلام وهؤلاء كانوا أصحاب مكر فهم أفسحوا له الطريق أن يتوغل في بلدانهم بين الجبال وظل يفتح ويدخل ويدخل ولا أحد يعترضه فتصور نفسه هو أنه فتح البلاد ونجح وما أن أوغل في أماكن القرى والوديان حتى انقلبوا عليه من الخلف وإلى هذه الساعة لا يعرف أحد أين ذهب مصقلة وجيشه؟ اختفى هذا الجيش الإسلامي بقيادة مصقلة إلى هذه الدقيقة ليس له أثر. وحصل في التاريخ أن جيوشاً اختفت ولا أحد يعرف لها أثر، إذاً ضاع كما ضاع مصقلة. إذا كان هناك نص صريح من النصوص الكثيرة وما من فرقة شذت عن المسلمين بحيث ما معنى الشذوذ؟ أنها تكفرهم وتستحل قتلهم كل فئة من هذه الفئات التي ضلّت من أول يوم الإسلام وستبقى إلى يوم القيامة وأنتم ترون ما يحدث في الصومال الحزب الإسلامي يقتل الجماعة الإسلامية يذبح الجبهة الإسلامية وكلهم إسلاميين وناس تقتل ناس، الكل في النار (إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار قالوا: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه). هذا الذي في الصومال وفي العراق وفي أفغانستان جرى في كل التاريخ الإسلامي وأساسه عدم الانتباه إلى الهدى المستقيم يعني النص الشرعي الثابت الذي لا يقبل الاحتمال. هناك نصوص فيها وجهين وهذا من رحمة الله (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (78) الحج) (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ) كهذه الاختلاف فيها قابل لكن نص ما يقبل (يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ) (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) الأحزاب) (لعن الله من خبب كذا) (من أحبني فبحبي أحبهم) والخ ما هو عذرك؟ حينئذٍ عليكم أن تعلموا بأن هذا الدين كونه صراطاً يعني أي خلل تسقط في الهاوية. الهدي المستقيم والصراط المستقيم بعضهما يكمل بعضاً. الصراط أنت عبرت بسلام وقلت لا إله إلا الله ثم يأتي الهدي المستقيم الصلاة خمس أوقات الصيام في رمضان الحج في مناسكه الزكاة الخ يعني الحلال والحرام إياك أن تعبث (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) النحل) ولهذا خطورة هذا من أخطر ما يتهدد المسلمين (لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخاف تختلفوا كما اختلفت بنوا إسرائيل) وهذا الذي حدث. فِرَق بأكملها ملايين المسلمون ذهبوا. حينئذٍ انتبه جيداً إذا جاءك النص فهو الدلالة فهو الهدي. ما الفرق بين الهدي والدلالة؟ الدليل واحد أجنبي دلّك لكن الهدي واحد حبيبك واحد جداً يحبك يعني عندما تقول هداه الله غير دلّه الله دلّه الله واحد ما يحبه لكن لما تقول هداك الله الله يحبك يريد أن يهديك كما تهدي ابنك كما تهدي حبيبك. فالهداية الدلالة على المطلوب بتلطف. من أجل هذا علينا أن ننتبه وأن نعلم أننا سنحاسب ما ينفع أن تقول قال لي فلان أبداً، هذه قضية ما يخضع فيها.
——-فاصل———-
إذاً هكذا هو الأمر ليس لك عذر في أنك ضللت في الطريق بعد أن مررت بلافتة المرور الرسمية التي تقول لك الاتجاه من هنا ولكن أحد الناس قال لك لا هذا خطأ إرجع من هنا فضللت الطريق وتهت في الصحراء وهلكت فليس لك أي عذر أن تلقي باللوم على هذا الذي أضلك لأن العبارة واضحة وإشارة المرور في غاية الوضوح. إذاً لا أمل لك في النجاة هكذا هو الأمر، هذا الهدى المستقيم، النص (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ (108) يوسف) أي دليل واضح من كتاب أو سُنّة.
أم سلطان: شيخي ما دمنا نتكلم عن المستقيم هل الزواج العرفي أو المتعة من ضمن الاحتمال أو المستقيم؟
الإجابة: لا، في الحقيقة الزواج نفسه من الهدى المستقيم قال (بوليّ وشاهدين) لابد من ولي وشاهدين وإيجاب وقبول، هذا الهدى المستقيم. مطلق الهدى تختلف أنت من حيث تقيم حفلة أو ما تقيم حفلة، كل الأقارب يعرفون أو ما يعرفون أو هناك فارق السن الخ يعني هناك بعض المخالفات هذا هدى هذا فيه باب. لكن تتزوج من غير شاهدين هذا خرق للهدى المستقيم تتزوج بدون وليّ وأنت بكر هذا خرق للهدى المستقيم.
نعود الآن ونستعرض كتاب الله عز وجل لكي نعرف أن الله استعمل كلمة هدى عدة استعمالات مجملها في أربع أساليب لما نقول إن الله هدى أو يهدي أو لا يهدي تستعمل أربع استعمالات. فعلينا أن ننتبه إلى كل استعمال لكي نفهم مرة (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ (56) القصص) (وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ (155) الأعراف) (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) الشورى) حتى لا نضيع علينا أن نتتبع ما يقول أهل العلم عن كيفية استعمال الله لكلمة هدى.
الوجه الأول رب العالمين عز وجل استعمل كلمة هدى بدلالة كل مخلوق على وظيفته. تأمل حولك في كل هذا الكون من إنسان إلى حيوان إلى نباتات إلى جمادات إلى مياه إلى جبال إلى شمس إلى قمر كل يقوم بوظيفته من الذي دلّ هذا المخلوق على وظيفته؟ يعني مثلاً لا نذهب بعيداً كما قال تعالى (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات) لماذا أنفك هو الذي يشم؟ وأذنك هي التي تسمع؟ وعينك هي التي ترى؟ لماذا ما يصير العكس؟ لماذا أذنك ليست هي التي ترى؟ لماذا عينك ليست هي التي تسمع؟ قال لك لا (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50) طه) خلق كل مخلوقاته على الصيغة التي شاءها الله عز وجل ثم هدى هذا المخلوق على هذه الصيغة هداه إلى وظيفته. وظيفة الماء الإرواء، وظيفة الشمس وظيفة النباتات جميعاً لماذا هذه تثمر تمراً؟ وهذه رمان؟ وهذه تين؟ والخضروات وكل ما في هذا الكون كل الحيوانات كل واحد كل مخلوق هداه الله إلى وظيفته بالضبط وهذا لا يفعله إلا رب، لماذا؟ رب العالمين كما انفرد بأنه يخلقها من حيث كونه رباً فأنه أيضاً يهديها من حيث كونه رباً ولذلك كما أن هذا معجز لا يفعله إلا الله عز وجل، كما في الآية هذا فرعون خبيث ما قال من ربكما يا هارون ويا موسى؟ لا هو قال فمن ربكما يا موسى؟ هو يعرف أن سيدنا موسى لسانه فيه عجمة كما تعرفون قال (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا (34) القصص) فأراد أن يتلعثم أمام الملأ ملأ فرعون الوزراء والقادة (قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى) لعله يتلخبط لكن سيدنا موسى نبي ويوحى إليه قال (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) فأُسقط في يد فرعون. وفعلاً كلمة هدى هنا لما تأتي في القرآن الكريم (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) البلد) انظر التسلسل المنطقي، (أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) أعطاه عيون والخ ثم هدى للحق والباطل هكذا كل مخلوق.
منى من أبو ظبي: فضيلة الشيخ صراحة موضوعك مؤلم وهو مقياس كل مؤمن وكل مدعي للإيمان لكن أنا سؤالي يا شيخ ليس عن الناس الذي ضلوا هؤلاء واضحين أنا سؤالي عن المؤمنين أو الذين يدّعون الإيمان نحن الآن في زمنا هناك أناس مستقيمين ولكن إيمانهم هذا ليس له لا وزن ولا قيمة بينما في عهد الرسول المؤمن منهم يا شيخ بألف فهل هذا عيب في إيماننا أو نقص في إيماننا أو أنه إدعاء منا بالإيمان؟ وجزاك الله خير.
الإجابة: على كل حال يا بنتي الإيمان يبلى ويضعف ويقوى ويتفاوت وهناك حق الإيمان وهناك حقيقة الإيمان وهناك أول الإيمان، هذا من رحمة الله عز وجل. لكن قلنا الصراط المستقيم تبدأ بلا إله إلا الله إذا صحّت منك لا إله إلا الله فقد صحّ الباقي. ولذلك إياك أن تدخلي في هذه المتاهات لأن الله لماذا جعلها صراط؟ قوي وقصير وسريع العبور ما تطولين فيه ولذلك لا إله إلا الله محمد رسول الله بسهولة ووضوح تتقنينها والباقي يأتي بعدها لا تخافي.
حسن من أبو ظبي: شيخي عندي واحد من أخوالي منذ سنة 88 لم نتكلم معه فما رأيك؟
الإجابة: والله إذا ما كلمتوه لا تقبل لكم صلاة ولا صيام (اثنان لا تقبل صلاتهما فوق رأسيهما شبراً أخوان متصارمان) فكيف هذا خال؟! يعني هذا مصارمة وقطع رحم وأنتم هالكون إبدأوا بسلام عليكم يا خال إذا ما رد هو يتحمل المسؤولية وإن شاء الله يرد عليكم إياكم أن تموتوا وأنتم على هذا فلا تجدون لكم عملاً صالحاً (وعزتي وجلالي-الله يخاطب الجنة- لا يجاورني فيك بخيل ولا قاطع رحم).
محمد من السعودية: شيخي أحمد عندي سؤال بالنسبة للقرآن ربنا سبحانه وتعالى قال (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36) طه) عندما سأله موسى عليه السلام (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) طه) فهل حلّت العقدة التي في لسانه؟
الإجابة: إن شاء الله بإذن الله. بإذن الله على كل حال هو قطعاً رب العالمين لما سيدنا موسى دعا هذا الدعاء يعني رب العالمين شفاه حتماً. لكن يبقى هو ما قال أنا أخرس بل قال أفصح مني وكل فصيح هناك من أفصح منه لماذا؟ لأن سيدنا موسى تربى في بيت فرعون ولذلك أحسن اللغة الفرعونية لغة الفراعنة ما أحسن لغة بني إسرائيل. بينما هارون عاش في بني إسرائيل هذا الفرق (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا) أنا تعلمت عند فرعون اللغة الفرعونية وهي غير اللغة العبرية عند بني إسرائيل.
كلمة هدى الاستعمال القرآني الأول هو أنه هدى المخلوقات إلى وظائفها عينك ترى ما تشم أنفك يشم ما يرى وهكذا انظر في من حولك ومن حولك كل يقوم بوظيفته كما في الحديث (اعملوا فكلٌ ميسّر لما خُلِق له) كل مخلوق ييسره الله للوظيفة التي خلقه من أجلها هذا هدى، أعطى كل شيء خلقه أولاً ثم بعدما أكمل خلقه هداه. (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ) إذاً أعطاه خلقه ثم (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) هدى، هذا الاصطلاح الأول.
المعنى الثاني الهداية التي جعلها الله على أيدي الأنبياء. طبعاً الأولى فطرية من صنع الله مباشرة من دون أسباب، هنا الثانية لا هداية عن طريق الأنبياء ولذلك قال (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) السجدة) وهذه الهداية هي من الله عز وجل ولكن عن واسطة. فرب العالمين عز وجل في الهداية الثانية قال لهم أنتم يا أنبياء تهدون بأمري، هذا اثنين.
الثالث طبعاً الأول والثاني أنت ليس لك شغل فيهم، الأول فطرة والثاني نبي جاءك وقال لك يا فلان تعال صلي تعال اعبد الله وكل الأنبياء يدعون إلى توحيد الله عز وجل وأن الله لا إله إلا هو. الثالث والذي هو الأهم تقريباً نحن قلنا أن كلمة هدى تعني التحبب عندنا قاد وعندنا دلّى وعندنا علّم وعندنا عرّف (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) محمد) هذه كلها ما فيها عاطفة ما فيها معنى يدل على المحبة فأنا ربما أعلّم شخصاً بشكل إجمالي أعرّفه جزئية جزئية عرّفها يعرّفها شارع شارع وبيت بيت وإلا أنت كيف تعرف الجنة وتعرف بيتك رأساً كأنك عايش في الجنة صار لك مليون سنة؟! لكن هدى يدل على المحبة والمودة والرغبة في أن تنصلح يعني عندك ابن ضالّ ابنك وتحبه جداً تبذل جهدك لكي ينصلح ولذلك لما ابنك يخاصمك تتمنى أنت ابنك يأتي ويصالحك. هكذا رب العالمين (لله أفرح بتوبة عبده من صاحب الراحلة) هذه هداية. هذه الهداية الثالثة التي هي توفيق رب العالمين (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) محمد) “ومن يتق الله يهدي قلبه” هذه الهداية أنت تقوم ببدايتها لأن لله فعل ولله ردّ فعل (نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ (67) التوبة) (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ (152) البقرة) أنت لما تشتهي الهداية أنت لم تهتدي بعد ولكنك قلبك يريدها رب العالمين يهديك (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ (11) التغابن) (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ (9) يونس) وإذا قلت أنهم آمنوا أقول ولو هناك إيمان كما قالت الأخت هناك إيمان نص ونص والإيمان متفاوت لكن هناك إيمان 100% هذا أنت آمنت بالله وعملت الصالحات وقلبك حب الله رب العالمين عز وجل يهديك إلى إيمان كما يقول (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (4) الأنفال) آمن بالله حق الإيمان يستحي من الله حق الحياء. كلمة حق هذه وصول إلى القمة. هذا الإيمان من لطف الله عز وجل ببعض عباده إذا أنت بدأت بالمقدمات.
———-فاصل————
لا نزال نعدد أنواع الاستعمالات القرآنية لكلمة هدى وقلنا أن الأولى هداية كل المخلوقات إلى وظائفها التي خلقها الله من أجلها والثاني هداية الأنبياء والثالثة هي هداية الله عز وجل لعبدٍ آمن وكثّف الله سبحانه وتعالى إيمانه حتى وصل به إلى النهاية (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى) (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا (69) العنكبوت) جاهدوا فينا وما جاهدوا العدو، جاهد قلبه من الغش ومن الكبر ومن الضلال ومن النفاق (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا). إذاً ابدأ أنت إن لله فعلاً ورد فعل. إذا أردت أن يكمل الله إيمانك وأن يبعثك مع المؤمنين حقاً ونحن قلنا في حلقة سابقة هناك إيمان وهناك إيمان خاص (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) الأنفال) هناك إيمان قمة وهؤلاء هم الطبقة العليا في الجنة. هذه من توفيقات الله، إبدأ أنت ورب العالمين يُكمِل. إذا صحت نيتك وأخلصتها لله عز وجل وأحببت الله وأحببت دينك وأحببت الآخرين فرب العالمين عز وجل يأخذ بيدك كما قال (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ) حينئذٍ هذه الهداية الثالثة إذا صلحت لك فقد صلحت لك الجميع.
الرابعة والأخيرة الهداية في الجنة (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6) محمد) (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) الحجر) (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ (43) الأعراف) هدانا إلى الجنة بحيث أن كل واحد يعرف مكانه ودرجته وطبقته وهذا مجتمع في غاية السعة إذا كان أقل عبد من عباد الله عز وجل آخر واحد يخرج من النار بعد أن يُحاسب على أعماله له بقدر الدنيا عشر مرات (وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) الإنسان) كيف تعرف ذلك؟ (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ) (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) هكذا هو الأمر إذاً فإذا حصلت لك الهداية الثالثة والرابعة فقد حصلت لك الجنة.
شمّة من أبو ظبي: يعطيك ألف عافية على هذا البرنامج أنا سؤالي حلمت أنني أقرأ القرآن بالعكس وأنا الحمد لله ختمته 12 مرة ودائماً أقرأه؟
الإجابة: أولاً أنا لا علم لي بالأحلام والأحلام رسالة مباشرة من رب العالمين عز وجل ولهذا من يأوّل وهو لا يعرف أو يتريا ولم يرى فهو ذنب عظيم. لكن هناك بعض الرؤى في الظاهر تبدو أنها مخيفة لكنها في حقيقة الواقع تكون حسنة فعليك أن تسألي أحداً ممن يعبِّر الرؤيا.
عبد الله من الشارقة: سؤالي أنا شاهدت مسلسل مريم ومسلسل سيدنا يوسف عليه السلام وأهل الكهف طبعاً أخواننا الإيرانيين هم الذين صنعوه فهل هذا حرام؟
الإجابة: أنا ما رأيته ولكن تشخيص الأنبياء بالكامل على أنه هذا هو النبي هذا لا يجوز. لأنه مهما أبدعت سوف تخدش الصورة الحقيقية التي تكونت لكل مسلم من خلال وصف القرآن الكريم. ولا يمكن لرسام ولا ممثل مهما حدث أن يرسم الصورة الجميلة البهائية القدسية النورانية لهذا النبي العظيم. والنبي صلى الله عليه وسلم مات ولم يذكر أحدٌ كيف كان وجهه لأنه ما كان بإستطاعة أحد أن يركز النظر على وجهه الكريم لشدة هيبته. وهكذا الأنبياء فمن هذا الذي يمثل النبي؟! فهذا عبث وعلى كل حال أنا ما رأيت لكن كحكم شرعي لا يجوز تشخيص الأنبياء.
صالح من العراق: يا سيدي كنا نشرك بالله نشد الرحال إلى الشيخ عبد القادر وغيره فما مدى شركنا بالله؟
الإجابة: لا، هذا لا علاقة له بذلك أنت إذا ذهبت لكي تصلي ولم تعتقد بأن هذا الرجل المدفون هناك يضر وينفع ليس شركاً. الشرك أن تذهب إليه وتعتقد بأن هذا هو الذي يضرك وينفعك وتستغيث به من دون الله عز وجل هذا هو الشرك. أما أن تزور مسجداً فيه قبر كثير من المساجد هكذا، ولو أنها من الأفضل ألا تكون إلا المسجد النبوي. لكن لا تقسوا على أنفسكم بأن تقولوا هذا شرك، الشرك قضية أساسية هذا في البخاري باب كفرٌ دون كفر هذا نحن قلناه لما قال الصراط السوي ما فيه عيب خفي هذه عيوب خفية لا تصل إلى حد الشرك إلا إذا اعتقدت فعلاً أن هذا الرجل يضر وينفع ولا أعتقد أن هنالك مسلم عاقل يعملها، قد يعملها واحد جاهل.
براء من أم القيوين: شيخ أسأل أنا لما كنت صغيرة كنت أصوم وأصلي ثم تركت الصلاة وصرت ما أصلي ولا شيء والحين من رمضان بدأت أصلي وأصوم وكل شيء فهل الأيام التي فاتتني أصومها وأصليها؟
الإجابة: نعم تصومين الأيام التي مضت اعملي جدول كل خميس واثنين وتخلص إن شاء الله ثم عليك بالاستغفار رب العالمين يقبل التوبة إذا صحّت التوبة فإن الله قد وعد بكرمه أن يقبل التوبة من عباده وعن عباده. من عباده مباشرة وعن عباده عندما واحد يستغفر لك والاستغفار استغفار المؤمن لصاحبه في ظهر الغيب في الحقيقة مستجاب.
إذاً نرجع ونقول نقرأ بعض الآيات لكي نعرف كيف توجهات كلمة يهدي: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) هذه الهداية الأولى (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) الرعد)، أما سائر الهدايات (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) وكل هداية ذكر الله عز وجل أنه منع منها الظالمين والكافرين فهي الهداية الثالثة التي هي التوفيق والتسديد. هناك توفيق يعني واحد شرطي واقف في الشارع قلت له يا أخي والله فلان جزاك الله خير أنت تعبان أين هذا المكان؟ بكلامك الطيب هذا يأخذك بيدك ويوصلك إلى المكان من حبه فيك وجاء آخر يزجره سيقول له لا أعرف اذهب وابحث بنفسك. فرب العالمين إذا أحبك لأنك أحببته وأحببت أن تُهدى فرب العالمين يوصلك إلى الهداية بيديه. فحينئذٍ كل الهدايات التي قال إن الله لا يهدي القوم الفاسقين والكافرين والمنافقين لأن هؤلاء لا يستحقون أن يوفقهم الله زيادة على الهداية، جاءهم نبي. الهداية الثانية هي الأنبياء جاءك نبي وأنت المسؤول فرب العالمين ما وفق أبو لهب لشدة عدائه ومكره كذبه ولهذا وفق غيره من المشركين لأنهم كانوا طيبين. إذاً إذا رب العالمين عز وجل أراد أن يمنع عنك الهداية لأنه يعلم أن فيك مكراً أو خبثاً أو لؤماً أكثر مما ينبغي وكّلك إلى نفسك. أما إذا رأى فيك طيبة ورأى فيك حباً ورأى فيك نقاءً هو الذي ييسر لك تلك الهداية.
إذاً نرجع نقرأ بعض الآيات (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ (53) الروم) واضحة، (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ (272) البقرة) (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى (35) الأنعام) وقس على هذا (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ (37) الزمر) (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس) (وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ (97) الإسراء) (وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) البقرة) (إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر) هؤلاء من كان عُتُلاً وكلكم تعرفون في حياة الأنبياء أناس عادوهم عداء غير طبيعي فرب العالمين فرب العالمين ما وجد فيهم حباً للحق أو حباً لأن يعرف الطريق الصواب، إستعداداً أن يوازنوا بين الأشياء ويكونوا موضوعيين، ما وجد فيهم أي أنواع الفطرة التي فطر الله الناس عليها هذا الذي قال (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) القصص) والحديث واضح “إذا تقرب إلى عبدي شبراً تقربت إليه ذراعاً وإذا تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً وإذا جاءني يمشي أتيته هرولة” هذا هو الأساس، تقرّب من الله شبراً وسترى كيف أن الله عز وجل يُشرق عليك بكل ألطافه وتأييداته وهديه.
هذا هو الفرق بين الصراط المستقيم والذي ينبغي أن يكون صراطاً سوياً أيضاً، مستقيماً من حيث الإنحراف سويّ بأن لا يكون فيه عيب خفيّ هذا الذي يذهب يصلي في مسجد فيه قبر وتقريباً كل المساجد في العالم العربي فيها قبور في بغداد في العراق هناك مسجد فيه أبو حنيفة ومسجد فيه عبد القادر الجيلاني ومسجد فيه الكاظم وهي موودة، أنت تصلي وتعرف أن هذا عبد من عباد الله الصالحين مات وانتهى وحسابه على الله عز وجل وأنت وإياه يوم القيامة من عباد الله وكلٌ منكما محتاج إلى رحمة الله حتى النبي صلى الله عليه وسلم قال “والله إني لرسول الله ولا أدري ما يُفعل بي” لكن أحياناً يحدث خلطاً يقول بعض الصالحين “إن الدعاء عند الصالحين مستجاب” لم يقل ادعو الصالحين وإنما قال عنده، هذا رجل صالح وأنت تقول عنده اللهم اغفر لي لكن لا تخاطبه هو لكن يصير خلطاً عيباً خفياً عن جهل فعليك أن تنتبه لذلك أما إذا أصررت على أنه موجود وهناك من يعتقد أن أصحاب هذه القبور (الحسين، الكاظم، الجيلاني) هم الذين يضرون وينفعون وهم الذين يُستغاث بهم ويُدعون هذا مشرك قطعاً وعليه أن يتلافى هذا قبل أن يموت وعليه أن يكون بالرقي الذي جاء به الإسلام، بهذا التمجيد للعقل والتمجيد للهدي المستقيم والصراط المستقيم والطريق المستقيم. كيف تساوي بين الله وعباده؟! إذن عليك أن تعلم أن هذا الدين لرقيّه، لعظمته فيه طريق مستقيم وطرق كثيرة وفيه صراط مستقيم وفيه هدى مستقيم والله سبحانه وتعالى لا يقبل منك إلا هذه الاستقامة في الصراط وفي الطريق وفي الهدى وقد بعث لك من الأنبياء والكتب ما لم يُبق لك عذر، ليس لك عذر يوم القيامة (تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (98) الشعراء).
هكذا هو الأمر وهكذا نختم الفرق بين الصراط المستقيم والطريق المستقيم والهدى المستقيم ونسأله تعالى أن لا يميتنا إلا ونحن موحّدون وهو راض عنا وأن لا نخرج على استقامة الطريق ولا استقامة الصراط ولا استقامة الهدى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بُثّت الحلقة بتاريخ 16/10/2009م وطبعتها الأخت الفاضلة نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها.
http://www.mediafire.com/?mnnbalamqfw