الحلقة 76
(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (32) الأنعام) – (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت)
د. الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. موضوعنا لهذه الليلة قوله تعالى (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (32) الأنعام) لعب أولاً ولهو ثانياً، في آية أخرى (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت) مرة يقدم هذه ومرة يؤخرها. والتقديم والتأخير في كتاب الله عز وجل له أساساته (هارون وموسى) (موسى وهارون) وكما قال تعالى (فيه مواخر) (مواخر فيه). هارون وموسى يركز الاهتمام لكي تعرف بم يتميز هارون على موسى كونه أكبر سناً وكان محبوباً عند بني إسرائيل لأنه عاشرهم بينما موسى عاش في قصر فرعون لا يعرفونه، موسى كان شديداً عنيفاً وهارون كان رقيقاً (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي (150) الأعراف). (مواخر في) – (فيه مواخر) عندما يقول مواخر فيه يلفت النظر إلى علم الملاحة وكل ما في هذا العلم من إعجاز، لما يقول (فيه مواخر) يلفت النظر إلى البحر نفسه وما فيه من إعجاز. هنا مرة قال (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (32) الأنعام) ومرة قال (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت) والتعبير في هذا الموضوع أخذ زيادات ونقص يعني مثلاً في الأنعام قال (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (32) الأنعام) وفي العنكبوت أضاف (هذه) (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت) ما الفرق بين (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) وبين (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) وبين في الحديث (اعلموا أنما هذه الحياة الدنيا) وفي سورة محمد (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ (36) محمد). هذه تعبيرات متشابهات لكل واحدة معناها ودلالتها وهنا يكمن الإعجاز اللغوي في هذا الكتاب العزيز.
نبدأ نتكلم على قدر ما يتسع البرنامج والحقيقة مشكلتنا أن هذه المواضيع طويلة لكن الوقت محدد فنحاول نأخذ أهم ما في الموضوع. أولاً نُعرِّف اللعب ما الفرق بين اللعب واللهو؟ اللعب حراك تنافسي تغالبي محدود بزمن محدد وليس له امتداد إلا في زمن اللعب، قد يكون ساعة وقد يكون ساعتين وقد يكون سنة ثم ينتهي وكأن شيئاً لم يكن وهذا كله يكون أمام العالم أمام الجمهور. يعني فريق كرة القدم لعبة كرة القدم العالم كله يشاهدها وينفعل ويتفاعل معها وينتهي بصفارة الحكم وانتهي بعد ربع ساعة الملعب فارغ ليس فيه أحد ولا يذكره أحد كل ينصرف إلى عمله ويذهب الفريق وقد انتهى عمله تماماً يروحون ينامون، هذا لعب تنتهي اللعبة بصفارة الحكم وهذه الصفارة قد تكون ساعة قد تكون خمس دقائق قد تكون شهر اللعبة قد تكون سنة المهم اللعبة هذه حراك تتسلط فيه تتحكم في قضية تسلِّيك ولها زمن محدود وليس لها هدف بعيد وطبعاً هو في الغالب للأطفال (أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) يوسف). وكل شيء ليس له هدف وإنما ينقضي بانقضاء اللعبة يسمى لعبة (أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55) الأنبياء) عندك هدف معين؟ (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38) الدخان) عندنا أهداف. إذاً هذا الهدف هذا اللعب كل حراك فيه تسابق وفيه تغالب بين اثنين وكل واحد يحاول أن يغلب الآخر ولكن في زمن محدد وليس له هدف بعيد يسمى لعباً والحياة كلها هكذا لعب في لعب. نصفها بالكامل لعب بشرطٍ واحد ألا يكون اللاعبان يؤمنان باليوم الآخر وإنما تنتهي حياتهما حسبما يعتقدان بالموت ليس هناك هدف إلا هذا الوقت الذي يلعبان فيه. رب العالمين يتكلم عن هؤلاء الناس في هذه الشريحة بالذات ما يتكلم عن الذين يؤمنون أن لله يوماً آخر. اللعب هذه اللعبة تصبح عبادة إذا كان صاحبها يؤمن بالله واليوم الآخر يعني إذا كان له هدف بعيد كما سأذكرها بعد قليل. إذاً هذا الفرق بين اللعب فاللعب محدد. أما اللهو طول العمر اللهو حراك فيما تشتهي وهذا ليس له وقت وإنما العمر كله وقته إذا كان اللعب تنهيه صافرة الحكم فاللهو ينهيه ملك الموت يبقى معك هذا اللهو إلى أن تموت. هذا اللهو كل ما تشتهي نفسك وتتحرك بناء على هذه الشهوة (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) آل عمران) كل هذه الشهوات التي نتحرك نحن من أجلها في الحياة هذا لهوٌ لأنه ملذٌ ونعشقه ونحرص عليه وليس له زمن لا ينهيه إلا الموت، هذا هو اللهو. وهذا الذي نقوله أيضاً إذا كان صاحبه يؤمن بالله واليوم الآخر لا يسمى لهواً وإنما هو عبادة كما سأذكره بعد قليل. يعني هذا اللعب وهذا اللهو إذا كانا صادرين ممن يؤمن بأن لله يوماً آخر يُعتبر عبادة وانظر للفرق نحن نقول دائماً بين الجنة والنار لا إله إلا الله، بين الحلال والحرام زوجتك نفسي حينئذٍ هكذا هو يوم القيامة ما هي نيتك؟ أنت تلعب من أجل ماذا؟ حينئذٍ هكذا هو الأمر بين أن الحياة عبادة “الدنيا مزرعة الآخرة” وبين لعبة تنتهي والملعب يفضى بعد خمس دقائق موحش وتدخل فيه الكلاب ولا يذكرك أحد وقد انتهت اللعبة. قبل أن ندخل في التفاصيل ننظر في اللغة العربية هذه والتي هي معجزة اللغات وما من لغة تضاهيها بجمالها وكمالها وتراكيبها وعمقها يقول لك “اللعب هو السيطرة على الشيء والتسلي بتحريكه بسرعة وخفة”، هذه اللعبة وإلا ما نسميها لعبة. ولذلك كل الحياة هي لعبة. يعني كما نعرف أن هنالك لعبة شطرنج ولعبة كرة قدم ولعبة الأمم في هذا الكون كلها لعبة باللغة العربية اللَعبة (بفتح اللام) للمرة الواحدة لعبنا لَعبة واحدة، واللِعبة (بكسر اللام) الحالة التي عليها اللاعب أثناء اللعب في ساحة كرة القدم عندما يقومون بها فعلاً تسمى لِعبة. واللُعبة (بضم اللام) ما يُلعب به في كرة القدم هي الكرة فالكرة لعبة الشطرنج الأحجار لعبة وهكذا لعبة الأمم كل شعب من الشعوب المستضعفة هو لُعبة يلعب بها القوى الكبرى كما هو الحال الآن وكما هو في كل التاريخ. في كل التاريخ هناك لاعب أساسي في الكون يلعب بكرة الأمم فالأمم كلهم لعبة، عندنا أُلعوبة هو الذي يُلَعب به كثيراً إذا كان يلعب بك مرة مرتين فأنت لُعبة إذا دائم حياتك الناس كلها تلعب بك فأنت ألعوبة. عندنا الملعب كما تعرفونه الآن المكان الذي يُلعب به. ألعوبان كثير اللعب، اللاعب يلعب مرة لكن إذا كان يلعب كثيراً كثيراً كثيراً يسمى ألعوبان. لعوب الصفة الدائمة واحد ممتهن اللعب يسمى لعوب. وتلعابة اللاعب المزيف، التلعابة هو الذي لكثرة خداعه ولكثرة غشه ولكثرة مخالفاته ويعني يكسب اللعب بالحيل والمكر والخداع يسمى تلعابة، هذه هي الكلمة. نقول إذاً عرفنا الآن الفرق بين اللعب واللهو ولكن اللعب هو الغالب المعظم وإن كان قليلاً. اللعب انظر حولك تأمل أن هذا البشر لا يؤمن بأن لله يوماً آخر، ملوك ورؤساء وقياصرة وأباطرة وقادة جيوش قتلوا وسحقوا وما يؤمن باليوم الآخر هو خلاص انتهى يعني ممكن الله يقول (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا (32) الكهف) إذا أردت أن تعرف المعنى الدقيق لكلمة لهو ولعب للعب في كتاب الله والله قال (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا) خذ النظام السياسي الأمريكي كل أربع سنوات أو كل ثمان سنوات هناك عهد جديد ورئيس جديد يتحدث عنه العالم. جميع العالم تحدثوا عن كارتر وعن كلينتون وأيزنهاور وهكذا وعلى عهدنا القريب تحدثوا عن بوش والآن تحدثوا عن أوباما أربع سنوات أو ثمانية حديث الكون كله يحارب هنا ويقتل هنا ويعطي هنا ويحرِم هنا والعالم الذي يتملق له والذي يدفع له والذي يحاربه وكما ترون انظر اليوم ماذا تفعل أمريكا في العالم؟ محور العالم أمريكا سابقاً كان هناك لاعبان الإتحاد السوفييتي وأمريكا، هذان اللاعبان كانا يقتسمان الملعب والعالم كله منقسم إلى فريقين فريق يشجع هذا اللاعب وفريق يشجع الآخر. الآن لا، هناك لاعب واحد ولو أنه الآن الظروف والإرهاصات تدل على أن هذا سيتغير هناك لاعبون آخرون الآن غير محسوبين. الآن اللاعب الأساسي في الكون هذا المعاصر هي أمريكا فأمريكا تتصرف بمعزل تماماً عن العالم موت وحساب وكتاب وكل أفعالها الخ لا، هذا غير موجود. ففي انتخابات الرئاسة لا يقال بأن هذا المرشح يؤمن بالله واليوم الآخر والجنة والنار لا ما في هذا الشيء دنيا فقط فهو لعبة إذاً. وهذه اللعبة باليوم الأخير من السنة الرابعة تنتهي ويخرج هذا الرجل من الملعب وكأنه لم يكن بائس يروح على البيت لا يعرفه أحد ولا يذكره أحد ولا صحافة ولا إعلام ولا هذا الهيلمان كأنه لم يوجد لماذا؟ صفَّر الحكم انتهت لعبة هذا الرئيس وفعلاً لا يحق له أن يتنفس ولا أن يقول وينزوي ولو تحرك يجتث لأنك أنت ستلخبط الدنيا أنت أديت دورك الآن هناك الشعب انتخب واحد ثاني إياك أن يستخفك المجد الذي كنت فيه والأضواء وتحاول تعبث! انتهت اللعبة صافرة الحكم التي تنهي لعبة الرئيس الأمريكي صفّرت وبالتالي بعد أسبوع أسبوعين الآن من منكم يذكر بوش؟! انتهى الحين الكل قال أوباما وحكى أوباما وهكذا كل الرؤساء السابقين واللاحقين غداً بعد أوباما ما ينتهي حكمه لن يذكره أحد إذاً هي لعبة مستمرة والحياة كلها هكذا فكل شيء فيه صراع وفيه مغالبة لتحقيق أمنيات هو لعبة
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
للحكم للمجد للثراء للسيطرة للاختراعات للتجارة وهكذا كل هذه ألعاب تنتهي بزمن محدد بحيث ينساها الناس. بعد ذلك يفرغ الملعب لكي يأتي فريق آخر يشغل الملعب من جديد وذاك الفريق ينتهي عمله كما هو الحال أنت الآن الدنيا مليئة بأبطال كرة القدم بيليه وغيره والسيد محمد وعبد الله وكل هؤلاء الذين كان الناس يصفقون لهم والإعلام انتهى كأن لم يوجد انتهت اللعبة. الكون كله هكذا إذا كنت أنت منحصراً في هذا الكون أنت لا تعرف شيئاً إلا الولادة والموت وليس بعد الموت شيء. فالحياة بالنسبة لك لهو ولعب أو لعب ولهو. أنت رجل فنان مغني مطرب تاجر مهندس تهندس البيوت هذا لهو، وحينئذٍ أنت عندما تموت اللهو والفرق بينه وبين اللعب أن اللهو طول العمر. أنت تلعب مع أولادك في بيتك في أملاكك مع زوجتك هذا اللهو إلى أن تموت وأنت حسب اعتقادك ما في شيء بعد الموت إذاً الصافرة بيد ملك الموت يصفّر تموت وانتهى وليس وراء ذلك شيء. وحينئذٍ هذه الدنيا اللهو واللعب أو اللعب واللهو لأن هناك أحياناً الأهم في هذا الكون اللاعبون كما هو الآن. اللاعب الأصلي في الكون وهو أمريكا هي الأساس في كل هذا الكون يعني ما عندك لهو ولا نفوذ ولا عمل ولا شيء إلا ماذا تقول عنك أمريكا وهذا ليس جديداً كان قيصر هكذا وكسرى هكذا وكان هارون الرشيد هكذا وكان الملوك هكذا الذين حكموا العالم كان العالم هذا العالم كله مسرحاً لألعابهم وهم حديث الناس وتصفيق الجماهير إعجابهم أو كرههم هكذا انتهت اللعبة وصار عليهم انقلاب قتل الأمين والمأمون واحد قتل الثاني مات أبو بكر جاء عمر راح عمر وجاء عثمان راح عثمان جاء علي وهكذا إلى يوم القيامة. يعني نحن في حياتنا رأينا ملوكاً ورؤساء جاء يوم كلنا كنا ناصريين جاء عبد الناصر وحكى عبد الناصر شغل الدنيا انتهى جاء بعدين صدام حسين وقال صدام وحكى صدام وانتهى والآن جاء الذي بعده وهكذا الكون كله مسرح لفريق يلعب لعبته ثم ينتهي كأن لم يوجد هذا إذا لم يكن يؤمن بالله واليوم الآخر. وهكذا اللهو أنت حياتك كلها لهو تجارة فلوس عندك بيوت أراضي عندك سيارة فخمة أولاد تحبهم عندك زوجة تحبها أنت تؤنس نفسك ينتهي بالموت الحكم هنا الموت أنت لا تؤمن بالآخرة هذا (إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) أو لهو ولعب أنت من أي فريق؟ إذا من فريق اللعب قدمنا لك اللعب أولاً عليك أن تتعلم فلسفة اللعب وإذا كنت أنت من اللهو لا، قدمنا هذا وأخرنا هذا على حسب الأهمية.
محمد من الشارقة: دكتور تكلمت عن اللُعب واللَعب الألاعيب نحن دائماً نستخدمها في مجال السياسة والمجالات البعيدة عن كلمة لعب،
الإجابة: نعم ألعوبان ولاعب كلها لعب رب العالمين سماها كل الحكم كل من ولي الحكم في هذا الكون من آدم إلى أن تقوم الساعة هو لاعب وليس لاهي. فاللاهي يتلذذ، اللاعب لا، أمام الجمهور الكون يتحدث عنه وهذا هو الفرق.
ولهذا إذا هذا اللعب ممن يؤمن بأن لله يوماً آخر يصبح عبادة. أول السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله إمامٌ عادل. يا الله! كل حركة من حركاته كأنه يصلي ويصوم ليس لعباً وإنما هذا حكمٌ هذا خليفة الله في الأرض (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ (26) ص) (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ (30) البقرة) إذاً هذا اللعب فقط لمن لا يؤمن بالله واليوم الآخر. ولهذا رب العالمين دائماً لما تكلم عن اللاعبين واللاهين يقول (أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) البقرة) أفلا تعلمون هذه الدنيا زائلة، ألا تفكرون بالموت؟ وهكذا وحينئذٍ رب العالمين أطلق على الدنيا بأنها لعب ولهوٌ فقط لمن لا يؤمن بالآخرة فلننتبه. إياك أن تقول أقعد بالبيت وما أشتغل ولا أصير في الحكومة أنا ماذا علي؟ لا، أنت غلطان هذا الكون بحاجة إلى من (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (61) هود) أمرنا الله أن نَعمر وأن نُعمِّر هذا الكون بالأخلاق والعقائد السليمة والأديان والصلاح والرفاه والعدل والرأفة والخ والدنيا مزرعة الآخرة الذي تزرعه هنا تحصده هناك. وهكذا اللهو تصور أن جماعك لزوجتك عبادة قالوا (يا رسول الله أيضع أحدنا شهوته في فرج امرأته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: نعم أرأيت لو وضعها في محرم أليس عليه وزرٌ؟) هذه عبادة لأنه في يوم آخر سوف تحاسب. زوجة سيئة أنت أحسنت إليها صبرت عليها هذه عبادة، زوج سيء صبرت عليه هذه عبادة كالصوم والصلاة ليس فيها لهو. هذه لا لعب ولا لهو وإن كان لهواً ولكنه ليس لهواً بنسبة من يؤمن أن هذا موظفٌ لأعمال يوم القيامة. وقس على هذا الأولاد (إن من الذنوب ذنوباً لا يغفرها إلا الهمّ للعيال) بينما واحد لا يهمه العيال وما في يوم آخرة يجيب حلال وحرام ويعطي ويمكن أولاده من القتل (أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15) القلم) لا، ليس هكذا فهذا لعب ينتهي بانتهاء الموت لا قيمة لكل ما فعلوه. لكن هذا الذي يعتقد أن لله يوماً آخر وينوي أن كل حراكه وكل حركاته هي لوجه الله عز وجل حينئذٍ كل حركة من ساعة ما يستيقظ إلى ساعة ما ينام هو عبادة نومه ويقظته كلها عبادة، هذا هو الفرق الهائل بين الحركة الواحدة هل هي لعب ولهو أم هي عبادة وقربة وتقوى؟ فرب العالمين عز وجل يقول لكم (أَفَلَا تَعْقِلُونَ) أفلا تعلمون؟ ومرة يقول أفلا تعقلون عندما يكون إدراك الحياة بأنها لعب سهل جداً لو فقط عندك عقل تفهمها وأحياناً يقول لك لا، أفلا تعلمون.
ورب العالمين مرة يقول (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) ومرة يقول (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) كلمة هذه لما زادها الله لما قال (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) لكل الناس الذين لا يؤمنون بالآخرة حياتكم لعب ولهو تنتهي بالموت.
—–فاصل———-
وعندما أضاف (هذه) في (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) يعني تلك الحياة الراقية التي أعلى حياة في الأرض حياة ملك إمبراطور كسرى قيصر هذا المستوى. الناس كلهم يظنون أن هذه أجمل وأعظم وأكرم وأرقى أنواع الحياة نقول لك لا، هذه هي أكثرها لعب ولهواً لماذا؟ لكثرة ما يظلمون وما يقتلون وما يسجنون وكثرة المنافقين لهم والناس حولهم من الأعوان والأنصار حتى إذا هلك هذا القيصر أو هذا الإمبراطور انفض الناس من حوله ولعنوه وشتموه. يعني لو تقرأ التاريخ أحد الصحابة يقول لما فتحنا فارس دلونا على غار فيه قبر لأحد ملوكهم وكاتب عليه أنا فلان بن فلان أنا الذي كنت حاكم هذا البلد وقهرت الملوك والجيوش وعملت وكنت أكثر الناس بطشاً وأقساهم عنفاً والآن لم أستطع ولم أستطع أن أفدي نفسي من الموت وكان عندي من المال ما يكفي شعب فارس كله أن يكون غنياً ولم أستطع أن أفدي نفسي من الموت وها أنا أموت، فعلاً هو لا يؤمن بالآخرة. إذاً أكثر الحياة الدنيا لمن لا يؤمنون بالآخرة هم القمة، الملوك والقياصرة والأباطرة. يعني هؤلاء الأمريكان أو الروس الذين كانوا حاكمين الأرض وقتلوا وأبادوا وشردوا وكل ملوك الأرض هذا حياته أكثر أنواع الحياتات لعباً ولهواً قال (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) يعني الحياة العليا.
في آية يقول (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20) الحديد) وقلنا الفرق بين (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) وبين (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) أن (هذه) تعني القمة ولما يقول (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) لما يقول اعلموا معناها انتبهوا سأقول كلاماً خطيراً ورب العالمين فعلاً ماذا قال وراءها؟ قال (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) يا الله! أتمنى من كل من يسمعني الآن بعد ما ينتهي البرنامج يذهب ويقرأ هذه الآية 20 في سورة الحديد ويتأمل فيها وكيف أن الله ضرب لها الأمثال واقرأها بأي تفسير سواء كان الرازي أو ابن عاشور أو متولي الشعراوي رضي الله عنه وهكذا ترى عجباً قال (إعلموا) ورب العالمين كل ما يقول لك اعلموا اعرف أن وراءها كلام خطير.
أحمد من الفجيرة: موضوعي بعيد قليىً لكن حبيت أقول لك أنا عملت أشياء كثيرة تغضب رب العالمين والحين أريد أن أرجع لربنا لكن الذي قدرت عليه فأرجوك أن تنصحني يا شيخ؟
الإجابة: رب العالمين الآن ينتظرك رب العالمين الآن وفي هذه الدقيقة الثانية باسطٌ يديه لكي تأتي والله أفرح بتوبتك له من صاحب الراحلة كما تحدثنا عن هذا في الحلقة الماضية فأسرع يا أخي إن الله في انتظارك وإياك أن تفوت هذه الفرصة وإن الله يحب التوابين (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ (222) البقرة) ما قال يحب الطائعين بل التوابين فسارع والله قال (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (133) آل عمران) وقال (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ (21) الحديد) سرعة سباق الآن في هذه الدقيقة تقفل التليفون وتقوم تتوضأ وتستحم وتتوضأ وتصلي ركعتين توبة وتنوي ألا تعود إلى الذنب إن شاء الله.
أم نائل من أميركا: الآن تكلمت عن الآيتان (وَسَارِعُوا) (سَابِقُوا) في قوله تعالى (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ (50) الذاريات) هل هي من ضمنها؟
الإجابة: تمام، كل هذا رب العالمين يستحثكم لأن الله يحبكم إذا تبتم سارعوا وسابقوا وفروا وهكذا رب العالمين ما ترك أسلوب من أساليب البلاغة والفصاحة لسرعة التوبة إلا ذكرها ولهذا قال المصطفى (لا يدخل النار إلا شقي) ولهذا قالوا (ليرحمنّ الله الناس رحمة يوم القيامة يتطاول لها إبليس).
أم نائل: سؤالي شيخ عن الحديث (إن الله زوى لي الأرض فرأيت حدود مشارقها ومغاربها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي أمتي أن لا يهلكها بسنة عامة ولا يسلط عليهم عدو من أنفسهم حتى يكون بعضهم مهلك بعض ولا يجعل بأسهم بينهم شديد) يا شيخ هذا الذي نراه الآن في المسلمين وكل الدنيا نرى أن كثير بأسهم بينهم يعني هم على بعض أكثر مما العدو عليهم فكيف الخلاص يا شيخ؟
الإجابة: الخلاص أن يسعك بيتك وأن تعتزل تلك الفرق كلها (فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فضع ثوبك على رأسك يبوء بإثمه وإثمك) حاولي أن تموتي ولم تريقي قطرة دم من مسلم. إياك أن تمتد يدك أو لسانك عن واحد يقتل واحد فيقول يستاهل إذا قال يستاهل أو أيده في قلبه فقد هلك كالقاتل كما لو أنه قتل يعني (من أعان على قتل مسلم ولو بشق كلمة) قال (مستا) وسكت (بعث يوم القيامة مكتوب على جبينه آيس من رحمة الله) فأنت لا تقتلين أحداً ولا تكرهين أحدً ولا تؤذين الناس والله سبحانه وتعالى يتولانا ويحسن خواتيمنا يا أم نائل إن شاء الله توكلي بالله.
هكذا هو الأمر إذاً إذا آمنت بالله واليوم الآخر كل هذا اللعب واللهو هو عبادة طبعاً لا داعي لكي نفصل تعرفون الأحاديث اللعب مع الزوجة ومع الأطفال ومحبتهم وإذا مرضوا حزنت وفرحتهم والجيران والضيوف. طبعاً من اللهو المجالس والقعدات والكافتيريات لكن إذا أنت تؤمن بالله هذه عبادة مجالس الأخوان وتدعو الناس إلى طعامك كل حركة من حركات المؤمن بالله واليوم الآخر من ساعة ما يستيقظ إلى ساعة ما ينام مرة أخرى وطيلة النوم وهو نائم كله عبادة. إذاً هذا اللهو واللعب ليس للحياة الدنيا للمؤمن بالله واليوم الآخر.
محمد من دبي: عندي سؤالين السؤال الأول بالنسبة للعب واللهو هل هو حرام؟ وما معنى اللعب واللهو في الإسلام؟
الإجابة: من اللعب ما هو حلال يعني السباق الخيل وكرة القدم والرياضات والمسابقات هذا جائز. واللهو كما قلنا المال والتجارة والزوجة والأولاد وكل هذا مباح وقد يكون عبادة إذا أنت أديت حقه وقصدت به وجه الله. لكن هناك لهو حرام واللهو المحرم معروف،
السؤال الثاني: بماذا تنصح الناس الذين لا يصلِّون أبداً ما صلوا؟
الإجابة: يا الله! والله ويا ابني هذه هي المصيبة (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) المدثر) لا قال كنا قاتلين ولا مرابين أولها وأول سبب (لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) يا ابني أول سؤال منذ أن يموت وأصبح بين يدي ملك الموت أول سؤال هل كنت تصلي؟ إذا قال نعم الباقي كلها خفيفة تخف عليه وإذا قال لا ما أصلي لو مهما فعل يقول أنا صح ما أصلي لكني أنقذت ملايين الغرقى والمرضى وأنفقت مليارات الفلوس وحققت العدل كل هذا ليس له قيمة فالصلاة جواز سفر. أنت هنا في الأمارات إذا لم يكن لديك جواز لو تصير أنت ملك العالم تبقى ضيفاً وتبقى غريباً مع السلامة أُخرج، إنتهت إقامتك. لكن أنت عندك جواز سفر حمّال بقّال أمير شيخ زين شين أنت مواطن انتهينا، لك حقوقك وعلى رأسنا أنت مهما كنت حتى لو كنت مو زين نعدلك ونسمح لك ونربيك لكن إذا أنت غريب ماذا تفعل جالس بيننا؟ أنت أذهب لأنه ليس لديك جواز سفر. وهكذا الصلاة يوم القيامة فإذا كنت تعرف واحد هكذا قل له اتق الله في نفيك يا ابن الحلال والعمر قصير.
طبعاً الدنيا الكلام فيها أعجوبة كما يقول لك (آثروا ما يبقى على ما يفنى) (من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب أخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى) وكل الأمم التي تؤمن بالله لها أدبيات في هذا الباب مثلاً الصينيون الذين كانوا يؤمنون بالله في التاريخ قالوا (الدنيا مثل ماء البحر كلما ازددت منه شرباً ازددت ظمئاً) وفي حديث في هذا المعنى والفرس قالوا (الدنيا كالكأس من عسل أسفله سم فللذائق منه حلاوة عاجلة وفي أسفله الموت) الغربيون القدامى الروم قالوا (الدنيا كحلم النائم يفرح في منامه فإذا استيقظ زال فرحه) أمة أخرى قالوا (الدنيا كالبرق يضيء قليلاً ثم يذهب) وفعلاً تأمل من حياتنا الآن تأمل في كل الأشخاص الذين ملأوا الدنيا صيتاً كلهم فيهم الزين وفيهم الشين فالشين انتهى انطفأ والزين بقى يذكر إلى يوم القيامة. يعني مثلاً الشيخ زايد رحمة الله عليه الشيخ راشد رحمة الله عليه كل ما يذكر والله كان كذا رحمة الله عليه هذا يبقى ذكره إلى يوم القيامة لماذا؟ هو كان كل عمله عبادة كان يؤمن بالله واليوم الآخر ولذلك كان يفعل شيئاً لا ينتهي ولا يضيع بينما رئيس أمريكا هل كان يقول بسم الله الرحمن الرحيم وهذا في سبيل الله؟! ما يعرف الرجل هذا هو عنده أنه لديه أربع سنوات وأطلع وانتهينا وحينئذٍ هذا الفرق بين من كل همه الدنيا فقط وليس وراءها شيء وبين من يقول لك لا، هذه سبب من أسباب الآخرة هذا هو الطريق إلى هنا. الهدف الأسمى يوم القيامة هكذا عليك أن تعرف بأن الدنيا بهذا الشكل.
بان من العراق: أنا عندي والدتي توفت قبل سنتين وأنا كنت أداريها ومعتنية بها ولكن في هذه الأحداث التي اشتدت الفترة الأخيرة هي طلبت مني أن أسافر للخارج لأنها كانت تخاف علي فسافرت وبقيت سنة في الخارج وقبل أن أرجع كانت تقول لي أريدك أن تأتي قبل ما أموت أريد أن أراك وقلت لها أنا فقط أكمل الإقامة وأرجع لك لكن ما قدرت أن ألحق عليها ماتت قبل ما أرجع للعراق بيوم فأخاف أن تكون قد ماتت وهي غير راضية علي لأني ما حققت لها أمنيتها إني أرجع لها؟
الإجابة: توكلي بالله ما دام ماتت وهي راضية عنك وأنتي كنت معذورة بهذا الغياب عنها فأنت في خير إن شاء الله وهذه الخدمة ما دامت أمك راضية عليك لا يضرك ذنب. كما أن التي تموت أمها وهي غير راضية عنها لا تنفعها عبادة توكلي بالله.
يقولون (لا فخر فيما يزول ولا غنى فيما لا يبقى) مهما غنيت مهما اغتنيت حتى ولو ملكت الدنيا وهناك ملوك ملكوا الأرض كما قلنا عن بهران ملك فارس كان يملك الأرض يعني الأرض هذا الإسكندر المقدوني ذو القرنين دعك من هؤلاء سيدنا سليمان الله سخر له الجن والطير والريح وملك لا ينبغي لأحد من بعده ثم ماذا؟ انتهينا هكذا هي الدنيا إذاً إياك أن تجعلها مجرد لعب ولهو. كن في هذه الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل لأن وراءك دنيا هناك ليس فيها لهوٌ ولا لعب وإنما كلها متعٌ وكلها نعمٌ خالدة وهذا الخلود كما تعلم فكرة من أعجب ما يكون وأعظم ما يكون. دخل ابن السمّاك وكان رجلاً من الصالحين على الرشيد وفي يده شربة ماء وهذا الرجل كان قليلاً ما يزور الرشيد إلا إذا دعاه وكان الرشيد يأنس به كان يقول له كلاماً عالياً فلما دخل ابن السماك على الرشيد وكان بيده ماء يشربه قال له يا فلان عظني فقال له تريد أن تشرب ماءاً؟ قال نعم، قال له (يا أمير المؤمنين لو حبست عنك هذه الشربة) أنت عطشان في الصحراء ستموت من العطش وواحد عنده هذا الكأس وما يعطيك وستموت (هل كنت تشتري هذه الشربة بكل ملكك) قال ايه والله طبعاً إذا راح أموت بكل ملكي أعطيه بس يعطيني هذه الشربة قال له طيب (لو شربت هذه الشربة الماء وانحسرت فيك وما تطلع بالبول وبدأ جسمك يتلوى من حصر البول وستموت أكنت تفتدي ملكك كله بهذه البولة؟) قال له طبعاً لأني راح أموت فقال له (والله بئس الملك الذي لا يساوي شربة ماء ولا بولة رجل) وفعلاً هذا هو الصحيح، إذاً كل ما في الدنيا إذا لم تكن بالله واليوم الآخر فهو لُعب ولهو. حينئذٍ عليك أن تتخذ من هذا اللعب واللهو عبادة وهذا من كرم الله عز وجل أن الله سبحانه وتعالى يحتسب لك كل شيء على نيتك حتى عندما ترقص طفلك عندما تسلم على واحد في الشارع عندما تروح التواليت يعني تنوي أنك أنت تتقوى وتنظف نفسك لكي تكون بصحة وعافية حتى تعبد رب العالمين، لما تشرب وتأكل لكي تصلي وتصوم، لما تنام لكي تستيقظ وتصلي بالليل، فأنت من ساعة ما تبلغ الحلم إلى أن تموت وأنت في عبادة كلياً أو نسبياً، هذا هو الفرق. إذاً الحياة لعب ولهوٍ ليس لمن يؤمن بالله واليوم الآخر بل لمن يعتقد أن الحياة تنتهي بموته. يعني ستالين كان يحكم نصف الكرة الأرضية ولكن لا يؤمن باليوم الآخر ولهذا كان لعب ولهو صفر الحكم سواء كان الحكم واحد سوى عليه انقلاب وفعلاً ثم انقلبوا عليه وصار سيء وصار كذا. وهتلر نفس الشيء وصلت جيوشه تقتل إلى ليننجراد وانتهى تغلبوا عليه وهكذا كل من ملك الدنيا كلها مهما بقي أمره طويلاً أو قصيراً حقيقة كان يلعب ويلهو ما دام تنتهي اللعبة ويصفر الحكم إما مات وإما قتلوه وإما صار عليه انقلاب وانتهى كل شيء لم يعد يذكره أحد هكذا (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا) (هذه) تعني هذه الدنيا العريضة عند الملوك إنما هذه الدنيا لعب ولهو هكذا هو الأمر. ولاحظ أنت حياتنا كل عشرين ثلاثين سنة أقل أو أكثر هناك واحد شاغل الدنيا كلها ثم انتهى كأن شيئاً لم يذكر كأن شيئاً لم يكن إلا إذا كان هذا الرجل ممن يؤمن بالله واليوم الآخر وكان يخشى الله في حكمه حينئذٍ نترحم عليه كلنا نترحم على فلان الملك وفلان شيخ وفلان أمير وفلان رئيس دولة وفلان حاكم وفلان قاضي وهكذا إذاً هذه الحياة التي هي لعب ولهو فلنجعلها مزرعة الآخرة ولنجعلها سفينة الآخرة
إن لله عباد فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحيٍ وطنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول (سلوا الله حسن الخاتمة) (من أحسن فيما بقي غفر الله له ما مضى) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بُثّت الحلقة بتاريخ 19/2/2010م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها
من قسم الفيديو
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2101
تحميل الحلقة فيديو
على
http://www.megaupload.com/?d=7CFPO0E6
http://www.megashare.com/dnd/1852528/41c6830e3ca855e820672df595645fd5/19-2-2010.wmv
http://www.mediafire.com/?3l0ddzzzoiy
http://www.filefactory.com/file/b04fc6a/n/19-2-2010.wmv
http://www.filefront.com/15666791/19-2-2010.wmv
( بحجم أقل من 5 ميجا )
على
http://www.megaupload.com/?d=6EPTPLEU
http://www.megashare.com/dnd/1854725/41c6830e3ca855e820672df595645fd5/19-2-2010.mp3
http://www.mediafire.com/?ttlnghzwnzm