الحلقة الثامنة: قل سيروا في الأرض فانظروا
كما قال الدكتور نجيب وعدنا في أول حلقة أن هذا البرنامج برنامجٌ جماهيري أي أن كل من يسمعنا وله مساهمة في هذا البرنامج من حيث تدبره أو تفكيره في آيتين تختلفان بحرفٍ أو حركةٍ أو تقديمٍ أو تأخير فسوف نفرح بذلك فرحاً عظيماً لأن هدفنا من هذا البرنامج أن نوجه أنظار المسلمين إلى هذه الأساليب في قراءة القرآن وهي أرقى الأساليب (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ ﴿82﴾ النساء) والتدبر هو أن تبقى وراء الآية يوماً بعد يوم يوماً بعد يوم إلى أن تدرك الأسرار التي فيها وهذه أعظم أنواع القراءات وأكثرها أجراً. في هذه الحلقة عندنا خمس أو ست مساهمات من جمهور بعثوا لنا بمساهماتهم وكانت قيمة وجديدة وجديرة بالاعتبار مع بعض التكميلات والزيادات لكي يتكامل الموضوع.
مساهمة من الأخ أحمد محمد خطاب من ليبيا في آيتين: الأولى في سورة الأنعام والأخرى في سورة النحل. يقول (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿11﴾ الأنعام) في النحل (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴿36﴾ النحل) كلاهما عاطفة، الفاء عاطفة و (ثم) عاطفة لكن لماذا هناك سيروا في الأرض ثم انظروا وهنا سيروا في الأرض فانظروا؟ لا بد أن يكون هناك معنىً مختلفاً. ونحن نعلم بأن هذا الحرف في القرآن الكريم والحركة هي آية كاملة ولهذا إن الله يعطي عليها عشر درجات (ألم) يعني ثلاثين درجة ثلاثين حسنة. هاتان الآيتان تتكلمان عن الآثار وعلى قيمتها وأهميتها في الإيمان (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) من حيث أن هذا السير (سيروا في الأرض) نوعان هناك أمرٌ بأن نسير خصيصاً لكي نتّبع آثار الظَلَمة والدول القاسية الملحدة المستعمرة التي أذاقت الناس الهوان كفرعون وثمود وعاد وأنتم تعرفون كم كانت دولاً عظيمة ثم صارت أنقاضاً وأطلالاً (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ﴿58﴾ القصص) (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ ﴿137﴾ وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿138﴾ الصافات) حينئذٍ السفر لكي ترى آثار الدول التي أهلكها الله وبطش بها من أجل أنها ظالمةٌ تسوم الناس خسفاً وتكذب بالله وآياته لكي يكون ذلك عبرة (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴿111﴾ يوسف). هاتان الآيتان وحدة تتكلم عن السياحة أنت ستسير إما أن تكون سائحاً لغرض ليس للعبث والمجون والخمر وما شاكل ذلك لا، لا بد أن تكون سياحتك لهدف حضاري كما يفعل الغربيون ونحن لا نفعل مع الأسف الشديد الغربيون يسيحون في الأرض لكي يتعلمون يدرسون ينقبوا عن الآثار يدرسون طبائع الأمم ونحن نذهب لكي نلهو. رب العالمين قال لا ليس السفر للهو السفر مدرسة ولهذا السير في الأرض من أعظم أسباب المعرفة ومصادرها ومنابعها. فرب العالمين قال ربما تكون أنت مسافر لحاجات كالتجارة أو الدراسة أو تزور قريباً رحل إلى أمريكا إلى مصر إلى بابل في العراق في كل مكان فيه آثار الأمم التي أهلكها الله بظلمها أنت بعد ما تنتهي من شغلك إذهب وانظر إليها (ثُمَّ) هذا خطاب لمن يسير في الأرض لهدفٍ آخر ولكن رب العالمين يقول دع لك فرصة يوم، نصف يوم إذا كنت في مكان فيه آثار الظلمة اذهب وشوفها هذا (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) أنهي شغلك تجارتك ثم انظروا, الفريق الثاني ليس لديه شغل كما قال الدكتور نجيب للسياحة فقط وأنتم تعرفون الآن أن السياحة فن عالمي يعني شركات في كل الدنيا فقط للسياحة، يقول لا تقضي وقتك في الملاهي والحانات والخمور إقضيها بشيء نافع ولهذا من أعظم النوافع والمنافع الآثار. الآثار في كتاب الله عز وجل قضية هائلة ولهذا حرص أعداء هذه الأمة أن يأخذوا كل آثارها لأن هذه الآثار وثيقة كما أنت عندك جنسية وجواز، الآثار جواز ووثيقة وجنسية الأمة أمة بلا آثار ما تملك أن تعرف من هي؟ ما هو الدليل على أنك أنت كذا؟ يعني لما النبي صلى الله عليه وسلم مسحت كل آثاره أين هي؟ لم يبق شيئاً ولهذا عندما سقط العراق في اليوم الأول من سقوطه جاءت شاحنات كبيرة حوالي 16 شاحنة أخذت المتحف العراقي المليء بالآثار من آشور ومن بابل القديمة إلى يومنا هذا الدولة العباسية والأموية والخلفاء الراشدين ومن قبلهم ومن قبلهم كنسوها بالآخر. ولعلكم سمعتم أمس بالأخبار وبالجزيرة وغيرها سوريا استطاعت أن تحصل على 30 ألف قطعة آثار مسروقة من العراق يعني صادرتها من أناس يبيعون للتجار. إذا كانت سوريا فقط صادرت 30 ألف قطعة إذاً كم الذي سرق من ذلك؟ فالآثار سجلات الأمة. وهذه الآثار ينبغي على كل ذي رسالة وعلى كل من هو منتمٍ إلى وطن وإلى حضارة وإلى أمة وإلى دين أن يوثق هذه الحضارة وذلك الدين وتلك المدنية بهذه الآثار. ورب العالمين عز وجل جعل الآثار إما سعدٌ وإما نحس يعني إما قضية إيجابية فيها من الخير وفيها من البركة وفيها من العطاء مجرد أن تكون مع هذه الآثار إن الله ينزل عليك رحمته. وهناك آثار إن الله ينزل عليك غضبه، ولهذا أنت كما في الأحاديث أننا إذا مررنا بقبور وآثار وبيوت الظالمين أن نمشي بسرعة قبل أن تصيبنا اللعنة يعني مثلاً آثار بابل معروفة آثار بابل نبوخذنصر الخ. سيدنا علي رضي الله تعالى عنه لما جاء من المدينة وذهب إلى العراق ومر ببابل كان الوقت ظهر قال لنصلي فيها أسرعوا أسرعوا فإنها أرضٌ ملعونة. وتعرفون آثار بابل فيها من العمق ما لا يمكن تصوره الآن وقد سرقت الآن بالكامل الآن عندما تحكي عن بابل يقول لك ما الدليل؟ أين آثارك؟ الآثار سرقوها ذهبت إلى إسرائيل وإلى أماكن أخرى كل العالم المتآمر على حضارة العرب والمسلمين في هذه المنطقة تقاسموها. إذن هي ليست حوار حضارات هي دمار حضارات هو في الحقيقة استحواذ قالوا صراع حضارات لا بد أن نستولي على كل وثائق الحضارات الأخرى بحيث لا تبقى حضارة لها قيمة لأن ليس عندهم أدلة وهذه الأدلة هي الآثار. هذه السلب وهناك إيجاب، رب العالمين سبحانه وتعالى جعل كل سعد وخير بني إسرائيل في تابوت، صندوق كبير مستطيل فيه آثار موسى وهارون عمامة هذا ونعال ذاك والعصا والشعر والأظافر وكثير من الأمور في تابوت أي في صندوق كبير وكان بنو إسرائيل يتبرّكون بهذا التابوت وكلما حاربوا أعداءهم من الوثنيين والملحدين قدموا التابوت بين أيدي الجيش فينتصر الجيش. ثم استطاعت العماليق وهم أعداؤهم أن يسرقوا هذا التابوت 500 سنة وظل العماليق يُشبِعون بين إسرائيل ضرباً وانتصاراً وخسارة ولهذا كان اليهود وكان بنو إسرائيل ما أن يقاتلهم العدو إلا ويُهزَمون لأن التابوت ذهب حتى أرسل الله لهم نبياً وقال (إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴿248﴾ البقرة) فبهذا جاء نبي لابد له من معجزة وبنو إسرائيل لا يصدقون بسهولة (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ ﴿247﴾ البقرة) قالوا ما هذا؟ نحن لا نقبل فيه قال لا بأس معجزته أن الله سوف يأتي بالتابوت بين يديه قالوا مستحيل وفعلاً جاءت الملائكة تحمله هم ما كانوا يشوفون الملائكة فقط سيدنا طالوت هو الذي كان يراهم فكانت الملائكة تحمل التابوت وإذا به طائر وحده حتى وضعوه بين يدي طالوت فآمن به بنو إسرائيل وبقي بنو إسرائيل ينتصرون على العماليق وغيرهم ببركة هذه الآثار آثار موسى كما هو الأمر في سورة البقرة سورة تحمل معنى آخراً. ولأهمية الآثار أقول لك شيء كل من ذهب إلى الحج ورأى آثار النبي صلى الله عليه وسلم أو آثار المواقع أو ذهب إلى بدر أو إلى أحد والله يتضاعف إيمانه أضعافاً مضاعفة إلى حد أنه يبكي بينما الآن عندما تذهب إلى أي مكان من هذه الآثار لا ليس كلها مُسِخت على أساس والله حتى الناس لا يشركون ورب العالمين يقول (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ) انظر خيراً وشراً يقول (فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا) وحينئذٍ هذه الآثار للخير وللشر، للشر لكي تحمد الله على العافية وللخير لكي تحمد الله على الإيمان من أجل هذا إن زيارة الآثار عبادة عظيمة. ولهذا من الخطوات الموفقة للشيخ محمد وكل خطواته موفقة والحمد لله رب العالمين فرب العالمين أعطاه تسديداً وتوفيقاً تفكيره الذكي الناصع بإقامة متحف الرسول عليه الصلاة والسلام هذا خيرٌ من كل المظاهرات التي كانت ترد على الإساءات التي تعرفونها. الرد الحقيقي عملي وهو أنك أنت تعمل متحفاً تحاول أن تحشر فيه كل آثار النبي عليه الصلاة والسلام والله لا يدخل أحد فيه إلا خرج مؤمناً ومضاعف الإيمان ولا يدخل فيه أحد إلا قوي إيمانه وقوي صبره وقويت عقيدته وزاد أمله حينئذٍ نحن نزور تركيا نزور بعض دول العراق فيه مسجد أبي حنيفة وزرنا في أفغانستان مسجداً، في باكستان مسجداً رأيناها بأعيننا رأينا عصا النبي صلى الله عليه وسلم وأظافره وشعره وبعض الأشياء والله العظيم تجدد إيماننا بالكامل وشعرنا ببهجة وراحة وسكينة، سكينة النفس من كل شيء كل المشاكل التي كانت عندك راحت. الله تعالى قال (يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ) هكذا هي الآثار. إذاً الفرق بين فسيروا ثم سيروا (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) يعني الأمر بالسير هذا السير مرة يقول ثم انظروا بعد السير أو فانظروا بعد السير إذا كنت مسافراً للسياحة من أجل ذلك فانظر رأساً (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) أنت رايح لهدف معين لكي ترى عاد وثمود وفرعون وكل الظلمة والقتلة الذين ملأوا التاريخ (يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴿141﴾ الأعراف) هؤلاء كانوا على قمة (كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) كانت دولاً هائلة دولاً عظيمة قال (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴿51﴾ الزخرف) وإذا به بساعات رب العالمين يسلّط عليهم الماء. وعندما تزور أنت آثار الفراعنة تلك الحضارة العريقة الممدودة في كل التاريخ وعمقه راحت بثواني، انتهى الأمر وجاء المظلومون من بني إسرائيل واحتلوا الأمر، وحينئذٍ أي عبرة هذه وأي عظة! كلما ذهبت إلى مصر ورأيت الأهرامات وعظمتها وعظمة الآثار وعظمة القصور وعظمة المُلك كيف زال هذا المُلك؟! حينئذٍ أنت انظر (كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) انظر إلى الحضارة الرومانية سواء كانت بسوريا أو بالأردن أو في أماكنها ما هذا؟ ما هذا؟ وحينئذٍ هناك بالقرب من الموصل من نينوى في العراق أيضاً مدينة الحَضَر مدينة عظيمة جداً جداً لما تدخل إليها يعني أي حضارة كانت في هذه المدينة؟! ذهبت لأنهم كانوا ظلمة والعكس صحيح. والله من رأى بيت النبي نحن رأينا بيت الخلافة في الكوفة بيت سيدنا علي لما كان خليفة في العراق وسيدنا عليّ ليس نبياً وحينئذٍ لأنه من بيت النبوة وسيد آل البيت والله العظيم خرجنا ونبقى نجتر هذه الذكرى وهذا العطر وكأننا من شدة إيمانك بالله وحبك لعليّ كأنك تراه بل ليس كأنك بل أنت تراه لِمَ؟ لشدة عمق إيمانك بالأمر وتقديسك له ومعرفتك بأهدافه وغاياته وما أنزل الله بعليّ من القرآن على رسول الله كل هذا يصوغ إيمانك صياغة جديدة ويعطيك دفعة (إن هذا الإيمان يبلى كما يبلى الثوب فجددوه) وهذا من تجديد الإيمان ولهذا رب العالمين قال (سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا) (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا) أنت يجب أن تسير (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ) مرة قال (فَانْظُرُوا) أنت ذاهب متعمد لكي ترى (ثُمَّ انْظُرُوا) لا أنت في الحقيقة رايح تجارة دراسة إذا صار عندك فرصة بعد ذلك اذهب إلى هذه الآثار، هذا هو الأمر.
د. نجيب: لعل هذه مناسبة كريمة من فضيلتكم لتكون دعوة توجه إلى الحكومات وإلى المسؤولين وإلى طلبة العلم للحفاظ على هذه الآثار وهذه المخطوطات التي لم يبق منها إلا النزر اليسير وخاصة في العراق قد تلف وضاع وسُرِق للأسف والأمر تهديد شامل لما تبقى من آثارنا ومن تراثنا.
د. الكبيسي: مرة قرأت في جريدة قبل عشر سنوات مقال لأستاذة يبدو أنها مسؤولة عن الآثار قالت (لقد كنسوا وسرقوا الآثار في الأردن كنساً) لأن هذه بالنسبة لهم كنوز وأنت تعرف اذهب لأي مكان ترى الآثار العربية والإسلامية تملأ المتاحف والميادين كسلة حمورابي ثانياً المخطوطات كما قلت كنسوها كنساً لكن الله غالب.
المساهمة الأخرى من الأخت رويدا نوري أحمد الخيري من ألمانيا: تفرّق بين قوله تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴿73﴾ الزمر) (وفتحت) بالواو، أهل النار (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴿71﴾ الزمر) (فتحت) بدون واو. ما الفرق بين (وَفُتِحَتْ) و (فُتِحَتْ) بالواو وبدون الواو؟ الفرق كما تعرفون أن النار مغلقة (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴿8﴾ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴿9﴾ الهمزة) لا تفتح إلا إذا جاء الزبون أي المحكوم عليه بالنار تفتح له ثم يُدَعّ فيها دعّا والدعّ قوة الدفع نحن الآن في الدنيا كلنا جربنا السجون والمعتقلات السياسية الخطيرة الرهيبة عندما يأخذوننا ونحن مغمضو الأعين ومكتفو الأيدي يزقون زقاً هكذا تحت إلى أن تسقط على وجهك هكذا أهل النار تفتح لهم المعتقلات في النار والسجون في النار وهي مغلقة (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ) وحينئذٍ (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ) لا تفتح إلا عندما يأتون وإلا هي مغلقة لشدة الرعب كالمعتقلات مغلقة إغلااقاً محكماً عليها حرس من الذي يهرب. بينما الجنة لا مفتحة لهم الأبواب أبواب الجنة مفتحة فالواو واو الحال حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها من قبل أن يصلوا فالواو واو الحال يعني لما جاءوها حال كونها مفتحة الأبواب فبهذه الواو أنت تعرف بأن أبواب النار مغلقة وأبواب الجنة مفتحة. وحينئذٍ تستنتج من هذا أن أبواب الجنة ناس واقفين لك حرس على الباب واستقبال والملائكة يدخلون عليهم من كل باب (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿24﴾ الرعد) رب العالمين يستقبلك (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آَمِنِينَ ﴿46﴾الحجر) يعني دخول الجنة وأبواب مفتحة والناس واقفة وخدمك وحشمك حتى يقال في بعض الأحاديث يقولون هذا الذي أكرمه بالجنة يأتيه واحد في غاية الجمال جمال وطويل وعريض فيسجد له يظن أنه الله يقول ماذا تفعل يا سيدي؟ قال أنت لست الله؟ قال لا أنا خادمك لاحظ حينئذٍ (فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) هي النار التي لا تفتح إلا للدخول ثم تغلق عليهم بعد ذلك ويدعون فيها دعا. بينما الجنة استقبال هادئ واستقبال عظيم وعرّفها لهم طبعاً أي واحد من أهل الجنة يملك بقدر الكرة الأرضية عشر مرات تصور! كيف يعرف؟ تقول لا (وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴿6﴾ محمد) تعرفها كأنك تعرف بيتك.
اتصال من الأخ صالح من السعودية: يا شيخ أحمد لمثل هذا فليعمل العاملون. العجيب أن هذا العالم بما فيه يقبل عليكم يقبلون أهل القرآن على هذا المجلس الشريف والأعجب أن مداخلتي هي عن هذه الآية التي تفضلتم بشرحها وكان من عجائب الأمور أن أقف وأريد مداخلتكم فإذا أنتم تتكلمون فيها وكأن أهل القرآن يجتمعون عندكم في كل أسبوع. أرى يا شيخ والعلم عند الله بأن في قوله (فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) كأنه بداية عذاب لأهل النار أن يلبثوا في العذاب المهين بطول الانتظار ثم تفتح لهم تلك الأبواب أما أهل الجنة فمن تكريم الله عز وجل لهم أن يجدوا تلك الأبواب مسهلة للدخول وهذا من عظيم فضله.
الإجابة: هذا عظيم جداً فعلاً عظيم جداً جداً الآن أنت أضفت معنىً جديداً في غاية الوجاهة والدليل عليه قوله صلى الله عليه وسلم (يُحبَسون على بابها) والله ما ذكرته إلا الآن يا صالح. أنا قلت سابقاً وليسمعني الجميع أن هذا المتشابه يحتمل مائة تأويل مائة وجه زائد وجه زائد وجه والآن نضيف ما قاله الأخ صالح أنه زيادة في العقوبة شدة الانتظار.
د. نجيب: يؤكد كلام الشيخ صالح أيضاً على أن الجنة نحن إن شاء الله جميعاً ندخلها برحمة من الله تعالى أما دخول النار فهي جزاءاً وفاقاً لا ظلماً منه سبحانه وتعالى.
د. الكبيسي: وتأكيداً لما قاله الأخ صالح إذا واحد محكوم بالإعدام انتظاره الحكم مرعب أكثر من الإعدام مائة مرة لما تصير إعدام خلص صار لكن هذا مرعوب فأهل النار كما قال الأخ صالح زيادة في عقوبتهم يبقون أسبوع أسبوعين شهر شهرين أربع سنين يمكن حينئذٍ هذا الرجل الذي ينتظر قطعاً هذا يشعر بعذاب شديد فهو زيادة في تعذيبه فالانتظار نار. نحن حقيقة لو تعرف كم جاء من فاكسات ومداخلات المسلمين تقول الحمد لله رب العالمين.
إتصال من الأخت هدى من السعودية: أنا بتكلم عن آيات القرآن (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ ﴿187﴾ الأعراف) (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ (1) الأنفال) (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ ﴿219﴾ البقرة) ولكن في سورة طه (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا ﴿105﴾ طه) هذا بمعنى أن ربنا عارف عن هذا السؤال (فقل) إخباراً للكفار أن ربنا عارف أسئلتهم التي سوف يسألونها فلذلك أخبر رسوله عن الأسئلة التي سيسألها الكفار ورغم هذه الإجابات كلها لم يتعظوا
الإجابة: كل جواب قال له قل (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) قل (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا) هدى: على أساس أن السؤال لم يُسأل من قبل.
عندنا مداخلة أخرى من سميحة وسهير في ليبيا يقولون (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ ﴿23﴾ المعارج) (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴿9﴾ المؤمنون) لماذا في الأولى صلاتهم والثانية صلواتهم؟ وفي الأولى دائمون والثانية يحافظون؟ الصلاة واحدة أو إسم جنس جنس الصلاة وهنا يؤكد على أنها خمسة، لماذا؟ رب العالمين عز وجل فرق بين يحافظون وبين دائمون يحافظون لا يعني يؤديها تلك دائمون إنما يحافظون يعني يحافظون عليها من الإسقاط والإحباط أنت تصلي مثلاً شخص عنده خزينة يخاف عليها من اللصوص أن يكسروها فرب العالمين أعظم عمل يوم القيامة الصلاة كما تعرفون أول ما يُسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة هذه الصلاة برغم عظمتها سريعة الإلغاء والإحباط تُحبَط يعني أحاديث كثيرة عن من لا تقبل لهم لا صلاتهم ولا صيامهم مثلاً يقول صلى الله عليه وسلم (ثلاثة لا ينفع معهن عمل) من ضمنها الشرك بالله والتولي يوم الزحف وعقوق الوالدين فأنت صلاتك ليست مقبولة بل أصلاً ليست معتبرة أنت لم تحافظ عليها على الصلاة من الإحباط. التهاجر (اثنان لا ترتفع صلاتهما فوق رأسيهما شبراً أخوان متصارمان وعاقٌ لوالديه) فهذا ما حافظ على صلاته صلى وصلى بخشوع لكنه عاقٌ لوالديه خلاص لا تقبل صلاته فما حافظ عليها. القاتل (لا تقبل لقاتل صلاة) طبعاً القاتل بغير حق حينئذ القاتل كان يصلي ويصوم (لن يزال المؤمن بخير ما لم يصب دماً حراماً) فلتكن صحابياً أو ولياً مهما كنت صالحاً مجاهداً عظيماً عالماً لكنك أسلت دماً بغير حق ليس لك عمل، مُحبَط عملك كله. وكذلك شارب الخمر (من شرب خمراً ما تقبل الله له صلاة أربعين يوماً فإن عاد عاد الله لا يتقبل له صلاة أربعين يوماً) كلما يشرب لا تقبل له صلاة أربعين يوماً وبالتالي في النهاية ما يقبل له ولا صلاة إذاً يحافظون على الصلاة من أن تُحبَط وهناك أسباب أخرى ما أحببت أن أسردها كلها. أما دائمون دائم يعني يداوم الموظف أين يداوم؟ يداوم في الدائرة الرسمية والذي لا يداوم في دائرته لا يعطونه مرتباً يعتبرونه غائباً يسجلونه غائباً عن كذا من أجل هذا الصلاة أساسها في المسجد أنت إذا كنت تصلي لماذا قال (صَلَوَاتِهِمْ) لأن خمسة تكون تصليها في المسجد وصلاتك في المسجد أكثر من صلاتك في البيت خمسة وعشرين مرة ولهذا المداومة على الصلاة في المسجد يعني هي التي تجعل الصلاة متجلية بحيث تكون يوم القيامة فيها قوة أن يغفر الله لك بها كل ذنوبك فإن حسنت (أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة الصلاة فإن حسنت حسن سائر عمله) وحينئذٍ كيف تحسن وأنت لا تصلي في المسجد والمسجد بجوار بيتك مثلاً إلا من عذر كما قال صلى الله عليه وسلم والعذر خوفٌ أو مرضٌ هكذا.
إتصال من الأخ نجيب من بلجيكا: عندي سؤالان الأول هل الدعاء يغير من قضاء الله؟ الإجابة: قطعاً (لا يردّ القضاء إلا الدعاء) هذا حديث صحيح.
الأخ نجيب من بلجيكا: السؤال الثاني كيف أتوب دون أن أرجع إلى الذنوب أنا أفعل ذنوب صغيرة وأريد أن أتوب توبة نصوحة إن شاء الله فما هي نصيحتك؟
الإجابة: يقول النبي صلى الله عليه وسلم – كما رواه البخاري- (إن عبداً أذنب ذنباً فقال يا رب أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال الرب: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنباً آخر فقال يا رب قد أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال الرب:علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي، ثم أذنب ذنباً آخر فقال يا رب قد أذنبت ذنباً فاغفره لي فقال الرب: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت له وليفعل عبدي ما يشاء) إذا كان كلما أذنب استغفر فليذنب يعني لا ييأس من رحمتي ورب العالمين سبحانه وتعالى في الآية (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿135﴾ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ ﴿136﴾ آل عمران) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما أصرّ من استغفر ولو عاد في اليوم سبعين مرة). إذاً يا سيدي الكريم إياك أن يلعب بك إبليس! تُب إلى الله عز وجل وادعُ الله أن يثبتك على التوبة ويتقبلها منك وإذا عدت مرة أخرى أسرع بالعودة إلى الله عز وجل هكذا (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴿19﴾ محمد).
(يتبع)
بُثّت الحلقة بتاريخ 25/4/2008م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها