وأُخر متشابهات

وأُخر متشابهات – الحلقة 82

اسلاميات

الحلقة 82

(نَفْعًا وَلَا ضَرًّا (42) سبأ) – (ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (76) المائدة)

الدكتور نجيب: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وبعد. سبق لشيخنا الجليل الأستاذ الدكتور العلامة أحمد الكبيسي حفظه الله أن تناول بعض أسرار التقديم والتأخير في كتاب الله تعالى كقوله تعالى (لَعِبٌ وَلَهْوٌ (32) الأنعام) (لَهْوٌ وَلَعِبٌ (64) العنكبوت) وفي هذه الحلقة سيستفتح بتقديم وتأخير في كتاب الله تعالى في قوله (نَفْعًا وَلَا ضَرًّا (42) سبأ) وفي الآية الأخرى (ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (76) المائدة) وبعض النماذج الأخرى في كتاب الله تعالى.

الدكتور الكبيسي: بسم الله الرحمن الرحيم. في هذه الحلقة عدة مواضيع متعددة في هذا الباب من حيث تغيير الصيغة أو تغيير التقديم والتأخير كما قال الدكتور نجيب (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ (18) يونس) (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ (55) الفرقان). وعندنا يعني كلمات تختلف بالشَّدة (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة)، في آية أخرى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) التوبة). عندنا كما قال تعالى (الْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ (35) الأحزاب) وفي آية أخرى (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ (18) الحديد). في آية قوله تعالى (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) الأنعام) وفي آية أخرى (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) الأعراف) وهكذا، (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ (42) يونس) وفي آية أخرى (لَا يَسَّمَّعُونَ (8) الصافات). الغريب جداً أن هذا الأمر في كتاب الله عز وجل الذي بلغ من حساسيته أنه يغير المعنى بالكامل بحركة أو بحرف واحد أو بصيغة من ماضي إلى مضارع إلى اسم فاعل إلى آخره. وما بالك بالتقديم والتأخير؟! موسى كما قال الدكتور نجيب (مُوسَى وَهَارُونَ (114) الصافات) (هَارُونَ وَمُوسَى (70) طه). رب العالمين لما يسلط الضوء على موسى يقدِّمه لأن موسى صاحب الرسالة فيقدمه يقدم موسى ولما يكون الكلام حول هارون الذي هو أحبّ إلى بني إسرائيل من موسى لأن موسى شديد على بني إسرائيل وقوي (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ (15) القصص) سيدنا هارون طيّب كما قال (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) الأعراف). إذاً هكذا هو الأمر كل تقديم وتأخير أو تضعيف وفكك التضعيف أو زيادة حركة أو زيادة ميم أو زيادة صيغة كل هذا من رسم الله سبحانه وتعالى في هذا الكتاب العزيز الذي لا تنقضي عجائبه. ويبدو أن الله سبحانه وتعالى – ليس يبدو – هذه حقيقة هذه حقيقة كما في الحديث هذا القرآن الكريم عجائبه تتفجر للمسلمين إلى يوم القيامة. قبل يوم القيامة هناك من سوف يأتي ينقدح في ذهنه معنىً صحيحاً وإعجازاً صحيحاً في كتاب الله لم يخطر على بال أحد. من أجل هذا الأجيال السابقة كان همهم في المُحكَم إفعل ولا تفعل الحلال والحرام هذا الذي يعني كل فردٍ وكل مسلم بل كل مخلوق بشري إلى يوم القيامة. أما هذا فهو علم يهم العلماء يهم أصحاب الأذواق وأصحاب العمق اللغوي والبلاغي. يعني المسلم فرض عليه أن يتعلم علم الحلال والحرام وليس فرضاً عليه أن يتعلم هذا الذي نقوله هذا من شأن العلماء والمفكرين وأصحاب الذوق الرفيع في البلاغة وما شاكل ذلك الذين يبحثون عن إعجاز القرآن الذي لا تنتهي أساليب إعجازه.

فاليوم مثلاً (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (106) يونس) (يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12) الحج) عكس الموضوع، في يونس (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ (18)) وفي الفرقان (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ (55)) وهكذا (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الأعراف) (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49) يونس). يعني أنت مرة تقول أنا لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً ومرة تقول لا أملك ضراً ولا نفعاً، المفسرون يقولون نفس المعنى بل في الأجيال السابقة إذا واحد تحدث يشنعون عليه يعني واحد من اللغويين العظماء لما تكلمنا نحن عن البرنامج (الكلمة وأخواتها) وقلنا ليس هناك مترادف هذا أبو هلال العسكري تكلم كم جاب كم آية قال يا جماعة جاء ليست مثل آتى ولا حضر فشنعوا عليه وأسكتوه وما تركوه يكمل فزمانه لم يكن يحتمل هذا نحن. الآن قدمنا البرنامج حوالي 400 حلقة ما تركنا كلمة في القرآن مترادفة إلا بيّنا أنه لا ترادف وأن الترادف عبث والعبث على الله محال. رب العالمين سبحانه وتعالى يطلب من عباده أن كل جيل يتحدث على مستويات جيله وعلى عقلية جيله وأن لا يفتن الناس قال له (أفتّانٌ أنت يا معاذ؟) النبي صلى الله عليه وسلم مرة أخبر أحدهم خبراً من هذه الأخبار التي بحاجة إلى نشاط دماغي هائل وسيدنا معاذ أخبر به أحد الناس أحد الصحابة الكرام فذهب إلى النبي وقال له يا رسول الله أنت قللت هذا الكلام فقال له من أخبرك؟ قال له معاذ فقال له ناده فجاء معاذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: أنت أخبرت هذا؟ قال: نعم يا رسول الله قال: لِمَ؟ فقال: أنت أخبرتني قال: أخبرتك أنت أتريد أن يكذب الله ورسوله؟ هذا ما يحتمل عقله هذا الكلام الذي أنا قلته. إذاً (أُمِرنا معاشر الأنبياء أن نكلم الناس على قدر عقولهم). وتاريخ هذه الأمة بعلمائها الكرام من العقل قبل أن يكونوا فقهاء وعلماء لأن هؤلاء الناس فعلاً كانوا لا يبحثون عن شيء ليس من طبيعة جيلهم. فكل جيل له طبيعة من هذا كل جيل على علمائه أن يفترضوا أن القرآن الكريم أُنزِل إلى عصرهم وإلى جيلهم فعليهم أن يفهموه بعقلية جيلهم هكذا هو الأمر.

الدكتور نجيب: ابن مقي بن مخلد في الأندلس وفي الشعراء أبو العلاء المعري وفي الأدباء عمر الخيام الذين تكلموا بأمور لم تكن على مستوى جيلهم فكُفِّروا وأخرجوا من الملة،

الدكتور الكبيسي: البخاري زُندق ولم يصلي عليه إلا اثنان عندما مات قال كلام هو الصواب لكنه قاله في غير زمانه كما هو حال هؤلاء العلماء الذين كُفِّروا وانفضّ الناس من حولهم بعد مائة عام تبين أن ما قالوه هو الصواب. فنحن الآن في عصر العلوم والانفتاح وعصر الإبداع في كل شيء فحينئذٍ لا بد من أن نُسهِم في هذا الذي أمرنا الله به أن نُحَدِّث الناس بما يفهمون وما يعقلون.

لماذا مرة نقدِّم يضرهم على ينفعهم؟ ومرة نقدِّم ينفعهم على يضرهم؟ أنت الآن تأمل في نفسك بِمَ تدعو الله عز وجل؟ لو دعوت الله ألف دعوة تستطيع أن تقسِّمها إلى قسمين لا ثالث لهما إما أن تدعو الله بما ينفعك وإما أن تدعو الله أن يدفع عنك ما يضرك لا يخرج الدعاء عن هذين الصنفين. إذاً هناك من الناس من ليس فيه ضر ولكن ينقصه نفع فيدعو الله بما ينفعه. وهناك إنسان ما يريد أن ينفع وهذا معوّق، أعرج، به سرطان، ابنه بالمستشفى فيه ضُرّ ولذلك هذا يدعو الله بالضر ليل نهار وفعلاً هناك أناس قضوا أعمارهم بالدعاء بما ينفعه لأنه هو الحمد لله سليم لكن لا عنده بيت ولا سيارة والخ فيريد منافع. وهناك أناس ما دعا الله بدعاء لنفسه لأنه يريد دفع الضر عنه أو عن أمته. إذا رب العالمين لما نقرأ سياق الآية ناس أهل خير يعني جماعة أغنياء ومترفين والخ هذا يدعو الله بدفع الضر عنه (فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) الإسراء) من يملكه؟ رب العالمين. حينئذٍ هذا التقديم والتأخير لو تتأمل في سياق الله نفس الآية (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُهُمْ وَلَا يَضُرُّهُمْ) وفي آية أخرى (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ) كل واحد يتكلم عن جانب في سياق الآية من حيث هذا طبيعة الذين تحدث الله عنهم سبحانه وتعالى. من أجل هذا رب العالمين عز وجل لو لم يعلِّم نبيه بعض التأويل في هذا المُحكَم المتشابه لاستطاع المفكرون في زمنٍ معين في جيل معين أن يصلوا إلى مراد الله سبحانه وتعالى الإجمالي من هذا النسق القرآني الذي لا يمكن لبشر أن يفعله على مدى 23 سنة هذا النسج العجيب – الذي ثِق – يعجز عنه الكمبيوتر الآن. لو هذا النوع من هذا العلم كما تحدثنا عنه كل برامجنا والحمد لله تتحدث عن هذا الإعجاز اللغوي في الكتاب العزيز. وحينئذٍ هذا عصره وهذا لا يقدح في أن كل الأديان السابقة أنكروا على المفسرين هذا الشيء ومن تجرأ وتكلم بشيء أخذ جزاءه وسكت. حينئذٍ رب العالمين سبحانه وتعالى يقول في هذا (أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) طه) وحينئذٍ يحتج عليهم أنتم قوم مغمورون هل هذا رفع الضر عنكم؟ أنتم قوم في بأسا وضراء. طبعاً الضر كما تعرفون سوء الحال إما في نفسه وإما في بدنه وإما في عقله كما يقول المفسرون الضُر سوء الحال إما في نفسه لقلة العلم والفضل والعفة هذا ضُرّ. حاله سيء لا عفيف أو ليس له فضل لا من لغة ولا من كرم ولا هو شاعر ولا هو عالم ولا رئيس قبيلة ولا هو شيخ دولة الخ هذا فيه ضُر وأما في بدنه عنده نقص ما عنده عين أو يد مثلاً هنا يقال فلان ضرير. لماذا فلان ضرير؟ أصابه الضر، صفة مشبّهة من الضُر ضرير (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) الأنبياء) وكان هذا من فرقا يوسف. وأما في حاله من قلة المال أو ما شاكل ذلك. لدينا كلمة الضُر والضَر. الضُر مصدر ضَر يضر ضَرّاً يعني هذا الضر الذي أصابني أصابني متعمداً قصداً وليس صدفة. واحد رب العالمين أصابه بقضية كبيرة ضَرّه الله ضَرّاً فضَرّاً بفتح الضاد مصدر ضَر يضُر. الضُرّ اسم للضرر العمى ضُر الفقر ضٌر العوق ضُر حينئذٍ لما تأتي أحياناً ضَراً وأحياناً ضُراً الضُر هو إسم الضرر الذي وقع فلما يقع يبقى ضَرّه ضَراً. هذا الضَر لما تمكن منه صار ضُراً إذاً نعرف الفرق بين الفتحة والضمة.

وعندنا في القرآن الكريم بأس وبؤس فالبؤس هو الفقر والبأس هو القهر واحد قهرك (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) النساء) يعني التنكيل الكيد النكاية. رب العالمين واحد أصابه بؤس صار فقيراً لظروف معينة لكن عندما يتعمد الله عز وجل أن يصيب فلاناً بالفقر أو بالمرض أو بالهزيمة أو بالغلبة هذا من بأس الله لأن هذا البأس مقصود هو بعينه لهذا الإنسان. هذا الفرق بين البؤس وبين البأس. البأساء والضراء هذه لما تستديم هذه عقوبة ماحقة على مجتمع البؤس والضُر والضَر هذا يصيب الأفراد، البأساء والضراء تصيب مجتمعات بأقل من لحظة. وسأذكر بعد قليل الفرق بين قوله تعالى (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) النحل) وبين (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43) القصص) أن كل ما يصيب هذا الكون ينبغي أن يتذكّره الناس (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9) الزمر) (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) البقرة) (يتذكّر) كل واحد كل عاقل يتذكر والتذكر هو قياس غائب على حاضر، رأينا واحد ظالم ثم أصابته مصيبة يا الله! انظر هذا الظالم كيف رب العالمين انتقم منه! حالة وقعت أمام أعيينا عليك أن تقيس عليها كل الحالات الغائبة التي سمعت عنها في التاريخ فلان أصابه كذا فلان أصابه كذا فلان دولة فلان إمبراطور فلان شيء إذاً يا الله هذه (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ). ومرة أخرى قال (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52) إبراهيم) عندما يقول (يذّكّر) يعني أصحاب العلم عندنا فرق بين التذكُّر والذي يكون لكل الناس قال (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) إبراهيم) الناس جميعاً كل الناس، ثم قال لا، لأهل الحكمة (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) التذكُّر علم عميق وقياسات ودراسات. يعني الآن هذا الإعصار الذي أصابنا من أيسلندا هذا البركان جاء إليه ناس علماء من كل العالم من أوروبا وأمريكا وروسيا ودرسوا أسباب هذا ولماذا صار؟ والأضرار ونقرأ بالجرائد يعني دراسات هؤلاء الذين يذّكّرون أصحاب العقول وأصحاب العلم وأصحاب الحكمة. وما هي الحكمة؟ الحكمة هي العلم الذي لا ينقض.

———فاصل———-

د. نجيب: إذن يتذكرون عام لجميع الناس ويذّكرون خاص لأصحاب العلم.

د. الكبيسي: إذاً عرفنا البؤس الفقر البأساء النكاية (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) الأنعام) (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) البقرة) زلزلوا!! قضية خطيرة وليست يوم أو يومين يعني كهذا الإعصار زلزل الناس أسبوع مليارات الدولارات خسروا وصار هلع هناك. هذا البركان هذا له بركان صغير إلى جانبه يسمونه أهل أوروبا أخته وليس أخوه ولهذا أكثر من دولة يدعون أن الله لا يفتح عليهم هذا الوباء لأنه قبل 85 عام كلاهما ثار فدمرا العالم تدميراً. إذاً هذا يقول رب العالمين هذا يسمونه البأساء والضراء. فالبأساء الفقر الهزيمة البطالة، الضرّاء العواصف البراكين الأمراض التي كانت تصيب الناس سابقاً كانت شعوب تموت يعني هذا طاعون عمواس في زمن الإسلام وأيام عمر بن الخطاب ماتوا كلهم ومرة في مصر لما كنا شباب في الأربعينات يمكن خمس ست محافظات راحت كان عندهم كوليرا والحمدلله رب العالمين من على البشرية بأن وجدوا علاج لهذه الكوليرا وانتهى الأمر، إذاً هذه الضراء. هذا وهذا ما هو علاجه؟ لماذا رب العالمين يفعل ذلك؟ (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ) لماذا؟ (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) و (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) يا الله! طبعاً كلهم يقولون نفس المعنى يضّرعون مثل يتضرعون لكن إذا كان نفس المعنى لماذا عبّر الله تعالى عنها مرتين مرة قال(لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) وآية أخرى نفس السياق (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) كما هي (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) وآية أخرى (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) التوبة) كما ذكرنا قبل قليل (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) و (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ). هذا التضعيف ينقل المعنى نقلاً هائلاً ينقل الكمال كماً وكيفاً. المصّدقين غير المتصدقين كما سأذكر بعد قليل. فرب العالمين يقول طبعاً قبل كل شيء أنتم تعرفون رب العالمين رحمن رحيم رب العالمين له أساليبه، هل تعلمون كل كارثة في العالم بلاء تؤدي إلى ناس ظلمة ينصلحون وناس قتلة يتوبون وناس فسقة يرجعون إلى الله سبحانه وتعالى ولهذا يقول (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) الأنعام) من أجل هذا البلاء هذا إذا وقع فنتيجته هائلة (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة) يعني هذا الذي يصيبه بلاء في نفسه أو ماله أو بدنه أو أهله ثم يقول إنا لله وإن إليه راجعون يغفر الله له عليه سلام وعليه هداية وعلم ومغفرة كاملة ولهذا يقول الحديث (يتمنى أهل البلاء يوم القيامة لو ضاعف الله عليهم البلاء لما يرون من جزيل الثواب) يقول ليت الله ضاعف عليّ العذاب أصحاب البلاء ملوك الجنة يوم القيامة. حينئذٍ رب العالمين عز وجل يقول (فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) هذا التضرع شوي شوي يتطور يترقى حتى يصبح تضرعاً كيف؟ يعني كلنا نصبح نلعب شوية رياضة نعمل حركات نسبح شوي نحن نلعب رياضة لكن لسنا رياضيين يعني لا يقال عني البطل الفلاني الذي أخذ الكأس لا، نحن نلعب الرياضة. عندما نلعب الرياضة أسبوع شهر سنة ربما نصبح رياضيين. هذا الفرق بين واحد أصابته مصيبة صغيرة تضرّع بينما هذا أصابته مرة ومرتين وثلاثة مصيبة عامة انقلب من تضرّعه من كونه تضرّع إلى كونه يضّرّع صار بطلاً في التضرع. ولذلك أبطال التضرع أحب إلى الله من كل الناس يقول النبي صلى الله عليه وسلم (أنين المتضرعين أحب إلى الله من زجل المسبّحين) كما أن المسبحين عندنا عظام يعني ذكر الله أعجوبة (ذهب الذاكرون بكل خير) (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ (45) العنكبوت) لكن مع هذا كله هذا الذي في الليل مصاب بماله بولده بأي شيء وفي الليل يئنّ آه آخ آه هذا الأنين مع كونه طبعاً يقول إنا لله وإنا إليه راجعون إنا لله وإنا إليه راجعون هذا الاسترجاع مع الأنين هذا الأنين أحبُّ إلى الله من زجل المسبحين. ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا واحد أصابته مصيبة فأحدث لها استرجاعاً قال إنا لله وإنا إليه راجعون يعني هذا تجلى صار عليه صلوات ورحمة ومهتدي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم (كلما ذكر هذا المصاب حتى لو عاش مائة سنة ويقول إنا لله وإنا إليه راجعون يكتب الله له من الأجر والمكانة والدرجة كما كتبها أول يوم).

د. نجيب: (أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة)

عز الدين من المغرب:

وإذا العنايةُ لاحظتك عيونها نَمْ فالمخاوف كلّهنّ أمان

هذه الدرر البيانية هي فاتحة خير على الدراسات القرآنية سيدي الإمام وهي كما قيل بيان كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم. علّمتنا أن القرآن ليس كلمات تتجمد في معناها اللغوي وإنما هي نفسات تغذي البعد الروحي والفكري وتبعث في المتلقي إرادة العمل بصدق وإخلاص وذلك بأسلوب رصين متين البنءا عذب الألفاظ حلو البيان

قل للبلاغة أنصتي لبيان    لا قول بعد بلاغة القرآن

لا سِفْراً في طول البلاد وعرضها إلا نالته يدَ العدوان

إلا كتاب الله فهو مقدّسٌ    يحمي حِمَاه بارئ الأكوان

ألا ترى شيخي الإمام أن أسس النهضة الحضارية الإسلامية الأولى بدأت مع فكرة البحث عن أسرار الإعجاز القرآني وحركة التصحيح اللغوي وتقويم اللسان ثم تأسيس علوم الشريعة من الاستنباط باعتبار أن القرآن الكريم هو المعيار الحاكم لشؤون الحياة وحركة العمران البشري وبالتالي فهل ضروري في أي محاولة لاستئناف المشروع الحضاري كما قال الإمام مالك لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، هل لنا أن نوظف كلمة الإمام مالك هذا التوظيف؟ وأستسمحك سيدي تطفلت على مائدتكم بهذا الأسلوب الضعيف

الإجابة: هذا تواضع العلماء وشرف لهذا البرنامج أن يتحدث الشيخ عز الدين بهذه الدرر الراقية وهو من أهل العلم والأدب وإن شاء الله نكون عند حسن ظنه ونحقق له ما يريد بارك الله فيه.

أبو حمزة من العراق: سؤالي والدي متقاعد ويريد أن يصلح البيت ممكن يأخذ سلفة لكن يستقطعون من عنده فائدة؟

الإجابة: يصلح البيت إذا كان البيت طايح إذا كان البيت يُسكن فيه على خرابه لا يجوز. لكن إذا ما عندك بيت أصلاً تأخذ السلفة إذا كان البيت طايح تأخذ السلفة. ثانياً إذا في واحد مريض مرض يحتاج إلى عملية خارج العراق يجوز، ثالثاً إذا عليك دين شديد وما تقدر توفيه يجوز إذا أهلك مهجرين وهم بالملايين مهجرون وطبعاً ليس لهم مصدر يجوز للضرورة (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة) يا أخي الكريم التعامل بين الدولة وبين المواطن غير التعامل بين المواطن والمواطن. وحينئذٍ الدولة لما تعطي سلفة وفيها بعض الفوائد على أساس مصاريفها وموظفيها غير لما هذا الربا المحرم ربا الفضل وربا النسيئة بين اثنين. إذاً الدولة العراقية مشكورة أنها قدمت للعراقيين هذا المبلغ السخي كسلفة ومن له الحاجة الملحة على هذه الخمس أشياء التي ذكرتها يجوز وأنا أتحمل هذا يوم القيامة وأرجو من المشايخ الذين أفتوا بحرمة ذلك أن يتقوا الله. ما من مصيبة على وجه الكرة الأرضية من آدم إلى أن تقوم الساعة تشبه ما وقع على العراقيين إذاً متى الضرورة؟! متى الضرورة تبيح المحظورات؟! متى (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) متى (إن الله يحب أن تؤتى رخصه)؟! اتقوا الله في الناس ودعوا الناس تعيش. العراقيون مشردون في الشوارع بالملايين ما عنده مسكن فليأخذ هذه السلفة لتأتي له بمسكن اتقوا الله في الناس.

إذاً نرجع على العلاج كما قلنا ما هو علاج البأساء والضراء؟ يا الله! أي بلاء يصيبك جوع فقر مصيبة في بدنك في مالك في أولادك في أهلك كما في العراق والحقيقة الآن المسلمون في بلاء هائل العراق وأفغانستان والصومال وفلسطين وهذا بإذن الله التاريخ يحدثنا أن هذا كما قال الشيخ عز الدين الله يرضى عنه هذا بداية نهضة. الأمة الآن تنظف نفسها وتعد نفسها إعداداً وعدوها ينكشف والجيوب الآسنة في طيّاتها وفي حواريها تنكشف بدأت تتساقط، عناوين آسنة لا تبقى إلا الأمة الطيبة الكريمة المسالمة، هذا المسلم الطيب الهادئ الذي يحب كل الناس على اختلاف أديانهم. مَنْ غير المسلم يقول (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) البقرة) من هذا الذي يقول (لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ (285) البقرة)؟ مَنْ غير المسلم يقول (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ (110) هود)؟ ويقول (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) المائدة)؟ مَنْ هذا الذي يقبل القسمة على كل العالم وعلى كل أديانهم إلا هذا الإسلام؟ هذا الإسلام الذي اختطف من جماعات ربما في البداية يكون حسن الظن لكن فيه غباء والآن صارت سيوف على الإسلام والمسلمين بالتكفير والزندقة والإشاعة ومدسوسة ومصطنعة ومصنوعة ككل الأحزاب التي سادت في هذا العصر ومزقت الأمة وذهبت إلى مزبلة التاريخ. وهذا التشدد الذي الآن يُكَفِّر ويقتل وينسف ويقول الله أكبر إن الله بريء من هؤلاء الناس والإسلام ليس هذا الإسلام عائد جميل بطبيعته السمحة التي أراده الله ولكن الله تعالى الآن ينظفه من هذا الذي يجري

د. نجيب: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

———-فاصل———–

أبو إيناس من ليبيا: أريد أن أسأل عن السلفية التي صرّحت بها الآن، ما شروطها؟

الإجابة: نحن ما صرّحنا نحن لا نسمي أسماء نحن نقول أن الإسلام واضح وضوح الشمس (تركتكم على السمحاء ليلها كنهارها لا إفراط ولا تفريط) (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ (126) التوبة) من ثوابت هذا الدين من كفِّر مسلماً فقد كفر. من ثوابت هذا الدين (لن يزال المؤمن بخير مالم يصب دماً حراماً)، من ثوابت هذا الدين (من قال لا إله إلا الله فقد عصم دمه وماله)، هذه الثوابت وانتهينا.

عبد الحافظ من دبي: عندي مداخلة وسؤال، سئل الإمام الشافعي رضي الله عنه قال (يمكن المؤمن قبل أن يبتلى؟ قال له: ألم تقرأ قوله تعالى (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) العنكبوت)؟، سؤالي هل نحن الآن في فترة التمحيص قبل تمكين الأمة؟

الإجابة: بإذن الله والله يا سيدي إن شاء الله يطول بكم العمر سنتين ثلاثة أربعة إلا وتبدأ الأمة مرحلة جديدة بجمع الشتات وتآلف القلوب والوصول إلى أهدافها وقد زال عنها الغبش. يا أخي رب العالمين بثواني يغيّر هذا الكون كما ترى الآيات (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) العالم الآن باتجاه الصواب وكل الكذب والدجل والمغالاة والمزايدات والعناوين الخارجة على هذا الإسلام وإن تمسكت وتمحكت به انكشفت تماماً ولم يبقَ إلا ذلك الدين الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وليست الإسلاميات التي فعلها كل واحد على مقاسه طائفيات وحزبيات وفئويات وكلها دنيا وشرُّ الناس من طلب الدنيا بعمل الآخرة.

محمد من العراق: دكتوري كما أسلفت قبل قليل على السِلفة هل يجوز أن أخرج ما يأخذه المصرف مني فائدة وأعطيه لأن نحن كما تعلم مهجّرين؟

الإجابة: ما دمت مهجّراً خذها وإذا يوم القيامة رب العالمين عاتبك أو عاقبك قل له هذا أحمد الكبيسي قال لي والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (إنما أثمه على من أفتاه). من أفتاه فإثمكم عليّ إذا أنتم المهجرون أخذتم هذه السلفة التي هي الرمق، سد الرمق قبل أن تموتوا (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) حينئذٍ من أفتى لكم بأنها محرمة مأجور إن شاء الله على نيته ولكن هذه الفتوى ليست علماً ولكنها عقل. النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتي في الموضوع الواحد بفتويين متناقضتين على وفق حالة المستفتي. وهكذا كان السلف الصالح من العلماء يفتون في قضية واحدة لهذا بفتوى وهذا فتوى على اختلاف حالهما. وما من مصيبة كالمصيبة التي أراد الله أن يتوب عليكم يا أهل العراق بصراحة صعب جداً تدخلون الجنة يا أهل العراق! ما تدخلون إلا بهذه الطريقة فرب العالمين لأنكم أصحاب علم وتاريخ وأصل وفصل وخدمتم الإسلام ورب العالمين امتدحكم والنبي امتدحكم وقد أصابكم ما أصابكم من خمسين عاماً حتى ابتعدتم عن الإسلام رب العالمين طهّركم بهذا البلاء تطهيراً وبعدها الوحدة العراقية الشعب العراقي الأصيل الطيب الموحد الذي يحب كل الناس وكل الناس يحبونه فتوكل على الله.

عُدَيّ من هولندا: شيخنا الكريم أنا عايش في أوروبا ومسني الضر الذي أنت قبل قليل تكلمت عنه يعني لست قادراً أن أؤمن لعائلتي الأكل والشرب الشغل هنا كله فيه خنزير ومحرمات والخ ممكن أن أعمل وظيفة أنقل أكل ومن ضمن هذا الأكل فيه خنزير؟ مثلاً بيتزا فيها خنزير وهكذا؟ شغلتي فقط النقل؟ هل هذا حلال أم حرام؟

الإجابة: إذا كان هذا النقل ضمن أشياء كثيرة وأنت عامل نقل أنت عامل تاكسي أو عربانة وتنقل الأشياء إلى صاحبها ليس فقط خنزير لكن موضوع أشياء أخرى وضمنها الخنزير وهو القليل يجوز كمن يستأجر بيتاً توكل بالله.

د. نجيب: سيدي الفاضل عندما ذكرت قوله تعالى (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) و (لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) تذكرت الإمام عبد الله بن المبارك الذي كان في أول حياته لاهياً لاعباً مطرباً مشهوراً وإذا به ذات ليلة بعد سهر وسمر يسمع قول الله تعالى (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (16) الحديد) فقال: بلى بلى والله قد آن فقام وكسر عوده ومعازفه وتاب وتضرّع وتاب وأصبح سيد العلماء الذي قال عنه أحمد بن حنبل (لا أعلم أحداً في الأمة أعلم من الإمام عبد الله بن المبارك)

د. الكبيسي: نعم هكذا هو، هكذا في ساعة،

د. نجيب: فإذاً هناك موانع لهذا التضرع وهو قسوة القلب،

د. الكبيسي: هو هذا الفرق بين يتضرعون ويضّرعون واحد يدعو مرة ورب العالمين الدعاء جعله مخ العبادة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) غافر) هذا واحد، ثانياً أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء خيال ولهذا أنت إذا ما عندك عبادة تقربك إلى الله تقرباً أو تقريباً خصوصياً عليك بكثرة الدعاء لأن الله يحب الدعاء بشكل لا يمكن لعقلك أن يدركه كما سأقرأ بعض الأحاديث.

د. نجيب: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ)

د. الكبيسي: ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم إذا تضرع المبتلى وكان صالحاً رب العالمين يقول لجبريل أخِّر إجابته لأني أحب أن اسمع تضرعه. إن الله سبحانه وتعالى يحب سماع المتضرعين كما قلنا قليل (أنين المتضرعين أحب إلى الله من زجل المسبحين) التضرع هذا عبادة هائلة (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي). ولذلك يوم القيامة نعلم أن الله ما يدعوه مسلم إلا يستجيبه لكن هناك أحياناً لمصلحته رب العالمين إما يؤخر وإما يبدِّل وإما يدّخرها له إلى يوم القيامة. ثلاث حالات إما أن يعجلها له الآن أو يؤخرها إلى أجل محتوم أو يتركها إلى يوم القيامة أو يدفع عنه بقدرها نوع من أنواع الضر، ما في دعاء ما يستجاب إطلاقاً (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) لكن الاستجابة استجابة حكيم هل كل ما يطلبه الطفل منك تعطيه؟ الجواب لا، لأنك ستفسده هناك طلبات تنفعه وهناك طلبات تضره، هكذا هو الله سبحانه وتعالى. يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي يقول رب العالمين (يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني المسألة كلها فأعطيت كل إنسان منهم مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر) هذا في مسلم وفي رواية أخرى (إلا كما لو أن أحدكم مر بشفة البحر فغمس فيها إبرة ثم نزعها) تأمل كرم الله عز وجل! ما الذي يمنعه من أن يستجيب لكم ما عليك إلا أن تدعو ومجرد دعائك يقربك إلى الله سبحانه وتعالى درجات لا تقربك إليها الصلاة ولا الصيام ولا غيرها، الدعاء نوع من أنواع الفلسفة في العبادة بالنسبة إلى الله عز وجل (الدعاء مخ العبادة) وفي رواية (الدعاء هو العبادة) هكذا.

أم عبد الله من الشارقة: أنت تتكلم عن الضر والنفع ونحن دائماً عندنا خوف، أنا عندي مثلاً دائماً خوف من الابتلاء إن الإنسان يبتلى ثم ما يقدر يصبر على البلاء، فهل هناك دعاء الواحد يمكن أن يدعو به حتى لا يحصل الضرر من الأساس؟

الإجابة: نعم وهذا دعاء ما سئل الله أحب إليه سيدنا العباس عليه السلام قال (يا رسول الله علمني دعاء أدعو به؟) فقال له (يا عم سل الله العافية) فسيدنا العباس شاف هذا قليل فسكت وفي اليوم الثاني سأل نفس السؤال قال (يا رسول الله علمني دعاء أدعو به) دعاء طويل يا ربي يا ربي يا ربي فقال له (يا عم سل الله العافية) في اليوم الثالث نفس الشيء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (ما سئل الله سؤالاً أحب إليه من العافية) الآن لما تقول يا ربي أسألك العفو والعافية يعني في دينك وأهلك ونفسك ومالك وأولادك ووطنك عام، فأحب دعاء إلى الله تقول يا رب أسألك العفو والعافية واسكت لأن الله سوف يعطيك ويعافيك في كل مالك. والنبي صلى الله عليه وسلم يأتينا بهذا الدعاء العظيم (اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي ونفسي اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي اللهم أحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي وأعوذ بك أن أغتال من تحتي) هذا دعاء إذا قلته حماك الله من كل شيء ولا يقع عليك ضر أبداً إن شاء الله.

د. نجيب: وكما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم العفو والعافية في ليلة القدر للصديق عندما سأله وهي أعظم الليالي

د. الكبيسي: وفعلاً في ليلة القدر والتي هي الليلة العظمى في الكون قال له قل (اللهم إني أسألك العفو والعافية)

د. نجيب: ولما سئل زين العابدين لما تسأل ذلك وأنت مبتلى في عافيتك ودين قال (لو عفا عني لعافاني).

مريم من دبي: تقدّم لي قبل فترة شاب ذو أخلاق لكن للأسف الأهل رفضوه فهل يجوز أني أدعو رب العالمين أنه يزوجّني إياه؟

الإجابة: نعم إذا كان صالحاً لك وصالحاً في دينه قولي (اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا جامع يا جامع يا جامع اجمع بيني وبين فلان ابن فلان بما تحب وعلى ما تحب) كرري هذا إن شاء الله وخاصة في الجزء الأخير من الليل إذا علم الله سبحانه وتعالى أن فيه خير إن شاء الله يجمعكم بإذن الله.

إسراء من العراق: طبعاً شيخنا نحن نفتقدك في العراق وأنا أتكلم بمرارة وهذه فرصة أنني أتحدث معك الآن وأريد أن أسألك شيخنا عن الزواج من شخص من غير طائفة؟

الإجابة: والله يا ابنتي كل واحد سيُسأل يوم القيامة عن اسمه وعلمه وأمه إذا جاءك ولد، كل ولد سيسأل لماذا سميتني كذا ولماذا أنتم ما علمتوني؟ ولماذا جعلتم لي أخوال أو أعمام بهذه الطريقة؟! يوم القيامة سيقول لك أنت أخذت هذا الرجل وهذا أعمامه كذا وكذا سيؤثرون على دينه على تاريخه على عقيدته. أنتِ هذا الذي جاءك من طائفة أخرى احسبيه هل هو من الطائفة الحقيقية أو المزيفة؟ كل الطوائف بلا استثناء هناك حقيقي وهناك مزيف يعني بصراحة هناك شيعي وهناك رافضي هناك سني وهناك ناصبي، هناك سلفي هناك كذاب قاتل انظري هذا من أي نوع؟ إذا كان من طائفة مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ولا يكفِّر أحداً من المسلمين ولا يستحل دماً ليس في رقبته دم مسلم خذيه وحينئذٍ أنت في خير إن شاء الله. وإذا كان هذا الإنسان من طائفتك أو من طائفة أخرى له عنوان هذا العنوان يكفِّر أو يقتل أو يفرز لا يجوز ستحاسبين يوم القيامة وأولادك سيحاسبونك توكلي بالله.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم (من فُتِح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئاً يعطى أحبَّ إليه من أن يُسأل العافية وإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء).

د. نجيب: كما قال سيدنا عثمان (أنا لا أحمل همّ الإجابة ولكني أحمل همّ الدعاء)

د. الكبيسي: وهذا هو الفرق بين يضّرعون ويتضرعون يضّرع يعني يحسن الدعاء ويلح. الشيء الثاني أوقات الاستجابة معروفة وعليه أن يتعلمها وكيف يبدأ؟ عليه أن يبدأ بحمد الله عز وجل ويبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والثناء على الله فالدعاء علم عبادة لها شروطها وأركانها وآدابها هذا يضّرع. وإلا نحن كل الناس يا ربي يا ربي هذا كله يتضرع لكن يوم بعد يوم وعلى كل من يسمعني أعظم علاقة بينك وبين رب العالمين الدعاء فعليك أن تأخذ كتاباً صغيراً تقرأ أركان الدعاء وشروطه وأوقات الإجابة والخ. حينئذٍ أنت من الذين يضّرّعون. ويقول سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله حيي كريم يستحيي إذا رفع الرجل إليه يده أن يردهما خائبتين صفرا) رواه الحاكم وقال صحيح. -وللأخت التي سألت عن الضرر- عن ثوبان (لا يرد القضاء إلا الدعاء) علينا أن نعرف الفرق بين القضاء والقدر فالقضاء ما فيه خيار يقع أو لا يقع أما القدر فلا بد أن يقع. يعني أنا كوني رجلاً هذا قدر ما فيه خيار كون هذه يد ما فيها خيار أقول يا رب أعطيني يد ثالثة؟ ما في هذا الكلام. فيها حركة هذا قدر لكن توجيه الحركة أنا أفعله هذا قضاء. فالقضاء هو ما لك فيه خيار أنت تفعله أو لا تفعله هذا القضاء الذي نفعله نحن مرة خطأ ومرة مشاكل. طبعاً المشاكل والأمراض نحن الذي نعملها بما ملكت يمينك (وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ (35) يونس) (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) الروم) هذا كله قضاء والذي يزيل القضاء هو الدعاء. فادعُ الله سبحانه وتعالى بآداب الدعاء وتضرع إليه تضرعاً يجعلك من المضّرعين خطوة كبيرة جداً أكبر من المتضرعين حينئذٍ لن يُرَدّ لك دعاء أبداً. عن عائشة رضي الله عنها تقول يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن البلاء ينزل فيلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة) يعتلجان بمعنى أنهما يتصارعان فيغلب أحدهما الآخر. ويقول صلى الله عليه وسلم (سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يُسأل) وأفضل العبادة انتظار الفرج، لما عندك مشكلة ثم تدعو الله سبحانه وتعالى متى رب العالمين يفرج عليك؟ متى يستجيب؟ هذا أعظم أنواع العبادة. أنت دائماً قل متى الله يستجيب؟ تنتظر هذا الفرج حينئذٍ هذا أنت أقرب المواقع إلى الله سبحانه وتعالى.

د. نجيب: نسأل الله تعالى أن يستجيب دعاءنا ويوحد أمتنا ويجمع شملنا ويجعلنا ممن يلحّون ويتضرّعون في الدعاء شاكراً لجميع الإخوة الذين شاركوا معنا على الهواء علماً أن موعد الإعادة هو صباح الغد في الساعة الثامنة بتوقيت الإمارات. وباسمكم جميعاً أشكر شيخنا الجليل الأستاذ الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله وأشكر على هذه المداخلة الكبيرة وخاصة شيخنا الأستاذ عز الدين من المغرب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بُثّت الحلقة بتاريخ 23/4/2010م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها

——————————————————

من قسم الفيديو

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2157

على

 

http://www.megaupload.com/?d=E9DY2C7L

http://www.megashare.com/2044408

http://www. .com/file/9nitbo

http://www.filefactory.com/file/b14156a/n/23-4-2010.wmv

http://www..com/vid/1565376/1

http://depositfiles.com/en/files/ywp0v9ajg

تحميل الحلقة صوتيا mp3 بحجم 5.5 ميجا تقريباً

على

http://www.megaupload.com/?d=OP9O8QMY

http://www.megashare.com/2049208

http://www. .com/file/ew4xvq

http://www.filefactory.com/file/b147e3g/n/23-4-2010.mp3

http://depositfiles.com/en/files/l1cps4rxo

من موقع قناة دبي الفضائية

http://www.dubaimedia.ae/Media/view/63574