حلقات برنامج لمسات بيانية
لمسات بيانية في آي القرآن الكريم للأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي
الدورة البرامجية الجديدة في قناة الشارقة (11/2/2007م)
هذه الحلقة الأولى بدأت باستعراض طبيعة البرنامج في الدورة البرامجية الجديدة وهي أن الدكتور فاضل السامرائي سوف يشرح سوراً قصيرة أو متوسطة شرحاً بيانياً فيما يتعلق بالذكر والحذف أو التقديم والتأخير والتشابه والاختلاف مثل قصة موسى التي وردت في أكثر من سورة، مرة قال (نغفر لكم خطاياكم) ومرة (خطيئاتكم) ومرة قال (سنزيد المحسنين) ومرة (وسنزيد المحسنين)، وفي قصة آدم مرة قال (رغداً) ومرة بدون رغداً، مرة (من تحتها الأنهار) ومرة (تحتها الأنهار)، والإفراد والجمع فمرة استعمل (في جنات ونَهَر) ومرة (جنات تجري من تحتها الأنهار) جمع الأنهار في كل القرآن ما عدا في (جنات ونهر). وسيشرح الدكتور السامرائي الآيات فيما يتعلق بالبيان القرآني، فمرة يقدم الإنس على الجن ومرة الجن على الإنس، ومرة يقدم السماء على الأرض ومرة يقدم الأرض على السماء ومرة يقدم النفع على الضر ومرة يقدم الضر على النفع ومرة يقدم (وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ومرة يؤخرها (وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ومرى يقدم بصير (واللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ) ومرة يؤخرها (وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وسيتكلم عن التوكيد وعدم التوكيد فمرة قال (وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ (47) هود) على لسان نوح ومرة قال على لسان آدم (وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) الأعراف) وعلى لسان بني إسرائيل (قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (149) الأعراف) هنا تأكيدان وفي قصة آدم تأكيد واحد، وقدم الرحمة على المغفرة في سورة الأعراف بينما قدم المغفرة على الرحمة في قصة آدم وقصة نوح، العبارات مفرداتها تكون واحدة. وكذلك سيتحدث الدكتور عن فواصل الآيات ولماذا اختيرت فاصلة معينة هنا وفي مكان آخر جاءت فاصلة أخرى؟ في سورة الأحزاب وردت كلمة (السبيلا) بالمد وفي آية أخرى في نفس السورة (السبيل) نفس الكلمة (مفعول به) واحدة فيها مدّ والآخرى ليس فيها مدّ، هل لهذا علاقة بالتناسق الصوتي للآيات أو ليس لها علاقة؟ في سورة الكهف عندنا قوله تعالى (عذاباً نُكْرا) وفي سورة القمر (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ) هل قيلت هكذا لمراعاة التناسق الصوتي أو لسبب آخر؟ الكلمة تكاد تكون واحدة لكن لماذا غيّر؟ هل لفواصل الآيات أو لسبب آخر معه؟ أو للمعنى أولاً؟ في سورة الكافرون قال تعالى (لكم دينكم ولي دينِ) لم يقل ديني، لم يذكر الياء وإنما أشار بالكسرة (دينِ) بينما في سورة الزمر قال تعالى (مخلصاً له ديني) مع أن فواصل السورة شبيهة بالتي في سورة الكافرون لكن في سورة الزمر لم يراعي الفاصلة. في سورة الضحى قال تعالى (ما ودعك ربك وما قلى) لم يقل (ما قلاك). وسيتحدث الدكتور في البرنامج عن استخدام كلمات محددة مثل أعطيناك بدل آتيناك وغيرها. والمعنى البياني العام هذه طبيعة التناول في منهجنا: اللمسات البيانية.
البيان في العربية جزء من علم البلاغة كتخصص (معاني، بيان، بديع) بيان عموم دلالة المعنى وما فيها وليس يعنينا التشبيه والاستعارة والجناس وإنما الناحية المعنوية وسبب الإختيار.
ثم في سؤال للأخ المقدم محمد خالد عن رحلة الدكتور فاضل السامرائي مع البلاغة قال الدكتور: أولاً العناية بالبلاغة بدأت قبل التدوين، والرغبة النفسية الملحّة في قراءة هذا الأمر. بدأت في أوائل الستينات أستمتع عندما أقرأ شيئاً يتعلق بالقرآن ثم بدأ المعنى يستهويني عموماً أما الإنصراف إلى الكتابة فكان بعد الإنتهاء من الدكتوراه عام 1986. رسالة الماجستير والدكتوراه كانت في النحو وكنت أدرّس النحو ولم أدرّس مادة التعبير القرآني إلا بعد أن كتبت كتاب التعبير القرآني. ألّفت التعبير القرآني في الثمانينات. ثم ألّفت في هذا المجال لمسات بيانية، التعبير القرآني وهو أسبق الكتب، وبلاغة الكلمة وعلى طريق التفسير البياني بجزئيه الأول والثاني والآن عندي كتابان لم يطبعا بعد وهما: من أسرار البيان القرآني والآخر أسئلة بيانية في القرآن الكريم هو عبارة عن مائة سؤال أثيرت في مواطن مختلفة في الدراسات العليا، وهناك الجزء الثالث من كتاب على طريق التفسير البياني وقد كتبت القسم الأكبر منه.
مؤلفات الدكتور:
يقول الدكتور السامرائي: في مجال اللغة العربية بدأت برسالة الماجستير ثم رسالة الدكتوراه. رسالة الماجستير كانت أول رسالة ماجستير في العراق وكنت أول طالب تخرج في أول دفعة من الماجستير في العراق وكانت عن إبن جِنّي النحوي. أما الدكتوراه فكانت من جامعة عين شمس في مصر وكانت في الدراسات النحوية واللغوية عند الزمخشري. ثم بعدها كتبتُ عن أبو البركات الأنباري ثم تركت الشخصيات إلى الموضوعات فكتبتُ معاني الأبنية في العربية، ثم معاني النحو (أربع أجزاء) الذي استغرق إتمامه زهاء عشر سنين، والجملة العربية والمعنى والجملة العربية تأليفها وأقسامها، وهناك كتاب تحقيقات نحوية وهو آخر ما ألّفته في النحو. كتاب نداء الروح في الإيمان بالله واليوم الآخِر طُبِع في عام 1958-1959 حين كنت طالباً في الصف الثاني في الكلّية ووزع في الأسواق. وكتاب نبوة محمد من الشك إلى اليقين الذي طُبِع في السبعينات. ثم الكتاب في البيان القرآني: لمسات بيانية، التعبير القرآني، بلاغة الكلمة، على طريق التفسير البيانية أصدرته جامعة الشارقة في جزئين والجزء الثالث ما زال في طور الكتابة، وهناك كتابان لم يطبعا بعد هما: من أسرار البيان القرآني والآخر أسئلة بيانية في القرآن الكريم (مائة سؤال).
مداخلة: وفي إتصال للدكتور بهجت من الشارقة الذي صاحب الدكتور فاضل منذ أربعين عاماً رحّب بعودة الدكتور وألقى بضعة أبيات كتبها في وداع الدكتور عندما غادر إلى العراق قبل سنتين وبضعة أبيات قالها في استقباله عند عودته إلى الشارقة مؤخراً فقال:
في وداع الدكتور فاضل السامرائي:
أفاضلُ لا أريد لك الفراقا وقلبي إن أطقتَ فما أطاقا
أودّعه على مضضٍ وإني لأقسم ما رضيتُ له الفراقا
قضيناها سنيناً مفعماتٍ بحبٍ زاد رفقتنا وثاقاً
ففي العينين مسكنه وقلبي له أرضٌ إذا ما الأفق ضاقا
بنفسي لست أنساه حبيباً وفيّاً قد صفى نفساً وراقا
أديباً شاعراً في العلم بحرٌ وفي الأخلاق قد بثّ الرفاقا
نقياً صادقاً ورِعاً تقيّاً فما عرف الرياء ولا النفاقا
وما شعري له إلا اعتزازٌ بصحبتنا التي كانت وفاقا
وإني لست مدّاحاً ولكن مشاعر نازحٍ يهوى العراقا
ويهوى الساكنين به جميعاً ويهوى العائدين له اشتياقا
وفي عودة الدكتور فاضل هذه الأبيات:
قد عاد فاضل والقلوب بلابل تشدو تغرّد أعذب الألحان
والنجم جزلانٌ به مترنّمٌ والبدر هلّ لدُرة الإخوان
والفرحة الكبرى تضيء جوانحي نوراً يبدد ظلمة الأحزان
والفضل للشيخ العريق أصالة والخير في الهادي وفي سلطان
الشيخ يحدو ركبنا ويقوده شيخ الثقافة راعياً لبيانِ
شيخٌ تميّز بالعلوم وبالنهى والعدلِ في الأحكام والإحسان
شيخٌ سمت أخلاقه وخِصاله فكأنها قبسٌ من القرآن
عمّت فضائله الجميع وقد غدا كالشمس لا تخفى بكل مكان
سلطانُ ذكرك في الوجود مخلّدٌ والذكر للإنسان أمر ثانِ
فاسلم فديتُك راعياً ومعلماً يشدو بحسن صنيعك الحدثانِ
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 12/2/2007م:
سؤال 1: ما دلالة (أو) في قوله تعالى (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) الصافات)؟
النُحاة يقولون (أو) هنا بمعنى (بل). على سبيل المثال أنت تنوي الذهاب إلى المقهى فتقول: سأذهب إلى المقهى ثم تغير رأيك فتقول أو أبقى في البيت، يعني أضربت عن الذهاب. والأمر الآخر يقولون هي بحسب ما يراه الرائي إذا رآهم الرائي يقول: هم مائة ألف، لا أكثر، يقول الرائي مائة ألف أو يزيدون. إذن (أو) إما أن تؤخذ على معنى (بل) أو أن القرآن يعبّر عن ما يراه الرائي.
سؤال 2: ما معنى كفلين في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ (28) الحديد)؟
الكفل من معناه النصيب ويأتي بمعنى المِثل حسب السياق.
سؤال 3: وردت كلمة (ابراهم) في سورة البقرة بدون ياء مع أنها وردت في باقي القرآن مرسومة بالياء (إبراهيم) فما دلالة ذلك؟
هذا يتعلق برسم القرآن وسبق أن أجيب على هذا الموضوع بتفصيل في حلقات سابقة مع الدكتور فاضل السامرائي ومع الدكتور حسام النعيمي.
سؤال 4: ما دلالة إستخدام (قد) في قوله تعالى (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا (144) البقرة) علماً أنها تفيد التقليل؟
(قد) إذا دخلت على الماضي تفيد التحقيق وإذا دخلت على المضارع لها أكثر من معنى، منها التقليل (قد يصدق الكذوب) تقليل، لكن قد تأتي للتكثير والتحقيق مع دخولها على المضارع. لكن المشهور عند الطلبة أنها إذا دخلت على المضارع تكون للتقليل وهذا جانب من جوانب معانيها. (قد) تكون للتقليل وقد تكون للتحقيق (قد يعلم ما أنتم عليه) تحقيقاً أو للتكثير ويضربون مثلاً قوله تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) أي كثيراً ما تنظر إلى السماء. (قد) إذا دخلت على المضارع ليست مقتصرة على التقليل لكن التقليل من معانيها. إذن (قد) إذا دخلت على الماضي تفيد التحقيق وإذا دخلت على المضارع يكون من معانيها التقليل.
سؤال 5: قال تعالى (أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) النحل) و (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ (73) الحج) و (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون) كيف نفسر أحسن الخالقين؟ وهل هناك خالق غير الله؟
الخَلْق في اللغة لها معنيان: الخلق ابتداء أي إيجاد من العدم وهذا خاص بالله سبحانه وتعالى، وخلق بمعنى تصوير الشيء (صوّره) وهذا يصح لأن يكون لغير الله تعالى. إذا كان الخلق بمعنى الإيجاد من العدم فهو لله تعالى. قال تعالى على لسان المسيح في القرآن (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ (49) آل عمران) أي أصوّر من الطين. وفي خطية الحجاج قال (ولا أخلق إلا فريق). فالخلق له معنيين. (أحسن الخالقين) يصح أن تكون لأنها ليست خاصة بالإيجاد من العدم وإنما هو أحد المعاني والمعنى الآخر هو التصوير.
أسئلة لم يتم الإجابة عنها خلال حلقة 12/2/2007م:
-
هناك بعض آيات في القرآن الكريم لا تخضع للقواعد التي وضعها النحاة فيلجأ النحويوين إلى تأويلات وبعضهم يقولون إنها شاذة مثل قوله تعالى (إن هذان لساحران) فهل يمكن التفصيل في هذا الموضوع؟ سبق وأجاب الدكتور حسام النعيمي على هذا السؤال بالتفصيل.
-
ما دلالة (من حيث) في قوله تعالى (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ (27) الأعراف)؟
-
ما دلالة إستخدام كلمة (نعمة) بالإفراد بدل الجمع في قوله تعالى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) النحل)؟
-
قال تعالى (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ (50) الكهف) العلماء اختلفوا في أصل إبليس، فهل يمكن أن تكون (كان) هنا بمعنى صار؟
-
طلب تخصيص برنامج لتعليم قواعد اللغة العربية
بُثّت الحلقة بتاريخ 12/2/2007م
2009-01-20 13:29:10الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost