تابع سورة لقمان
(وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22))
سؤال من المقدم: ما هو السلوك التركيبي للفعل يُسلم من حيث التعدّي واللزوم؟ هنا جاء الفعل يُسلم متعدياً بـحرف الجر (إلى) وفي مواطن أخرى في القرآن متعدياً بحرف الجر اللام (فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34) الحج) (فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ (20) آل عمران) فما الفرق بين تعديه باللام وتعديه بإلى؟
أكثر ما ورد في القرآن متعدياً باللام ولم ترد إلا هذه الآية بإلى فقط هذه الآية في سورة لقمان (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ)، البقية باللام أو من دون حرف جر (وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا (14) الحجرات). ما الفرق بين أسلم إلى وأسلم لـ؟ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) البقرة) (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) غافر) ما الفرق بينهما في الدلالة؟ أسلم إليه معناه دفعه إليه، تسليم دفعه إليه أو فوّض أمره إليه هذ المشهور، من التوكل. أسلم بمعنى انقاد وخضع ومنها الإسلام الإنقياد. أسلم الشيء إليه أي دفعه إليه، أعطاه إليه بانقياد هذه أسلمه إليه أو فوض أمره إليه وهذا أشهر معنى لأسلم إليه. أسلم لله معناه انقاد له وجعل نفسه سالماً له أي خالصاً له، جعل نفسه لله خالصاً أخلص إليه. لما قالت ملكة سبأ (وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل) انقدت له وخضعت وجعلت نفسي سالمة له خالصة ليس لأحد فيه شيء. وإبراهيم u قال (قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) أسلم له أي انقاد له وجعل نفسه خالصة له أما أسلم إليه معناها دفعه إليه لذا يقولون أسلم لله أعلى من أسلم إليه لأنه لم يجعل معه لأحد شيء، ومن يسلم وجهه إلى الله اختلفت الدلالة أسلم إليه أي فوّض أمره إليه يعني في الشدائد (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ (44) غافر) أو في الانقياد أما أسلم لله فجعل نفسه خالصاً ليس لأحد شيء. لذلك قال القدامى أسلم له أعلى من أسلم إليه لأنه إذا دفعه إليه قد يكون لم يصل لكن سلّم له اختصاص واللام للملك (أسلم لله) ملّك نفسه لله ولذلك قالوا هي أعلى. الدلالة فيها انقياد لكن السؤال يبقى لماذا قال هنا في آية لقمان (إلى)؟ السياق يحدد، قبل هذه الآية قال (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21)) الإتباع أن يسير المتبِع خلف المتبَع كأنما يسلم أمره إليه وذاك يسلم قياده إلى الله، هذا أسلم قياده إلى الشيطان اتّبعه وأي واحد اتبع أحداً يسلم قياده إليه وهذا أسلم قياده ووجهه إلى الله، ذاك يقوده الشيطان وهذا أسلم قياده إلى الله، هذا أمر. أسلم إليه بمعنى فوض أمره إليه وانقاد ولو قرأنا الآية (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) الإنسان لماذا يفوض أمره إلى الله؟ في حال الشدائد يفوض أمره إلى الله فقال ربنا تعالى (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى) هذا الذي يفوض أمره إلى الله لا تناله الشدائد فقد استمسك بالعروة الوثقى، العروة الوثقى تعصمه من الشدائد وهي إسلام وجهه إلى الله، ثم قال النتيجة ماذا يحدث من عاقبة الأمور؟ فوضت أمرك إلى الله في الشدائد ولكن ماذا سيحصل (إلى الله عاقبة الأمور). إذن (من يسلم وجهه إلى الله) اقتضى هذا التعبير أمران: اقتضى الاتباع ما قبله لأنهم قالوا (بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا) بإزاء أولئك (ومن يسلم وجهه إلى الله)، بالمعنى الآخر (وأفوض أمري إلى الله) بمعنى التفويض والتوكل عليه يأتي (فقد استمسك بالعروة الوثقى) أيضاً يقتضي الاسلام إلى الله وهو تفويض الأمر إلى الله، بهذا المعنى فقد استمسك بالعروة الوثقى وبالمعنى الآخر أسلم قياده إلى الله بإزاء أولئك الذين اتبعوا الشيطان. فإذن أسلم وجهه إلى الله يقتضيها التعبير من كل ناحية. ثم قال (وإلى الله عاقبة الأمور) يعني من يستمسك بالعروة الوثقى واستمسك بها أما العاقبة ماذا سيحصل فيما بعد هذا إلى الله عاقبة الأمور يحسمها فيما بعد. العورة هي ما يُمسك به.
سؤال من المقدم: في سورة البقرة قال تعالى (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) ورد الفعل أسلم بالماضي وفي لقمان بالمضارع فما الفرق بينهما؟
في لقمان (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) وآية البقرة (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (112)) هناك أكثر من اختلاف بين الآيتين: الماضي والمضارع، واللام وإلى، ثم تأتي أمور أخرى (فقد استمسك بالعروة الوثقى) في لقمان ولم يقلها في البقرة واختلف الجواب (فله أجره عند ربه) في البقرة ولم يقلها في لقمان. المضارع والماضي سياق الآيتين يوضح الاستعمال. أسلم إلى قلنا بمعنى الإتباع وتفويض الأمر إذا كان بمعنى الإتباع فأمور الاتباع كثيرة وإذا كان بمعنى التفويض وما يقع للإنسان من حوادث ونوازل كثيرة وهذا يقتضي إذن التعدد وقلنا سابقاً أنه إذا وقع فعل الشرط مضارعاً بعد أداة الشرط فهذا يفيد التكرار غالباً وإذا وقع بالماضي يفيد وقوع الحدث مرة في الغالب. آية لقمان يتعلق بالإتباع (قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا) وأمور الاتباع كثيرة في الحياة ما يتعلق بالحلال والحرام وإذا كان بمعنى التفويض إلى الله في حال النوازل والشدائد هذه كثيرة إذن يقتضي تكرر المسألة. في آية البقرة جاءت في الرد على اليهود والنصارى (وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى (111)) قال ربنا تعالى (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (112)) يدخلها المسلم في مقابل اليهود والنصارى الذين قالوا (لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى) القرآن رد عليهم (تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (112)) يعني بلى يدخلها كل مسلم والإسلام كم مرة يدخل الإنسان به؟ مرة واحدة من قال أشهد أن لا إله الله مرة واحدة فهو مسلم أما تفويض الأمر والاتباع كثير فلما يتعلق الأمر بالتفويض والاتباع يقول (يسلم) بالمضارع لأنها تتكرر ولما يذكر الدخول في الإسلام فهو مرة واحدة فيستعمل الماضي (أسلم). الحاكم في السياق هو المسرح الذي تتم فيه الأحداث.
في آية البقرة لم يقل (فقد استمسك بالعروة الوثقى) كما ذكر في آية لقمان وإنما ذكر الأجر لأنه ليس في الآية تفويض أمر، ذكر الأجر. قال (من يسلم وجهه لله فقد استمسك بالعروة الوثقى) وقال (ومن أسلم وجهه لله فله أجره عند ربه) أيها أعلى العاقبتين؟ العاقبة في البقرة أعلى، جعل الأجر مع الإسلام لله والإخلاص لله أن يكون سالماً خالصاً لله جعل عاقبته الأجر (فله أجره عند ربه) ناسب بين علو الأجر وبين معنى دلالة الإسلام لما جعل نفسه خالصاً له لأننا قلنا أسلم لله أي جعل نفسه خالصاً لله ليس لأحد آخر فيه نصيب هذا عاقبته (فله أجره عند ربه) ذاك بمعنى التفويض قال (فقد استمسك بالعروة الوثقى)، لما جعل نفسه خالصاً لله قال (فله أجره عند ربه) جعل هذه عاقبته. بالمناسبة أذكر مسألة عرضاً في السابق أذكر حادثة كثيراً ما كنت أدعو الله إني أسألك الفردوس الأعلى فجاءني زمن كنت دائماً أقول هذا الدعاء رأيت في المنام كأني في يدي كتاب من كتاب الله ليس هو القرآن ولا التوراة ولا الإنجيل (وقد قرأتها جميعاً عندما ألّفت كتاب نبوءة محمد من الشك إلى اليقين) كأني أقرأ كتاب من كتاب الله مكتوب فيها ” إن الذي يسأل الفردوس الأعلى عليه أن لا يدع حظاً لنفسه” بمعنى أن تجعل كل شيء لله خالصاً أن يجعل نفسه خالصة لله وأن لا يدع حظاً لنفسه، هذا ما قرأت.
في كلا الآيتين من أسلم لله وأسلم إلى الله كلاهما محسن لذلك قال القدامى أسلم لله أعلى من أسلمت إلى الله كما قال الرازي واختلف الأجر وكل أجر مناسب لكل واحد ذاك فوض أمره إلى الله فقد استمسك بالعروة الوثقى وذاك جعل نفسه خالصاً لله فله أجره عند ربه وكونه مسلم دخل في الإسلام.
سؤال من المقدم: في لقمان قال تعالى (وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ محسن) أخّر لفظ الجلالة بعد يُسلم مع أن الملاحظ أنه في آيات كثيرة يقدّم (فله أسلموا)؟ فلم؟
السياق والمقام هو الذي يحدد. في سورة الحج (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34)) وفي الزمر (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54)) إذا كان المقام في مقام التوحيد يُقدِّم وإذا لم يكن في مقام التوحيد لا يقدم إلا إذا اقتضى المقام. قال تعالى في سورة الحج (فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا) في مقام التوحيد والنهي عن الشرك فخصص وجاء التقديم للقصر حصراً. هناك دلالات للتقديم والتأخير في البلاغة في اللغة العربية. التقديم في آية الحج للحصر حصر التسليم لله فقط، (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا (29) الملك) عليه توكلنا حصراً وقال آمنا به ما قال به آمنا، مرة يؤخر الجار والمجرور عن الفعل ومرة يقدم في آية واحدة، لو آمن الواحد بالله حصراً ولم يؤمن بغيره لكفر لأن الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، لا يصح أن يقال (به آمنا) من الناحية اللغوية لأنه إذا كان يؤمن بالله فقط يكون كفر بما عداه، التقديم على العامِل في الغالب يفيد الحصر إلا إذا كان المقام يدل على غير ذلك بمعنى السياق المتحدث عنه ولذلك التوكل على الله حصراً فقال (وعليه توكلنا) قدم الجار والمجرور أما الإيمان فليس منحصراً بالله فإذا قال أحد أؤمن بالله ولا أؤمن بالرسل هذا كفر، كفار قريش يؤمنون بالله لكن لا يؤمنون بالساعة ولا بالرسل (إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى) (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) لا يؤمنون بغير الله (ما أنزل الله على بشر من شيء). لما نسمع قوله تعالى (آمنا به وعليه توكلنا) يفهم أن هذه لها دلالة وتلك لها دلالة والعرب تفهم هذا الكلام لأنها لغتهم. (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54) الزمر) ليس في مقام توحيد لا يقتضي التقديم أما في مقام التوحيد والنهي عن الشرك يقدّم حصراً.
سؤال من المقدم: في آية البقرة يقول تعالى (فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها) ولم يقل في لقمان لا انفصام لها؟
السياق هو الذي يحدد، قال تعالى في سورة البقرة (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256)) قال (فمن يكفر بالطاغوت) والطاغوت رأس كل طغيان من ظالم أو غيره، هذا معنى الطاغوت من كان رأساً في الطغيان مثل فرعون والشيطان وجمعها طواغيت. فمن يكفر بالطاغوت أحياناً الكفر بالطاغوت يؤدي إلى أذى شديد وهلكة إذن تحتاج إلى (لا انفصام لها) يعني لا يحصل فيها أي خدش أو انفصال أو شيء. لما ذكر الكفر بالطاغوت الذي قد يؤدي إلى مظلمة كبيرة أو إلى عذاب أو إلى هلكة أكّد ربنا تعالى فقال (لا انفصام لها) أما في لقمان فهي اتباع (ومن يسلم وجهه إلى الله فقد استمسك بالعروة الوثقى) لا تحتاج. لذلك لما ذكر الكفر بالطاغوت الذي قد يؤدي إلى هلكة (فرعون صلّبهم في جذوع النخل) قال (لا انفصام لها) تستمسك ولا تنفصم ولا تنفصل وكأنها تحفيز للإستعصام والاستمساك بالله سبحانه وتعالى.
سؤال من المقدم: ما دلالة (فقد) في قوله تعالى (فقد استمسك بالعروة الوثقى)؟
(قد) حرف تحقيق على الماضي وإن كان على المضارع حصل أكثر من سؤال هل هي تفيد التقليل؟ هي من معانيها التقليل، (قد) إذا دخلت على المضارع تفيد التحقيق والتكثير ومن معانيها الشك. تفيد التوكيد والتكثير (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء (144) البقرة) (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا (18) الأحزاب). أحياناً يسألون أليست (قد) للتقليل إذا دخلت على المضارع؟ هذا من أحد معانيها وليس معناها الكامل كما يذكر النحاة. (قد نرى تقلب وجهك) هذا يقين، للتحقيق إذا عرفنا أن الفعل متحقق إذن (قد) تفيد التحقيق. الله تعالى يرى ويعلم سبحانه وتعالى. إذا دخلت (قد) على الماضي فهي للتحقيق أن الأمر تحقق وأحياناً قد تغير معنى الفعل من دعاء إلى خبر مثلاً تقول رزقك الله محتمل أنك تدعو له بالرزق وتحتمل أنك تخبر أن الله رزقه وأعطاه لكن لو قلت (قد رزقك الله) لا يمكن أن تكون دعاء وإنما إخبار لذا لا يصح أن تقول قد غفر الله لك وإنما تقول غفر الله لك أنت مخبر ولست داعياً. إذن (قد) تفيد التحقيق إذن (فقد استمسك بالعروة الوثقى) تعني تحقق استمساكه.
أيها الراكب الميمم أرضي أقري من بعضي السلام لبعضي
إن جسمي كما علمت بأرضٍ وفؤادي وساكنيه بأرضِ
قد قضى الله بالفراق علينا فعسى باجتماعنا سوف يقضي
إن بيتاً أنت ساكنه غير محتاج إلى السُرُج
ومريضاً أنت عائده قد أتاه الله بالفرج
إذن (فقد استمسك) تحقق استمساكه، هذا تحقق لأنه في الغالب الفعل الماضي بعد جواب الشرط في الغالب استقبال (درست نجحت) إذا قلت فقد نجحت أي تحقق الأمر مثل الدعاء تقول: غفر الله له يعني تدعو له، قد غفر الله له تحقق. (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) المؤمنون) هذا إخبار وتحقق. إذن (فقد استمسك بالعروة الوثقى) تحقق استمساكه.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 29/10/2007م:
-
هل يمكن أن تكون هناك لمسات بيانية في بعض الآيات فيما يسمى الشذوذات اللغوية مثل (قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63) طه)؟ وأنا أريد أن أبحث في ضوابط الاستعمال الشاذ مثل فرد ما لا ينفرد مثل سلاسل وأغلالاً (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (4) الإنسان) فهل يشجعني الدكتور على هذا؟ سلاسل وأغلالاً هذه من القراءات المتواترة بالمنع من الصرف في سلاسل ممنوعة من الصرف وهناك قراءة ليست من المتواترة (سلاسلاً). أما في قوله (إنّ هذان لساحران) هذه قراءة متواترة وهناك قراءة قراءة حفص (إنْ هذان لساحران) إن المخففة وقراءة (إنّ هذان لساحران) أيضاً قراءة متواترة صحيحة فخرّجها النحاة على أنها بمعنى إنّ وإنّ بمعنى (نعم) أو (هذان) في الأصل مبني (من يبني المثنى بالألف وقسم أنه إذا كان مبنياً في المفرد مثل هذان واللذان وهذان مبني في المفرد فقسم من اللغات تبنيها بالمفرد، إذا كان القصد ذكر الأوجه التخريجية لها من اللغة فيمكن كما ذكرناها الآن كما يذكرها التفسير، أحدهم يذكر أن القراءات المتواترة في سلاسل أنها ممنوعة في الصرف وقسم قال سلاسلاً كما هو موجود في الشعر ويقولون للمناسبة يسمى صرف للمناسبة هذه محاولة تخريج هذه الأمور. وإن هذان وإنّ هذان أيضاً يذكر أن هناك قراءتان (إنْ) بالتخفيف قراءة حفص وهذا هو الأصل يعني هذان معاً (فخففت إنّ فقلُ العمل وتلزم اللام إذا ما تُهملُ) أهملت فألزمت اللام، هذه مخففة ليس فيها إشكال. والقراءة الأخرى إنّ تُخرّج تخريجات كثيرة فإذا كان الأمر على هذا بأنه يُخرِّج من كتب اللغة بضوابط لغوية معروفة يكون كأي بحث لغوي. لكن قوله استعمال الشاذ هذا خطأ لأن هذا ليس شاذاً.
-
آيات التأكيد وأحرف التأكيد في القرآن (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) الجن) هل الواو واو التأكيد؟ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) هل الواو للتأكيد؟ وكذلك في سورة النمل (قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (34)) تأكيد؟
-
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (106) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) هود) ما دلالة الإستثناء في الآيات؟ الأرض والسموات ستبدل لكن (إلا ما شاء ربك) قالوا وهو من أيام الدنيا وما قبل الدخول في الحساب في عرصات يوم القيامة قبل أن يقضى بين الخلائق هذه مستثناة هؤلاء الذين آمنوا دخلوا الجنة إلا ما شاء ربك وهي ما قبل الدخول وكانوا موجودين في عرصات يوم القيامة في الحساب هذه مستثناة إذن ما كان قبلها من عدم الدخول سواء من أهل النار أو أهل الجنة، أهل النار قبلها قبل أن يقضى بينهم وهم في عرصات القيامة هذه لم يكونوا في النار وهذه كانت من المشيئة وقبل الدخول في الجنة وهم في عرصات القيامة هم لم يدخلوا الجنة هذه مستثناة من الخلود. إذن المستثنى من الخلود قالوا ما كان في الدنيا أولاً وما كان قبل الدخول في عرصات يوم القيامة.
-
(إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) البقرة) ما المقصود بـ (فما فوقها)؟ القدامى يفسرون هذه الآية أنها دلالة على قدرة الله تعالى وفي دراسة علمية حديثة تبين أن فوق البعوضة جرثومة صغيرة لا ترى بالعين المجردة فهل هذا ما كان يُقصد بالآية أن ما فوقها هو هذا الكائن الحيّ؟ هنالك أشياء تعيش على البعوضة وقد ثبت علمياً هذا. على أي حال من أبرز التفاسير قالوا فما دونها وقالوا فما فوقها في الدلالة يعني يذكر البعوضة وغيرها فلا يستحي أن يضرب بعوضة فما فوقها في الإستدلال على الأشياء التي يريدها وليس بالضرورة أن تكون (فما فوقها) يعني ما أكبر منها وإنما ما فوقها في الاستدلال فهذا يشمل ما هو أصغر من البعوضة وما هو أعلى من البعوضة كالذباب (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ (73) الحج). إذن (فما فوقها) يقولون في الاستدلال على قوة الله وقدرته والحكمة في مظاهر القوة والاستدلال فتكون عامة لما ذكر ولما لم يذكر، لما ذكر وأشار إليه الأخ السائل ولغيره.
بُثّت الحلقة بتاريخ 29/10/2007م
جودة عالية
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat691.AVI
جودة متوسطة
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat691.rmvb
mp4 جودة
جودة صوت
http://ia360935.us.archive.org/0/items/Lamasat61-70/lamasat691.mp3
2009-01-21 08:10:17الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost