الحلقة 84
سؤال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) وفي السجدة (وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) الجنة مقصود بهم الجن فما الفرق بين الجن والجِنّة؟ وما دلالة البدء بالجن والجِنّة؟
الجن القرآن يستعمله بما يقابل الإنس (الجنّ – الإنس) هما الأصلان لهذين الجنسين، أصلان للمخلوقات (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) أما الجِنة فيستعملها بمقابل الناس (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) السجدة) (الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6) الناس). الجنّ والإنس هما الأصلان أما الناس فتكون مجموعة قليلة أو كثيرة من هؤلاء أو أفراد منهم، قد يكون الجميع (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (158) الأعراف) لجميع المخاطبين من آدم إلى أن تقوم الساعة، أو أفراد منهم (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ (173) آل عمران) تكون هناك قرينة سياقية تحدد المعنى لكن كلمة الناس لا تدل على عدد معين إنما تدل على مجموع قد يشمل جميع الناس (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) وفي الحديث ” أشيروا عليّ أيها الناس” والمقصود الأنصار. الجِنّة مجموعة من الجن قد تكون قليلة أو كثيرة. الجنّ هم الأصل مع الإنس ويستعمل في الغالب الجان بمقابل الإنسان. الجنّ الأصل مثل الإنس والجان قد يكون واحد من هؤلاء مثل الإنس والإنسان والإنسان واحد من الناس وقد يطلق على الأكثر. الإنس غير الناس أحياناً لا يمكن استعمال الإنس مكان الناس (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ (13) البقرة) لا يمكن أن يقال كما آمن الإنس. أصل البشرية الإنس، (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ (173) آل عمران) لا تنفع هنا الإنس، فإذن الإنس بمقابل الجنّ والناس بمقابل الجِنّة. الذي يدل على عموم الجنس في البشر الإنس ومقابله الجنّ، الجنّ مقابل الإنس والجِنّة مقابل الناس والجان مقابل الإنسان (خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ (15) الرحمن). هذا ليس من خصوصية الاستعمال القرآني وإنما هو في لغة العرب.
سؤال: ما هو تفسير الآيات (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) الواقعة) ؟ وما دلالة استخدام لفظ الجمع (إنا ونحن)؟
الآية الكريمة (لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) الواقعة) المُغرَم معناه المدين أثقلته الديون، نحن نستعمل المغرم بمعنى الذي وقع في الغرام، المغرم بمعنى الغرام معناه يتقاضاه كما يتقاضى الغريم غريمه. فإذن المُغرَم هو المدين والمدين يتقاضاه الدائن. المحروم مقتصر على نفسه ليس عنده شيء لكن ليس بالضرورة مدين يتقاضاه أحد إذن المغرم مدين يتقاضاه الدائن أما المحروم فليس بالضرورة. إذن المُغرَم هو محروم وزيادة. أيها الأولى بالتوكيد بالخسارة؟ المُغرم أولى بالتوكيد لذا جاءت الآية (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) المغرم والمحروم ليسا بدرجة واحدة المُغرم مطلوب يتقاضاه الدائن يطلبه، إذن المغرم هو محروم وزيادة فهو أولى بالتأكيد من حيث الخسارة أما المحروم فهو محروم فقط وهذه قاعدة رياضية.
سؤال: ما هو تفسير الآية (وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ) فهل يمكن أن يبصر الإنسان الملك الذي يقبض روحه (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة)؟
هذه فيها أحاديث والقرآن يشير إلى هذا (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) هذا قيل عند النزع وفي الحديث عند النزع أن الملائكة تقول لروح المؤمن اخرجي أيتها الروح الطيبة من هذا الجسد الذي تعمرينه إلى روح وريحان ورب غير غضبان، فيها أكثر من حديث في هذا وكما فيها تبشير لهؤلاء فيها إنذار للآخرين (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ (93) الأنعام) هذا عند النزع، سكرات الموت (وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (93) الأنعام) هذه في السكرات. إذن هناك أحاديث أنه عند النزع يبشر المؤمن ويهان الكافر ويضرب (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) الأنفال) وقد سمعنا من الناس ذكر لي عن نفسه أكثر من واحد أنه حصل له مثل هذا ورأى ملك الموت، هذه أخبار ولكنها من شخص ثقة عندي، هي أحاديث تنقل لكن في الحديث موجود هذا الشيء. نفهم من قوله تعالى (وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ (85) الواقعة) أنتم تنظرون إلى الميت حين النزع لكن لا تبصرون، نحن لا نبصر لكن الميت هو الذي يُبصر، هناك فرق بين الإبصار والنظر الإبصار هو وقوع الرؤية أما النظر فليس بالضرورة، حدوث الرؤية لما نقول أبصر فهو إدراك الشيء، أقول نظرت إلى الكأس قد تحصل الرؤية وقد لا تحصل، أنا أنظر الهلال ليس بالضرورة أني أراه لكن أبصرت الهلال فقد وقعت الرؤية.
سؤال: (قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (72) النمل) وقوله (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) الأنبياء) وقوله تعالى (وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) مريم) فهل هناك لمسة بيانية بين الردف والورود؟
ردف معناه لحق ووصل يعني عسى أن يكون لحق بكم هذا الشيء، (ردِف) فعل ماضي. هناك رِدف ورديف الرديف هو خلف الراكب “كنت ردف النبي” الرديف هو الذي يكون خلف الراكب.
سؤال: (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) الأنبياء)
ما تعبدون أي الأصنام. إنكم وما تعبدون من الأصنام والتعبير بـ (ما) لأن الأصنام لا تعقل فجاء التعبير بـ (ما) (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) الأنبياء) كانت المسألة أن عيسى والعزير عُبِدا من دون الله فهل يدخلون في هذا؟ هكذا كان السؤال. حتى قريش قالوا (وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ (58) الزخرف). لكن أولاً التعبير بـ (ما) لذات غير العاقل إذن هذا التعبير لا يخص العقلاء وإنما الأصنام، والأمر الآخر أن الله تعالى قال (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى) يعني من عُبد من دون الله ولم يرض بذلك ودعا إلى عبادة الله الواحد لم يدخل في هذا التعبير حتى لو شمله الناس. المهم أن يبرأ ساحته وأن ينكر على من عبد غير الله ولم يرض بأن يُعبَد ودعا إلى عبادة الله تعالى يكون ممن سبقت لهم الحسنى من الله تعالى لا يدخل في هذا حتى لو كانت (ما) تشمل العقلاء وغيرهم سيبرّأون بقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) الأنبياء) وهم ممن عُبد من دون الله ولم يرض بذلك ودعا إلى عبادة الله وحده. في نهاية الآية قال (لَوْ كَانَ هَؤُلَاء آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99) الأنبياء) الذين يعبدون وما عبدوا من الأصنام. معنى حصب أي الحصباء أو الحصى.
سؤال: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) الأنعام) تتكرر في القرآن وتأتي (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ (57) الفرقان) فمتى تأتي (من أجر) ومتى تأتي (أجراً)؟
السؤال على آيتين إحداهما في الأنعام والثانية في سورة يوسف. نقرأ الآيتين: في الأنعام قال تعالى (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90)) تكلم عن الأنبياء السابقين (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ (91))، آية يوسف (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)). من حيث اللغة (وما تسألهم عليه من أجر) آكد من (لا أسألكم عليه أجراً) لأنها دخلت (من) الإستغراقية على الأجر، دخلت على المفعول به تفيد استغراق النفي وهي مؤكدة. نظهر المفهوم النحوي أولاً ثم نضعها في موضعها، إذن من حيث التركيب اللغوي من دون وضعها في مكانها (من أجر) آكد من (لا أسألكم عليه أجراً) لوجود (من) الاستغراقية. يبقى لماذا وضعت كل واحدة في مكانها؟ إذن عندنا الحكم النحوي ثم لماذا وضعت؟ هذا سؤال بياني. آية الأنعام التي ليس فيها (من) آية واحدة ليس قبلها شيء في التبليغ ولا في الدعوة أما الآية الثانية فهي في سياق التبليغ (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107) قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)) يتكلم عن هؤلاء الكفرة والآية في سياق الدعوة. في سياق الدعوة والإنكار يستوجب التوكيد، هذا أمر، الأمر الآخر (قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) الأنعام) ذكرى من التذكر (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) الفجر) (فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى (9) الأعلى) (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) الذاريات) هي نفسها تذكّر أو تدخل في التذكّر. الآية الثانية (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104)) الذِكر هو الشرف والرفعة (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ (44) الزخرف) إذن الذكر شرف ورفعة والذكرى من التذكر. لما نقول سأرفعك وأعطيك منزلة ومكان أو تتذكر أيها التي تحتاج توكيد؟ الذي يرفع يحتاج لتوكيد، إذن (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (104) يوسف) لأن هذا يحتاج إلى أجر، (وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) آكد من حيث السياق.
سؤال: في سورة الشورى (وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)) يقترف عادة تأتي مع الذنب لكن هنا جاءت مع الحسنة فما دلالتها وهل لختام الآية (غفور شكور) علاقة مع الإقتراف؟
الاقتراف يعني الإكتساب ويدخل في الحسنة والسيئة ولا تقتصر على السيئة فقط، الاكتساب يستعمل في للحسنات والسيئات.
سؤال: ما الفرق بين (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا (50) فصلت) و(وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً (48) الشورى) وما دلالة استعمال (لئن) و(إذا)؟
نعرف الفرق بين (إذا) و(إن). إذا تستعمل فيما هو كثير وفيما هو واجب و(إن) لما هو أقلّ عموم الشرط وقد يكون آكد وقد يكون مستحيل وقد يكون قليل، هذه القاعدة. الكثير نستعمل له (إذا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ (6) المائدة) الجُنُب أقل، (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ (25) النساء) كل البنات محصنات، (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180) البقرة). (إذا) إما للمقطوع به أو كثير الوقوع (وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا (86) النساء) (إذ) تستعمل لما هو أقل أولما هو نادر أو لما ليس له وجود أصلاً. (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُمْ (21) يونس) عموم الناس قد تصبهم رحمة. رحمة الله تعالى تصيب عموم الناس، وإذا مس الناس الضر دعوا ربهم، إذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها، هذا كثير. (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً) هذا واحد، (ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) هذه حالة أقل من الأولى، هذه حالة تربية (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ) هذه فردية وليس فقط فردية وإنما يذيقه رحمة وينزعها منه. (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّاء مَسَّتْهُ (50) فصلت) (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاء بَعْدَ ضَرَّاء مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10) هود) هذه حالة فردية أما تلك فحالات عامة. في الحالة الفردية يستعمل (إن) وفي الحالة المطلقة يستعمل (إذا). حتى لما يذكر الصفات قال (وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (9) هود) تصبهم عام، ولئن أذقنا الإنسان هذه أقل. فالحالات الفردية القليلة يستعمل لها (إن) وفي الحالات العامة يستعمل (إذا).
سؤال: (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24) الحج) لما قال هدوا ولم يقل اهتدوا أو هداهم الله؟
نقرأ الآية (إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)) هذه في الجنة يُدخلهم ويهديهم، يرشَدون إلى أماكن يسمعون فيها أقوالاً طيبة (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) الرعد)، يهدون يرشدون إلى أماكنهم التي يسمعون فيها، (وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) هُدوا إلى صراط الجنة كما قال (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا (73) الزمر) الملائكة تهديهم إلى أماكنهم في الجنة. وفي جهنم قال (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا (71) الزمر) أيضاً، هؤلاء يهدون إلى صراط الحميد وأولئك يهدون إلى النار. هؤلاء ملائكة العذاب تسوقهم إلى النار وهؤلاء ملائكة الرحمة تسوقهم إلى الجنة وتهديهم إلى أماكنهم مرشدون إلى أماكن يسمعون فيها أقوالاً طيبة (سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ). قال تعالى (هدوا) ببناء الفعل لما لم يسمى فاعله لأن الملائكة يهدونهم ويأخذون بأيديهم. دلالة الفعل الذي لم يسمى فاعله قوله تعالى (وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ) هذا أبلغ والمراد بالفعل الملائكة لو قال وهداهم ربهم يكون الله تعالى هو الذي هداهم لكن في قوله وسيق الذين اتقوا الملائكة تسوقهم وفي آية أخرى قال (فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) الصافات) قد يكون هذا الأسلوب في مواطن التي فيها سخرية قد يسخر منهم.
سؤال: ما الفرق بين خاتمة الآيتين (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) الحج) و (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرّ (36) الحج)؟
القانع هو المحتاج الذي لا يسأل ويرضة ويقنع بما عنده، والمعترّ هو السائل الذي يتعرض بالسؤال والبائس الذي أصابه البؤس والشدة والفقير المعتاد.
سؤال: (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (73) يونس) استشعار معاني هذه الآية فهل يمكن إظهار اللمسات البيانية في الآية؟
نقرأ الآية (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلاَئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ (73) يونس) نلاحظ أنه هو في المغرَقين ذكر الصِلة قال (وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا) يعني التي بسببها أغرِقوا، ذكر سبب الإغراق وقال من معه ولم يذكر شيئاً. هناك فريق كذّب فلما ذكر الذين كذبوا معنى من معه ليس منهم يعني صدّق، إذن ذكر علة الإغراق نفهم من قوله أنه ليس معهم وإنما من المصدقين. (كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ) قال (كان) ولم يقل (كانت) إذا ذكّر العاقبة تكون بمعنى العذاب في القرآن كله هذا خط عام في القرآن (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) الزخرف) العاقبة ينظر فيها إلى المعنى والعذاب مذكّر ينظر فيها إلى المعنى (مراعاة المعنى) وحيث كانت العاقبة مؤنثة فهي بمعنى الجنة (مَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدِّارِ (135) الأنعام) لأن الجنة مؤنثة فأنّث الفعل. العذاب مذكر ليس معناه جهنم وإنما العذاب في الدنيا أيضاً. العذاب مذكّر يُذكّر الفعل، العاقبة لما تكون بمعنى الجنة تحديداً يؤنِّث الفعل، هذه من خصوصيات الاستعمال القرآني وهي في اللغة جائزة وإنما في القرآن يدل على أن التعبير مقصود. هنالك أمر آخر في هذه القصة نفسها في الأعراف قال (فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ (64) الأعراف) وليس (فنجيناه ومن معه) (من والذي) كلاهما إسم موصول. القصة واحدة والألفاظ مختلفة لكنها ليست متناقضة، نجّاه وأنجاه المعنى لا يختلف وإنما يبقى سبب الاختيار. نجيناه وأنجيناه لا يختلف المعنى وإنما الفرق بين فعّل وأفعل مثل علّم وأعلم، فعّل يحتاج إلى تدرج مدة طويلة، معناه مكث وقت طويل ثم نجى، أنجا ذكرها على وجه السرعة لما ضرب موسى العصى قال (فأنجيناه) لم يلبث ولم يبق كما بقي بنو إسرائيل في مصر كذلك لما ألقى إبراهيم في النار قال تعالى (فأنجيناه) لم يلبث فيها، وكذلك وصّى وأوصى، فعل وأفعل، فعّل فيها لبث وتمهل وأفعل في الغالب ليست كذلك ثم بحسب السياق هو هو في سياق الإسراع أو لا فيستعمل كل فعل بما يناسب السياق. الملاحظ أنه في سورة يونس كانت الحالة أشد لأن الله تعالى ذكر أموراً أشد وأحياناً يوجز في قصص الأنبياء وأحياناً يفصل فيها. في يونس قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71)) يتحدّاهم تحدياً. في الأعراف (لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62)) فقط، في يونس الموقف أشد. متي يأتي الناس عادة ويستغرقون في الأفكار لما يكونوا في موقف عافية ورخاء أو في موقف شدة؟ في موقف الشدة ينصرفون وفي الرخاء يقبلون كما حصل في المنافقين في المدينة، في مكة كان أشد فلا يأتي إلا القلّة، إذن في مواقف الشدة الناس يعزفون إلا إذا كان عندهم دافع قوي وإيمان قوي وإذا كان في موقف رخاء قد يدخلون. كم واحد (من)؟ (من) تحتمل المفرد والاثنين والجمع، أما (الذين) فلا تحتمل إلا الجمع ولا تحتمل الواحد أو الاثنين ففي موقف الشدة استعمل (من) لذا قال (فنجيناه ومن معه) لأن (من) قد تحتمل الواحد وهي أقل من (الذين).
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 3/1/2008م:
-
(وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) الفتح) ما دلالة الرفع في (عليهُ)؟
-
(وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) الأنفال) ما اللمسة البيانية في هذه الآية؟
-
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح) (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) الفتح) ما الفرق بين فأنزل السكينة عليهم وأنزل الله سكينته؟
-
(وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (4) الأطلاق) (وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (6) الطلاق) ما الفرق بين الأحمال والحمل؟
-
ما الفرق بين يشاق ويشاقق؟ هناك قاعدة ذكرها الدكتور فاضل حول استعمال يشاق ويشاقق فهل يمكن إعادتها وهل تطبق هذه القاعدة على كل الأفعال المشابهة مثل يحاد ويحادد؟
-
(نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73) الواقعة) ما اللمسة البيانية في هذه الآية؟ وما دلالة المقوين؟
-
ما اللمسة البيانية في كلمة (حنيفاً مسلماً)؟
-
هل يمكن للدكتور أن يشرح عن الملكين رقيب وعتيد وكيف يسجلا أعمالنا؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 3/1/2008م
2009-01-21 08:46:07الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost