بلاء وابتلاء
** ما دلالة استعمال كلمة بلاء بدل ابتلاء في قوله تعالى في سورة ابراهيم: “وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ 6″؟
ج ـ لم ترد كلمة ابتلاء في القرآن الكريم أصلاً وإنما وردت (ليبتليكم، مبتليكم، ابتلاه)
والبلاء قد يأتي بمعنى الاختبار و ما ينزل على الإنسان من شدّة، أو ما يصيبه من خير كما في قوله تعالى: “ونَبلوكُم بالشّرّ والخَيرِ فِتنةً” الأنبياء.
أما في الآية موضع السؤال فالكلام عن بني إسرائيل قبل أن يأتيهم موسى عليه السلام: “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ 6”. والبلاء هنا من باب البلاء القَدَري (أي ما يُقدّره الله تعالى على الناس) وليس من باب الاختبار الشرعي. فما أصابهم من ذبح واستحياء نسائهم لم تكن بناء على اختبار شرعي وإنما حدث لهم قبل أن يُرسل الله تعالى لهم موسى عليه السلام، فهو من باب القضاء النازل على الإنسان قدرا كأن يمر في طريق فيقع عليه جدار فيقتله، لأن لاختبار الشرعي يكون بأن يأمر اللهُ تعالى بشيء ما فيفعله الإنسان أو لا يفعله، فالأمر مما يتعلق بالمطلوبات الشرعية وما يترتب عليها من حسنات وسيئات وتمحيص النفوس. وبلاء بني إسرائيل كما جاء في الآية ابتلاء قدري من باب البلاء النازل على الإنسان قدَراً لا من الاختبار الشرعي فهو ليس من الابتلاء
فالبلاء ما ينزل عليك قدرا، وكلمة ابتلى أشد من (بلا) ويظهر فيها معنى الاختبار أكثر. والبلاء لا يكون بالضرورة سيئاً، بل قد يكون خيرا، والابتلاء اختبار كما في قوله تعالى في سورة الفجر: “فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ 15”.
2009-02-04 17:37:35الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost