الحلقة 162
إجابة عن أسئلة المشاهدين
المقدم: في سورة الشعراء (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224)) ما دلالة التشديد في فعل (يَتَّبِعُهُمُ)؟
د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. اتّبع هي المبالغة في الاتّباع، تبع ثلاثي واتّبع مزيد على وزن افتعل يكون فيه مبالغة في حصول الفعل مثل صبر واصطبر، جهد واجتهد، قدر واقتدر. (يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) يعني يبالغونهم في الاتّباع، الغاوون يبالغون وليس مجرد الاتباع، المبالغة في الإتّباع فشدد الفعل.
سؤال: ما الفرق بين (فأردت) (فأردنا) (فأراد ربك) في سورة الكهف؟
د. فاضل: هذا السؤال يثار أكثر من مرة. في حينها ذكرنا أن ربنا سبحانه وتعالى لا ينسب العيب إلى نفسه فلما ذكر الخضر العيب نسبه إلى نفسه قال (فأردت) تأدباً (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)). قتل الغلام التي قال فيها (فأردنا) ذكر فيها حالتين فيها قتل وإبدال خير منه (فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)) إذن صار قتل وإبدال يعني صار فيها اشتراك، حالتين، قال فأردنا أن يبدلهما ربهما.
المقدم: نسب القتل إلى نفسه والإبدال لله سبحانه وتعالى. لا يفهم أن إرادة العبد الصالح سابقة على إرادة الله والعياذ بالله؟
د. فاضل: هي من إرادة الله، والثالثة كلها خير (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا (82)) فقال فأراد ربك، ليس فيه اشتراك كله خير قال (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ)، وكلها قال فيها (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)
المقدم: كل هذا بأمر الله سبحانه وتعالى. خلاصة القول نسب الفعل السيء لنفسه فقال فأردت ونسب الخير المحض لله سبحانه وتعالى والمشترك الخير فيه لله والشر لنفسه.
سؤال: في كل آيات القرآن ذكر الفوز المبين وفي سورة البروج قال (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)) فلماذا جاءت الكبير؟
د. فاضل: الله سبحانه وتعالى يذكر ثلاثة أنواع من الفوز، الفوز العظيم، الفوز الكبير، الفوز المبين. أعلاها العظيم وأقل منه الفوز الكبير وأقل منهما الفوز المبين. ولذلك لو لاحظنا الاستعمال في القرآن الكريم لما يذكر المبين يذكره أقل من الآخرين الكبير والعظيم، يذكر الفوز المبين في أمرين إما في صرف العذاب (ليس الجنة) أو الإدخال في رحمته لم يذكر الجنة، لم يذكر إدخال الجنة (قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (16) الأنعام) صرف العذاب لم يذكر دخول الجنة، (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (30) الجاثية) ذكر المبين ولم يذكر الجنة. الكبير وردت في موطن واحد في سورة البروج (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11)). العظيم يزيد على ذلك في الجزاء إما بذكر الخلود أو ذكر المساكن الطيبة وما إلى ذلك، على سبيل المثال (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) المائدة). هناك فقط قال (جنات تجري من تحتها الأنهار) هنا قال فيها خالدين فيها أبداً، زاد عليها هنا فقال عظيم.
المقدم: زيادة عليه الخلود ورضى الله سبحانه وتعالى.
د. فاضل: (وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (72) التوبة) زاد على ما ذكره في البروج، (رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (9) غافر) عندما ذكر أوسع من الكبير قال العظيم. فهي مرتبة هكذا المبين أعلى منها الكبير وأعلى منها العظيم.
المقدم: كلٌ بحسب الدرجات وما جاء معه من أوصاف النعيم.
سؤال: ما سبب الآيات الاعتراضية في سورة الروم مثل (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18))؟
د. فاضل: تقصد (فسبحان الله) لو نقرأ الآيات التي دخلت فيها هذه الآية حتى تتضح المسألة.
المقدم: استطراد جانبي هل يجوز أن نقول في القرآن جمل اعتراضية؟
د. فاضل: لا شيء فيها هذا مصطلح نحوي.
د. فاضل: نقرأ السياق (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16) فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)) قسم لا يقول هي اعتراضية وإنما هي واردة في سياقها، كثير من المفسرين يقولون هذا. كيف وردت في سياقها؟ ذكر حال فريقين المؤمنين الذين يعملون الصالحات وفريق الكافرين المكذبين قال (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)) (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)) ذكر نوعين، ذكر الفريق الأول الذين هم يعملون الصالحات والآخرين المكذبين. ثم أرشد سبحانه إلى ما يُنجي من الأول ويفضي إلى الثاني، ما يُنجي من العذاب ويُفضي إلى الجنة، أرشد سبحانه كيف تنجو من هؤلاء وتدخل مع الذين يعملون الصالحات قال (فسبحان الله) تنزيه الله سبحانه وتعالى عما لا يليق وحمده تعالى والثناء عليه، هذا الذي ينجيك ويدخلك الجنة، فسبحان الله تفصح عن هذا الشيء، ماذا عليك أن تفعل لتنجو من هذا الفريق المكذبين وتدخل مع الفريق الناجي المؤمنين الذين يعملون الصالحات؟ أن تنزه الله سبحانه وتعالى عما لا يليق وأن تحمده وتثني عليه. فإذن عليك أن تفعل ذلك حتى تنجو من هؤلاء وتكون مع السعداء. وقسم قال هذه (فسبحان الله) هي إشارة إلى أوقات الصلاة، (فسبحان الله حين تمسون) هذه المغرب والعشاء، (وحين تصبحون) هذه صلاة الصبح، (وعشياً) العصر (وحين تظهرون) الظهر. التسبيح والتحميد في هذه الأوقات هو واجب، هذا استنباط من المسألة.
المقدم: سواء كان للصلاة أو للذكر والدعاء والتنزيه هو كله وارد.
د. فاضل: كله وارد لكن هو الذي عليه كثير من المفسرين ليست جملة اعتراضية وإنما داخلة في سياقها هذا إرشاد للخلق كيف يفعلون حتى ينجون من هؤلاء ويدخلون في صف السعداء.
سؤال: وفي سورة العنكبوت في قصة إبراهيم اعترضتها آيات تخاطب الرسول rr ثم تعود إلى قصة إبراهيم u؟ (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (16) العنكبوت) لماذا لم يذكر (لأبيه) مع أنه ذكره في آية أخرى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) الزخرف)؟
د. فاضل: القصص القرآني ومنها قصة إبراهيم يُذكر بحسب ما يراد منها عموماً لكن نحن الآن يعنينا إبراهيم، شأن القصص يؤخذ منها الأمور التي يُراد أن يُركز عليها، يلقى عليها الضوء. بالنسبة للسؤال في سورة إبراهيم هو أصلاً في هذا الموضع بالذات هي مختصة بذكر قسم من ذريته في مكة، هي توضح هذا الأمر، تروي هذه المسألة وهو ذكر قسم من ذريته في مكة (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) إبراهيم) تروي هذا القسم فقط. لاحظ في سورة مريم موقفه مع أبيه فقط وليس مع ذريته (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)) فقط تروي قسماً من موقفه مع أبيه. في العنكبوت لقومه خاصة لا يذكر الأب (وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ (16)) لا يتعرض للأب. في الشعراء موقفه مع أبيه وقومه (إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70)).
المقدم: باعتبار أن أباه ضمن قومه وهذه طريقة في الدعوة.
د. فاضل: فإذن في كل سورة يريد أن يركز على أمر، في مكة يتعلق بقسم من ذريته وبناء البيت. في مريم كيف كان الموقف مع أبيه؟ وكيف كان النقاش مع؟ في مريم الموقف مع أبيه ونقاشه، يذكر في العنكبوت كيف كان مع قومه، وفي الشعراء والأنبياء كيف كان مع أبيه وقومه وكيف كلمهم؟.
المقدم: إذن وكأنه يحاول الإجابة على كل سؤال يطرأ على الذهن.
د. فاضل: هذا في الشعراء والأنبياء، هل له موقف آخر؟ نعم هناك موقف آخر له مع الملائكة ليس له علاقة بالتبليغ لما دخلوا عليه الملائكة وبشروه وخاف منهم (فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ (70) هود) هذه يذكرها في هود والحجر، إذن هي مواطن معينة يركز عليها،
المقدم: إذن لا تكرار أبداً
د. فاضل: أبداً لا يمكن.
المقدم: لا نستطيع أن نقول تكلم هنا وهنا بنفس القصة لكن بإمكاننا أن نقول أنه في كل سورة يأتي بملمح فإذا ما جمعنا هذه الملامح ترتسم الصورة العامة للقصة الكاملة
د. فاضل: وهذا الملمح يأتي مع السياق ومع ما يراد أن يُذكر.
المقدم: إذن حتى الملمح نفسه مختار بعناية دقيقة ليتواءم ويتواكب مع السياق العام للسورة، لا إقحام ولا دسّ
د. فاضل: هذا اختيار وفق برنامج ومنهج.
المقدم: هل لنا أن نسأل مثلاً – وربنا سبحانه لا يُسأل عما يفعل – لكن نحاول أن نفهم القصص القرآني ، لِمَ لم تأت جميع قصص القرآن كلها في سور مستقلة كما في حالة يوسف مثلاً؟
د. فاضل: ابتداء القرآن ليس كتاب قصص مثل ألف ليلة وليلة وإنما هو كتاب هداية فيذكر الجانب المتعلق، قسم يذكر أقوم فيذكر عدة مواقف للأقوام كيف تأتي، يريد أن يذكر على مسألة، مسألة التوحيد فيذكر موقف الأقوام منه كيف يكون والأنبياء وموقفها منه كيف يكون؟ ليست قصة هكذا وأنها بشرية يستعرضها ثم يصدر أحكاماً فيما بعد ملائمة للسياق،
المقدم: ملامح تتعلق بتشريعات
د. فاضل: ليست هي مجموعة قصة أو سرد. قصة يوسف كانت رداً على سؤال لن تتكرر، كان سؤالاً (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7) يوسف) بناء على سؤال كفار قريش طلبوا من أهل الكتاب في المدينة أن يسألوا الرسول r عن أمر فقالوا اسألوه عمن ترك فلسطين وذهب إلى مضر لماذا؟ وما هي قصته؟ فذكر قصته.
المقدم: إذن نزل الوحي إجابة على سؤال وُجه للمصطفى عليه الصلاة والسلام
د. فاضل: لم تتكرر، هي قصة خاصة ليست كبقية القصص مثل قصة عاد التي فيها تبليغ وموقف الأقوام لكن قصة.
سؤال: قال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا (85) الأعراف) فذكر إسم قرية شعيب وهي مدين وقوم لوط لم يذكر إسم القرية (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا (73)) فلماذا ذكر إسم قرية شعيب (مدين) ولم يذكر سديم قرية لوط؟
د. فاضل: هل ضروري أن يذكر إسم القرية؟! (مدين) هو إسم علم هو إبن من أبناء إبراهيم الخليل يسمونه (مديان) سميت القبيلة بإسم أبوه كما عاد هي ليست قبيلة وإنما هو أبوهم الأكبر إسمه عاد سميت القبيلة بإسم الأب. ثمود ليس إسم القبيلة وإنما سميت بإسم الأب الأكبر ثمود بن عابر بن إرم. هذه الأسماء التي ذكرها هي في الحقيقة ليست أسماء القبائل وإنما هي أسماء أعلام فسميت باسمائهم، كلها باسماء أشخاص، مع لوط نفس المسألة. أحب أن اضيف أمراً، أهل الكتاب ينكرون أو لا يعلمون ما يتعلق بقصة عاد وثمود لأنها ليست في كتبهم أبداً، يقولون نوح وإبراهيم وما يتعلق بأنبيائهم ولم يذكر ثمو وعاد، وقسم قالوا أنكروها وقالوا ليست موجودة إنما هي من أساطير العرب. فربنا تعالى ذكر عاد، ذكر القبيلة وذكر مكانهم الذي عاشوا فيه وذكر نبيهم، نبيهم هود وذكر مكانهم الأحقاف وذكر القبيلة تحديداً حتى لا يكون هناك مجال للشك أنها أسطورة. ثمود ذكر القبيلة وذكر نبيهم صالح وذكر موطنهم الحِجر، هذا الذي ينكرونه هم فذكر القبيلة ونبيهم ومكان سكناهم الذي لا زال إلى الآن، الحجر إلى الآن موجودة، الأحقاف إلى الآن موجودة. مدائن صالح أذكر أنه جاءنا أجنبي إلى الكلية مهتم بالكتابات القديمة وجمع الأساتذة وألقى علينا محاضرة كان الجامعة قد دعوته فجاء بنصوص وقال أنه حصل أنه قسم من المستشرقين قال في القرآن قال (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا آمِنِينَ (82) الحجر) قال هذا مكتوب على الجبال بالكتابة القديمة قال (هذا قبر فلان) قال لا، هذا قصر وليس قبر لأن الباء والصاد كانت قريبة من بعضها مثل الحاء والخاء، لأنها قريبة من بعضها، قال هذا قصر فلان والدليل على أنه قصر أننا نحن رأيناه ورأينا مكان الغلق من الداخل، غلق الباب. القبر لا يُغلق من الداخل. إلى الآن موجود مكان الغلق من الباب فقال محفوراً من الداخل فقال هذا قصر.
المقدم: وبالتالي هو نفى أن يكون قبراً لأن القبر لا يمكن إغلاقه من الداخل
د. فاضل: تصديقاً للقرآن الكريم. لكن هم ينكروه أصلاً.
المقدم: هل اكتشفوا أين مكانهم في الأحقاف والحجر؟
د. فاضل: في جنوب الجزيرة العربية، الأحقاف في الشمال والحجر.
المقدم: الأحقاف والحجر في الجزيرة العربية، واضح أنها كانت مهبط الرسل
د. فاضل: كما هم عادة كما عرفنا أهل الكتاب ينكرون ثم تظهر أموراً، كانوا ينكرون هامان صاحب فرعون ويقولون ليس في الكتاب المقدس موجود إسم هامان في قصة موسى مع فرعون، هامان لا يُنكر في القرآن بينما أهل الكتاب ينكرونه ويقولون هذا من الخطأ التاريخي وكتبوا كتابات في الموضوع.
المقدم: هامان ليس موجوداً في الكتاب المقدس؟
د. فاضل: ليس موجوداً في قصة موسى موسى مع فرعون
المقدم: ليس موجوداً في قصة موسى مع فرعون وهو موجود في القرآن الكريم في قصة موسى فهم أنكروا وجوده في القرآن
د. فاضل: قالوا هذا خطأ تاريخي، قالوا هامان مع فرعون هذا غير موجود وكتبوا أكثر من كتابة في هذا.
المقدم: وبالتالي هناك خلل في القرآن حاشا لله طبعاً أنه ضمنه إسماً لم يكن موجوداً عندهم.
د. فاضل: ثم لما اكتشف حجر رشيد وفُك ألغاز الكتابة الهيروغليفية ثبت أن هامان هو كان مسؤولاً عن المشاريع الكبرى والبناء في زمن فرعون موسى، هذه معلومة عظيمة. كان مسؤولاً عن المشاريع الكبرى وتشييدها كان إسمه هامان، هذا موجود على حجر رشيد.
المقدم: موجود على الحجر؟
د. فاضل: موجود على الحجر اسمه وكان مقرباً من فرعون. كانت وظيفته مسؤول عن المشاريع الكبرى وإسمه هامان.
المقدم: المسؤول عن المشاريع وظيفته هامان وهو إسمه هامان
د. فاضل: كما ينطبق الإسم على المسمى أحياناً، مثل نجّار إسمه نجّار وهو نجّار.
المقدم: هو إسمه هامان ووظيفته هامان ومعنى هامان في لغتهم آنذاك ترجمته هو المسؤول عن المشاريع الكبرى. لما قال له فرعون (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) غافر)
د. فاضل: لأنه هو المسؤول اصلاً، هذا أعجب شيء.
المقدم: ليس لأنه صاحبه وإنما لأنه هو المسؤول عن البناء والمشاريع.
د. فاضل: هو كان مقرّباً له
المقدم: ليس مجرد الطلب أنه صاحبه وإنما هو مسؤول عن المشاريع الكبرى
د. فاضل: هو المسؤول، ليست هكذا تقال وهذا أعجب شيء وهذه المسألة هي وحدها إعجاز
المقدم: من أعلم النبي عليه الصلاة والسلام بهامان؟ وهو غير موجود في الكتب؟
د. فاضل: لا غير موجود في الكتب مطلقاً.
المقدم: هذا رد على من يدّعي أنه صلى الله عليه وسلم نقل من الكتب السابقة ولو نقل لما نقل هامان فمن أين جاء بهامان؟!
د. فاضل: بعد أكثر من ألف سنة وُجد في مكان عندهم، ليس لها علاقة.
المقدم: وهامان مفرد أم مثنى؟
د. فاضل: مفرد.
سؤال: (وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ (112) آل عمران) بأيّ حق يقتل الأنبياء ونحن نعرف أن الأنبياء معصومون؟
د. فاضل: هذا نسميه جار ومجرور مؤكِّد زيادة في التأكيد مثل (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ (26) النحل)
المقدم: بداهة السقف من فوقهم
د. فاضل: إذن هذا توكيد، (وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ (38) الأنعام)
المقدم: الطائر لا يطير إلا بجناحيه
د. فاضل: نقول رأيته بعيني
المقدم: رأيت بعيني وسمعت بأذني
د. فاضل: وتقول كتبت بيدي، هذا توكيد للدلالة على الاهتمام زيادة في تشنيع الفعل.
المقدم: مدلول الآية أنهم يقتلون الأنبياء بغير حق يعني بدون الحق
د. فاضل: لما تقول رأيته بعيني ماذا تعني؟ بعيني هو توكيد لرأيت، وهذه بغير حق توكيد لقتل الأنبياء، قتل النبي يجب أن يكون بغير حق
المقدم: هذا من المسلَّمات المنطقية المرفوضة بداية وكأن هذا النبي مكلّف من قِبَل الله تعالى لتبليغ الرسالة فكيف يُقتل؟! حتى إذا لم يقل بغير حق سيُفهم أنهم يقتلون الأنبياء بغير حق.
د. فاضل: مثل رأيت بعيني، والتوكيد في اللغة يدخل في كل شيء في الحال والتمييز والصفة والخبر.
المقدم: هل لتنكير كلمة حق معنى؟ مرة يقول بغير حق ومرة يقول بغير الحق؟
د. فاضل: هذا يحتاج إلى كلام أطول لكن نقول بسرعة. بغير حق وبغير الحق، بغير الحق يعني بغير الحق الذي يدعو إلى القتل أو يستوجب هذا الأمر أصلاً
المقدم: وكأنه يُقر أن هناك قتل لكن بضوابط، بحق معين،
د. فاضل: القتل عموماً له ضوابط، هذه بغير الحق. مثلاً أحياناً تكون مشادة بين واحد وواحد لا تدعو إلى القتل والأنبياء قد يكون هناك مشادة بينهم وبين أقوامهم هذا لا يدعو إلى القتل لكن إذا حصلت أحياناً ستلاحظ (قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ (71) الأعراف) تحصل مشادة، يحصل كلام لكن لا تستوجب القتل هذه بغير الحق. بغير حق أصلاً لم يفعل شيئاً غير تبليغ دعوة ربه، لا مشادة ولا شيء، هذه أسوأ ولذلك في القرآن لما نستعرضها سنلاحظ أن الموقف يختلف والعقوبة تختلف والجزاء يختلف والموقف كله يختلف. (وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ (112) آل عمران)الأنبياء جمع كثرة وبغير حق، (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ (61) البقرة) النبيين جمع قلة فهذه تحتاج إلى كلام فيها..
المقدم: لكن خارج القرآن الكريم مثلاً حدثت مشادة كلامية بين فلان وفلان فقتله هنا يكون بغير الحق الذي يدعو للقتل.
د. فاضل: نحن حتى الآن في أمور عادية تتطور الأمور إلى القتل والموقف لا يستوجب القتل أصلاً.
المقدم: إذا لم يستوجب الموقف نقول قتله بغير الحق، متى نقول بغير حق؟
د. فاضل: أصلاً لم يفعل شيئاً.
المقدم: قام فقتله. فقط بالألف واللام؟! إلى هذه الدرجة الألف واللام مؤثرة في الدلالة؟! أبو لهب كان يفهم هذا الكلام؟ أبو لهب وابو جهل كانوا يفهمون هذا الكلام؟! وما آمنوا؟!
د. فاضل: كيف لا يفهمون؟ كانوا يفهمون أكثر منا (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا (14) النمل) (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ (33) الأنعام) الإنسان لما يضل يضل.
المقدم : سبحان الله. استطراد جانبي لكن الموجود على الساحة أن القرآن فيه أخطاء هل ثبت من ثقافة حضرتك بالاطلاع في القرآن الكريم أبو جهل وأبو لهب وكفار قريش ’نذاك والكفار الذين عاصروا البعثة هل وجهوا سهاماً إلى القرآن الكريم؟ هل انتقدوه؟ وهم أهل لغة وبيان؟
د. فاضل: مطلقاً، هو تحداهم أصلاً فعجزوا عن ذلك
المقدم: لم يثبت أن أحدهم اعترض على آية أو على دلالة أبداً؟
د. فاضل: عندما يتكلم الإنسان بلغة قومه، بلسان قومه يتكلم، هذا إما جهل أو إغراض مُغرِض.
المقدم: إما جهل أو إغراض، لا يستحق بالمرة.
د. فاضل: لا تستحق، هو لو كان عنده شيء من العلم، قسم يقرأها يقول هذا جملة متوسطة طالب متوسطة لا يخطئ هذه الأخطاء
المقدم: أصبت عندما قلت هذا جهل أو إغراض. تعجبني كلماتك دكتور فاضل أنت تنتقي الكلمات بعناية فائقة بارك الله فيك.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 9/4/2009م:
مداخلة بسيطة بخصوص هامان أنا حسب ما قرأت عن هامان وما تفضل به الدكتور فاضل أنه إسم وظيفة كبير مهندسي فرعون كما أن فرعون له إسم ولكن منصبه كحاكم وملك لمصر كان يلقب بفرعون وكذلك كبير مهندسي فرعون والمشرف على عظيم البناء عنده كان يلقب بوظيفة هامان ويُكنى بهامان وإسمه هامان أيضاً.
في سورة النحل الآية 70 (وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) لماذا لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً هل هذا عقاب أم رحمة؟
في سورة إبراهيم (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1) اللّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ (2)) لماذا أتى لفظ الجلالة (اللهِ) مكسور؟ هذه بدل من العزيز الحميد، اللهِ العزيز الحميد بدل، هذا مجرور وهذا مجرور.
(وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات) بدأت الآية بالمثنى ثم تحولت إلى الجمع ثم رجعت للمثنى فما اللمسة البيانية في ذلك؟
(إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) الليل) هناك لام في الهدى (للهدى) ولام في الآخرة (للآخرة) لماذا لم يقال الهدى والآخرة؟ هذه لام المزحلقة مؤكِّدة تفيد التوكيد مثل (إن لك لأجراً)
في سورة الحج (يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ (2)) لماذا لم يقل كل مرضع؟ هذا أمر يتعلق باللغة، الفرق بين المرضعة والمرضِع، المرضِع عندها طفل أما المرضِعة هي التي تلقم ثديها للإرضاع الآن، تقوم بالحدث الآن. امرأة مرضع عندها طفل رضيع. عندنا يفرقون بين الحامل والحاملة، حاملة تحمل أشياء. قال تذهل كل مرضعة يعني في الحالة التي هي فيها الآن، الآن هي تقوم به الآن لا يُغفل عنها.
في سورة النصر (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)) لماذا لم تكن غفاراً بدل تواباً بدليل استغفره؟
بُثّت الحلقة بتاريخ 9/4/2009م
رابط الحلقة (فيديو)
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1303
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1304
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=1305
2009-04-10 06:33:09الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost