لمسات بيانية – الحلقة 202:
إجابة على أسئلة المشاهدين:
سؤال: الملاحظ عندما نتصفح القرآن الكريم نقف عند سورة التوبة، ليست هنالك بسملة فلماذا؟وهل هناك لمسة بيانية معينة؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين..أما بعد .. مسألة أنه لم تذكر البسملة هذا أمر توقيفى ، جبريل لم ينزل بها، لو نزل بها جبريل لأثبتت، يبقى السؤال هل هنالك لمسة بيانية في ذلك؟ قالوا هذه التسمية – بسم الله الرحمن الرحيم- رحمة وأمان وطبعاً الرحمة أمان وهذه السورة نزلت بالسيف والمنافقين وهؤلاء ليس لهم رحمة ولا أمان ، فالمنافقين ليس لهم أمان والسيف أى لا رحمة .وفيها أيضاً براءة من المشركين.
المقدم: بهذا المنطق فهم الأعرابي خاتمة الآية (والسارق والسارقة) وقال عزّ فحكم ولو رحم ما قطع؟
د.فاضل: نعم.
سؤال: في أكثر من موضع في القرآن الكريم وربنا تبارك وتعالى يوصينا بالوالدين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا(23)الإسراء)،ونقرأ في موضع آخر (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا(8)العنكبوت)، ومرة يقول (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ (14)لقمان) كيف نفسر هذه الاختلافات بين الآيات الكريمات واللمسة البيانية الموجودة في كل آية؟مع أن الكل يدور حول توصيات الإنسان بوالديه؟
الآية الأولى في سورة الإسراء (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا(24)) معنى قضى أى امر أمراً مقطوعاً ، (أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) فيها أمور نحوية ، نأتى إلى (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) كثيراً ما يقول أحسن إلى الناس ب(إلى) (وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ(77)القصص) ولكن هنا قال (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) وليس إلى الوالدين، الأصل في الإحسان أن يكون ب(إلى) ، يبقى سبب المجيء بالباء: طبعاً فيها أكثر من تخريج نحوى وطبعاً ينسحب عليه البيانى، الإحسان إلى عامة أما الإحسان بهما أى إلصاق الإحسان بهما ، مثل كتبت بالقلم ، تعود إلى الالتصاق سواء بالاستعانة أو غير الاستعانة . يعنى ألصق إحسانك بهما وليس مجرد الإحسان من بعيد- لا يفى بالغرض، وقسم جعل معناها اللطف أى ألطف بهما، هذا تضمين لفظى، كقول يوسف (وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ(100)يوسف) معناها هنا اللطف فالله أحسن إلى الناس جميعاً لكن هذا إحسان خاص .
المقدم: هل التضمين إشراب فعل دلالة فعل آخر؟
د.فاضل: نعم. هو دلنا على إما اللطف أو إلصاق الإحسان بهما. وكلاهما معنى يؤدى إلى زيادة الإحسان إليهما. أيهما يؤدى الدلالة نفسها.
المقدم: هل هذا توسع؟
د.فاضل: قد يكون نوع من التوسع. نأتى إلى إختيار الوالدين (وَبِالْوَالِدَيْنِ) وليس بالأبوين.
المقدم: ما الفرق اللغوى بين الوالدين والأبوين؟
د.فاضل: أصل الوالد من الولادة . الأصل أن المرأة التى تلد وليس الرجل ولكنه تغليب، ولذلك الرجل يقال عنه أبّ، ولكن العرب غلّبت وقالت والد ووالدة ، كما أن الأبوين تغليب للأبّ وليس للأم . وتأتى بالغالب مذكر الوالدان مثل القمران أى الشمس والقمر، فالوالدين تغليب للأم والأبوين تغليب للأبّ، وفى الآية ذكر الوالدين وفي القرآن كله لم يأتى البرّ بهما أو الدعاء لهما إلا بلفظ الوالدين، لم يرد بلفظ الأبوين (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا(36)النساء) ((وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) لو يرد مرة بأبويه (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ(28)نوح) لم يأتى الدعاء لهما أو البر بهما إلا بلفظ الوالدين إلماح إلى الولادة وفي ذلك إلماح إلى أن الأم أحق وأولى بحسن الصحبة ، لكن الأب يأتى في مواضع أخرى كالمواريث لأن نصيبه أكبر (وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ(11)النساء) لأن نصيب الأب أكبر من نصيب الأم.
المقدم: هل في هذا دلالة في سورة يوسف (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ(4)يوسف ليس لوالده مثلاً؟ هل لهذا دليل في مفاهيم اللغة العربية؟
د.فاضل: لا ليس بالضرورة فليس هنا في مقام تغليب هو أخبره بذلك ، خاصة أن الكلام كله يدور بين يوسف وأبيه ولم تذكر الأم أصلاً في جميع القصة ولا في الحديث من أوله إلى آخره لكن يمكن أن تسألنى في قوله تعالى (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ(100)يوسف) .
المقدم: يبقى اختيار الصيغة (إِحْسَانًا) مرة نجدها (حُسْنًا) ومرة (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ) بدون إحساناً ولا حسناً ؟
د.فاضل: قبل الانتقال إلى هذا السؤال تبقى بعض الأمور الأخرى في هذه الآية: ((وَقَضَى رَبُّكَ) اختيار لفظ الرب فالربّ هو المربّي في اللغة والآن الوصية في المربّي وهما الأبوين فناسب ذكر الربّ الذي هو المربِّي في الوصية فيمن ربياه.
المقدم: بالرغم من أنه حكم وأن القضاء هو الحكم؟
د.فاضل: نعم لكن اختيار الرب متناسب مع التربية فالله هو الذي أنشأنا وربّانا أجمعين وهما ربيانا.
المقدم: إذن سيدى حتى الأوامر الإلهية لا تصدر من الله عز وجل على أنها مجرد أوامر إلهية فقط. ولكن تصدر بحكمة في التشريع والأمر؟
د:فاضل: نعم.
المقدم: ولو كانت مجرد أوامر لقال وقضى الله مثلاً وعلينا التنفيذ. سبحان الله العظيم!. قال تعالى (وَقَضَى رَبُّكَ) ولم يقل ربكم؟
د.فاضل: بدأ الخطاب الآن للرسول عليه الصلاة والسلام الذي هو المبلِّغ . (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ) إمّا هنا عبارة عن (إن) و(ما) ، (إن) الشرطية و(ما) زائدة مؤكدة وقسم يقول إنها صلة لكن المعنى واحد أنها لو أسقطت تزيل التوكيد على أية حال ، (يَبْلُغَنَّ) نون التوكيد الثقيلة إذن هذا الأمر فيه شدة وثقل وفيه توكيد، (فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا) معنى أف فى اللغة العربية هى اسم فعل بمعنى ضجر أى لا تسمعهما أى كلمة ضجر وليست هذه تحديداً وإنما كل ما يشعرهما بالضجر . (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) أىتواضع لهما و تذلل (مِنَ الرَّحْمَةِ ) أى من فرط رحمتك بهما ، فنحن نقول هو فعل بهما كذا من حسن أدبه أو فعل ذلك من سوء أدبه أو تواضع لهما من رحمته بهما ، فهى تفيد التعليل. ثم قال (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) ادع لهما بالرحمة وجاءت بلفظ رب مناسب ل(ربّيانى) و (ربك). لاحظ الدعاء بالرب الآن ولم يرد في القرآن دعاء إلا بلفظ الرب إلا في موطن واحد (وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ(32)الأنفال) هذه الآية لا يناسب الدعاء بالرب فالمقام مقام شدة وعذاب. فالربّ هو المربّى وهو المُنعم وهو المتفضل. لم يرد في القرآن مطلقاً دعاء غير هذا إلا بلفظ الربّ. حتى عيسى بن مريم قال (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء(114)المائدة) لم تأتى بمفرها ولكن جاء معها اللهم .
المقدم :قبل أن ننطلق إلى المقارنة بينها وبين الآيات الثلاث الأخرى يحضرنى قول المتنبى على ما أعتقد حينما قال: لا تسقني ماء الملام فإننى صبٌّ قد استعذبت ماء بكائى فقال الآخر ساخراً منه أعطنى شربةً من ماء الملام فردّ عليه سأعطيك شربة من ماء الملام شريطة أن تعطينى قطعة من جناح الذل!! فاستعمال القرآن لتعبير (جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) جناح الذل تعبير عجيب فما قال تذلل لهما أو كن بهما رؤوف رحيم. إذا قارنّا بين الآية ومثيلاتها.كيف نفهم اللمسة البيانية المتغيرة مع اختلاف الآيات؟
د.فاضل: إحدى هذه الآيات فى سورة لقمان (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ (14)) والأخرى فى العنكبوت (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا(8)) وفى الأحقاف (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا(15)) ، فى لقمان ما قال إحسانا ولا حسنا ولكن قال (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا(15)) لم يقلها فى الموضعين الآخرين ، المقام فى لقمان فى المصاحبة والمعاشرة بين الناس (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(15)) مصاحبة الأب لابنه والابن لأبويه ومصاحبته للآخرين ،والوصية كيف يعامل أبويه وكيف يعامل الناس (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17)وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ(19)) آداب ووصايا فى أصول المصاحبة ، وهذا لم يذكر في العنكبوت ولا في الأحقاف. ثم قال (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا(15)) ولو يقل بمعروف أصلاً مثل آيات الطلاق بمعروف أو بالمعروف.
المقدم: ما موقع (مَعْرُوفًا) من الإعراب؟
د.فاضل: يمكن أن يكون تمييز أو حال أو مفعول مطلق هذا وسط فى المفعول المطلق أى صاحبهما صحابا معروفا أو حالا معروفا. ولم يقل بالمعروف لأنه أراد أن تكون المصاحبة هى المعروف بعينه وليست بالمعروف .
المقدم: لكن حضرتك ذكرت منذ قليل أن هناك الصاق فهل لو قال بمعروف هنالك إلصاق؟
د.فاضل: نعم مثل (أمسكوهنّ بالمعروف)(سرحوهنّ بالمعروف) لكن هذه ليس بمعروف وإنما هى المعروف بعينه يعنى الرجل قد ينهر زوجته أو يعضلها أو يضربها ولا يمكن أن يفعل هذا مع الأبوين ولهذا لم يقل بمعروف وإنما هو المعروف بعينه. وأيضاً هو لم يكتفى بالمصاحبة فقط وإنما قال (في الدنيا) فالمصاحبة لها قواعد. يبقى الفرق بين إحساناً وحسناً: لاحظ في آية لقمان اشترط على أن أبواه يجاهدانه على الشرك (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي(15)) لكن فى الأحقاف الوالدان مؤمنان (وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ(17)). وفى لقمان قال (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ (14)) ولم يذكر الوضع أما في الأحقاف ذكر الحالتين (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا(15)) ، والجزاء على قدر المشقة لذكر آلام الحمل وآلام الوضع، إضافة إلى أنه قال (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ(15)) ، (وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ(17)) فهما مؤمنان. فهو ذكر هنا أنهما مؤمنان وذكر آلام الحمل والوضع ، أما الأخرى كانا يجاهدانه على الشرك.
المقدم: ما الفرق بين الإحسان والحسن؟
د.فاضل: الإحسان أحسن من الحسن فالإحسان أن يتعدى خيرك إلى الآخرين، أما الحسن فهو حسن في نفسه. هناك فرق بين أن تعامل شخصاً معاملة حسنة وأن تحسن إليه، يعنى الكلام الطيب الكلام الحسن تفضل استرح هذا حسن ، أما الإحسان أن تفعل له، فالإحسان أمكن وأقوى من الحسن فهو معاملة حسنة وزيادة. في العنكبوت أقل. هما كافران (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي(8)) قال حسناً ولكن هنا أأخف مما في لقمان(وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي(15)) ففيه حمل وشدة واشتراط، مثلاً: إذا قلت لك زوّجتك ابنتى لتعيننى هذا تعليل فقط لغرض أن تعيننى، أما إذا قلت على أن تعيننى هذا أقوى هذا اشتراط مثل قوله تعالى (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ(27)القصص). فالمجاهدة في العنكبوت أقل منها في لقمان فصار حسناً وليس فيها مصاحبة بالمعروف ولكن فيها حسن، ولم يذكر أصلاً آلام الحمل أو الوضع كما في الأحقاف.
المقدم: قد يسأل سائل: ماذا قال ربنا تحديداً في وصيته لابن آدم بوالديه، إحساناً أم حسناً؟
د.فاضل: كلها في سياقها، فالكافر الذي يجاهدك صاحبه فى الدنيا معروفاً، ومن أقل منه تحسن إليه وإن كان كافراً (حسناً) والمؤمن (إحساناً) . هى درجات، والمعروف يجمع كل هذا فليس هناك تناقض.
المقدم: مرة يقول تعالى (وقضى) ومرة يقول (ووصّينا) ما الفرق ؟
د.فاضل: هو قضى ووصّى معاً. ولاحظ أنه قال وصّينا بالتشديد وليس أوصينا للتشديد على الوصية.
المقدم: من باب أولى مادام قضى فقد وصّى فلمَ لم يكتفى بالقضاء (وقضى) دون (ووصّينا) بما أنها أقوى؟
د.فاضل: الوصية لها دلالة والقضاء له دلالة، فأنت توصي ابنك بكذا وكذا (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ (132)البقرة) أما القضاء فهذا أمر الله.
المقدم: هل الفرق بين حسناً وإحساناً من قبيل الزيادة فى المبنى تدل على الزيادة في المعنى؟ وإن كان كذلك نود بعض الأمثلة من آي القرآن الكريم وكيف نفهم هذه الصياغة من الناحية البيانية والبلاغية؟
د.فاضل: هذا الأمر موجود فى اللغة أن الزيادة فى المبنى زيادة فى المعنى لكن ليس مضطرداً وليست قاعدة مضطردة، هو فعلاً موجود وفيها مبالغة مثل كسر وكسّر صار فيها مبالغة، جهد واجتهد، قطع وقطَّع، علّام وعلّامة هذه التاء زادت المعنى هذا ممكن ، ليس دائماً عندنا حاذر وحذر ، حذِر أبلغ من حاذر وهى صيغة مبالغة أقل فى المبنى ، عالم وعليم نفس الحروف لكن واحد على وزن فاعل والأخرى فعيل صيغة مبالغة فالمشتقات ليست لها دلالة واحدة، والِه وولِه، غاضب وغضوب، نفس عدد الحروف لكن واحد اسم فاعل وواحد صيغة مبالغة من أكبر صيغ المبالغة فعول ، غضبان وغضوب غضبان عدد حروفها أكثر وهى صفة مشبَّهة بينما غضوب صيغة مبالغة،والحقيقة الأرجح أن يقال أن اختلاف المبنى يدل على اختلاف المعنى وليست زيادة المعنى ليس بالضرورة زيادة المعنى.
سؤال: في قوله تبارك وتعالى (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ(42)آل عمران)؟
د.فاضل: قسم يرى أنها تكرار للتوكيد، مثل قوله تعالى (إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ(4)يوسف) وقسم يقول أن الاصطفاء الأول غير الاصطفاء الثانى. اصطفاك يعنى اختارك ولطف بك وخصّك بالكرامات بوجود الرزق عندها قبل عيسى وميّزك ، وطهرك من الأدناس والأقذار وما إلى ذلك بالإيمان عن الكفر، والاصطفاء الثانى هو هبة عيسى من غير أبّ جعلهما آية . وهناك من آمن به وتكلم فى المهد يعنى قطع ألسنتهم حينما تكلم في المهد (قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا(29)مريم) فقال (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا(30)) فقطع الألسنة بهذا الكلام وألزمهم بالحجة ، هذا اصطفاء آخر وجعله آية للعالمين ثم ينزل فى آخر الزمان. هما اصطفاءان وأنا أميل إلى هذا الرأى هكذا يبدو لى وإن كان التوكيد محتمل أيضً وهو موجود فى اللغة.
أسئلة المشاهدين خلال حلقة 12 – 11- 2009 :
فى سورة المجادلة ما إعراب الكلمتين (مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ (2))؟
د.فاضل: أمهاتِهم خبر ما الحجازية التى تعمل عمل ليس، مثل (ما هذا بشراً) ترفع الأول وتنصب الثانى، (إن أمهاتُهم) هذه مبتدأ ، إن نافية وأمهات مبتدأ وإلا حرف استثناء واللائى ولدنهم خبر .
ما الفرق بين غلمان وولدان؟ ومتى نستعملهما ، وامرأة وزوجة؟ وزوج وبعل؟
دائماً يقال لنا في الدول الغربية أن القرآن يقول أن النساء أدنى من الرجال ودوماً أدافع عن ذلك .فأرجو أن يجيبنى الدكتور فاضل وأن يعرض لنا فى حلقة قادمة المرأة في القرآن. وهل هي في الإسلام أقل من الرجل أم مساوية له لأنى أعرف أن المرأة مساوية للرجل في جميع الأحكام؟
د.فاضل: (بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ(195)آل عمران) ولكن بما أنه ينفق في بيته قال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ(34)النساء) بالإنفاق فقط، مثل رئيس الدائرة هو مفضّل على الناس ليس لذاته وإنما لمركزه، ومن أحق الناس بحسن الصحبة؟ الأم ثم الأم ثم الأم . والبيت لابد أن يكون له مدير ، حتى الدعاء لهما والبر بهما بلفظ الوالدين وهذا إشعار إلى أن منزلة الأم أكبر من منزلة الأب .
5- تعقيب بسيط على تحليل الدكتور فاضل فى قوله ( ورفع أبويه على العرش) لم يقل والديه لأنها ليست أمه وإنما زوجة أبيه. فهل هذا صحيح؟
د.فاضل: هذا فيه خلاف هل هى أمه أم لا؟ ولكن نأتى إلى ( ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً) هذا أولاً تكريم للأمّ ، فالمفروض أن الابن هو الذي يكرم ويحترم أبويه وليس الأبوان، هنا من الذي خر له سجداً؟ الأبوان ، هم الذين عظموه كلهم ، فلم يذكر لفظ الأم تعظيماً لها، ذكر الأبوين . ثم لاحظ هنالك أمر أن العرش للرجال لا للنساء ، فناسب الأبوين من كل ناحية.
المقدم: أحياناً النساء تكون هى التى على العرش؟
د.فاضل: الأصل هكذا أن العرش للرجال والحكم للرجال وليس للنساء، فإذن من ناحية التعظيم أعطى للأم المنزلة الأولى ومن حيث العرش للأبوين.
نرجو من الدكتور توضيح مسألة أن العرش للرجال على ضوء ما ذكر من قصة ملكة سبأ وعرشها فى القرآن الكريم؟
د.فاضل: هذه لم تكن مسلمة ونحن نتكلم عن الحكم فى الإسلام هو للرجال .
ما الفرق بين قوله تعالى في سورة النحل(نسقيكم مما في بطونه ) وفي سورة المؤمنون ( مما في بطونها)؟ وما الفرق بين الحليب واللبن؟
د.فاضل: نحن عندنا قاعدة أن التأنيث أكثر من التذكير وتفيد المبالغة، يعنى مثال عندما نقول (قالت لهم رسلهم أفي الله شك) هذه عامّة، أما فى قوله تعالى ( قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم) هذه لبنى إسرائيل الذين قالوا (إن الله عهد إلينا) ، فالتأنيث أكثر . في سورة النحل قال تعالى (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ(66)) هذا خاص بالإناث فى وقت معين فذكّرها للتقليل، أما فى المؤمنون (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ(21)) ذكر منافع عامة والصغار والكبار ولم يخصصها باللبن. أما الفرق بين اللبن والحليب: فالحليب هو الذي يحلب ولا يزال على حالته، أما اللبن هو الحليب وما يتخثر وغيره
بثت الحلقة بتاريخ 12 – 11 -2009
رابط الحلقة على قسم الفيديو موقع إسلاميات
http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2026
رابط الحلقة علي الارشيف
http://www.archive.org/details/lamasat121109
رابط جودة عالية
http://ia341332.us.archive.org/2/items/lamasat121109/lamasat131109.AVI
رابط جودة متوسطة
http://ia341332.us.archive.org/2/items/lamasat121109/lamasat131109.rmvb
mp4 رابط
http://ia341332.us.archive.org/2/items/lamasat121109/lamasat131109_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia341332.us.archive.org/2/items/lamasat121109/lamasat131109.mp3
2009-11-14 11:24:32الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost