لمسات بيانية, لمسات بيانية - حلقات

لمسات بيانية – الحلقة 204

اسلاميات

الحلقة 204

إجابة على أسئلة المشاهدين

سؤال: اتصل بي أحدهم وقال أنه نظر في كتاب الله سبحانه وتعالى وقال أنه يريد أن يحذف كلمة في كتاب الله تعالى ويضع مكانها كلمة أخرى موجودة في القرآن أيضاً لأن هذه الكلمة فيها حرف ثقيل على غير العرب وهي كلمة أعطيناك في قوله تبارك وتعالى (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) فسألته ماذا تضع مكانها؟ قال أضع مكانها آتيناك لأن حرف العين ثقيل على غير العرب ولا سيما أن الله تعالى قال (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر) فهل هذا يجوز؟ وما الفرق بين أعطيناك وآتيناك؟

د. فاضل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين. أما الإجابة عن أنه هل يجوز أن يستبدل فليس له ذلك حتى لو رآها مرادفة له لا يجوز، فالقرآن نص عن الرسول r عن جبريل عن الله تعالى فهو توقيفي. أما أعطيناك وآتيناك وإن كان يبدو للسائل أنهما سواء

المقدم: يقول أنهما يدلان على العطاء

د. فاضل: لكن العطاء غير الإيتاء. الإعطاء يكاد يكون مختصاً بالأموال، الإيتاء أوسع يكون في الأمور المادية والمعنوية ويُستعمل أحياناً في الأمور العظيمة، أحياناً لا يصح أن يكون فيه العطاء أصلاً مثلاً (وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ (51) الأنبياء) (فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ (38) الأعراف) هل تصح أعطهم؟ (وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ (59) الإسراء) (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ (7) الحشر) لا يصح أعطاكم، (وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54) النساء). العطاء يوجب التمليك أما الإيتاء فليس بالضرورة. الإيتاء قد يشمله النزع يؤتيه فينزعه أما العطاء فلا (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا (175) الأعراف) ولذلك لما قال سيدنا سليمان (وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي (35) ص) قال تعالى (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (39) ص) عطاؤنا يعني لك أن تتصرف فيه، ملك له.

المقدم: (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء (26) آل عمران)

د. فاضل: يؤتي وينزع. ولذلك قال (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) لا يؤخذ منه ليس كإيتاء آية أو ما إلى ذلك، هذا ملّكه للرسول، الإيتاء يمكن أن ينزعه.

المقدم: إذن مسألة الترادف التام في القرآن فيها نظر؟

د. فاضل: المسألة فيها خلاف هل هناك ترادف أساساً؟ قسم يقول هناك ترادف لكن نقول الترادف في اللغات المختلفة، يعني قد تكون قبيلة تقول كلمة وتقول قبيلة أخرى لنفس الأمر كلمة أخرى فتؤخذ هذه وهذه بنفس المعنى مثلاً مدية وسكين.

المقدم: لكن داخل اللغة هنالك فروق.

د. فاضل: أما في القرآن فليس هناك ترادف أساساً، حتى لو كانت مترادفة في لغات مختلفة يستعملها كل واحدة بمعنى وخصوصية وبشكل معين. يعني فك الإدغام لغة والإدغام لغة مثل يشاقق ويشاقّ بالجزم لغتان لكن القرآن كل واحدة يستعملها بخصوصية معينة، لا يقول يشاقق إلا إذا ذكر الرسول r لا يستعمل لغتين إلا في دلالة خاصة.

المقدم: إذن لا ترادف في القرآن أبداً. وبالتالي ليس لأيّ أحد أن يقول هذه بمعنى تلك.

د. فاضل: فقط من باب التقريب والتفسير لكن هذا أمر آخر

سؤال: في قوله تبارك وتعالى (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ (68) آل عمران) لماذا الذين اتبعوه وليس الذين آمنوا به؟

د. فاضل: قبل هذه الآية قال (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67)) اليهود قالوا يهودي والنصارى قالوا نصراني، بنا تعالى قال (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (65)) لو قال الذين آمنوا لادّعى كل أحد أنهم أولى به، فاليهود يقولون نحن مؤمنون والنصارى يقولون نحن مؤمنون لكن قال (لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) حتى إبراهيم عليه السلام قال (فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي (36) إبراهيم)

المقدم: سار على منهجه وعلى شرعته

د. فاضل: نعم. لو قال الذين آمنوا لقال اليهود نحن مؤمنون فنحن أولى به والنصارى يقولون نحن مؤمنون فنحن أولى به

المقدم: وكلهم أولى، سبحان الله، دقة عجيبة في اختيار اللفظة القرآنية (اتَّبَعُوهُ)

سؤال: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة) وفي سورة البقرة أيضاً (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (219)) فما الفرق بين الآيتين؟

د. فاضل: (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ) و (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ) يقال هذه الآية نزلت في عمرو بن الجموح وهو كان شيخاً كبيراً فسأل الرسول r قال بماذا نتصدق؟ وعلى من ننفق؟ فإذن هنالك سؤال على من؟ وبماذا؟ فكان الجواب الأول هو ذكر حقيقة الأمرين وأجاب عن الأمرين في الإجابة الأولى (قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) أجاب عن الشقين معاً. (قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ) أي من حلال إذن هذا الآن صار ينفق بالحلال، على من ينفق؟ على من ذكر (فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) إذن بماذا ننفق؟ بالحلال (مِّنْ خَيْرٍ)، على من؟ هو في الحقيقة هو أجاب عن الإثنين في آن واحد لكن بدأ بهؤلاء لأن المهم هذه الجهة التي ينفق فيها هذه هي المهمة. ثم ذكر هذا الحلال كيف تنفقه؟ قال (قُلِ الْعَفْوَ) أي نقيض الجهد.

المقدم: العفو في اللغة ماذا يعني؟ أليس الصفح؟

د. فاضل: الزيادة والصفح معنى آخر. (قُلِ الْعَفْوَ) أي ما يزيد عن حاجتك. لا تبقي محتاجاً ليس هذا هو السبيل أن تبقي أهلك محتاجين، لا، تعطي ما لا يُجهدك، العفو يعني الزيادة، ما كان عن ظهر غنى وفي الحديث “خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى” و “ابدأ بمن تعول” وطخير الصدقة ما أبقت غنى:

المقدم: نفهم العفو أنه الصفح والغفران

د. فاضل: لا، هو ما زاد عن الحاجة. في الإجابة الأولى أجاب أمرين ثم فصّل، كان الإجابة الأولى عن سؤال السائل ما أنفقتم من خير يعني الحلال، الطيبات من الحلال طيبات ما كسبتم ثم ذكر من هم أولى بالإنفاقل الوالدين والأقربين. ثم هذا الحلال فصله كيف تنفقه؟ هل تعطيه كله؟ لا، أعطِ العفو أي ما زاد عن حاجتك.

سؤال: في سورة الكهف ذكر قصة ذي القرنين فقال (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ (86)) وفي آية ثانية (حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90)) فما المقصود من البلوغ في الآيتين؟ بلوغه مغرب الشمس ومطلعها؟ وما الفرق في استخدام (في) في الغروب و(على) في الشروق في الآيتين وكلاهما حرف جر؟

د. فاضل: هو وقف على حافة البحر كما فيما يذكر عنه في تاريخه، وقف على حافة البحر وأنت عندما ترى الشمس تغرب في البحر تراها تسقط في البحر. في عين حمئة يعني طين أسود.

المقدم: أليست العين بمعنى بئر؟

د. فاضل: لا، عين يعني حافة بحر كبير.

المقدم: وحمئة؟

د. فاضل: ذات طين أسود، حمأ مسنون حتى حددوها كان المعاصر له ذكر المنطقة التي وصل لها، هيرودوتس كان معاصراً لذي القرنين والعجيب أنه ذكر الرحلات التي ذهب إليها كما ذكرها القرآن وهو معاصر له، هذا أمر عجيب والمفسرون لا يعلمون عن هذا شيئاً وقد يكون المتأخرون اطلعوا على الوثائق. هيرودوتس كان معاصراً له وأرّخ لذي القرنين

المقدم: على مغرب الشمس

د. فاضل: على قوم ليس عندهم خيام وليس عندهم بنيان

المقدم: (قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93))

د. فاضل: هؤلاء قوم آخرون، يعني لغتهم لا يفهمون لغة هؤلاء

المقدم: إذن ليسوا أغبياء

د. فاضل: اللغة تختلف، لا يفهمون كلامه فكيف يتفاهمون فيما بينهم. (لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا (90)) يعني ليس لهم بنيان، قال في صحراء بلخ ذكر المنطقة التي وصل إليها.

المقدم: مذكورة بمصطلحات قديمة الآن البلاد تغيرت فلا نعرف أين هي.

د. فاضل: ذكرها حتى قسم حددوا المنطقة التاريخية من أين خرج. الكتاب اسمه “شخصية ذي القرنين كما ذكرها القرآن الكريم”، هذا الكتاب الذي اطلعت عليه المؤلف هندي أبو الكلام آزاد وهو مشهور ونقل عن المؤرخ هيرودوتس

المقدم: يعني حدد المكان الذي وصل إليه ذي القرنين

د. فاضل: طبعاً.

المقدم: مغرب الشمس ليس نهاية الكرة الأرضية إذن؟ ملك الأرض من مطلع الشمس إلى مغربها

د. فاضل: لا، عندما تمشي وتصل إلى البحر غربت الشمس أين تذهب؟!

المقدم: وبالتالي حرف الجر هو مناسب للفعل الذي جاء به (تغرب في)، (تطلع على)

د. فاضل: طلعت علينا الشمس

المقدم: يقال هو أحد الملوك الذين حكموا الأرض.

د. فاضل: هو مشهور وتاريخه معروف، هو في الأصل ليس من سلسلة عائلة مالكة ولذا قال (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ (84)) يعني ربنا ملّكه

المقدم: هل هو نبي؟

د. فاضل: الظاهر ليس نبياً والله أعلم، إنما ملك.

المقدم: هل ذكر لماذا سمي ذو القرنين؟ هل لأنه عاش مائتي عام أو لأنه كان يلبس قرنين؟

د. فاضل: لا، هذه قرأتها منذ زمن في الخمسينات وعلى ما أذكر أنها كانت رؤية من بني إسرائيل أو من دانيال أنه رأى هذا النبي، رأى في المنام كبشاً له قرنان قرن إلى الأمام وقرن إلى الخلف ورأى أن هذا الكبش ينطح في ثلاث جهات فقال له ذو القرنين وكان يعطف على بني إسرائيل لأنهم مؤمنين وهو مؤمن قال لا أرى الكبش تأويلها إلا أنت. فجاءت تسمية ذي القرنين من الرؤية فقال لا أحسبك إلا أنت، لا أحسب الرؤيا إلا أنت

المقدم: وذهب إلى ثلاثة أماكن المطلع والمغرب والقوم

د. فاضل: قسم يقولون هو غورش فارسي ووجد له تمثال في جنوب إيران.

المقدم: إذن هو فارسي، في عهد من كان؟ هل كان قبل سيدنا موسى؟

د. فاضل: بعد سيدنا موسى

المقدم: أسال لأجل يأجوج ومأجوج، أليس هو الذي وضع السد؟ إذن هو يعرف مكانهم

د. فاضل: أيضاً حددهم، هذه المنطقة عند القفقاز.

المقدم: إذن هو ليس سور الصين العظيم؟

د. فاضل: لا، هو بين جبلين وقالوا لا يزال قسم من السد موجوداً.

المقدم: هل خرجوا إذن؟

د. فاضل: هم قوم من الأقوام، قوم من هذه المناطق تأتي ذريتهم

المقدم: إذن ليسوا محبوسين حتى الآن؟ نحن نتصور أنهم محبوسون

د. فاضل: لا، هم من الأقوام التي توالدت قرب الصين، أقوام هائلة قد تأتي فيما بعد لا تدري كم عدد سكانها، قد تكون في المناطق التي يكثر سكانها وتضيق بها البلاد والله أعلم.

المقدم: إذن المؤرخون يهتمون بهذه الأمور. لذا نوجه نداء لكل المؤرخين الذين يعملون بهذا الحقل إذا وصلت إلى أيديهم وثائق عن مكان يأجوج ومأجوج وتاريخ هيرودوتس الذي تحدث عنه الدكتور فاضل السامرائي أن يتصل بنا.

سؤال: (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) العلق) (كلا) هي كلمة زجر فلماذا هذا الزجر ولِمَن؟ وما هو الفعل في (رآه) وعلى من يعود الضمير الهاء؟ وما هو معنى الآيتين؟ هذا يطغى إذا رأى نفسه قد استغنى.

د. فاضل: (كلا) ليست مختصة بالزجر يمكن أن تكون بمعنى حقاً في اللغة مثل هذه الآية.

المقدم: يعني حقاً إن الإنسان ليطغى.

د. فاضل: قسم فسروها بمعنى حقاً وقسم قال بمعنى ألا وقسم قال لمن كفر من جنس الإنسان. فكلا ليست مختصة بالزجر، قد تكون حرف جواب مثل نعم وبلى وما إلى ذلك وتكون بمعنى حقاً (كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) المدثر) ويمكن أن تكون بمعنى ألا.

المقدم: (أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) من الفاعل؟

د. فاضل: هو، أن رأى نفسه، الإنسان، رآه أي رأى نفسه.

المقدم: الإنسان الذي استغنى يرى نفسه؟

د. فاضل: نعم، رأى نفسه. هذا تعبير سليم في اللغة. في (ظن) وأخواتها من خصوصيتها وتدخل معها رأى البصرية عموم أفعال القلوب (ظن) وأخواتها هذه لها خصيصة بغض النظر عن كونها تنصب مفعولين أو لا لها خصيصة في التعبير أنها يمكن أن يكون المفعول والفاعل شخص واحد ضمير، تقول مثلاً ظننتني، ظننت نفسي، أراني، يعني أرى نفسي (إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا (36) يوسف) ظلمت نفسين تقول رأيتك يعني رأيت نفسك هذه من خواص هذه الأفعال. رآه أي رأى نفسه رأى نفسه استغنى يطغى.

المقدم: ما معنى الاستغناء؟

د. فاضل: يرى نفسه غنياً لا يحتاج للآخرين، مستغني عنهم لا يحتاج لهم وهم قد يكونوا محتاحين إليه.

المقدم: إذن هو الإنسان الذي استغنى. الفاعل والمفعول به هو (الهاء)

د. فاضل: نعم هذا خاص بهذه الإعال تقول رأيتني، ظننتني، حسبتني لكن في غير هذه الأفعال لا تقول هذا.

المقدم: خاصة بأفعال القلوب. لم سميت أفعال القلوب؟

د. فاضل: هي في الغالب قلبية ليست مشاهدة مثل خال وظن وحسب ليست أمور ظاهرة فتسمى قلبية.

سؤال: في سورة البقرة (أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِلَـهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)) إسحق هو عمهم فكيف يكون من الآباء؟

د. فاضل: يعقوب هو الذي قال لبنيه فقال (إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ) إسماعيل هم عم يعقوب لكن في اللغة وحتى في الحديث يقال عمّ الرجل صنو أبيه. وأظن هنالك في الأثر “احفظوني في العباس فإنه بقية آبائي”. العمّ والد.

المقدم: المفروض أن الأب سيدنا إسحق

د. فاضل: إسحق بالنسبة ليعقوب

المقدم: وإبراهيم ابوه وسيدنا إسماعيل عمّه

د. فاضل: يقولون العمّ شبيه بالأب. يجوز هذا وعندنا آثار تقول هذا.

سؤال: في سورة فاطر (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ (2)) الله سبحانه وتعالى وصف الموصول الأول بالرحمة وأطلق الموصول الثاني فما دلالة اختلاف الضميرين في هذه الآية؟

د. فاضل: هل الكلام عن الرحمة؟ الأولى عن الرحمة عندما ذكر الرحمة قال (فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) وعندما قال (وَمَا يُمْسِكْ) ما قال الرحمة فقال (فَلَا مُرْسِلَ لَهُ). عندما بيّن وفسر ما يفتح بالرحمة قال (لها) أما الثانية فلم يفسر.

المقدم: (وَمَا يُمْسِكْ) إذن (له) تعود على (ما) الذي يمسك، لا تعود على الرحمة

د. فاضل: ثم من يقول أن ما يمسك هو الرحمة؟ هذه عامة.

المقدم: (وَمَا يُمْسِكْ) عامة

د. فاضل: ذكر (وَمَا يُمْسِكْ) من الغضب والرحمة وذكر الرحمة لأن رحمته سبقت غضبه

المقدم: ذكر الرحمة لأن الرحمة سبقت غضبه

د. فاضل: فذكر الرحمة لكن (وَمَا يُمْسِكْ) قد يمسك من الغضب. ما يمسك من العقوبة، هذا خير أيضاً وما يمسك من الرحمة أيضاً. جعل الإمساك مطلقاً، الرحمة ذكرها لأن رحمته سبقت غضبه فقال (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا) الرحمة وقال (وَمَا يُمْسِكْ) ماذا يمسك؟ قد يمسك الغضب وقد يمسك العقوبة وقد يمسك الرحمة

المقدم: عامة.

د. فاضل: لو قال ما يمسك من رحمة لقال فلا مرسل لها. قال ما يمسك رحمة بهم (وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ)، هذا تذكير أصلاً.

المقدم: إذن (فَلَا مُرْسِلَ لَهُ) على (ما) ما يمسكه الله سبحانه وتعالى وهذا خلاف الرحمة المصرّح به قبلاً.

د. فاضل: طبعاً، هذا أعمّ. ماذا يمسك ربنا سبحانه وتعالى؟ الله أعلم أما تلك ففسرها فقال (فَلَا مُمْسِكَ لَهَا).

سؤال: ما هو الفرق بين مشيئة الله وإرادة الله؟ وهل بين المشيئة والإرادة فرق جزئي أو فرق كلّي؟

د. فاضل: أكثر المتكلمين يرون أن المشيئة والإرادة سوءا لكن قسم منهم يقول أن المشيئة تقتضي الوجود ولذلك قال (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) الإرادة لا تقتضي الوجود ربنا قد يريد شيئاً من الناس لكن الناس لا يفعلوه، ربنا يريد الناس أن يعبدوه

المقدم: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ (185) البقرة)

د. فاضل: لكن الإنسان قد يريد لنفسه العسر

المقدم: صحيح. ربنا يريد الإنسان أن يعبده والإنسان لا يفعل

د. فاضل: ولذلك قالوا المشيئة تقتضي الوجود

المقدم: المشيئة أقوى، تقتضي الوجود لا بد أن تنفّذ.

د. فاضل: الإرادة ربنا يريد من عندنا أشياء نحن لا ننفذها. لو أراد أن ننفذها لنفذناها رغماً عنا لو شاء لهدانا لكن الإرادة لا تقتضي الوجود. قال (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) أنتم أحياناً تريدون العسر. فقالوا هذا الفرق بينهما قالوا (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) الإرادة لا تقتضي الوجود.

المقدم: لكن إستخدام المشيئة في الهداية في القرآن هل هي لله مطلقاً أم ربما تكون للإنسان؟

—فاصل—-

د. فاضل: هذا أمر يتعلق بالعقائد لكن هنالك أمر حقيقة ربنا سبحانه وتعالى قال (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَـذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) البقرة) الذي يفسق هو الذي يضل

المقدم: العبد يريد الفسق لنفسه وليس ربنا هو الذي يضله

د. فاضل: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) وقال (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الرعد) فإذن هو جعل للعبد حرية الاختيار، هذا أمر. لكن هي المشيئة لله يعني لو أراد ربنا شيئاً هذه من صفاته سبحانه وتعالى القدرة (ِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) هذه من صفاته.

المقدم: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (56) القصص) الذي يشاء هنا هو الله أم العبد؟

د. فاضل: هو نفس المسألة مثل (فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء (8) فاطر) هي نفسها. من يشاء قسم يقول هي للعبد بدليل قوله تعالى (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ) (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ). وقسم يقول هي لله من حيث القدرة إذا أراد أن يفعل يفعل (ما شاء الله كان) (فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) الأنعام) هذا أمر آخر. تلك من باب الصفات التي يذكرها ربنا سبحانه وتعالى قدرته التي لا تُحدّ ولا يحدها شيئ إذا أراد شيئاً يقول له كن فيكون، هذا أمر آخر. إذن هو أمر متعلق بشيئين بصفاته ما يشاء إذا أراد شيئاً وما يتعلق بالعبد، ذكر أمرين، ذكر الضلال قال (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ) وقال في الهداية (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ)

المقدم: وفي قوله (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ (30) الإنسان) هنا المشيئة البشرية معلّقة على المشيئة الإلهية

د. فاضل: لا شك، طبعاً.

المقدم: إذن هل للعاصي أن يقول الله شاء لي أن أكون هكذا؟

د. فاضل: سنعود لنفس المسألة، العاصي يقول له أنت فسقت من تلقاء نفسه فأضلك الله والذي أناب يقول له أنت أنبت فهداك الله.

المقدم: إذن المسألة مدار الكلام فيها على العبد نفسه هو الذي يختار لنفسه الهداية أم الضلال.

د. فاضل: ولله القدرة العامة إذا شاء، ذاك أمر آخر ذاك صفاته سبحانه وتعالى مشيئته لا تُحدّ

المقدم: لكن هو سبحانه وتعالى لا يُجبر أحداً على الفسق والعياذ بالله. يعني أبو جهل مثلاً ما يحتج ويقول الله شاء لي أن أكون هكذا؟

د. فاضل: هذا الموضوع يدخل فيه أمر آخر.

سؤال: في سورة الرحمن تكررت الآية (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) والمعروف أن القرآن نزل بلغة قريش فما معنى التكرار في الكلام؟ وما اللمسة البيانية فيها؟

د. فاضل: هذا طبعاً من باب التذكير بالنِعَم. آلآء جمع (إلى) مثل حرف الجر. (إلى) يعني نعمة. فهذا من باب التذكير بالنِعم والتقرير فيها فإذا ذكر نعمة وخاطب الثقلين بها يقول (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ﴿١٠﴾ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ ﴿١١﴾ وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ﴿١٢﴾ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿١٣﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ﴿١٤﴾ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ﴿١٥﴾ فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴿١٦﴾) هذا شأن المتكلمين إذا أرادوا أن يعددوا نعمة على شخص يكررونها. ذكرت مرة مثلاً شخص يذكّر نعمة إنسان على إنسان وإفضاله عليه تقول له لقد لقد تعهدك فلان وأنت يتيم أتنكر ذاك؟ ورباك وعلّمك أتنكر ذاك؟ وأدخلك المدارس وأنفق عليك أتنكر ذاك؟ وأدخلك الجامعة أتنكر ذاك؟ وبعثك للخارج على حسابه الخاص لتأخذ شهادة أتكر ذلك؟ فلماذا؟

المقدم: أقمت عليه الحجّة

د. فاضل: هذه طبيعة الإنسان إذا أراد أن يذكر إنساناً بشيء يكررها عليه حتى يقرره وينبهه عليه. لكن الذي لاحظه القدامى أن ربنا ذكر في الجنتين كل مرة ثماني مرات ابتداء من (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46)) (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) على عدد أبواب الجنة والجنة أبوابها ثمانية ولما ذكر النار ذكرها سبع مرات ابتداء من (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31)) على عدد أبواب النار (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ (44) الحجر) هذا من الملاحظ فيها. لكن هو هذا للتذكير بالنعم وتكرارها حتى يقيم عليهم الحجة. حتى في سورة المرسلات يكرر (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) يكررها من باب التهديد كلما ذكر أمراً يقتضي التهديد يقول (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ) (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ﴿١١﴾ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ﴿١٢﴾ لِيَوْمِ الْفَصْلِ ﴿١٣﴾ وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ ﴿١٤﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٥﴾ أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآَخِرِينَ ﴿١٧﴾ كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿١٨﴾ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴿١٩﴾). لكن هناك مناسبة طريفة (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) – (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) كأنما يربط هذه بتلك.

المقدم: (فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) الخطاب لمن؟

د. فاضل: للإنس والجنّ، الثقلان (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ (33))

المقدم: لا تؤخذ بعدد الناس والجن وهم كُثر

د. فاضل: الفريق كله.

المقدم: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9) الحجرات)

د. فاضل: هذه أفراد كلهم يقتتلون لكن الإصلاح بينهما بين الفريقين. وفي سورة الرحمن (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ (35)) هما فريقان.

سؤال: يقول تعالى في سورة البقرة (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)) وفي سورة الأعراف (وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160)) فما الفرق بين الانفجار والانبجاس؟ وما الحكمة في ورود كل منهما بمعنى؟

د. فاضل: الإنفجار هو الماء الغزير والإنبجاس هو الماء القليل.

المقدم: وهل انفجرت أو انبجست؟

د. فاضل: كلاهما. كما يقال أنه أول ما ضرب انفجرت بالماء الغزير ثم قلّ الماء بمعاصيهم، وهذا يحصل مثل البئر يكون ماء غزيراً ثم يقل، هذا واقع. العيون فيها ماء كثير ثم يقلّ. فهو ذكر أمران ذكر الانفجار في حالة وذكر الانبجاس في حالة.

المقدم: لكن ساعة ضرب موسى عليه السلام الحجر هل انفجرت أم انبجست؟

د. فاضل: انفجرت أولاً ثم انبجست

المقدم: القرآن استخدم الفاء (فانفجرت) (فانبجست) وكما نعلم الفاء للترتيب والتعقيب

د. فاضل: لو قرأنا الآية (فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ) هل ضرب الحجر أو لم يضرب؟

المقدم: ضرب.

د. فاضل: لكنه لم يقل في الآية فضرب يعني حذفها من الآية، هذه يسمونها فاء الفصيحة تحذف أشياء مفهومة وتذكر آخر شيء.

المقدم: المتبادر للذهن “فرفع موسى يده فضرب الحجر” هو حذف كل هذا.

د. فاضل: (فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيرًا (36) الفرقان) ذهبوا وبلّغوا وعصى أولئك. ذكر فقط الخاتمة، هذه تسمى الفاء الفصيحة. يذكر مسألة والمسائل الباقية لا يذكرها لأنها مفهومة. حصل أمران، حصل انفجار أولاً وقلّ بمعاصيهم ولذلك لاحظ لو أخذنا القصتين هي ليست فقط هذه المسالة نجد فيها أمور كثيرة. مع الانفجار قال (كُلُواْ وَاشْرَبُواْ) ولم يقل مع الانبجاس كلوا واشربوا، قالها مع الماء الكثير. في مقام المدح لبني إسرائيل قال (انفجرت) وفي مقام الذم قال (انبجست). مقام سورة الأعراف مقام ذمّ لبني إسرائيل وتبكيتهم في المعاصي، وفي البقرة في مقام المدح لبني إسرائيل (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)) الصيغة كلها مختلفة بين القصتين. لو أخذنا القصتين نلاحظ أن العبارات تختلف. مثلاً قال في البقرة (فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً (58)) لم يقل رغداً في الأعراف، الرغد فيه تكريم. قال في البقرة (نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ (58)) وقال في الأعراف (نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ (161))، خطيئاتكم قليلة خطاياكم كثيرة، كلها متناسبة. قال في الأعراف (سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) وقال في البقرة (وسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)، أمور كثيرة وليست فقط هذه العبارة لكن تضعها في مقامها في سياقها حتى قدّم السجود على قول (حطة) (وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ) في الأعراف باعد بينهما (وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا)، كل واحدة لها استخدام.

المقدم: إذا سأل سائل هل انفجرت أو انبجست؟

د. فاضل: كلاهما قطعاً.

المقدم: أول الأمر كان انفجاراً ثم صار انبجاساً.

د. فاضل: وهذه أمور مشاهدة. والفاء هي الفاء الفصيحة يحذف ويذكر ما يريد.

سؤال: (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ (20) الرحمن) ما معنى البرزخ هنا؟

د. فاضل: البرزخ يعني الحاجز يعني لا يبغي أحد على أحد بالممازجة، لا يمتزج، بينهما فاصل لا يبغي الماء المالح على الحلو وإنما كل واحد على حدة.

المقدم: يسمون حياة البرزخ

د. فاضل: برزخ لأنه فاصل بين الآخرة والدنيا، هذه حياة البرزخ فاصل.

سؤال: ما الفرق بين ألف سنة وخمسين ألف سنة (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (47) الحج) (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) المعارج)؟

د. فاضل: كل واحد من هذين اليومين يختلف. خمسين ألف سنة هو يوم القيامة تحديداً (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴿٤﴾ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴿٥﴾ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا ﴿٦﴾ وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴿٧﴾ يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ﴿٨﴾ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴿٩﴾ وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا ﴿١٠﴾) هذا يوم القيامة.

المقدم: هل هو يوم الحشر؟

د. فاضل: نعم. في الحديث نقف للحساب خمسين ألف سنة لكنه خفف على المؤمن فيكون كالصلاة المكتوبة. هذا يوم القيامة خمسين ألف سنة. ذاك ليس له علاقة بيوم القيامة وإنما أمر آخر (وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ)

المقدم: هل المقصود يوم عند ربنا الآن؟

د. فاضل: عنده، اليوم عنده ألف سنة.

المقدم: كأنه من بعثة محمد عليه الصلاة والسلام إلى الآن يوم ونصف عند ربنا! (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ (55) الروم) إذن ساعة بسيطة لن يعيشوا كثيراً.

د. فاضل: حتى في حياتنا اليوم نسبي. يوم المريخ ويوم المشتري يختلف عن يوم على الأرض.

المقدم: ويوم بعض البلاد مختلف وعدد ساعات الليل والنهار تختلف. لكن غير المتصور أن هذا اليوم بخمسين ألف سنة!

د. فاضل: هذا في الحديث وفي القرآن يتكلم عن هذا اليوم (يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ ﴿٨﴾ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ ﴿٩﴾)

المقدم: وإذن الاختلاف من ألف سنة إلى خمسين ألف سنة باختلاف الحالة. ألف سنة يوم طبيعي من أيامنا الآن والخمسين ألف سنة خاص بيوم القيامة؟

د. فاضل: خاص بيوم القيامة.

المقدم: إذن لا تعارض بينهما هذا يوم وهذا يوم آخر. هل سيكون هناك أيام في الجنة؟

د. فاضل: ليس هناك أيام، ليس فيها ليل ولا نهار.

المقدم: حيرتني الآية (ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (13) الأعلى) كيف لا يموت ولا يحيى وهو في النار؟ كيف سيعيش إذن؟

د. فاضل: هو في النار لا يحيا حياة يرتاح فيها. لا يموت فيستريح ولا يحيا. نقول بين الحياة والموت.

سؤال: من الذي نادى مريم عليها السلام من تحتها (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24) مريم) هل هو الوحي أو وليدها؟ وإذا كان الوليد عيسى هو الذي ناداها فيقولون هو الذي دلها أن تأكل من الرطب وقد أثبت العلم أن الرطب هو الذي سهل عملية الوضع فإذا كان هو الذي ناداها من تحتها فما علاقة الرطب بالوضع؟ وإذا كان الوحي فلماذا ناداها من تحتها؟

د. فاضل: قيل هو جبريل كان تحت الأكمه، كان أسفل منها.

المقدم: ما هي الأكمه؟

د. فاضل: مكان مرتفع. وقيل هو عيسى عليه السلام لما وضعته.

المقدم: هل لهذا علاقة بالتمر؟ (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) ما دلالة تحتك ومن تحتها؟ هل تميل إلى أنه سيدنا جبريل أو سيدنا عيسى؟

د. فاضل: أميل إلى أنه سيدنا عيسى.

المقدم: وهل هو الذي قال لها هزي إليك بجذع النخلة؟

د. فاضل: لماذا لا، هو كلّم قومه وقال لها (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) مريم) وأشارت إليه فقال (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) مريم) الذيت يتكلم هذا الكلام ألا يقول غيره؟

المقدم: يقول.

د. فاضل: ويقال أن التمر تحتاجه النفساء.

المقدم: وقوله تعالى (قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (18))؟

د. فاضل: هذه قبل، هذه عندما ذهبت تغتسل، هذه غير.

المقدم: إذن (من تحتها) يعني من تحت الأكمه وأنت تميل إلى أنه سيدنا عيسى.

د. فاضل: قسم ذهب إلى أنه سيدنا جبريل وقسم ذهب إلى أنه سيدنا عيسى. (قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا) قسم يقول السري هو النهر بدليل (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا (26))

المقدم: فكلي من التمر واشربي من النهر

د. فاضل: وقسم يقول السري هو الشخص السيّد، سراة القوم.

المقدم: لكن قد يكون معنى النهر أقوى

د. فاضل: نعم بدليل (فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا)

سؤال: في سياق ما تحدث عنه الدكتور فاضل قال تعالى (فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا (8) النمل) من هم الذين في النار؟ وهل المخاطب داخل النار؟

د. فاضل: اختلفوا فيه. قسم يقول من في النار موسى ومن حولها الملائكة. وقسم قالوا من في النار الملائكة ومن حولها موسى وقسم يقول هو نور رب العالمين. قسم يقول الملائكة في النار وموسى حولها وقسم يقول موسى ذهب.

المقدم: (من) تدل على الجمع أم المفرد؟

د. فاضل: هي عامة وليست خاصة.

سؤال: في سورة الكهف (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ (22) الكهف) نلاحظ أن قبل الثمانية جاءت واو ولم تأت في الأعداد التي قبلها فهل هذه واو الثمانية وقد ورجت في مواطن أخرى في القرآن الكريم؟ وهل يمكن توضيح هذه؟

د. فاضل: قالوا هذا القول الأخير هو الصواب والصحيح. لما ذكر قولين (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ) قال (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) القول الآخر (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) لم يقل (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) فيرجحون هذا. ثم هذه الواو في اللغة أحياناً تفيد الاهتمام والتحقيق. ولذلك يقولون وكذلك يقول الزمخشري الذين قالوا على أن هذا الأمر ثابت ومستقر وقولهم لم يأت هكذا اعتباطاً إنما أتى عن طمأنينة وعن ثبات علم. الواو في اللغة أحياناً تأتي للاهتمام والتحقيق. أحياناً تتكلم عن شخص فتقول فلان عالم، هو لا يعرفه فيقول عالم؟ تقول وشاعر، يقول وشاعر؟ تقول وفقيه. فيؤتى بالواو لتوكيد هذا الأمر والاهتمام وتحقيقه. وهذه من هذه الأشياء. وقالوا إذا تباعد ما بين الصفات يؤتى بالواو.

المقدم: التباعد بمعنى ماذا؟

د. فاضل: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) الحديد) الأول غير الآخر والظاهر غير الباطن فإذا تباعدت الصفات يؤتى بالواو يجمعها كلها. بينما قال (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) التوبة)

المقدم: كلها متقاربة مع بعضها. قال (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (35) الأحزاب)؟

د. فاضل: هؤلاء غيرهم. ولذلك لاحظ قالوا إلى أن قال (الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) ثم قال (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ) جاء بالواو لأن هذه أشد، النهي عن المنكر يعرّض الناس للخطر. أنت تنهي واحد عن خطأ قد يقتلك أو يسجنك. بينما التائبون العابدون ليس فيها شيء.

سؤال: (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) الكهف) (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)) اختلاف الفاء والواو؟ وما الاختلاف بين سربا وعجبا؟

د. فاضل: السرب هو النفق (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) يعني مثل اتخذ نفقاً يسير به مثل الطاق في الماء، هذا عجب. إذن اتخذ سرباً في النهار كيف يصير هذا؟! ذكر فقال (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) هذا أولاً، عجب! (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا)

المقدم: وكأنه يتعجب من هذا الطاق الذي في الماء.

د. فاضل: طبعاً. عجباً!

المقدم: إذن هو من حيث الأساس اتخذ السرب ثم يتعجب كيف اتخذ هذا السرب في البحر؟!.

د. فاضل: هو يتحدث ويتكلم، عجباً!.

بُثّت الحلقة بتاريخ 27/11/2009م


الحلقة 204

رابط الحلقة من قسم الفيديو:

http://www.islamiyyat.com/video.html?task=videodirectlink&id=2033

جودة عالية
http://ia341320.us.archive.org/2/items/lamasat261109/lamsat261109.AVI

جودة متوسطة
http://ia341320.us.archive.org/2/items/lamasat261109/lamsat261109.rmvb

mp4 جودة
http://ia341320.us.archive.org/2/items/lamasat261109/lamsat261109_512kb.mp4

رابط صوت
http://ia341320.us.archive.org/2/items/lamasat261109/lamsat261109.mp3

الحلقة كاملة لقسم الفيديو
http://blip.tv/file/2905233/


2009-11-28 06:09:10الدكتور فاضل السامرائي>برنامج لمسات بيانيةpost