قصص القرآن

قصص القرآن – الحلقة 23

اسلاميات

الحلقة 23

 

سؤال: مسألة خلق حواء، مم خُلِقت؟ وكيف ننفي الإسرائيليات التي دُسّت في التفسير لهذا الموضوع؟

موضوع خلق حواء من الأمور التي كشفت – لمن يريد أن يعرف – عيوب الإسرائيليات. عندما نستعرض كُنه الإسرائيليات وخطورتها وماذا فعلت والآثار الجانبية لهافلا نجد أكثر من منطقة خلق حواء. كيف؟ عندما نقرأ القرآن لا نجد ذكراً لحواء أبداً (الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) لم يستعرض خلق حواء كما أفرد لخلق آدم في سبع سور وكل سورة فيها إختلاف وقد قمت بعمل خريطة لهذا الأمر لنبيّن قيمة هذا الكتاب مع أنه لا يحتاج منا لذلك لأن عظمة القرآن واضحة. ليس في القرآن شيء عن حواء وأنا كمسلم المفروض أن أسلّم بهذا الكتاب وسبق أن نبّهنا الناس أنه يجب أن لا نقول: كان المفروض أن يكون كذا ولماذا لم يقل كذا ولماذا قال كذا؟ وهذه الألفاظ تُخرِج عن مناط الإسلام الصحيح. المسلم الحق يأخذ القرآن نبراساً ويأخذه مثالاً والقرآن هو الذي يبقى وليس أنا الذي أحدد ماذا يقول، هذا الكلام غير منضبط.

ماذا فعلت الإسرائيليات؟ إذا وجدوا أنك تشتكي من شيء معين فهم يأخذوك ويصطادوك ويتلقفون من يريد سماع قصة، حكاية لذا نحن لفتنا سابقاً أن كلمة (قصص القرآن) يجب أن تؤخذ على أنها كلمة واحدة. لكن الإسرائيليات يعملون من القصة حكاية والظروف خدمتهم في أن هنالك حديث للرسول r يقول فيه جملة – سأذكرها لاحقاً – لو كنت محققاً أو متدبراً أو واعياً يجب أن أعرف لماذا قال الرسول r هذا الحديث وما هو سببه وما هي مناسبته؟ هل كان يتكلم عن خلق آدم وحواء؟ أو كان يستعرض خلق آدم وحواء؟ يجب أن نعرف مناسبة الحديث وسببه ولماذا قاله r؟ في الوقت الذي يسألنا أحدهم: ما سبب نزول هذه الآية لأنه يتصور أن كل آية لها سبب نزول وإن كان للآية سبب فالعبرة تظل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لأن السبب انقضى. نضرب مثلاً على ذلك قصة المجادِلة خولة بنت ثعلبة التي جاءت تشتكي زوجها أوس بن الصامت لرسول الله r، الحادثة إنتهت لكن بقي التشريع، إنتهت الواقعة لكن الآية بقيت وبقي التشريع فحتى لو كان للقصة سبب عندما أتكلم في الظهار الآن فليس لي علاقة بالقصة نفسها والفقيه الواعي يقول: قبل الإسلام كان الظهار يحرّم تحريماً مؤبداً وبالإسلام وليس بخولة صار للظهار مخرجاً فالذي يبقى إذن عموم اللفظ لا خصوص السبب وهذه قاعدة.

مناسبة حديث رسول الله r أن الرسول r يشجع الرجال على حُسن معاملة النساء ويضرب لهم مثلاً بطبيعة المرأة لا بخلقها فيقول r: ” استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء” أول الحديث يقول استوصوا بالنساء خيراً، إذن الرسول r يعلم أن طبيعة المرأة تجعل الرجل قد يسيء معاملتها لأنه لا يفهم حقيقة الأمر: فالذي قد لا يعجبني في المرأة في الواقع هو طبيعة المرأة، هو الميزة، لو تدبرنا الأمر، فيقول لنا الرسول r إستوصوا بالنساء خيراً فإن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل مع أنهما من جنس واحد وهذه الطبيعة التي لا تعجبك في المرأة هي الميزة وهي قمة الإستقامة. الحديث ليس له علاقة بالخِلقة إنما النقطة التي تكلم فيها الحديث هي التي تكلمت فيها آيات سورة الطلاق، المضمون العام (عسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً) أنت كرهته لأسباب وليس فجأة لكن هذه الأسباب شاء الله لو أنت صبرت سيجعل الله تعالى فيه خيراً كثيراً. آيات الطلاق فيها توصيفات بديعة وفيها مضامين ليس لها علاقة بالطلاق ولكنها تبشر الصابر (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) ما علاقة هذه الآية بالطلاق؟ لكن إذا تدبرتها تجد أن الرجل المستعجل بالطلاق لو صبر يجعل الله تعالى له مخرجاً. إذن مضمون سورة الطلاق هو مضمون حديث الرسول r. إذا ذهب رجل ليطلق امرأته يقول له الحديث إنتبه أنت لم تفهم، إستوصي بالنساء خيراً المرأة خلِقت من ضلع. الإسرائيليات دخلت هنا وأخذت هذه الجملة فقط وقالت أن آدم كان نائماً ثم أُخِذ منه ضلع خلقت منه حواء، من أين جاءوا بهذا الكلام؟ كلمة ضلع أصلها بعيد عن ضلع العظم الذي في جنب الإنسان. العرب قبل القرآن كانوا يسمون المنحني من الأرض ضلعاً هذا قبل القرآن وقبل محمد r وقبل الحديث. ولما نفهم نحن هذا الأمر ما سُمّيَ هذا الجزء من الجسد ضلعاً إلا لأنه أعوج، كلمة ضلع هي الميزة التي في العظمو غاية إستقامة الأعوج أنه أعوج حتى يقوم بمهمته ولولا اعوجاجه لسقط القلب في الحشى وهذا تدبير إلهي. لذا قال تعالى (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) نفخ الروح هو آخر مرحلة في الخلق بعد تمام التسوية. سوّى واستوى لا تطلق إلا على الشيء المنضبط الناضج المكتمل في مهامه. الرسول r الأميّ لما نزل عليه الوحي قال له الملك: إقرأ، قال: ما أقرأ أو ما أنا بقارئ فقال الملك إقرأ باسم ربك الذي خلق فقرأ r. نقف عند هذا اللفظ ونعيه: الأمية هي التي عملت (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) فإن صح التعبير محمد r تدرّب على وحي السماء وتعلّم على وحي السماء فأصبحت مفردات كلماته عالية لغوية بليغة فقال : فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه. هذه تذكرنا بواقعة عيسى وآدم عليهما السلام (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) ثم تكلم عن آدم خلقه من تراب. لغة الرسول r مستقاة من الوحي وتأثير الوحي جعل الرسول r يتكلم بلغة القرآن.

القرآن كلام الله تعالى وقال سبحانه (خلِق الإنسان من عجل) فهل هناك مادة إسمها عجل خلق منها الإنسان؟ حتى لو لم أعرف المجاز والكناية والاستعارة، وفي آية أخرى (الله الذي خلقكم من ضعف) نحن لما سمعنا أنا خلقنا من تراب ذهب ذهننا إلى التراب الذي نعرفه لكن لما نسمع من ضعف فهل هناك مادة إسمها ضعف؟ أو عجل؟ هذه الكلمات كناية أو مجاز أو غيرها. لكن نفهم من (خلق الإنسان من عجل) أنها كناية عن أن الإنسان بطبيعته يحب العجلة فكأنه مخلوق من مادة يوصَف بها. وكذلك كلمة من ضعف وكذلك كلمة من ضلع. من ضعف تساوي في الأداء من عجل تساوي عند الرسول r من ضلع.

سؤال: لو ربطنا الآية (خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها) وحديث المصطفى r هل خلقت حواء في المراحل الأولى لخلق آدم أن بعدما خلق الله تعالى آدم وسواه ونفخ فيه من روحه بالهيئة التي وصفها لنا الرسول r؟

الشاهد في السؤال القرآن. الآية في مطلع سورة النساء الله تعالى خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها، سأسأل سؤالاً عن الآية في مطلع سورة النساء (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)) من نفس واحدة (آدم) النفس الواحدة خلق منها آدم بإتفاق العلماء وخُلِق منها حواء فهي لم تخلق من آدم وإنما من النفس. للأسف لا أحد ينتبه للتعبير الأدائي فنحن تصورنا أن الله تعالى خلق آدم من نفس ثم خلق حواء من آدم وهذا خطأ. في سورة الأعراف قال تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (11)) وكأني بالله تبارك وتعالى يقول للعالمين إفهموا أنه ساعة ما أراد خلق آدم كأنه خلقكم أنتم وساعة ما صوّر آدم كأنه صوّركم أنتم لأنكم أنتم قد تحتاجون لأدوات إذا أردتم أن تفعلوا شيئاً وتحتاجون لزمن لهذا الفعل أما الله تعالى بنصّ القرآن الكريم (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)، فساعة ما يقول أنا سأخلق آدم ليعمل ذرية تكون الذرية قد عملت وانتهى الأمر. الآية صحيحة إلى يوم القيامة (خلقناكم من عهد آدم وخلق منها أي من نفس النفس التي خلق منها آدم خلق زوجها. آدم ليس هو النفس وإنما هو جاء منها وكما خُلِق آدم خُلِقت حواء لأن الله تبارك وتعالى يقول توقيعاً لهذه النقطة (ومن كل شيء خلقنا زوجين) يعني كلمة شيء إذا كانت موجودة في أي وقت أو زمان أو أي شيء يجب أن يكون فيه زوجان ذكر وأنثى لأن الخلق مثنى. حواء خلقت فوراً مع خلق آدم بدليل (ومن كل شيء خلقنا زوجين).

سؤال: إذا قلنا أن هنالك شيء إسمه نفس خُلِق منها آدم كيف نربط بين هذه النفس المعنوية وبين مراحل خلق الإنسان (تراب، طين، حمأ، صلصال)؟

أنت قلت مراحل خلق الإنسان والإنسان هو ذكر وأنثى لذا ليس فيها خلاف.

سؤال: عندما صدر الأمر بالسجود قال تعالى (اسجدوا لآدم) ثم قال (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعول له ساجدين) ولم يرد ذكر لحواء مطلقاً إلا ساعة دخول الجنة (اسكن أنت وزوجك الجنة) فلماذا؟

لا داعي لذكرها في الخلق لأنها من نفس خلق آدم. ساعة سجدت الملائكة لآدم هل كان السجود له أم للجنس؟ السجود كان للجنس إذن حواء كانت موجودة. السجود لآدم لم يكن سجوداً له ولكن سجوداً للجنس البشري ولذا قال تعالى على لسان إبليس (لأحتنكن ذريته) فهو مصمم على الذرية. لما يأتي أحد ويقول إنه يريد أن يُسلم ويشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله فأنت تقول على هذا الرجل أنه أتي ليُسلم أو يُعلِن إسلامه أو يُشهر إسلامه وهذا ما يقوله العلماء والدعاة وهذا خطأ لأن هذا الرجل إنما جاء ليجدد إسلامه لأنه هو بالفطرة مسلم بدليل الآية (وإذ أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى).

سؤال: وجود البشرية في عالم الذر هل كانوا موجودين قبل خلق آدم أو بعد خلقه أو في علم الله؟

من الآية نستدل أن آدم موجود تقديراً لأنه (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون). ونحن نقول أن هناك ضوابط لفهم القرآن. لو سمعنا كلمة (ظهورهم) في الآية وسألنا أيهما أجمل: ظهورهم أو أصلابهم؟ قد يقال من أصلابهم لكن القرآن الكريم إستعمل كلمة ظهورهم لأنك لن تكون أبداً قبل أبيك فكلمة ظهر لها مدلول. صحيح كلمة أصلابهم منطقية جداً لكن لن تعطي مفهوم الظهر أو الخليفة أو السلالة. فالظهر يعني خلف، خليفة لذا لما قال (إني جاعل في الأرض خليفة) لم يكن يقصد آدم وإنما الذرية، خليفة يخلف بعضهم بعضاً ولذا الشيخ عبد الجليل عيسى ترك خلافات العلماء وقال أن خليفة تعني على رأس ذرية يخلف بعضها بعضاً. والعجيب أن أحدهم أرسل لنا وقال أن إبن كثير قال خليفة الله مع أنه لم يقلها أبداً. لما شرحها قال على رأس ذرية واستشهد بآية (جعلناكم خلائف الأرض). هناك آيات لم نفهمها وضربنا مثالاً على ذلك بالذي يقول أشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله نقول أنه أشهر إسلامه أو أعلن إسلامه ولكنه لا يعلن إسلامه لأنه في الحقيقة جاء ليجدد إيمانه لأنه مولود على الفطرة. الرجل الذي لم يفعل هذا نقول عنه كفر، بماذا كفر؟ كفر بالذي قاله قبلاً (ألست بربكم قالوا بلى) فلما أشرك أو نافق أو كفر نوصّفه على الذي مضى. وفي الحديث الشريف: “كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجسانه” لم يقل في الحديث يسلمانه لأنه هو مولود مسلم، فلما نصّروه أخرجوه من إسلامه ولما مجسوه أخرجوه من إسلامه ولما هوّدوه أخرجوه من إسلامه ولذا هناك مسألة متوقعة لا تحصل وهي: المفروض أن يقول آدم لآولاده جددوا العهد ويجب أن يفعل الجميع ذلك (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) البقرة) مسلمون على ما ولدتم عليه ولهذا يوقع الرسول r (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة) أي الإسلام.

الفطرة في الإسلام (أشهد أن لا إله إلا الله) ثم في أي عصر يأتي الشخص يأتي الشطر الثاني للشهادة، نوح رسول الله، إبراهيم رسول الله، موسى رسول الله، عيسى رسول الله، محمد r رسول الله. ولهذا نجد في نهاية حديث رسول الله r “وإن تركاه ظلّ على الفطرة) والفطرة هي الأساس الإسلام ولذلك (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) لأنهم عملوا شيئاً بأيديهم (يمجسوا، يهودوا، ينصروا) غيّروا الفطرة.

سؤال: ساعة خلق آدم خلق على الفطرة، حواء خلقت ورأت هذا المشهد وسمعت حوار إبليس؟

حواء كانت موجودة ولا نقول أن هناك آية تقول هذا الكلام لكن الدليل في القرينة (قلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) والدليل من القرينة (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) ومن قوله (ومن كل شيء خلقنا زوجين). حواء خُلِقت بنفس الكيفية التي خلق منها آدم. آدم يمثل الجنس البشري فعندما يقول تعالى (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) آدم يمثل الجنس البشري. آدم شيء والله تعالى يقول (ومن كل شيء خلقنا زوجين).

آية تبين موضوع (من نفس) عندما قال تبارك وتعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم) فهل تعني أنه أخذ قطعة منهم خلق منها محمداً r؟ كلا وإنما هو توقيع مجازي يدل على أنه من طبيعتهم، من جنسهم، من أنفسهم، من نفس الخلقة، بشر مثلكم لأنكم لستم ملائكة ولو كنتم ملائكة لأنزل عليكم ملكاً رسولاً. كلمة رسالة تعني مرسِل وهو الله تبارك وتعالى ومرسَل وهو محمد r ومرسَل إليه وهم البشر.

سؤال: الله تعالى أطلق على آدم إسم آدم فمن أين جئنا بإسم حواء؟

من رسول الله r وهذه نقطة مهمة للقرآنيين الذي يقولون القرآن فقط. نحن دائماً نتكلم من القرآن والسُنّة. هذا يبين عظمة ما جاء به رسول الله r حديثاً لا قرآناً. كلام الرسول r إما وحي (قرآن) أو حديث. يقول r قرآناً وحياً عن الله تبارك وتعالى ويقول حديثاً قدسياً عن الله تعالى بأسلوبه ويقول كلاماً هو بإفعل ولا تفعل كرسول وهذا حديث ويتكلم كلام البشر في حياتهم اليومية مثل ماذا عندكم من طعام وما شابه. فالقرآن الكريم اللفظ والمعنى من لدن الله تبارك وتعالى والحديث القدسي المعنى من عند الله تعالى واللفظ من عند الروسل r والحديث اللفظ والمعنى من عند رسول الله r. هذه مصادرنا ولا نقول نأخذ من القرآن فقط. نقول لهؤلاء القرآنيين ماذا كان إسم زوج آدم من القرآن؟ يقولون القرآن صمت عنها فلا نتكلم فيها. أنا كمسلم تديني قائم على القرآن والسُنّة الصحيحة فما عند رسول الله r آخذه وآخذ منه الصحيح والرسول r قال في الحديث الصحيح ” لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها”. 3152 صحيح البخاري.

آدم جاء في القرآن والسُنّة وحواء جاءت في السُنّة. القول الفصل في خلق حواء أنها خلقت من نفس ما خلق منه آدم، من طبيعة ما خلق منه آدم.

بالمناسبة هناك شخص أرسل إلينا يقول أنكم أخطأتم في مراحل الخلق: تراب، ماء، طين، حمأ مسنون، صلصال، صلصال كالفخار قال إنها خطأ وإنما كان يجب أن نقول صلصال فقط. لكن نقول لهذا الأخ أن الصلصال من حمأ مسنون هو مرحلة غير مرحلة الصلصال كالفخار وهذا نراه عملياً عند من يقوم بعمل التماثيل فهو يترك الصلصال من حمأ مسنون حتى يجف في الهواء فيصبح كالفخار وذكرنا سابقاً أننا عرفنا مراحل الخلق من مراحل الموت لأن سهم الحياة هو عكس سهم الموت فساعة خروج الروح من الإنسان يتيبس فنكفنه وندفنه في الأرض فيتحلل إلى تراب.. ساعة ما قال عن آدم (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي) يقصد آدم بوصفه ممثلاً للجنس البشري ومعه حواء ولذا في سورة الأعراف (ولقد خلقناكم ثم صورناكم) على رأسكم آدم تسجد له الملائكة.

إذن حواء خلقت إما مع آدم جنباً إلى جنب أو بعد إتمام خلق آدم وعلى أي حال فهي خلقت بنفس الكيفية ولا داعي لتكرار طريقة خلقها في القرآن. الإنسان لما خُلٌِ خلق والكون مستعد له وجاهز لاستقبال الجنس البشري (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (29)) ثم جاء قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) وفي الأعراف قال (وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (10) وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ).

سؤال: الشغل الشاغل للمشاهدين كيفية الإستفادة الحقيقية من القصص القرآني؟ ومسألة الإسرائيليات في قصص القرآن كما وردت في كتب التفسير والسيَر التي وصلت إلينا يقولون طالما أنها لا تمس أمراً من أمور العقيدة فلا بأس بها فلماذا تصرون على نزعها؟

هي أول ما تمس العقيدة وشغل الإسرائيليات كله في العقيدة يضربها ضرباً في الصميم. هي جاءت ليس في القصص القرآني فقط وإنما في التفاسير كلها. القرآن يعلمنا أن نأخذ من الله تبارك وتعالى أما ما دون الله تعالى لا نقترب منه لا بالحسنى ولا بالسيئة ولذلك في مطلع سورة الأعراف كأني بالله تبارك وتعالى ينقذني أنا وكل من يدافع عن هذه القضية. (المص (1) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)) الحروف المقطعة هذه مسألة فيها كلام كثير. الآية تخاطب الرسول r (فلا يكن في صدرك حرج منه) يجب أن ننتبه للتوقيع الذي بعده (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) من دونه أي من دون الله. لو تأملنا الآيتين: القرآن يقول ألمص كتاب أنزل إليك يقصد القرآن وكلمة أُنزِل تعطي معنى العلو والنزول من علو إلى سِفل وكلمة دونه تدل على الأسفل وعلى الجونية. فالذي ينزل هو الذي يؤخذ والذي من دونه لا يؤخذ كأن الله تبارك وتعالى يحذرنا من الإسرائيليات أولاً.

مفاسد بعض المتكلفين في التفسير هناك خطورة من الإسرائيليات وهناك خطورة ممن يريد تشويه التفسير ولهؤلاء نقول تدبروا ولا تتكلفوا. بعض هؤلاء قال لي هذه الآية هل يمكن أن يكون في صدر الرسول حرج من هذا القرآن؟ وقال أن النهي في الآية هم للحرج أن لا يدخل صدر الرسول وهذا تكلّف وهذا كلام نسمعه للأسف فهو قالوا أن النهي ليس للرسول r وإنما للحرج أن لا يدخل صدر رسول الله r. نقول لهم لو سلّمنا أن النهي للحرج فهل الحرج شيء مادي يؤمر ويُنهى؟ كلا. إذن الكلام غير منطقي ولو كان الحرد مادياً لكان الأمر يكون للحرج بعيداً عنا لأن الحرج غير مكلّف بالقرآن بينما نحن والجن مكلفون. الحرد غير مكلف ولو كان الأمر حقيقياً لكان الأمر خاصاً بالحرج. العلماء قالوا : فلا يكن في صدرك يا محمد ببشريتك العادية حرج كما حدث للأنبياء والمرسلين فما من نبي إلا وقيل عنه ساحر أو مجنون أو شاعر أو كذاب فهيئ نفسك لهذا لأن مهمتك في القرآن ستنذر به زهو ذكرى للمؤمنين. فالله تبارك وتعالى يعمل له صيانة إحتمال مما سيسمعه وهم فعلاً قالوا عنه ساحر وشاعر ومجنون فهذا إبداع القرآن (كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) ليؤكد أنه فعلاً الرسول استوعب الأمر ونفّذه. ولذا قال تعالى (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) هذه تبين أن الأولى حصلت وأن الرسول r أوصل الرسالة بدليل كلمة (إتبعوا) وهذا توقيع لما أمر الله تعالى به في الآية السابقة (إتبعوا) جاءت من فم رسول الله r ومن الآية. وكان r ينقل الوحي كما أُنزل إليه بدليل (قل) في آيات القرآن مع أن فعل الأمر لما تقول لرسول من عندك قل لفلان كذا سيقول له كذا بدون قل لكن في القرآن الكريم سطّر (قل) لأنه كتاب أنزل إلى الرسول r فهو ينقله كما أنزل إليه بما في ذلك فعل الأمر (قل) للرسول r ولكن هذا وحي لا يمكن أن أحذف أو أضيف لذلك (إتبعوا ما أنزل إليكم) ولم يقل آيات وإنما قال أولياء لأن التدخل من غير المسلمين المؤمنين سيكون لتشويه القرآن حتى يشوه عقيدتك كمسلم فيعمل فيها مسائل وفِرَق فيقولون فلان على رأس فريق كذا وعلى رأس مذهب كذا ولذا قال تعالى (من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون) وهذه حقيقة مثل (قليلاً ما تشكرون).

سؤال: مسألة خلق حواء من ضلع أو نفس قد يقول قائل ما المانع أن تكون خلقت من ضلع آدم وما المشكلة في هذا؟

حواء خلقت مما خُلٌِ منه آدم. ولو سلّمنا أنها من ضلع آدم، من ضعف، من عجل عليهم أن يفهموا أساليب العربية لذا قال تعالى (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) اللغة العربية شأنها كبير جداً ولغة القرآن الكريم أكبر. اللغة العربية تختلف عن باقي اللغات فالقواعد في اللغات الأخرى يمكن أن يدرسها الإنسان في شهر أو سنة أو أكثر لكن اللغة العربية فليس لدراستها مدة محددة فقد نموت ولا ننتهي من دراسة اللغة العربية وقواعدها كلها. واللغة العربية مسألة ولغة القرآن مسألة أخرى.

بُثّت الحلقة بتاريخ 17/7/2006م