قصص القرآن

من بدائع القصص النبوي – 5

اسلاميات

معجزة نبوية مباركة

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمرّ أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلى ليشبعنى ، فمرّ ولم يفعل . ثم مرّ بي عمر ، فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمرّ ولم يفعل ، ثم مرّ النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في و جهي ) .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هر ]لقب الصحابي أبو هريرة[ 

أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلحق .

(يمضي الرسول إلى بيته فيتبعه أبو هريرة) ، يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم فيستأذن له فيجد لبناً في قدح .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أين هذا اللبن ؟ ,

أهل البيت : أهداه لك فلان ، أو فلانة .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هرّ .

أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلحق إلى أهل الصفة فأدعهم لي ، وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد ، وكان إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم . (يستاء أبو هريرة من ذلك) .

أبو هريرة ( يخاطب نفسه) : وما هذا اللبن في أهل الصفة ؟ كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ، فإذا جاء ، وأمرني (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فكنت أنا أعطيهم . وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد .

(يدعوهم أبو هريرة فيقبلون ويستأذنون فأذن لهم ويأخذون مجالسهم من البيت) .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هرّ .

أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ فأعطهم .

(يأخذ القدح أبو هريرة ، فيعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ، حتى ينتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم ، فيأخذ الرسول القدح فيضعه على يده وهو ينظر إلى أبي هريرة ويبتسم .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هرّ .

أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : بقيت أنا وأنت .

أبو هريرة : صدقت يا رسول الله .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقعد فاشرب .

ويقعد أبو هريرة ويشرب .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشرب .

يشرب ثانياً أبو هريرة والرسول لا يزال يقول اشرب اشرب .

أبو هريرة : لا والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً .

رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرني .

يناوله أبو هريرة القدح ، فيحمد الله ويسمي ويشرب الفضلة .

 

من فوائد القصة :

قال الله تعالى : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}

1-      الصحابة الذين تعودوا الجوع ، ولم يذوقوا حلاوة الرفاهية ، مكتفين بحلاوة الإيمان ، هم الذين فتحوا القلوب بالقرآن والأخلاق قبل أن يفتحوا البلاد بالسنان .

2-      صدق فراسة النبي ، وذكاؤه فيما يراه في وجود أصحابه ، وتعهده أياهم : ( فتبسم حين رآني ، وعرف ما بي) .

3-      تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم للفقراء ، ودعوتهم إلى بيته ، دليل على اهتمامه بهم .

4-      الرسول المربي الحكيم يربي أبا هريرة على الكـرم والإيثار وينتزع من نفسه حب الذات . ( إلحق بأهل الصفة فأدعهم لي) .

ويعلمه أن يبدأ بغيره قبل نفسه : ( خذ فاعطهم) .

5-      ملاطفة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ساءه كثرة الشاربين مع قلة اللبن تتجلى في مناداته مراراً : ( أبا هر ـ أبا هر) .

6-      الرسول صلى الله عليه وسلم كما علم الإيثار لأبي هريرة على غيره يحققه بذاته ، بل يقدم أبا هريرة على نفسه قائلاً : ( اشرب اشرب) . وما زال أبو هريرة يشرب ، حتى امتلأ لبناً ، بعد أن امتلأ قناعة وإيثاراً ، والطبيب الناجح يكرر الدواء لمريضه حتى يحصل له الشفاء بإذن الله .

7-      من السنة أن يشرب المسلم قاعداً كما علم الرسول صلى الله عليه وسلم أبا هريرة (اقعد فاشرب) .

8-      ومن السنة التسمية عند الشرب والحمد لله على نعم الله ، وصاحب البيت آخر القوم شراباً .

من بدائع القصص النبوي للأستاذ محمد بن جميل زينو