قصص القرآن

خطر الإسرائيليات

اسلاميات

أخطار الإسرائيليات

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ـ عليه وآله الصلاة والسلام ـ.

إخواننا المشاهدين، أخواتنا المشاهدات: حياكم الله. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد.

فلعل هذه تكون المقدمة الرابعة والأخيرة في مقدمتنا لحديثنا عن التأملات في أحسن القصص، سائلينه تعالى المدد والعون والتأييد والتيسير وشرح الصدر، وتيسير الأمر وتسهيل كل صعب وتجلية كل حزن. نسأل الله تعالى أن يُذهب عنا جميعًا الحزن وعن أمتنا آمين، وأن يفقهنا في الدين وأن يرزقنا التدبر في قصص الكتاب المبين.

ونحاول معا أن نتأمل التأمل الذي يليق بعظمة هذا القصص ونميط عنه الأذى الذي لحق بالعقل المسلم في التعامل مع قصص الكتاب، ولا نقول بالذي لحق بالقصة، فما يلحق بكتاب الله ضيم ولا ضير ولا أذى ـ معاذ الله ـ، ولا يزاد فيه ولا يُنقص منه. إذًا فأين يحدث الخراب؟ الخراب يحدث في العقل نجانا الله وإياك من خراب العقل وخراب النفس والروح والبدن.

المقدمة الرابعة: طرقنا موضوع التناسق الذي يحتاج لكلام عظيم، وأجدني منجذبًا إليه، ولكني سأقلع نفسي قلعًا من موضوع التناسق لعلني أعود إليه في الحديث عن القصص القرآني.

المقدمة الرابعة: الإسرائيليات وخطرها. تعجب أنه إذا قلت لك أنه من أجمل من تكلم عن

الإسرائيليات ” ابن خلدون” فقدم ومهد لموضوع الإسرائيليات بأنه أمة العرب أمة أمية، وهذه الأمة

الأمية لم يكن عندها معلومات، فكانت إذا أرادت أن تفهم شيء أو تسأل عن شيء تلجأ إلى بني إسرائيل. وهذا الكلام كله انتهى بعد ما أكرمنا الله تعالى وبمحمد أصبحنا نحن اليد العليا، وصارت الريادة العلمية والثقافية والفكرية لدينا نحن بفضل هذا الدين العظيم. لكن للأسف بعد أن تتم نزول الكتاب بدأنا نحِنُّ للأسف للماضي المتخلف الذي كنا فيه، ورجعنا نسأل بني إسرائيل، وفي عهد تبع التابعين وبدأت الإسرائيليات تنتشر وتتسع شيئًا فشيئًا، وبدأت البدائيات ولكن اتسع الخرق على الراقع فيما بعد.

في هذه المقدمة الرابعة سأتكلم أيضًا عن عشرية أخطار الإسرائيليات، ليس على القصة ولكن أفصل هذه الأخطار. فأقول:

(1) الخطر على العقيدة في الله. وأعني التوحيد بطبيعة الحال. ستقول لي ـ وكلامك صحيح ـ نحن المسلمين موضوع التوحيد ليس فيه عندنا تساهل، صحيح لكن القوم مجسدون ومجسمون. هؤلاء الإسرائيليون يجسمون الإله، تعالى الله عما يصفون وعما يتخيلون ويتصورون ويتوهمون. طيب إحنا ما أخدنا عنهم التجسيم، ولكن صدقني قد تسرب إلينا طراطيش ورزاز من أقوالهم سُربت لبعض الكتب فما أحرانا أن ننقي عن ديننا ونبعد هذا الخطر على العقيدة في الله ـ عز وجل ـ لأنه إن فسد الاعتقاد في الله خسرنا كل شيء، نسأل الله السلامة والعافية. إذًا هذا الخطر الأول دون أن أدخل في تفصيلات، لعلها تأتي ـ بإذن الله تعالى ـ التفصيلات، فهنا روايات لا أحب أن أدخل في دهاليز الإشكالات، لكن ذو الفطنة يدرك مراميَّ وما أريد أن أصل إليه.

(2) الخطر على عقيدة النبوات، أو العقيدة في النبوات ـ عليهم أزكى الصلوات ـ وفي الحقيقة هنا مكمن خطير جدًا لأنه القوم نسبوا للأنبياء ـ وحاشاهم ـ الانتهازية، الكذب، الفظاظة، الغش، التدليس ـ وحاشا لمقامهم العظيم ـ وهل نقلنا نحن هذا الكلام؟ يا سيدي تسرب إلى عقولنا ما جعلها تخرب. يعني الآن افتح أي كتاب للأسف ممن يأخذون عن الإسرائيليات، ماذا أنت واجد في قصة التسعة وتسعين نعجة؟ ستجد أنهم يدعون أن داوود ـ عليه الصلاة والسلام ـ صعد إلى سطح الدار فرأى امرأة الجار فوقعت في نفسه. كلام لا يليق بمسلم عادي فكيف بنبي بكاء الخاشع الذي يسبح الكون بتسبيحه. أين العقول يا مسلمون إذ تروى مثل هذه الروايات في قصة سليمان؟! خلع خاتمه ليدخل الحمام فجاء الشيطان ولبس الخاتم وصار يحكم الممكلة وصار يدير الأمور! شيء عجيب، أهذا نرويه؟! نعم، بله أنه تسرب إلى ثقافتنا الشعبية. يعني الزوجة تقول لك أريد مثلا لحمة، وفراخ، وكذا وكذا. فتقول لها هو أنا عندي خاتم سليمان، يعني صار جزء من تعبيراتنا الشعبية، تسرب إلى ثقافتنا الشعبية ولغتنا، خاتم سليمان مع أنه هذا كله أسطورة وكلام باطل لا أساس له من الصحة. إذًا عقيدتنا في الأنبياء تصبح في خطر إن أخذنا من هذه الإسرائيليات.

(3) الخطر الثالث الخطر المنهجي. بمعنى أننا نفقد المنهج الذي أرادنا الله تعالى أن نتعامل به ووفقه من منطلقه مع القصة القرآنية، نخسره، نفقده ويضيع منا إن مشينا في دروب ودهاليز الإسرائيليات وأنفاقها المظلمة المعتمة العفنة. على كل نفقد المنهج، وهذا كلام خطر شديد أنه يوشك أن نفقد طبيعة وروح القصة القرآنية إن ظللنا نأخذ عن هؤلاء الضالين. أسلفت مرارًا وأعيد تكرارًا الحقيقة والمنهج عندنا حزمة واحدة ما ينفكون عن بعض. شيء واحد، نسيج واحد، لا تؤخذ الحقيقة بمعزل عن منهج عرض الحقيقة، ولذلك التوحيد لما حولناه إلى علم كلام وألبسناه ثوب الفلسفة عكرنا صفاء الاعتقاد، عكرناه وعقدتنا العقيدة. مع أن العقيدة بالنسبة لنا بفضل الله سمحة سلسة سهلة ما فيها تعقيد، ولكن بعلم الكلام واجب الوجود والعلة الأولى.. لا يا سيدي الله يكرمك، العلة الأولى لا نقول عن رب الوجود سبحانه العلة الأولى، نسميه بما سمى به نفسه وسماه رسوله الله

سبحانه، ولا أقول السبب الأول، العلة الأولى، واجب الوجود، كل هذه المصطلحات تسربت إلينا

من فلسفة اليونان فاختلط النبع وتلوث المنهج، الخطر المنهجي. رقم ثلاثة.

(4) الخطر الأخلاقي: الأخلاق من أعمدة هذا الدين، إن هدمت فغاية الدين كلها راحت وتبخرت. إنما الأمم فعلا الأخلاق، بحق ما قال شوقي. فالأخلاق تصبح في مهب الريح إذا تسربت إلينا أخلاق هؤلاء المجرمين، وهذا ما كنت أقوله الطاقة التي يأتي منها الريح سده واسترح، سد الذرائع واحدة من قواعد الفقه العظيمة، سد الذرائع، هل الإسرائيليات خربت في عقولنا وفي أفهامنا أم لا؟ فهل المسألة تحتاج إلى تنظير ووضع قواعد نظرية؟ طيب أنا عندي وقائع عملية، تنظيرات النظرية ليه؟ فعلى كل حال هم يقولون في الأنبياء قولا عظيما، مثلا كيف أن لوط وإبراهيم ـ عليهم السلام ـ يتنازعون على المرعى والغنم، و بعدين قال له إحنا مش ها نتفق مع بعض إحنا ننفصل وكل واحد يمشي في حاله، فاختار فلان اتجاه وفلان اتجاه آخر.. فهل يمكن أن يكون الأنبياء بمثل هذه الأخلاق؟ حاشاهم… خطر شديد على الأخلاق إن أخذنا من هؤلاء، مثل ما قلت التزوير والغش والكذب. يقولون كيف أخذ أحد أبناء إسحاق البركة من والده بالتزوير والغش كل هذا من الخطر الأخلاقي الذي أشرت إليه إشارة عابرة.

(5) الخطر الحضاري. إخواننا الكرام والأخوات الكريمات ما أشبه الموقف الحضاري بموضوع الطقس. يعني الدنيا زوابع وريح وغبار أو صقيع، ريح فيها صر، فهل نفتح الشبابيك كلها على مصارعها، إن كان في الصيف يدخل الهاموش والناموس والحشرات وغيره، وإن كان في البرد يدخل البرد ويجمد الأطراف. فهذا السلوك الحضاري خطأ، أسبانيا لما إحنا حررنا الأندلس وفتحنا الأندلس قفلوا النوافذ، وحرموا على أنفسهم تعلم العربية، وأن يتأثروا بديننا، انكفأوا على أنفسهم، وحافظوا على ذواتهم، مع أنهم حافظوا على خطأ. فعلى كل حال هذا الموقف آلية الدفاع كان يقتضي أن هؤلاء الناس بموقفنا الحضاري والمحافظة على النقاء الحضاري أن نقفل النوافذ أن يعبر إليها أو منها إلينا تعبر مثل هذه الخزعبلات أو الترهات. إذًا هناك خطأ حضاري، والأمم الآن يبشرون أنه فيه صراع حضاري، نقول حوار حضارات، يردون بصراع حضارات، لماذا؟ طيب نتحاور مثل العقلاء، وأنتم قلتم أن كل المشاكل في العالم تنحل على الطاولات، ليه يا حضارات نقع في الاعتراكات وما نمشي بمنهج التعارف، ليتعارفوا بدلا من ليتعاركوا. أمانينا شيء وواقعهم العملي شيء آخر، والدنيا مش ماشية بالأماني، وإنما هذا هو الواقع العملي هناك، خطر على الحضارة.

(6) الخطر على الثقافة، ومبنى الثقافة أيها الكرام على التميز. يعني اليابانيون محافظون على ثقافتهم، صح أم خطأ ليس موضوعنا، محافظون على نمط معيشتهم، يحاول الأمريكان أن يصلوا إليهم من كل الطرق وهم محافظون على خصوصياتهم، الثقافة خصوصية، كيف نستغني نحن عن خصوصية هي الحق، هي الربانية، لنلجأ إلى قوم هم الباطل وهم العدوانية وهم الشر… كيف؟ إذًا هناك خطر على الثقافة إن ظللنا أن نأخذ عن شعب الأضاليل والأباطيل عن بني إسرائيل، إذا ظللنا نمشي وراء القال والقيل وتركنا أقوم سبيل، الأمور تكون في خطر وبيل.

(7) الخطر النفسي والمعنوي: يا أمة جعلها الله رأس الأمم، أليس من العار أن يصبح الرأس ذيلا؟ نفسيًا ألم يقل الله ـ سبحانه وتعالى ـ اليد العليا خير من اليد السفلى نفسيًا. لما يعني واحد غني عنده مليون دينار دولار أي حاجة، فَارِد منديله على باب الجامع ويقول لله يا محسنين. بالله عليكم كيف شكله يكون، والناس تعلم أن هذا غني، ما منظره أمام الناس، ما حكم الناس عليه؟ تقول ما لنا بهذا المثل العجيب؟ نحن هذا الغني والذي فارد منديله ليس على باب جامع، وإنما فارد منديله على باب مخور من المضللين، وخفافيش الليل ويقول لهم أعطوني من الحق الذي عندكم، خطر نفسي هو الخطر السابع الذي ألمحت إليه.

(8) الخطر الثامن: الخطر على العقل ومنهج التفكير، العقل هو الوعاء تضع فيه المعلومات، إذا المعلومات تلوثت يتلوث منهج التفكير ويختلط ويختلف عما كان عليه هذا الحق المبين. الذي ربانا على منهجية معينة في التفكير أسميها المنهجية العلمية، المنهجية السُّننية، المنهجية الموضوعية، عقلنة العقل، العقل يفكر، لكن خرجنا من العقل الموضوعي والسُنني والكوني والعلمي الذي يرى الظاهرات ويفسرها ويستنبطها، ويرى الأعماق وأغوارها، خرجنا من هذا العقل إلى العقل الخزعبلاتي، والعقل الخرافاتي، والعقل الأساطيري، والعقل الخوارقي، طيب ليه يا إخواننا؟ كله دمرته فينا الإسرائيليات. إذًا الخطر على العقل ومنهج التفكير. في قصة سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ لما قال: (قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ(39) قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) (النمل:40) طيب كيف نفسر الذي أتى بالعرش؟ أهو من الجن أم هو من الإنس؟ العقل الخارجي للمسلمين يقول إنما هو رجل من الإنس. أنا أقول بمنتهى البساطة أنه مخالف للناموس والسنن، ليه ما نفسر هذا كله في عالم الجن الذي عنده مثل هذه القدرات. قال عفريت من الجن جني كافر، قال الذي عنده علم من الكتاب جني مسلم، ونخلص لأنه ليس من السنن الجارية ولا من السنن المألوف أنه إنسي يصل إلى سبأ ثم يعود إلى سليمان حيث كان أيا كان في مثل لمح البصر. هذا ليس من ضمن السنن والسنن المألوف. إذًا نفسر النص وفق السنن ووفق السنن الكونية، ولا نخرق السنن بلا موجب ولا داعي، إذا خُرقت بموجب وداعي يا مرحبا. يعني لو فيه معجزة إحنا مع المعجزات قطعا، لكن لا نفسر كل شيء تفسير خوارقي لأنه التفكير خوارقي. كثير الحقيقة الأمثلة والشواهد كثيرة جدًا، ولكن بهذه اللمحة البسيطة عن مثل هذا الخطر أكتفي بهذا الجانب مع أنه يحتاج الأمر إلى مزيد من التفصيل والتفسير والتأصيل، ولكن دعونا ننتقل إلى خطر آخر، الخطر على العقل بده انتباهه، روايات بني إسرائيل تخرب العقل تماما مثلما يدخل فيروس إلى الكبد فيضر به. الإسرائيليات إذا دخلت عقلك أفسدته، فإياك كن حذرًا، أنا أضرب مثلا أقول، أتسمع لجارك وقد يكون أخوك أن يرمي زبالة في حوش دارك؟ قطعا لا. كيف نسمح لهؤلاء أن يرموا زبالتهم في عقولنا؟ كيف يا مسلمون؟ فأنا أتعجب عجبا لا ينقضي ولا ينتهي، إذًا هذا خطر على العقل.

(9) تصديق شبهة أعداء هذا الدين وأعداء هذا الكتاب المبين القرآن في كون قصص القرآن مستقي من التوراة، وتعجب إن قلت كاتب عربي لن أذكر اسمه، يقول أنه في القرآن الكريم وقصصه رائحة الإسرائيليات واضحة جدًا. رائحة الإسرائيليات هي رائحة عفن عقلك أنت. إذ قال بمثل هذا الكلام، فهذا القصص حاشاه أن يكون من الباطل ومن الخرافات والخزعبلات والعنصرية المتعصبة… حاش، على كل حال نقلنا عن الإسرائيليات يجعل المغرضون يأتون لكتب عن القصص القرآني ويقول تفضل يا سيدي هذا نقل مسطرة عن بني إسرائيل، فنسأل هل الذي نقل مسطرة عن بني إسرائيل هل هو القرآن؟ حاش، لكن كتبنا هي التي نقلت، إذاً: يا مسلمون هذا خطر شديد أن أصدق ادعاء المجرمين المغرضين من مستشرقين وتلامذة المستشرقين من المستغربين، من الذين يرددون كالببغاوات مثل المشرقين بأنه قصص هذا الكتاب مستقاة ومنقولة

دون أن أسمي لك هؤلاء حتى لا نثير التحزب والتعصب وكل هذا الكلام لا نريده. فنريد أن نظل

فريقا واحدا وقلبا واحدا.

(10) الخطر العاشر تمييع كثير من القيم: تمييع وإرخاء الموقف الحاسم من بني إسرائيل، فنحن أحوج ما نكون فيه إلى تقعيد يوضح ويحسم العلاقة بهم و بمروياتهم ومنقولاتهم وتراثهم وخزعبلاتهم. فنحن بحاجة إلى موقف حاسم لا إلى موقف غائم مائع لا. نحن بحاجة إلى موقف واضح وصارم. القاعدة التي أصلها علماؤنا مع إجلالي وتقديري واحترامي لهم القاعدة التي تقول الإسرائيليات ما وافق القرآن رويناه، وما تعارض مع القرآن ما رويناه. فهذه القاعدة أعيد مع التقدير من قلبي والإجلال لهؤلاء العلماء وجزاهم عن العلم وعن القرآن خيرًا.. ولكن القاعدة غلط، يعني لو أحد فسر (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً)(الإسراء: الآية4) قال بختنصر والكلام الذي حصل في بني إسرائيل زمان، وفسر النص بهذا الشكل معذور، لكن أنا مش معذور، لأنه تجلى لي من معاني القرآن في الواقع العملي العالم الكوني والهيمنة. (ولتعلن علوا كبيرا) من تكلم عليهم بكلمة يؤخذ بالقانون، ومن تطاول على غيرهم ما في قانون، أرأيت، ولتعلن العلو الكبير ما هما المرتين؟ المرة الأولى زمن نبينا والمرة الثانية هذه، وأخواني مازلت في النقطة.. إذا القاعدة التي تقول ما وافق أو ما خالف والذي سمعتموه، هذه القاعدة بعدما تجلى لنا الأخطار التي مررت بها مر السحاب سريعًا جدًا، بعد ما الأخطار تجلت، والتراث تسمم قسم منه تسرب هذه الأفكار العادمة، والأفكار الباطلة بعدما تسربت إلى تراثنا وخربت هل نظل ننظر نفس التنظير؟ يا أيها الناس مثلنا ساعة إذ مثل مريض عاجبه مرضه، قلنا له يا عم أنا أدلك على الطريق، قال لك أنا هكذا متكيف ومبسوط، يا بني آدم، ما في فائدة، إن المريض الذي هو معجب بحالته لن يشفى. يعني واحد مستمتع بالسيجارة قلنا يا عم التدخين خطر، قال أنا مستمتع كده، وفروا عليكم محاضراتكم والتدخين يروق المزاج، فمثل هذا هل يمكن أن يترك التدخين في ضوء هذه القناعات؟ لا. لكن إذا آمن يقينا أنه فيها سرطان وفيها هدر للاقتصاد، وفيها تخريب من كل وجه للبيئة ولغيره، وفيها دمار، وفيها تأثير على الأطفال ويلقنهم عادات رديئة اقتنع بهذا الكلام، فسيقلع عن التدخين… فهذا مثلنا، سنقلع عن الإسرائيليات إذا تجلى لنا خطرها، يا مسلمون طيب إذا قاعدة العلماء هذه ما صحيحة، قطعا ما صحيحة، فما القاعدة الصحيحة؟ القاعدة الصحيحة إليك أخي المشاهد الكريم وأختي المشاهدة الكريمة. القاعدة أقول فيها ـ إن شاء الله وأسأله التوفيق ـ أن تكون هيه الصواب وهي الحق وهي الأليق بهذا القرآن العظيم وقصصه الكريم. أقول ما وافق الكتاب ما رويناه يغنينا ويكفينا ما في الكتاب، ثم تقولون ما وافق الكتاب. يا سيدي أروني ما الذي وافق الكتاب، أين هو؟ الذي وافق الكتاب حتى نتناقش فيه، لن تجدوا؟ إذا ما وافق الكتاب ما رويناه، وما سكت عنه الكتاب ما رويناه، وما خالف الكتاب ما رويناه. هذه القاعدة الذهبية في التعامل مع الرواية الإسرائيلية وبهذا نكون أنهينا المقدمات. في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله ـ سندخل في صميم قصص القرآن الكريم.

إلى الملتقى أستودعكم الله. حياكم الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(من برنامج تأملات في أحسن القصص للدكتور أحمد نوفل)