الحروف في القرآن الكريم, حرف الحاء

حرف الحاء – منظومة حقبة (الزمن) 2

اسلاميات

ويستكمل الدكتور أحمد الكبيسي منظومة الزمن في حلقة هذا الأسبوع ويستعرض منظومة الوقت وأقسامه.

أقسام الوقت: الزمن من حيث كونه ركناً من الأركان الثلاثة لعمارة الكون وهي الزمن والهدف والعمل وهذه ثلاثية جاءت في القرآن الكريم : عقل آدم واستنباطه والهدف هو عمارة الأرض والاستخلاف فيها والزمن (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) الاسراء).

الزمن مخلوق مع المادة عندما خلق الله تعالى الكون المادي والزمن مرتبط بالحركة الذانية وقو نتاج الحركة الذاتية للمخلوقات. ولكي تعمر الكون مدنية وحضارة نحتاج للعمل والمال والوقت. والزمن ركن من أركان حضارة الكون والوقت أداة الزمن في تنفيذ تلك الحضارة فالوقت إذن هو الجزء المخصص لعمل ما. نقول وقت دوام العمل ووقت الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء) وقت القتال ووقت الزراعة. كل عمل له زمن مخصص يسمى وقتاً.

الوقت: كل زمن يخصص فيه جزء محدد بالضبط لعمل ما.

وكما قلنا أن الزمن مخلوق بخلق المادة. والمادة وزمنها هذه جزئية من عالم ليس مخلوقاً (هو ما يُعرف بعالم الأمر) والأمر هو خارج الزمن وله قوانينه وزمنه سرمدي في مستقبله أزلي في ماضيه وتجري فيه كل الرسالات والمعجزات مثل حادثة الاسراء والمعراج حيث دخل r في عمق الزمن وإن لكل شيء عمقاً والعمق هو الأساس لا يصل إليه إلا قِلّة من الناس. مثلاً الغوص في أعماق الأرض ليس لكل الناس بينما الجمع يسيرون على سطح الأرض والبحر سطحه متاح لكل الناس أما عمقه بكل ما فيه غير متاح إلا لقلة من الناس المتخصصون يغوصون في أعماقه بقدرة عظيمة وتدريب عالي متميز وكذلك الفضاء له سطح متاح لكن كم من الناس يذهب إلى أعماق الفضاء ليكتشف ما وراء هذا الفضاء من عالم لا متناهي وما فيه من مجرّات متعددة؟ والعالَم المتصوّر لا يشكل إلا نسبة 2% من الفضاء المرئي.

والعمق مليء بالأعاجيب والأشياء الثمينة التي تحتاج لقرون وأجيال للوصل اليها (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن)

وعمق الزمن على هذا الحال عندما تصل إلى نهاية العمق تخرج الى عالم ليس فيه زمن وهو عالم الأمر الذي له قوانينه وحدوده وعلينا أن نفهم القرآن فهماً يتناسب مع العصر. معظم الناس يؤمن بأن الخِضر ما زال موجوداً ولا يمكن أن يكون موجوداً بجسده الطيني وإنما بالجسم الأثيري الذي لا يخضع لقوانين هذه الدنيا. وعيسى u لم يُصلب وإنما رفعه الله تعالى إليه وما زال حياً فأين ذهب؟ هكذا نفهم عالم الأمر على هذا الأساس وفيه من العجائب الكثير. قصة العُزير وكيف أنه مات مئة سنة ولم يتسنّ طعامه وإنما حماره تحلل فالمئة عام في عالم الأمر لا تساوي ثواني. وكيف نفسر أن الرسول r خرج من بين سبعين رجلاً كانوا يتربصون به ليلة هاجر إلى المدينة دون أن يروه؟ وكيف نفسر ما فعله أبو بكر الصديق في سنتين من خلافته وما فعله عمر بن الخطاب في ست سنوات ما لم تفعله الأمبرطورية الرومانية في ألف عام حيث اتسعت مساحة الامبرطورية الاسلامية وهزمت امبرطوريتي فارس والروم، وكيف نفسر ما فعله عمر بن العزيز في سنتين وعشرة أشهر من تحقيق العدل بين الرعية في سائر البلاد؟ هذا نتاج الصدق مع الله تعالى والاخلاص في العكل يُمَدّ لك في الوقت بحيث تعمل في وقت قصير ما يفعله غيرك في سنوات كالعمل في ليلة القدر الذي يوازي عبادة أكثر من ألف شهر.

هناك قواعد عامة لكل الناس مثل قواعد النصر وقواعد الهزيمة وهذا من عطاء الربوبية فقد ينصر الله تعالى الأمة التي تشرك به لأنها طبّقت قواعد النصر المطلوبة.

وقد وظّف تعالى أدوات الزمن (العمل والمال والوقت) توظيفاً كاملاً في كتابه العزيز دينياً ودنيوياً.

الوقت: هو الزمن المخصص لعمل ما : يُقال وقت الصلاة (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) النساء) وفي الحديث : الصلاة على أول وقتها رضوان من الله وعلى أوسط وقتها رحمة من الله وعلى آخر وقتها غفران من الله. ورمضان له وقته (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) والحج له وقته (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ). وكل مرحلة فيها وظيفتان إحداها دينية والأخرى دنيوية (وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) القصص).

العشي: آخر ساعة في النهار قبل العصر بساعة يبدأ العشي (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46) النازعات) (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31) ص)

الشفق: أول ساعة في الليل بعد أذان المغرب (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) الانشقاق).

العشاء: من صلاة المغرب إلى أول صلاة العتمة (ظلام كامل) (وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) يوسف)

السّحَر: بعد منتصف الليل (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) الذاريات)

الفجر: أول بداية النهار (وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (2) الفجر)

الصبح: أول احمرار الشفق بعد الفجر أي بعد نصف ساعة تقريباً (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (81) هود)

البكور: قبل طلوع الشمس (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) الانسان) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) الأحزاب)

الأصيل: قبل غروب الشمس (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) الانسان) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) الأحزاب)

الغداة: تجمع قبل الشمس وبعدها في الصباح (الضوء القوي مع طلوع الشمس) (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (28) الكهف)

الضحى: ارتفاع الشمس بمقدار رمح (ربع ساعة بعد طلوع الشمس) إلى قبل الزوال (وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) الضحى)

الزوال: وقت الاستواء

الظهيرة: بعد الاستواء إلى العصر (الهاجرة) (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18) الروم)

المساء: من الزوال إلى الفجر وهو وعاء يشتمل عدة أوقات)

العصر: أول برد النهار (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)) واختلف المفسرون في المقصود بالعصر في سورة العصر منهم من قال أنه الدهر أو الزمن عند جمهور المفسرين زمنهم من قال هو وقت صلاة العصر خصيصاً لأنها أثقل الصلوات وأشقّها على الناس حيث أنه وقت يكون الناس فيه تعبين خاصة في أيامنا هذه ومنهم من قال هو عصر النبوة المشرق (خير القرون قرني) والقرن عصر أو دهر أو زمن ومن الممكن أن يكون تعالى قد أقسم بعصر رسوله r كما أقسم ببلده (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3)).

الناس في الزمن قسمان قسم استغلوه جيداً وقسم لم يستغلوه وفرّطوا فيه ومن حسن استغلال الزمن التقوى في سبيل الله من إماطة الأذى عن الطريق وزيارة المريض، زراعة شجر ، إغاثة ملهوف، اختراع آلة تقديم تجارة، تسيل ماء، إنشاء جامعات أسواق هذه كلها إن كانت من منطلقات الإيمان ويفعلها الانسان من باب التقوى الاجتماعية وتقديم الخدمات للناس والرجل الذي لم ينفع أحداً لا قيمة لصلاته وصيامه. وآيات القرآن تدعو للتسبيح وللعمل والحمد والتأمل والنظر والتبصّر فعليك أن تنطلق في أعمالك من منطلقات إيمانية فأنت متزوج بكلمة يسمونها وثيقة الزواج وأنت مواطن بجوازك وأنت ابن ابيك بشهادة الميلاد وستموت بورقة هي شهادة الوفاة هذه الشرعية وحينئذ لكي يكون عملك مشروعاً يوم القيامة اعمل لوجه الله تعالى هذه الصيغة المشروعة. كل جزئية من هذه الجزئيات وظّفها الله تعالى توظيفاً دقيقاً فيطلب منك الذكر بكرة وعشياً وبالغدو والآصال لكي تكون اساس الانطلاق وتوجهاتها والانتماء الشرعي لله عز وجلّ.

وعندما نقرأ عن علماء هذه الأمة نقرأ عجباً فكيف وصلت الأمة إلى استغلال الوقت بشكل جيد الناس كانوا ينامون بعد العشاء مباشرة مبكرين وكانوا لا يسمرون بعد صلاة العشاء وكان الشيخ منهم ينام ثم يستقيظ بعد ثلاث ساعات يصلي التهجد ويوقف طلابه معه يصلون ثم يحفظون القرآن ثم يؤذن الفجر فيصلي بهم جماعة ثم يبدأ الدرس ثم يقضي كل الى عمله والرسول r كان هاجسه الصلاة وبالتحديد صلاة الفجر وفي الحديث أنه قال r بما معناه وددت لو آخذ حطباً وأُشعل النار في بيوت من لم يحضر صلاة الصبح معنا بعد أن يُخرج النساء والأولاد. ولقد تحدث r عن صلاة الصبح عجباً لأن ميزان كونك فعّالاً عاملاً في هذه الأمة أن تصلي الصبح جماعة وفي النظام الاسلامي كان الجيش يصلي الصبح في المسجد ثم يبدأون التدريب والقيلولة في الاسلام كانت قبل أذان الظهر ثم يستقيظ الناس لأداء صلاة الظهر ثم يعودون الى أعمالهم.

أشرف الأوقات للمسلمين:

1.      مجالس العلم فإذا كنت تريد وقتاً شريفاً عظيماً تُغفر فيه ذنوبك فعليك برياض الجنة أي مجالس العلم ومجالس الذكر يغفر لهم حتى للخطّاء منهم وعلى المسلمين الحذر من السخرية من الأنبياء والعلماء لأنه يُخرِج من المِلّة.

2.      العتمة وهي صلاة العشاء في المسجد وصلاة الصبح في المسجد فهما براءة من النار وبراءة من النفاق.

3.      الجلوس بعد صلاة الصبح في مصلاك وذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين فتلك أجر حجة وعمرة تامة تامة.

4.      الرباط وهو الجلوس في المسجد للذكر والعلم بعد صلاة المغرب الى العشاء.

5.      صوم عرفة والعشر من ذي الحجة ويوم عاشوراء وأول محرم.

6.      الحراسة في سبيل الله.

وأشرف الأوقات للمسلمة بالاضافة إلى أوقات المسلمين العامة:

1.      وقت الحمل أجره عظيم عند الله تعالى

2.      ساعة الولادة

3.      هناك شريف وهناك أشرف الشريف المرأة في خدمة زوج يحبها ويحترمها والأشرف يوم القيامة زقت امرأة في ظل زوج رديء يذلها وهي صابرة تُحسن إليه وتكرمه.

4.      امرأة مات زوجها ولها طفل وهي شابة تُخطب فخُطبت فرفضت الزواج لتربي أولادها فهي تسبق محمداً r الى الجنة.

بُثّت الحلقة بتاريخ 10/12/2004م