كالح – أسود – عابس- باسر – أغبر – أقتر – خاشع
إن يوم القيامة يوم عظيم، يوم الفزع الأكبر. ومن أنظمة ذلك اليوم لأهل الشقاء وهم أهل النار كما قال صلى الله عليه وسلم (لا يدخل النار إلا شقي) وكما قال تعالى (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿15﴾الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ﴿16﴾ الليل). أهل الشقاء هؤلاء يواجهون أنواع العذاب بوجوههم ولهذا تكون وجوههم عاملة يوم القيامة. السيارة العاملة هي التي تشتغل كثيراً وتعمل كثيراً، كل شيء تستخدمه بكثرة يسمى عاملاً. فيوم القيامة أهل النار أكثر ما يُعمِلون إنما يُعمِلون وجوههم (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴿1﴾ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴿2﴾ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ ﴿3﴾ الغاشية) أي أنها متعبة تعباً شديداً لشدة عملها. كل أنواع العذاب على الوجه والوجه دائماً يأخذ شكلاً قبيحاً جداً بحيث يدل على حالة معينة من ساعة من ساعات العذاب. فهذا الوجه الشقي في النار يوم القيامة كل فترة كل يوم كل ساعة يأخذ شكلاً جديداً مرة يكون وجه كالح (وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴿104﴾ المؤمنون)، ومرة أسود (وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ (106) آل عمران)، يوم عابس (عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴿1﴾ عبس)، يوم باسر (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ﴿22﴾ المدثر)، يوم أغبر (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ ﴿40﴾ عبس)، وجه أقتر (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴿41﴾ عبس) وهكذا كل حالة من حالات العذاب الوجه يأخذ تعبيراً معيناً وشكلاً معيناً ولهذا قال الوجوه عاملة. فأنت مما تراه على وجه المُعَذَّب في النار تعرف في أي حالة هو؟. نأخذ الآن ما جاء في كتاب الله عز وجل من الوجوه القبيحة العاملة المرهقة والإرهاق كما أخذناه في حلقة سابقة هو التعب المتواصل (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴿6﴾ الجن) والرهق هو التعب المتواصل المؤدي إلى الإعياء والعجز يسمى رهقاً، أرهق فلان. وحينئذٍ هذه الوجوه المرهقة ترهقهم قترة، ترهقهم غبرة، ترهقهم ذلة، فهو مرهق. تخيل ما يلي شخص هنا لأمر ما محكوم عليه بأن يُضرَب يومياً مائة سوط على وجهه وهو يعرف هذا أنه يومياً في كل صباح يضرب مائة سوط على وجهه بقوة وبقسوة بحيث يخرج الدم من أنفه ووجهه يومياً استمر هذا سنة سنتين ثلاثة أربعة وهو يعرف أنه أمامه ثلاثين أربعين سنة سجن وسيضرب يومياً كيف ستكون تعابير هذا الوجه؟ تعابير في غاية الإرهاق، إعياء متصل، ذلة متصلة، تعب متصل، أول ما تراه تقول أعوذ بالله ما هذا الذل؟ ما هذا الإرهاق على وجهه؟ لشدة العذاب. إذا كان هذا في الدنيا فما بالك بالنار؟! وسوف نرى كيف أنها وجوه عاملة.
قبل أن ندخل في الكلمات التي تدل على الإرهاق أو الوجوه المرهقة نفسر كلمة عاملة. أنت لاحظ في كتاب الله عز وجل العذاب والتركيز على الوجه مثل قوله (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء) (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴿34﴾ الفرقان) (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ (48) القمر) حتى عندما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله كيف على وجوههم؟ قال: الذي أمشاهم على أقدامهم يمشيهم على وجوههم. إذاً الوجه مستهدف (فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴿27﴾ محمد) ضرب على الوجه، (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ (66) الأحزاب) الوجه، (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴿50﴾ إبراهيم) وجوههم، (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ (39) الأنبياء) (وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ (90) النمل) (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) القمر) (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ (22) الملك) (وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ (111) طه) (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ (72) الحج) (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا (27) الملك) (كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ (27) يونس). إذاً الوجوه عاملة، وجه المُعذَّب في النار مرة يُضرَب، ومرة يسحب عليه، مرة يسمل، مرة يكوى بالنار، مرة يكون كالحاً، مرة يكون أسوداً، مرة يكون باسراً، مرة يكون أقتر، مرة يكون أغبر، وكل واحدة لها حالة ونتكلم عن هذه المنظومة عن هذه الوجوه العاملة يوم القيامة في النار وأن التعذيب مركز عليها وهذا في غاية الإهانة. نحن في الدنيا النبي صلى الله عليه وسلم عندما أجاز نوعاً من أنواع الضرب الخفيف في حالات اضطرارية قال (وأن تتقي الوجه) الوجه فيه كرامة لا ينبغي أن تهينه (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ (79) الأنعام) وكلمة وجه عند الناس تستخدم كقولنا أفلح هذا الوجه، بيّض الله وجهك، فلان من وجوه الرجال، فلان من وجوه القوم بينما الوجه الآخر يعين به للسلب “شاهت الوجوه”، (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ (7) الإسراء). إذاً الوجه هذا حساس جداً فيوم القيامة وجه المشركين الذين يعذبون في النار وجوههم عاملة ناصبة (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) عمل ولكنه متعب ومرهق ولهذا قال الفقهاء بالنسبة للخدم والإماء (وإذا ضربها على وجهها فكفارتها عِتقُها).
الوجه الكالح: (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴿104﴾ المؤمنون) أولاً كلمة تلفح: اللفح النار من بعيد تضع قطعة لحم في مكان وتوقد النار على بعد متر فالحرارة تذهب إلى ذلك اللحم بدون أن تلامس النار ذلك المكان فتنضج على الحرارة، على الوهج. وفي العراق هنالك أكلة تسمى المزجوف والمزجوف سمكة تعلق على رمح ثم النار من بعيد على الوهج تنضج لمدة ساعة ساعتين وتصبح أكلة شهية جداً. ففي جهنم هناك أناس جالسين في أماكنهم وتسلط عليهم النار من بعيد تلفحهم (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ) حتى يصبح كالحاً. الكالح من شدة النضج الشفة السفلى تنزل إلى أعلى البطن والشفة العليا تصعد إلى الجبين فتبدوا أسنانه كاملة وهو يعبر تعبيراً كاملاً عن شدة القبح الذي لا يرام. وأحياناً عندما تدعى إلى وليمة فخمة وهناك خروف مشوي فعلاً ترى أن شفتي الخروف من الشوي قد تقلصتا واحدة أعلى وواحدة أسفل فبانت أسنانه جميعاً لكن ما فيه علامات رعب بينما هذا حيّ يُفعَل به وهو حيّ ولهذا شفته السفلى نازلة والعليا صاعدة فوجهه في غاية القبح، في غاية الإرهاق، ولهذا نوع من أنواع التعذيب عندما يكون الوهج هو المسلط عليه وليس النار مباشرة لا يشوى ولا يُصلى. هناك أنواع أخرى أن يشوى شوياً أو يُصلى صلواً هذا ليس كذلك وإنما على الوهج. هذا حينئذٍ وجهه يصبح كالحاً وكلاحة الوجه هي أن تنزل الشفة السفلى إلى الأسفل وتتقلص الشفة العليا من الحرارة تتقلص فالأولى تنزل تماماً والأخرى تصعد تماماً تخيل منظر إنسان بهذا الشكل! في غاية القبح الذي لا يمكن النظر إليه هذا الوجه الكالح (تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ).
الوجه العابس: (عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴿1﴾ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴿2﴾ عبس) (يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴿10﴾ الإنسان) هو قطوب الوجه من ضيق الصدر عندما يكون لديك مصيبة أو مأساة أو حزن شديد أو تفكر تفكيراً عميقاً بحاجة لا تستطيع قضاءها يبدو على وجهك أنك مقطب الجبين وعيونك تصغر وأنفك يتحرك وخدك يتقلص، هذا عُبوس. فالعبوس إذاً قطوب الوجه من ضيق الصدر أنت في صدرك ضيق هائل إما لمصيبة أو لألم أو لحاجة أو لخوف أو لرعب يسمى هذا عبوس (عَبَسَ وَتَوَلَّى ﴿1﴾ أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى).
الوجه الباسر: (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ) (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴿24﴾ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ﴿25﴾ القيامة) الوجه الباسر هو الوجه الذي يهرب سريعاً من خوفه من ألمٍ واقع. مثلاً شخص واقف ويتناقش مع شخص آخر ثم أدرك أن هؤلاء سيعذبونه فرأساً إنسحب انسحاباً وعلى وجهه رعب فسرعة الانسحاب أو سرعة الهروب من شدة الروع أو الرعب هذا يسمى وجهاً باسراً. (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴿24﴾ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) فهو رأى الأدوات ورأى الزبانية سيكسرون ظهره ولهذا حتى في الدنيا مرض الفقرات أصعب الأمراض، من الصعب أن يشفى ودقيق لا بد أن يكون هناك طبيب بارع لكي يعيد الفقرات ويبقى المريض دائماً يئن ويتوجع من الفقرات عندما يمشي ولشدة ألم الفقرات الله عز وجل قال يوم القيامة من أشد أنواع التعذيب عندما يقصم ظهره يقال (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ) تلفّت مرعوباً وعلى وجهه الرعب ويريد أن يهرب (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ﴿24﴾ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ).
الوجه الأغبر: وجه بلون التراب ويسمى الذئب الأغبر لأن وجهه أغبر بلون التراب هذا من البَهْت (فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا (40) الأنبياء) (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ (258) البقرة) الذي يبهت يفتح فمه وعيناه مثل الأبله وهو مأخوذ لا يدري ماذا يفعل؟. فالبهت عندما يفاجأ بخبر سيء أو يفاجأ بأنه سيفعل به كذا أو يرى نوع من أنواع العذاب قبل أن يتعذب يبهت (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) (فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا) حينئذٍ هذا الأغبر يتلون هكذا. وفعلاً كل إنسان يُرعب، يُفاجأ، يُفزّ، وجهه يصفر هذا الاصفرار يصبح لون التراب فيقال (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ) ويقال جوع أغبر وموت أحمر، هذا الوجه الأغبر.
عندنا الوجه الأقتر: (تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ) القترة الطعام السيئ الذي لا قيمة له إلا أنه يسد الرمق من الموت. نوع في غاية الرداءة، في غاية التعاسة ولا يُشبع ولا يُسمن ولا يُغني من جوع فقط لكي لا تموت وأنت قريب من الموت ولكن هذا الطعام (لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ ﴿6﴾ لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴿7﴾ الغاشية). والقتر شدة البخل الذي يجعلك لا تأكل إلا لكي لا تموت (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا (67) الفرقان) في مقابل السَرَف الشديد القَتَر الشديد أي شخص بخيل جداً فهو كل يومين يأكل تمرة واحدة فقط لكي تمسك عليه الحياة. بعض الوجوه يوم القيامة كما في الحديث (يسلط الله عليهم الجوع) وأنت لاحظ شخصاً جائعاً لمدة أسبوع أو أسبوعين كيف يكون وجهه؟ هذا المنظر منظر الوجه الجائع جداً لم يأكل لمدة أسبوع أو شخص مضرب عن الطعام لو تلاحظ هؤلاء المضربين عن الطعام لقضايا سياسية أو ما شاكل ذلك بعد أسبوع لرأيت عجباً، لرأيت وجهاً مخيفاً. حينئذٍ هذه أيضاً من حالات الوجه يوم القيامة، الوجوه العاملة التي ساعة تكون غبرة وساعة تكون قترة وساعة تكون كالحة وساعة تكون باسرة، شيء رهيب والعياذ بالله كما في الحديث (يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما فيهم من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعامٍ من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيستغيثون فيغاثون بطعامٍ ذي غُصّة).
ثم الوجه الخاشع: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴿1﴾ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ﴿2﴾) الخشوع الذُلّ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴿1﴾ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴿2﴾ المؤمنون) أنت واقف أمام رب العالمين وأنت مطأطئ رأسك في غاية الذل والذل أمام الله ذل العبودية هو عز. إذا كان ذل الأبوة أن تتذلل لأبيك هو عز الدنيا والآخرة (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ (24) الإسراء) وكلما تذللت لأمك وأبيك كنت عظيماً في نفسك وعند الناس وعند الله فهذا الذل العبقري. لكن هذا الذل يوم القيامة هو الذل البائس فالخشوع يوم القيامة في الوجوه، الوجه الخاشع الذليل ليس من عظمة لله وجلاله ولكن من هذا العذاب الرهيب (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ). أيضاً من الوجوه العاملة أن تكون خاشعة (وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ (45) الشورى) على جهنم (خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ (43) القلم) هذا من الوجوه العاملة أيضاً.
بقي لدينا الوجه الأسود: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ (106) آل عمران) السواد والبياض في الدنيا من البيئة هناك بيئة باردة يكون الوجه أبيض، بيئة حارة يكون الوجه أسود. والمعروف أن اللون الأسود للبشر هو الأصل لأن آدم كان أسود. كلمة آدم من الأدمة وهو أسود أي سمرة داكنة قريب من السواد وعلمياً وطبياً وفسيولوجياً أن اللون الأسود أقوى بُنية من اللون الأبيض ولهذا الرجل الإفريقي أقوى من الرجل الأوروبي. الرجل الأوروبي سريع العطب، سريع الانهيار، سريع التعب، ليس فيه جلد، يتعرض لصدمات يهلك وسريع الهرم بالأربعين أصبح وجهه مترهلاً ومنتهياً أما الأسود فهو قوي لكي يقاوم البيئة. فالسواد والبياض في الدنيا يعتمد على عوامل بيولوجية فقط ليس لها علاقة لا بالخير ولا بالشر وإنما هي فقط إعطاء مناعة وحصانة للإنسان أمام البيئة الصعبة. ولهذا البنية السوداء مكونة ومعدة أقوى بكثير من البنية البيضاء. في الآخرة الأمر يختلف إما عذاب وإما نعيم كما أن الأصل في الدنيا السواد والبياض طارئ فإنه في الآخرة الأصل البياض والسواد طارئ والسواد فقط عذاب المعذَّبين سواء كان سواداً حقيقة أو مجازاً من حيث المذلة أو الخيانة، نقول سوّد الله وجهك وهو ليس أسود ولكن على الفعل قبيح يقال سوّدت وجوهنا. حينئذٍ إما سواد معنوي أو سواد مادي وقد يكون السوادين معاً سواد مادي مع سواد معنوي يوم القيامة يدل على الخزي والعار وما إلى هذا. هكذا هي هذه المنظومة. نتكلم على هذه الآيات (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ ﴿99﴾ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿100﴾ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴿101﴾ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿102﴾ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿103﴾ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ ﴿104﴾ أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ﴿105﴾ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ﴿106﴾ المؤمنون) الآيات هذه عندما تقرأها تُرعَب وتقول هكذا يفعل بنا يوم القيامة؟ حتى إذا أتيت إلى آخرها تقول الحمد لله أنني لست منهم لأنه يقول (أَلَمْ تَكُنْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) إذاً هذه قضية خاصة بمن لا يوحّد الله ولا يؤمن به ونحمد الله عز وجل على أننا موحّدون فهذا النوع من العذاب أن تكون من أصحاب الوجوه الكالحة لا تصيب إلا رجلاً لا يؤمن بالله يعبد صنماً أو حجراً أو شخصاً أو قبراً أو ما شاكل ذلك هذا هو الذي سوف ينال من العذاب ما ينال حتى يصبح وجهه كالحاً. أولاً فإذا نفخ في الصور والصور قضية تحتمل النظر فمنهم من قال هو صور فعلاً هو بوق ينفخ فيه ويقوم الناس (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴿68﴾ الزمر) وآخرين قالوا لا هو في الحقيقة عبارة مجاز أو استعارة عن نهضة الناس وآخرين قالوا هي ليس في الصور-بمد الواو- كما في بعض القراءات هي في الصُوَر-بفتح الواو- فإذا نفخ في الصور أي صور الإنسان رب العالمين سبحانه وتعالى يوم القيامة هذا الجسد يفنى لن يعود إليك هذا الجسد من طين خُلِق بقوانين هذه الأرض وعندما تموت تفترق روحك عن هذا الجسد وهذا الجسد يوضع في حفرة حيث يتآكل ويأكله الدود ولا يرجع إليك أبداً. بعد سنة سنتين تحفر القبر لا يوجد شيء غير عظام والعظام تبلى أيضاً نخرة. إذاً هناك جسدٌ قادم، جسد عملاق عظيم يتناسب مع يوم القيامة وعظمتها بقوانين يوم القيامة، جسد سوبرمان لا يجوع ولا يعرى ولا يعطش ولا يمرض ولا فيه فضلات وطويل وعريض ويتناثر منه المسك، عَرَقه مسك ولا يوجد بول ولا غائط ولا شيء فهو سوبرمان هذا عندما ينفخ في الصور مرة ثانية تأتي الأرواح التي عُدِّلت في ساعة البرزخ من ساعة ما تموت إلى أن تقوم الساعة هذا البرزخ (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) هذه الأرواح التي في البرزخ تكتمل وتنضج وتعدل لكي تتناسب وقوانين الجسد القادم. فالطفل يكبر والمريض يشفى والمجنون يعقل والجاهل يُعلَّم (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴿22﴾ ق) كل هذا في البرزخ فأنت ستصبح روحاً عالية، روحاً عظيمة. نحن في الدنيا أرواح الأنبياء في غاية القوة روح النبي محمد صلى الله عليه وسلم وروح سيدنا عيسى وسيدنا موسى والأنبياء (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ (35) الأحقاف) أرواحهم هائلة فما بالك بالروح التي سوف تُعدَّل وأنت في البرزخ؟ عندما ينفخ فيه أخرى هذه الأرواح التي كانت في البرزخ تنتقل لكي تدخل في تلك الصور أي الأجساد المعدة التي يخلقها الله عز وجل على قوانين غير هذه القوانين لا يخلقها من طين كما خلق (إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ﴿71﴾ ص) هذا انتهى مع الدنيا. الله أعلم ما هي المادة التي سيخلق الله صورنا منها من حيث أنها تكون خالدة لا تفنى؟ إن لنا أن لا نفنى ولا نموت الخ. حينئذٍ هذه الصور كما في بعض القراءات (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ (51) يس) -بفتح الواو- هذه الأرواح دخلت تلك الصور. يقول تعالى (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ) لا تنقطع الأنساب بل الأنساب موجودة يتعارفون بينهم (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ﴿27﴾ الصافات) لكن هنا فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون لشدة الفزع كما في الحديث: ثلاث مواطن لا يعرف أحدٌ لا أهله ولا أحد يفر من الجميع، ساعة البعث أول ما يبعثون، ثم ساعة تُلقى إليهم الصحف تأمل نحن جميعنا منتظرين هل نحن من أهل الجنة أو النار وجاءتنا الصحف كل شخص يأخذ صحيفته فمن الذي يفكر بأمه أو أبيه في هذا الوقت؟ وساعة العبور على الصراط، في هذه الحالات لا أنساب بينهم. ثانياً هذا فقط عند أهل العذاب لكن أهل الرحمة يتعارفون بينهم وهم يستبشرون (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ﴿23﴾ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴿24﴾ الرعد) كلامنا نحن الآن عن أهل الجحيم وأهل النار ولهذا لا أنساب بينهم. إضافة إلى أن حتى هؤلاء أيضاً يتساءلون فهذا اليوم خمسين ألف سنة، هذا اليوم الذي نتكلم عنه الآن كخمسين ألف سنة إن يوم عند ربك كخمسين ألف سنة مما تعدون إذاً هذه الخمسين ألف سنة التي هي لا تزيد عن وقت من أوقات الصلاة فيها أهوال ساعة رعب كحالنا في الدنيا. نسمع عن المعتقلين وشاهدنا هذا بأعيننا ساعة التعذيب تذهل لكن بعد فترة معينة تهدأ وعندما يأتون لإيقاظك بعد ساعتين تُرعَب. هكذا يوم القيامة فيوم القيامة بالحشر وبالسَوْق وبالعرض وعلى الصراط ذلك الفزع الأكبر (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ (103) الأنبياء) ذلك الفزع الأكبر. والفزع الأصغر يجعل الإنسان يذهل وفي الحديث يقول كل شخص يفر ممن يعرف لشدة الهول لا يتمنى الإنسان أن يرى إنساناً يعرفه لماذا؟ لأنه ربما يكون له حق عليك مثلاً أن تكون قد اغتبته أو أخذت منه شيئاً فترعب فلا تريد أن ترى الذين تعرفهم حتى لا يطالبونك بحقوقهم. ولهذا في حديث عن عبدالله ابن مسعود يقول العبد والأَمَة-العبد أي نحن كلنا- يؤخذ على رؤوس الأشهاد وينادي من له حق على هذا؟ فتخشى أن تأتي أمك أو أبوك أو أختك أو أخوك لكي يطالبوك بحقوق. إذاً هكذا فلا أنساب بينهم من هذا الباب. ويقول تعالى (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) نحن نعرف أن الميزان واحدة وفي الآية مذكور موازينه وفي الحديث قالوا: يا رسول الله أين نجدك؟ قال صلى الله عليه وسلم “عند الميزان وعلى الصراط وعند الحوض لن تخطئوني في واحد من هذه المواطن”. فذكر في الحديث الميزان ولكن في الآية موازين فيبدو من نصوص الآيات ودائماً تأتي فمن خفت موازينه، فمن ثقلت موازينه، معنى هذا-وهذا جداً منطقي- أن الإنسان لديه عدة موازين وليس ميزاناً واحداً. أنت الآن في الدنيا عندما تشتري شيئاً يوزن هل أن كل شيء يوزن تشتريه بميزان واحد؟ الجواب لا. فهنالك ميزان البطيخ وهو ميزان كبير ويوضع به أربع خمس بطيخات وهنالك ميزان القمح وميزان الرز وهنالك ميزان سكر وشاي وهو صغير وميزان الخضار وهنالك ميزان الذهب الحساس الذي على حد الشعرة بحيث يتركوه في زجاج حتى لا يصله الهواء لأن الهواء الخفيف يؤثر في دقة وزنه. تأمل وفعلاً فالجواهر والزمرد والألماس بمئات الآلاف هذا لغلائها لا توزن بميزان بطيخ ولكن ميزان دقيق شعيرات جداً حساسة يوزن بالضبط بحيث العين المجردة لا يمكن أن تراه، هكذا أنت موازينك. فهنالك موازين الزائد الناقص فيها غير مهم فلو أخذت خمس كيلو بطيخ فتظهر في الميزان خمس كيلو ونصف أو أربعة ونصف ليس بالأمر المهم لكن الميزان الذي يكون للذهب أو للجواهر أو الألماس الشعرة إذا اختلت تكون بعشرات الآلاف، هكذا أعمالك. لا إله إلا الله أغلى من ميزان الذهب شعرة واحدة إذا شككت فيها شعرة فأنت مشرك شعرة! لابد أن تمحص لا إله إلا الله تمحيصاً دقيقاً فلا يخطر ببالك لا بشر ولا حجر ولا صنم ولا قبر ولا مما شاع اليوم حتى عند قلة قليلة من المسلمين البائسين إما قبر أو شيخ الخ. وحينئذٍ لا إله إلا الله توزن يوم القيامة وزناً دقيقاً (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا (30) فصلت) فلم يقل لا إله إلا الله فقط بل استقام عليها (وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴿16﴾ الجن) فلا إله إلا الله لها ميزان طبعاً ليس كميزان صلاتك ووالله صلاتنا كلها مقبولة لأن ميزانها مثل ميزان البطيخ كأن تكون مستعجلاً قليلاً في الصلاة، خشوع موجود أو غير موجود، فكرك مشغول أو غير مشغول، قرأت سورة بعد الفاتحة أو لم تقرأ، قرأت تسبيحات أو لم تقرأ، هنالك أركان لازم ميزان جيد، هناك سنن متراخية، هنالك هيئات فعلها وعدم فعلها سواء ونحن جعلنا منها قضية. فهنالك عدة هيئات للوقوف وفي الآخر هي واحدة فعلتها أو لم تفعلها سواء. إذاً وزن الصلاة فيها سعة فميزان الصلاة أكثر سعة من ميزان لا إله إلا الله وهو التوحيد. ثم هنالك ميزان الصدقات، ميزان العلم، كل عمل له ميزان فهنالك كبائر وصغائر ومندوبات ومكروهات وهنالك واجبات (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴿49﴾ الكهف) وحينئذٍ الموازين مختلفة وقال عز وجل (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴿47﴾ الأنبياء) حينئذٍ انظر إلى دقة التعبير لم يقل فمن ثقل ميزانه بل (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ).
فالأمر إذاً موازين عليك أن تنتبه فلا تأخذ الأمور باستهتار. هناك عبادات ينبغي أن تمحصها تمحيصاً (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ ﴿141﴾ آل عمران) الإيمان لا بد أن يكون إيماناً يليق (أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا (4) الأنفال) هناك إيمان وهناك الإيمان الحق. حينئذٍ هذا يوزن بميزان الذهب وميزان الذهب الأخروي وليس الدنيوي. وهنالك أعمال أخرى فيها سعة ولهذا كل الشريعة فيها سعة على خلاف البلاء الذي ابتلينا به في هذا الزمان من أسماء، هذا منبر الإسلام وهذا جيش الإسلام وهذا أفراد الإسلام الخ وكلها مؤامرات وتشويه للدين أهل الدين يقول لك ما هذا الإسلام ؟ أصبح قبيحاً. كل هذا العبث بهذا الدين في بيروت وفي العراق وفي كل مكان في العالم الإسلامي وكلها مصنوعة ومدفوعة الثمن والله حسيبهم فأنت لا تخادع رب العالمين إذا خدعت شخصاً تدخل النار فما بالك برب العالمين؟! ما هذا الغش والخداع؟! وكله ضيق ضيق والهدف منه هو أن يترك الناس هذا الدين وخسئوا وخابوا إن هذا الدين محفوظ إلى يوم القيامة والأمة مقبلة عليه والأمة تعرف الصواب من الكذب والخداع من الصدق والزيف من الحقيقة. إذاً هذا الدين فيه سعة موازينه واسعة ولهذا من بلغت حسناته 51% وبلغت سيئاته 49% دخل الجنة من غير حساب ومن تساوتا فهو من أهل الأعراف ولهذا كما جاء ذكره في الموازين فالميزان إما حسناتك كثيرة أو حسناتك قليلة. وحينئذٍ أما أن تتساوى فهذا الذي تشمله رحمة الله عز وجل حينئذٍ نقول ما عدا بعض العبادات الدقيقة التي ليس فيها إلا رأي واحد وليس فيها سعة للاختيار هذه التي توزن بذلك الميزان (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ). أما ما عداه فهي أمة وسط باختصار أنت تصلي الظهر من 12 الظهر إلى الساعة 3 تستطيع أن تصليها في أي وقت فالميزان واسع فلو وزنوها بالميزان فلان صلى الظهر 12 والنصف مقبول والآخر صلى الساعة الواحدة مقبول والآخر واحدة ونصف مقبول والآخر الثانية والنصف مقبول. إذاً فالميزان هنا واسع وهذا شأن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم (تركتكم على السمحاء ليلها كنهارها) حينئذٍ الموازين وليس ميزان واحد.
والوجوه لها انعكاسات في الدنيا سلباً وإيجاباً فالعين لها لغة الآن أنا بعيني أستطيع أن أرسم لك بأني أنا غاضب عليك أو معجب بك أو فرحان بك أو مندهش منك أو متعجب أستطيع أن أعبر لك عن كل ما في نفسي بنظرة عيني وأنت تفهمها بسرعة فلغة العيون لغة جميلة ولهذا يتقنها العشاق والمحققون وأهل الفراسة وأصحاب المهام الكبيرة فعندما يلتقي رجلان لهما مهام عظيمة وسط عدو بعينيه يستطيع أن يوصل لهم ما يريد وقد ثبت علمياً أنني أستطيع أن أوصل لك كل معلوماتي عن طريق النظر حتى عن البعد (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ (51) القلم) وهذا الإصابة بالعين والتنويم المغناطيسي بالعين بأن أجعلك تنام وأسخّرك كما أريد العين أعجوبة ولغتها لغة عجيبة فأنت تنظر لشخص إما احتقاراً أو استهزاءً أو إهانةً أو إعجاباً أو إكباراً أو نكيراً أو استجداء كل معنىً من معانيك تستطيع أن تعبر عنها بعينيك وأنت صامت (وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا (179) الأعراف).
يوم القيامة الموازين بالنسبة للمشركين أيضاً ولذلك هنالك درجات ودركات كما أن الجنة درجات فإن النار دركات ولهذا بعض الناس يدخلون النار ولكن ليس كما يدخلها فرعون وإنما له عقاب آخر وهذه النار التي تكلمنا عنها الذي فيها الكالح واللافح هذه (لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ﴿15﴾الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أما نار المؤمنين يقول أنها تكون (كحرّ الحمّام جمرة توضع تحت قدمك منكم من تأخذه النار إلى حجزته …الخ) أي أوهن بكثير من النيران الأخرى فتلك الأخرى مغلقة (إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴿8﴾ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴿9﴾ الهمزة) فالآن في الدنيا هنالك جرائم وجنح مخالفات في التوقيف وهنالك الجرائم الثقيلة كالجاسوسية جرائم الإخلال بالأمن، بالأمن الوطني الأمن القومي الخيانة هذه مأساة وهكذا يوم القيامة هكذا هنالك من هو ذنوب يعاقب عليها الشخص وخارج النار الأساسية فكلمة الصلي أي النار تأخذه جميعاً كما تشوي الخروف هذه النار لا يدخلها المؤمن هذه خاصة بالكفر بالإلحاد الإلحاد المطلق وأيضاً الملحدين ليسوا على شاكلة واحدة وهنالك حديث يقول (أخرجوا من النار من كان في قلبه ذرة من إيمان) شخص شيوعي لا يؤمن بالله في يوم من الأيام تفكر في هذا الكون كله وعرف أن الله موجود قالها مرة في حياته وحديث البطاقة أن شخص أتى وليس له حسنة فأمر الله أن يبحثوا له عن حسنة لأنه لا يظلم عنده أحداً فلم يجدوا إلا سيئات وسجلاته من السيئات بقدر المشرق والمغرب فرب العالمين قال ابحثوا له عن شيء فليس من المعقول أن ليس له حسنة واحدة فرأى أحد الملائكة بطاقة صغيرة تحت العرش فيها أنه مرة قال لا إله إلا الله مرة واحدة فقال ضعوها ووزنها هكذا رب العالمين.
سؤال من أحد المشاهدين يسأل عن إذا كان للإنسان صديق في الدنيا لم يره فهل يراه في الآخرة؟ الذي له حاجة ولا يبلغها في الدنيا فيكِلُها إلى الآخرة (الذي يموت وحاجته في صدره) من الذين يرجون الله رجاءاً أكيداً وكلنا النبي صلى الله عليه وسلم قال (متى أرى أحبابي؟ فقال الصحابة: نحن يا رسول الله قال: لا أنتم أصحابي أحبابي قومٌ من أمتي جاءوا من بعدي لم يروني يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله) والله العظيم أنا وأنت ونجيب وكل المسلمين لو سألك رب العالمين ما رأيك تفقد كل أهلك وأموالك وأريك النبي لحظة تقول نعم موافق فقط لكي أرى النبي صلى الله عليه وسلم على حقيقته أتمنى أن أراه بأهلي ومالي. إذاً سنموت وحاجتنا في صدرنا أن نرى النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة إن شاء الله.
سؤال من أحد المشاهدين حتى في الدنيا الوجوه لها دلالة ونقول سيماهم في وجوههم والوضع النفسي ينعكس على وجه الإنسان فالمتكبر يظهر على وجهه.
ثم سأل عن دلالة الأسماء الحسنى في خواتيم الآيات مثلاً العزيز الرحيم والعزيز الحكيم وجدت من مطالعتي أن العزيز الحكيم يؤدي إلى إسم الله الخالق والعزيز الرحيم يؤدي إلى إسم الله المنتقم فما رأي الشيخ بهذا؟ هذه الأسماء الحسنى في نهايات الآيات توجهك إلى المقصود من هذه الآيات ولهذا إعرابي عندما سمع قول عيسى عليه السلام (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿118﴾ المائدة) على لسان أحد الناس وكان يقرأها خطأ ويقول (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإن الله غفور رحيم) وهو إعرابي بدوي قال: هذا لا يقوله رب فكان عبد الله ابن مسعود موجود فسأله: إذاً ماذا يقول؟ فقال الإعرابي: يقول إنه عزيز حكيم. بالتالي هذه الأسماء الحسنى في نهايات الآيات توجه المعنى تماماً وكلها تتم حسب نظام دقيق لا يخطئ وإن شاء الله عندما يحين الوقت ونصل إلى ذلك البرنامج ومشاريعنا كثيرة إذا امتد العمر سوف ترى أن هذه الأسماء الحسنى حقيقة (من أحصاها دخل الجنة) وأحصاها لا تعني عدها فالعد غير الإحصاء العد الله، الرحمن، الرحيم الخ هذا عدّ، الإحصاء هو أن تعرف كل إسمٍ ماذا يعني هنا؟ لماذا في هذا المكان؟ أين استعماله؟ ما هي دلالاته؟ ما الفرق بين غفور وغفار؟ بين رحيم وكريم؟.
بُثّت الحلقة بتاريخ 1/6/2007م وطبعتها الأخت نوال من السعودية جزاها الله خيراً وتم تنقيحها