الفاء المباركة – فأقم وجهك للدين حنيفاً
بسم الله الرحمن الرحيم. (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ {29} فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا {30} الروم) تكملة لما تكلمنا عنه في حلقات سابقة إذا كثرت اللجاجة واستمر أهل الباطل على باطلهم فلا تذهب نفسك عليهم حسرات (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ {118} إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ (119) هود) من قوانين هذا الكون الذي نحن فيه أن هناك مؤمن وكافر مصدّق ومكذب عالم وجاهل وهكذا. إذاً عليك أن تعلم بأنك عليك أن تقول كلمتك وتمشي لماذا؟ قال (أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا (30) الروم) إذا كان الناس ضاعوا في طرق (وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (153) الأنعام) الحق طريقه واحدة وكل الطرق الأخرى باطلة فعليك أن تتسمك قال (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم) لقد وهبك الله ديناً لم يهبه لأمة غيرك. إن الله إختار لك هذا الدين “كنتم خير أمة” من حيث أنك توحد العقيدة توحد الله عز وجل بدليل جميع الأمم في العالم التي أكرمها الله برسول عظيم وكتاب عظيم دخل فيها الشرك حتى صار ظاهرة إلا هذا الأمة إلى هذا اليوم وهي تقول لا إله إلا الله بنقاء لا تعرفه أمة أخرى ليس مع الله شيء آخر ولا إله آخر لا إله إلا الله .
حينئذ هذا هو الدين القيم (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا (30) الروم) حنيفاً أي مائلاً عن كل الآخرين. عليك أن تعتزل الآخرين في عقائدهم تخالطهم في أعمالهم تودهم من حيث المصالح المشتركة أن لا تؤذيهم وأن لا تقول لهم إلا ما هو أفضل (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (46) العنكبوت) ولكن أنت متمسك بدينك (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا (30) الروم) إياك أن يُضحك عليك بالديمقراطية والشيوعية والإشتراكية وغيرها التاريخ مليء بمذاهب وعقائد وأفكار قد يكون بقت مائتين سنة وخمسمائة سنة وتذهب (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ (17) الرعد) وهذا قانون من قوانين الكون كل حق يصاحبه باطل (فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا (17) الرعد) ما من سيل نقي وماء عذب إلا ويصاحبه زبد والزبد رابي واضح ظاهر لكنه قشر لا قيمة له. حينئذ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا (30) الروم) من أجل هذا عليك أن تكون من الغرباء (طوبى للغرباء المتمسكون بسنتي عند فساد أمتي، طوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس) ولا عليك من الناس لأن الله أعطاك دليلا ًهادياً لا يضرك معه شيء.
هكذا هو رب العالمين عز وجل قال (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم) هذا الدين هو قيم وشاهد على كل الأديان (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ (48) المائدة) فأنت صاحب الكتاب المهيمن، صاحب الدين القيم الذي هو حجة على كل الأديان والذي يحكم عليها جميعاً والذي سيكون شاهداً على كل الأمم (لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء على الناس (143) البقرة) (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) الأحزاب) هكذا أنت المسلم عليك أن تكون بهذه القوة ولا تنخدع لا بالدعاوى ولا بالإعلام ولا بالأحزاب التي يكون لها حكومات و أحزاب وراءها دول دعاوى وجمعيات حقوق إنسان وكل هذا من الزبد الذى يذهب جفاءاً وقد ذهب جفاءً كما ترى الآن، حينئذ احمد الله عز وجل (قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ (17) الحجرات) كل شيء حولك ينهدم وبناؤك الوحيد هو القائم وسيبقى قائماً إلى يوم القيامة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.