برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 11- تأملات في سورة النساء آية 155-156

اسلاميات

بينات – رمضان 1433 هـ

الحلقة 11

الآيات 155 – 156

الشيخ مساعد الطيار: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. أيها الإخوة والأخوات مرحباً بكم معنا في هذا اللقاء في برنامج بينات مع أخويّ الفاضلين الدكتور عبد الرحمن الشهري والدكتور محمد الخضيري حفظهم الله وقد وقفنا عند قوله سبحانه وتعالى (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155)) ولعلنا إن شاء الله نأخذ هذه الآية وما فيها من فوائد وعبر فإن كان الدكتور عبد الرحمن يفتتح لنا هذا اللقاء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، انتهى بنا الحديث في اللقاء الماضي عند صفات هؤلاء اليهود وذكر الله سبحانه وتعالى من صفاتهم في الآيات السابقة في نكثهم بالعهد وفي سؤالهم لموسى عليه الصلاة والسلام أن يريهم الله جهرة ثم هذه الآيات التي معنا اليوم تتحدث عن نقضهم للميثاق وقد تحدثنا في اللقاء الماضي أيضاً عن هذه الصفة البارزة في تاريخ اليهود وهي نقض الميثاق فهم يعتَبرون أشهر ناس في نقض العهود.

الشيخ مساعد الطيار: يعني النموذج الأول.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني كأنهم هم إذا ذكر نقض العهد.

الشيخ مساعد الطيار: يساوي اليهود

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني اليهود هم أشهر الناس بنقض العهود. فالله سبحانه وتعالى يقول هنا (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)) يعدد الله سبحانه وتعالى هذه الأسباب التي دعت إلى هذه العقوبات التي أنزلها الله عليهم وهذا الحكم الذي حكمه عليهم (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) يعني فبسبب نقضهم ميثاقهم والمواثيق التي أُخذت على اليهود كثيرة.

الشيخ مساعد الطيار: يعني ميثاقهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الميثاق هنا أشبه ما يكون اسم جنس.

الشيخ مساعد الطيار: يعني مفرد مضاف فيعُمّ

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المقصود بها مواثيقهم لأنها مواثيق كثيرة أخذها عليهم موسى (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم) [البقرة:١٠٠] ونقضه فريق منهم فليس لهم عهد ولا ميثاق والعجيب بالرغم من هذه الصفة البارزة في تاريخ اليهود في القرآن الكريم إلا أن المسلمين لم يتعظوا بهذا عبر التاريخ وخاصة في العصر الحديث ما زالوا حتى اليوم تلاحظون أنهم يسعون إلى اتفاقات مع اليهود ويبرمون معهم اتفاقات سلام ويستغربون أن اليهود ينقضونها تجد التصريحات: هؤلاء لم يلتزموا بميثاق الأمم المتحدة، لم يلتزموا بمادة مائتين واثنين وأربعين، يعني هذا شيء مستغرب أن المسلمين يستغربون من نقض اليهود للعهد وهم القرآن الكريم يثبت لهم هذه الصفة صفة ملازمة لليهود (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ).

الشيخ مساعد الطيار: لكن يا شيخ أبو عبد الله نقض الميثاق الآن عندنا ميثاق مع الله سبحانه وتعالى ويبدو هذا أنه مراد أولياً أنهم نقضوا العهود التي بينهم وبين الله سبحانه وتعالى ولهذا رفع الله سبحانه وتعالى عنهم الخيرية والأفضلية التي كان وضعها لهم فترة من الزمن ونقض الميثاق فإن كان مع الله فمن باب أولى مع الناس ونقضهم الميثاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً شاهد كبير جداً يعني نقضوا، بنو قريظة نقضوا الميثاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم وبنو النضير نقضوا الميثاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله يبدو أن هذا مرتبط بنفسية اليهود يعني أنا قرأت كلام للدكتور عبد الستار فتح الله سعيد له كتاب قيم حقيقة وأنصح بقراءته عنوانه “معركة الوجود بين القرآن والتلمود” فتحدث فيها عن صفات اليهود في القرآن الكريم فكانت أبرز الصفات التي ذكرها صفة نقض العهد والميثاق وأنها صفة ملازمة لهؤلاء اليهود وأنها نفسيتهم نفسية اليهود نفسية لا تستطيع الوفاء بالعهد حتى ولو أرادوا ولذلك قد يأتي قائل ويقول هناك يهودي أعرفه رجل محترم أو وفيّ أو كذا.

الشيخ مساعد الطيار: يعني فرد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ربما يكون فيهم فعلاً أفراد لكن الطبيعة المسيطرة على المجتمعات اليهودية هي صفة نقض العهود فكلما وجدوا فرصة، وجدوا استقواء، وجدوا مناسبة لا يتورعون عن عدم الوفاء بالعهد. لكن لو تلاحظ المسلمين كيف أن الوفاء بالعهد والميثاق جزء أساسي من الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة:1] (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)) [الإسراء].

الشيخ مساعد الطيار: طبعاً أبو عبد الله بعض الناس قد يستغرب انتقل طبائع النفوس من جيل إلى جيل أو بقاء طبائع النفوس في أجيال متتالية فهذه الحقيقة تحتاج إلى دراسة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل هذه الخصيصة.

الشيخ مساعد الطيار: إي مثل هذه الخصيصة اليهود لو تأملت أمرهم تجد أن الله سبحانه وتعالى وهو يخاطب الذين كانوا بين ظهراني النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبهم بفعائل آبائهم وينسبها إليهم وهذا دليل على أن هذه الفعائل لا تزال فيهم وأنهم راضون بها وسيأتينا أيضاً هنا بعض المعاني مثل قوله (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) مع أن الذي قتله هو بعض منهم فإذاً فكرة خصائص الشعوب وخصائص بعض السلالات البشرية هذه الحقيقة دراستها جديرة بالعناية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يبدو لي والله أعلم أن نقض الميثاق عند اليهود أنه نتيجة للذلّة التي ضربها الله عليهم على مدار التاريخ فأصحبوا يرون أنهم في حِلّ من نقض العهود مع غيرهم، يرون أن هؤلاء الذين يعقدون العهود معهم والمواثيق هم أصلاً ظَلَمة ومنتهكون لحقوق اليهود فيجوز نقض المواثيق معهم، مع العرب، مع المسلمين، مع غيرهم يرون هذا حق مشروع لهم لليهود وهذا فيما يبدو لي والله أعلم نتيجة لعيشهم مدة طويلة جداً مشرّدين في مجتمعات مغلقة مضطهدة وما يسمونه بالغيتو عاشوا في أوروبا فترة طويلة من الزمن وعبر التاريخ وهم في هذه الكنتونات أو في هذه المجتمعات المغلقة مضطهدين يشتغلون في المهن الوضيعة يهانون، يعذّبون، يُطردون فكان هذا نتيجة طبيعية أن يرون أنهم في حِلّ يعقدون هذه المعاهدات ثم إذا وجدوا أي فرصة ينقضونها ويرون أن هذا جائز لهم ولذلك الله سبحانه وتعالى ذكر عنهم (قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) [آل عمران:75] فكل شيء حلال.

الشيخ مساعد الطيار: لكن ألا ترى أن هذه منبثقة من فكرة الشعب المختار؟ يعني فكرة الشعب المختار الذي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة:11].

الشيخ مساعد الطيار: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ففكرة الشعب المختار أحدثت عندهم هذه النظرة يعني نظرة عجيبة جداً لأنه جنس آخر، دم مصطفى ليس من أي جنس.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يجري عليه ما يجرى على غيره.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم فيقولون لا يجري علينا ما يجري على غيرنا من الأميين والأميين هنا ليس المراد بهم فقط أمة محمد لأنهم يسمونهم في كتبهم “الجوريم” أي من سوى الشعب اليهودي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: غير اليهود.

الشيخ مساعد الطيار: يعني حتى النصارى الذين كانت أصولهم من بني إسرائيل وبعد انتشار النصرانية في الروم وفي غيرها لا يعتبرونهم شيئاً يعتبرونهم ليسوا من سلالة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فالأصل هو هذه السلالة طبعاً فيه كلام طويل في قضية تفضيل إسحاق على إسماعيل عندهم وقضية الذكورية والبكورية إلى آخره ليس هذا مجال الحديث عنها لكن أنا أقصد أنها منبثقة أو أحد أسباب هذه النظرة هي قضية فكرة الشعب المختار التي وجدت في هذا الشعب. الآن في قوله (وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ).

الشيخ محمد الخضيري: لو سمحت لي يا أبو عبد الملك قد يسأل سائل يقول (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) أين الجواب؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعنّاهم.

الشيخ محمد الخضيري: إما أن يكون مقدراً تقديره لعنّاهم وإما أن يكون ممتداً إلى قوله عز وجل (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ).

الشيخ مساعد الطيار: ولكنه بعيد.

الشيخ محمد الخضيري: لاحظ معي ما جاء الجواب (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ)، (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ)، (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ).

الشيخ مساعد الطيار: يعني (فَبِظُلْمٍ) كأنها بدل من قوله (فَبِمَا نَقْضِهِمْ) يعني بسبب نقضهم (مِيثَاقَهُمْ).

الشيخ محمد الخضيري: وكفرهم وقتلهم إلى آخره وبظلم.

الشيخ مساعد الطيار: وبسبب ظلمهم.

الشيخ محمد الخضيري: حرّمنا عليهم فمنهم من العلماء من قدر لعنّاهم كما ذكرت يا أبا عبد الله ومنهم من قال إن الجواب ممتد إلى قوله لأنه مستمر، عاطفات مستمرة. لكن هنا قوله (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) بدأ بها حقيقة لأن ما بعدها يتفرع عليها فهي مهمة جداً ولذلك نحن نقول إن نقض المواثيق ليس المواثيق التي تكون بين البشر بل ما هو أعظم نقض الميثاق بين العبد وبين ربه سبحانه وتعالى ميثاق التوحيد، ميثاق الطاعة، ميثاق أخذ الكتاب بقوة، العمل به، هذه المواثيق يجب على المسلم أن يراعيها ولذلك جاء في الآية (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)) [الأحزاب] إذاً يجب على المسلم أن يرعى الميثاق الذي بينه وبين الله سبحانه وتعالى. هنا أنا أظن على عادة السور القرآنية كلما جاء ختام سورة بدأ يمهد للسورة التي تليها وتعرفون سورة المائدة هي سورة المواثيق.

الشيخ مساعد الطيار: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) [المائدة:1].

الشيخ محمد الخضيري: وبدايتها في هذا الموضوع قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) [المائدة:1] لاحظ قوله (أُحِلَّتْ لَكُم) يفسر هذه العهود أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: بلى.

الشيخ محمد الخضيري: إن العهود هي هذه الشرائع والتكاليف والأوامر والعقائد التي نزلت في هذا الكتاب الذي بين أيديكم فإياكم أن تحلّوا شيئاً حرمه الله أو تحرموا شيئاً

الشيخ مساعد الطيار: أحلّه الله.

الشيخ محمد الخضيري: أحلّه الله ولذلك قال بعدها (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ) [المائدة:2] ثم إن السورة تؤكد هذا المعنى سورة المائدة في أنها من أولها إلى آخرها في هذا المضمون قصدي أن البداية جاءت من هنا والتقديم جاء من هذه الكلمة (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ). هناك في سورة المائدة لما أراد أن يذكر ربنا سبحانه وتعالى هذه القضية ذكر إخلال اليهود بالعهود ولذلك قال بعد آية الوضوء قال (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ) [المائدة:7] يعني أيها المسلمون ثم انتقل إلى اليهود فقال (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ) هذا إخلال بالميثاق (مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (١٢)) ثم أعادها نفس الآية قال (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣)) [المائدة] ثم يأتي إلى نقض النصارى أيضاً تماماً نؤكد على هذا الموضوع وهو نقض الميثاق وأن أهم ما فيه هي هذه العلاقة بين العبد وبين ربه طاعة العبد لله عز وجل وهذه الشريعة التي تحمّلها الإنسان في ذمته قال (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ) [المائدة:14] وهذا سنأتي إليه إن شاء الله في سورة المائدة لكن نبين لإخواننا المشاهدين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الاتصال بين السورتين.

الشيخ محمد الخضيري: الاتصال بين السورتين وأن نقض الميثاق هو سبب لكل هذا البلاء الذي يحل بالأمم ومنها أمتنا هذا الاختلاف والتجاذب الذي نحن نعيش فيه الناس يسألون ما سببه؟ ما هي مبرراته؟ موجباته؟ نقض الميثاق الله قال هنا (وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ) [المائدة:14].

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جزاءً لنقضهم.

الشيخ محمد الخضيري: جزاءً لنقضهم. إذاً لما بدأ الله بقوله (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ) بدأ بشيء عظيم ينبغي أن ينتبه له المسلمون وفي الوقت ذاته لا يُقصر المعنى على أن الميثاق هو المواثيق التي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: العقود المباشرة.

الشيخ محمد الخضيري: المباشرة التي تكون بين العباد وإن كانت هذا منها.

الشيخ مساعد الطيار: تدخل.

الشيخ محمد الخضيري: تدخل فيها قطعاً ولكن هناك ما هو أجلّ وأعظم وأعمّ وهو

الشيخ مساعد الطيار: الأصل لأنه إذا صح الأول تفرّع عنه الثاني.

الشيخ محمد الخضيري: تفرّع عنه الثاني.

الشيخ مساعد الطيار: في قوله (وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ) طبعاً أنت الآن ذكرت فائدة جميلة وهو كأن هذه الآية مقدمة وممهدة لما سيأتي في سورة المائدة لأن الحديث عن العقود.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والمواثيق.

الشيخ مساعد الطيار: والوفاء بها أو نقضها. (وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ) طبعاً الآن في قوله (وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ) يعني كأنها بحُجج الله الدالة على استحقاقه العبودية سبحانه وتعالى وكذلك حُجج الله الدالة على صدق أنبيائه بما جاءوا به من عنده فهم كفروا بهذا أن يكون من عند الله. لكن كيف كفر اليهود بآيات الله؟ لأنه الآن وصفهم بالكفر فلو رجعنا أيضاً إلى تاريخ اليهود سنجد أن كفرهم بآيات الله واضح جداً يعني الكفر بآيات الله واضح جداً وأنه ما من نبي جاءهم إلا وتعنتوا معه ولم يطاوعوه ويكثرون الشقاق عليه وهذا كله يعتبر من الكفر بآيات الله. حتى سليمان وداود مع قوتهما وكونهما أوتيا الملك نجد أن هؤلاء كانوا يتعنتون معهم ووصفوهم أيضاً بأوصاف لا يوصف بها أقل الناس فهذا كله يدخل في الكفر بآيات الله. فأيُّ شيء يوصف به الأنبياء مما لا يليق بهم فهو جزء من الكفر بآيات الله لأنه فيه عدم تصديق لنبوة هذا النبي وتحقيق العصمة التي أثبتها الله سبحانه وتعالى لهؤلاء.

الشيخ محمد الخضيري: الصفة الثالثة مما ذكره الله عز وجل قتلهم الأنبياء ولم تُذكر أمة في القرآن بوصف قتل الأنبياء غير اليهود والغريب أنه تكرر في القرآن كثيراً أتمنى لو كان معنا في الآيباد نحصي هذا الأمر (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) [البقرة:61]، (وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) [آل عمران:112]، (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ) لاحظ استمرت هذه الصفة فيهم أنا أتذكر قبل قليل كلام الدكتور مساعد كيف الأمة تختص بصفة وتتوارث تلك الصفة حتى لا تكاد تُعرَف في غيرها إلا أن يكون أفراد من أمم أخرى لكن كجماعة وأمة لا تكاد تجد عندهم هذه الصفة إلا عند تلك الجماعة أو الأمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لو سأل سائل يا دكتور محمد وقال كم عدد الأنبياء الذين قتلهم اليهود؟ هل عندك إحصائية في هذا؟

الشيخ محمد الخضيري: ما عندنا ولكن المفسرون ذكروا في ذلك أشياء مهولة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني كأنها قد وقعت مراراً أو أنها وقعت مرة واحدة ولكن لشناعتها.

الشيخ محمد الخضيري: مراراً وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم.

الشيخ مساعد الطيار: يحيى وزكريا.

الشيخ محمد الخضيري: وعيسى.

الشيخ مساعد الطيار: عيسى حاولوا قتله.

الشيخ محمد الخضيري: طبعاً يعني يعتبرون في حكم من قتله شرعاً يعتبرون في حكم من قتله وهم يتبجحون بذلك أنهم قتلوه والله قال (وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)) كما سيأتي معنا بعد قليل. ثم أيضاً ذكر المفسرون في هذا شيئاً كما ذكرت قبل قليل مهولاً قال إنهم يوماً من الأيام قتلوا في ضحى واحد خمس وعشرين نبياً ثم عادوا مساءهم أو عشيتهم تلك يتبايعون وكأنهم لم يصنعوا شيئاً مما يدل على أن هذا قد فشى فيهم لماذا؟ لكثرة أنبياء بني إسرائيل حتى قيل إن العلماء في أمة محمد كالأنبياء في بني إسرائيل معنى ذلك أن الأنبياء كانوا كثر.

الشيخ مساعد الطيار: عندنا في الآيات (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا) [آل عمران:112] هذه آية ذكر فيها قتل الأنبياء في مئة واثنى عشر من آل عمران وكذلك في آل عمران مئة وواحد وثمانين (لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنبِيَاءَ) [آل عمران:181].

الشيخ محمد الخضيري: هذه في تعبير قتلهم.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم.

الشيخ محمد الخضيري: ويقتلون ففيها أيضاً مواطن كثيرة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ) [البقرة:61]، (وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) [آل عمران:112] وأيضاً ألاحظ أنه يعبر دائماً بهذا التعبير (بِغَيْرِ حَقٍّ) وقد يقول قائل هل هناك قتل للأنبياء بحق أو لا؟

الشيخ محمد الخضيري: لا، هذا من باب التأكيد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: التشنيع أنه كان قتلاً شنيعاً وفعلاً لا يوجد أمة من الأمم أقدمت على مثل هذه الجريمة.

الشيخ مساعد الطيار: لعلنا نكمل هذه الفكرة بعد فاصل بإذن الله تعالى.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير

– إعلان جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ مساعد الطيار: حياكم الله أيها الإخوة والأخوات المشاهدون ونرجع إليكم مرة أخرى لنكمل ما وقفنا عنده في صفة قتل الأنبياء وما ذكر الله سبحانه وتعالى فيما يسمى عند العلماء بالصفة الكاشفة لقوله (بِغَيْرِ).

الشيخ محمد الخضيري: (بِغَيْرِ حَقٍّ).

الشيخ مساعد الطيار: والصفة الكاشفة هي التي تحكي الواقع وليست مرادة أو ليس لها مفهوم مخالفة وهذه من مواطنها فيسمى الصفة الكاشفة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بمعنى أنه ليس هناك قتل للأنبياء بحق.

الشيخ مساعد الطيار: يعني ليس لها مفهوم مخالفة وإنما هي تحكي الأمر على واقعه.

الشيخ محمد الخضيري: وبعضهم يسمي مثل هذا المسلّمة أو البداهية وهو ذكر الشيء الذي لا يُختلف فيه ولكن يُذكر من باب التأكيد وأيضاً أحيانا من باب التنفير وتبشيع الأمر.

الشيخ مساعد الطيار: يعني له أكثر من

الشيخ محمد الخضيري: هدف ومن أمثلته قول الله عز وجل (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) [الأنعام:38] يعني ما فيه طائر يطير بغير جناحين.

الشيخ مساعد الطيار: إلا بجناحين.

الشيخ محمد الخضيري: وكذلك قول الله عز وجل (فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) [البقرة:196] وقوله (فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف:142]، (وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)) [الحج] وكذلك قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ) [البقرة:282] ما فيه تداين إلا بدين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود إلى صفة من صفاتهم التي هي قضية (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ) يعني لاحظ أنهم جعلها الله سبحانه وتعالى سبباً من أسباب هذه العقوبات فقرنها بنقض العهد وبالكفر وقتل الأنبياء (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ) يعني كانوا يقولون نحن على قلوبنا أكنة ما نفهم ماذا تريد أن تقول (قُلُوبُنَا غُلْفٌ) يعني مغلقة عن فهم ما تريد، والله ما قدرنا نفهمك ماذا تريد أنت؟ ما فهمناك تماماً كما كان يقول قوم شعيب (مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ) [هود:91].

الشيخ مساعد الطيار: أو ممن يقول إذا أنت نصحته وقلت الله يهديك قال الله لا يهديني وأشياء قريبة من هذا لأن أهل الحقيقة بدل ما يقول هم حكموا على أنفسهم بأن قلوبهم مغلقة، غلف بمعنى ماذا؟

الشيخ محمد الخضيري: مغلفة جمع أغلف.

الشيخ مساعد الطيار: أغلف يعني كان من الأولى أن يقول ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الله يهدينا.

الشيخ مساعد الطيار: اللهم افتح على قلبي مثل ما قالوا قريش (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ) [الأنفال:32] بدل أن يقولوا فاهدنا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هلا قالوا فاهدنا.

الشيخ مساعد الطيار: فهذا يدل على أن هذه الصفة سبحان الله صفة مكتوبة على هؤلاء ولهذا الذين يؤمنون من اليهود أقل من الذين يؤمنون من النصارى، أقل. هناك ذكر الله سبحانه وتعالى قال

الشيخ محمد الخضيري: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا).

الشيخ مساعد الطيار: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى) [المائدة:82] فمايز الله سبحانه وتعالى في هذا بين الطائفتين مما يُشعر بأن هؤلاء بالفعل قد أغلقوا قلوبهم وغلّفوها عن أن يسمعوا الحق فيسمعونه ولا يهتدون.

الشيخ محمد الخضيري: الغريب أن هذه الصفة يا أبا عبد الله ويا أبا عبد الملك يعني نسمعها الآن من بعض من امتلأت قلوبهم نفاقاً وحقداً على الإسلام وهم مندسّون في صفوف المسلمين ويكتبون في صحف ووسائل إعلام إسلامية أو في بلاد إسلامية ويحاولون أن يسوغوا باطلهم بأنه هذه النصوص التي أنتم تتحدثون عنها هي نصوص قديمة وملخبطة وما هي مُفهِمة ولا مؤدية إلى التطور والرقي وأنه بينها تضارب وفيها أشياء غير مفهومة ولا يستطيع المعاصر أنه يدرك مراميها وما فيها هذا الكلام يقولونه وهو من أعظم الباطل لأن الذي يقرأ كتاب الله ويقرأ سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيّاً كان هذا القارئ سيجد أنه يصل إلى مراد الله ومراد رسوله بأيسر الأسباب والدليل على ذلك أنك لا تجد من عموم الناس من يذهب إلى كتب هؤلاء المفكرين وهؤلاء الليبراليين ويستطيع أنه يصل إلى المراد منها بيسر وسهولة هم الآن نخبويون حتى يقولون هم إنه نحن وإن كنا ندّعي أن ما عندنا ممتاز ورائع وراقي إلا أننا إلى اليوم لم نقدِّم رسالة بسيطة يستطيع أن يفهمها رجل الشارع. الرسالة التي استطاع القرآن أن يوصلها إلى عموم الناس ما استطعنا نحن أن نوصل عشر معشارها وهذه بعضهم اعترف بها قال إلى اليوم نحن رسالتنا نخبوية ما يستطيع يفهمنا ولا يستجيب لنا إلا النخب أما عموم الناس فإنهم لا يتلقون منا شيئاً ومما يؤكد هذا أننا لا نستطيع أن نجلس مع بادية وإلا عامة وإلا صغار وإلا كبار وإلا نساء نتحدث عنهم بأفكارنا ولغتنا وطريقة حديثنا وهذا يدل على ماذا؟ على أنهم كاذبون في دعواهم وأن القرآن هذا الذي نزل في عهد رسول الله اليوم يتلى على مجموعة من العجائز فترى الدمع يهمل من عيونهن ويتأثرن ويخشعن وتتغير أخلاقهن هذا يدل على ماذا؟

الشيخ مساعد الطيار: على أنه مفهوم.

الشيخ محمد الخضيري: مفهوم وأنه ميسر وأنه سهل وأن الذين فهموه قبل ألف وأربع مئة سنة يفهمونه اليوم وأنه ممكن يؤثر في هؤلاء الناس مباشرة بل إنه يؤثر حتى في من ضعفت عربيته بل حتى يؤثر في من لا يفهم العربية يؤثر برونقه وأسلوبه وإيقاعه من التأثير العظيم الذي جعله الله عز وجل في هذا الكلام الكريم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله انظر (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (١٧)) [القمر] القرآن الكريم ميسر وسهل وعميق وقوي ومتماسك وليس فيه تناقض وأما كلام هؤلاء فتجد أنه فيه غموض وليس فيه عمق وفيه تناقض كثير.

الشيخ محمد الخضيري: وفيه بهرجة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بهرجة وعبث محاولة تلاعب بالكلمات وكذا حتى تظن أنت أحياناً تتهم فهمك إنك لم تفهم في الحقيقة تراه تعقيد على الفاضي لكن العمق هو في هذا القرآن الكريم وبساطته هي سر قوته. التوحيد بالرغم من بساطته توحيد الله سبحانه وتعالى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله لا شريك له سبحانه وتعالى هذه واضحة جداً يفهمها العامي وهي الحق وهي الصواب تعال انظر إلى العقائد الباطلة فيها تعقيدات حتى بعض النصارى الذين يعتنقون النصرانية لا يناقشون في قضية التثليث لأنها فكرة سخيفة.

الشيخ مساعد الطيار: لا، أحياناً ما عنده استعداد يناقش.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فكرة سخيفة وليس هناك اتفاق على تفسيرها وعلى معناها وكل واحد يفسرها بطريقته وفي النهاية هي باطل مهما حاولوا أن يقدموها لك بأكثر من طريقة. الآن طريقة أيضاً محاولة الطعن في القرآن الكريم ومحاولة قراءته قراءة جديدة كل هذه والله إنك تقرأ فيها أحياناً وتقول دعني أرى والله قرأت عدد كبير عشرات الكتب والدراسات وخرجت منها أنني قاعد أضيع وقتي في قراءة دراسات كتبها أناس ليسوا قريبين من القرآن وليسوا من أهله.

الشيخ محمد الخضيري: وما النتائج يا أبو عبد الله؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما فيه يعني تكتشف إنهم يبعدونك هو في الحقيقة لأنه هو بعيد عن القرآن يبتعد بك وأنت لو رجعت إلى الطبري ورجعت إلى قتادة وإلى ابن عباس إذا هو قد فهمها على وجهها صاحب اللغة صاحب الإيمان.

الشيخ مساعد الطيار: معاني سلسلة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: معاني سلسلة وهذا هو ديننا وهذه عقيدتنا واضحة سهلة ولكنها عميقة يعني ليست سهولتها وبساطتها تدل على أنها ساذجة وسطحية لا بالعكس بل هي.

الشيخ مساعد الطيار: العجيب إنه لا تزال ما دمت فتحت الباب هذا لا تزال إلى الآن فلسفات الناس تبحث عن أوائل الكون كيف نشأ الكون يعني ما هي علاقة هذا الكون مع بعضه ببعض؟ ما علاقة الإنسان بهذا الكون؟ ولا زالت الحضارات تبحث ونحن عندنا الحل وقد انتهى الأمر من زمان وليست المشكلة هنا المشكلة من يتبعون الغرب ويمجدون هذه الفلسفات وينقلونها. بعض القنوات التي تعرض بعض الأفلام الوثائقية أو تكون متخصصة في الأفلام هي تنقل لنا فلسفة الغرب بنظرتها إلى الحياة نظرة جداً مادية نظرة تدل على ضلال واضح جداً جداً ولهذا انظر مثلاً للعبارات التي يطلقونها مثل غزو الفضاء، حرب النجوم يعني فيه عدائية مع الكون، المسلم ليس عنده عدائية مع الكون.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مسالمة.

الشيخ مساعد الطيار: مسالمة صحيح يعني المسلم مع الكون مسالم ويعرف ما هي حدوده.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) [الجاثية:13] علاقة تسخير يعرف إن هذا الكون مسخر له.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم ولهذا مثل هذه الفلسفات أو النظر فيها الإنسان الذي لا يكون عنده أصل وثبات لهذه النعمة التي أنعم الله علينا أن عندنا شيء نرجع إليه هذا يكون مثل رجل الفضاء لو خرج عن الجاذبية ماذا يحصل له؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يضيع.

الشيخ مساعد الطيار: يضيع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: انظر هذا الكلام بالرغم من أننا نقول الآن عندنا في كتب التاريخ وبعض كتب التاريخ يتكلمون عن الإنسان الأول البدائي وكيف كان ما يفهم كيف كان يتعرف على الأشياء شيئاً فشيئاً ما يعرف كيف يقدح النار ما يعرف كيف يعيش.

الشيخ مساعد الطيار: هذه من فلسفات الغرب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف والقرآن الكريم في أوله في إحدى الموسوعات الموجودة والمتداولة تتكلم عن بداية الإنسان بهذه الطريقة إن الأنسان الأول لم يكن يفهم ولا يعرف من هو الإنسان الأول؟ أليس آدم عليه الصلاة والسلام.

الشيخ مساعد الطيار: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ماذا قال الله سبحانه وتعالى (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) [البقرة:31] والله سبحانه وتعالى قد أسجد له الملائكة وكرّمه وكرّم جنس البشرية في شخصية آدم عليه الصلاة والسلام وكان يرتدي ثيابه بأحسن حلة والله سبحانه وتعالى كساه وبالرغم من ذلك يصورون آدم عليه الصلاة والسلام أنه لم يكن يعرف شيئاً بالعكس العلماء المفسرين عندما ذكروا (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) [البقرة:31] قالوا آدم عليه الصلاة والسلام كان أعلم البشر.

الشيخ مساعد الطيار: وأعلم الملائكة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأعلم من الملائكة بل أعلم من ذريته لأن الله سبحانه وتعالى قد علمه ثم أخذت ذريته من العلوم الشاهد انظر كيف يدسون مثل هذه النظريات؟ كيف نتعامل ونقول الإنسان الحجري والإنسان الأول هذا هو أبو البشر وكان موحداً ولم يظهر الشرك إلا في ذريته بعد سنين بعد قرون وهذا والله كما تفضلت هو من باب التحريف يعني هذه الحقائق وتجاوز هذه الحقائق.

الشيخ مساعد الطيار: ولهذا المسلمون حقيقة بحاجة إلى رجل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما أدري ما الذي نقلنا إلى هذا الكلام في هذا الموضوع؟

الشيخ محمد الخضيري: قوله (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ).

الشيخ عبد الرحمن الشهري: عن سماع الحق.

الشيخ مساعد الطيار: أجل لعلنا نقف عن هذا ونكمل الآيات وإن كان موضوع في هذا طويل. الآن في قوله (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ) طبعاً نسب الله سبحانه وتعالى الطبع إليه فدل على أن الله سبحانه وتعالى يفعل هذا الفعل فيهم لكن هذا الفعل لم يأتي ابتداء وهذه القاعدة مهمة أن ينتبه لها المسلم أنه بعد أن صنعوا وفعلوا، وفعلوا، وأعطاهم الله سبحانه وتعالى المهلة لما زاغوا أزاغ الله قلوبهم فهذا الطبع إنما جاءهم بعد سلسلة الأعمال المشينة فختم الله عليهم ما داموا قالوا (قُلُوبُنَا غُلْفٌ) ما دام أنت الذي أغلقت قلبك إذاً يغلقه الله سبحانه وتعالى فإذا أغلقه الله

الشيخ محمد الخضيري: ما ينفد إليه شيء من الهدى ولذلك هذا نقول (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ) هذا يدلنا على أن الإنسان يُحرم الفهم من الكتاب والسنة بقدر بعده عن الله عز وجل فكل معصية وذنب يسبب لك إغلاق بقدر ما حتى إذا اجتمعت هذه الذنوب وتكونت هذه المعاصي وصارت كفراً مدلهماً يعني أُغلق على قلب الإنسان وصار لا يفهم شيئاً فتأتيه البينات والآيات الواضحات لا يفهم منها شيئاً ويقول أنا ما أفهم، هي مفهومة لكن طبع الله عليك بكفرك أو على قلبك بكفرك فلا تؤمن إلا قليلاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا ليس خاصاً باليهود أن المعاصي والذنوب أنها تكون سبب لحرمان الإنسان من الفهم.

الشيخ مساعد الطيار: ويمكن الاستفادة منها فيها نوع من الإشارة إلى أن الإنسان إذا أقبل على العلم قد يُصاب في أول أمره أنه لا يفهم فلا يجعل في نفسه هذا الهاجس أنا لا أفهم بل يجتهد أن يبعد عن نفسه هذه الفكرة فإذا قال أنا لا أفهم، أنا لا أحفظ، وصار يكرر هذه على نفسه فإنه قد يقع منه هذا ويستمر عليه لكن إن اجتهد مرة بعد مرة فإن الله سبحانه وتعالى سيفتح عليه.

الشيخ محمد الخضيري: وأيضاً يجتهد ويُكثر من الدعاء ويسأل الله لأن الأمر بيد الله ولذلك كان شيخ الإسلام ابن تيمية إذا استغلقت عليه المسألة يُكثر من الاستغفار لعلمه بأن الذي يحجب الإنسان عن معرفة الحقائق والوصول إلى الهدايات هو الذنوب والمعاصي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً لاحظ في قوله (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)) [المطففين] أن المعاصي والذنوب هي سبب من أسباب الحرمان.

الشيخ مساعد الطيار: لا شك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: في الفهم وفي التوفيق وفي النجاح في الحياة والنجاح في الدراسة فلذلك تكلم ابن القيم كلاماً جميلاً يمكن أن يراجع في شؤم المعصية، شؤم المعصية على الإنسان أنها حرمان التوفيق وأشياء كثيرة يلمسها الإنسان في حياته.

الشيخ مساعد الطيار: وقصيدة أبيات الشافعي المشهورة.

الشيخ محمد الخضيري: شكوت إلى وكيع سوء حفظي.

الشيخ مساعد الطيار: فأرشدني إلى ترك المعاصي.

الشيخ محمد الخضيري: وقال بأن العلم نور      ونور الله لا يؤتاه عاصي.

الشيخ مساعد الطيار: في قوله (فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ) فكرر ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبب هذه العقوبات هو الكفر.

الشيخ مساعد الطيار: إي نعم ولا والتأكيد لاحظ قال (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ) ثم قال (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ) يعني بسبب كفرهم الطبع كان بسبب الكفر ثم قال (وَبِكُفْرِهِمْ) رتّب عليها (وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)) مما يدل على أن اليهود قد كفروا بالله سبحانه وتعالى فلم يبقى منهم إلا قلة قليلة هم الذين تمسكوا ببقايا دين موسى عليه الصلاة والسلام ومنهم عبد الله بن سلام الذي آمن بما جاء عن محمد صلى الله عليه وسلم فنفعه إيمانه بموسى فأوتي أجره مرتين.

الشيخ محمد الخضيري: وهذه يا إخواني من عدل القرآن لأن الله قال (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ) وبكون هؤلاء هذه صفاتهم يقتلون الأنبياء فلا خير فيهم ولا يؤمن منهم أحد قال لا، (فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155)) يوجد منهم من يؤمن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل معنى الآية (فَلَا يُؤْمِنُونَ) إلا إيماناً قليلاً؟

الشيخ محمد الخضيري: هذا ممكن.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو فلا يؤمن منهم إلا العدد القليل؟

الشيخ مساعد الطيار: يحتمل.

الشيخ محمد الخضيري: نعم وهذا الظاهر أيضاً. (وَبِكُفْرِهِمْ) طبعاً أعادها كأن الكفر هنا كفر آخر الكفر الأول كفرهم بآيات الله والكفر الثاني كأن السياق يدل على أنه كفر بعيسى عليه السلام لأنه قال (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)) أو يكون من كفرهم أو غلظ كفرهم أنهم قالوا هذه المقالة في مريم وفي ابنها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأيضاً يمكن أن يقال أنه لأن كل معصية من هذه المعاصي تستحق أنهم يُكَفّرون بسببها لأنها معاصي عظيمة قتل الأنبياء، نقض المواثيق مع الله سبحانه وتعالى.

الشيخ محمد الخضيري: كفرهم بآيات الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم فكأن سبب كفرهم الوحيد هذه المعصية ولذلك تكررت معه (وَبِكُفْرِهِمْ)، (وَبِكُفْرِهِمْ)، (وَبِكُفْرِهِمْ) وأيضاً فيها تأكيد على ما ذكرناه في الحلقات الماضية من أن الله سبحانه وتعالى يذكر الصفة التي كان بسببها هذا العذاب أو هذا العقاب.

الشيخ محمد الخضيري: (كلمة غير واضحة) كفر واليوم كفر يُعرف فيُتقى.

الشيخ مساعد الطيار: وهذه قاعدة في القرآن في ترتيب الحكم أو العذاب على علته أنه الآن كأنه قال إن سبب العذاب هو ماذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الكفر. (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156)) ما موقف اليهود من مريم عليها الصلاة والسلام.

الشيخ مساعد الطيار: طبعاً هم يرون والعياذ بالله أنها زانية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أعوذ بالله.

الشيخ محمد الخضيري: أعوذ بالله.

الشيخ مساعد الطيار: نعم هذا هو البهتان لأنها جاءت بولد من غير أب ولم يؤمنوا بهذه المعجزة وبهذه الآية العظيمة (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) [المؤمنون:50] ووجه كونهما آية أن أمه تلد من غير زوج وأنه هو أيضاً عليه السلام يولد من غير أب.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والله إنه الحقيقة أنها آية عظيمة يعني فتنة.

الشيخ مساعد الطيار: هي آية طبعاً ولهذا نقول أحياناً نحن نقرأ هذا الخبر عابراً إذا أردت أن تعرف أو تعيش هذا الحدث تخيله حاول أن تدخل في وسط الحدث وتنظر، تصور امرأة تأتي تقول والله هذا الولد جاءني وهو من عند الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا ومريم عليها الصلاة والسلام كانت معروفة بنزاهتها وطهارتها.

الشيخ محمد الخضيري: امرأة عابدة.

الشيخ مساعد الطيار: عابدة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم أسرة مشهورة بالصلاح والخير ثم تأتي فجأة بمولود يعني هي فتنة فعلاً.

الشيخ محمد الخضيري: ولكن هذه الفتنة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: رسب فيها اليهود.

الشيخ محمد الخضيري: نعم لكن هذه الفتنة الله سبحانه وتعالى ما جعلها فتنة محضة بحيث يُعذر هؤلاء في أنهم إذا قالوا قولتهم فيها يكون لهم مخرج، لا، يعني هي لما قالت ماذا أصنع؟ كيف أعمل في هذا الولد؟ فالله عز وجل قال قولي (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا) [مريم:26].

الشيخ مساعد الطيار: فتولى الله سبحانه وتعالى.

الشيخ محمد الخضيري: تولى الله سبحانه وتعالى إخراجها من هذا البلاء وإقامة الحجة عليهم.

الشيخ مساعد الطيار: والإجابة عنها.

الشيخ مساعد الطيار: والإجابة عنها فلما جاءت به تحمله إليهم (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (٢٩) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) [مريم]

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تكلم في المهد.

الشيخ محمد الخضيري: تكلم في المهد، لا، وبكلام فصل جزل لا يمكن أن يقوله صغير مثله ما قال مثلاً.

الشيخ مساعد الطيار: أبو عبد الله أنا لا أحب أن أقطعك لكن الحقيقة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: انتهى الوقت.

الشيخ مساعد الطيار: وقت الحلقة انتهى وأبو عبد الله ما شاء الله من المسترسلين فلعلنا إن شاء الله نعد المشاهدين والمشاهدات بأن نكمل بإذن الله تعالى في الحلقة القادمة بإكمال قصة عيسى عليه الصلاة والسلام.