برنامج بينات

برنامج بينات 1433هـ – الحلقة 14- تأملات في سورة النساء آية 160-161

اسلاميات

بينات – رمضان 1433 هـ

الحلقة 14

الآيات 160-161

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مشاهدي الكرام أهلاً بكم جميعاً في حلقة جديدة من برنامجكم بينات والذي نتفيؤ فيه ظلال سورة النساء سورة الحقوق والضعفاء وقد وصلنا فيها إلى قول الله عز وجل في الآية الستين بعد المئة (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)). بيّنا فيما مضى أن الله عز وجل قد يحرّم على العباد ويحرمهم من بعض الطيبات والمآكل والنعيم في الدنيا بسبب ظلمهم وعدوانهم وهذا يدلنا على أن ظلم العباد ومعاصيهم سبب لكثير من الشؤم الذي ينزل عليهم سواء كان هذا بأن يحرّم عليهم أو أن يُحرموا من نعمة من نعم الله عليهم فتفسد عليهم فلا يستمتعون بها ولا يلتذون بها. نبدأ هذا التعليق على قول الله (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) أبا عبد الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، طبعاً تلاحظ أن هذه المعاصي والذنوب سبق أن قلنا أن نقض الميثاق الذي اتصف به اليهود كان سبباً في التضييق عليهم في الطيبات وفي تحريم أشياء ليست محرّمة لم تكن محرّمة ولذلك قال (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) كانت حلالاً. مثلاً الخنزير ليس حلالاً أكله في أيّ شريعة.

الشيخ مساعد الطيار: شريعة، لأنه حرام نجس بذاته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه نجس بذاته لكن مثلاً طعام الغنم مثلاً أو لحم الغنم هو حلال أليس كذلك؟ لكنه حُرّم بسبب المعصية فالله سبحانه وتعالى يقول إنه حرّم عليهم أشياء كثيرة من الطيبات بسبب معاصيهم وذنوبهم. نحن المسلمون ولله الحمد الله سبحانه وتعالى أحلّ لنا الطيبات قال (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ) [الأعراف:157] وقال (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ) [الأعراف:32] فرق كبير بين شريعتنا وبين شريعة بني إسرائيل التي حرّم الله عليهم فيها أشياء كثيرة بسبب ظلمهم وبسبب عصيانهم وتمردهم ولذلك قال هنا (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)) أيضاً وبسبب صدّهم عن سبيل الله إما أن يكون المقصود صدّهم أناساً كثيرين أو المقصود صدّهم صداً

الشيخ مساعد الطيار: أو كثرة صدّهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو كثرة صدّهم.

الشيخ مساعد الطيار: والأقرب الأول لأنهم كانوا كثيري الصدّ عن دين الله سبحانه وتعالى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يصد”ون عن سبيل الله من آمن به كلما وجدوا واحداً يريد أن يؤمن يصدّوه.

الشيخ مساعد الطيار: بأي نوع من أنواع الصد ولذلك نجدهم اليوم يمكن أننا نسرد أنواع من الصد التي نراها اليوم خاصة إذا صدقت ما تسمى ببرتوكولات حكماء صهيون فهي نوع من الصدّ لا شك.

الشيخ محمد الخضيري: وسائل الإعلام الآن كثير منها.

الشيخ مساعد الطيار: الأفلام، الغناء، الكرة، كلها استغلت للصد عن سبيل الله، كلها ملاهي استخدمت للصد عن سبيل الله. بل لو رجعنا إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لوجدناهم قالوا (آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٧٢)) [آل عمران].

الشيخ محمد الخضيري: هذا لون من ألوان الصدّ.

الشيخ مساعد الطيار: هذا من أكبر أنواع الصدّ تشكيك المؤمنين.

الشيخ محمد الخضيري: وصنع تمثيلية في قضية إنه آمن ثم ما لقى عند المسلمين شيء يدل على صدق دينهم في آخر النهار رجع إلى يهوديته لأنه عرف أن اليهودية دين حق من أجل أن يصدّ هؤلاء الضعفاء والمساكين عن الدخول لدين الله مكر كُبّار!!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أسلوب ذكي.

الشيخ محمد الخضيري: إيه لكنه سيعود في النهاية عليه. أنا أود لو سمحتم أرجع إلى قوله (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ) وأنت تلوت أبا عبد الله قوله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ) [الأعراف:32] وقوله (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ) [الأعراف:157].

الشيخ مساعد الطيار: هذه قاعدة في المطعومات.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم قاعدة في المطعومات وهو أن كل طيّب الأصل فيه أنه حلال ولعل هذه تصحح ما يذكره بعض أهل العلم يقولون الأصل في الأشياء الحلّ أو الإباحة ينبغي أن تقيّد بقيد القرآن الأصل في الأشياء الطيبة الحِلّ لأن الله عز وجل إنما ذكر هذه الأشياء ليس بوصف الشيء وإنما بوصف الطيب قال (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ) ما قال ويحلّ لهم الأشياء ويحرّم عليهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأشياء.

الشيخ محمد الخضيري: الأشياء أو الخبائث مثلاً فهذا يدلنا على أن الأصل في كل أمر طيب من المأكولات، المشروبات، الملبوسات، المصنوعات، المعاملات، كل ما يطيب ويُستحسن ويُرى أن له منفعة الأصل فيه أنه حلال. أما إذا كان فيه ظلم وأذى أو كان فيه فساد أو مرض أو بلاء فلا يقال أن الأصل فيه الحل إنما يقال الأصل فيه التحريم. قوله (حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ) هذه تفسيرها أين؟ في قول الله عز وجل (وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ) [الأنعام:146].

الشيخ مساعد الطيار: تصور يذبح الذبيحة ويبدأ فيه أشياء محرّمة عليه نحن الحمد لله نذبح الذبيحة ليس فيها أي شيء محرّم.

الشيخ محمد الخضيري: الله أكبر! كلها حلّ لنا نأكل منها.

الشيخ مساعد الطيار: إلا الدم المسفوح أما ما عداه، لكن تصور كيف يتعامل؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: معاناة والله.

الشيخ محمد الخضيري: نحن ذكرنا في حلقة ماضية أن عقوبات الله لليهود نجد أنها منوّعة لكثرة معاصيهم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)).

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم فهذه المعاصي حقيقة لو أن أحداً تتبعها ثم تتبع العقوبات.

الشيخ مساعد الطيار: ووجد المناسبات.

الشيخ محمد الخضيري: وجد المناسبات بين ما حرم بين ما عوقبوا به وبين ما أذنبوه لكان في هذا شيء من العظة والعبرة للعباد. (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160)) ثم قال (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا) ما معنى هذا؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه من خصائص اليهود أيضاً أكل الربا واستحلال الربا طبعاً هم يقولون الربا في التوراة وهم كاذبون طبعاً أنهم يحرُم الربا عندهم فيما بينهم يعني يحرُم أن تأخذ الربا من يهودي مثلك ولكن عندما يكون الربا مع غير اليهود فهو حلال وهم كاذبون في هذا وهو مما حرّفوه والربا محرّم في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام وبكل الشرائع. لكنهم استحلوا أكل أموال الناس بواسطة الربا وبواسطة غيره ولذلك اشتُهر اليهود في التاريخ بهذه الطريقة واستطاعوا بهذه الطريقة السيطرة على رؤوس الأموال حتى زماننا هذا.

الشيخ مساعد الطيار: المرابي الجشع هذه أشبه ما تكون صفة لليهود.

الشيخ محمد الخضيري: اليوم البنوك العالمية تقوم على قاعدة الربا لأنها مملوكة لليهود.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم كثير من كبار البنوك هي في ملك اليهود حقيقة وهم يعني فعلاً لديهم من المكر والخبث والتخطيط هم يخططون تخطيطاً بعيد المدى ولا زالوا إلى اليوم يفعلون ذلك يخططون تخطيطاً والحقيقة لما تفكر فيها هي فعلاً أشياء منطقية أنك عندما تسيطر على الاقتصاد وتسيطر على القرار السياسي.

الشيخ محمد الخضيري: والإعلام.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والإعلام طبعاً الإعلام والاقتصاد هي خادمة لهذا هي التي تتحكم في القرار السياسي فأنت تستطيع أنك على المدى البعيد تسيطر ولذلك هم اليوم يسيطرون على هذه المنافذ بقدر ما يستطيعون لكن ربما في الآونة الأخيرة بدأت الأمور تخرج عن أيديهم لأن الناس فهموا اللعبة وبدأوا ينافسونهم على هذه الأشياء لكن مرت فترة طويلة من التاريخ المعاصر وهم ممسكون بمفاصل الإعلام ومفاصل الاقتصاد والقرار السياسي. ولذلك اليوم لاحظ اليوم في تاريخنا اليوم كيف تستطيع إسرائيل وهي دولة صغيرة ترى دولة تعتبر دولة صغيرة مقارنة بالدول من حيث عدد السكان من حيث المساحة ولكن إنها من حيث القرار السياسي تعتبر قوية جداً تستطيع أنها تلعب بالدول الكبرى فتسيّر أمريكا وروسيا والصين وفرنسا والمجموعة الأوروبية كلها تصوّت لصالح القرارات التي تتخذها ولذلك انظروا الآن في فلسطين مثلاً كم يتخذ من القرارات في الأمم المتحدة ضد اليهود ولكن لا تنفذ لكن قرار واحد يتخذ لصالحهم ماذا سيكون مصيره؟ ينفذ. كم يستخدم الفيتو لصالح اليهود؟ لا يملكون حق الفيتو هم لكنهم استخدم لصالحهم

الشيخ محمد الخضيري: كثيراً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كثيراً. فالشاهد أن أخذ الربا وأكلهم أموال الناس بواسطة الربا صفة من صفات اليهود التي تكاد تكون ملازمة لهم وقد استطاعوا بها خلال التاريخ ادخال الفساد بشكل كبير جداً في الاقتصاد العالمي إلى اليوم حتى تذكرون الأزمة العالمية قبل فترة بسيطة كانت أزمة مالية أزمة اقتصادية عالمية أقرأ في التقارير فإذا وراءها يهودي، أحد اليهود من أكبر المستثمرين أظنه في ماليزيا وفي سنغافورة ومن المناطق في شرق آسيا كان له أظن أنا ما فهمت بالضبط طريقة إفساده

الشيخ مساعد الطيار: كانت في آسيا.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نسيت نعم لكنه كان له دور هذا التاجر اليهودي في الموضوع والمسألة تعود في النهاية إلى قضية الربا والتعامل به.

الشيخ محمد الخضيري: يا إخواني يستشكل البعض لماذا حرم الله الربا؟ يعني أنا أعطيك الآن فلوس ألف ريال ثم أقول لك تردها في نهاية العام ألف ومئتين ريال ما هي المشكلة في هذا الباب يعني؟ لأن بعض الناس يقول أنا حر وأنت حر واتخذنا قرارانا برغبتنا ما هو وجه الإشكال في أن الله سبحانه وتعالى شدّد على الربا وحرّمه وعظّم من شأنه أنا أرجو أن نلمح إلى هذا وإن كان التفصيل فيه قد يحتاج إلى لقاء خاص، هل من جواب؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني الآن المقابل دائماً المال يجب أن يكون هناك مقابل لهذا المال عندما أقرضك الآن مثلاً ألف ريال ثم أطلب منك انك ترجعها لي ألف ومئتين المئتين هذه مقابل ماذا؟

الشيخ محمد الخضيري: ما هناك جهد، عمل، انتاج.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مقابل ماذا؟

الشيخ مساعد الطيار: ليس هناك أي انتاج.

الشيخ محمد الخضيري: فهذا كون المال ينمي بعضه بعضاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يولد المال.

الشيخ محمد الخضيري: إيه أولاً فيه ظلم للكادحين والعاملين، وثانياً فيه أن المال يصبح من دون مقابل وهذا يجعل الانتاج في العالم وكون هذا المال لا يؤدي الثمرة المرجوة منه، ثالثاً يجعل هؤلاء الجشعين يتعيّشون من عرَق هؤلاء الضعفاء والمساكين.

الشيخ مساعد الطيار: لأنهم يشتغلون بالمال.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم.

الشيخ مساعد الطيار: لكي يردوا الدين ثم الربا المسكين هذا أمامه ثلاث قضايا أصل الدين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والفائدة.

الشيخ مساعد الطيار: والفائدة ومكسب يريده المرابي وهو الذي يتعب

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم أيضاً الربا مع الوقت يحصر المال في يدي فئة قليلة ولذلك الله سبحانه وتعالى ذكر هذا في سورة الحشر (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) [الحشر:7].

الشيخ مساعد الطيار: لأنه وزع الفيء وكانت من مقاصد الفيء أن لا يكون دولة بين الأغنياء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يحصر فقط في أيدي الأغنياء ويحرم منها الفقراء.

الشيخ مساعد الطيار: لم يعطى الأغنياء من الفيء وإنما خص به ذوي الحاجة (كَيْ لَا يَكُونَ) هذه علة فهذه العلة ممكن أن نقيسها حتى في مثل الربا يعني المرابي واضح جداً من المرابين وكذا اشتغل أول عمره ثم بعد ذلك جلس ويتاجر بهذه الطريقة ونسمع طبعاً عن أنواع من التحايل على الربا كيس ملح تجد له سنوات وهو في مكانه يباع به ويشرى.

الشيخ محمد الخضيري: يبيعون ويشترون بهذا الكيس.

الشيخ مساعد الطيار: هذا تحايل على الربا فيه أيضاً ما يتعلق بالآية قبل أن ننتقل عن موضوع الربا قد يقول قائل أليس الربا من أكل أموال الناس بالباطل؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بلى.

الشيخ مساعد الطيار: الجواب بلى. الربا إذاً هو جزء من أكل أموال الناس بالباطل فذكر الربا استقلالاً.

الشيخ محمد الخضيري: يدل على قبحه.

الشيخ مساعد الطيار: للتنبيه على قبحه وشناعته.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وحرمته.

الشيخ مساعد الطيار: وحرمته. والقرآن له طريقان في هذا أن يذكر الخاص ثم يذكر العام أو يذكر العام ثم يذكر الخاص فإذا ذكر الخاص قبل العام لا شك أن فيه إشارة أقوى إلى العناية بهذا الأمر والتنبيه عليه يعني استعجله في الذكر لينبّه عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفيه نقطة أخرى يا أبو عبد الملك وهي أنهم كانوا يزعمون أنه حلال.

الشيخ مساعد الطيار: حلال.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فالله سبحانه وتعالى أراد أن يكذّبهم قال (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ).

الشيخ مساعد الطيار: نعم هو نص على

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنه منهي عنه محرّم فأيضاً هو هذا من باب تخصيصه مع أنه يدخل في أكل أموال الناس بالباطل.

الشيخ مساعد الطيار: كأن يكون أحد أسبابه أنه عُين بالذكر، لاحظ قوله تعالى (مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ) هذا عام (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ) [البقرة:98] فهذا خاص مع أن جبريل وميكال جزء من الملائكة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا أسلوب عربي عطف الخاص على العام لا يعطف الخاص على العام إلا لحكمة.

الشيخ مساعد الطيار: لحكمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فلا شك أنها ظاهرة هنا في قضية أول شيء الربا أصبح من أظهر الصور التي كانوا يأكلون بها أموال الناس بالباطل فكان وجب التنبيه عليه قديماً وحديثاً ولذلك اليوم حتى عندما تقرأ الآن في كتب الربا تجد أن اليهود لهم حضور ظاهر في التاريخ الاقتصادي في التعامل مع الأموال أنهم فعلاً يأكلون أموال الناس بهذه الطريقة بشكل فيه ظهور واضح.

الشيخ مساعد الطيار: أنا كنت أريد أن أنبه على مسألة وهي أنه هذا ليس هذا محلاً للبحث أن تُجمع الآيات التي ذكر فيها الخاص قبل العام والآيات التي ذكر فيها العام قبل الخاص ثم يجعل موازنة بين الأمرين لاستجلاء الأسباب والأساليب المرتبطة ببلاغة القرآن في هذين الأمرين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فعلاً هذه فكرة جميلة جداً.

الشيخ محمد الخضيري: انظر مثلاً إلى قول الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠)) [الأحزاب] طبعاً من تقوى الله أن تقول قولاً سديداً لكنه أشار إليه أو خصصه بالذكر للعناية به (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)) [الأحزاب] أكلهم أموال الناس بالباطل.

الشيخ مساعد الطيار: له صور.

الشيخ محمد الخضيري: له صور كثيرة جداً دعونا الآن نعد بعضاً منها الرشوة.

الشيخ مساعد الطيار: (فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) [المائدة:62] قيل إنه الرشوة .

الشيخ محمد الخضيري: الرشوة، الرشوة من أكل أموال الناس بالباطل، القمار أيضاً من أكل أموال الناس بالباطل.

الشيخ مساعد الطيار: والقمار قريب من الربا ليس ببعيد.

الشيخ محمد الخضيري: إي نعم ناس تلعب وفي النهاية أنا آخذ مالك في لعبة من دون أن يكون بذل جهد ويذهب مال الإنسان في ساعة يعود فقيراً بعد أن كان غنياً مكتفياً، أيضاً بيوع الغلط هي من أكل أموال الناس بالباطل، البيوع المبنية على.

الشيخ مساعد الطيار: التطفيف.

الشيخ محمد الخضيري: التطفيف في المكاييل والموازين هذا من أكل أموال الناس بالباطل، جميع البيوع المبنية على الغش أيضاً من أكل أموال الناس بالباطل أني أحسّن السلعة وأزينها وهي ليست كذلك أو أضع لها وزناً وفي النهاية هي ضارة لبدنك هذا من أكل أموال الناس بالباطل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وكثيرة واليهود لا يتورعون عن أي معاملة يكسبون من ورائها المال ربا ما ربا ضرر ما فيه حاجة اسمها حرام.

الشيخ مساعد الطيار: ليس هناك حرام مطلقاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حلال ما حل بيده.

الشيخ محمد الخضيري: وهذا يدل على أنهم يعبدون المال يعني هذا المال معبود ولذلك هذه العقيدة الآن شاعت في هذا العصر وأصبح كيف نحصل على المال؟ فسد الناس ذهبت أخلاقهم حصل بينهم قتال، ما يهم، المهم نحن كيف نحصل على المال؟ الآن تقام حروب في الأرض من أجل أن تشغّل المصانع مصانع السلاح في أمريكا وأوروبا يقولون اشحنوا بين هذه الدولتين وأوقدوا نار الحرب بينهم من أجل تشتغل. تصور مثلاً قضية انفلونزا الخنازير التي خوفونا بها قبل ثلاث سنوات وأشيعت من أجلها تطعيمات وإلى آخره تبين فيما بعد أنها أكذوبة لأن هناك مصانع ضخمة جداً مصانع الأدوية كان يراد أن تضخ فيها أموال هائلة فاخترعت هذه ودعمت إعلامياً واشترت الدول دول العالم الثالث هذه الأمصال وخُوّف الناس بمئات المليارات وفي النهاية تبين أن لا حقيقة لهذه القصة ولا صدق.

الشيخ مساعد الطيار: لكن العجيب مثل هذه كثير من الناس لو ذكرتها ما يصدقون يعني لا يصدقون أن دولاً.

الشيخ محمد الخضيري: سنعود إلى الكلام بعد أن نأخذ هذا الفاصل ثم بإذن الله عز وجل نواصل.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

– إعلان جوال تفسير

– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ محمد الخضيري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنا نتحدث عن قوله عز وجل (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)) كان الدكتور مساعد يريد أن يفيدنا حول قول الله عز وجل (وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) عندما تحدثنا عن تأليه كثير من النظم المعاصرة للمال وجعله إلهاً من أجله تقام الحروب المهم أن نحصل على المال كنت أبا عبد الملك تقول.

الشيخ مساعد الطيار: كنت أقول إن بعض الناس يسمعون هذا الكلام عما ذكرته عن انفلونزا الخنازير أو غيرها لا يتصور أن دولاً مثل الدول الغربية التي لها قيم هو يرى أن لها قيم والإنسانية العبارات المشهورة أنهم يفعلون مثل هذا وهذا لا شك أنه ظنٌّ واهم لأن هؤلاء يبحثون عن مصالحهم لا ينظرون إليك أنت كإنسان والدليل على ذلك واضح جداً فحضارة الغرب قائمة على مادية بحتة جداً جداً والذين درسوا فلسفة الحضارة الغربية يعرفون هذا لكن ليس كل واحد من الناس يدرك هذا أتمنى أن يكون عند المسلم وعي وأنا سأضرب فقط مثال لماذا الغرب يتكلم عن قضاياً مثل قضية حجاب المرأة أو قضية المرأة المسلمة ويزعم أن المرأة المسلمة عندنا قد هضمت حقوقها، ما هو السبب من تعدد الزوجات؟ لماذا لا يذهب إلى افريقيا السوداء ويتكلم عن حقوق المرأة الأفريقية التي بعضهن الرجل يتزوج الخمسين والعشر وهي في أسوأ حال يعني لماذا؟ أنا أريد المسلم أن يفكر لماذا لا يذهبون إلى هناك ويأتون إلينا ليس هناك صراع بينهم وبين هؤلاء الأفارقة الوثنيين.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ممكن أنهم يقولون هذا منتشر في أفريقيا فقط وعندنا منتشر القضايا التي تهمنا.

الشيخ مساعد الطيار: أنت ستسمع الإعلام مفتوح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا شك، القرآن الكريم سبحان الله العظيم يظهر عداوة اليهود والنصاررى لنا خصوصاً نحن المسلمين وهذا عداء ديني، عقدي، ولذلك أنا استغرب من بعض الفضلاء الذين يحاولون أن يهونوا من هذا الشأن ويقولون أنه ليس هناك عداء عقدي وأن المسألة الآن مسألة مصالح اقتصادية وسياسية ليست التحليل العقدي هذا بُعد غير صحيح في حين أنه هو البعد الحقيقي لكل هذه الصراعات.

الشيخ مساعد الطيار: وهذا الصحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنها تنكشف في النهاية الصراعات التي قيل أنها سياسية واقتصادية فتنكشف في النهاية فإذا بها في الحقيقة صراعات دينية، عقدية، مبنية على الدين ومبنية على العقيدة وليست مبنية على الاقتصاد صحيح أنه قد تقوم حروب من أجل الاقتصاد وحروب من أجل السياسة لكن يبقى البعد الديني هو أخطر أنواع أو العقدي هو أخطر أنواع العداوات والحروب الموجودة حالياً وانظروا الآن ماذا يحدث الآن بين المسلمين وبين غيرهم اليهود على سبيل المثال النصيرية وغيرهم كل هؤلاء عداؤهم عقدي مع المسلمين ولذلك يقاتلونهم بعنف وبشدة وكذلك اليهود هنا ولذلك شف تحذير الله سبحانه وتعالى للمسلمين من اليهود وتحذيره لهم من المنافقين حتى يأخذوا حذرهم والعجيب أننا لا نلمس هذا الحذر ظاهراً في سياسات المسلمين إلا من رحم الله لكن لا أرى انعكاساً لهذه الحقائق التي يذكرها الله في القرآن على عداوة اليهود وعداوة النصارى وعداوتهم الدينية والتاريخية مستمرة فبالرغم من ذلك تجد المسلمين يسارعون فيهم كأنه لم يُحذّر منهم أبداً.

الشيخ مساعد الطيار: الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن هذا ترك الجهاد، الأخذ بأذناب البقر، عبادة المال، إذا المسلمون عبدوا المال مثل ما يعبدوا غيرهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تساووا.

الشيخ مساعد الطيار: نعم ولهذا كما ذكر د. محمد قبل الفاصل المهم أن نجلب المال من اين؟ لا يهم، ما له علاقة تقوم هناك دول، دول لا تقوم إلا على السياحة الفاسدة، دول تجد أنها تحرص على فتح مجالاتها براً وجواً وبحراً لكل من هب ودب لكن أهم شيء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: المال والاقتصاد.

الشيخ مساعد الطيار: مع أن الله سبحانه وتعالى قد توعد بسحق مثل هذه الأموال الناس كم سيعيشون مع هذه الأموال عشر سنوات، عشرين سنة، ثلاثين؟

الشيخ محمد الخضيري: يموتون ويتركونها.

الشيخ مساعد الطيار: غير هذا قد يدركون سحق الله سبحانه وتعالى لهذه الأموال وهم أحياء ينظرونها تنفرط من بين أيديهم يعني ماذا تحتاج هذه الدول لكي ينتهي منها هذا الأمر؟! قول كن فيكون مثل ما حصل لكثير من الدول الآن نسمع عن دول الغرب الاتحاد الأوروبي يتساقط ينفرط مثل السبحة هم يدعمون اليونان الآن بشتى الطرق يدعمونه مالاً مرة بعد مرة لكن انتهى الأمر إسبانيا تتبع الآن اليونان إذاً السبحة إذا انفرطت سقطت اليونان سقطت إسبانيا شيء جارف على الجميع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: اقتصادياً.

الشيخ مساعد الطيار: اقتصادياً فإذا سقطت أوروبا اقتصادياً سيجلس هؤلاء الأوروبيون يتفرجون.

الشيخ محمد الخضيري: لا طبعاً.

الشيخ مساعد الطيار: لا سيقاتلون من أجل ماذا؟

الشيخ محمد الخضيري: البقاء.

الشيخ مساعد الطيار: البقاء، من أجل الحصول على المال فمن سيمنع عنا حرباً أخرى بسبب هذا الدمار الاقتصادي الذي يحصل ما هو سببه؟ من أكبر أسبابه هو أكل أموال الناس بالباطل.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تذكرون في الأزمة الاقتصادية القريبة الأخيرة هذه.

الشيخ مساعد الطيار: هذه تبع لها جزء منها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله كانت ظهرت أصوات واضحة حتى في الغرب أن الحل الوحيد هو المنهج الإسلامي في الاقتصاد تحريم الربا تماماً، الفائدة هذه تلغى تماماً، وتفاصيل الاقتصاد الإسلامي. ولكن أذكر قرأت مقالة أن أحد الاقتصاديين الألمان تحدث في هذه الأزمة وقال لا يمكن أن يكون هناك مخرج لهذه الأزمة إلا إذا اتبعنا السياسات واحد، اثنين، ثلاثة، فيقول أحدهم قلت هذا هو المنهج الإسلامي قال أنا أقول المنهج الفلاني هو المنهج الذي سيخرجنا من الأزمة قال هو نفسه المنهج الإسلامي لكن لم يرد أن يقول أنه المنهج الإسلامي.

الشيخ مساعد الطيار: لكن ما الذي يمنع المنهج الإسلامي؟ هم هؤلاء.

الشيخ محمد الخضيري: يصدون عن سبيل الله.

الشيخ مساعد الطيار: الذين يصدون عن سبيل الله وإلا كما ذكرت هذا تنادى كثير من عقلاء الغرب من أهل الاقتصاد وبعضهم أيضاً قرُب للحل الإسلامي يعني لا يلزم أنه ذكر النظرية الإسلامية بتمامها لكن قرُب من الحل الإسلامي قال تقليل الفائدة إلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أقل الدرجات.

الشيخ مساعد الطيار: أقل ما يمكن، تقليلها أقل ما يمكن، فهذا التقليل هو قرب إلى الإسلام وإن كانت ليست هي الصورة الصحيحة.

الشيخ محمد الخضيري: العجيب يا إخواني أننا نجد من أبناء المسلمين مع كل أسف من يتصف بهذه الصفات وهو مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أكل الربا تقصد؟

الشيخ محمد الخضيري: أكل الربا وأكل أموال الناس بالباطل يعني عندما تجد إنساناً والعياذ بالله يمعن في تسويق منتجات أو في الغشّ والخداع أو في غير ذلك مما يأكل به أموال الناس بالباطل وهو مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر ولكنه مع ذلك يفعل هذه الأفاعيل ألا نقول إن هؤلاء قد شابهوا اليهود والنصارى؟ وأنهم مستحقون للعقوبة التي نزلت بأولئك؟ ولذلك نحن نلاحظ الآن العقوبات تنزل بالأمة اسلامية وليس في الفقراء والقلة ولكنهم كبار ومؤثرون يأخذون الربا ويعلنونه ويمنعون البنوك الإسلامية ويأكلون أموال الناس بالباطل من غير حق ويشيعون ذلك في الناس وكيف يستغربون عدم نزول العقوبة أو كيف يستغربون أن لا تنزل بهم عقوبة!.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ننتقل للآية التي بعدها يعني تلاحظون حتى كما ذكر في المنافقين في الآيات التي مرت معنا في الحلقات الماضية بعد أن ذكر صفات المنافقين وأطال فيها حتى ظن الظانّ أنه لا يمكن أن يتوب الله على هؤلاء فقال الله سبحانه وتعالى (إلا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ) إلى آخره. هنا نفس القضية ذكر صفات اليهود وكفرهم وأكلهم للربا وقتلهم للأنبياء وصدهم عن سبيل الله كثيراً هذه الصفات الحقيقة قد يتسلل اليأس والقنوط من رحمة الله لأمثال هؤلاء لو تابوا فالله سبحانه وتعالى أيضاً هنا يقول (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) يعني هناك أناس من هؤلاء اليهود راسخون في العلم عرفوا حقيقة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وصدق النبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ولذلك ومن أمثالهم كما يذكر البيهقي أنها نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام رضي الله عنه فقال (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) أي من هؤلاء من اليهود (وَالْمُؤْمِنُونَ) أي منهم من وصفوا ولذلك المؤمنون يعني الذين دخلوا في الإيمان وآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وليس المقصود أنه إقرار لهؤلاء اليهود على يهوديتهم أليس كذلك؟

الشيخ مساعد الطيار: صحيح.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإنما الذين عرفوا الحق واستجابوا له وآمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم قال (يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ) والحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: أن الذي يؤمن بنبيه ويؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم يؤتى أجره مرتين أنت عندما تتأمل فيها الحقيقة أنه نعمة عظيمة وشرف أليس كذلك؟

الشيخ محمد الخضيري: بلى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني انظر لعبد الله بن سلام رضي الله عنه آمن بموسى.

الشيخ مساعد الطيار: حقق الإيمان بموسى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ثم لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم بالحق آمن به والحقيقة أنها منقبة عظيمة وأنه مؤمن وانقاد للنبي صلى الله عليه وسلم عندما رأى الحق، في حين رفضه آلاف من الناس الانقياد للنبي صلى الله عليه وسلم فهذه مكانة لعبد الله بن سلام رضي الله عنه ليست سهلة وله أيضاً

الشيخ مساعد الطيار: مناقب أخرى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا أقصد هناك غيره.

الشيخ مساعد الطيار: لكن هو كان من أحبار اليهود فذُكِر خبره. في قوله (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ) بدأ الحديث عنهم في هذا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: السياق.

الشيخ مساعد الطيار: ثم كل السياق عن مخازي ثم جاء في هذه الآية قال (لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) وهذا من باب

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما معنى الراسخون هل المقصود أن العلماء علماءهم لم يقع منهم هذا وإنما وقع هذا من الراسخين في العلم منهم؟.

الشيخ مساعد الطيار: هذا الذي يبدو وهذا يدل على أن العلماء طبقات منهم راسخ ومنهم عالم فقد يكون عالماً لكن غير راسخ في العلم ويبدو والله أعلم أوصاف السلف مثل ابن عباس ابن مسعود وهو يتكلم عن الراسخين في العلم قال هو الذي يعلم صغار العلم قبل كباره فهذا يدل على أن الراسخ في العلم يؤتى حكمة يعني الراسخ في العلم يؤتى حكمة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الرسوخ هو العمق والثبات

الشيخ مساعد الطيار: قوة الفهم وقوة الادراك وقوة الحفظ ويدخل معها أيضاً طريقة الإعطاء لهذا العلم، الربانيون هو كان يفسر الربانيين “هو الذي يعلم صغار العلم قبل كباره” ووصف الربانيين قريب من وصف الرسوخ بالعلم والله سبحانه وتعالى مدح الراسخين في العلم في آية آل عمران سبق أن تكلمنا عنها في آية المتشابه قال (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (7)) على أن المراد بالتأويل هنا معرفة المعاني، الراسخون في العلم يعرفون المعاني.

الشيخ محمد الخضيري: هذا فيه دعوة لطلاب العلم أن يكونوا من الراسخين بمعنى أن طالب العلم لا ينبغي له أن يكتفي بالمرور على الكتب والقرآءة السريعة المجرّدة لا بد أن يمعن ويفهم ويأخذ العلم شيئاً فشيئاً ويتلقى العلم عن الكبار ويتلقاه عن الأئمة المعروفين فعلم التفسير مثلاً لا يتلقاه عن فقيه مثلاً وإنما عن مفسّر وعلم الفقه يتلقاه عن فقيه وليس عن مفسر ويأخذ علم التجويدعن مجوّد ولا يأتي بواحد كوكتيل ويأخذ عنه هذه الأشياء وهو يحتاج أن يكون راسخاً في كل علم. فالرسوخ العلمي، هذه الآية تمدحه وتثني عليه ونحن نقول لطلاب العلم ينبغي عليكم إذا تعلمتم أن تجتهدوا في أن تصلوا إلى الرسوخ العلمي وهو أن تتمكن من العلم. قال الشافعي رحمه الله: إني لأحب ممن تعلّم علماً ان لا يدع أن يدقق فيه لئلا يضيع دقاق العلم أو دقيق العلم. يدقق فيه بحيث يعلم مسائله وما يدور فيه إذا جاء الناس من بعد يسألونه عن مسألة ما تضيع تكون عند هذا الرجل الذي جمع العلم.

الشيخ مساعد الطيار: المشكلة في طالب العلم إذا ابتدأ في الطلب إذا لم يكن له مربي ناصح إلا إذا جاء توفيق الله سبحانه وتعالى فهذا ننتهي منه. لكن ينازع طالب العلم أموراً هل يكون موسوعياً وهو ينظر إلى مثل الأئمة العظام الإمام الشافعي، الإمام مالك، فلان، فلان من أصحاب النظر الموسوعي أو يتخصص فيضطرب. أنا وجدت من خلال الواقع الذي نعيشه أن الموسوعية الآن مهما أردنا هي صعبة أن يكون الإنسان موسوعياً صعبة، يمكن أن يلم بعلم وعلمين ويتقنها، نعم، لكن أن يكون موسوعياً تجده يتكلم في التفسير يتكلم في الفقه ويتكلم في أصول الفقه ويتكلم في الحديث وويتكلم في العربية ويتكلم في وقائع الناس وأحداثهم تجده بصفة مفكّر وتجده كشكول! صحيح أنه يفيد لا نقول ليس مفيداً وليس حديثنا يفيد أو لا يفيد لكن المشكلة أنه قد يصيبه من الغرور أو من الوهم ما يظن به بأنه قد بلغ شأواً عظيماً وهو لو جاء عند أحد المتخصصين من الذين دخلوا في دقيق العلم في هذا التخصص وعرض علمه على بعض المتخصصين لضحك منه في بعض الأمور. أذكر أحد الطلاب اتصل عليه قال أحدهم يقول في مسألة في المخارج والصفات – لا أذكر الآن المسألة بعينها – قال هناك واحد يقول هذا الكلام، قلت تحرجني أن أجيب لأني أحس أنك حفرت لي حفرة لا أعلم ما هي لكن دعني أجيبك على سجيتي هذا الذي قال هذا الكلام قلت لا يعرف كوعه من كرسوعه في هذا العلم، فضحك قال أقل لك من هو؟ قلت: قل واتكل على الله، قال هو الشيخ الفلاني واحد من بار العلماء. قلت أما وقد قلته فأنا آخذ عنه العلم الذي أعرف أنه متميز به أما هذا العلم فأنا أعرف أنه لا يعرفه وكم أتمنى لو كان طبع كتابه هذا وحذف منه هذا الكلام لأنه في الحقيقة سُبة عليه وخطأ واضح فكنت تمنيت أنه لم يتكلم في هذه المسألة مع أنه عالم موسوعي ويؤخذ عنه العلم لكن يجب على الإنسان أن يكون هكذا ويجب أن نقتنع بأنفسنا نعرف ما هي قدراتنا

الشيخ عبد الرحمن الشهري: شيء طبيعي أن التوسع في كل العلوم على حساب العمق إذا أراد الواحد أن يكون موسوعياً فلا بد أن يضحي بالعمق كما قال السيوطي رحمه الله عندما ذكر شروط المجتهد فقال: “وأن يكون عالماً بكل فنّ وأن يعمّ علمه أهل الزمن” فكيف تكون عالماً بكل فن؟ والمقصود أنك تعرف من هذه العلوم الأصول والأسس بحيث عندما يتحدث الناس لا تكون جاهلاً به أما أن تكون عالماً بمعنى مطلعاً مدققاً في كل علم فهذا يصعب ولا تستوعبه الأعمار ولا يمكن. ولكن يتفرغ الإنسان لعلم واحد أو علمين فيتقنهما ثم يشارك في بقية العلوم بحيث لا تجعله جاهلاً لا يفهم شيئاً

الشيخ محمد الخضيري: الوقت أزِف. نحن نقول لطالب العلم اجتهد أن تكون من الراسخين ولو في فنّ ولو في جزء من فنّ ومن أجل أن يُرجع إليك تكفي الأمة مؤونة هذا العلم. نعود إلى موضوع الرسوخ في حلقة إن شاء الله قادمة تعليقاً وتعقيباً على هذه الآية الكريمة. مشاهدي الكرام إلى هذا الحد نكون قد وصلنا إلى نهاية هذه الحلقة الماتعة مع قول الله عز وجل (لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ) أسأل الله أن يجعلني وإياكم من الراسخين في العلم. وإلى لقاء والسلام عليكم ورحمة الله بركاته.