بينات – رمضان 1433 هـ
الحلقة 19
الآية 171
الشيخ مساعد الطيار: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أيها الإخوة والأخوات المشاهدون أرحب بكم في هذه الحلقة من حلقات برنامجكم بينات مع أخوي الفاضلين محمد بن عبد العزيز الخضيري والدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري. كنا قد وقفنا في اللقاء السابق عند الآية السبعين بعد المئة من سورة النساء وسنبتدئ الآن بالآية الحادية والسبعين وهي قوله سبحانه وتعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) الآية ونلاحظ في بداية هذا الخطاب أنه وجهه لأهل الكتاب ثم خصّ منهم النصارى لأن أهل الكتاب في الغالب جنس الكتاب الذي أنزل على بني إسرائيل فيكون
الشيخ عبد الرحمن الشهري: اليهود والنصارى.
الشيخ مساعد الطيار: مشتملاً على كتاب اليهود وكتاب النصارى فلما قال هنا (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ) اتضح من السياق أن المراد بأهل الكتاب هنا
الشيخ عبد الرحمن الشهري: النصارى.
الشيخ مساعد الطيار: النصارى.
الشيخ محمد الخضيري: مر بنا في الآيات الماضية (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ) [النساء:153].
الشيخ مساعد الطيار: الذين سألوا هم اليهود.
الشيخ محمد الخضيري: الذين سألوا هم اليهود وليسوا النصارى وهنا لا مانع أيضاً من حمل الآية على أن المقصود بها الجميع لأن الغلو قد وقع فيه الطائفتان.
الشيخ مساعد الطيار: فيكون الخطاب بدأ عاماً ثم اتجه إلى الخصوص.
الشيخ محمد الخضيري: أو لا يكون المراد به في أول الآية اليهود والنصارى (لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ).
الشيخ مساعد الطيار: هذا العام.
الشيخ محمد الخضيري: هذا العام.
الشيخ مساعد الطيار: ثم الخصوص.
الشيخ محمد الخضيري: فإن اليهود غلوا أو فرطوا في حق عيسى وغلوا في التنقص من جانبه حتى إنهم نسبوه إلى أنه إلى ولد زانية حاشاه من ذلك وأنه ليس نبياً وسعوا في قتله وافتخروا بقتله (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ) [النساء:157] والنصارى لا يخفى غلوهم حيث جعلوه ابناً لله تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
الشيخ مساعد الطيار: لكن الغلو عادة يأتي في جانب وذاك يكون تفريطاً أما هذا غلب الغلو في الإفراط يقال غلب الشيء إذا أفرط فيه زاد.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: تجاوز.
الشيخ مساعد الطيار: تجاوز الحد فيه وأنا لما ذكرت هذه طبعاً أهل الكتاب كونه يكون في النصارى في السياق هذا هو الأقوى لكن الشافعي رحمه الله تعالى في الرسالة وأنا أنصح الحقيقة طلاب علم التفسير أن يقرؤوا هذا الكتاب بنظر قرآني قصدي بنظر لعلوم القرآن التي طرحها الشافعي رحمه الله تعالى في الرسالة فذكر في باب العموم والخصوص إشارات لطيفة جداً قلّ من ينتبه لها من يقرأ في التفسير وهو أن يبتدئ الخطاب عاماً ثم يتجه إلى الخصوص فلما ذكرت أن الخطاب (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ) خطاب للطائفتين ثم في قوله (إِنَّمَا الْمَسِيحُ) خطاب للنصارى فيبتدئ الخطاب عاماً ثم يتجه إلى الخصوص وهذا لو جمع في القرآن بناء على أقوال المفسرين ثم على تحرير من يجمع هذا في خطابات العموم والخصوص في القرآن من هذه الجهة سيجد أنها كثيرة جداً جداً.
الشيخ محمد الخضيري: العكس أيضاً هو أن يبدأ الخطاب خاصاً ثم يعم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ) [الطلاق:1] فبدأ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ).
الشيخ عبد الرحمن الشهري: خصوص.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم وهو خاص ثم عام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً نلاحظ هنا الحديث كان عن المنافقين ثم اتجه إلى اليهود ثم رجع الآن للنصارى وفي كل موضع ينبّه على صفات المنافقين ثم صفات اليهود ثم أيضاً هنا يبرز صفات النصارى ومن أبرز صفات النصارى التي وقعوا فيها الغلوّ في عيسى عليه الصلاة والسلام فبدل أن يجعلوه في مقامه الذي هو فيه وهو أنه نبي وأنه رسول وأنه عبدٌ لله سبحانه وتعالى رفعوه إلى مرتبة الألوهية وغلوا فيه غلواً شديداً ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم”.
الشيخ مساعد الطيار: فهذا هو الغلو.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا هو الغلو “وإنما أنا عبد الله ورسوله”.
الشيخ مساعد الطيار: وقدّم العبودية هنا.
الشيخ محمد الخضيري: الحقيقة أبا عبد الله في موضوع النصارى نلاحظ أن النصارى عندهم في دينهم أمور كثيرة شنيعة ومنكرة مثل الرهبانية التي بالغوا فيها حتى جعلوها ديناً يتدينون لله عز وجل بها وهي ليست من شرع الله (وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ) يعني هم فعلوها ابتغاء رضوان الله (فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا) أقول مع وجود هذه المنكرات العظيمة إلا أن الآيات جاءت في مواطن كثيرة تنكر عليهم أمر الاعتقاد ليدلنا ذلك على أن أمر الاعتقاد أمر عظيم وأنه مرتَكز متى صلح صلح ما بعده ومتى فسد فإن صلاح ما بعده أو فساده ليس هو محل النظر ولذلك لاحظ الآن هذه الآيات كلها في مناقشة النصارى ومحاجتهم في قضية الاعتقاد وموقفهم من عيسى وأمه وكذلك في سورة المائدة بالمناسبة ستأتي الآيات أيضاً في هذا الميدان فهذا يؤكد لنا الحقيقة أنه يجب على الدعاة والمصلحين والمربين والعلماء والخطباء التأكيد على قضية صلاح العقيدة وضبطها وعدم الانشغال عنها بأمور أخرى وليس ذلك أن نهمل الأشياء الأخرى.
الشيخ مساعد الطيار: لا.
الشيخ محمد الخضيري: نأتي بها ونضبطها ونعلّم الناس إياها لكن دائماً ننطلق من هذا الاعتقاد ولست أقصد بالعقيدة بالمناسبة هي الأشياء المعرفية لأنك قد تجد أناساً من الجانب العلمي المعرفي ما عنده مشكلة تقول من ربك؟ من يُعبَد؟ الله. من ربك؟ الله. لكنه في حقيقة الأمر يعبد الدرهم والدينار، يعبد الملك، الجاه، المنزلة، تجده متجهاً بقلبه وكليته إلى غير الله، لا يتوكل على الله، لا ينيب إلى الله، لا يخاف الله، لا يرجو الله، وهذا جانب مهم جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هنا أيضاً من الفوائد التي يمكن أن نستفيدها من هذا الأسلوب في الخطاب القرآني هو أن الله سبحانه وتعالى قد بيّن للنبي صلى الله عليه وسلم وبيّن لأتباعه أبرز الأخطاء التي وقع فيها أصحاب الأديان السابقة الذين هم محل الدعوة بمعنى أنك الآن عندما تريد أن تدعو النصارى يا شيخ محمد ما هي الأشياء التي ينبغي عليك أن تراعيها؟ هذه هي الأشياء، هذه هي أبرز الأخطاء الموجودة عند النصارى الغلو في عيسى عليه الصلاة والسلام، الرهبانية التي ابتدعوها، وقس على ذلك الأشياء التي ذُكِرت فعندما توجه الخطاب الدعوي إلى هؤلاء ينبغي أن تراعي هذه الأشياء.
الشيخ محمد الخضيري: التي رعاها القرآن.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعم اليهود أيضاً عندما تتعامل معهم وتدعوهم وتأخذ وتعطي معهم فأنت أيضاً تراعي كل هذه الصفات الموجودة وقس على ذلك بقية الأصناف التي ذكرها الله سبحانه وتعالى. في قوله هنا (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) صحيح أن الخطاب هنا لأهل الكتاب لكن هذا النهي يتوجه إلى الجميع
الشيخ محمد الخضيري: حتى المسلمين.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: حتى المسلمين أن الغلو مذموم في كل الأديان وفي كل الشرائع الغلو في الدين مذموم.
الشيخ مساعد الطيار: ما الذي أخرج الخوارج إلا الغلو في الدين؟!
الشيخ محمد الخضيري: وكل الطوائف لو تأملت لوجدت أن سبب خروجهم عن المنهج الصحيح والطريق السوي هو الغلو وأنه من أعظم أسباب المروق عن الصراط السوي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: دين الوسطية. وأيضاً في قوله (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) طبعاً عندما يسأل سائل ويقول ما هو الحق الذي ينبغي أن أقوله في الله؟ لا يمكن أن تعرف ما ينبغي لك أن تقوله عن الله إلا عن طريق الوحي أليس كذلك؟
الشيخ مساعد الطيار: أحسنت، هذا صحيح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يوجد هناك مجال للاجتهاد في هذا الجانب فلا يستطيع ولذلك حتى جانب الأسماء والصفات نحن عندما نقول نثبت لله ما أثبته لنفسه وأثبته له نبيه صلى الله عليه وسلم فهو من أجل الالتزام بهذا النهي هنا (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) ونحن لا نعرف ما ينبغي لله ولا ما يجب له ولا ما يمتنع عليه إلا عن طريقه عن طريق الوحي فإذا أثبت الله لنفسه صفة أو اسماً فنحن نثبته له كما أثبته هو لنفسه من غير تكييف ولا تعطيل هذه هي حقيقة أنك لا تقول على الله إلا الحق ولذلك الذي يأتي ويقول عن الله سبحانه وتعالى ما لم يرد به الوحي القرآن أو السنة فقد وقع في هذا النهي وقال على الله غير الحق أليس كذلك يا دكتور؟
الشيخ مساعد الطيار: هذا صحيح وأيضاً مناسبة مجيء هذه الجملة لقولهم بأن المسيح ابن الله أو إن المسيح هو الله على حسب الأقوال المعروفة عنهم فهذا قول على الله بغير حق فقال (وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) ومن الحق أن لا ينسب له الولد فإن نُسِب له الولد فهو قول على الله بغير حق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني هذه الآية ينبغي أن تكون أصلاً في باب الأسماء والصفات أن الذين الآن يأوّلون الصفات وينسبون لله ما لم ينسبه لنفسه فإنه قد وقع في هذا النهي وقال على الله غير الحق وشابه النصارى في هذا الأمر أنهم نسبوا لله الولد نسبوا لله البنات ونسبوا لله ما لا يليق به من الأسماء أو الصفات وهذا كله من المنهي عنه بنص هذه الآية.
الشيخ محمد الخضيري: هذا في جانب الاعتقاد وفي جانب القول على الله في ذاته. أيضاً القول على الله بأن ينسب إليه ما لم يقله بأن يحلّ ما حرّم أو يحرّم ما أحلّ.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا سيأتي في سورة الأنعام.
الشيخ محمد الخضيري: هذا سيأتي في سورة المائدة ويكون أكثر تفصيلاً في سورة الأنعام كما أفاد الدكتور مساعد لأنه قال الله عز وجل (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) [المائدة:103] لاحظ (عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ).
الشيخ مساعد الطيار: وهذا مخالف للحق.
الشيخ محمد الخضيري: إي نعم وتأكد هذا في سور أخرى كما في سورة الأعراف وسورة النحل قال (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (١١٦)) [النحل].
الشيخ مساعد الطيار: الكذب ذكر ثلاث مرات في الآية للتشنيع
الشيخ محمد الخضيري: على من فعلوه. ولذلك نحن نقول يجب على المسلم أن يتقي الله عز وجل فلا ينسب إلى الله صفة أو اسماً أو فعلاً أو شيئاً لم ينسبه إلى نفسه ولا يحكم بشيء لم يحكم الله عز وجل به (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فلا يُحلّ شيئاً حرّمه الله ولا يحرّم شيئاً أحلّه الله بل جعل الله هذه القضية مُخِلّة بالاعتقاد قال الله في سورة التوبة (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ) [التوبة:31] قال عدي بن حاتم رضي الله تعالى عنه: “إنَّا لم نكن نعبدهم يا رسول الله كيف نكون أرباباً؟ قال: أليسوا يحلّون ما حرّم الله فتحلّونه ويحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه؟ قال: بلى. قال: فتلك عبادتهم” ما دام جعلتم لهم هذا الحق واتبعتموهم عليه فقد عبدتموهم من دون الله عز وجل فهذه خطيرة جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً لاحظوا الآن عندما يذكر الله سبحانه وتعالى المعتقد الصحيح في عيسى ابن مريم في هذه الآية في قوله (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) هذه حقيقة عيسى ابن مريم التي ينبغي على النصارى وعلى غيرهم أن يعتقدوها في عيسى عليه الصلاة والسلام وهذه حقيقته هو (رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ) بمعنى أنه لم يولد لأب، عيسى لم يكن له أب وهذا من ما يذكره العلماء أن هناك من ولد لأب من غير أم.
الشيخ مساعد الطيار: من ولد بلا أب ولا أم هذا آدم عليه الصلاة والسلام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهناك من ولد لأب.
الشيخ مساعد الطيار: بدون أم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بدون أم مثل من؟
الشيخ محمد الخضيري: حواء.
الشيخ مساعد الطيار: حواء هكذا يقولون لأنها خلقت من آدم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهناك من ولد.
الشيخ مساعد الطيار: من أم بلا أب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من أم بلا أب مثل عيسى عليه الصلاة والسلام وسائر الناس ولدوا لأب وأم فقوله هنا (رَسُولُ اللَّهِ) فقدّمها (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ) ما معناها يا شيخ مساعد (وَكَلِمَتُهُ)؟ ما المقصود أن عيسى كلمة الله؟
الشيخ مساعد الطيار: في قوله (كُن) لما قال له (كُن فَيَكُونُ (٥٩)) [آل عمران] يعني (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٨٢)) [يس].
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فخلقه الله بهذا الأمر.
الشيخ مساعد الطيار: بهذا الأمر يعني خلقه بهذا الأمر فهو كلمة الله من هذا الأمر كما أنه روحٌ منه بالنفخ أيضاً.
الشيخ محمد الخضيري: هذه النفخة التي نفخها جبريل في جيب درعها فنفذت إلى رحمها أو إلى فرجها ثم إلى رحمها فتخلّق عيسى عليه الصلاة والسلام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يقول في قوله (وَرُوحٌ مِّنْهُ) يقول أحد النصارى ناظَر الواقدي فقال إن في القرآن دليل
الشيخ محمد الخضيري: على أن عيسى من الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: على أن عيسى جزء من الله فقال أين؟ قال في قوله في سورة النساء (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ)، (مِّنْهُ) يعني جزء منه فقال الله سبحانه وتعالى يقول (وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) [الجاثية:13] على كلامك معناه إن كل المخلوقات جزء من الله.
الشيخ محمد الخضيري: ولا مزيّة لعيسى.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فسكت فقال إنما (مِّنْهُ) يعني ابتداء الغاية يعني كلمة كانت من الله.
الشيخ محمد الخضيري: وروح كان من الله وهي هذه النفخة وهي مخلوقة وليست كلمة بالمناسبة، الروح مخلوقة خلقها الله سبحانه وتعالى ونزل بها جبريل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ألقاها إلى مريم بواسطة جبريل.
الشيخ محمد الخضيري: بواسطة جبريل نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك من يسأل أحياناً ويحاول أنه يدخل في تفاصيل هذه الكلمة يعني كيف نفخ جبريل عليه الصلاة والسلام في مريم؟ كيف تخلق هذا الجنين؟ هذه أشياء من علم الغيب ولم يؤمر الإنسان أن يبحث عنها تماماً كالروح الآن التي تجري في جسد الإنسان، الآن الطب حار فيها الأطباء ولن يصلوا فيها إلى نتيجة لا يمكن أن يصلوا فيها إلى نتيجة لأن الله استأثر بها (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [الإسراء:85] فمحاولة الدخول في فرضيات بأن الروح هي كذا وأنها هو دخول في شيء عالم من الغيب لم يُكشف للإنسان ستره ولم يؤذَن له بالدخول فيه تماماً مثل خلق عيسى هنا كيف كانت هذه الكلمة؟ هذه مسألة الله أعلم بها.
الشيخ مساعد الطيار: وأيضاً في خلق عيسى عليه الصلاة والسلام.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل استمر تسعة شهور؟
الشيخ مساعد الطيار: لا، غير هذا، قصدي كونه خلق من هذه النفخة معناها أن هناك سبب وجِد مثلاً الآن كل الناس السبب في وجودهم هو
الشيخ محمد الخضيري: التقاء الأب مع الأم.
الشيخ مساعد الطيار: مع الأم أيضاً عيسى عليه الصلاة والسلام لم يُترك هكذا إنما أوجد له سبب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه الكلمة.
الشيخ مساعد الطيار: وهي هذه النفخة هذه الروح التي قال الله سبحانه وتعالى (وَرُوحٌ مِّنْهُ) بمعنى أن المقصود أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يخلقه بدون هذا كله كما خلق آدم عليه الصلاة والسلام إلا أن أيضاً أنها داخلة في عالم الأسباب لا تزال حتى
الشيخ محمد الخضيري: سنة كونية.
الشيخ مساعد الطيار: نعم حتى هو خالف السنة من جهة لكنه تحت السنة من جهة أخرى لوجود السبب.
الشيخ محمد الخضيري: في قوله (الْمَسِيحُ) وُصِف عيسى عليه الصلاة والسلام في كثير من الآيات بالمسيح ونُسب إلى أمه يعني ما تجد أحداً من الأنبياء ينسب إلى أبيه أو أمه إلا عيسى عليه الصلاة والسلام أما هذه فللتأكيد على أن عيسى
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من غير أب.
الشيخ محمد الخضيري: من غير أب وأنه منسوب إلى أمه ولذلك باستمرار كأنه رد على النصارى في كل موطن نادراً وتجد كثيراً لما يذكر عيسى عليه الصلاة والسلام تذكر أمه يبين أنه مخلوق وأنه كسائر البشر لكنه تميّز عنهم بأنه من أم بلا أب. أما وصف المسيح فمن أين جاءت؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً المسيح عليه الصلاة والسلام كان له معجزات وكان له خصائص بعثه الله سبحانه وتعالى بهذه الحجج حتى تكون مقنعة لبني إسرائيل في نبوته كان منها أنه كان يمسح الأكمه والأبرص فيبرأ بإذن الله فسمي المسيح لذلك.
الشيخ مساعد الطيار: المسيح بمعنى ماسح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ماسح نعم.
الشيخ مساعد الطيار: أو المسيح بمعنى الممسوح؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف توجّه إذا كان ممسوح؟
الشيخ مساعد الطيار: ما رأيكم لو تركناها بعد الفاصل؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: طيب.
الشيخ مساعد الطيار: نقف مع فاصل ثم إن شاء الله نعود أيها الإخوة والأخوات.
*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*
– إعلان جوال تفسير
– تقرير عن مركز تفسير وملتقى أهل التفسير
*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*
الشيخ مساعد الطيار: حياكم الله أيها الإخوة والأخوات نعود مرة أخرى لاستكمال الحديث عن لفظ المسيح ومما اشتق وذكر الدكتور عبد الرحمن أنه قد يكون فعيل بمعنى فاعل لأنه عليه الصلاة والسلام كان يمسح الأكمه والأبرص فيبرئه بإذن الله سبحانه وتعالى وهناك معنى آخر أنه مسيح فعيل بمعنى مفعول أي ممسوح من الذنوب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: من الذنوب ومن العيوب.
الشيخ مساعد الطيار: وهذا يشهد له دعاء أم مريم في سورة آل عمران لما قالت في دعاء أم مريم لمريم.
الشيخ محمد الخضيري: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ) [آل عمران].
الشيخ مساعد الطيار: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) [آل عمران] فقوله (وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
الشيخ محمد الخضيري: هو.
الشيخ مساعد الطيار: نعم فذريتها هو عيسى عليه الصلاة والسلام ليس لها غير عيسى عليه الصلاة والسلام فتكون تحقق فيها هذه الدعوة تحققت فيكون معنى المسيح في هذا المعنى هو عائد إلى تحقق هذه الدعوة والله أعلم.
الشيخ محمد الخضيري: في قوله (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) هذه خلاصة العقيدة كما أسلفت يا دكتور عبد الرحمن في أمر عيسى ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم رتب عليها ميزاناً عظيماً قال من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل. فهذا يدل على أن الإنسان يعني خلاصة اعتقادنا في عيسى هو في هذه الجملة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه.
الشيخ مساعد الطيار: أود لو وقفنا عند المسيح عيسى بن مريم وهناك المسيح الدجال وقد ورد خبر المسيح الدجال كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وما من النبي إلى حذر أمته من الدجال. وهذا سبحان الله يعني إذا تأملته تجد أن من قدر الله سبحانه وتعالى أن هناك البلاءات العظام هو من النبوءات التي نبّه بها كل نبي قومه فكل نبي يعطي نبوة الأولى بوجود محمد صلى الله عليه وسلم وأنه سيخرج ويأمر أتباعه أنه إن خرج أن يتبعوه كما أمر الله الأنبياء إن خرج محمد صلى الله عليه وسلم أن يتبعوه وكذلك المسيح الدجال وأنه يخرج ويحصل ما يحصل فما من نبي إلا حذر أمته من المسيح الدجال ولهذا قد يشتبه على بعض الناس طبعا ليس عند المسلمين لأن المسلمين الأمر عندهم واضح جداً لكن هؤلاء الأقوام قد اشتبه عليهم أمر المسيح الدجال وعيسى عليه الصلاة والسلام ومما يدل على ذلك أن اليهود لما خرج فيهم المسيح عيسى بن مريم بعضهم ادّعى أنه المسيح الدجال وكذبه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنه سبق أنهم حذروا منه.
الشيخ مساعد الطيار: حذروا منه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سمعوا به.
الشيخ مساعد الطيار: وأيضاً هم قالوه إما جهلاً وإما نكاية بعيسى عليه الصلاة والسلام ولهذا في آخر الزمان إذا أذن الله بخروج المسيح الدجال وحصل منه ما حصل ينزل المسيح الحقيقي عيسى بن مريم فإذا نزل المسيح ساح المسيح الدجال يعني يكون مثل الزبدة التي عُرّضت للشمس فيسيح.
الشيخ محمد الخضيري: يذوب كما يذوب الملح في الماء.
الشيخ مساعد الطيار: يذوب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لكنه يقتله.
الشيخ مساعد الطيار: طبعاً يقتله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عيسى بن مريم يدركه ويقتله .سبحان الله هذه النبوءات العجيبة انظر الآن الحديث عن النبوءات في كتب التوراة عند أهل الكتاب بصفة عامة بل حتى باب النبوءات الآن أصبح فيه نوع من المبالغة عند أهل الكتاب والتنبؤات ومحاولة استخراج الأسرار ولكنك لا يمكن أبداً أن تطمئن إليها ولكن انظر هنا في القرآن الكريم عندما يذكر لك حقائق أو السنن النبوية.
الشيخ مساعد الطيار: بوضوح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بوضح شديد جداً ويذكر لك السناريو حتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار فيعني موقف المؤمن أو موقف المسلم من هذه العقائد موقف المطمئن المتيقن بخلاف من يقرأ بهذه النبوءات البشرية التي يكتبها أناس لديهم بعض الأدوات في الاستشراف وفي التنبؤ فإنك تقرأ فتصيب بعض وقد لا يتحقق منها أي شيء أما مثل هذه النبوءات يعني مثل نزول عيسى عليه الصلاة والسلام.
الشيخ مساعد الطيار: في أماكن محددة.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في أماكن واضحة وظاهرة ما عندنا فيها أدنى شك.
الشيخ مساعد الطيار: العجيب في النبوءات أو نظرة الغرب للنبوءات هي تخالف ألسنة العلم عندهم يعني إذا قرأت في فلسفة العلم العلم مادةيعندهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يؤمنون بما وراء المادة.
الشيخ مساعد الطيار: بما وراء المادة تجربة لا أكثر ولا أقل إذا أثبت لي أن هذا الكأس إذا أنا تركته من يدي لا ينكسر خلاص أصدق لأني رأيت التجربة فالعجيب أنهم يعودن إلى ما يسمى الآن بميتافيريقيا أو ما وراء المادة بطريقة أيضاً غير منظمة وضائعة ومنفلتة وليس فيها أي معنى من معاني العلم الحقيقي هذا لا يدرك إلا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالوحي.
الشيخ مساعد الطيار: بالوحي.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا يمكن استخدام أدوات العلم التجريبي في هذا الميدان.
الشيخ مساعد الطيار: نعم وتذكرون حتى الآن في كأس العالم الماضي والأخطبوط الذي جعلوا له هالة يعني كانوا ينزلون له علم البلدين الذين سيتباريان ثم العلم الذي أخذه أو شيء متعلق به فالذي يأخذه وهو الذي سيفوز يعني هذه غريبة جداً هذه مخالفة للمنطق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: شعوذة المسألة جزء من الشعوذة والتنجيم.
الشيخ مساعد الطيار: كم الذين كانوا يؤمنون بها ويصدقون؟!.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: كثيرون.
الشيخ مساعد الطيار: كثيرون وفتنهم الله بأن جعل هذا كل ما أختار أصابت.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بهذا خلاف.
الشيخ مساعد الطيار: أصاب.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أصاب.
الشيخ مساعد الطيار: فهذه فتنة.
الشيخ محمد الخضيري: فتنة من الله صحيح.
الشيخ مساعد الطيار: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف:5].
الشيخ محمد الخضيري: قال (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ) ما معناه أبا عبد الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا الذي يصنعه هل يمكن أن نقول يا إخواني أن هذا الذي يصنعه النصارى جميعاً أو يمكن أن نقول أنه يصنعه كثير من النصارى يعني هل كل طوائف النصارى يعتقدون بأن عيسى عليه الصلاة والسلام ثالث ثلاثة وأنهم يقولون الروح والابن ورح القدس.
الشيخ مساعد الطيار: أغلبهم كذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: أغلبهم كذلك أنا قرأت أن بعض طوائف المسحيين موحدين.
الشيخ مساعد الطيار: المورمان
الشيخ عبد الرحمن الشهري: قليل.
الشيخ مساعد الطيار: المورمان يعني فئة قليلة جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعني يثبتون أن عيسى وهو عبد رسول.
الشيخ مساعد الطيار: ناسطور الذي كان قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بقليل والذي صار فيه صراع بين الكنائس هو كان يرى بشرية عيسى عليه الصلاة والسلام فقط يعني لم يخالفهم أو خالفهم في هذه القضية فصار حرب شعواء عليه لأنه كان يرى بشرية عيسى عليه الصلاة والسلام وتعرف أنت المجامع الكنسية أثبتت ألوهية عيسى أو أنه جزء من إله فإذن المسألة عندهم في النهاية هي تثليث وإن اختلفوا في كنه هذه الأقاليم الثلاثة وما هي؟ الذي هو الأب والأبن وروح القدس.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأب عندهم هو الله.
الشيخ مساعد الطيار: الأب الله.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: والابن عيسى وروح القدس جبريل وهذه الثلاثة يرون أنها ثلاثة تشكل إلهاً.
الشيخ مساعد الطيار: إله نعم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: سبحان الله العظيم! هذا هو معنى (وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ) يعني لا تقول إن الآلهة ثلاثة (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ).
الشيخ محمد الخضيري: في سورة المائدة أوضحها سبحان الله (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) [المائدة:17]، (لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المائدة:73].
الشيخ عبد الرحمن الشهري: صرّح بتكفير النصارى.
الشيخ محمد الخضيري: صرّح بتكفير النصارى وصرّح أيضاً بمذاهبهم فيه في أكثر من موطن في سورة المائدة كانت هذه الآيات سبحان الله كأنها مقدمة لدخول سورة المائدة وحوارهم.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنها وسّعت هذا المعنى بشكل كبير.
الشيخ مساعد الطيار: العجيب في العهد القديم كل العهد القديم على التوحيد، إله واحد. ولما جاء العهد الجديد ليس فيه أي إشارة للتثليث وإنما جاء التثليث بعد عيسى بفترة.
الشيخ محمد الخضيري: بعد هذه المؤتمرات.
الشيخ مساعد الطيار: المؤتمرات لكن الذي أريد أن أشير إليه إذا كان كذلك فهذا نسخ في الأخبار يعني نسخ خطير في الأخبار يعني كيف انتقل الواحد وصار ثلاثة؟! إذا كنتم تؤمنون بالعهد القديم وتؤمنون بموسى وتؤمنون بالأنبياء السابقين لأن جُلّ النصارى إذا أرادوا أن يشرحوا الإنجيل الآن على ماذا سيعتمدون؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: على العهدين القديم والجديد.
الشيخ مساعد الطيار: لا بد لأن في أناجيلهم إحالات للكتب السابقة إما الزبور وإما لسفر شعيا، سفر دانيال، سفر صموئيل الأول والثاني، تجد فيه إحالات وهم قد الحقيقة صنعوا وأجادوا في هذا في الإحالات فمعنى ذلك أنتم تؤمنون ما دام تحيلون تؤمنون بماذا؟
الشيخ عبد الرحمن الشهري: بالكتاب القديم.
الشيخ مساعد الطيار: بالكتاب القديم والكتاب القديم كله على التوحيد فما الذي حصل؟ وكيف انتقل الواحد وصار ثلاثة؟!
الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذا تحريف.
الشيخ مساعد الطيار: هذا هو التحريف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ) [المائدة:41]، (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ) [البقرة:79] ولذلك تلاحظ الآن كيف أن حتى شروح الكتاب المقدس فيها اختلاف كثير.
الشيخ مساعد الطيار: جداً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: الكتاب المقدس نفسه نسخه مختلفة ثم شروحه زادت الاختلاف ووسعت الاختلاف.
الشيخ مساعد الطيار: أنا قرأت أحد الشروح.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: فأصبح الاختلاف سمة من سمات هذا الدين سبحان الله العظيم.
الشيخ مساعد الطيار: أنا قرأت أحد الشروح الشرح أكثر غموضاً من الأصل.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: عجيب!
الشيخ مساعد الطيار: والله أكثر غموضاً يعني لو لم تقرأ الشرح أفضل أنت ترى كلام مترجم عربي واضح جداً واضح جداً جداً ليس فيه أي لبس فإذا قرأت الشرح تتعجب طبعاً إن أحسنا الظن نقول بأن الذي كتب هذا الكلام جاهل وإن كان يعتبر عندهم من كبار علماء اللاهوت إن أحسنا الظن ونقول جاهل ولكن إن عرفنا إن كثيراً من هؤلاء الذين وصلوا إلى هذه المنزلة يعرفون الحق.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يعتمدون التلبيس.
الشيخ مساعد الطيار: فيتعمد التلبيس فيعمّي ما كان فيه وضوح وما كان فيه وضوح هو في حقيقته كان واضحاً أكثر لكنه في الترجمة تصرف فيه مثل ما ذكرنا في وادي البكاء في المزمور الثامن والثمانين بعد المئة أتوقع الرابع والثمانين أو الثامن والثمانين لا أذكر الآن أنهم ذكروا ذكر داود رحلة الحجيج إلى بيت الله يعني رحلة الحجيج تقرأها وكما قلت لك لو قرأتها بالإنجليزي ستكون واضحة جداً لكن بالعربي حرفوها.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ومثلها الصفا عفواً المروة، المروة حرفوها.
الشيخ مساعد الطيار: جبل المراء أو المرايا.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: يحاولوا أن يسلبوا قضية الذبيح أنه ليس إسماعيل بأي وسيلة فالمروة مرتبطة بإسماعيل لأنه هو الذي ارتبط بالمروة وزمزم فيحاولون إنهم يغيرون هذه الكلمة المروة إلى كلمات تذهب بها إلى فلسطين إلى الشام.
الشيخ محمد الخضيري: ولذلك قال الله ناهياً إياهم (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢)) [البقرة].
الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك من الموضوعات التي تدرس في كتب النصارى بالذات طريقتهم في التحريف ويبدو لي والله أعلم أنهم يدرسون هذا المقرر تدريساً كيف تكون محرِّفاً محترفاً؟ يعني بحيث إنك تكون أمهر من غيرك في التحريف وفي تعمية الأشياء التي تدل على رسالة محمد عليه الصلاة والسلام في الكتاب المقدس كما ذكر الدكتور الآن بعضهم أمهر من بعض في التحريف في الشروح. الأصل الآن لما يأتي مفسر يفسر القرآن الكريم يسعى لكي يوضح المعاني ويقربها أليس كذلك؟ وهم بالعكس تجد أنه يحاول في المواضع التي تدل على النبي صلى الله عليه وسلم أو على نبوته أو على هذه الأمة أنه يعمّي ويحرِّف الكلم من بعد مواضعه حتى لا يكون في ذلك إثبات لفضيلة النبي صلى الله عليه وسلم أو لتبشير عيسى عليه الصلاة والسلام به أو تبشير موسى ونحو ذلك.
الشيخ محمد الخضيري: على ما ذكر أبا عبد الله قبل قليل في أنه هؤلاء النصارى يعني كثر الاختلاف فيهم حتى لا تكاد تجد منهم اثنين متفقين يعني ذكر بعض العلماء كلمة عجيبة عن النصارى قال لو اجتمع عشرة منهم لاختلفوا إلى أحد عشر قولاً.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهم عشرة!.
الشيخ محمد الخضيري: وهم عشرة من شدة ما وقعوا فيه من الخلاف.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه عقوبة لهم.
الشيخ محمد الخضيري: وهذه عقوبة ونحن نحمد الله يا إخواني على أننا في أمر الاعتقاد اتضح لنا هذا الأمر وبان حتى لم يحدث بين المسلمين أو بين القرون المفضلة وبين أئمة الإسلام أي خلاف في أصول الاعتقاد نعم حدثت خلافات في الشرائع والأعمال والفروع وهذا أمر ميسور ولذلك تجد المسلمين على اختلافهم في فروعهم إلا أنهم يجتمعون ويصلون في مساجد واحدة.
الشيخ مساعد الطيار: ويصومون مع بعضهم.
الشيخ محمد الخضيري: يصومون مع بعضهم، ويحجون حجاً واحداً ويأتمون بإمام واحد ويرجعون إلى كتب بعض، الحنبلي يرجع إلى كتب الشافعية والشافعي يرجع إلى كتب الحنفية والحنفي يرجع إلى كتب المالكية لا ضير في ذلك لماذا؟ لأن الأصول متفق عليها ليست محل خلاف. وهذا الأمر يا إخواني بعض الناس الآن وخصوصاً من الكُتّاب يقول الخلافات كثيرة ولا يمكن اتفاق وهؤلاء كل ما عندهم مختلف فيه نقول كذبتم، الخلافات عند غير المسلمين أما المسلمون فأصولهم التي يجتمعون عليها واحدة لا يختلفون فيها بحمد الله يجتمعون على الله، على رسوله، على الإيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، يجتمعون على القبلة، يجتمعون على أصل الصلاة، أصل الصوم، الحج، الزكاة، لا يختلفون في شيء من ذلك إنما خلافاتهم في صفات وهيئات وكيفيات وفروع وعمليات وهذه لا تضر وقد عفا الله عنها ما دامت الأصول متفق عليها ولذلك نحن دائماً نقول إياكم أن يكون الاختلاف في الأصول. أنا أعد يا دكتور عبد الرحمن أن من أسباب نجاح دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنها جاءت للإصلاح في الأصول يعني الخلل الذي في الأصول جاءت لإصلاحه.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: في بساطة وبوضوح شديد.
الشيخ محمد الخضيري: ببساطة ووضوح شديد لكن ما تعرضت للفروع يعني ما دخلت إلى شأن الفروع أيضاً لتدّعي أن عندها إصلاحاً جديداً فيه وهذا الأمر لم ينتبه له بعض المعاصرين ممن أراد الإصلاح فأراد أن يصلح حتى في الفروع وكان ذلك على حساب الأصول بمعنى تعالوا يا ناس كيف نضع يدينا؟ كيف ما أدري ماذا؟ إلى آخره من الصفات التي ما زال الناس مختلفين فيها.
الشيخ مساعد الطيار: ولن يعودوا فيها إلى اتفاق.
الشيخ محمد الخضيري: ولا يمكن اتفاقهم الشيخ محمد ما أشغل نفسه بهذا اشغل نفسه بإصلاح الأصول فنجح في ذلك.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذه فعلاً واضحة في كتبه رحمه الله عندما تقرأ كتاب التوحيد تجد أنه واضح وسهل ويركز على الأصول والأحاديث
الشيخ مساعد الطيار: والاستدلال بأحاديث وآيات.
الشيخ عبد الرحمن الشهري: آيات وأحاديث صحيحة يعني إبداع لا نظير له سبحان الله.
الشيخ مساعد الطيار: يبدو أن وقت الحلقة انتهى فلعلنا نقف عند هذا وإن شاء الله نكمل في اللقاء القادم بإذن الله ما بقي من هذه الآية الكريمة ونختم بدعاء المجلس سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك.