الحلقة الثانية
ضيف البرنامج في حلقته رقم (96) منذ بدء البرنامج والثانية لشهر رمضان 1431هـ ، وستكون يوم الخميس 2 رمضان 1431هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور عويض بن حمود العطوي الأستاذ المشارك بجامعة تبوك والمتخصص في البلاغة القرآنية، وعميد البحث العلمي بجامعة تبوك .
وموضوع الحلقة هو:
– علوم سورة البقرة .
– الإجابة عن أسئلة المشاهدين حول الجزء الثاني من القرآن الكريم
*******************
سورة البقرة
فضل سورة البقرة
نحن تحدثنا عن سورة الفاتحة واليوم نتحدث عن سورة البقرة وهي تستوعب جزئين وزيادة من القرآن. هذه السورة فيها فضل عام وفيها فضل خاص في بعض الآيات التي بداخلها. نتحدث عن الفضل العام بسبب ضيق الوقت، هذه السورة بطولها وبما فيها من القصص سمّاها النبي صلى الله عليه وسلم سناماً للقرآن وقال (إن لكل شيء سناماً، وسنام القرآن سورة البقرة) وصححه الألباني. وسنام الشيء هو أعلاه أو هو الذي يجمع أفضل ما فيه كما هو سنام الجمل. وقد تكون في البقرة أمهات الأحكام والعقائد ولعلنا نعرج عليه من خلال الحديث عن موضوعات السورة، ولعل هذا سبب تسميتها سنام القرآن. والنبي صلى الله عليه وسلم لما قال عنها هذه التسمية هو أيضاً يبين فضلها على غيرها من السور. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لفت النظر إلى فضل آخر يخص أهم قضية تتعلق بالناس وهي إغواء الشيطان ولهذا هذه السورة لها علاقة بطرد الشيطان ولأن الشيطان أول ما ذكر فيها وذكر عصيانه فيها ولذلك لا يقرب مكاناً فيه هذه السورة ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اقرؤوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة) ومعلوم أن البطلة لهم علاقة بالشياطين وهم أيضاً السحرة وهذه السورة تعالج كثيراً من أمور السحر وما يتعلق به. وكذلك قال صلى الله عليه وسلم (لا تجعلوا بيوتكم مقابر. إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – لصفحة أو الرقم: 780 -خلاصة حكم المحدث: صحيح) فهذه الفضائل لها علاقة بمواضيع السورة. ومما يذكر كون النبي صلى الله عليه وسلم سماها الزهارواين وهذا يدخل في الفضل (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف . تحاجّان عن أصحابهما)
سر تسمية السورة:
هي أطول سورة في القرآن الكريم. هذه التسمية تسمية نبوية وقد جاءت في أحاديث كثيرة (من قرأ الآيتين في سورة البقرة) سماها البقرة في أكثر من حديث وفي أكثر من مناسبة. لا شك أن تسمية الشيء له علاقة بموضوعه ولذلك نقول أنه من ضمن الأشياء التي تهدي متأمل القرآن والباحث فيه إلى موضوع السورة الرئيس من ضمن هذه الأشياء هو الإسم والكلمات البادئة والأفكار المقررة وغير ذلك. ما مناسبة إسم البقرة لموضوع السورة؟ ولماذا لم تسمى بإسم إحدى القصص الأخرى التي وردت في السورة؟ أولاً هذه القصة لم ترد إلا في هذه السورة وكونها لم تذكر في غير هذه السورة وتحمل أيضاً معنى معين هو جوهر هذه السورة والمعنى المعين هو مبنى سورة البقرة كلها وهو الأمر والنهي. الاختبارات التي حصلت ف بداية هذه السورة الاختبار الأول للملائكة وإبليس بالسجود لآدم هذا اختبار بالأمر (اسجدوا) نجحت الملائكة ورسب إبليس. والاختبار الثاني لآدم لكن بالنهي (ولا تقربا هذه الشجرة) وأيضاً رسب فيه لأنه أغواه الشيطان الذي لم يرد أن يكون هو العاصي وحده بل يريد أن يكون معه غيره. الأمر كله في قضية الأمر والنهي وهذا تفصيل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) وكذلك قصة البقرة نجدها مبينة على هذا (إذبحوا بقرة) عندهم قضية رجل مات ولم يعرف قاتله فأوحى الله تعالى إلى موسى أن يذبحوا بقرة ويضربوا الميت ببعضها حتى يخبر عن قاتله، الأمر بسيط وسهل جداً أسهل من سجود الملائكة لآدم ونهي آدم عن قربان الشجرة، ومع ذلك بدأوا يتلكأون (قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً (67)) تكذيب بكلام النبي الذي يقوله لهم الله أمركم بهذا، فبنيت على هذا من أولها لآخرها والتلكؤ في الاستجابة وهو أخطر مرض يحصل لإنسان ولذلك المسلم الفاضل إذا جاءه أمر الله أن يأخذه مباشرة، ما دام في كلام الله أو كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك كما جاء في الحديث “كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلي ، فقال : ( ألم يقل الله : {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } ). لعل هذا مغزى السورة كله موجود في قصة البقرة.
ارتباط سورة البقرة بسورة الفاتحة
قضية التناسب بين السور هذه قضية فيها خلاف لكن من ينظر فيهما يجد تناسباً وإن كان فيه بعض التكلف أحياناً لكن حسبنا أن نحاول هذا الربط والسيوطي يقول إن السورة اللاحقة تكون كالشرح للسورة السابقة فهذا كلال بعضهم وبعضهم يقول لكل سورة موضوع رئيس فيمكن ربط بالموضوعات. فالمناسبة يمكن أن تطرح من أكثر من جهة يمكن أن تطرح مناسبة الموضوع للموضوع، يمكن مناسبة آخر السورة مع بدء السورة التالية ويمكن مناسبة بدء السورة وخاتمتها. هذه السورة سورة البقرة لو جئنا في مناسبتها لسورة الفاتحة لوجدنا أن سورة الفاتحة فيها طلب الهداية (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) وكأنما السائل يسأل ما هو الطريق يا ربي لكي أحصل على الهداية؟ فجاءت بداية سورة البقرة (ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) وكأن الذي يريد الهداية عليه بكلام الله تعالى الذي ستكون فيه تفاصيل الهداية، يمكن وضع عنوان عام لسورة البقرة العام تفصيل الهداية، تفصيل طرق الهداية لأن فيها داخلها مجموعة من القصص والتوجيهات للتشريع وتفصيل الهداية.
في قوله تعالى (هدى للمتقين) عدّى الهداية باللام وفي سورة الفاتحة عدّى فعل الهداية بنفسه (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) لم يقل إهدنا للصراط أو إلى الصراط. البعض يسال لماذا الصراط؟ الصراط يختلف عن الطريق فالصراط لا بد أن يكون الصراط سالكاً ولا بد أن لا يكون فيه صعوبة ولا بد أن يكون موصلاً وإلا ما يسمى صراط، ولا يكون فيه اعوجاج ولهذا قال الصراط وعرّفه ووصفه (المستقيم). قال (اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ) قالوا إن التعدية باللام أو التعدية بإلى أحياناً لا تشتمل إلا على إحدى أنواع الهداية إما هداية التوفيق أو هداية الإرشاد بينما إذا عُدّي بنفسه شمل الهدايتين جميعاً والمقصود هنا جميع الهدايات (إهدنا الصراط المستقيم) بهدايتك يا رب العالمين أو بهداية أحد المهم اهدنا الصراط المستقيم. الهداية هذه ما الذي يجعل الإنسان يضل عن الهداية؟ إما بسبب يأسه وقنوطه لأنه يقول أنا ضعت، وهذه يعالجها في اول سورة الفاتحة (الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ) يعرف أن له رباً رحيماً فيعود إلى الله سبحانه وتعالى وإلى الهداية. أو يكون بسبب الصحبة (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ) النبيين والصديقين. وقد يضل الإنسان بسبب الجهل (ولا الضالين) ضلّ بلا علم ولا يعرف الطريق الموصل إلى الله لكن (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) هذه الطريق الموصلة لذلك هي شافية وهادية وتفصيل هذه الهداية في سورة البقرة.
ما دلالة التعبير بلفظ الكتاب في أول السورة وما دلالة تكرار لفظ الكتاب في سورة البقرة؟
بالنظر السريع في بعض السور يكون هناك تمجيد للكتاب أو للقرآن في بداية السورة مرة يذكر الكتاب ومرة يذكر القرآن في أول السورة فالملحوظ أنه إذا بدأت السورة بالكتاب يكون لفظ الكتاب ورد في السورة أكثر من لفظ القرآن وإذا بدأت السورة بلفظ القرآن يكون القرآن ورد في السورة أكثر من الكتاب. سورة البقرة جاء فيها الكتاب ولم يقل القرآن لم يقل ذلك القرآن، السبب لأن المقام مقام بيان لفضيلة القرآن على سائر الكتب ومواطن المفاضلة لا يصلح أن يذكر فيها القرآن لأن القرآن إسم خاص وعلم على الكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فلا يُذكر مع غيره. لكن عندما يقول (ذَلِكَ الْكِتَابُ) هو الذي يستحق إسم الكتاب من بين الكتب، هو الأعلى هو الأعظم هو المهيمن. الذي يستحق أن يسمى كتاباً من بين الكتب هو القرآن. نقول كتاب التوراة، كتاب الإنجيل، كتاب القرآن ثم يقال ذلك الكتاب، (ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ) ويمكن أن تقف عند كلمة الكتاب يعني هذا هو الكتاب لا غيره فالمقام هنا مقام موازنة يناسبها الكتاب. بعضهم ذكر أن كلمة كتاب تكررت في سورة البقرة حوالي أربعين مرة بينما ذكر القرآن مرة واحدة في آية الصيام. لعل السر في ذلك أن سورة البقرة ثلثها على الأقل كان للحديث عن بني إسرائيل واليهود وأهل الكتاب ولعل هذا من أحد أسباب ذكر الكتاب في السورة.
الله سبحانه وتعالى قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) نفى عنه الريب ثم قال (هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) لو تأملنا السورة كلما مررنا على ذكر الكتاب ننظر للمنهج الذي معه، مثلاً ذكر أنه هدى مع المتقين وأنه لا ريب فيه والمطلوب تلاوته والمطلوب الإيمان به (أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ (121)) والهداية والحكم، لكن لو أخذنا الصنف الآخر الذين تعاملوا مع الكتاب بشكل آخر المخالفة (وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ (44))، الإعراض، التحريف له، الإيمان ببعضه وترك بعضه، والكفر به والنبذ وراء ظهورهم.
تحدثنا عن مناسبة السورة للسورة. نتحدث عن السورة نفسها بماذا ابتدأت وبماذا انتهت. وهي سورة طويلة جداً 286 آية. ومن الأشياء المساعدة على معرفة موضوعاتها مطلعها وإسمها ومقطعها ومبدأها، تعين على معرفة مواضيع السورة العامة. قرأنا أول مطلع للسورة وجدنا (ألم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) بداية بهذه الحروف المقطعة التي لم يسبق للعرب أن كان عندهم مثل هذا النموذج كانوا يذكرون الحروف المقطعة في آخر البيت لكن ما كان عندهم أن يبدأ بها بحيث أن السامع ينتبه ويعرف المقصود من هذه الأشياء ولذلك من الأسرار والله أعلم أنها لتنبيه السامع لأهمية الشيء المذكور بعده. وفي أغلب السور يذكر القرآن بعد هذه الأحرف. وقد يكون فيه إشارة إلى هذا القرآن الذي نزل التحدي به من جنس لغتكم وكلامكم الذي تتكلمون به وأيضاً قد يقال الله أعلم بمراده فيها ومن الصعوبة الحكم بمعناها وإن كان فيها كلام كثير جداً. إذن هي بدأت بهذا الأمر ثم قال (ذَلِكَ الْكِتَابُ) أولاً التنويه بهذا الكتاب العظيم، ثم اختتمت السورة باثر هذا الكتاب، هذا الكتاب هدى للمتقين، أولاً لا ريب وهدى للمتقين وفي آخر السورة ذكر الله سبحانه وتعالى الصنف الذي استجاب (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ (285)) فحصيلة هذا الهدى وصفات المتقين المذكورة في بداية السورة وجدت كاملة في آخر السورة. إذا كان في أول السورة دعوة إلى الهدى والفلاح (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)) هؤلاء الذين أخذوا هذه الصفات وعِدوا في أول السورة بالفلاح وها هو يتحقق هذا الفلاح (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)) في آخر السورة وهذا التحقق له ثلاث درجات إما أن يكون الإنسان أخذ بكل هذا الأمر فحصل على الدرجة الأولى وهو الإيمان الكامل (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ) أو قد يكون اجتهد (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ (286)) عنده خطأ وعنده صواب وقد يكون أخطأ وخاف تأتي فيها الدعاء (وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) الدعاء للمخطئ أو المحسن المهم الإنسان بدأ بأوصاف المتقين في أول السورة ثم من خلال السورة حاول أن يعرف منهج الله وتحصّل في النهاية هذا الأمر فصار هناك ارتباط واضح بين مطلع السورة ونهايتها. (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا) بعد أن ذكر الحكم الكبير من التشريعات إلا أنه برغم ذلك لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فالإنسان يأخذ ما في وسعه.
موضوعات السورة:
نتحدث عن موضوعات السورة بشكل عام وهذه السورة من الصعوبة الإحاطة بكل موضوعاتها. لكن يمكن أن يكون هناك مدخل للآيات الأولى التي تحدثت عن الكتاب وتحدثت عن أصناف الناس الثلاثة أهل التقوى والكفار والمنافقون وهذا المدخل الأول للسورة.
القضية الرئيسية الأولى التي طرحت في السورة هي دعوة الناس أجمعين لعبادة الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)) هذا أول أمر في السورة وأول نداء وأول أمر جاء على صورة الخطاب بينما كل الآيات التي سبقت في سورة البقرة مع الأصناف الثلاثة كان بصيغة الغيبة تتحدث عن أهل التقوى والكفار والمنافقين ثم لما جاءت الدعوة إلى توحيد الله وإلى المقصد الأكبر ولذلك قد تكون هذه الآية من أهم مقاصد السورة وهي العبادة (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
ذكرت الألوهية أولاً في (الحمد لله رب العالمين) الحديث عن ذكر لفظ الجلالة لا يدل بالضرورة على الألوهية لأن الكفار لما يُسألون من خلق السموات والأرض؟ يقولون الله، وهذا لا يعني أنهم آمنوا بألوهيته هم آمنوا بربوبيته فالحديث عن الربوبية وإن كان ذُكر لفظ الجلالة. وهنا أيضاً الآن المطلوب (اعبدوا) توحيد الألوهية، العبادة لكن استدل عليه بالربوبية (اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) لماذا تعبدونه؟ لأنه خلقكم (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً) كلها ظواهر تؤيد أن الدعوة لتوحيد الألوهية يجب أن تكون محفوفة بتوحيد الربوبية إما قبلها أو في التعليل لها بل إن سورة الفاتحة ذكرت فيها النعم وسورة البقرة مليئة بالنعم وحتى قصة البقرة جاء الحديث عن ثمان أو تسع أو عشر من النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل، أنجاهم من الغرق ومن آل فرعون وبعثهم بعد موتهم وأنزل عليهم المن والسلوى وظللهم ومع هذا لم يؤمنوا! ولذلك مدخل النعم على الإنسان من أهم الأشياء التي يعرف بها ربه ويعرف أنه مستخق للعبادة، إذا أنعم علينا إنسان نخجل منه وكيف نؤدي له فكيف برب العالمين. هذا مدخل يجب أن نستفيد منه، النعم كثيرة في السورة.
لماذا جاءت (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) وفي الفاتحة جاءت بصغة الخطاب (إِيَّاكَ نَعْبُدُ)؟
أول خطاب ورد في سورة الفاتحة هو (إياك نعبد) ولكنه خطاب من المخلوق للخالق بينما في سورة البقرة هذا أول خطاب من الخالق للمخلوق هنا أمر وهناك (إياك نعبد) هنا أمر فالذي يريده الله منا أن نعبده لماذا نعبده؟ لأنه خلقنا وأعطانا وأوجدنا، ومما يؤيد قضية النعم الموضوع الأول هو دعوة الناس أجمعين إلى عبادة الله وهذه الآيات عددها خمس أو ست آيات (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) هذه الآيات وما جاء بعدها اشتملت على المطلوب تماماً وهو لا تعبدوا إلا الله وآمنوا بكتابه وهذه مشكلة عن بني إسرائيل وعند غير بني إسرائيل والأمر الثالث تؤمنوا بالغيب وتتقوا العذاب الأليم وتأملوا بالجنة، لو أخذ الإنسان هذه الأشياء الثلاثة يحدا هي المحرك لحياته. ولذلك الموضوع الرئيسي الثاني في السورة هو بني إسرائيل استغرق تقريباً ما يزيد على مائة وثلاثين آية نصف السورة أو ثلثها، ذكر النصارى أيضاً لك ذكر التفصيل الكبير لليهود، لماذا يذكر التفصيل في سورة الموضوع الرابع فيها هو التشريع قرابة مائة آية مقابل التشريع يذكر ما فعله بني إسرائيل لأن التشريع فعل ضده بنو إسرائيل. فأنت ترى الآن ايها المسلم لما تأخذ تشريع الله والأوامر والنواهي ترى النتيجة لقوم قبلك ماذا فعلوا بها وما هي النتيجة التي وصلوا إليها وهي تطبيق عملي وحاله قبله.
الختام وهو آية واحدة التي هي (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ (284)) هذا الأمر هو المحرك الأساسي لكل هذه التشريعات وهو مراقبة الله سبحانه وتعالى ولذلك هذه المواضيع الأربعة شملت الإيمان في الدعوة وشملت الإسلام تشريع وشملت الإحسان وهي الآية الأخيرة ففيها أركان الإيمان.
إتصال من الأخ نايف من السعودية:
المتأمل في سورة البقرة يستطيع أن يربط المواضيع بعضها ببعض مثلاً قصة جعل آدم خليفة في الأرض ذكر بعدها بني إسرائيل وعدم استحقاقهم للخلافة، وذكر حال هذه الأمة التي كانت أهلاً لهذه الخلافة في منتصف سورة البقرة قوله تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (143)) كيف نربط بين أول السورة في تصنيف الناس إلى مؤمنين وكافرين ومنافقين بقصة جعل آدم خليفة؟
ذكر الأصناف الثلاثة والله أعلم في أول السورة لأن هؤلاء أصناف البشرية لا يخرجون عنها بعد ذلك جاء أمرهم بعبادة الله سبحانه وتعالى وبعد ذلك جاءت قصة آدم وبعد ذلك ذكر الخلافة في الأرض ولذلك قالت الملائكة (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء (30)) هذا متصور من البشر ومن الناس. والسورة بكاملها توضح نماذج متعددة من الخلافة في الأرض، اليهود تولوا الخلافة في الأرض فأفسدوا وما ذكرته الملائكة وجد عندهم الإفساد وسفك الدماء حتى قتلوا الأنبياء، ومن النماذج الأخرى التي خلفت في الأرض وأعطت سورة حسنة إبراهيم عليه السلام وأيضاً وجدت تشريعات من خلال السورة لبيان المنهج الصحيح في عمارة الأرض فالسورة تبني منهجاً للخلافة في الأرض وتعطي نماذج.
ما هو السر البلاغي بالتعبير عن الجهاد بالقتال في سورة البقرة؟
سؤال الحلقة:
السؤال الأول :
في الجزء الأول آيتان أشارتا إلى ثلاثة براهين من براهين البعث بعد الموت:
الأول: خلق الناس
الثاني: خلق السموات والأرض
الثالث: إحياء الأرض بعد موتها
فما هما ؟
ترسل الأجوبة على جوال البرنامج 00966532277111
————————————————–
الحلقة الثانية
سورة البقرة
***********
رابط جودة عالية
http://ia360703.us.archive.org/6/ite…/mobasher2.AVI
رابط جودة متوسطة http://ia360703.us.archive.org/6/ite…mobasher2.rmvb
رابط للجوال http://ia360702.us.archive.org/6/ite…her2_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia360703.us.archive.org/6/ite…/mobasher2.mp3
رابط الحلقة كامل علي موقع مشاهد