المجلس الرابع
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أخواتي الكريمات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نواصل إن شاء الله معاً الحديث في تدبر سورة الفاتحة وما زلنا مع جملة (بسم الله الرحمن الرحيم) وبدأنا في المرة الماضية (بسم الله الرحمن الرحيم). كما تعودنا في كل مرة من المرات السابقة أن نبدأ الدرس إن شاء الله في التدبر بتجديد النية لله عز وجل وبدعائه سبحانه وتعالى أن يجعل عملنا وأن يجعل مجلسنا هذا من المجالس التي تحفها الملائكة وأن يجعل هذا المجلس المبارك خالصاً لوجهه الكريم وأن يجعل كل خطوة نخطوها لأجل حضور هذا المجلس تكتب لنا بها حسنة وترفع بها درجة وتحط بها سيئة ونكتب بها عند الله عز وجل من الصادقين المقبولين عنده.
أخواتي لاحظنا في المرات السابقة أن مع كل كلمة من كلمات القرآن الكريم نقف عندها طويلاً حتى تدخل النفس البشرية فتعالج ما فيها من كسل ومن ملل ومن تعب ومن نصب. المرة السابقة -حتى نذكِّر بعضنا البعض- تحدثنا عن كلمة (بسم الله) وجزء يسير في (الرحمن). قلنا أن كلمة بسم الله هي أول كلمة في هذا القرآن العظيم يبدأ بها المؤمن تلاوة هذا الكتاب ونستطيع أن نقول أنها الكلمة المفتاح التي خاطب الله سبحانه وتعالى بها نبيه الكريم حين قال (إقرأ بإسم ربك الذي خلق). أيضاً تكلمنا وقلنا أن البسملة هي شعار المسلم لأن البسملة هي الكلمة والمفتاح الذي يدخل به المؤمن على كل عمل من الأعمال التي يقوم بها في الدنيا، كل شيء، حتى الطعام والشراب، و الملبس، في فتح الباب، في الدخول، في الخروج، في كل شيء.
إذا المسلم استشعر هذه الكلمة وقالها وهو متيقن بها ودخل على كل الأعمال التي يقوم بها بهذا الإسم بسم الله مدركاً لمعانيها شاعراً بها فعلاً متأثراً ومدركاً لعظمة المعاني التي جاءت في لفظ (بسم الله) حتماً هذه الكلمة ستدخل عليه التيسير في كل أمور حياته وشؤونه ما لا يعلم مداه إلا الله عز وجل. إضافة إلى ما يكتب له من الأجر. هي كلمة تذكر الإنسان بأن الحركة التي يتحرك بها في الدنيا في المشي في الخروج من البيت في الدخول في كل شيء حتى ونحن نعود أنفسنا وأبناءنا الصغار أنه حتى لما نلمس الأشياء أو نرفعها نقول بسم الله، أضع يدي على شيء بسم الله، أفتح شيء بسم الله، إذا حاولت أن أطبق هذا المعنى وأزرعه في نفوس الأطفال وفي نفوس الصغار ستصبح فعلاً شعار المسلم أنني ليس بالقوة وليس بالخوف وليس بالقدرة أني أستعمل هذه الأشياء التي سخرها الله عز وجل لي إلا حين أذكر إسم الله عز وجل. فإذا ذكرت هذا الإسم إضافة إلى الأجر والثواب فأنا كأني أقول لهذه الأشياء المسخّرة أني أنا داخل عليك بإسم الله. هناك نقطة نحن ذكرناها المرة السابقة قلنا أننا نحن كمسلمين هناك فرق كبير ما بين طريقة تفكيرنا في استخدام الأشياء من حولنا وطريقة الفكر الغربي. الفكر الغربي إذا سمعتموهم لديهم مصطلح يستعمل كلمة قاهر الطبيعة ويظهر الإنسان في قوته وفي جبروته بعدما وصل للفضاء واكتشف المكتشفات والمخترعات أصبح عنده من الغرور والزهو بنفسه أصبح يزهو بنفسه يعتقد أنه قادر على أن يعمل أشياء كثيرة باعتبار ولكن الله عز وجل سبحانه وتعالى المؤمن جعله قوياً المؤمن لا يرى أنه مع الكون في صراع أو في معركة نحن لسنا في صراع لا مع الشجر ولا مع الماء ولا مع الزلازل المؤمن يددخل على كل شيء بالكون بمفتاح بسم الله. الأشياء حين تسخر له هذا تسخير وإذا بحثنا في القرآن وجدنا كلمة سخّر إذن المؤمن عنده تسخير بينما غير المؤمن يستخدم كلمة قهر. وحتى بالأمس القريب الزلزال الذي صار في إيطاليا وقتل الأنفس مناظر عجيبة تبين ضعف الإنسان وأنه مهما بلغ به من القوة في النهاية لا حول ولا قوة له إلا بالله، رأينا السيارات كأنها ألعاب أطفال والجبال والبنايات والشوارع هذا فعل الله عز وجل. فإذا الإنسان لا يدخل على الكون وهو مدرك حجم هذا الإنسان حجمه هو أنه ضعيف أنه لا يملك من أمر نفسه شيئاً إلا بما يشاء الله عز وجل حينئذ يدخل على الأشياء بخضوع وأرى والله أعلم أن المسليمن في السابق حين دخلوا على الكون في استكشاف الكون وفي الطبيعة كما سنرى في الايات القادمة دخلوا عليها بإسم الله ولهذا تحقق لهم ما لم يتحقق لغيرهم على الإطلاق لأن المؤمن يدخل بإسم الله وليس بنفسه. عرجنا في المرة السابقة أيضاً على لفظ الجلالة فقلنا أن كلمة (الله) هذه الكلمة أخواتي كلمة عجيبة جداً في كل ما فيها هي جمعت كل أسماء وصفات الله عز وجل، الله لفظ الجلالة فأصبح علماً عليه سبحانه لا يُطلق على أحد سواه. ويكفي حين الإنسان يقول كلمة (الله) يستعشر معانيها ويستشعر بعظمة الله عز وجل وبصفاته سبحانه. الأجمل من هذا أن مادة كلمة الله حتى في العلم الحديث في الطب وجد أحد الأطباء الألمان – وكنا قد ذكرنا ذلك في مرة سابقة – أنه في محاولته علاج بعض الأمراض النفسية وجد أن الإنسان حين تردد عليه أو حين ينطق بكلمة الله (ليس بلسانه فقط ولكنها خارجة من قلبه) يستشعر معانيها وتخرج من الجوف من داخل القلب وجد أن لها تأثيراً عجيباً على نفس الإنسان تصيبه بشيء من الراحة عجيب وفعلاً لو تجربي أختي أن تقوليها وليس المهم عدد المرات وإنما الاستشعار (الله، يا الله) تشعري بها وتعيشينها ستجدين أن النَفَس أحياناً الإنسان يصاب بضيق النفس خاصة لما يتضايق من شيء عندما تقولين (الله) تطلع من القلب وكل شيء يخرج معها. هذه الكلمة المعجزة هذا اللفظ العظيم اختاره الله سبحانه وتعالى لتكون الكلمة التي يدخل بها الإنسان على كتاب الله ويدخل بها على كل عمل (بسم الله).
ثم جاءت ودخلنا بعض الشيء في (الرحمن الرحيم). وسبحان الله أنه في سورة الفاتحة لم يذكر من أسماء الله إلا هذين الإسمين الرحمن الرحيم ولها دلالة عظيمة. ولم يختر الله سبحانه وتعالى مع لفظ الجلالة في البسملة إلا الله والرحمن الرحيم. معنى هذا الكلام أن كل ما في الكون كل شيء في الكون إنما هو من رحمة الله عز وجل (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ (45) الفرقان) حتى الظل كيف مد الظل (وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا) كل شيء برحمة الله. ولماذا قدّم الرحمن على الرحيم؟ تكلمنا في المرة السابقة أنه لو جئنا نتتبع كلمة الرحمن والرحيم في القرآن الكريم وهذا من مفاتيح التدبر أنه حتى أعرف ما معنى الكلمة بالضبط أو أن أعرف كيف أتدبر فيها أقوم بتتبعها في القرآن سأجد عجباً وأتمنى أن نعمل جدولاً في دفتر للتدبر نضع فيه كلمة الرحمن والآيات التي وردت فيها في القرآن والرحيم والآيات التي ورد فيها هذا الإسم. الرحمن الرحمن في الدنيا وهي الرحمة العامة وتقريباً معظم المفسرين قالوا أن الرحمن تعني الرحمة العامة التي شمل الله تعالى بها كل شي في هذا الكون، كل شيء يتحرك برحمته سبحانه وهي رحمة عامة لأنها مع الموجودات، مع الجمادات، مع الطبيعة، مع الشجر، مع الماء، مع الكواكب، مع المؤمن، حتى الكافر ولذلك تجد أن الكافر يعضي الله عز وجل ويتبغض إلى الله بالمعاي والآثام والذنوب ومع ذلك نجد أن الله عز وجل لا يقطع عنه التفس ولا الهواء ولا يوقف عنه الماء ولا يوقف الأجهزة التي تشتغل في جسمه، هذا من رحمة الله عز وجل. ولهذا جاء بكلمة (الرحمن). إذن بسم الله الرحمن. لماذا قدم الرحمن على الرحيم ؟ هو نوع من التسليم أني أنا مهما فعلت ومهما قمت من أعمال وأفعال أتصور نها طاعات وعبادات وقربات إلى الله أنا في نهاية الأمر أدخل أريد أن أسأل الله سبحانه وتعالى بالرحمة التي شملت عباده فأنا شيء في هذا الكون. وهي ليست الرحمة الخاصة بعباده المؤمنين. إذن الرحمن هو نوع من إظهار الضعف والتسليم لله أنني يا رب شيء من هذه الأشياء في الكون حالي حال الجمادات (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا (7) غافر) فسعني برحمتك لأني أنا شيء من هذا الكون.
ثم نأتي إلى الرحمة المباشرة (بسم الله الرحمن الرحيم) أما الرحمن فهي رحمة عامة للكل رحمة بالمؤمن والكافر، للعاضي والمطيع لله رب العالمين، للبعيد والقريب. لكن هناك رحمة أخرى هذه الرحمة الخاصة هي لعباده المؤمنين الطائعين القريبين سبحانه جل جلاله، إلا أن يميز المقربين في نفس البسملة (الرحمن الرحيم) الرحيم لو تتبعناها في القرآن (فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) البقرة) كلمة الرحيم تأتي مع العباد المؤمنين مع الطائعين مع المقربين مع التائبين مع الذاكرين مع المستغفرين لأنها رحمة خاصة لا تشمل كل العباد وإنما تشمل جزءاً منهم. وتكلمنا في المرة السابقة قليلاً وقلنا يا تُرى من هؤلاء العباد – نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا منهم – الذين استحقوا الرحمة الخاصة؟ والرحمة الخاصة بعباد الله عز وجل المقربين لها أشكال عجيبة ومتعددة في الدنيا لو الإنسان يتأمل فيها ويتفكر فيها لوجد عجباً، رحمة عجيبة حتى في عمق الامتحان وعمق البلاء وعمق الشيء الصعب الشديد تجد رحمة الله لأنها رحمة خاصة هؤلاء استحقوا الرحمة. وقفنا عند نقطة جميلة المرة السابقة قلنا أن هذه الرحمة الخاصة لو نتعرف كيف نستنزل هذه الرحمة؟ هل هي عمل أقوم به أو هي منحة يأتي بها الله عز وجل لمن يشاء؟ هي الاثنين مع بعض. معناها لكي أكون عبد من درجة خاصة –وسنأتي على العبودية عندما نصل إلى إياك نعبد – سنجد أن هناك عبودية عامة وعبودية خاصة. هناك عبد من درجة خاصة وهناك عبد درجة عامة فالرحمة درجة عامة ودرجة خاصة. الرحمة الخاصة الله عز وجل يعطيها للإنسان فإذا نزلت على الإنسان بعدها لا يسأل ما في الدنيا! شيء عجيب لو نتتبع آثارها في المرات القادمة بإذن الله. لكن نواصل كلامنا الذي بدأناه في المرة السابقة كيف أصبح من الناس الذين تشملهم الرحمة الخاصة؟ كيف اصبح عبداً أستحق – مهما فعلنا لن يستحق- لكن من رحمة الله بعباده أنه يؤهلنا لأن تستنزل علينا الرحمة الخاصة.
أول شيء طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم يقول عز وجل في آل عمران وهذا مفتاح من مفاتيح التدبر أننا نتتبع في القرآن نفسه الرحمة وذكرنا في المرة الماضية قلنا أنه على سبيل المثال الرحمة العامة في القرآن (ورحمتي وسعت كل شيء) هذه عامة لأنها وسعت كل شيء. (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا (7) غافر) وقال في آية أخرى (رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ (147) الأنعام) هذه الرحمة العامة واسعة. أما الخاصة فكما في قوله تعالى (إن رحمت الله قريب من المحسنين) هذه الرحمة الخاصة.
أول عمل هو طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. يقول الله عز وجل (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) آل عمران) (لعل) في القرآن حين تأتي مع الله عز وجل فهي متحققة الوقوع، إذن هي الطاعة تستنزل بها الرحمة.
الثانية الإيمان بالله والاعتصام بكتابه (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا (175) النساء) ونضع خطاً تحت (فَسَيُدْخِلُهُمْ) هو تعالى الذي يدخل برحمته من يشاء، إذن هي منحة من الله لكن في نفس الوقت لا بد من عمل أقوم به. وهكذا ديننا ليس هناك شيء في الكون ولا الدنيا ولا في النفس يأتي إلا ويجب أن أقدم برهاناً أو دليلاً على أني أستحق ولو شيء بسيط، الجزاء لا يتناسب مع العمل! الجزاء عظيم لأن هذا عطاء الله عز وجل لكن العمل الذي أقوم به ولو دليل صغير بسيط يقابل أني أنا أستحق أن أُرحم رحمة خاصة. إذن طاعة الله وطاعة رسوله والإيمان بالله والاعتصام بكتابه كلها تستنزل الرحمة الخاصة.
الشي الآخر الذي نحن فيه “مجالس القرآن” يقول الله عز وجل (وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) الأنعام) وفي آية أخرى حتى الاستماع للقرآن فيه رحمة ويمكن لا أدري إن انتبهتم لهذا أنه عندما تشغلي القرآن في البيت أو السيارة لوحدك أو معك أحد بمجرد أن تتلى آيات القرآن تشعرين بشيء لكن لا يمكنك وصفه هذه من آثار رحمة الله، هذه من السكينة، هذه الرحمة، هذه الراحة التي تشعرين بها عندما تبدأ أعصابك تسترخي هذه من آثار الرحمة، جزي يسير من آثار الرحمة يقول الله عز وجل في آىة أخرى (وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) الأعراف).
الإصلاح في الأرض، كلما كنت أكثر إصلاحاً وإعماراً في الأرض وبعداً عن التخريب بكل أشكاله وصوره كلما كنت أكثر استحقاقاً للرحمة. دعونا نتدبر في الآية في سورة الأعراف (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف) ما معنى هذا الكلام؟ الإفساد هو أن يأتي الإنسان إلى أي شيء من الأشياء التي خلقها الله عز وجل على هيأتها صالحة للاستعمال فيخربها ويفسدها بأن يغيرها عن هيأتها التي خلقها الله عليها. الأرض على سبيل المثال الله عز وجل جعلها لكي نعيش فيها (وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ (20) الحجر) لنسكن عليها ونمشي عليها ونبني عليها فيأتي الإنسان ويعمد إليها ويخربها بكل أشكال التخريب من تلوث وهدم وتكسير وتخريب من حرق وشعل كل هذا من أنواع التخريب القرآن يسميه إفساد، إصلاح وإفساد. شيء آخر متعلق بالمهنة التي نحن فيها، إفرضي أنك أنت مدرّسة يفترض بالمدرسة هي المكان الذي يعلم الإنسان الأدب والأخلاق والتربية والمثل والقيم فإذا أنا كمدرِّسة لم أقم بهذه المهمة لسبب أو لآخر، لأن كل شيء حولي أعوج! لأي سبب من المبررات، أنا أكون قد ساهمت في الإفساد. لماذا الإفساد والإصلاح مهم في القرآن؟ والقرآن يتكلم عنه دائماً؟ لأني قد أكون أنا الوحيدة المصلحة كما كان في عهد النبي عليه الصلاة والسلام. قد تكونين في مكان كل من حولك ممكن أن يساهموا في الإفساد والتخريب لكن هذا لا يعني أني أنا أشترك معهم يمكن أن تكوني أنت العنصر الوحيد المصلح. من عظمة القرآن في التدبر يقول تعالى في سورة الأعراف (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا) آية عامة شملت كل أنواع الفساد، (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا) لماذا جاء الدعاء بالخوف والطمع؟ لأن عملية الإصلاح عملية صعبة فكيف يستعين الإنسان عليها؟ بالدعاء (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا). وتكملة الآية (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) من هم المحسنون؟ المحسن الذي يحسن العمل فيقوم به كأن الله ينظر إليه. كلٌ يراقب الله في عمله الطبيب المهندس العامل الزوجة الأم المربية المعلمة، كل الأعمال تدخل فيها (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) قاعدة. فأفضل عمل أقوم به حتى أستنزل الرحمة من الله عز وجل أن تحسني العمل الذي بين يديك مهما كان هذا العمل صغيراً حتى لو كان تنظيف طاولة. الإحسان من أعظم العبادات في الدين. انظروا ماذا استفدنا من آية واحدة!. لماذا الإحسان والإصلاح؟ إذا لم يكن هناك إحسان لا يكن هناك إصلاح. من أين يأتي الفساد في الأرض؟ من التخريب، من عدم الإحسان. عندما لا يرى أحد فينا أن العمل الذي يقوم به بأنه عبادة ما الذي سيحصل في الأرض؟ خراب. لما الموظف بدل أن يراقب العمل الذي يقوم فيه يقرأ الصحف ويشرب الشاي في أوقات عمله، هذا تخريب، هذا لو راعى أن مديره في العمل ينظر إليه ما فعل ذلك. الإسلام أو القرآن يريدنا أن نراقب بأن الله عز وجل ناظر إلينا فإن لم تكن تراه فإنك يراك، فإذا استشعرت هذا المعنى تكون مستحقاً لرحمة الله. لماذا قال الله عز وجل (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) لأنه قد يموت الإنسان في الدنيا كمداً وحسرة ولا يرى ثمرة لعمله الصالح في الدنيا، يعني ممكن أن تعيشي حياتك وأنت معلمة مخلصة جداً وترين بأم عينيك يكرم ويرفع من هو أقل منك أو من هو ليس في الإخلاص له شيء وأنت لا تكرمين في الدنيا، هل هذا يهم؟ هل هذا يؤثر على عزيمتي؟ لا، (إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) معها وقبلها (وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا) هكذا المؤمن. القرآن يريد أن يربيني على أن أعيش في معية من رحمة الله عز وجل حتى وإن سدت أبواب الدنيا أمامي.
من الأعمال التي تستنزل الرحمات الأخوّة في الله التي نحن فيها. وعلى فكرة يجب أن نضع خط تحت كلمة الأخوة في الله. الأخوة في الله هي ليست شعاراً، هي ليست ادعاء، هي ليست كلمة أنا أحبك في الله، لا باس الآن الناس تعودت أن الكل يطلبون منا أن نعبر عن مشاعرنا وعن حبنا فالكل صار يقول أحبك في الله، هذا شيء جيد لا باس. لكن الحب في الله له حقوق، له التزامات، الحب في الله له واجبات، له آداب أحتاج أن ألتزم بها. من أعظم الآداب أن تحب لغيرك ما تحب لنفسك وهذه الكلمة الموجزة والله لو أردنا أن نتحدث فيها لا تكفينا المجالس. أن أحب لغيري ما أحب لنفسي. كما أني لا أحب أن يتكلم عني أحد بشيء يسوؤني أو يؤذيني لا أحب ولا أكون طرفاً في محادثة أن أتحدث عن أختي أو أحد بشيء يسيء إليها في غبابها لأني أحب لها ما أحبه لنفسي. والعجيب هذا ديننا عظيم سبحان الله العظيم، المكيال والكأس الذي تسقيه للآخرين في يوم من الأيام سيرجع واشرب منه. مستحيل! وخاصة فيما يتعلق بحقوق العباد فلا تتأسفي على شيء، نحن في علاقاتنا الاجتماعية تحصل لنا كثير من المشاكل، كيف تقول عني كذا؟. وكيف تتجرأ وتقول عني هذا الكلام؟ وتفعل كذا؟ لا تتأسفي على هذا. إذا أنت سكت – السكوت يجب أن يكون بحكمة- لكن إذا لم يكن هناك حل غير السكوت والتفويض بالأمر لله عز وجل وأترك الأمر لله عز وجل يأخذ لي حقي سيرجع الكأس ويشرب منه من أساء إليّ. إذا سكت والله عز وجل دافع فذاك الوقت يكون شيء آخر (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا 38) الحج) ولذلك في الحديث الجميل الذي دارت فيه المناقشة بين النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو صاحبه لما كانوا يتكلمون عنه وهو ساكت كان النبي عليه الصلاة والسلام يتبسم فلما ساله بعد أن نطق كلمة واحدة قال له كنت أضحك كانت الملائكة تنافح عنك. تخيلوا لما الإنسان تدافع عنه الملائكة، تخيلوا الإنسان لما يقول تعالى عنه (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) بعد هذا أقوم أنا لأدافع عن نفسي!. عندما يكون عندك محامي – ولله المثل الأعلى – ووكلت محامي يدافع عنك تأتين أنت تريدين أن تدافعي عن نفسك بكلمة أو كلمتين تخربي بها الدنيا! ولذلك أخواتي لو طبقنا هذا القانون السكوت” أنه يصلني كلام وأنا أعرف أنه غير صحيح وافتراء وكذب ثم اسكت وأقول “وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد” أرى الخطأ من أحد من أقراب من أصدقاء أو من إخوة أو من أخوات في الله لأننا لسنا ملائكة واسكت! سترين العجب. هذه من آثار رحمة الله عز وجل. فهذه القاعدة الأخوة ليست إدعاء الأخوة التزام، الأخوة ليس أن أتاجر وأبيع في عروض الدنيا والمال والجاه والشهرة لأن ثمنه الأخوة غالي. الأخوة الثمن الذي تأخذيه بعدها في الدنيا والآخرة غالي جداً فلا تقبل أن تتاجري بها بعروض الدنيا. ألسنا جميعاً نستشعر الإخوة في الله والمتحابين في الله على منابر من نور يغبطهم الأنياء والشهداء، هل تتصورون أن هذا شيء بسيط؟! الأنبياء والشهداء يغبطون فهل تعتقدون أن هذه الكلمات البسيطة التي نرددها هي الأخوة التي نستحق بها هذه المنزلة.؟! نحن نسأل الله أن يتجاوز عنا لكن علينا أن ندرك أنها ليست سهلة وإنما لها حقوق ولها التزامات وأعظم حق من حقوقها أن أحب لغيري ما أحب لنفسي. وأني دائماً أكون أمام أختي واضع نفسي لو كانت موجودة ماذا كانت ستفعل. ولذلك أعظم الأعمال أن يذب الإنسان عن عرض أخيه المسلم في غيبته. من أعظم الأعمال! أن تسمعين كلمة في غياب أخت لك وتدافعين عنها وتقولين ما علمت عليه إلا خيراً، هذه من أعظم الأعمال. ولذلك من يذب عن عرض أخيه المسلم يذب الله عن عرضه يوم القيامة. الآية في سورة التوبة وفي سورة الحجرات (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ (71) التوبة) ماذا يفعلون؟ (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) والصيغة صيغة الجمع لا صيغة الفردية، نحن مشكلتنا الآن أننا حتى لما نحب في الأخوة نحب نفسنا وحتى نحن ندعي الأخوة في الله نحب أن نعمل لوحدنا، أنت أختي في الله وتقربت لها لا أريدها أن تتقرب إلى غيري وإنما أريدها لي أنا فقط لسبب أو لآخر. بينما القرآن يأتي بصيغة الجمع، لماذا؟ لأنه أراد أن الفردية والأنانيية تذوب أمام روح الجماعة والعمل المشترك. نحن نفعل كثيراً من هذه الأشياء بدون أن نشعر بها بل ونجد لها مبررات! (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) ونضع خط إياك أن تأمري بالمعروف فتدخلين في منكر، كيف؟ أنا اقوم بعمل دعوة بعمل إصلاح ولم اسأل نفسي وأنا في الدعوة وفي الإصلاح أنا أجدد النية لله عز وجل لأن عملي دعوة، أنا داعية! وإذا بي أدخل في منكرات وأنا أدعو إلى اله بسبب اشياء مختلفة من الغيرة والحقد والحسد والتنافس على الدنيا والبعد وعشرات الأشياء الأخرى. فإيانا أن ندخل في منكر ونحن في عمل متعلق بالمعروف، منكر مع منكر ممكن، لكن منكر في معروف كارثة! أن أرتكب منكراً وخطأ وأنا في عمل معروف وخير هذا غير مقبول، وما أتي على المسلمين من قاصمة مثل هذه! العمل في الدعوة، العمل في الأخوة والتنافس يقتل والحقد يمسح والحسد والبغض وعشرات الأشياء المنكرة تدخل فيه فلا تبقي له ثمرة. (وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ) الله! سيرحمهم بالسين ما قال سيدخلهم في رحمته وإنما سيرحمهم الله مباشرة. نحن اليوم محتاجون رحمة الله عز وجل، الرحمة الخاصة لأن الرحمة العامة تشملنا، نحن نحتاج للرحمة الخاصة؟ كيف أستنزلها؟ بهذه الأعمال. رزقك لن يذهب إلى غيرك ابداً فلماذا القلق؟! عندما يصير الرزق في يد أختي فلا يعني أنها أخذته مني وإنما هذا رزقها هي فلماذا التحاسد؟! لماذا؟! الاية في سورة الحجرات (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) الحجرات) حصراً وقصراً إنما المؤمنون إخوة. يعني الإيمان ليس له قيمة بدون أخوة، يعني حتى أكون مؤمنة حقيقية يجب أن يكون هناك أخوة (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) الله! الإصلاح بين الناس. فأصلحوا بين أخويكم. (وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) كل كلمة معبرة عن حالة. الإيمان أخوة، والإصلاح بين الناس من أعظم العبادات التي تستنزل بها الرحمة الخاصة. (واتقوا الله) إذا كان مع الإصلاح أمرنا الله تعالى بالتقوى فما بالنا بالإفساد؟! (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ) وأنا أصلح علي أن أتقي الله فماذا أفعل وأن أفسد وأخرب بين الناس؟ فلانة قالت كذا وكذا وللأسف الآن صارت كلماتنا مباشرة فنقول والله أنا أحبها وهي بنت حلال لكن! صرنا أذكياء والشيطان علمنا فنون الكذب والاحتيال والغش والمداراة والمداهنة فعلمني أن أبدأ بالمدح أولاً والثناء ثم بعدها أبدأ بالعميق! للأسف هذه حقيقة، هناك طعن، هناك تمزق لجسم الأمة، الأمة تتمزق ولذلك لا نرى لأعمالنا من ثمرات في واقع الحياة، الكلام كثير والختمات كثيرة وأعمال البر كثيرة أين الثمر؟! أ لم يئن الأوان أن نسأل أين الثمر؟ أين الثمر ليس لأننا نستعجل الثمر لكن أين الثمر أن كل عمل يجب أن يكون له نتيجة، النبي صلى الله عليه وسلم 25 سنة غيّر وجه التاريخ، فماذا أصابنا نحن صار لنا عشرات السنين ما تمكنا من تغيير شيء، ما غيرنا نفوسنا؟! يمكن هذا هو المفتاح. (وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) التقوى، الخوف من الله والإصلاح بين الناس من أعظم الأعمال ولذلك من يصلح بين الناس يبلغ بدرجته القائم الذي لا يفتر والصائم الذي لا يفطر، القائك في الليل والصائم في النهار. الإصلاح ولذلك لم يبح الإسلام الكذب في مواطن إطلاقاً فالمؤمن ليس بكذاب إلا في هذا الموطن لكن في الإصلاح بين الناس ممكن لكن لا نتمادى في الكذب! في سبيل الإصلاح ممكن. تقولين فلانة تحبك المهم أن تصلحي بين الناس وخاصة بين ذوي الرحم، الأسر المتفككة البيوت التي صارت عامرة بالحجارة والطوب وخربة بالمودة والمحبة! أفلست! أفلست بيوتنا غير عامرة، بيوتنا مصبوغة ومزينة من الخارج وخاوية من الداخل، أولادنا يفرون منها، أزواجنا يفرون منها، حتى نحن أنفسنا نفر منها! لأنها خراب، البيت لا يبنيه فقط الطوب والحجارة وإنما يبني بالمودة والمحبة والسكينة والخوف من الله عز وجل.
الإنفاق في سبيل الله وقلنا هذا باب كبير، ليس فقط بالمال ولكن بالابتسامة، بالمشاعر، بالوقفة الصادقة، بالتربيت على الكتف، بالدعاء بظهر الغيب، بالحب، بالمشاعر بالعواطف وكوني على ثقة كل ما أعطيت كلما سيأتيك أكثر. هكذا الرحمة الخاصة كلما كنت أكثر قرباً ونفعاً للناس كلما رجعت عليك مرة ثانية، هكذا هي أبواب مفتوحة وكل واحد يؤدي غلى الآخر. إذا كنت أكثر رحمة بالآخرين وأعطيت حباً أكثر سيرجع لي الحب أكثر أما إذا تجمدت مشاعرك ونضبت ستجدين أني أنا أيضاً أنضب ولا يمكنني أن أعطي أكثر. يقول الله عز وجل (وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (99) التوبة) انظروا كيف يكون العمل وكيف تتنزل الرحمة الخاصة. الإتقان والإحسان في العمل نفسه الذي تكلمنا عنه في آية سورة الأعراف (وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) يوسف) الرحمة الخاصة، لكن لأي شيء؟ (وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) صحيح هي رحمة خاصة يصيب بها من يشاء لأن الله عز وجل لا يثسأل عما يفعل وهم يُسألون لكن هناك عمل فعله يوسف حتى يستحق الرحمة الخاصة، ما هو؟ لا يضيع أجر المحسنين، يوسف كان من المحسنين في كل شيء كان محسناً وهو إبن، كان محسناً وهو أخ، كان محسناً وهو غريب، كان محسناً وهو يتربى في بيت العزيز، كان محسناً وهو وزير المالية، كان محسناً في كل شيء. فلأنه اتخذ الإحسان شعاراً له أدخله الله في رحمته لذلك رحمة الله قريب من المحسنين.
البر بالوالدين والرحمة بهما من أعظم الأنواع. تقولين عندي أمي أداريها أو أذهب للعمرة أقول لك إذهبي إلى أمك واجلسي عندها. تقولين عندي أبي أو أذهب للعمرة اجلسي عند أبيك لأن الأم والأب مثل شمس الأصيل بسرعة يذهبون، ومرات عديدة المشكلة أننا لا نشعر بهم إلا بعد ذهابهم نبكي عليهم. قبل أيام كنت في محاضرة فقالت لي إحدى الأخوات وهي امرأة كريمة وقالت أقسم أني أريد أن أقول هذه القصة حتى يتأثر بها الجميع فيفعلوا ما لم أفعله، قالت أنا في حياتي كلها لم تضمني أمي ولا ضممتها لأني أستحي فما كنت لا أضمها ولا تضمني ولما ماتت أمي تحسرت وتمنيت لو ضممت أمي في يوم من الأيام. الله عز وجل يقول (وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) الإسراء) من شدة الرحمة المفروض أن نُظهرها لأمهاتنا كأننا صرنا طير وخفضنا الجناح واختلف المفسرون في تفسيرها بحيث قالوا ننزل حتى نكون أخفض ما يكون بالرحمة (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) هذه من أعظم الأعمال. فإذا كان لديك أم أو أب فبادري بهذا، لا نقول أمي تصرخ في وجهي، أمي تفعل، مهما فعلت أمك، هما أم وأب لا يجازون بهذا الشكل. ومن حسن الضمّ حتى لو أن أحد الأبوين أصيب الزهايمر أو فقد الذاكرة أم أي مرض من الأمراض التي تأتي مع الشيخوخة يشعر بها وإن لم يشعر بها تسجل عند رب العالمين ولذلك كان بعض الصالحين كان يأتي لما يكون جالساً بين الناس ويحدث في مجلس يأتي أبوه فيذهب إليه ويجلس عند قدميه ويقبلهما ويقول الجنة عند قدميه. تصوير رائع، شعور وإحساس، المؤمن حساس بدون عواطف لا يوجد إيمان. الإيمان ليس معناه متبلد العواطف إذا صرنا متبلدي العواطف مهما دعونا وطلبنا الرحمة أن تنزل لا تنزل. الدموع من الرحمة، الضحك من الرحمة، كل شيء من الرحمة. نحن محتاجون أن نظهر الرحمة مع بعضنا البعض.
الصبر على البلاء والامتحان: كل البلاء والامتحان وما سمي بلاء ولا امتحاناً إلا لمرارته، مرٌ، طعمه مر، لنقرأ الآية (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) الأنبياء) أيوب نبي من الأنبياء المقربين عند الله عز وجل أيوب ما شكى حاله للناس انظروا ما حصل بي وانظروا ماذا فعل بي ربي (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) مجرد مسّ، كل الابتلاءات التي تصير بنا هذه مسّ فقط، يعني ليست ضراً حقيقياً ولذلك في القرآن لم يأتِ الضر هكذا أن الله يضرنا، بهذه الكلمة فقط وإنما ورد بصيغة المس، ضربة خفيفة، كل الابتلاء الذي بنا هو مجرد مسّ، (مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين( وانظروا الأدب في الدعاء (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) أول ما بدأ به أيوب (ربه) أنت ربي وسنأتي على لفظ الرب في المرة القادمة إن شاء الله، أنت الذي ربيتني، كل الرحمة التي عندنا الأم مستعدة مستعدة أن تعطي حياتها لأولادها، كل الرحمة التي في قلب الأم هي من رحمة الله عز وجل هو وضعها في قلب الأم حتى ترحمنا وتعرف أن تربينا بشكل صحيح. فأيوب قال ربي أنت إلهي إني مسني الضر، تعبت، وأنت أرحم الراحمين. وضعي عشر خطوط تحت أرحم الراحمين، يعني هناك راحمين هناك من البشر راحمين وهناك من البشر من قلبوهم ليس بها رحمة ولذلك “الراحمون يرحمهم الله” والله أرحم الراحمين. (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ (84) الأنبياء) ولذلك يقول الإمام جعفر الصادق في هذه يقول عجبت لمن مسه ضر فلم يلجأ بالدعاء بهذه الآية (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) لا نقوله فقط باللسان! انتهت كل الأسباب، أشعر بأنه لا حول لي ولا قوة، كل الأسباب انتهت ومسني الضر وبقي لي هذا الباب الذي يمكن أن الجأ به لك يا رب وأنت أرحم الراحمين. (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ) والفاء للسرعة، (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا) هذه الرحمة، ما معنى هذا؟ يعني عنما يصاب الإنسان بابتلاء وامتحان فيصبر ولا يلجأ إلا إلى الله ولا يشكو الله عز وجل لأحد من خلقه! لا نقول انظروا ماذا حصل بي؟ ماذا فعلت؟ يتأدب مع الله عز وجل فلا يشكو الله سبحانه لخلقه وإنما يشكو الذي فيه إلى خالقه، تجلسين على سجادتك في نصف الليل وتطلبي من الله ما تشائين وتناجيه كما تشائين أفضل من أن أرفع سماعة الهاتف لصديقتي وأبدأ بالشكوى لها! صحيح أننا نحتاج للفضفضة لكن لماذا أقدم حاجتي لأي أحد هل يملك أن يزيلها؟! خاصة إذا كنت تشتكي من الله، هذه مصيبة! أن أشكو الله عز وجل في حكمه وقضاءه علي لأحد من خلقه هذا عيب! لا يليق، ليس من الأدب. ماذا نفعل؟ إشكي لله (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (86) يوسف) ولذلك صبر يعقوب عليه السلام كان صبراً جميلاً، لأنه ما شكى للخلق وإنما قال (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ) فإذا ابتلي الإنسان بأي نوع من أنواع الابتلاء حتى لو الشوكة يشاكها وقلت آخ، هذا ايضاً ابتلاء، اي شيء في الأموال، في الأولاد في الناس في أي شيء وصبرت ودعوت بهذا الدعاء انظري ماذا سيفعل الله عز وجل. الله تعالى استجاب لأيوب عليه السلام وارجع له أهله لكن الأعظم من هذا (رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا) أعطاه رحمة، وتكملة الآية (وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ (85) الأنبياء) الصبر، لأن الجامع بين هؤلاء الأنبياء هو الصبر، أدخلهم الله في رحمته لأنهم من الصابرين. ما الذي يخفف عنا الابتلاء؟ ماذا يفعل الذي ابتلي بابتلاء ما الذي سيخفف عنه الابتلاء؟. أذكر امرأة قابلتها في حياتي لا هي من الداعيات ولا هي من الذي يحدّثون ولا من الذين يعطون الدروس هذه المرأة امرأة بسيطة كان عندها ولد معاق والولد من يوم ما خلق وهو قطعة لحم ليس فيه عظم ولا شيء ويكبر وهو على هذا الشكل أمام عينها والمرأة ليست صابرة فقط، لا، المرأة سعيدة، ما هي سعادتها؟ يعني راضية وفرحانة ومسأنسة فكنت أعجب منها ولما أريد أن أتعلم أذهب لأزورها فأسألها كيف تفعلين هذا؟ نحن نقرأ عن الرحمة في الكتب لكن ليس بهذا الشكل! فكانت تقول أول شيء كنت متيقنة أن هذا الشيء هو اختيار رب العالمين ليس لي يد فيه أنا لم أفعل شيئاً وهذا ليس بيدي وإنما ابتلاء. ثم أنا مؤمنة أن ربي عز وجل أرحم بي من أمي وأبوي وأنت وكل الناس فأيقنت وركن في قلبي واستقر أن هذا المصاب الذي أمامي هو أحسن لي، الشيء الثالث أني أنا استشعر بالرحمة، هناك شيء في البيت لا أقدر أن اصفه، البيت صغير لكن هي تصفه بأنه واسع، شرح فيه شيء، الولد هذا عاش 15 سنة والله لما توفي، تخيلوا هذا الولد كبر وهو عمره 15 سنة وهو لحمة ولا يشعر بها ولا يعرف إذا كانت هي التي تبدل له ولا يعرف أنها أمه ولما كنت أسألها هو لا يعرف غذا كنت أنت التي تبدلين له أو الخادمة فقالت لكن الله يعرف! الله! الله يعرف. كان ممكن أن تتركه للخادمة وليس فيها اي حرج ولكن هم ردجات عند الله، في الجنة درجات لا درجة واحدة فلما أريد أن اقوم بهذا العمل وأعتبره قربى أتقرب به إلى الله شيء آخر!. فلما توفي بكت عليه ولم أر في حياتي أم تبكي على ابنها الصحيح كما رأيت هذه المرأة تبكي على هذا الابن المعاق فكنت أسألها لماذا؟ وكانت تقول انقطع الخير، هكذا بعفوية مطلقة، انقطع الخير. فالابتلاء مهما كان شديداً أو قاسياً الذي يجعله حلواً أني أعرف أنه جاء من الرحمن الرحيم أكيد فيه خير لكن لماذا؟ هذا من حكمة الله عز وجل، لماذا؟ ليختبر إيماني، يعني هل أؤمن به بالذي افهمه والذي لا أفهمه لا أؤمن به؟! الذي يرضيني ويعجبني أقبله والذي لا يرضيني لا أقبله؟! لا يصح! أيّ حب هذا؟! هذا ليس حب عاشق، الحب الحقيقي أني أحبه بالذي أحبه وبالذي أكرهه، يعطيني أولا يعطيني أحبه، يأنيني ضر يأتيني نفع أحبه، في كل الأحوال أحبه. ولذلك المحب الحقيقي حتى الشعراء – ولا أحفظ من الشعر الكثير وإن كنت أسمعه – يتغنى بالحبيب وكما يقول المثل الشعبي “ضرب الحبيب مثل الزبيب” هكذا يكون الحب الحقيقي، مهما فعل به يقبله لأنه حبيب ولله المثل الأعلى. الله سبحانه وتعالى في جلاله، في عظمته، في قدرته، ابتلاني بابتلاء أنا لا أفهم الحكمة لكن قطعاً في الخير ، ما هو هذا الخير؟ أنا لا أعرفه، وقد أموت وأنا لا أعرفه وقد يأتيني علمه يوم القيامة (يوم يأتي تأويله) يجوز أن يأتي تأويله يوم القيامة وأعلم تأويله فأتذكر فيتذكر أهل البلاء فيتمنوا لو أنهم ما انغمسوا في نعيم قط، يتمنوا لو عاشوا طول عمرهم في ابتلاء، نحن لا نسأل الله الابتلاء ولكن نسأل الله العفو والعافية لكن إن وقع البلاء نتقبله وإذا أردت درجة أعلى نرضى، هذه درجة أعلى أنه ليس فقط تقبل وإنما رضى!.
الصلاة والزكاة (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56) النور) الزكاة كم من أناس يمنعوها في زماننا هذا، الزكاة لو دفعت لما رأينا كل ما نراه من مصائب في العالم. الزكاة فريضة مهمة. (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ).
الاستغفار وقيام الليل والخوف من الله: استغفار وقيام الليل وخوف من الله، نقرأ هذه الآيات (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46) النمل) لماذا تسعجلون بالسيئة قبل الحسنة؟ (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ) نحن الذي نحتاجه (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الاستغفار. ونحن استغفارنا للأسف يحتاج إلى استغفار لأننا نستغفر وقلوبنا لاهية، نقول استغفر الله ترداداً باللسان والقلوب لاهية، صرنا مثل الرجل الآلي، ليس هناك استشعار (استغفر الله) من كل ذنب أذنبته، يعني لنكن واقعيين نحن بماذا نذنب؟ كيف نذنب؟ نحن نستعمل الأشياء التي أعطانا الله تعالى إياها في معصيته، اللسان الذي أعطاني غياه أستخدمه في معصيته، يعني حتى وأنا أذنب استعمل الأشياء التي أعطاني إياها الله عز وجل، هذه فيها قلة ذوق! الله تعالى يعطيني الشيء وأنا أستخدمه في معصيته! عيب، أعطاني غياها فأستخدمها فيما يغضب الله عز وجل؟! هو الذي اعطاني إياها، ولذلك الله عز وجل يقول بعض الصالحين عندما تكلموا عن هذه القضية إذا أردت أن تعصي الله فانظر أرضاً غير أرض الله اعصه عليها، استظل بسماء غير سماء تعصه تحتها لكن أنت على أرضه وتشرب من مائه وتستخدم الأشياء التي أعطاك هو إياها وتعضيه هذا منتهى الجحود ونكران الجميل! هذه اليد هذه من جعلها هكذا تمتد لتلقط الأشياء؟ الله عز وجل ولو شاء أوقفها سبحانه! الذي أعطى هذه هل أمدها إلى حرام؟ هل يجوز؟ يقول تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا (130) آل عمران) وأنا آكلها، يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ (29) النساء) وأنا آكلها؟ لا يجوز! أنا أعيش في نعمه سبحانه، أنا أعصيه بالأشياء التي أعطاني هو إياها، بنفس الأدوات!.
(أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (9) الزمر) من هم أولو الألباب؟ ولماذا ورد اصحاب العقول الكبيرة في هذا السياق؟ الذين أدركوا حقيقة الدنيا، الدنيا ساعة مثل هذا المجلس، الذي يدرك حقيقة الدنيا هم أصحاب العقول الكبيرة (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ). هل ينسى أولو الألباب؟ يمكن أن ينسوا لكنهم يتذكرون (إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) الذين حسبوها صح، من هم الذين حسبوها صح؟ لا يقولون لك إذا فعلت هذا فالناس تستغفلك، لا تفعل هذا، والقرآن يقول (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) فصلت) ثم يقول لك الناس لا تفعل هذا الناس سيضحكون عليك، سيستغلونك، وتصبح أحمق، انظروا المقاييس كيف تغيرت عندنا واختلفت! ولذلك نحن بحاجة لتصحيح مقاييسنا وأن نريد الأمور إلى نصابها، كيف؟ بالقرآن، بالتدبر في القرآن. هذا كله ونحن ما زلنا في أربع كلمات (بسم الله الرحمن الرحيم). لكن هل إذا قلت بسم الله الرحمن الرحيم مائة مرة وإذا لم أقرأ من القرآن خلال هذا الأسبوع إلا بسم الله الرحمن الرحيم والآيات التي ذكرناها هل تكفيني؟ نعم تكفيني لأنها كفيلة بأن تغير حياتي وكفيلة بأن تجعل حياتي لها طعم آخر. نحن اليوم في واقعنا نشتكي من قلة الرحمة ونلوم زماننا الذي نحن فيه وزماننا مسكين وإنما نحن المصيبة فيه
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيبٌ سوانا
نحن المشكلة وفاقد الشي لا يعطيه، الرحمة بالفقير والرحمة بالضعيف والرحمة بالخادم والرحمة بالمسكين.
المواقف الأخرى الله عز وجل قال عن نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107) الأنبياء) إذا أردت أن أتبع خطوات الرحمة وأصير فعلاً رحيمة لأن هناك أناس قلوبهم جامدة ليس فيها رحمة يتمنى أن يصير رحيماً لكنه لا يقدر. ماذا أفعل؟ أحاول أن اصير رحيماً، كيف؟ أولاً أدعو الله سبحانه وتعالى واستعين به ولذلك سنأتي على (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) الفاتحة)، ثانياً أصر بالدعاء والإلحاح بالدعاء، ثالثاً اقرأ القرآن، ثم اقوم بأعمال البر للآخرين وخاصة الأشياء التي لا يراني فيها أحد أو يطلع عليها، مسح دمعة اليتيم، التربيت على رأسه، المشي في حوائج الناس، دعوني أخبركم بحديث رائع يقول فيه النبي عليه الصلاة والسلام “المسلم أخو المسلم” هذه أخوة مرة ثانية، الرحمة، من الرحمة، تقولين لا تستخق! أنت لا تفعلي الشيء لأن فلان يستحق أو لا، نحن هذه مشكلتنا، نقول فلان لا يستحق! نحن لا نفعل الشيء لأن فلان يستحقه أو لا يستحقه نحن نتكلم في النية، نحن نعمل عملاً لله لا يهمني إن كان صاحبه يستحق أو لا يستحق!. “المسلم أخو المسلم” يستحق أو لا يستحق، أحبه أولا أحبه، يعجبني أو لا أطيقه، بل على العكس. “المسلم أخو المسلم لا يظلمه” والظلم أنواع الظلم بالكلمة الظلم بالظن السيء الظلم بالاحساس، الظلم بكل شيء ، “لا يظلمه ولا يسلمه” لا يبيع بالرخيص، هناك بعض الناس أهون شيء عنده أن يفرق صاحب عن صاحبه والإسلام دين الدعوة. “ومن كان في حاجة أخيه” أيّ نوع من الحاجة، لا نقول هذه تضيع وقتي!ّ “ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” أنا اذهب أسعى لأحدهم في حاجة فيسعى الله تعالى لي في حاجة؟! الجزاء من جنس العمل، لا تقول أتعبتني ودوخت رأسي! “ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته” انظروا الجزاء العظيم!. “ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة” كلها نحفظها ما شاء الله. “ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة” بينما نحن الآن متخصصون في الفضائح والإعلان والإشاعات!. أخواتي ديننا إسلامي ديننا إنساني، الإسلام دين الإنسان إذا كنت أريد أن أكون أقرب إلى الله يجب أن أكون أقرب إلى عباده يستحقون أو لايستحقون – وبين قوسين حتى نختم به كلامنا لأننا إن شاء الله سنبدأ في المجلس القادم بالفاتحة – هذا ليس معناه أنه الحمد لله كل الناس يمشون في حوائجنا ونعطي الناس قائمة، لا، الإسلام ربانا على التعفف، المؤمن متعفف، عنده عزة نفس وعزة النفس والتعفف جاءت من إيمانه بالله عز وجل إيمانه بأن الله مالم مالك الملك (مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) الفاتحة) فيكون عنده عزة نفس لكن الناس مع بعضها البعض محتاجة لبعضها البعض. نحن صرنا شيء عجيب! نقول ما عندنا وقت! ماذا نفعل بالوقت؟! هذا سؤال مشروع، ما عندنا وقت! صحيح، لكن ماذا نفعل في الوقت؟! هل نربي أولادنا أفضل؟ هل نتعامل مع أزواجنا أحسن؟ هل نتقرب إلى الله أكثر؟ هل نحسن إلى آبائنا وأمهاتنا أكثر؟ هل نحسن إلى مجتمعنا أكثر؟ ماذا نفعل في القت الذي نشكو منه أنه ليس عندنا وقت؟ أو أننا صرنا أنانيين أكثر؟! أو صرنا نحب أنفسنا أكثر؟! النبي عليه الصلاة والسلام رحمته وصلت حتى للحيوان لما رأى الجمل يبكى شكا الجمل للنبي صلى الله عليه وسلم فمسح النبي دموعه بيديه، هذا من رحمته، النبي قائد أمة ما عنده وقت! أكيد ليس عنده وقت، لكن لم يقل أبداً ليس عندي وقت وكانت آخر كلمة يقولها في حجة الوداع “اللهم هل بلّغت اللهم فاشهد” اللهم صلي وسلم وبارك عليه. كان عنده وقت للجمل؟! نعم كان عنده وقت للجمل يمسح دموعه وسأل عنه يعني تابعه ولم يمسح دمعه ويتركه، الجمل ليس عنده لسان يشتكي، سأل النبي عن صاحبه وقال له لم تؤذي الجم فقد اشتكى لي. متى تفيض رحمتنا بهذا الشكل؟! وصدقوني وإن شاء الله هذه الرحمة مثل البنك كلما رحمت أكثر كلما جاءك أكثر وشيء عجيب من حيث لا تحتسبين، تأتيك أبواب رحمة أنت لا تعرفن من أين أتت؟ ثم تتذكرين – وإذا لم تتذكري أحسن- هذه الخادمة كان ممكن أن أؤذيها لكني لم أؤذيها، والمفاهيم المغلوطة التي عندنا “إقسي على الخادمة حتى تستقيم، اضربيها حتى تستقيم” والمشكلة أننا نصدق نحن نقول الكلام ونصدقه ونقرأ القرآن ونصدقه أيضاً، لا يصح أن يجتمع الاثنين معاً بهذا الشكل، إذا لم تصبحي قاسية على الخادمة ستتفرعن عليك! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه أنس رضي الله عنه خدمت النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنوات فما قال عن شيء فعلته لم فعلته أو شيء لم افعله لم لم تفعله؟ هل تعتقدون أن هذا جانب ضعف من النبي صلى الله عليه وسلم؟ حاشاه! كان رحمة صلى الله عليه وسلم. العمل الذي قد تفعليه مع خادمتك قد يكون بصمة في قلبها يوماً من الأيام فترجع وتكونين أنت مرتاحة. ونحن نقول دائماً الدنيا هي ليست الشيء الذي لا تجدين ثمرته في الدنيا ستجديه في الآخرة فعلينا أن نرحم بعضنا البعض نحن حتى في بيوتنا التي قال فيها الله تعالى شعاراً (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً (21) الروم) حتى هذه نسيناها وصرنا صعبي المراس، انظرزا ماذا فعل زوجي؟ صرنا نتعامل بالمقابل كل شيء مقابله شي وللأسف لم نصبح أكثر سعادة وإنما صرنا نشعر بالتعاسة والمطلوب هو العمل من اليوم إلى السبوع القادم لأننا سنبدأ بالحمد إن شاء الله، حتى نعرف كيف نحمد المطلوب رحمة، هذا أسبوع واحد جربي أن ترحمي، الزوج، العيال، الخادمة، طبعاً ستجدين تغييراً وسيقولون هذه المرأة أكيد حصل لها شيء، هل أنت متأكدة أنك أنت أنت؟! الزوج هذا الأسبوع ارحميه، اتركي الأمور وكذلك مع الأب والأم والأخ والإبن، الرحمة لا تعني عدم الحزم لكن إرحمي، رحمة، رحمة بكل شيء، وخاصة مع الأقل منا، لأن الرحمة مع الأقل هي الأجمل. إضافة إلى هذا أن نجعل البسملة شعاراً لكل شيء حتى في الأشياء الصغيرة ويا ليت نعلمها للصغار. في الأسبوع القادم إن شاء الله نبدأ بسورة الفاتحة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما تستنزل به رحمة الله عز وجل:
طاعة الله ورسوله:
(وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (123)) آل عمران
القرآن:
(وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)) الأنعام
(وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)) الأعراف
التقوى:
(أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63)) الأعراف
(وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)) الأنعام
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (45)) يس
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)) الحجرات
إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول:
(وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)) النور
الاستغفار:
(قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (46)) النمل
الإصلاح بين الناس والأخوّة في الله:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)) الحجرات