أبواب الجنة – باب الأم الصالحة
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول الله سبحانه وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ (14) التغابن) أزواجكم يعنى نساء ورجال هذا خطاب للمؤمنين النساء والرجال، فرُبّ زوج هو عدو لزوجته ورُبّ زوجة هي عدوة لزوجها وهذا معروف ولكن الله سبحانه وتعالى الذى يحذرنا يحذر أحدنا من الآخر قال (فاحذروهم) إذا أخطأ وإذا أجبرك على الخطأ وإذا زيّن لك الحرام وزيّن لك الشر عليك أن تكون حذراً. هذا يعنى أن صلاح الزوجين في آخر الزمان من أجلّ العبادات لماذا؟ وخاصة المرأة (وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71) هود) إمرأة كريمة طيبة تخدم زوجها وتخلص له وترعى شؤونه وترحب بضيوفه وتسد غيبته إذا غاب، حينئذ هذه المرأة الصالحة يوم القيامة تدخل الجنة من غير حساب (ما من إمرأة يموت عنها زوجها وهو راضٍ عنها إلا دخلت الجنة) لماذا؟ ما من إمرأة صالحة لزوج صالح أو غير صالح إلا وهي تعانى معاناة كبيرة وظيفة الزوجة وظيفة المرأة فى بيت زوجها وظيفة شاقة ولذلك وضعك أبوك شهوة ووضعتك أمك كرهاً، وكل واحد منكم فليلتفت إلى تفعله نساء بيته سواء بنتاً أو أختاً أو أماً أو زوجة، كم من الشقاء والتعب والعنت والمعاناة بصبر ورضى وابتسامة وتضحية بلا حدود.
صبر المرأة هذا سواء كانت أماً أو بنتاً أوأختاً، أنظروا إلى أخت موسى ماذا فعلت وإلى أم موسى ماذا فعلت وإلى إمرأة فرعون ماذا فعلت وقيسوا على هذا. حينئذ عليك أن تعلم بأن هذه المرأة التي في بيتك ربما تكون طريقك إلى الجنة كما أنت طريقها إلى الجنة إذا رضيت عنها وهي لا ترضيك إلا على حساب صحتها وتعبها وراحتها وسهرها لأن مرضاة الزوج صعبة. وهناك نساء أعطاهن الله القوة وإنكار الذات والخلق الرفيع والصبر العظيم حتى أرضت زوجها فإن رضي عنها زوجها فهذه شهادة لها بأنها من كبار الصالحات لأن ذلك لا تفعله إلا إمرأة صالحة صار الصلاح ديدنها من تربية أهلها ومن أخلاقها ومن مخافتها من الله عز وجل ومن تعليمها ما في هذا الدين من خلق رفيع. ولذلك كما أن الزوجة قد تدخل بزوجها الجنة كذلك الزوج قد يدخل بزوجته الجنة (قال يارسول الله الدينار أضعه في في أهلي والدينار أضعه في يد مسكين والدينار أضعه في سبيل الله أيها أفضل؟ قال الذي تضعه في في أهلك (أي زوجتك) .
ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم (خياركم خياركم لنسائهم) معنى ذلك أن الزوج يمكن أن يدخل الجنة بزوجة سيئة تعبانة قد أتعبته كثيرا أحزنته كثيراً أهملته كثيراً المهم لم يكن راضياً عنها ولكنه صابر عليها ويكرمها وأبقاها فى ذمته لم يطلقها ولم يشردها رغم ما فعلت به الأفاعيل قطعاً سوف يدخل بها الجنة إن شاء الله والعكس صحيح. حينئذ هناك إمرأة تعاني من زوج بخيل غير ملتزم يتعبها يشقيها ويضنيها إلى آخره ومع ذلك لا يرى منها إلا ابتسامة وإخلاصاً ومودة هكذا هو الأمر.
إذن من شمائل هذا الدين ومن عظمته أن أحد الزوجين الصالحين يدخل بالزوج الطالح الآخر يدخل الجنة إذا صبر عليه، وإن صبر النساء على الرجال عظيم لأن الظلم لا يقع من الزوجة على الزوج إلا نادراً وليس هو القاعدة وإنما هو الشاذ بينما القاعدة هو أن يظلم الزوج زوجته وهذا الذى يجري، والظلم قد لا يكون مقصوداً ولكنها طبيعة الحياة (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى {1} وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى {2} وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {3} الليل) كما أن الليل سكون والنهار تعب فإن الزوج والزوجة هكذا على هذا الأساس.
إذن نقول بأن من الرجال من يدخل الجنة بزوجته والعكس صحيح من يدخل النار بزوجته، وإن من النساء من تفعل ذلك أيضاً. والله الله فى كل منهما بالآخر لأن الأخر هو طريقه إلى الجنة أو طريقه إلى النار والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.