أبواب الجنة – باب الإستغفار
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد. (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ (185) آل عمران) قضيتان: تزحزح عن النار أولاً، تدخل الجنة ثانياً. إذن الزحزحة عن النار شرط لكي تصل إلى أبواب الجنة. وكيف تزحزح عن النار وأنت خطاء بفطرتك “كل ابن آدم خطاء”، “ولو لم تذنبوا لذهب الله بكم ثم جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله لهم”. إذن هكذا هي المعادلة (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُو التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) البقرة) كان لا بد لآدم أن يخطئ وحينئذ استغفر الله (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) الأعراف) فغفر الله له وهكذا.
ومن أجل هذا الإستغفار داؤك ودواؤك إن تركته فهو داؤك هلكت، وإن لزمت به فهو دواؤك، داؤك إن تركته ودواؤك إن فعلته، ولهذا يقول إبليس أهلكنا الناس بكثرة الإستغفار، بعد أن يتعب هو وزبانيته وقبيله ويوسوس ويجهد ويخطط وإذا بك تقع في الذنب ما أن تستغفر من قلبك صادقاً إلا وقد غفر الله لك فيذهب خاسئاً خانساً.
وهذا الإستغفار صيغه عديدة. سيد الإستغفار كما قال عليه الصلاة والسلام هو: “اللهم أنت رب العالمين أنت ربى خلقتنى وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك على وأبوء بذنبي فاغفر لى فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت”. هذه الصيغة يقول عليه الصلاة والسلام “من قالها مساءً فأصابه قدر دخل الجنة، ومن قالها حين يصبح فأصابه قدر دخل الجنة”. إذن هذه الصيغة مضمونة من حيث أنها أمان لك من النار وضمان لك لدخول الجنة إن قلتها حين تصبح وإن قلتها أيضاً حين تمسى فأنت لا بد أن تموت إما في النهار أو في الليل، إذا استقبلت نهارك بهذه الصيغة ثم جاءك القدر في النهار فقد دخلت الجنة وإذا قلتها في أول الليل وجاءك قدرك فى الليل فقد دخلت الجنة، فأبواب الجنة مشرعة أمام هذه العبادة العظيمة.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ (10) نوح) الإستغفار هذا عبادة جامعة، من العبادات التى يحبها الله ورسوله. عبادة جامعة “من لزم الإستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب” تأمل علاج شامل للكآبة، للضيق، النفسي من الهموم ومن الفقر وما تريد؟.
فالإستغفار إذن ينظم حياتك كاملة ويكمل نقصها ويعالج سلبياتها وبالتالى يزحزحك عن النار ويدخلك الجنة. من هذا “لا يدخل النار إلا شقي”، رجل دخل النار ولم يستغفر من ذنبه. الله سبحانه وتعالى يقول (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{135} أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ (136) آل عمران) هكذا هو الأمر، من أجل هذا إذا دخلت النار فلا تلومنّ إلا نفسك لقد فتح الله أبواب الجنة كلها أمامك وما عليك إلا أن تذنب فستغفر أو تستغفر كلما أذنبت. ولذلك الذين يدخلون النار أذنبوا ولم يستغفروا والله سبحانه وتعالى كما في الصحيح “كلما أذنب العبد واستغفر قال الرب عز وجل: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب قد غفرت لعبدي) ثم مرة ثانية مرة ثالثة (قال: وليفعل عبدي ما يشاء) إذا كان كلما وسوس له الشيطان وغلبه على أمره ثم أذنب ذنباً عظيماً أو صغيراً كبيراً أو صغيراً فأتبع ذلك ندماً واستغفاراً فأنا أغفر له وليفعل عبدي ما يشاء. فما عذرك إذا دخلت النار إذن؟! ولا يظلم ربك أحداً. فرب العالمين هذه من نفحاته وهذا من كرمه وهذا من رحمته بعباده وهذا من وصفه لنفسه (إنه هو الغفور الرحيم) وقال مرة (إنه غفور رحيم). عندما تكون الذنوب عظيمة يقول (إنه هو الغفور الرحيم) أي هذا الذنب لا يغفره إلا الله. هذا الكمّ الهائل، هذه الذنوب الضخمة فى شكلها فى موضوعها فى تكرارها إنه هو وحده الغفور الرحيم فى مثل هذه المواقف.
فبادر إلى هذه الرحمة وعوّد نفسك على الإستغفار كما كان عليه الصلاة والسلام فى المجلس الواحد يستغفر أكثر من سبعين مرة وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أفلا أكون عبداً شكوراً. فكثرة الإستغفار تجعلك عبد شكوراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.