برنامج التفسير المباشر رمضان 1431 هـ
الحلقة الأولى
ضيف البرنامج في حلقته رقم (95) منذ بدء البرنامج والأولى لشهر رمضان 1431هـ ، وستكون يوم الأربعاء 1 رمضان 1431هـ هو فضيلة الشيخ الدكتور عويض بن حمود العطوي الأستاذ المشارك بجامعة تبوك والمتخصص في البلاغة القرآنية، وعميد الدراسات العليا بجامعة تبوك .
وموضوع الحلقة هو :
– علوم سورة الفاتحة .
– الإجابة عن أسئلة المشاهدين حول الجزء الأول من القرآن الكريم .
============================
منهجنا في هذه السنة بإذن الله سوف يكون سوف نبدأ في أول الحلقة بالحديث مع ضيفنا الكريم عن سورة من سور القرآن الكريم سوف نبدأ بالحديث عما يسمى علوم السورة، نتحدث عن اسم السورة وعن فضلها وعن نزولها وعن مقصدها ومناسبتها لما قبلها وما بعدها ونحو هذه الموضوعات التي تهم القارئ لكتاب الله في هذا الشهر. وسوف نستعرض في هذا الشهر 30 سورة إن كان الشهر كاملاً أو تسعاً وعشرين سورة إن كان الشهر ناقصاً ونكمل بقية السور في السنوات القادمة إن مدّ الله في الأجل.
سورة الفاتحة:
لعله من حسن الطالع أن يكون حديثنا في أول هذا البرنامج بشكل مختلف هذا العام هو الحديث عن موضوعات السورة. وكثير من الناس قد يهتم بما في داخل السورة أو التفسير المباشر لكلمات أو جمل وأحياناً لا يعرف الطريقة للوصول إلى المعلومات المهمة التي لها أثر كبير في فهم ما بداخل السورة.
لعله من فضل الله علينا أن جعلنا أن نتحدث عن أعظم سورة في القرآن وهذا الحكم حكم به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم “لأعلمنك أعظم سورة في القرآن” ففرح الصحابي بذبك حتى قيل أنه تأخر بخروجه من المسجد ليحظى بهذا الفضل قال يا قال “الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن الذي أوتيته”. هذه السورة الكل يقرأها وعامة الناس يحفظونها وأكثر سورة تتكرر على الألسنة يكررها كل مسلم جزماً بما أنه يصلي 17 مرة كل يوم هذا غير النوافل، نصٌ كهذا يتكرر بهذا العدد لا بد أن نفهمه ولا بد أن نعرفه وأن نقف معه، لعلنا نحاول اليوم استنهاض بعض الهمم والوصول إلى بعض الأمور التي قد تساعد على فهم شيء حول هذه السورة.
إسم السورة:
يقولون كثرة الأسماء تدل على شرف المُسمّى، كلما كثرت أسماء الشيء دل على عظمه، وفعلاً جاءت تسميات في السنة على لسان النبي صلى الله عليه وسلم لهذه السورة وجاءت تسميتها بفاتحة الكتاب وهذا الإسم من أسمائها يمكن أن نفهم منه أنها في بداية كتاب كما تكون المقدمة في بداية كل كتاب وطبعاً لا مماثلة بين كلام الله عز وجل وكلام الناس. وأيضاً قد يكون هناك ملمح آخر في تسميتها بفاتحة الكتاب أي أنها تفتح علوم هذا الكتاب وهذا أمر مهم أشار إليه الكثيرون، ولذلك يجب أن نفكر أن سورة الفاتحة فعلاً تفتح لنا معاني القرآن الأخرى التي جاءت تفصيلاً لما في هذه السورة. ولذلك الفاتحة جمعت علوماً كثيرة ولذلك سميت بالكافية لأنها تكفي عن غيرها وغيرها لا يكفي عنها. فلو أن إنساناً قرأ جزءاً من سورة البقرة تجزئه لكن لا تجزئه صلاته لو قرأ جزءاً من الفاتحة ولا بد أن يأتي بها كاملة ولذلك هي كافية تامة. وهي أم القرآن لأن علوم القرآن تعود إليها لذلك يقول ابن القيم إن الله عز وجل جمع علوم الكتب السابقة حتى ذكر منها 104 كتاباً في الإنجيل والتوراة والفرقان والقرآن وجمع علوم هذه الأربعة في القرآن وجمع القرآن في المفصّل والمفصّل في الفاتحة والفاتحة في (إياك نعبد وإياك نستعين). فهي أم القرآن بهذه المعاني العامة. وينبغي على المسلم أن يفكر بهذه التسميات وهذه المعاني للتسميات ما دلالتها وكيف يمكن فهمها. وهذه التسميات لسورة الفاتحة هي تسميات نبوية وردت فيها أحاديث خاصة بينما كثير من سور القرآن لم يثبت في تسميتها حديث.
فضل السورة:
كلما كثرت الأحاديث في فضل السورة دلّ ذلك على عظمها. وأيضاً وردت في سورة الفاتحة أحاديث صحيحة كثيرة ثابتة وأحياناً بعض السورة تكون كبيرة وعظيمة ولكن لا يظهر فيها مثل هذا الفضل. مثلاً الحديث ” كنت أصلي في المسجد ، فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ، فقلت : يا رسول الله ، إني كنت أصلي ، فقال : ( ألم يقل الله : { استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم } ) . ثم قال لي : ( لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن ، قبل أن تخرج من المسجد ) . ثم أخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج ، قلت له : ألم تقل : ( لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن ) . قال : ( { الحمد لله رب العالمين } : هي السبع المثاني ، والقرآن العظيم الذي أوتيته ) . الراوي: أبو سعيد بن المعلى المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – لصفحة أو الرقم: 4474 -خلاصة حكم المحدث: [صحيح] “. وأيضاً ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما من سورة منذ أن أنزل الله الكتب السماوية السابقة أعظم من هذه السورة وأيضاً النبي صلى الله عليه وسلم أقر أنها رقية وشافية حتى قال للصحابة “وما أدراه أنها رقية؟” ولذلك هي شافية. وسنركز إن شاء الله إن يسر الأمر في قضية الشفاء وما هي أنوعه وأشكاله، هي تسمى الرقية وهي تسمى الشافية وتسمى سورة الصلاة كما ذكر صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي قوله تعالى “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي” والصلاة مقصود بها الفاتحة وليس مقصود بها الصلاة التي هي الركوع والسجود. وأيضاً جاء العكس (وقرآن الفجر) ليس المقصود بالقرآن وإنما المقصود الصلاة. فهنا سميت الصلاة بشيء من القرآن وهنا سميت الفاتحة التي هي هذه السورة التي هي من أهم ما يقرأ في الصلاة بقول الله عز وجل في الحديث القدسي “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل” وهذا الحديث من أهم الأحاديث المفسِّرة للمقصود والمعاني التي وردت في هذه السورة ولا يوجد له مثيل في القرآن، لا يوجد في القرآن تفصيل لمعاني السورة من النبي صلى الله عليه وسلم أو في حديث قدسي بهذه السورة التي معنا ولذلك نحن سننزل هذه المعاني التي معنا على السورة المذكورة.
بالنسبة لعدد آيات السورة متفق عليه أنها سبع آيات كما ثبت في الحديث وفي القرآن (آتيناك سبعا من المثاني) وفي الحديث “هي السبع المثاني” ما تحديد السبع؟ إن كانت البسملة معها فتعد هي الأولى والآية الأخيرة تكون مع بعضها. وإن كانت المسألة غير هذا بدلالة حديث النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بـ (الحمد لله رب العالمين) لما فصّلها بدأ بالحمد لله رب العالمين، وهذا الذي سنمشي عليه اليوم فهي سبع. لكن لاحظنا أن كثير من الأبحاث قامت في تفسير الفاتحة على رقم سبعة وهذا حقيقة فيه تمحّلات كثيرة وتخرج عن الهدف المطلوب من هداية القرآن، المقصود من القرآن هدايته وليس أن نجمع أرقاماً ونضربها ببعضها وقد تختل فليس هذا هو المقصد الأعظم ولذلك لا نأخذ الرقم سبعة لنأخذ منه هذا المدلول لندخل في تفسير السورة.
سورة الفاتحة كونها جاءت في أول القرآن أولاً أنها سورة قصيرة في بداية سور طوال، ولذلك هي كالمفتاح أو كالفاتحة أو كالبادئة أو أن معانيها أشمل بكثير من هذه السور الطوال. فجاءت بالهداية العظمى المرادة من كل إنسان والمطلوب فيها (إهدنا الصراط المستقيم) وقبلها وصف لله سبحانه وتعالى أنه (رب العالمين) والمطلوب أن يهتدي الإنسان وأمامه ثلاث طرق إما أن يكون منعماً عليه وهو مهتدياً أو مغضوباً عليه أو ضال هذه أصناف الناس في كل تعاملاتهم مع الهداية فجاءت هذه لتبين الطريق للهداية والقرآن كله إيضاح طريق الهداية. يمكن أن نقول إن هذه السورة يمكن جمع موضوعها في قضية “نعمة الهداية” (أنعمت عليهم) و(إهدنا) نسأل كيف طريق الهداية؟ عبادة الله سبحانه وتعالى والاستعانة به ومعرفة أسمائه وصفاته هذه الطريق التي يوصل إليه وأيضاً الطريق الآخر المحذَّر منه ثم بعد ذلك تفصيلات الطريق نبدأ من سورة البقرة وننتهي بسورة الناس.
علاقة السورة بسورة الناس في آخر القرآن.
إذا وصلنا إلى سورة الناس نجد (قل أعوذ برب الناس) وهناك (الحمد لله رب العالمين) وكأن هذا القرآن ليس فقط هو للناس الذي أنزله رب العالمين وإنما الذي خوطب به هم الجنة والناس الموجودين في سورة الناس.
ذكر الدكتور محمد عبد الله دراز في سورة الفاتحة أنها بمثابة الاستدعاء الذي يقدم بين يدي الكتاب وأن سائر القرآن الكريم هو إجابة عن هذا الإستدعاء فلو سقطت سورة الفاتحة من القرآن الكريم لما كان له مبرر ولذلك يقول قوله سبحانه وتعالى (إهدنا الصراط المستقيم) كأنه هو الاستدعاء فجاء القرآن من أوله (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين) إلى آخر سورة الناس، ذكر كلاماً جميلاً ويحتاج إلى تمحيص ويقول سورة الفاتحة هي السورة الوحيدة التي يتوجه الخطاب فيها من العبد إلى الرب في حين أن بقية القرآن الكريم من البقرة إلى الناس الخطاب متوجه من الربّ إلى العبد ولعل هذا يكون من أسرار تكرارها في كل ركعة وأنه لا تصح ركعة من الركوعات وحتى صلاة الجنازة إلا بقراءتها. هذا أمر يلفت النظر أولاً وجود الخطاب المباشر فيها وقد توجد في سور أخرى خطابات من البشر لربهم سبحانه وتعالى خاصة في سور النداء أو الدعاء لكن الخطاب هنا مختلف فهو على قصر السورة فيها خطاب من البشر إلى ربهم سبحانه وتعالى وجاء بصورة الجمع (إياك نعبد وإياك نستعين) مع أن سياق السورة كان بضمير الغائب المتمثل في افسم الظاهر (الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم) السياق الذي تمشي عليه السورة هو الغائب ولم يقل إياه نعبد وإياه نستعين.
المحاور الأساسية في سورة الفاتحة
لو حاولنا أن نطبق السورة على الحديث القدسي ونعرف ما للعبد وما لله رب العالمين بنصّ الحديث لكن مع تلميحات أخرى. يقول الله سبحانه وتعالى (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي) ونتفق أن الصلاة المذكورة هنا هي الفاتحة وتسميتها بالصلاة لها دلالة أنها لا تتم الصلاة إلا بها ولعظمها. (فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني عبدي) واضح فيها الحمد ولعلنا نعود للألفاظ ولماذا بدئت السورة بالحمد، ثم قال بعد ذلك (وإذا قال ؛ الرحمن الرحيم . قال الله تعالى ؛ أثنى علي عبدي) فيها ثناء على الله سبحانه وتعالى، الله سبحانه وتعالى بيّن لنا أنه من أعظم ما اثني به عليه هو الرحمة ولذلك جانب الرحمة يظهر في السورة أكثر ونحن لا نجد شيئاً من التخويف والترهيب إلا في (مالك يوم الدين) و(غير المغضوب عليهم) وبقية السورة كلها خير كلها رحمة ورد الرحمن مرتين وتكررت الرحمة مرتين. ثم (وإذا قال مالك يوم الدين . قال : مجدني عبدي ( وقال مرة : فوض إلي عبدي)) ولم يظهر فيها معنى الترهيب هنا وإنما معنى القدرة أن الملك لله، هذه ثلاثة. قلنا أن الفاتحة سبع آيات أخذنا ثلاثة الأولى كلها إما حمد أو ثناء أو تمجيد لله فكلها لله. ثم قال (إياك نعبد وإياك نستعين) هذه منتصف هذه بين الله عز وجل وبين العبد فقال (فإذا قال : إياك نعبد وإياك نستعين . قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل) فالعبادة لله سبحانه وتعالى والاستعانة جزء منها لله سبحانه وتعالى وجزء يحتاج للعبد فهو يطلب من الله سبحانه وتعالى أن يعينه. بعد ذلك (فإذا قال : اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قال : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) هذه واضحة أنها للعبد ولذلك هذا يؤيد أن الآية الأخيرة هي المقسومة قسمين وهي السابعة وليست البسملة بناء على هذا الحديث لأنه بهذه الصورة يكون هناك تكافؤ واضح قسمت الصلاة بيني وبين عبدين قسمين إذن نصفها لله ونصفها للعبد ولا تكون كذلك إلا بهذه الصورة الثلاثة الأولى لله ثناء والثلاثة الأخيرة من العبد طلب والواسطة نصفين لله وللعبد. هذا الحديث نفسه هو الذي يفسر هذا الأمر وعلينا أن نستذكره عندما نقرأ السورة. ويذكر عن عمر بن عبد العزيز -وإن كان صحة هذا الأمر لم أتوصل إليه- إذا قرأ الآية توقف فقيل له لماذا تتوقف؟ قال لأسمع جواب ربي، لو قرأها القارئ وهو ينتظر رد الله سبحانه وتعالى سيكون وضعه مختلفاً، إذا قلت الحمد لله رب العالمين يقف ويستمع الله تعالى يقول حمدني عبدي، أي منزلة هذه!. بهذه الصورة الآن اتضح لنا تقسيم موضوعات السورة. لو أعدنا النظر فيها من بداية السورة وجدنا صور الثناء على الله سبحانه وتعالى المسلم يجب أن يوازي بين طلباته وما يريده وبين حق الله سبحانه وتعالى وأن طلباته ودعاءه لا يكون إلا بعد تعظيم الله وإجلاله، وهذا في الدعاء أولاً أثنينا على الله تعالى ثم حمدناه ومجدناه ثم نطلب منه فمهم جداً أن نستفيد من الفاتحة في هذه القضية. حتى في دعاء القنوت في التراويح نبدأ بالثناء والحمد ثم نطلب.
أول كلمة وردت في القرآن (الحمد لله رب العالمين) هذه كلمة مهمة جداً والسور التي بدأت بالحمد قليلة خمس مع الفاتحة ولو أننا تأملنا ما بداخل هذه السور لوجدنا أن كلمة الحمد مدخل لفهم ما بداخل السور، كل هذه السور فيها أنعام كثيرة تستحق الحمد. هذه السورة بما أنها بدأت بالحمد إذن المدخل لتعريف الناس برب العالمين هو فضائله ونعمه علينا وهذا أمر لا يستطيع حتى الكافر أن ينكره، تقول له مطر، اشجار، لكنه لا يعرف ما هو الرب ولكن نعرّفه بأوصاف هذا الربّ فإذا عرفها انتقل إلى إياك نعبد وإياك نستعين. في منهج تدريس العقائد توحيد الربوبية هو الذي بُدئ به في اول السورة (الحمد لله مالك يوم الدين) هذه دلائل عظيمة لا يستطيعها أحد من البشر ثم جاء التوجيه إلى توحيد الألوهية وإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة فتعريف الخلق بربهم بهذه الطريقة هذا منهج في الفاتحة، هل نحن نفعله؟ ثم بعد ذلك ندعوه بعد ذلك نحذِّر من الطرق الملتوية، أتصور أن هذا منهج دعوي من خلال سورة الفاتحة.
نخرج من هذا الحديث في سورة الفاتحة بلفتات مهمة هي:
أن البسملة ليست من الفاتحة بناء على هذا الحديث (إذا قال الحمد لله رب العالمين) بدأ بالحمد.
آداب الدعاء المستقاة من سورة الفاتحة وأنه لا بد للمؤمن أن يقدم بين يدي دعائه الثناء على الله سبحانه وتعالى
النعم في سورة الفاتحة التي تقتضي الحمد
إذا كنا نقول أن الحمد يدل على النعم فما هي النعم الموجودة في الفاتحة؟
أول ملمح (رب العالمين) الربوبية رب العالمين ولله المثل الأعلى لما نقول رب البيت يعني يهتم بأمره ويقوم به ويعتني به ويدافع عنه، والله ربنا نستشعر أنه خالقنا ومدبرنا ونستشعر أن هذه نعمة للعالمين وليست فقط للبشر، والعالم كل ما سوى الله.
الأمر الثاني أنه قال (الرحمن الرحيم) نعمة أن يصف الله تعالى نفسه بهاتين الصفتين (رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما) هذه سعة في كلمة الرحمن.
الأمر الثالث في (مالك يوم الدين) المُلك قد يكون فيها تخويف
ثم بعدها (إياك نعبد وإياك نستعين) المطلوب عبادة الله والبعض يظن أن في العبودية مشقة إلا أنها في الحقيقة نعمة لأنك تخرج من عبوجية غير الله كالشيطان والنفس والهوى والمال إلى عبادة الله تعالى فلأن تعبد العظيم أفضل لك.
الاستعانة أنت محتاج إلى الله في كل وقت وحين.
الهداية وهذه هي المهمة لأن الإنسان لما يعيش في هذه الحياة أمر فطري فيه ولو أعطي المال من يعبد؟ يشعر أن هناك نقص في هذا الجانب ولذلك تجدهم يعبدون الشيطان ويعبدون البقر، لهم عقول لكن هذا شيء في فطرة الإنسان لا بد أن يلبيه. فكونك ما هُديت لهذا فهذا من أعظم المحن وكونك تهدى له هذا من أعظم المنح (إهدنا الصراط المستقيم)
ثم قال (صراط الذين أنعمت) فذكر النعمة، وهذه أعظم أنواع النعم، وليست نعمة البيت والسيارة والمال هي النعمة الأفضل وإنما نعمة الهداية هي المهمة.
إذا تتبعنا جوانب النعم التي يُحمد الله تعالى عليها في هذه السورة نجدها كثيرة جداً.
في قوله (إهدنا الصراط المستقيم) ذكر ابن القيم في كتابه (مدارج السالكين في منازل إياك نعبد وإياك نستعين) كان يتحدث عن هذه الآية في سورة الفاتحة (إياك نعبد وإياك نستعين) الآية المحورية في سورة الفاتحة هي (إهدنا الصراط المستقيم) وإن كانت (إياك نعبد وإياك نستعين) هي مقتضية لها، كيف تعبد الله سبحانه وتعالى إلا إذا كان هداك. (إهدنا) هذا الطلب الذين نسعى إليه نحن كبشر، ويأتي القرآن مباشرة في أول سورة البقرة (هدى) أن تطلب الهداية وهذه أول سورة تعطيك الهداية إلى آخر سورة. (إياك نعبد) تتحدث عن الجانب العبادي الذي يبحث عنه الإنسان ليعبد ربه سبحانه وتعالى (وإياك نستعين) جزء منها في العبادة وجزء منها من حاجيات الإنسان. والله عز وجل لما أعطى الإنسان في صورة أبينا آدم الخلافة في الأرض هذه عبادة، كيف يقوم بهذه العبادة العظمى في مهمة الخلاف في الأرض إلا بالهداية وبإعانة الله، ولذلك قالوا تبدأ العبادة في سورة الفاتحة والاستعانة تتفصل في سورة البقرة في القصص الكثيرة. لا يستطيع الإنسان أن يفعل شيئاً إذا لم يعينه الله سبحانه وتعالى.
سورة الفاتحة على الرغم أنها تتكرر أكثر من مرة وكم قرأنا تفسيراً لها إلا أننا كلما توقفنا معها وتدبرنا فيها نجد معاني جديدة أول مرة تمر علينا.
حسبنا في مثل هذا البرنامج القصير مثل هذه اللفتات التي اشار إليه د. عويض في هذه الوقفات السريعة مع سورة الفاتحة وأرجو أن نتوقف في كل حلقة وقفات سريعة مع كل سورة من سور القرآن الكريم لعلها تفتح نافذة لتدبر هذه السور في هذا الشهر المبارك وأيضاً لتكون هذه المعلومات المهمة التي اعتنى بها المفسرون لأنها مدخل مهم جداً لفهم السورة.
———————————————-
رابط الحلقة كاملة علي موقع مشاهد
http://www.mashahd.net/view_video.ph…385ef51c4c204c
رابط جودة عالية
http://www.archive.org/download/tafsirmobasher1/mobasher1.AVI
رابط جودة متوسطة
http://ia360706.us.archive.org/15/it…mobasher1.rmvb
رابط للجوال
http://ia360707.us.archive.org/15/it…her1_512kb.mp4
رابط صوت
http://ia360707.us.archive.org/15/it…/mobasher1.mp3