برنامج أضواء القرآن
قناة دليل الفضائية – الدورة البرامجية لعام 1433 هـ
الحلقة الأولى
السبت 1 محرم 1433هـ عند الساعة العاشرة مساء بتوقيت مكة المكرمة. وقت الحلقة: 10 – 11.30 مساء .
موضوع الحلقة: خارطة علوم القرآن ومفاتيح للتعامل مع علوم القرآن .
الضيوف:
1- د. مساعد بن سليمان الطيار – الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية.
2- د. محمد بن عبدالله القحطاني – الأستاذ المساعد بجامعة الملك خالد، والمستشار بملتقى أهل التفسير.
إعداد وتقديم: د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، ومدير عام مركز تفسير للدراسات القرآنية.
البرنامج برعاية مركز تفسير للدراسات القرآنية
*************************
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين مرحبا بكم أيها ألإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان مع استهلالة هذا العام الهجري الجديد في أولى حلقات برنامجكم الجديد أضواء القرآن هذا البرنامج الذي يأتيكم في مثل هذا الوقت من كل أسبوع بإذن الله تعالى عند الساعة العاشرة مساء السبت بتوقيت مكة المكرمة على قناة دليل الفضائية أضواء القرآن برنامج بإذن الله تعالى سوف نخصصه للحديث عن علوم القرآن الكريم سوف نفتح بإذن الله تعالى في كل أسبوع ملفاً من ملفات علوم القرآن ونناقشه مع عدد من المتخصصين في علوم القرآن الكريم حتى نقرب هذه العلوم إلى عموم المشاهدين بإذن الله تعالى ولا سيما أن هذه العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم تهم كل مسلم يقرأ القرآن الكريم ويرغب في فهمه وتلاوته على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في هذا البرنامج الذي نرجوا أن يكون برنامجاً تفاعلياً بيننا وبينكم نستمع إلى أرائكم ومقترحاتكم وما الذي ترغبون أن يناقش في هذا البرنامج وقد جعلنا في هذه الحلقة الأولى من حلقات البرنامج حديثاً مفتوحاً حول خارطة علوم القرآن الكريم ومفاتيح للتعامل مع علوم القرآن الكريم. وباسمكم وفي إستهلالة هذا البرنامج المبارك أرحب باسمكم جميعاً بضيفيّ الكريمين في هذا اللقاء فضيلة الشيخ د. مساعد بن سليمان الطيار أستاذ الدرسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية كما أرحب بأخي الفاضل الدكتور محمد بن عبد الله القحطاني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك خالد حياكم الله جميعاً وأنتم أيها الإخوة المشاهدون حيّاكم الله معنا في هذا اللقاء. سوف يكون حديثاً مفتوحاً نستقبل فيه أسئلتكم بإذن الله ومقترحاتكم حول هذا البرنامج ونحن نستهدف في هذا البرنامج أيها الإخوة المشاهدين الطبقة المتوسطة من المشاهدين والمثقفين نظراً للحاجة الماسّة للتعرف على كثير من المباحث المتعلقة بالقرآن الكريم كنزول القرآن الكريم وطبيعة الوحي، كيف نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم؟ الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي والأحاديث النبوية، كيف حُفِظ القرآن الكريم وكيف جُمِع عبر التاريخ؟ ما هي الجهود التي بذلها العلماء وبذلتها الأمة في الحفاظ على هذا القرآن الكريم وصيانته من التحريف ومن الزيادة ومن النقصان؟ كيف طُبِع المصحف؟ كيف قُرئ المصحف؟ وكيف فُسِّر القرآن الكريم عبر التاريخ؟ وكثير من المباحث التي سوف تأتي بإذن الله تعالى في حلقات هذا البرنامج القادمة، بداية سوف نستقبل إتصالاتكم التي تظهر على الشاشة وعبر طرق التواصل الأخرى عن طريق التويتر وعن طريق الفيس بوك وموقع ملتقى أهل التفسير وهذه الحلقات سوف تنقل لكم مباشرةً عن طريق البث المباشر على قناة دليل عن طريق موقعها في الفيس بوك يمكن أن تبحث في الفيس بوك عن قناة دليل وتشاهدها مباشرة من الموقع الخاص بها وأيضاً تنقل مباشرة عن طريق ملتقى أهل التفسير الذي ينقل أيضاً هذه الحلقات.
نبدأ دكتور مساعد في هذا البرنامج وأنا أشكرك مرة أخرى على إستجابتك أن تكون ضيفاً أنت والدكتور محمد، نريد أن نبدأ في موضوع “المقصود بعلوم القرآن” يعني بعض الإخوة المشاهدين لا يتصور المقصود بعلوم القرآن ومسألة علوم القرآن هي مقرر من المقررات التي يدرسها المتخصصون في الكليات الشرعية مادة علوم القرآن لكن عامة المشاهدين ربما لا يعلم ما المقصود بعلوم القرآن، لعلنا نشير إلى هذا المفهوم ونتناقش فيه في بداية اللقاء.
د. مساعد. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا فيما سنبدأ به وأن يعينك على إتمام مسيرة هذا البرنامج بإذنه تعالى. موضوع علوم القرآن يمكن أن ننطلق من لفظة “عِلْم” ولفظة علم من حيث هي تتضمن أيّ معلومة من المعلومات تسميها علم، يعني نقول علمت مثلاً علمت أن الشمس تدور، هذا علم. فمجرد المعلومة يعتبر علماً ولكن هذه المعلومات لما بدأت تتكاثر وتنمو وبدأت أيضاً تأخذ أُطُراً معينة تحوّلت هذه المعلومات إلى أن تكون بطريقة خاصة وتسمى أيضاً علماً منظمة تنظيماً خاصاً. إذاً هناك مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً نسميها علماً مثلاً علم القراءات، علم التجويد، علم أصول الفقه، هذه العلوم صار لها مسائلها المعروفة المحصورة التي لا يدخل فيها غيرها وأيضاً لا يمكن أن يخرج منها ما هو فيها، ما يسمى بالحدّ المانع والجامع هذا بتقريب وإلا هناك تفصيلات أخرى فيما يتعلق بقضية العلوم. في علوم القرآن -وهذه فائدة مهم جداً أن ننتبه لها – سنجد أننا أحياناً نُدخِل المعلومة على أنها بمعنى العلم وأيضاً نُدخِل المسائل المضبوطة ضبطاً خاصاً على أنها بمعنى علم وهذه مسألة مهم جداً يجب أن ننتبه لها في حال الحديث عن علوم القرآن. فمثلاً علم الناسخ والمنسوخ لو رجعنا إلى الكتب سنجد بالفعل أن هذا العلم له مسائله المضبوطة ضبطاً خاصاً التي يمكن أن يُطلق عليها علم، لكن قصص القرآن نسميه علماً لأنه من معلومات القرآن لكن لو أردت أن تضع له مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً لا تكاد تجد فهو يدخل في هذا القسم أو في القسم الأول. وهذا في الحقيقة معرفته مهمة جدا ولهذا أنا أعجبني صنيع علمائنا المتقدمين كالسيوطي وكذلك صاحب البرهان الزركشي لما سموها بالأنواع يعني “أنواع علوم القرآن” فهو هذا النوع قد يكون علماً مضبوطاً ضبطاً خاصاً وقد يكون معلومة وإن إشتملت كتبهم على هذا وذاك.
د. الشهري: إذاً المقصود بعلوم القرآن أنت الأن ذكرت تعريف علمي لكن أنا من خلال ملاحظتي في كتب علوم القرآن – لعل الدكتور محمد يشاركنا في هذا عندما تتحدث ولعلنا نخصص حلقة بإذن الله من الحلقات عن كتب علوم القرآن وكيف التأليف فيها- لكن تعريف علوم القرآن كمصطلح كما يقولون في علوم المنطق يعني أن يكون له حد جامع مانع تلاحظ أن اللذين كتبوا في علوم القرآن مثل ابن الجوزي مثلاً في كتاب (فنون الأفنان) أو مثل الزركشي في كتاب (البرهان في علوم القرآن) أو السيوطي في (الإتقان) لا تجد لهم تعريفاً وإنما أوائل التعريفات تجدها للزرقاني مثلاً في كتابه (مناهل العرفان) و(مباحث في علوم القرآن) للشيخ مناع القطان من المعاصرين فما هو التعريف الاصطلاحي الذي تراه يا دكتور محمد لعلوم القرآن؟
د. القحطاني: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد. أفرحنا هذا البرنامج الذي بدأ مع إطلالة هذا العام الجديد الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله عام خير وبركة على المسلمين في كل مكان ولا شك أن نصر الأمة وتمكينها وعزّها إنما يكون بتمسّكها بكتاب ربها جل وعلا. فلعل هذا البرنامج أن يكون له دور حاضر إن شاء الله عند كل من يشاهد وعند أيضاً عموم المسلمين بحيث يُرسِل إليهم رسالة مهمة وهي أن المسلمين لا بد أن يعودوا لهذا الكتاب العظيم حتى ينهلوا من معينه ويهتدوا به ويسعدوا في الدنيا والآخرة ويحصل لهم العز والتمكين. فأشكركم حقيقة على اختيار هذا البرنامج وعلى هذا الموضوع وخاصة وأن البرامج القرآنية خاصة المتعلقة بالمسائل الدقيقة أو المسائل المتعلقة بعلوم القرآن قليلة إذا ما قورنت بما يطرح في الساحة سواء الساحة العامة أو الساحة الإعلامية، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا البرنامج إنطلاقة خير وأضواء على اسمه يضيء للناس علوم هذا الكتاب العظيم. علم علوم القرآن كما أسلف فضيلة الدكتور مساعد وكما ذكرت علم كغيره من العلوم كثير من العلوم تبدأ بداية غير واضحة ثم مع تراكم المعلومات وتكاثرها وحاجة الناس إلى تمييزها يبدأ ما يسمى بالتعريف الذي يُقصَد به بيان حدّ العلم وما يدخل فيه وما لا يدخل. فالشيخ نبّه على مسألة العلم وعلوم القرآن جَمْع علم له تعاريف كثيرة يهمنا ما ذكره الشيخ أنها مسائل تُعلَم العلم ضد الجهل، علمت الشيء عرفته والعلم ضد الجهل العلم له مصطلحات وتعاريف كثيرة منها إدراك الشيء على حقيقته أو هو إدراك الشيء على ما هو عليه لا يهمنا الخوض في هذه التفاصيل لكن العلم المراد به هنا هو العلم في إصطلاح أهل التدوين وهو مجموعة المسائل التي تدخل تحت جهة واحدة كعلم اللغة، علم الفقه، علم الطب، علم الهندسة وغيرها من العلوم. فعلوم القرآن علمٌ له إطلاقان إطلاق بالمعنى اللغوي العامّ “علوم القرآن” وهذا يدخل فيه كل علم له تعلّق بالقرآن سواء كان مستمداً منه أو خادماً له أو له ارتباط به فكل العلوم تدخل في المعنى اللغوي العام ولعل هذا هو سبب أن كتب علوم القرآن متنوعة الموضوعات بعضهم يدخل فيها أشياء وبعضهم لا يدخل هذه الأشياء فيها خاصة في بداية التصنيف. لكن لما مالت العلوم وإتجهت إلى التحديد صار لعلوم القرآن معنى اصطلاحياً. ويقولون في تعريفه ولعل من أنسب التعاريف هو أنه علم يضم أبحاثاً كُليّة تتصل بالقرآن الكريم من نواحٍ شتى يصلُح كل علم منها أو كثير منها أن يكون علماً متميزاً مستقلاً. نقول علم يضم أبحاثاً كلية يضم الناسخ والمنسوخ، يضم أسباب النزول، يضم المكي والمدني، جمع القرآن وترتيبه وغير ذلك، إعجاز القرآن وهكذا. هذه الأبحاث تصلح أن تكون علوماً مستقلة وتحتها مسائل فهذا يمكن أن يقال في تعريف علوم القرآن وبعضهم يُحدِّد فيقول مثلاً علم يتعلق بمباحث تتعلق بالقرآن الكريم من جهة نزوله مكيه ومدنيه، جمعه وترتيبه، كتابته وقرآءته وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه ونحو ذلك. فلعل التعريف الأول أقرب “علم يضم أبحاثاً كلية تتعلق بالقرآن الكريم من نواحٍ شتى يصلّح كلُّ علم منها أن يكون علماً متميزاً مستقلاً” هذا ما يمكن أن يقال في بيان هذا العلم من حيث التعريف.
د. الشهري: هناك وجهة نظر لعلنا نأتي إن شاء الله في الجزء الثاني إلى قضية تقسيمات علوم القرآن وتشجيره باعتبار أننا جعلنا عنوان هذه الحلقة “خارطة علوم القرآن الكريم” لأننا نريد أن نرتّب علوم القرآن ترتيباً منطقياً في بداية هذا اللقاء حتى يتصورها بعض الإخوة وطلبة العلم تصوراً صحيحاً فيمكن أن ننظر إلى علوم القرآن الكريم من أربع زوايا:
الزاوية الأولى: زاوية نزول القرآن الكريم وما يتعلق به بإعتبار أن نزول القرآن كان أول خطوة نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم فنتكلم عن الوحي عن نزول القرآن الكريم وأسباب النزول المكي والمدني وما يتعلق بالنزول. أول ما نزل وما نزل ليلاً وما نزل نهاراً وما نزل شتاءً إلى آخره كل ما له علاقة بالنزول يدخل تحت هذا المحور “محور نزول القرآن الكريم” وهو الخطوة الأولى.
ثم المحور الثاني: نتحدث عن حفظ القرآن الكريم وقراءته أو نقول علوم الأداء فنتحدث أول شيء عن كيف تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ثم كيف أقرأه للصحابة رضي الله عنهم ويتعلق بالقرآءة علم التجويد وعلم القرآءات وكل ما له صلة بقضية الأداء، الأصوات التجويد إلى آخره.
المحور الثالث: محور جمع القرآن وتوثيقه علم التدوين فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه وأقرأه للصحابة أمرهم بكتابته وهذه الخطوة الثالثة أو المرحلة الثالثة. فيأتي معك كتابة القرآن الكريم أولاً يدخل فيها هذا توثيقه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم توثيقه في عهد أبي بكر ثم توثيقه في عهد عثمان ثم نسخ المصاحف بعد ذلك ولما تطورت ضبط المصحف ورسم المصحف ثم جمعه صوتياً الآن في الأشرطة ثم جمعه فضائياً الآن على الإنترنت الكرتونياً يدخل كله في قضية توثيق القرآن الكريم. وهذه طيعاً ستمر بنا إن شاء الله في قضية الرد على الشبهات المتعلقة بجمع القرآن الكريم من يطعن في جمعه وأنه ناقص إلى آخره.
المحور الرابع: هو محور تفسير القرآن الكريم وفهمه وهو كيف فهمه النبي صلى الله عليه وسلم وقواعد التفسير وأصول التفسير وأسباب إختلاف المفسرين ويدخل فيها أحكام القرآن بإعتبار أنها تدخل في فهم القرآن الكريم ونُدخِل تحت أحكام القرآن قضية المحكم والمتشابه والمطلق والمقيد والإستنباط وما يتعلق به.
المحور الخامس: هذه أربعة محاور يأتي محور يمكن أن نجعله محوراً خامساً وهو محور خادم لهذه العلوم ويتكون من فرعين:
Ø الفرع الأول هو قضية مقدمات مهمة أسماء القرآن صفاته خصائصه حقوقه تدبره والإنتصار للقرآن الكريم وكشف الشبهات التي تثار حوله هذه علوم تخدمه أليس كذلك؟.
Ø ويأتي الفرع الثاني الذي هو لغة القرآن وأسلوبه. يدخل تحت لغة القرآن قضية غريب القرآن والوجوه والنظائر والمترادف والمعرب والمعاني إلى آخره ويدخل تحت تركيب القرآن الكريم بلاغته وأساليبه ويدخل تحتها قضايا كثيرة.
أنا لاحظت من خلال هذه الخريطة أنها يمكن أن تجمع لك كل علوم القرآن وترتبها لك ترتيباً منطقياً.
د. مساعد. هناك ملاحظة مهمة جداً بعض الإخوة لما يسمع مثل هذا، هذه التقسيمات كلها اجتهادية لكن أحب أن يلتفت خاصة طالب العلم إلى أن هذه التقسيمات فيها تداخل يعني التقسيم الذي ذكره أبو عبد الله قبل قليل مثلاً لما ذكر ضبط المصحف جعله تحت علم التدوين وله ارتباط بعلم التجويد لأن الضبط رُبِط بالتجويد مثلاً. فهذا التداخل حري بطالب العلم أن ينتبه له يعني العلاقات بين أنواع علوم القرآن وهذا مبحث مهم جداً.
د. القحطاني: يعني التقسيمات للتسهيل.
د. الشهري: ما أريد أن أقوله من هذا الكلام الذي ذكرته؟ أنك عندما ترتب علوم القرآن ترتيباً منطقياً تستخرج منها التعريف بدل أن نقول أنها مباحث تتعلق بالقرآن الكريم بحيث أن كل واحد منها يصلح علماً أنا أتصور من وجهة نظري يا دكتور محمد أن هذا التعريف لو أعطيته لأحد لا يعرف الضبط ولا يعرف شيئاً عن علوم القرآن ما يستطيع أن يضبط العلم. لكن لو قلت له هذا التعريف فقلت له علوم القرآن هو العلم الذي يبحث في نزول القرآن وقراءته وتوثيقه وتفسيره وما يتصل بذلك فتكون أنت تعرضت لهذه المحاور الأربعة الأساسية التي هي النزول وما يتعلق به والتدوين والفهم والقرآءة وما يخدم ذلك مثل قضية أسمائه وصفاته وضبطه وخصائصه الخادمة.
د. القحطاني: وعلى كل حال هذا يجرّنا إلى مسألة التعريف والحدود هي مسألة للضبط أما للبيان للناس فأحياناً غيرها أحسن منها في البيان: بالمثال، بالإشارة. فقضية التعريف هي مسألة يقصد بها التقريب وقد يكون هذا التقريب كتابي وعلمي أكثر من أن يكون إيضاحاً للناس.
د. الشهري: ولذلك هي ما ظهرت كما تفضلتم إلا مؤخراً عندما جاء الزرقاني وقال هي مباحث تتعلق بالقرآن الكريم كنزول القرآن والمكي والمدني والناسخ والمنسوخ. والفكرة في نهاية المطاف هو أن الذي يستمع إليك يعرف عن ماذا نتكلم. نقول نحن نتكلم أيها الإخوة عن علوم القرآن الكريم وهي علوم تفيد المشاهدين. يعني الآن عندما يتعلم المشاهد كيف نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وكيف تلقى الوحي وكيف كتبه الصحابة وكيف جمعوه وما هي الطرق التي بذلوها في جمعه وتوثيقه هذه قضايا يحتاجها كل مسلم لأن كثيراً من الشبهات الآن تثار لم تعد الشبهات تبقى في بطون الكتب حتى تقول والله يا إخوان لا تثيروا الشبهات، الشبهات الآن أصبحت تثار في الفضائيات وفي الانترنت وتثار في منابر عامة فلم يعد مناسباً الآن أن نترك الإجابة والتصدي لها وكشف الشبهة للناس.
د. مساعد. ولعل هذا يكون من البرنامج، هناك نظر آخر أبا عبد الله يثار كتبته في بعض كتبي وهي النظر إلى هذه العلوم من جهتين من جهة العلوم المختصة بالقرآن التي لا يمكن أن تدرس إلا من خلال علوم القرآن مثل عدّ آيات القرآن فهذا لا يمكن أن تأخذه من كتب الفقه أو تأخذه من علوم العربية أبداً، عدد السور، أسماء السور فهناك مجموعة من العلوم يمكن إذا نظرنا إليها نجد أنها مختصة بالقرآن إختصاصاً تاماً لا يمكن أن تُدرَس إلا من خلال هذه العلوم المرتبطة به المنبثقة منه. وهناك علوم دخلها الاشتراك مع غيرها بسبب تنوع العلوم وإن كانت هي في الحقيقة جزءاً خادماً لكن العلماء لما كتبوا أدخلوا هذه العلوم فإذا نظرنا إليها كنص تشريعي ستدخل معه السنة النبوية وسينشأ من النظر إلى السنة النبوية هي والقرآن على أنها نصوص تشريعية سيخرج منها ما يسمى علم الفقه الذي له أصول وهي أصول الفقه. وفي أصول الفقه كتب العلماء العام والخاص والمقيد إلى آخره ونجدها أيضاً في كتب المتأخرين ممن كتب في علوم القرآن. فهذا له سببه وهو قضية أنها ليست مختصة بهذا العلم دون ذاك بل هي أيضاً من علوم القرآن، ولعله يحصل لنا إن شاء الله .
د. الشهري: ولعل هذه الفكرة في ذهني يا دكتور أنني أستضيف في بعض الحلقات أستاذ متخصص في أصول الفقه وأستاذ متخصص في علوم القرآن بحيث أننا أيضاً ننظر كيف ينظر المتخصص في أصول الفقه إلى علوم القرآن كيف يبحثها وكيف يستفيد منها.
د. مساعد. والقسم الأخير النظر إلى القرآن على أنه نصٌّ عربي (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا (2) يوسف) فعموم علوم العربية الخادمة للقرآن هي جزء من علومه في النهاية ستدخل ومن أخصِّها مثلاً بيان المفردات، لغة القرآن، إعجاز القرآن، الإعراب هو ليس خاصاً بالقرآن بل هو مرتبط بالنص العربي من حيث هو عربي والقرآن نص عربي وستأتي هذه العلوم قطعاً فيه. إذاً هذه علوم مشتركة، والعلوم المشتركة هي التي قد تُحدِث اللبس عند من لا يعرف تداخل العلوم وليس تداخل الأنواع الآن وارتباط العلوم الإسلامية بعضها ببعض والتقسيم الذي حدث في المدارس الإسلامية علم الفقه، علم الحديث، علم، علم، إلى آخره أفاد في جانب ولكنه أيضاً قد يكون من كثرة ما دخل العالِم في التخصص لم ينتبه إلى هذا التداخل. مثلاً على سبيل المثال، أضرب مثالاً وأقف عنده في مثلاً عدّ آي القرآن هل له أثر في الفقه؟ نقول له أثر، (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الفاتحة) آية البسملة في سورة الفاتحة هل البسملة آية في سورة الفاتحة أم ليست آية؟ إختلف أهل العدّ في ذلك، فمن يرى الجهر بالبسملة على أنها آية من الفاتحة سيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ومن يرى أنها ليست آية من الفاتحة سيرى عدم الجهر بالبسملة
د. القحطاني: ومرتبطة بصِحّة الصلاة
د. مساعد. فهي مرتبطة بقضايا كثيرة وهناك ترابط بين العلوم. ونتمنى أيضاً من طلاب الدراسات العليا لو انتبهوا إلى هذه المسائل التي فيها ترابط بين العلوم فيجمعونها، ما هي المسائل الفقهية التي يمكن أن تبنى على علوم القرآءة؟ لو واحد بحثها سيجد كمّاً من المعلومات يمكن أن تصبح قاعدة للبحث.
د. الشهري: وأيضاً هم يذكرون من الأفكار الجميلة في التجديد في العلوم هو أن تنقل بعض الأفكار من حقل إلى حقل يعني مثلاً بعض الأفكار الموجودة في حقل أصول الفقه عندما تنقلها إلى علوم القرآن تثري علوم القرآن، مسائل موجودة في النقد الأدبي تنقلها إلى التفسير فتجد ثراءً كثيراً ولذلك يقولون من الإبداع الذي جاء به عبد القاهر الجرجاني أنه جاء بالنحو وطبّقه في الأساليب فجاء بنظرية النظم وهي أن يكون نظم الكلام موافقاً للنحو، هذه هي نظرية النظم أليس كذلك؟ ثم إستخرج منها الأساليب البلاغية فجاء بشيءٍ رائعٍ جداً. هل لديك تعليق يا دكتور محمد على التعريف قبل أن ننتقل؟
د. القحطاني: إمتداداً لهذا الكلام المهم يمكن أن يقال أن العلوم الشرعية لا يمكن أن ينفك بعضها عن بعض ويمكن أن تمثل بأنها شجرة أصلها القرآن الكريم وما تفرّع عنه هو السُنّة لأن السُنّة -كما ذكر الشنقيطي رحمه الله- كلها بسُننها وكتبها تدّخل في قوله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (7) الحشر) وفروعها وما يتفرع منها هي العلوم الأخرى فلا يمكن أن يبقى فرع وهو لا يعرف الفروع الأخرى ولا يرتبط بها وهذه الإشكالية التي يقع بها الخطأ في التصنيف كما سيمر بنا أن الكثير من الأخطاء في علوم القرآن أو في التفسير أو في العقيدة أو في أي علم إنما هي نتيجة للجهل بالعلوم الأخرى. يعني “الظلال في علوم القرآن” في بعض المباحث بسبب الخطأ في فهم أصول العقيدة. هناك بعض أقوال باطلة في علوم القرآن بسبب أحاديث ضعيفة وأذكر أن أحد الإخوة قبل يومين أرسل رسالة يقول لي موضوعاً في الفقه في رسالة ماجستير “المسائل الفقهية التي بنيت على الأحاديث الضعيفة”، وأحياناً عندنا مسائل في علوم القرآن مبنية على أحاديث ضعيفة، الشاهد من هذا الكلام كله ولعله يفيد الإخوة الذين يتابعوننا.
د. الشهري: ومن أهدافنا في هذا البرنامج قضية إفادة الباحثين يعني نحن نتوقع أنه سيستفيد الباحثون مما يلقى في هذا البرنامج لأننا سندخل في بعض العلوم.
د. القحطاني: لا يليق بمتخصص في علم أن يجهل أساسيات العلوم الأخرى أو أن يستخف بالعلوم الأخرى فيقول ما الحاجة إليه وما الضرورة إليه (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ(39) يونس). فأحياناً جهلنا ببعض العلوم يوقع الناس في مصائب بل إنه يا دكتور عبد الرحمن عموم الناس بل المثقفين يجهل بعض القضايا فتورث عنده إشكالات.
د. الشهري: نعم، أنا قلت إن حاجة الناس إلى تقريب مسائل علوم القرآن كنت إلتقيت بمذيع مشهور وكنت حدثتك بذلك دكتور مساعد من قبل فقال أنا عندي شُبهة في القرآن فقلت ما هي؟ فقال الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ (43) النساء) هذا معناها أنه يجوز لي أن أشرب الخمر لكن لا أدخل في الصلاة وأنا سكران قال هل هذا فهمي صحيح؟ فقلت صحيح في هذه الآية، فقال هذا معناه أن الخمر يجوز أن تشربه، فقلت له لا، هناك إشكال عندك في كيفية التعامل مع القرآن، فقال كيف؟ فقلت في نزول الآيات التي حرم الله فيها الخمر تدرّجت في النزول فكان هناك آية في سورة النحل فيها نوع من الامتنان يقول فيها الله سبحانه وتعالى (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا (67) النحل) فالله سبحانه وتعالى وصف الرزق بأنه حَسَن وسكت عن السكر الذي يؤخذ من النخيل والأعناب، سكت عنه فالعقلاء فهموا منه أنه ما دام قد سكت
د. القحطاني: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل) تتمة الآية
د. الشهري: قال ثم ماذا؟ قلت ثم جاءت آية في سورة البقرة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا (219) البقرة) فقال لكنه لم يحرّمها! فلت له صحيح ولكنه قال (وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) فالعاقل يتجه إلى ما فيه نفع، قال ولكن ليس هناك وضوح في التحريم، قلت صحيح قلت ثم جاءت الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ (43) النساء) فقلّلت أوقات السكر ثم جاءت الآية التي حرّمت الخمر في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة) فقال صحيح، فقلت له لاحظ أنت الآن لو تتبعت نزول القرآن تجد أن الآية الأخيرة التي نزلت في سورة المائدة هي التي حرّمت. الخمر
د. القحطاني: وهي آخر الآيات في النزول.
د. الشهري: والآيات التي في سورة المائدة معظمها ناسخ معظمها مُحكَم، فقال لي والله أنتم عليكم إثم كبير، فقلت له لماذا؟ فقال لماذا لا توضحون هذا للناس في الإعلام أنا أول مرة أسمع بالنسخ في القرآن الكريم مع أنها مسألة منطقية جداً وتدل على رحمة الله وتدرّجه بنا، فقلت هي هذه الفكرة فعلاً. مع أنه رجل مثقف فنحن بحاجة ماسة أن نقرّب هذه العلوم التي نرى فعلاً أننا ربما لأننا متخصصين نتعامل معها مع طلابنا وفي الجامعة لكن الناس في بيوتهم بحاجة ماسة أن نقرّب لهم المسألة حتى أنني قربت له مسألة النسخ بطريقة لطيفة فقلت هي أشبه ما تكون بقرارات إدارية قرار إداري مثلاً صدر أنه يبدأ البث الساعة الثامنة ثم بعد شهرين صدر قرار يقول يبدأ البث الساعة السابعة هل فيها مشكلة؟ قال لا، ليس فيها مشكلة تغيّرت المصلحة كنا فيفصل الشتاء الوقت كان مناسب ثم في فصل الربيع تغير، قلت فكرة النسخ كهذه الله سبحانه وتعالى تدرج بنا ولطف بنا فناسبنا في هذه الحال أشياء ما ناسبتنا في أحوال أخرى وهكذا فهذه مسألة النسخ وهي من مسائل علوم القرآن وأعتقد أن كثيراً من قضايا نزول القرآن وكتابة القرآن في حاجة إلى مثل هذا.
لدينا موضوع يا دكتور محمد نريد أن نبينه للمشاهدين وهو معالم أساسية في التعامل مع القرآن الكريم، القرآن الكريم كلنا نقرأه ولله الحمد والناس يقرأونه صباح مساء ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار ولله الحمد، لكن هناك قضايا أساسية ربما الإنسان يقرأ القرآن الكريم كثيراً ولكنه يغفل عنها. ربما مثلاً بعضهم يرى كتابة آية غريبة مكتوبة بطريقة غريبة مثل (لأاذبحنه) مثلاً فيستغرب ويقول كتابتها غريبة يقول ما فكرت أن أبحث وأسأل، نحن نريد في مثل هذا البرنامج أن نجيب على مثل هذا القضايا من أسئلة القرآن، المعالِم الأساسية لو تعطينا المعلَم الأول يا دكتور محمد من المعالم الأساسية قبل أن نأخذ إتصالاً هاتفياً.
د. القحطاني: أخشى أن يكون بعض الإخوة الذين يتابعوننا يقولون يبدو أن هذا البرنامج لا مجال لي فيه لأن فيه مسائل علمية دقيقة فنريد أن نبين لهم بأن علوم القرآن لا بد من تحقيقها بل إن عدم العلم بكثير من مسائله ينشأ عنها أخطاء كبيرة وفهوم قد يُبنى عليها مصائب وإنما نشأ الضلال في الأمة بسبب الفهوم الخاطئة ونشأت الفهوم الخاطئة هذه بسبب عدم العلم بأصول هذه القواعد والركائز المهمة.
د. الشهري أستأذنك يا دكتور محمد قبل أن نبدأ في المَعْلَم الأول نأخذ إتصال من الدكتور حازم سعيد حيدر الباحث في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. حياكم الله دكتور حازم نحن في هذه الحلقة الأولى من برنامج أضواء القرآن وهو برنامج يختص في الحديث عن علوم القرآن وقضاياه بصفتك يا دكتور حازم من المتخصصين في هذا العلم نريد أن نستمع إلى رأيك وماذا تراه في توجّه هذا البرنامج وماذا توصي به في حدود ثلاث أربع دقائق لو تكرّمت.
د. حيدر: بسم الله الرحمن ارحيم أحييك أخي الدكتور عبد الرحمن وضيفيك الكريمين الدكتور مساعد والدكتور محمد ولا شك أن هذا البرنامج من يوم أن سمي “أضواء القرآن” فلعله يتصف بهذه التسمية بالشمول والإحاطة ويقتبس من أنوار هذا الكتاب العزيز كما قال الشاعر:
كالبـدر من أين إلتـفت وجدتـه يهدي لعينيـك نوراً ثاقـباً
كالشمس في كبد السماء وضوؤها يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا
ولعله في هذه التسمية فيه تشبه بالموسوعة التفسيرية الفذة من حيث التفرد بالعنوان التي ألفها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى التي وظّف فيها علومه لإيضاح القرآن وبيانه من خلال منهج أصيل. لا شك أخي الكريم أن تقريب علوم القرآن من أجَلّ القرب التي يُتقرَّب بها إلى الله سبحانه وتعالى وفي هذا التقريب تمسيك لعموم الناس بهذا الكتاب المبارك وردٌ لهذه الأمة إلى خيريتها الأولى التي حثّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (خيركم من تعلّم القرآن وعلمه) فهذه الخيرية لها جناحان: جناح من المُتلَقي وجناح من المعلِّم فالبداءة بعلوم القرآن التي نحتاج إليها معظمنا كشرح معانيه ومعرفة غريبه ومعرفة فضائل القرآن وأسباب النزول وأحكام التلاوة ومعرفة الوحي وحيثيات النزول وما شابه من هذه العلوم التي تمسّ حاجة عموم الناس إليها بلا شك أن هذا الأمر فيه عزُّ الأمة وفَخَارُها فالقرآن الكريم كما وصفه الله سبحانه وتعالى (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) الأنبياء) فكما أن القرآن من جانب فيه موعظة وشفاء لما في صدور المؤمنين وهو هدى ورحمة لهم هو في الجانب الآخر عِزّ وشرف وكمال للمسلمين. فلا شك أن المسلك هذا مسلك عظيم وأنا أشد يدي إلى أيديكم وأدعو إخواني المتخصصين من المشايخ وإخواننا الفضلاء المتخصصين في علوم القرآن والتفسير وعلوم القرآءة إلى مد يد المؤازرة والمعاضضة لكم وأدعو لكم بالعون والتسديد على ما نويتموه وقصدتموه كما أرجو لكم التوفيق في حسن اختيار الموضوعات الأوْلى فالأوْلى أو ما تمس حاجة الناس إليه. ولعلي أتمثل في هذا الموقف ما تمناه أحد العلماء في القرن الرابع وهو موسى بن عبيد الله الخاقاني رحمه الله أنه تمنى أن يمزج علومه في شربة ماء في كأس فيه ماء فيمزج علومه بهذه الشربة ثم يقدمها للناس خفيفة سهلة المنال فقد قال
ففي شربة لو كان علمي سقيتكم ولم أخفي عنكم ذاك العلم بالذُخر
فهذه أهم المعالم التي أردت أن أشارك بها في هذا البرنامج.
د. الشهري: فتح الله عليك دكتور حازم، هذه ذكرتني قصة موسى بالإمام الشافعي عندما قال يا ربيع (وددت لو أن العلم يسقى لسقيتك) أو شيء من هذا. لعلنا نأخذ منك وعداً بإذن الله تعالى بالمشاركة في هذا البرنامج وأنت متخصص وباحث في علوم القرآن، باسمكم جميعاً أيها المشاهدون نشكر الدكتور حازم سعيد حيدر الباحث في مجمع الملك فهد على ما تفضل به وإن شاء الله اللقاءات القادمة تكون حافلة بلقاءات معه ومع أمثاله من الزملاء المتخصصين في علوم القرآن شكراً جزيلاً دكتور حازم. نعود دكتور محمد إلى المعالم الأساسية لعلوم القرآن أنت تقدمت بمَعْلَم الدكتور محمد لديه عدة معالم أردنا أن نقدم بها أيضاً ونناقشها مع بعضنا معالم أساسية في التعامل مع علوم القرآن الكريم نحن الآن قلنا سنناقش مباحث في علوم القرآن سنتوقف مع نزوله مع الوحي، مع جمعه، إلى آخره لكن هناك معالم أيضاً مأخوذة من القرآن نفسه كيف يتعامل المسلم مع القرآن من خلاله؟ فلعلنا نبدأ يا دكتور محمد بالمعلم الأول سريعا حتى نتناقش فيها.
د. القحطاني: على كل حال لما تتأمل في هذه الموضوعات لا بد أن تربطها بأصلها حتى لا تنقطع وهذا أمر مهم في كل العلوم الشرعية حتى يحصل الإنتفاع لأن العلم النافع هو ما إرتبط بأصله ونفع صاحبه فأنطلق من تعليق الشيخ الكريم الفاضل الدكتور حازم وفقه الله. من أعظم المعالم ما استُمِدّ من الوحي قرآناً وسنة فكنت جعلت من المعالم:
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) كثيراً ما نسمع هذا الحديث العظيم الذي في صحيح البخاري وفي رواية (إن أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه) الذي في حديث عثمان رضي الله عنه الذي رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي وكلاهما قرآني بإتقان. كثيراً ما نسمع الاستشهاد بهذا الحديث في مقام تعليم القرآن في حلقات ما يسمى بتحفيظ القرآن. وأول ما يتبادر إلى ذهن أكثر الناس هو التعلُّم المتعلِّق بالألفاظ كيف يقرأ قراءة صحيحة يتعلّم ويعلِّم وهذا صحيح لا شك في هذا ولكن الأهم من ذلك هو تعلّم المعاني وقد قرّر المحققون من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم وغيرهم أن تعلّم معاني القرآن وتعليمها أعظم وأجلّ من تعلّم ألفاظ القرآن وتعليمها لأن تعلم الألفاظ وسيلة وتعلم المعاني غاية والفضل بينها كالفضل بين الغاية والوسيلة. فممن يدخل دخولاً أولياً في قول النبي عليه الصلاة والسلام (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) الذين يعلِّمون الناس معاني القرآن ويتعلَّمونها فلا ينبغي أن يزهد في هذا العلم أحد خاصة في هذه التزكية النبوية (خيركم) ومَنْ مِنَ العقلاء لا يحرص أن يكون خير الناس ف(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ولا شك أن من أعظم ما يعين على فهم المعاني ما يتعلق بعلوم القرآن ويعين أيضاً على تعلم الألفاظ.
د. الشهري: ولا سيما أيضاً هذه فائدة مهمة أن قضية علوم القرآن التي سنتحدث عنها هي يستفيد منها المفسرون في تفسيرهم للقرآن الكريم يعتمدون على هذه الأدوات والعلوم.
د. القحطاني: والقُرّاء في علوم الأداء.
د. مساعد. والملحظ الذي ذكره الدكتور من أول من لفت إليها شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه علّق على (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) بالفعل من كثرة ما يستخدم هذا الحديث في حلقات التحفيظ صار عندنا نوع من الإنغلاق في الذهن على أن هذا المراد دون غيره وإلا قوله (خيركم من تعلم القرآن) مفتوحة ومطلقة ولهذا دعا لابن عباس فقال (اللهم فقّهه في الدين وعلّمه الكتاب) في رواية البخاري وقوله (علِّمه الكتاب) مثل (تعلّم القرآن) تشمل جميع علوم القرآن.
د. القحطاني: وحتى في مقام ربط الناس بالقرآن وتجيشهم للإهتمام به كنت أستمع إلى أحد المتحدثين في مقام افتتاح حلقة من حلقات أو جمعية من الجميعات فإذا كان الذي يتعلَّم له خيرية والذي يعلِّم له خيرية ويجمع الخيريتين الذي ينفق، ثقافة فهم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) يعني لو جئت إلى أحد المنفقين فقلت له عندنا حلقة يتعلّم فيها الناس أو الصبيان القرآن وتحتاج دعم ما يتردد في دعمك ولكن لو قلت عندنا برامج في تعليم علوم القرآن والتفسير قال ما الفائدة منها؟! حتى أني كنت مع أحد التجار أبدى الرغبة في الدعم فلما عرضت فكرة البحوث القرآنية والجمعيات قائمة بدور عظيم ونسأل الله لهم التوفيق ولكن هناك جوانب أخرى أحجم وقال أنا أريد شيئاً آخر يعني هذا نتيجة خلل في فهم مثل هذه الأمور.
د. الشهري: قضية مفهوم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) مع سعته
د. القحطاني: بل إن الحديث في الخوارج (يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم) لماذا؟ لأنهم لا يفهمون معانيه، فينبغي أن نجمع في ثقافتنا في القرآن حتى أيضاً مسألة تحفيظ القرآن أتمنى أن يكون تعليم القرآن وليس فقط تحفيظ القرآن حتى يكون هناك جمع للأمرين فيهتدي الناس بالقرآن.
د. الشهري: إذن هذا المعلم الأول (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، المعلم الثاني؟
د. القحطاني: أنا حاولت أن أصيغ المعالم في قواعد أو كلمات وجيزات القرآن هداية للإنسان، كتاب القرآن هداية للناس، جمعت هذه العبارة بين مضمون القرآن ومقصوده فموضوع القرآن هو الإنسان
د. الشهري: وهناك ملحوظة يا دكتور في قضية (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) هذه في الحقيقة المعلَم يدخل فيه علوم القرآن كلها يدخل تحتها تعلم أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والتفسير والتجويد والقراءات
د. القحطاني: لأنها تصب في النهاية في مصب واحد وهو القرأن وهذا سيأتي معنا وقد نخرج بعض الأشياء التي لا فائدة منها.
د. الشهري: قد يقول ما معني معلَم؟ وما الذي أدخله في علوم القرآن؟ فنقول هذا المعلم يدخل تحته كل علوم القرآن، الثانية قلت لي القرآن هداية للإنسان
د. القحطاني: يعني حتى نرجع لماذا نقرأ علوم القرآن؟ حتى نهتدي بالقرآن، الإهتداء بالقرآن لا يتم إلا بفهمه وهذا المعلم الثاني وهي معالم مرتبطة لا يهتدي الإنسان بالقرآن حتى يؤمن به ويتلوه. فالإيمان به بأنه كلام الله، طبعاً المعلم الثاني “القرآن هداية للإنسان” ينبغي أن لا يغيب هذا المعلم عنا في تعاملنا مع القرآن فأيّ شيء لا يوصلك إلى الإهتداء بالقرآن فلا تشتغل به كثيراً.
د. الشهري: لا تعطه أولوية
د. القحطاني: فإن هذا القرآن يهدي، يهدي من؟ الإنسان لذلك لما تكلم العلماء عن موضوع القرآن قالوا للإنسان جاء لبناء هذا الإنسان وتهذيبه وصناعته من أن لا يكون شيئاً إلى أن يكون.
د. الشهري: ولذلك جعلنا هذه الآية مقدمة للبرنامج (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء).
د. القحطاني: فموضوع القرآن وهدف القرآن ينبغي أن تكون في ذهن كل متعلم للقرآن هدفه هداية الإنسان، موضوعه هذا الإنسان، لم ينزل لغرض أخر إلا لهداية الإنسان لا يهتدي الإنسان بالقرآن حتى يؤمن به ويتلوه على الإجمال يؤمن به بأنه كلام الله سبحانه وتعالى وأن كل ما فيه حقّ وعدل (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً (116) الأنعام) وأنت لو لاحظت هذا المعلم وأنت من العارفين بعلوم القرآن ستلاخظ أنه سيدخل كثير من الأشياء في علوم القرآن أنه يدخل كثير من الأشياء في علوم القرآن في هذه القضية تؤمن به، ما هو القرآن؟ كلام الله المنزّل على محمد صلى الله عليه وسلم هذا التعريف يعطي مهابة وإهتمام بأنه كلام الله وكفى. إعجاز القرآن لما يتكلمون عن وجوه إعجاز القرآن سيأتي وجه الإعجاز الأعظم أنه كلام الله، يكفي. والله ليس كمثله شيء فكلامه ليس كمثله كلام يؤمن به وأن ما يتضمنه حق (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً (116) الأنعام) كيف تتعامل مع القرآن؟ القصص في القرآن لما تتعامل مع القصص بهذا المنطق كل ما في القرآن فهو حق لا مجال للخيال ولا مجال للكذب في كلام الله تعالى وأحكامه كلها عدل في أحكام القرآن أنها كلها عدل.
د. الشهري: ندخل في قصص القرآن والخيال يا دكتور في التفسير الأدبي عندما تحدث كثير من الكتب الآن في التفسير الأدبي وقالوا أن القرآن الكريم في قصصه ليس بالضرورة أنه يكون واقعاً وإنما هي خيال، هذه مصيبة كبيرةّّ هذا المعلَم أن الإنسان عندما يعرف أن كل ما في القرآن حقّ ما فيه من قصص وتاريخ فإنه حق واقع، فهذا أيضاً معلم ممتاز جداً.
د. القحطاني: وأيضاً له أي صلة بما يتعلق بدفع نُظُم التعارض إذا وجدت شيئاً يوهِم بالتعارض فلا بد أن تنطلق من هذه القضية أنه حق لكن هناك إشكال في الفهم أو إشكال في المعنى وأيضاً عدل يتعلق بما يتضمنه وما يتعلق به من أوامر ونواهي وهي أنها كلها تصب في مصلحة البشر. (ويتلوه) يتلوه يتعلق بالعمل (يؤمن) إعتقاد (يتلوه) عمل
د.الشهري: تقصد هنا الإتباع
د. القحطاني: التلاوة أولاً قراءة ثم تدبر ثم عمل (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) إن الذين يتلون كتاب الله لا ينبغي أن تُقصَر على القراءة بل إن المعنى اللغوي لا يصح هنا إلا إذا عُدِيَ بـ(على) فإن يعني القراءة فقط، فإنه لا بد أن يقرأه ولا بد أن يتدبره ولابد أن يعمل به لا يمكن أن تتم هذه الأمور العملية الثلاثة إلا بإرتباط وثيق وفهم مسائل علوم القرآن كيف يعمل به إذا لم يعرف الناسخ والمنسوخ (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) النساء) هذه آية نقرأها غير مطبقة لأنه لا يدري خلفية الآية. بعض القضايا التي تتعلق بالعمل تحتاج إلى تدبر، تدبر العمل كلها لها إرتباط بهذه المسائل التي تُبحث في علوم القرآن ومن مباحث علوم القرآن تعلم التفسير وكيفية التفسير. فهذا معلَم مهم من معالم علوم القرآن ولعلنا إن أردتم التوقف للتعليق.
د. الشهري: ما تعليقكم دكتور مساعد على هذه المعالِم التي ذكرها الدكتور محمد؟
د. مساعد. طبعاً ما شاء الله أعجبني أنها منبثقة من القرآن، هي معالم منبثقة من القرآن ولكن لعلي فقط أضيف تعليق إضافة في قضية كون القرآن هداية ونحن مع الأسف نغفل عن هذا كثيراً ونرى حال سأقول بعضنا ممن منّ الله عليه بأن صار في تخصص
د. الشهري: يتعامل مع هذه العلوم بكثرة
د. مساعد. ما هو أثر القرآن عليك؟ وهذه هي بالفعل الغاية الكبرى التي ذكرها الدكتور محمد (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء) الهداية التي حصلت لك بالقرآن، ولهذا نحن قد نكون شُطّاراً في التقسيم والتنويع وفي فكّ المسائل وفي تفتيق المسائل وفي النقاش وفي الجدل شُطّار في هذا وعندنا قدرة، لكن أين العمل؟ أين الذي قالت عائشة رضي الله عنها لما سُئلت عن خُلُق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت كان خُلُقه القرآن؟ هذا الحقيقة تكِعّ عنده كثير من النفوس، فأنا أقول من المهم جداً -وأنا لاحظت ولنكن صرحاء- لاحظت في كثير مما نشاهده في المؤتمرات وغيرها العناية بالصلاة العناية بالخُلُق لكن هناك أشياء دعا إليها القرآن ونحن نخالفها
د. القحطاني: جوهر القرآن
د. مساعد. هذا لا شك أنه مهم جداً أن من أراد أن يصل إلى الهداية الحقّة ليست في القضايا الذهنية وإنما في القضايا التطبيقية العملية
د. الشهري: الاستجابة
د. مساعد. الإستجابة ولهذا العلم قد يؤتاه الفاسق (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا (175) الأعراف) نسبه إلى أهل العلم لكنه انسلخ منها لا يطبِّقها فالمعلومة كمعلومة ليس لها أثر حيّ إذا لم نطبقها
د. الشهري: أستأذنكم في فاصل قصير ثم نعود لإكمال حوارنا فانتظرونا
———-فاصل———-
د. الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم “أضواء القرآن” ولا زال حديثنا متصلاً مع ضيوفنا الكرام د. مساعد الطيار أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية وفضيلة الدكتور محمد بن عبدالله القحطاني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك خالد حول معالم أساسية في التعامل مع علوم القرآن الكريم وكنا قبل الفاصل أخذنا ثلاثة معالم من المعالم ولعلنا نُكمِلها مع الدكتور محمد
د. القحطاني: من المعالم المهمة جداً في هذا العلم أن يُبنى على أصول العلم التي هي القرآن والسُنّة والإجماع بمعنى أن نبحث منطلقين من هذه الأصول الأساسية حتى لا نشطح أو نقع في الخطأ فيؤخَذ من هذا المعلم لا بد من بناء هذا العلم على ما دلّت عليه أصول العلم وهي الكتاب والسنة والإجماع. أهمية العناية بتلك الأصول أولاً
د. الشهري: لعل معنى كلامك – بالمثال يتضح المقال- علوم القرآن نفسها كثيرٌ منها مستمد من القرآن نفسه مثل نزول القرآن (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (185) البقرة) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ (3) الدخان) تجمعها من القرآن نفسه تجد أن أصولها فيه.
د. القحطاني: فلا بد من العناية بتلك الأصول، تستغرب أحياناً تجد متخصصاً في قسم القرآن وهو ليس بحافظ للقرآن وهذا من العجائب في هذا الزمن! أو ليس له إلمام بالقرآن وهذا شيء غريب! قد يُتَساهل في علم آخر مع أنه ينبغي لكن متخصص في علم القرآن! وأنا في الحقيقة أقول بأنه ينبغي في الأقسام العلمية أن تنتبه لهذه القضية اهتماماً تجعله ضابطاً لا ينخرِم شرط فيمن يُقبل خاصة في الدراسات القرآنية أن يكون حافظاً للقرآن وهناك الحمد لله الكثير من الحفّاظ وقد يميَّز الحافظ به لأن القرآن يعينه، هناك أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن من المعالم البارزة فيه أن القرآن بين عيني المؤلف يُفتَح عليه فتوحات عجيبة لا تجدها في مصنّف! أصول العلم السُنّة بعضهم يبحث في هذه العلوم وقد لا يميّز بين الأحاديث التي تثبت ولا تثبت وهذا خلل فلا بد أن ننطلق. الإجماع، قد يُخرق الإجماع في مسائل معينة بما دلّت أو بمسألة من المسائل فينبغي أن ننطلق من هذه الأصول فيكون عندنا قاعدة قوية نضبط بها هذا العلم. أهمية التأصيل
د. مساعد. إذا تكرمت دكتور محمد من ناحية العلوم التي ذكرتها الكتاب والسنّة والإجماع علوم القرآن أنا في نظري – هو نظر آخر لا أدري إن كان سيتداخل مع ما تقول أو يكون فيه- أن علوم القرآن حقيقة تنقسم إلى قسمين علوم نقلية وعلوم عقلية مبناها على الرأي من الأصل مثل إعجاز القرآن صحيح الآيات دلّت على التحدي ما نختلف عليه لكن كيف نُظهر التحدي؟ كيف نبرز أن هذه الآية فيها إعجاز؟ كيف؟ كيف؟ هذا مبحث عقلي فما أدري ما رأيك مع ما ذكرتم؟
د. القحطاني: لا شك هو أصلاً مما دلّ عليه القرآن نفسه هذا المعلم، لو انطلقنا من القرآن لوجدنا أن الله تعالى يقول (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) النحل) التفكر الصحيح المبني على أصول العلم يضبط لأنه حتى الإعجاز -ولعل الشيخ إمام في هذا الباب وفقه الله- كثير من الأخطاء التي تقع في الحديث عن الإعجاز بسبب خلل في معرفة الأصول حتى تجلس مع كبار من يتحدث في الإعجاز يذكر أحاديث ضعيفة موضوعة تقول له هذا حديث موضوع يقول هذه أول مرة أعلم
د. مساعد. أيضاً يُستدلّ للفكرة التي ذكرتها قبل قليل في قوله سبحانه وتعالى (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82) النساء) فردّهم إلى تدبرهم هم والتدبر إنما هو بالرأي، بالعقل
د. الشهري: وأيضاً من ثمار كلام الدكتور محمد في قضية أنه لا بد أن يبنى على العلم -علوم القرآن – على أصول العلم القرآن والسنة استحضار على سبيل المثال كنت أحضر أحد اللقاءات العلمية في مؤتمر فسمعت أحدهم يرد حديثاً صحيحاً في البخاري ومسلم ويقول هذا الحديث فيه نظر يخالف آية في جمع القرآن على سبيل المثال ورد حديث في صحيح البخاري كيف نزل الوحي، فقلت له معذرة هذا الحديث صحيح في صحيح البخاري ومسلم قال كيف؟ قلت صحيح في صحيح البخاري ومسلم، قال وإن كان في البخاري ومسلم؟! قلت هذه مشكلة أنت الآن عندك أصل من الأضول مضروب أنت لا تعرف ما معنى حديث صحيح. فهذا المعلم الذي ذكرته يضبط مثل هذه الأخطاء الفادحة التي تقع.
د. مساعد. أنا قصدي ألا يمكن أن ندخل الرأي الصحيح؟
د. القحطاني: هو الرأي الصحيح القائم على تفكير سليم ولا يتعارض مع نصٍّ صريح فهذا حتى العقل ينبغي أن يكون مستحضراً للنصوص حتى لا يشطح. الأقوال المخالفة للأصول يعني كثير من مسائل أو تفريعات علوم القرآن يجد أنها مبنية على آراء واجتهادات علماء
د. الشهري: مثل ماذا؟
د. القحطاني: مثل فهوم خاطئة أحياناً لنصوص مثلاً لعله يأتي في نزول القرآن يتكلمون عن أنواع التنزلات يقولون أولاً التنزّل إلى اللوح المحفوظ ومذكور، هو موجود
د. الشهري: يعتبرونه نوعاً من النزول وهو ليس كذلك
د. القحطاني: قولهم نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل من بيت العزّة، ليس هناك دليل. بالعكس ابن عباس قال قولاً – لعله يأتي في حلقة قادمة- لكن واحد من المصنِّفين فهم أن ابن عباس يعني أن النزول الأول إلى السماء الدنيا هذا ليس فيه إشكال دلّ عليه أثر ابن عباس ولا مجال للرأي فيه. ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم مفرّقاً، فقال (ثمّ) للتراخي إذن نزل من السماء الدنيا فأهادتهم في إثبات نفي الكلام وبنوا عليها وهذا لا شك نتيجة لعدم، أين (تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) فصّلت)؟ (تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (2) السجدة)؟ يعني نزول من الله مباشرة واضح ما يحتاج أن نعتمد على بعض الأشياء فلما نعود إلى الأصول تضبط لنا الكثير من المسائل. فحريّ خاصة الإخوة الباحثين أنا أتمنى – وهي فكرة- على هيئة كتاب التوحيد، كتاب التوحيد كله أدلّة وفيها مسائل أريد تأصيل علوم القرآن أدلة من الكتاب والسُنّة فيها مسائل، دلّت هذه الاية على كذا في علوم القرآن، دلّ هذا الحديث على كذا في علوم القرآن وهذه مادة ثرية جداً في علوم القرآن
د. الشهري: وهناك بحوث تخدم هذا لعلنا إن شاء الله نتناولها في بعض الحلقات إن شاء الله
د. القحطاني هذا معلَم مهم جداً أتصور أنه لا بد من العناية به وإذا عندكم إضافة أو شيء
د. الشهري: هل عندك تعليق على هذا المعلم دكتور؟
د. مساعد. لا، المَعْلَم واضح والأمثلة موجودة
د. الشهري: دكتور محمد يرى أنه لا بد من بنائها على أصول العلم القرآن والسنة لكن ليست مقصوراً عليها هناك بعض العلوم يدخل فيها مجال العقل والاجتهاد ولكن يبقى الأصل الذي يدور حوله لأن البعض يهمل الحديث تماماً وإذا ناقشته لا يزيد إلا إعراضاً، لا، لا بد أن تبقى هذه الأصول معتبرة.
د. القحطاني: ولذلك في المعلَم الخامس -هذا استقيته من عبارة الإمام عبد البرّ وقد أعجبتني وهو يعلّق على حديث النبي صلى الله عليه وسلم (مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل فإن تعاهدها أمسكها وإن أطلقها ذهبت) علّق عليه بكلمة جميلة، قال: “خير العلوم ما ضُبِطَ أصله واستُذكِر فرعه وقاد إلى الله تعالى ودلّ على ما يرضاه” يعني لما يضبط الأصل. نحن في علوم القرآن يمكن أن يقال بأنها خير العلوم علوم القرآن أن يُضبط أصله -أصل علوم القرآن هو القرآن وينبثق عنه السُنّة- فلا بد أن يُضبَط حفظاً، إتقاناً، فهماً. الأمر الثاني أن يستذكر فرعه وفروعه هي مسائله التي اشتمل عليها لا بد أن تستذكرها وتعرفها وتتقنها. الأمر الثالث أن يقود إلى الله تعالى وهذا يرجع إلى الهداية وذلك بالإخلاص لله تعالى أن يكون مقصدك هو الإخلاص، ودلّ على ما يرضاه الله من الطاعة والعمل الصالح والشكر (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ (7) الزمر). الأمر الثاني الذي يتعلق بخير العلوم ما ضُبط أصله واستُذِكر فرعه أن نضبط أصول هذا العلم، ما هي أصول هذا العلم؟ لو قام الباحثون بضبط أصول العلم هذا كقواعد وأصول كلّية، صحيح أنها بُحثت في قواعد التفسير لكن قواعد علوم القرآن الخاصة بعلوم القرآن تُجعَل كقواعد وتطبيقاتها من خلال القرآن الكريم.
د. الشهري: وهذه مسألة مهمة جداً قضية التطبيق.
إتصال من الأخ محمود من السعودية: أتمنى في بداية مسيرة هذه الأضواء القرآنية أن تعمّنا في ملتقى أهل التفسير فعلى مدى العقد الماضي هنالك بيئة قرآنية متميزة جداً في ملتقى أهل التفسير وطُرِحت أيضاً عدة مشكلات بحثية في علوم القرآن ومسائل اختلفت فيها وجهات النظر ومسائل يرى كثير من الباحثين في علوم القرآن أن معالمها لم تتضح حتى اليوم بالنسبة لخلاف العلماء السابق فيها والتدوين في كتب علوم القرآن ووصلت إلى مرحلة معينة من المناقشات ثم توقف الأمر إلى هذا الحد فنتمنى من خلال هذا البرنامج الذي نعلّق عليه كثيراً من الآمال بالنسبة لعلوم التفسير وعلوم القرآن وما يتصل بها أن تواصل هذه النقاشات على طاولة برنامج أضواء القرآن وأن نلفت أيضاً الأنطار إلى هذه البيئة القرآنية في ملتقى أهل التفسير وما فيها من نتاج علمي ومناقشات ثرية بين الإخوان المتخصصين من شتى أنحاء العالم الإسلامي
د. الشهري: أحسنت، هذه فكرة جميلة وأنا أخطط لهذا يا شيخ محمود وهو أننا بإذن الله سنجعل ملتقى أهل التفسير هو غرفة العمليات لهذا البرنامج. نعود يا دكتور محمد لعلك تختم لنا في المعالم حتى ننتقل إلى خارطة علوم القرآن
د. القحطاني: سأذكر معلماً واحداً أظن أنه مهم. علم القرآن الكريم علمٌ جليلٌ حسن يحسُن جُمْعُهُ والعناية به ولا يليق بطالب العلم جهله والتفريط فيه. يمكن أن تقسّم موضوعات علوم القرآن إلى قسمين أحدهما موضوعات لا بد من تعلّمها ولا يُعذر أحد بجهالتها خاصة من تصدّر لدراسة القرآن: الناسخ والمنسوخ، أسباب النزول، قضايا الفهم للنصوص التي تتعلق بالعموم والخصوص والإطلاق والتقييد لذلك وردت آثار في التحذير من تعليم القرآن أو الاهتمام به من غير إتقان لها، لا تعلم الناسخ والمنسوخ هلكتَ وأهلكت. أسباب النزول، إذا لم يُعلَم سبب نزول الآية يُفهم حتى في الصدر الأول وقع هذا الفهم، هذه لا بد منها
د. الشهري: قبل فترة وجيزة إتصل علي أحد الإخوان قال يا شيخ عبد الرحمن النسخ في القرآن الذي نسمع به -وهو طبعاً غير متخصص- قال ما قصة النسخ هذا؟ قلت ما الذي جاء بها في ذهنك؟ قال شاهدت برنامجاً فيه واحد يُنكر القرآن الكريم، لا نسخ في القرآن وهذا أكذوبة وهذا فِريَة، ما القصة في هذا الموضوع؟ فشرحت له الفكرة، فقال أين أنتم من هذه البرامج التي تُذاع وتشوش الذهن على عامة الناس؟! فلا بد من هذه الفكرة نتعرض لها إن شاء الله.
د. القحطاني: القسم الثاني موضوعات يحسن تعلمها والعناية بها لما لها من أثر محمود على صاحبها وهي علم يُغبط عليه صاحبه، النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أبي بن كعب رضي الله عنه فقال يا أبا المنذر أيّ آية في كتاب الله معك أعظم؟ فقال (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فضرب على صدره وقال ليهنأك العلم. إذن هو علم ويُهنأ عليه مع أنه يتعلق بالفضائل ولا شك أن هذا بعد الاهتمام بالآية وفهمها
د. مساعد. ويبدو أن إدراكه أنها أعظم آية
د. القحطاني: نتيجة فهم. أخيراً – نختم حتى لا نطيل- هناك قسم ثالث من الموضوعات وهي لا تدخل تحت هذا المعنى ولكن ننبه عليه وهي ما الفائدة منه وما لا يترتب عليه لا فائدة دينية ولا دنيوية وهاذ موجود في أكثر العلوم
د. الشهري: مثل المبهمات
د. القحطاني: أحياناً تستغرب من اهتمام كثير من الباحثين في قضايا قد يفني عمره فيها والنتيجة الله أعلم يصل أو لا يصل. يعني بعض الناس يتكلّف في أشياء (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) ص) فأيّ علم لم يهتم به الأوائل وهم أحرص الناس على الانتفاع بالقرآن ينبغي أن نقف كثيراً قبل أن نقدم عليه. يعني الآن بعض التفصيل في أمور الاعجاز العددي والعدّ والحساب تحتاج هندسة وآلة حاسبة وحاسب لا تدري لماذا يهتمون بينما قضايا كلية بعض الأشياء التي عرفتها ثم ماذا بعد؟! ما لا فائدة منه ينبغي أيضاً أن يهتم بهذا
د. الشهري: هذه معالم نرجو أن الإخوة المشاهدين يستفيدوا منها وإن شاء الله تكون نبراساً ولعلك تنشرها يا دكتور محمد في ملتقى أهل التفسير كاملة. قبل أن ننتقل إلى خارطة علوم القرآن نستمع إلى الأخ عبد الله
إتصال من الأخ عبد الله من السعودية: علوم القرآن لا سيما أن المستهدف فيها أولاً هما طلبة العلم والمتخصصين لكن لا شك أن عامة الناس لهم حظ ونصيب من علوم القرآن، ما أريد أن أقترحه أو أسمع رأيكم فيه قضية ما هي العلوم التي تناسب عامة الناس وما هي العلوم التي تناسب طلبة العلم والمتخصصين منهم في أصول التفسير، تمييز وإخراج هذه العلوم التي تهمّ عامة الناس أمر مهم بحيث يستطيع طالب العلم أن يخاطب عامة الناس بما يناسبهم وبما يقرّب القرآن وفهم القرآن إليهم، هذه قضية
د. الشهري: تساؤل ممتاز جداً. هل عندك أي نقطة أخرى؟
الأخ عبد الله: الأمر الثاني لا شك أن التقنية المعاصرة أخذت حيّزاً كبيراً من استخدام الناس وتعاملاتهم وأوقاتهم وتوظيف هذه التقنية لما فيها من إيجابيات كثيرة وتعددت وسائلها أمر مطلوب ومهم لا سيما في القرآن وتفتيق الأفكار ومحاولة حثّ الناس على إيجاد أفكار جديدة لخدمة علوم القرآن أرى أنه من المهم أن يكون هذا البرنامج الذي أضاء علينا في هذه السنة المباركة أن يكون له دور في خدمة هذا الباب وهذا الجانب من الجوانب التقنية.
د. الشهري: جميل جداً. قبل أن ندخل في المحور نحن الآن نريد أن ننتقل إلى خارطة علوم القرآن، نختم حديثنا في بقية اللقاء كيف شجرة علوم القرآن إن صح التعبير. لكن قبل أن ننتقل إليها الأخ محمود أشار إلى قضية الاستفادة ملتقى أهل التفسير وكلاكما من أعمدة ملتقى أهل التفسير جزاكما الله خيراً، فكرة كيف نوظف الملتقى لعلنا نتدارسها من خلال الملتقى كيف يمكن أن نوظّف الملتقى في إثراء هذا البرنامج وإعداده بشكل جيد. النقطة الثانية التي ذكرها الأخ عبد الله الآن قضية العلوم المناسبة لعامة الناس من علوم القرآن والعلوم المناسبة لخاصة الناس كيف يمكن أن نميز بينها؟ وهل هناك جهد في التمييز بينها موجود يا دكتور مساعد الآن برأيك؟
د. مساعد. لا أعرف أن هناك جهد إلا بعض المختصرات التي عُملت الوجيزة في علوم القرآن لكن لعله أيضاً في الملتقى لو تُطرح هذه الفكرة والمتخصصون يمكن أن يدلوا برأيهم ما هي العلوم التي بالفعل ينبغي أن يدركها العامة، مكية مدنية أسباب النزول، ناسخ ومنسوخ فلو كان هناك على الأقل تعريفات موجزة لها وتمثيل لعله يكفي
د. الشهري: هل عندكم يا دكتور تعليق في هذا؟
د. القحطاني: سمعت هناك مشروع الميسّر لكن هل هو ميسر للطلاب أو لعامة الناس؟
د. الشهري: كتاب الميسر لعلنا نستعرض بعض أجزائه الآن، هو قضية أنه كتاب مخصص للطلاب المتوسطين والمبتدئين في علوم القرآن وأرجو أن يلبي حاجة من هذا القبيل
د. مساعد. سيلبي جزء من الحاجة
د. القحطاني: يمكن أن يصنّف رسالة أو شيء ما لا يسع المسلم جهله في علوم القرآن.
د. الشهري: هذا جيد، هذه مهمة. دعونا ننتقل إلى مسألة مهمة لعلنا نستغرق بقية الوقت في نقاشها وهي الآن هناك كتب كثيرة في علوم القرآن وتاريخ التأليف -ولعلنا نخصص له حلقة تاريخ التأليف- لكن بإيجاز ما هي الخارطة التي يمكن أن نرسمها لعلوم القرآن وأنت بين يديك يا دكتور مساعد الآن عدداً من الخرئط الإلكترونية والذهنية لعلنا نستعرضها ونعلق على بعضها ونستعرض بعض الشرائح الموجودة على الكمبيوتر
د. مساعد. رأيت عندك بعض الشرائح فلن أكرر الذي عندك. طبعاً أنا اجتهدت في أن أيّ مصنّف في علوم القرآن قسّم الكتاب على تقسيمات أن أجعل له تصنيفاً شجرياً من خلال العلم نفسه وفيما بعد سأعمل على ربط هذه العلوم بعضها ببعض. إذا كان هناك إمكانية لإخراج صورة كشكل للفكرة لأن هذا الآن عندنا كتاب “فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن” لابن الجوزي ومن الكتب المتقدمة التي كان فيها إشارة للتقسيمات. ننظر إلى لفظة الأبواب التي جعلها -لعلنا بإذن الله نرفع هذه الشجرة على الملتقى- عندنا على سبيل المثال لما ذكر الفرق بين التفسير والتأويل لم يتجاوز صفحة لكنه جعله باباً بدأ بفضائل القرآن ثم كرر مرة أخرى فضائل القرآن، نجد الباب الأول فضائل القرآن وسنجد أنه يكرر مرة أخرى فضل قراءة القرآن في الباب التاسع، القرآن غير مخلوق وجاء بنصوص وأطال قليلاً، نزول القرآن على سبعة أحرف، كتابة المصحف وهجاؤه، عدد سور القرآن وآياته وحروفه ونقطه، فضل قرآءة القرآن، أجزاء القرآن، عدد آيات السور، القرآئن في عدد آيات السور يعني الآيات التي عددها مثل بعض وهكذا، فهو ذكر مجموعة من العلوم
د. الشهري: وابن الجوزي متوفى سنة 597 هـ
د. مساعد. بعده عندنا “المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز” لأبي شامة
د. القحطاني: يبدو أن “فنون الأفنان” ليس فيه رابط واضح
د. مساعد. لا، لكن أغلبه فيما يختص بالقرآن نفسه، بين السور مكية مدنية، لغات القرآن أدب الابتداء، حذف الياءات، المتشابه في القرآن وطبعاً المتشابه اللفظي، مسائل يعايى بها في المتشابه يعني الألغاز الأوصاف التي شاركت أمتنا الأنبياء عليهم السلام وهذا مثلما ذكرت ليس لها ضابط معين. أبو شامة ذكر ست أبواب في “المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز”: كيفية نزول القرآن وتلاوته، جمع القرآن، معنى الأحرف السبعة، معنى القراءات السبعة، القراءة الصحيحة والشاذّة، وحق التلاوة الذي أشرت إليه قبل قليل وإلى أهميته. جمال قرّه السخاوي بناه على عشرة كتب “جمال القُرّاء وكمال الإقراء للسخاوي” توفي سنة 643 هـ
د. القحطاني: وهو من الكتب المهمة
د. مساعد. جداً، “نثر الدرر في ذكر الآيات والسور” “منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم” وكان حريصاً على السجع، ثم “تجزئة القرآن” لم يسمّه هكذا، ثم “أقوى العُدَد في معرفة العدد”، “الشواذ” أيضاً لم يسمّه، “الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ”، “مراتب الأصول وأبراج الفصول”، “مناهج التوفيق إلى معرفة التجويد والتحقيق”، “علم الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء” وهناك كتاب يخفى على كثيرين وهو كتاب “الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة” للرجراجي وهذا توفي سنة 899 هـ مطبوع في المغرب بُني على عشرين باب وفي كل باب مسائل متعددة (هل – هل) كثيرة جداً: نزول القرآن، كتابة القرآن، قرآءة القرآن، مشكلات تفسيره، أحوال حامل القرآن، أحكام المعلِّم وما يتعلق به، فضائل القرآن، ختم القرآن، وعيد القرآن، أسماؤه، صفاته، أصنافه، عدّ آياته وما يتعلق بها، هل القرآن مخلوق أم لا، ونلاحظ أنه يتوافق مع ابن الجوزي، تفضيل القرآن بعضه على بعض، السور التي تلقى على العلماء في المناظرات، الآيات التي تلقى على العلماء في المناظرات، فضل كل سورة، السور المنزلة في مكة والمدينة وهو المكي والمدني. وبعدها سيأتي التقسيم الذي عندك د. عبد الرحمن
د. الشهري: البلقيني ولعلنا نستعرض ما في الشاشة، هذا تقسيم علوم القرآن للبلقيني يظهر على الشاشة
هو قسّمها على سبعة أقسام: مواطن النزول وأوقاته ووقائعه ذكر تحتها ثلاثة عشر نوعاً المكي المدني السفري الحضري الليلي النهاري الصيفي الشتائي النومي الفراشي أسباب النزول أول ما نزل آخر ما نزل، كلها تحت النزول. والحقيقة أن ترتيب البلقيني من أجود التريبات منطقياً. ثم جاء بعده فتحدث عن علوم السند وهي التواتر والآحاد والشاذ وقراءات النبي صلى الله عليه وسلم والرواة والحفّاظ. ثم في علوم الأداء تحدّث عن الوقف والابتداء، الإمالة المد تخفيف الهمزة والادغام. ثم جاء عند الألفاظ ودراسة الألفاظ فتكلم عن الغريب، المعرّب، المجاز، المشترك، المترادف، الاستعارة، التشبيه، سبعة علوم. ثم جاء إلى العلوم المتعلقة بالأحكام تكلم عن 13 نوع: العامّ الباقي على عمومه
د. مساعد. أو 14 أنا عندي 14
د. الشهري: هنا 13. العام الذي أريد به الخصوص، ما خصّ فيه الكتاب السُنة، ما خصّت فيه السّنّة الكتاب، المُجمل، المبيّن، المأوّل، المطلق، المفهوم. ثم في الآخر واحد من الأبواب المعاني المتعلقة بالألفاظ وهي الفصل، الوصل، الإيجاز، الإطناب، هذا من أوائل من حاول أن يرتب علوم القرآن ترتيباً منطقياً والكتاب مطبوع ومُحقّق. ثم الزركشي وأظنه عندك دكتور مساعد
د. مساعد. لكن الزركشي قبل البلقيني، الزركشي توفي 794 هـ كتابه “البرهان في علوم القرآن” بناه على سبع وأربعين نوعاً وفيه لفتة ذكرها إتفق عليها ثلاثة الزركشي والبلقيني والسيوطي وكذلك ابن الجوزي قبلهم في أنهم هؤلاء الثلاثة لم يجدوا لعلوم القرآن مثل ما لعلوم الحديث، فعلوم الحديث كتبوا أصولاً في علوم الحديث ولم يكتبوا أصولاً في علوم القرآن فهذه الزاوية كانت أحد المنطلقات للكتابة في علوم القرآن. إبن الجوزي ذكر أنه لما كتب كتابه في علوم الحديث أحبّ أن يكتب مثله في علوم القرآن
د. القحطاني: ولذلك هو يُعتبر من أول من صنّف خاصة في الكتب الموجودة
د. مساعد. نعم، أول من ربط بين العَلَمين لأنها كانت الداعي له إلى الكتابة. معرفة النزول، المناسبات بين الآيات، الفواصل، الوجوه والنظائر،
د. الشهري: الزركشي قسّمها إلى سبع وأربعين نوعاً كما هو ظاهر على الشاشة الآن
د. مساعد. علم المتشابه، علم الفواتح، كثيرة جداً لا نحتاج أن نذكرها كلها
د. الشهري: لكنه لم يربطها بمحاور.
د. مساعد. لم يربطها، نحن بالفعل نحتاج -في نظري من الأشياء التي ينبغي أن يكون فيها تجديد – أن نربط هذه العلوم تحت معاقد التي ما سماها البلقيني، كل ما يتعلق بالنزول نضعه في مكان، وهكذا ما يتعلق بالتفسير، بالأداء
د. الشهري: بعد الزركشي السيوطي
د. مساعد. السيوطي له ثلاث كتب “رسالة في علوم القرآن” في كتابه والتحرير وهذان اعتمد فيهما على البلقيني وزاد في التحرير زيادات. ثم الإتقان
د. القحطاني: ومعترك الأقران كذلك
د. الشهري: نعم، الإتقان في علوم القرآن كما هو ظاهر قسمه إلى ثمانين نوعاً واستفاد كثيراً من تفسير الزركشي بدأ بالمكي والمدني ثم الحضري والسفري كلهم يبدأون في الغالب بما يتعلق بالنزول، الصيفي والشتائي،
د. مساعد. كان لي وقفة في التقسيم ما كان عندي وقت لتقسيم السيوطي، أنا جمعت كل ما له علاقة بنزول القرآن تحت عنوان “نزول القرآن” مثل طريقة الزركشي: نزول القرآن تدوين القرآن، أداء القرآن، دلالة ألفاظ القرآن، تفسير القرآن، بلاغة القرآن، علوم سور القرآن ثم علوم أخرى لا بد منها.
د. الشهري: هناك تقسيم ابن عقيل المكي له كتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن” قسّمها إلى 154 حاول أن يجمع بين السيوطي وبين الزركشي فخرجت في 154 وهذا الكتاب طبعناه في مركز تفسير في عشر مجلدات. وبإذن الله سيكون عندنا من الحلقة القادمة مسابقة في كل حلقة نطرح سؤالاً في علوم القرآن ثم تكون الجائزة نسخة من هذا الكتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن” في عشرة مجلدات من إصدار مركز تفسير.
د. القحطاني: هذه خاصة بطلبة العلم، الزيادة لا يصلح لكل الناس
د. الشهري: لعله من يحرص على إجابة السؤال سيحصل عليه. ننتقل إلى دكتور مساعد أنت قسمت في كتابك “أنواع التصنيف” أعطنا إياه باختصار لأن الوقت أدركنا.
د. مساعد. أنا كثير النسيان
د. الشهري: أنا رأيت أنك قسّمته ثلاثة أقسام: العلوم الناشئة من القرآن نفسه مثل نزول القرآن، علم القرآءات، جمع القرآن، الرسم والضبط، فضائل القرآن، خصائص القرآن، مبهماته، سوره وآياته، الوقف والابتداء، المكي والمدني، أسباب النزول، علم التفسير، أمثال القرآن، أقسام القرآن، الوجوه والنظائر، هذه خاصة بالقرآن. والعلوم المشتركة مع غيره التي هي الأحكام الفقهية (تقصد مع السنة النبوية التي لها علاقة باصول الفقه) الناسخ والمنسوخ، العام والخاص، المطلق والمقيد، المجمل والمبيّن، المحكم والمتشابه. المحور الثالث المتعلق به كنص عربي تحدثت عن معاني القرآن ومتشابهه، إعراب القرآن، أساليب القرآن، لغات القرآن وغريب القرآن. هذه طريقتك في كتابك. في كتاب “الميسّر في علوم القرآن” قسّمتها إلى هذه المحاور التي ذكرتها لكم في بداية الحلقة وهي المتعلقة بالنزول ثم القرآءة ثم التوثيق ثم التفسير، هذه أربعة. ثم تأتي التي تخدمه لغة القرآن وأسلوبه ثم أسماء القرآن وصفاته، صارت ستّة.
بالمناسبة الأخ محمد بن جماعة زميلنا في ملتقى أهل التفسير هو صاحب هذا العرض أنا أخذته من ملتقى أهل التفسير هو الذي قسّمه فقسّم علوم القرآن تقسيماً مقترحاً والأخ محمد بن جماعة من الشخصيات الذكية وعنده قدرة على الربط لكني لاحظت أنه بالغ في التقسيم فذكر مكان النزول، ترتيب النزول، أسباب النزول، كيفية النزول، هذه كلها يمكن أن تجمع تحت النزول نفسه. ثم تاريخ القرآن تحدث عن جمعه وإسناده وتدوينه وخطّه وخط المصاحف وتاريخ مخطوطات القرآن. ثم بنية القرآن تحدّث عن أسماء القرآن عدد السور فواتحه، فواصله، ومفرداته، الوقف، هذا في تقسيمه. ثم تحدث عن اللغة والبلاغة، كل علوم القرآن المتعلقة باللغة والبلاغة فجعلها تحت محور واحد التي هي الحقيقة، المجاز، إعراب القرآن، العام والخاص، المجمل والمقيد. ثم جاء عند الأساليب القرآنية فتحدث عن الأقسام، الأمثال، الجدل، القصص. ثم في فضائل القرآن تحدث عن بعض الخصائص التي اختص بها القرآن مثل فضائله، أفضل القرآن فضائل القرآن، فضائل السور.
هذه تعتبر خارطة موجزة -إن صح التعبير – إستعرضنا فيها طريقة العلماء وطريقة الباحثين في تناول علوم القرآن وأنا اقول ما زال فكرة عرض علوم القرآن ما زالت في ميدان الاجتهاد والإبداع والتميّز في عرض وكما كان يقول د. محمد الآن يمكن أن تستخدم التقنية كما ذكر الأخ عبد الله قبل قليل عندما قال استخدام التقنية في تقريب العلوم للناس، أحياناً وأنت تشرح وتتكلم بطريقة عادية يمكن أن لا توصل الفكرة لكن لما تستخدم طريقة معينة في عرض الفكرة أو رسم معين أو استخدام مصفوفة ترسمها تصل الفكرة بشكل جيد. بقي لنا دقائق معدودة ماذا تختم به د. محمد وأنت الآن في أول حلقة من حلقات هذا البرنامج أضواء القرآن في دقيقة؟
د. القحطاني: الخاتمة يصعب أن تختصرها، لم نتعود على الإيجاز. على كل حال عندي أمل إن شاء الله وتفاؤل كبير أن هذا البرنامج سيفتح آفاقاً للناس عموماً ولطلبة العلم خصوصاً في أشياء كثيرة تتعلق بعلوم القرآن، وهذا من بركة القرآن فالقرآن مبارك حتى وأنا معكم في هذا اللقاء تأتي أشياء وأفكار وتجليات وأقول لجميع الإخوة خاصة الحريصين والراغبين في الخير هذه مجالس سهلة ولها فوائد عظيمة “المذاكرة” في القاعدة “ما استُذكِر فرعه”، الاستذكار له أثر كبير فأتمنى تكثير مجالس الحوار والنقاش ثم نتبادل الآراء في كيفية إيصال هذه المعلومات بسهولة إلى الناس. شيخنا ابن عثيمين رحمه الله كنت قد حضرت قبل شهر ونصف ندوة عنه من الأسباب التي جعلت له قبولاً عظيماً في مشارق الأرض ومغاربها أنه استطاع أن يبسّط وييسّر العلوم للناس، يتكلم أحياناً في بعض المسائل بلغة سهلة لما تقرأ كتاب “التدمرية” وتسمع من غيره يعقّد لك المسألة تقرأ التدمرية للشيخ ابن عثيمين تستمتع والله قال (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ (17) القمر) ليس من موافقة مقصد القرآن أن تعقّد العلوم سهلة، القرآن سهل، الأصل في القرآن سهولة الألفاظ ووضوح المعاني وكثرة الدلائل ولعل الإخوة يفتحون مجالساً للنقاش في كل مكان، في الجامعات، في المدارس بدل تضييع الأوقات هذا مقترح أرى أنه مهم أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضاه.
د. الشهري: ختام رائع. دكتور مساعد باقي دقيقة وإن شاء الله أنت دكتور محمد ودكتور مساعد ستكونون ضيوفاً تتكررون معنا فكل واحد يجهز نفسه.
د. مساعد. إن شاء الله. من الأشياء التي أتمنى أن تكون في البرنامج وتكون جزء من هدفه هو عرض الشُبَه بطريقة لا تدل على أنها شبهة ولكنها تفك مشكلة في عقل المستمع وكما أتمنى أنه في عرضنا لمثل هذه الموضوعات المتعلقة بالتاريخ خاصة النظر إلى الواقع آنذاك أيام كتابته، لما نتكلم عن تدوين القرآن ما هي الأدوات التي كانت بين يديهم؟ كيف دوّنوا القرآن؟ هذه ترجع إلى البيئة التي عندهم فأنا أقول مهم جداً النظر بها. القضية الثالثة جانب استنباط الدلالات العقلية من خلال النصوص وكذلك الدلالات العقلية التي يُرَد يها على الشُبَه بحيث تكون دلالات تأصلية وحجج عقلية لرد كثير من الشُبَه التي قد تقع في الذهن ولعله إن شاء الله في أحد اللقاءات إن سنح يكون هناك لقاء عن هذا الموضوع.
د. الشهري: أحسن الله لك د. مساعد. شكر الله لكم متابعتكم لنا خلال الساعة والنصف التي مضت سريعاً مع إخواني وزملائي د. مساعد بن سليمان الطيار أستاذ الدرسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية وأخي فضيلة الدكتور محمد بن عبدالله القحطاني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك خالد تحدثنا حول خارطة علوم القرآن وبعض المعالم الأساسية التي تعين على فهم علوم القرآن الكريم كمقدمة بإذن الله تعالى بين يدي حلقات هذا البرنامج الذي أرجو بإذن الله تعالى أن يكون نافعاً لنا جميعاً وأن يكون هذا الحوار بإذن الله تعالى يفتح لنا الكثير من القضايا المتعلقة بالقرآن الكريم والتي تعيننا جميعاً على فهمه أرجو بإذن الله تعالى أن تجدوا الحلقات القادمة ما يسرّكم ويمتعكم وأرجو أن تتواصلوا معنا عبر وسائل الاتصال وسوف نعلنها بإذن الله في الحلقات القادمة عبر حلقاته إن شاء الله. سيكون معنا بدءاً من الحلقة القادمة مسابقة في كل حلقة وسوف تكون جائزتها أكبر كتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن الكريم” أكرر شكري لكم كما أشكر ضيفي الكريمين الدكتور مساعد والدكتور محمد وشكر الله لكم وألقاكم عند الساعة العاشرة بإذن الله تعالى يوم السبت القادم بإذن الله تعالى وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
===============
روابط متعلقة بموضوع الحلقة:
تصنيف العلوم المتعلقة بعلوم للقرآن للدكتور مساعد الطيار
http://www.tafsir.net/vb/tafsir242/#post37527
وفي المشاركة على هذا الرابط يمكن تحميل عروض الأخ محمد بن جماعة والتي عرضها الدكتور الشهري خلال الحلقة وروابط تحميل العروض هي:
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir847d1180618740/
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir1008d1186677617/
سؤال للدكتور مساعد الطيار حول رسمه الشجري لأنواع علوم القرآن في كتاب الإتقان
http://www.tafsir.net/vb/tafsir19519/
تقسيمات علوم القرآن
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir4562d1322424860/
شجرة علوم القرآن
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir4563d1322424932/
تصنيف معهد الإمام الشاطبي لعلوم القرآن:
http://www.tafsir.net/vb/tafsir14541/#post74691
برنامج أضواء القرآن
قناة دليل الفضائية – الدورة البرامجية لعام 1433 هـ
الحلقة الأولى
السبت 1 محرم 1433هـ عند الساعة العاشرة مساء بتوقيت مكة المكرمة. وقت الحلقة: 10 – 11.30 مساء .
موضوع الحلقة: خارطة علوم القرآن ومفاتيح للتعامل مع علوم القرآن .
الضيوف:
1- د. مساعد بن سليمان الطيار – الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية.
2- د. محمد بن عبدالله القحطاني – الأستاذ المساعد بجامعة الملك خالد، والمستشار بملتقى أهل التفسير.
إعداد وتقديم: د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، ومدير عام مركز تفسير للدراسات القرآنية.
البرنامج برعاية مركز تفسير للدراسات القرآنية
*************************
د. الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين مرحبا بكم أيها ألإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان مع استهلالة هذا العام الهجري الجديد في أولى حلقات برنامجكم الجديد أضواء القرآن هذا البرنامج الذي يأتيكم في مثل هذا الوقت من كل أسبوع بإذن الله تعالى عند الساعة العاشرة مساء السبت بتوقيت مكة المكرمة على قناة دليل الفضائية أضواء القرآن برنامج بإذن الله تعالى سوف نخصصه للحديث عن علوم القرآن الكريم سوف نفتح بإذن الله تعالى في كل أسبوع ملفاً من ملفات علوم القرآن ونناقشه مع عدد من المتخصصين في علوم القرآن الكريم حتى نقرب هذه العلوم إلى عموم المشاهدين بإذن الله تعالى ولا سيما أن هذه العلوم المتعلقة بالقرآن الكريم تهم كل مسلم يقرأ القرآن الكريم ويرغب في فهمه وتلاوته على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك في هذا البرنامج الذي نرجوا أن يكون برنامجاً تفاعلياً بيننا وبينكم نستمع إلى أرائكم ومقترحاتكم وما الذي ترغبون أن يناقش في هذا البرنامج وقد جعلنا في هذه الحلقة الأولى من حلقات البرنامج حديثاً مفتوحاً حول خارطة علوم القرآن الكريم ومفاتيح للتعامل مع علوم القرآن الكريم. وباسمكم وفي إستهلالة هذا البرنامج المبارك أرحب باسمكم جميعاً بضيفيّ الكريمين في هذا اللقاء فضيلة الشيخ د. مساعد بن سليمان الطيار أستاذ الدرسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية كما أرحب بأخي الفاضل الدكتور محمد بن عبد الله القحطاني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك خالد حياكم الله جميعاً وأنتم أيها الإخوة المشاهدون حيّاكم الله معنا في هذا اللقاء. سوف يكون حديثاً مفتوحاً نستقبل فيه أسئلتكم بإذن الله ومقترحاتكم حول هذا البرنامج ونحن نستهدف في هذا البرنامج أيها الإخوة المشاهدين الطبقة المتوسطة من المشاهدين والمثقفين نظراً للحاجة الماسّة للتعرف على كثير من المباحث المتعلقة بالقرآن الكريم كنزول القرآن الكريم وطبيعة الوحي، كيف نزل القرآن الكريم على النبي صلى الله عليه وسلم؟ الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي والأحاديث النبوية، كيف حُفِظ القرآن الكريم وكيف جُمِع عبر التاريخ؟ ما هي الجهود التي بذلها العلماء وبذلتها الأمة في الحفاظ على هذا القرآن الكريم وصيانته من التحريف ومن الزيادة ومن النقصان؟ كيف طُبِع المصحف؟ كيف قُرئ المصحف؟ وكيف فُسِّر القرآن الكريم عبر التاريخ؟ وكثير من المباحث التي سوف تأتي بإذن الله تعالى في حلقات هذا البرنامج القادمة، بداية سوف نستقبل إتصالاتكم التي تظهر على الشاشة وعبر طرق التواصل الأخرى عن طريق التويتر وعن طريق الفيس بوك وموقع ملتقى أهل التفسير وهذه الحلقات سوف تنقل لكم مباشرةً عن طريق البث المباشر على قناة دليل عن طريق موقعها في الفيس بوك يمكن أن تبحث في الفيس بوك عن قناة دليل وتشاهدها مباشرة من الموقع الخاص بها وأيضاً تنقل مباشرة عن طريق ملتقى أهل التفسير الذي ينقل أيضاً هذه الحلقات.
نبدأ دكتور مساعد في هذا البرنامج وأنا أشكرك مرة أخرى على إستجابتك أن تكون ضيفاً أنت والدكتور محمد، نريد أن نبدأ في موضوع “المقصود بعلوم القرآن” يعني بعض الإخوة المشاهدين لا يتصور المقصود بعلوم القرآن ومسألة علوم القرآن هي مقرر من المقررات التي يدرسها المتخصصون في الكليات الشرعية مادة علوم القرآن لكن عامة المشاهدين ربما لا يعلم ما المقصود بعلوم القرآن، لعلنا نشير إلى هذا المفهوم ونتناقش فيه في بداية اللقاء.
د. مساعد. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يبارك لنا فيما سنبدأ به وأن يعينك على إتمام مسيرة هذا البرنامج بإذنه تعالى. موضوع علوم القرآن يمكن أن ننطلق من لفظة “عِلْم” ولفظة علم من حيث هي تتضمن أيّ معلومة من المعلومات تسميها علم، يعني نقول علمت مثلاً علمت أن الشمس تدور، هذا علم. فمجرد المعلومة يعتبر علماً ولكن هذه المعلومات لما بدأت تتكاثر وتنمو وبدأت أيضاً تأخذ أُطُراً معينة تحوّلت هذه المعلومات إلى أن تكون بطريقة خاصة وتسمى أيضاً علماً منظمة تنظيماً خاصاً. إذاً هناك مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً نسميها علماً مثلاً علم القراءات، علم التجويد، علم أصول الفقه، هذه العلوم صار لها مسائلها المعروفة المحصورة التي لا يدخل فيها غيرها وأيضاً لا يمكن أن يخرج منها ما هو فيها، ما يسمى بالحدّ المانع والجامع هذا بتقريب وإلا هناك تفصيلات أخرى فيما يتعلق بقضية العلوم. في علوم القرآن -وهذه فائدة مهم جداً أن ننتبه لها – سنجد أننا أحياناً نُدخِل المعلومة على أنها بمعنى العلم وأيضاً نُدخِل المسائل المضبوطة ضبطاً خاصاً على أنها بمعنى علم وهذه مسألة مهم جداً يجب أن ننتبه لها في حال الحديث عن علوم القرآن. فمثلاً علم الناسخ والمنسوخ لو رجعنا إلى الكتب سنجد بالفعل أن هذا العلم له مسائله المضبوطة ضبطاً خاصاً التي يمكن أن يُطلق عليها علم، لكن قصص القرآن نسميه علماً لأنه من معلومات القرآن لكن لو أردت أن تضع له مسائل مضبوطة ضبطاً خاصاً لا تكاد تجد فهو يدخل في هذا القسم أو في القسم الأول. وهذا في الحقيقة معرفته مهمة جدا ولهذا أنا أعجبني صنيع علمائنا المتقدمين كالسيوطي وكذلك صاحب البرهان الزركشي لما سموها بالأنواع يعني “أنواع علوم القرآن” فهو هذا النوع قد يكون علماً مضبوطاً ضبطاً خاصاً وقد يكون معلومة وإن إشتملت كتبهم على هذا وذاك.
د. الشهري: إذاً المقصود بعلوم القرآن أنت الأن ذكرت تعريف علمي لكن أنا من خلال ملاحظتي في كتب علوم القرآن – لعل الدكتور محمد يشاركنا في هذا عندما تتحدث ولعلنا نخصص حلقة بإذن الله من الحلقات عن كتب علوم القرآن وكيف التأليف فيها- لكن تعريف علوم القرآن كمصطلح كما يقولون في علوم المنطق يعني أن يكون له حد جامع مانع تلاحظ أن اللذين كتبوا في علوم القرآن مثل ابن الجوزي مثلاً في كتاب (فنون الأفنان) أو مثل الزركشي في كتاب (البرهان في علوم القرآن) أو السيوطي في (الإتقان) لا تجد لهم تعريفاً وإنما أوائل التعريفات تجدها للزرقاني مثلاً في كتابه (مناهل العرفان) و(مباحث في علوم القرآن) للشيخ مناع القطان من المعاصرين فما هو التعريف الاصطلاحي الذي تراه يا دكتور محمد لعلوم القرآن؟
د. القحطاني: الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد. أفرحنا هذا البرنامج الذي بدأ مع إطلالة هذا العام الجديد الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله عام خير وبركة على المسلمين في كل مكان ولا شك أن نصر الأمة وتمكينها وعزّها إنما يكون بتمسّكها بكتاب ربها جل وعلا. فلعل هذا البرنامج أن يكون له دور حاضر إن شاء الله عند كل من يشاهد وعند أيضاً عموم المسلمين بحيث يُرسِل إليهم رسالة مهمة وهي أن المسلمين لا بد أن يعودوا لهذا الكتاب العظيم حتى ينهلوا من معينه ويهتدوا به ويسعدوا في الدنيا والآخرة ويحصل لهم العز والتمكين. فأشكركم حقيقة على اختيار هذا البرنامج وعلى هذا الموضوع وخاصة وأن البرامج القرآنية خاصة المتعلقة بالمسائل الدقيقة أو المسائل المتعلقة بعلوم القرآن قليلة إذا ما قورنت بما يطرح في الساحة سواء الساحة العامة أو الساحة الإعلامية، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا البرنامج إنطلاقة خير وأضواء على اسمه يضيء للناس علوم هذا الكتاب العظيم. علم علوم القرآن كما أسلف فضيلة الدكتور مساعد وكما ذكرت علم كغيره من العلوم كثير من العلوم تبدأ بداية غير واضحة ثم مع تراكم المعلومات وتكاثرها وحاجة الناس إلى تمييزها يبدأ ما يسمى بالتعريف الذي يُقصَد به بيان حدّ العلم وما يدخل فيه وما لا يدخل. فالشيخ نبّه على مسألة العلم وعلوم القرآن جَمْع علم له تعاريف كثيرة يهمنا ما ذكره الشيخ أنها مسائل تُعلَم العلم ضد الجهل، علمت الشيء عرفته والعلم ضد الجهل العلم له مصطلحات وتعاريف كثيرة منها إدراك الشيء على حقيقته أو هو إدراك الشيء على ما هو عليه لا يهمنا الخوض في هذه التفاصيل لكن العلم المراد به هنا هو العلم في إصطلاح أهل التدوين وهو مجموعة المسائل التي تدخل تحت جهة واحدة كعلم اللغة، علم الفقه، علم الطب، علم الهندسة وغيرها من العلوم. فعلوم القرآن علمٌ له إطلاقان إطلاق بالمعنى اللغوي العامّ “علوم القرآن” وهذا يدخل فيه كل علم له تعلّق بالقرآن سواء كان مستمداً منه أو خادماً له أو له ارتباط به فكل العلوم تدخل في المعنى اللغوي العام ولعل هذا هو سبب أن كتب علوم القرآن متنوعة الموضوعات بعضهم يدخل فيها أشياء وبعضهم لا يدخل هذه الأشياء فيها خاصة في بداية التصنيف. لكن لما مالت العلوم وإتجهت إلى التحديد صار لعلوم القرآن معنى اصطلاحياً. ويقولون في تعريفه ولعل من أنسب التعاريف هو أنه علم يضم أبحاثاً كُليّة تتصل بالقرآن الكريم من نواحٍ شتى يصلُح كل علم منها أو كثير منها أن يكون علماً متميزاً مستقلاً. نقول علم يضم أبحاثاً كلية يضم الناسخ والمنسوخ، يضم أسباب النزول، يضم المكي والمدني، جمع القرآن وترتيبه وغير ذلك، إعجاز القرآن وهكذا. هذه الأبحاث تصلح أن تكون علوماً مستقلة وتحتها مسائل فهذا يمكن أن يقال في تعريف علوم القرآن وبعضهم يُحدِّد فيقول مثلاً علم يتعلق بمباحث تتعلق بالقرآن الكريم من جهة نزوله مكيه ومدنيه، جمعه وترتيبه، كتابته وقرآءته وتفسيره وإعجازه وناسخه ومنسوخه ونحو ذلك. فلعل التعريف الأول أقرب “علم يضم أبحاثاً كلية تتعلق بالقرآن الكريم من نواحٍ شتى يصلّح كلُّ علم منها أن يكون علماً متميزاً مستقلاً” هذا ما يمكن أن يقال في بيان هذا العلم من حيث التعريف.
د. الشهري: هناك وجهة نظر لعلنا نأتي إن شاء الله في الجزء الثاني إلى قضية تقسيمات علوم القرآن وتشجيره باعتبار أننا جعلنا عنوان هذه الحلقة “خارطة علوم القرآن الكريم” لأننا نريد أن نرتّب علوم القرآن ترتيباً منطقياً في بداية هذا اللقاء حتى يتصورها بعض الإخوة وطلبة العلم تصوراً صحيحاً فيمكن أن ننظر إلى علوم القرآن الكريم من أربع زوايا:
الزاوية الأولى: زاوية نزول القرآن الكريم وما يتعلق به بإعتبار أن نزول القرآن كان أول خطوة نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم فنتكلم عن الوحي عن نزول القرآن الكريم وأسباب النزول المكي والمدني وما يتعلق بالنزول. أول ما نزل وما نزل ليلاً وما نزل نهاراً وما نزل شتاءً إلى آخره كل ما له علاقة بالنزول يدخل تحت هذا المحور “محور نزول القرآن الكريم” وهو الخطوة الأولى.
ثم المحور الثاني: نتحدث عن حفظ القرآن الكريم وقراءته أو نقول علوم الأداء فنتحدث أول شيء عن كيف تلقاه النبي صلى الله عليه وسلم ثم كيف أقرأه للصحابة رضي الله عنهم ويتعلق بالقرآءة علم التجويد وعلم القرآءات وكل ما له صلة بقضية الأداء، الأصوات التجويد إلى آخره.
المحور الثالث: محور جمع القرآن وتوثيقه علم التدوين فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما نزل عليه وأقرأه للصحابة أمرهم بكتابته وهذه الخطوة الثالثة أو المرحلة الثالثة. فيأتي معك كتابة القرآن الكريم أولاً يدخل فيها هذا توثيقه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم توثيقه في عهد أبي بكر ثم توثيقه في عهد عثمان ثم نسخ المصاحف بعد ذلك ولما تطورت ضبط المصحف ورسم المصحف ثم جمعه صوتياً الآن في الأشرطة ثم جمعه فضائياً الآن على الإنترنت الكرتونياً يدخل كله في قضية توثيق القرآن الكريم. وهذه طيعاً ستمر بنا إن شاء الله في قضية الرد على الشبهات المتعلقة بجمع القرآن الكريم من يطعن في جمعه وأنه ناقص إلى آخره.
المحور الرابع: هو محور تفسير القرآن الكريم وفهمه وهو كيف فهمه النبي صلى الله عليه وسلم وقواعد التفسير وأصول التفسير وأسباب إختلاف المفسرين ويدخل فيها أحكام القرآن بإعتبار أنها تدخل في فهم القرآن الكريم ونُدخِل تحت أحكام القرآن قضية المحكم والمتشابه والمطلق والمقيد والإستنباط وما يتعلق به.
المحور الخامس: هذه أربعة محاور يأتي محور يمكن أن نجعله محوراً خامساً وهو محور خادم لهذه العلوم ويتكون من فرعين:
Ø الفرع الأول هو قضية مقدمات مهمة أسماء القرآن صفاته خصائصه حقوقه تدبره والإنتصار للقرآن الكريم وكشف الشبهات التي تثار حوله هذه علوم تخدمه أليس كذلك؟.
Ø ويأتي الفرع الثاني الذي هو لغة القرآن وأسلوبه. يدخل تحت لغة القرآن قضية غريب القرآن والوجوه والنظائر والمترادف والمعرب والمعاني إلى آخره ويدخل تحت تركيب القرآن الكريم بلاغته وأساليبه ويدخل تحتها قضايا كثيرة.
أنا لاحظت من خلال هذه الخريطة أنها يمكن أن تجمع لك كل علوم القرآن وترتبها لك ترتيباً منطقياً.
د. مساعد. هناك ملاحظة مهمة جداً بعض الإخوة لما يسمع مثل هذا، هذه التقسيمات كلها اجتهادية لكن أحب أن يلتفت خاصة طالب العلم إلى أن هذه التقسيمات فيها تداخل يعني التقسيم الذي ذكره أبو عبد الله قبل قليل مثلاً لما ذكر ضبط المصحف جعله تحت علم التدوين وله ارتباط بعلم التجويد لأن الضبط رُبِط بالتجويد مثلاً. فهذا التداخل حري بطالب العلم أن ينتبه له يعني العلاقات بين أنواع علوم القرآن وهذا مبحث مهم جداً.
د. القحطاني: يعني التقسيمات للتسهيل.
د. الشهري: ما أريد أن أقوله من هذا الكلام الذي ذكرته؟ أنك عندما ترتب علوم القرآن ترتيباً منطقياً تستخرج منها التعريف بدل أن نقول أنها مباحث تتعلق بالقرآن الكريم بحيث أن كل واحد منها يصلح علماً أنا أتصور من وجهة نظري يا دكتور محمد أن هذا التعريف لو أعطيته لأحد لا يعرف الضبط ولا يعرف شيئاً عن علوم القرآن ما يستطيع أن يضبط العلم. لكن لو قلت له هذا التعريف فقلت له علوم القرآن هو العلم الذي يبحث في نزول القرآن وقراءته وتوثيقه وتفسيره وما يتصل بذلك فتكون أنت تعرضت لهذه المحاور الأربعة الأساسية التي هي النزول وما يتعلق به والتدوين والفهم والقرآءة وما يخدم ذلك مثل قضية أسمائه وصفاته وضبطه وخصائصه الخادمة.
د. القحطاني: وعلى كل حال هذا يجرّنا إلى مسألة التعريف والحدود هي مسألة للضبط أما للبيان للناس فأحياناً غيرها أحسن منها في البيان: بالمثال، بالإشارة. فقضية التعريف هي مسألة يقصد بها التقريب وقد يكون هذا التقريب كتابي وعلمي أكثر من أن يكون إيضاحاً للناس.
د. الشهري: ولذلك هي ما ظهرت كما تفضلتم إلا مؤخراً عندما جاء الزرقاني وقال هي مباحث تتعلق بالقرآن الكريم كنزول القرآن والمكي والمدني والناسخ والمنسوخ. والفكرة في نهاية المطاف هو أن الذي يستمع إليك يعرف عن ماذا نتكلم. نقول نحن نتكلم أيها الإخوة عن علوم القرآن الكريم وهي علوم تفيد المشاهدين. يعني الآن عندما يتعلم المشاهد كيف نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وكيف تلقى الوحي وكيف كتبه الصحابة وكيف جمعوه وما هي الطرق التي بذلوها في جمعه وتوثيقه هذه قضايا يحتاجها كل مسلم لأن كثيراً من الشبهات الآن تثار لم تعد الشبهات تبقى في بطون الكتب حتى تقول والله يا إخوان لا تثيروا الشبهات، الشبهات الآن أصبحت تثار في الفضائيات وفي الانترنت وتثار في منابر عامة فلم يعد مناسباً الآن أن نترك الإجابة والتصدي لها وكشف الشبهة للناس.
د. مساعد. ولعل هذا يكون من البرنامج، هناك نظر آخر أبا عبد الله يثار كتبته في بعض كتبي وهي النظر إلى هذه العلوم من جهتين من جهة العلوم المختصة بالقرآن التي لا يمكن أن تدرس إلا من خلال علوم القرآن مثل عدّ آيات القرآن فهذا لا يمكن أن تأخذه من كتب الفقه أو تأخذه من علوم العربية أبداً، عدد السور، أسماء السور فهناك مجموعة من العلوم يمكن إذا نظرنا إليها نجد أنها مختصة بالقرآن إختصاصاً تاماً لا يمكن أن تُدرَس إلا من خلال هذه العلوم المرتبطة به المنبثقة منه. وهناك علوم دخلها الاشتراك مع غيرها بسبب تنوع العلوم وإن كانت هي في الحقيقة جزءاً خادماً لكن العلماء لما كتبوا أدخلوا هذه العلوم فإذا نظرنا إليها كنص تشريعي ستدخل معه السنة النبوية وسينشأ من النظر إلى السنة النبوية هي والقرآن على أنها نصوص تشريعية سيخرج منها ما يسمى علم الفقه الذي له أصول وهي أصول الفقه. وفي أصول الفقه كتب العلماء العام والخاص والمقيد إلى آخره ونجدها أيضاً في كتب المتأخرين ممن كتب في علوم القرآن. فهذا له سببه وهو قضية أنها ليست مختصة بهذا العلم دون ذاك بل هي أيضاً من علوم القرآن، ولعله يحصل لنا إن شاء الله .
د. الشهري: ولعل هذه الفكرة في ذهني يا دكتور أنني أستضيف في بعض الحلقات أستاذ متخصص في أصول الفقه وأستاذ متخصص في علوم القرآن بحيث أننا أيضاً ننظر كيف ينظر المتخصص في أصول الفقه إلى علوم القرآن كيف يبحثها وكيف يستفيد منها.
د. مساعد. والقسم الأخير النظر إلى القرآن على أنه نصٌّ عربي (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا (2) يوسف) فعموم علوم العربية الخادمة للقرآن هي جزء من علومه في النهاية ستدخل ومن أخصِّها مثلاً بيان المفردات، لغة القرآن، إعجاز القرآن، الإعراب هو ليس خاصاً بالقرآن بل هو مرتبط بالنص العربي من حيث هو عربي والقرآن نص عربي وستأتي هذه العلوم قطعاً فيه. إذاً هذه علوم مشتركة، والعلوم المشتركة هي التي قد تُحدِث اللبس عند من لا يعرف تداخل العلوم وليس تداخل الأنواع الآن وارتباط العلوم الإسلامية بعضها ببعض والتقسيم الذي حدث في المدارس الإسلامية علم الفقه، علم الحديث، علم، علم، إلى آخره أفاد في جانب ولكنه أيضاً قد يكون من كثرة ما دخل العالِم في التخصص لم ينتبه إلى هذا التداخل. مثلاً على سبيل المثال، أضرب مثالاً وأقف عنده في مثلاً عدّ آي القرآن هل له أثر في الفقه؟ نقول له أثر، (بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الفاتحة) آية البسملة في سورة الفاتحة هل البسملة آية في سورة الفاتحة أم ليست آية؟ إختلف أهل العدّ في ذلك، فمن يرى الجهر بالبسملة على أنها آية من الفاتحة سيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ومن يرى أنها ليست آية من الفاتحة سيرى عدم الجهر بالبسملة
د. القحطاني: ومرتبطة بصِحّة الصلاة
د. مساعد. فهي مرتبطة بقضايا كثيرة وهناك ترابط بين العلوم. ونتمنى أيضاً من طلاب الدراسات العليا لو انتبهوا إلى هذه المسائل التي فيها ترابط بين العلوم فيجمعونها، ما هي المسائل الفقهية التي يمكن أن تبنى على علوم القرآءة؟ لو واحد بحثها سيجد كمّاً من المعلومات يمكن أن تصبح قاعدة للبحث.
د. الشهري: وأيضاً هم يذكرون من الأفكار الجميلة في التجديد في العلوم هو أن تنقل بعض الأفكار من حقل إلى حقل يعني مثلاً بعض الأفكار الموجودة في حقل أصول الفقه عندما تنقلها إلى علوم القرآن تثري علوم القرآن، مسائل موجودة في النقد الأدبي تنقلها إلى التفسير فتجد ثراءً كثيراً ولذلك يقولون من الإبداع الذي جاء به عبد القاهر الجرجاني أنه جاء بالنحو وطبّقه في الأساليب فجاء بنظرية النظم وهي أن يكون نظم الكلام موافقاً للنحو، هذه هي نظرية النظم أليس كذلك؟ ثم إستخرج منها الأساليب البلاغية فجاء بشيءٍ رائعٍ جداً. هل لديك تعليق يا دكتور محمد على التعريف قبل أن ننتقل؟
د. القحطاني: إمتداداً لهذا الكلام المهم يمكن أن يقال أن العلوم الشرعية لا يمكن أن ينفك بعضها عن بعض ويمكن أن تمثل بأنها شجرة أصلها القرآن الكريم وما تفرّع عنه هو السُنّة لأن السُنّة -كما ذكر الشنقيطي رحمه الله- كلها بسُننها وكتبها تدّخل في قوله تعالى (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (7) الحشر) وفروعها وما يتفرع منها هي العلوم الأخرى فلا يمكن أن يبقى فرع وهو لا يعرف الفروع الأخرى ولا يرتبط بها وهذه الإشكالية التي يقع بها الخطأ في التصنيف كما سيمر بنا أن الكثير من الأخطاء في علوم القرآن أو في التفسير أو في العقيدة أو في أي علم إنما هي نتيجة للجهل بالعلوم الأخرى. يعني “الظلال في علوم القرآن” في بعض المباحث بسبب الخطأ في فهم أصول العقيدة. هناك بعض أقوال باطلة في علوم القرآن بسبب أحاديث ضعيفة وأذكر أن أحد الإخوة قبل يومين أرسل رسالة يقول لي موضوعاً في الفقه في رسالة ماجستير “المسائل الفقهية التي بنيت على الأحاديث الضعيفة”، وأحياناً عندنا مسائل في علوم القرآن مبنية على أحاديث ضعيفة، الشاهد من هذا الكلام كله ولعله يفيد الإخوة الذين يتابعوننا.
د. الشهري: ومن أهدافنا في هذا البرنامج قضية إفادة الباحثين يعني نحن نتوقع أنه سيستفيد الباحثون مما يلقى في هذا البرنامج لأننا سندخل في بعض العلوم.
د. القحطاني: لا يليق بمتخصص في علم أن يجهل أساسيات العلوم الأخرى أو أن يستخف بالعلوم الأخرى فيقول ما الحاجة إليه وما الضرورة إليه (بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ(39) يونس). فأحياناً جهلنا ببعض العلوم يوقع الناس في مصائب بل إنه يا دكتور عبد الرحمن عموم الناس بل المثقفين يجهل بعض القضايا فتورث عنده إشكالات.
د. الشهري: نعم، أنا قلت إن حاجة الناس إلى تقريب مسائل علوم القرآن كنت إلتقيت بمذيع مشهور وكنت حدثتك بذلك دكتور مساعد من قبل فقال أنا عندي شُبهة في القرآن فقلت ما هي؟ فقال الله سبحانه وتعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ (43) النساء) هذا معناها أنه يجوز لي أن أشرب الخمر لكن لا أدخل في الصلاة وأنا سكران قال هل هذا فهمي صحيح؟ فقلت صحيح في هذه الآية، فقال هذا معناه أن الخمر يجوز أن تشربه، فقلت له لا، هناك إشكال عندك في كيفية التعامل مع القرآن، فقال كيف؟ فقلت في نزول الآيات التي حرم الله فيها الخمر تدرّجت في النزول فكان هناك آية في سورة النحل فيها نوع من الامتنان يقول فيها الله سبحانه وتعالى (وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا (67) النحل) فالله سبحانه وتعالى وصف الرزق بأنه حَسَن وسكت عن السكر الذي يؤخذ من النخيل والأعناب، سكت عنه فالعقلاء فهموا منه أنه ما دام قد سكت
د. القحطاني: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل) تتمة الآية
د. الشهري: قال ثم ماذا؟ قلت ثم جاءت آية في سورة البقرة (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا (219) البقرة) فقال لكنه لم يحرّمها! فلت له صحيح ولكنه قال (وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا) فالعاقل يتجه إلى ما فيه نفع، قال ولكن ليس هناك وضوح في التحريم، قلت صحيح قلت ثم جاءت الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ (43) النساء) فقلّلت أوقات السكر ثم جاءت الآية التي حرّمت الخمر في سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) المائدة) فقال صحيح، فقلت له لاحظ أنت الآن لو تتبعت نزول القرآن تجد أن الآية الأخيرة التي نزلت في سورة المائدة هي التي حرّمت. الخمر
د. القحطاني: وهي آخر الآيات في النزول.
د. الشهري: والآيات التي في سورة المائدة معظمها ناسخ معظمها مُحكَم، فقال لي والله أنتم عليكم إثم كبير، فقلت له لماذا؟ فقال لماذا لا توضحون هذا للناس في الإعلام أنا أول مرة أسمع بالنسخ في القرآن الكريم مع أنها مسألة منطقية جداً وتدل على رحمة الله وتدرّجه بنا، فقلت هي هذه الفكرة فعلاً. مع أنه رجل مثقف فنحن بحاجة ماسة أن نقرّب هذه العلوم التي نرى فعلاً أننا ربما لأننا متخصصين نتعامل معها مع طلابنا وفي الجامعة لكن الناس في بيوتهم بحاجة ماسة أن نقرّب لهم المسألة حتى أنني قربت له مسألة النسخ بطريقة لطيفة فقلت هي أشبه ما تكون بقرارات إدارية قرار إداري مثلاً صدر أنه يبدأ البث الساعة الثامنة ثم بعد شهرين صدر قرار يقول يبدأ البث الساعة السابعة هل فيها مشكلة؟ قال لا، ليس فيها مشكلة تغيّرت المصلحة كنا فيفصل الشتاء الوقت كان مناسب ثم في فصل الربيع تغير، قلت فكرة النسخ كهذه الله سبحانه وتعالى تدرج بنا ولطف بنا فناسبنا في هذه الحال أشياء ما ناسبتنا في أحوال أخرى وهكذا فهذه مسألة النسخ وهي من مسائل علوم القرآن وأعتقد أن كثيراً من قضايا نزول القرآن وكتابة القرآن في حاجة إلى مثل هذا.
لدينا موضوع يا دكتور محمد نريد أن نبينه للمشاهدين وهو معالم أساسية في التعامل مع القرآن الكريم، القرآن الكريم كلنا نقرأه ولله الحمد والناس يقرأونه صباح مساء ويتلونه آناء الليل وأطراف النهار ولله الحمد، لكن هناك قضايا أساسية ربما الإنسان يقرأ القرآن الكريم كثيراً ولكنه يغفل عنها. ربما مثلاً بعضهم يرى كتابة آية غريبة مكتوبة بطريقة غريبة مثل (لأاذبحنه) مثلاً فيستغرب ويقول كتابتها غريبة يقول ما فكرت أن أبحث وأسأل، نحن نريد في مثل هذا البرنامج أن نجيب على مثل هذا القضايا من أسئلة القرآن، المعالِم الأساسية لو تعطينا المعلَم الأول يا دكتور محمد من المعالم الأساسية قبل أن نأخذ إتصالاً هاتفياً.
د. القحطاني: أخشى أن يكون بعض الإخوة الذين يتابعوننا يقولون يبدو أن هذا البرنامج لا مجال لي فيه لأن فيه مسائل علمية دقيقة فنريد أن نبين لهم بأن علوم القرآن لا بد من تحقيقها بل إن عدم العلم بكثير من مسائله ينشأ عنها أخطاء كبيرة وفهوم قد يُبنى عليها مصائب وإنما نشأ الضلال في الأمة بسبب الفهوم الخاطئة ونشأت الفهوم الخاطئة هذه بسبب عدم العلم بأصول هذه القواعد والركائز المهمة.
د. الشهري أستأذنك يا دكتور محمد قبل أن نبدأ في المَعْلَم الأول نأخذ إتصال من الدكتور حازم سعيد حيدر الباحث في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف. حياكم الله دكتور حازم نحن في هذه الحلقة الأولى من برنامج أضواء القرآن وهو برنامج يختص في الحديث عن علوم القرآن وقضاياه بصفتك يا دكتور حازم من المتخصصين في هذا العلم نريد أن نستمع إلى رأيك وماذا تراه في توجّه هذا البرنامج وماذا توصي به في حدود ثلاث أربع دقائق لو تكرّمت.
د. حيدر: بسم الله الرحمن ارحيم أحييك أخي الدكتور عبد الرحمن وضيفيك الكريمين الدكتور مساعد والدكتور محمد ولا شك أن هذا البرنامج من يوم أن سمي “أضواء القرآن” فلعله يتصف بهذه التسمية بالشمول والإحاطة ويقتبس من أنوار هذا الكتاب العزيز كما قال الشاعر:
كالبـدر من أين إلتـفت وجدتـه يهدي لعينيـك نوراً ثاقـباً
كالشمس في كبد السماء وضوؤها يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا
ولعله في هذه التسمية فيه تشبه بالموسوعة التفسيرية الفذة من حيث التفرد بالعنوان التي ألفها الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى التي وظّف فيها علومه لإيضاح القرآن وبيانه من خلال منهج أصيل. لا شك أخي الكريم أن تقريب علوم القرآن من أجَلّ القرب التي يُتقرَّب بها إلى الله سبحانه وتعالى وفي هذا التقريب تمسيك لعموم الناس بهذا الكتاب المبارك وردٌ لهذه الأمة إلى خيريتها الأولى التي حثّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (خيركم من تعلّم القرآن وعلمه) فهذه الخيرية لها جناحان: جناح من المُتلَقي وجناح من المعلِّم فالبداءة بعلوم القرآن التي نحتاج إليها معظمنا كشرح معانيه ومعرفة غريبه ومعرفة فضائل القرآن وأسباب النزول وأحكام التلاوة ومعرفة الوحي وحيثيات النزول وما شابه من هذه العلوم التي تمسّ حاجة عموم الناس إليها بلا شك أن هذا الأمر فيه عزُّ الأمة وفَخَارُها فالقرآن الكريم كما وصفه الله سبحانه وتعالى (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) الأنبياء) فكما أن القرآن من جانب فيه موعظة وشفاء لما في صدور المؤمنين وهو هدى ورحمة لهم هو في الجانب الآخر عِزّ وشرف وكمال للمسلمين. فلا شك أن المسلك هذا مسلك عظيم وأنا أشد يدي إلى أيديكم وأدعو إخواني المتخصصين من المشايخ وإخواننا الفضلاء المتخصصين في علوم القرآن والتفسير وعلوم القرآءة إلى مد يد المؤازرة والمعاضضة لكم وأدعو لكم بالعون والتسديد على ما نويتموه وقصدتموه كما أرجو لكم التوفيق في حسن اختيار الموضوعات الأوْلى فالأوْلى أو ما تمس حاجة الناس إليه. ولعلي أتمثل في هذا الموقف ما تمناه أحد العلماء في القرن الرابع وهو موسى بن عبيد الله الخاقاني رحمه الله أنه تمنى أن يمزج علومه في شربة ماء في كأس فيه ماء فيمزج علومه بهذه الشربة ثم يقدمها للناس خفيفة سهلة المنال فقد قال
ففي شربة لو كان علمي سقيتكم ولم أخفي عنكم ذاك العلم بالذُخر
فهذه أهم المعالم التي أردت أن أشارك بها في هذا البرنامج.
د. الشهري: فتح الله عليك دكتور حازم، هذه ذكرتني قصة موسى بالإمام الشافعي عندما قال يا ربيع (وددت لو أن العلم يسقى لسقيتك) أو شيء من هذا. لعلنا نأخذ منك وعداً بإذن الله تعالى بالمشاركة في هذا البرنامج وأنت متخصص وباحث في علوم القرآن، باسمكم جميعاً أيها المشاهدون نشكر الدكتور حازم سعيد حيدر الباحث في مجمع الملك فهد على ما تفضل به وإن شاء الله اللقاءات القادمة تكون حافلة بلقاءات معه ومع أمثاله من الزملاء المتخصصين في علوم القرآن شكراً جزيلاً دكتور حازم. نعود دكتور محمد إلى المعالم الأساسية لعلوم القرآن أنت تقدمت بمَعْلَم الدكتور محمد لديه عدة معالم أردنا أن نقدم بها أيضاً ونناقشها مع بعضنا معالم أساسية في التعامل مع علوم القرآن الكريم نحن الآن قلنا سنناقش مباحث في علوم القرآن سنتوقف مع نزوله مع الوحي، مع جمعه، إلى آخره لكن هناك معالم أيضاً مأخوذة من القرآن نفسه كيف يتعامل المسلم مع القرآن من خلاله؟ فلعلنا نبدأ يا دكتور محمد بالمعلم الأول سريعا حتى نتناقش فيها.
د. القحطاني: على كل حال لما تتأمل في هذه الموضوعات لا بد أن تربطها بأصلها حتى لا تنقطع وهذا أمر مهم في كل العلوم الشرعية حتى يحصل الإنتفاع لأن العلم النافع هو ما إرتبط بأصله ونفع صاحبه فأنطلق من تعليق الشيخ الكريم الفاضل الدكتور حازم وفقه الله. من أعظم المعالم ما استُمِدّ من الوحي قرآناً وسنة فكنت جعلت من المعالم:
(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) كثيراً ما نسمع هذا الحديث العظيم الذي في صحيح البخاري وفي رواية (إن أفضلكم من تعلّم القرآن وعلّمه) الذي في حديث عثمان رضي الله عنه الذي رواه عنه أبو عبد الرحمن السلمي وكلاهما قرآني بإتقان. كثيراً ما نسمع الاستشهاد بهذا الحديث في مقام تعليم القرآن في حلقات ما يسمى بتحفيظ القرآن. وأول ما يتبادر إلى ذهن أكثر الناس هو التعلُّم المتعلِّق بالألفاظ كيف يقرأ قراءة صحيحة يتعلّم ويعلِّم وهذا صحيح لا شك في هذا ولكن الأهم من ذلك هو تعلّم المعاني وقد قرّر المحققون من العلماء كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وتلميذه ابن القيم وغيرهم أن تعلّم معاني القرآن وتعليمها أعظم وأجلّ من تعلّم ألفاظ القرآن وتعليمها لأن تعلم الألفاظ وسيلة وتعلم المعاني غاية والفضل بينها كالفضل بين الغاية والوسيلة. فممن يدخل دخولاً أولياً في قول النبي عليه الصلاة والسلام (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) الذين يعلِّمون الناس معاني القرآن ويتعلَّمونها فلا ينبغي أن يزهد في هذا العلم أحد خاصة في هذه التزكية النبوية (خيركم) ومَنْ مِنَ العقلاء لا يحرص أن يكون خير الناس ف(خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ولا شك أن من أعظم ما يعين على فهم المعاني ما يتعلق بعلوم القرآن ويعين أيضاً على تعلم الألفاظ.
د. الشهري: ولا سيما أيضاً هذه فائدة مهمة أن قضية علوم القرآن التي سنتحدث عنها هي يستفيد منها المفسرون في تفسيرهم للقرآن الكريم يعتمدون على هذه الأدوات والعلوم.
د. القحطاني: والقُرّاء في علوم الأداء.
د. مساعد. والملحظ الذي ذكره الدكتور من أول من لفت إليها شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه علّق على (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) بالفعل من كثرة ما يستخدم هذا الحديث في حلقات التحفيظ صار عندنا نوع من الإنغلاق في الذهن على أن هذا المراد دون غيره وإلا قوله (خيركم من تعلم القرآن) مفتوحة ومطلقة ولهذا دعا لابن عباس فقال (اللهم فقّهه في الدين وعلّمه الكتاب) في رواية البخاري وقوله (علِّمه الكتاب) مثل (تعلّم القرآن) تشمل جميع علوم القرآن.
د. القحطاني: وحتى في مقام ربط الناس بالقرآن وتجيشهم للإهتمام به كنت أستمع إلى أحد المتحدثين في مقام افتتاح حلقة من حلقات أو جمعية من الجميعات فإذا كان الذي يتعلَّم له خيرية والذي يعلِّم له خيرية ويجمع الخيريتين الذي ينفق، ثقافة فهم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) يعني لو جئت إلى أحد المنفقين فقلت له عندنا حلقة يتعلّم فيها الناس أو الصبيان القرآن وتحتاج دعم ما يتردد في دعمك ولكن لو قلت عندنا برامج في تعليم علوم القرآن والتفسير قال ما الفائدة منها؟! حتى أني كنت مع أحد التجار أبدى الرغبة في الدعم فلما عرضت فكرة البحوث القرآنية والجمعيات قائمة بدور عظيم ونسأل الله لهم التوفيق ولكن هناك جوانب أخرى أحجم وقال أنا أريد شيئاً آخر يعني هذا نتيجة خلل في فهم مثل هذه الأمور.
د. الشهري: قضية مفهوم (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) مع سعته
د. القحطاني: بل إن الحديث في الخوارج (يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم) لماذا؟ لأنهم لا يفهمون معانيه، فينبغي أن نجمع في ثقافتنا في القرآن حتى أيضاً مسألة تحفيظ القرآن أتمنى أن يكون تعليم القرآن وليس فقط تحفيظ القرآن حتى يكون هناك جمع للأمرين فيهتدي الناس بالقرآن.
د. الشهري: إذن هذا المعلم الأول (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، المعلم الثاني؟
د. القحطاني: أنا حاولت أن أصيغ المعالم في قواعد أو كلمات وجيزات القرآن هداية للإنسان، كتاب القرآن هداية للناس، جمعت هذه العبارة بين مضمون القرآن ومقصوده فموضوع القرآن هو الإنسان
د. الشهري: وهناك ملحوظة يا دكتور في قضية (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) هذه في الحقيقة المعلَم يدخل فيه علوم القرآن كلها يدخل تحتها تعلم أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والتفسير والتجويد والقراءات
د. القحطاني: لأنها تصب في النهاية في مصب واحد وهو القرأن وهذا سيأتي معنا وقد نخرج بعض الأشياء التي لا فائدة منها.
د. الشهري: قد يقول ما معني معلَم؟ وما الذي أدخله في علوم القرآن؟ فنقول هذا المعلم يدخل تحته كل علوم القرآن، الثانية قلت لي القرآن هداية للإنسان
د. القحطاني: يعني حتى نرجع لماذا نقرأ علوم القرآن؟ حتى نهتدي بالقرآن، الإهتداء بالقرآن لا يتم إلا بفهمه وهذا المعلم الثاني وهي معالم مرتبطة لا يهتدي الإنسان بالقرآن حتى يؤمن به ويتلوه. فالإيمان به بأنه كلام الله، طبعاً المعلم الثاني “القرآن هداية للإنسان” ينبغي أن لا يغيب هذا المعلم عنا في تعاملنا مع القرآن فأيّ شيء لا يوصلك إلى الإهتداء بالقرآن فلا تشتغل به كثيراً.
د. الشهري: لا تعطه أولوية
د. القحطاني: فإن هذا القرآن يهدي، يهدي من؟ الإنسان لذلك لما تكلم العلماء عن موضوع القرآن قالوا للإنسان جاء لبناء هذا الإنسان وتهذيبه وصناعته من أن لا يكون شيئاً إلى أن يكون.
د. الشهري: ولذلك جعلنا هذه الآية مقدمة للبرنامج (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء).
د. القحطاني: فموضوع القرآن وهدف القرآن ينبغي أن تكون في ذهن كل متعلم للقرآن هدفه هداية الإنسان، موضوعه هذا الإنسان، لم ينزل لغرض أخر إلا لهداية الإنسان لا يهتدي الإنسان بالقرآن حتى يؤمن به ويتلوه على الإجمال يؤمن به بأنه كلام الله سبحانه وتعالى وأن كل ما فيه حقّ وعدل (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً (116) الأنعام) وأنت لو لاحظت هذا المعلم وأنت من العارفين بعلوم القرآن ستلاخظ أنه سيدخل كثير من الأشياء في علوم القرآن أنه يدخل كثير من الأشياء في علوم القرآن في هذه القضية تؤمن به، ما هو القرآن؟ كلام الله المنزّل على محمد صلى الله عليه وسلم هذا التعريف يعطي مهابة وإهتمام بأنه كلام الله وكفى. إعجاز القرآن لما يتكلمون عن وجوه إعجاز القرآن سيأتي وجه الإعجاز الأعظم أنه كلام الله، يكفي. والله ليس كمثله شيء فكلامه ليس كمثله كلام يؤمن به وأن ما يتضمنه حق (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً (116) الأنعام) كيف تتعامل مع القرآن؟ القصص في القرآن لما تتعامل مع القصص بهذا المنطق كل ما في القرآن فهو حق لا مجال للخيال ولا مجال للكذب في كلام الله تعالى وأحكامه كلها عدل في أحكام القرآن أنها كلها عدل.
د. الشهري: ندخل في قصص القرآن والخيال يا دكتور في التفسير الأدبي عندما تحدث كثير من الكتب الآن في التفسير الأدبي وقالوا أن القرآن الكريم في قصصه ليس بالضرورة أنه يكون واقعاً وإنما هي خيال، هذه مصيبة كبيرةّّ هذا المعلَم أن الإنسان عندما يعرف أن كل ما في القرآن حقّ ما فيه من قصص وتاريخ فإنه حق واقع، فهذا أيضاً معلم ممتاز جداً.
د. القحطاني: وأيضاً له أي صلة بما يتعلق بدفع نُظُم التعارض إذا وجدت شيئاً يوهِم بالتعارض فلا بد أن تنطلق من هذه القضية أنه حق لكن هناك إشكال في الفهم أو إشكال في المعنى وأيضاً عدل يتعلق بما يتضمنه وما يتعلق به من أوامر ونواهي وهي أنها كلها تصب في مصلحة البشر. (ويتلوه) يتلوه يتعلق بالعمل (يؤمن) إعتقاد (يتلوه) عمل
د.الشهري: تقصد هنا الإتباع
د. القحطاني: التلاوة أولاً قراءة ثم تدبر ثم عمل (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ (121) البقرة) إن الذين يتلون كتاب الله لا ينبغي أن تُقصَر على القراءة بل إن المعنى اللغوي لا يصح هنا إلا إذا عُدِيَ بـ(على) فإن يعني القراءة فقط، فإنه لا بد أن يقرأه ولا بد أن يتدبره ولابد أن يعمل به لا يمكن أن تتم هذه الأمور العملية الثلاثة إلا بإرتباط وثيق وفهم مسائل علوم القرآن كيف يعمل به إذا لم يعرف الناسخ والمنسوخ (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) النساء) هذه آية نقرأها غير مطبقة لأنه لا يدري خلفية الآية. بعض القضايا التي تتعلق بالعمل تحتاج إلى تدبر، تدبر العمل كلها لها إرتباط بهذه المسائل التي تُبحث في علوم القرآن ومن مباحث علوم القرآن تعلم التفسير وكيفية التفسير. فهذا معلَم مهم من معالم علوم القرآن ولعلنا إن أردتم التوقف للتعليق.
د. الشهري: ما تعليقكم دكتور مساعد على هذه المعالِم التي ذكرها الدكتور محمد؟
د. مساعد. طبعاً ما شاء الله أعجبني أنها منبثقة من القرآن، هي معالم منبثقة من القرآن ولكن لعلي فقط أضيف تعليق إضافة في قضية كون القرآن هداية ونحن مع الأسف نغفل عن هذا كثيراً ونرى حال سأقول بعضنا ممن منّ الله عليه بأن صار في تخصص
د. الشهري: يتعامل مع هذه العلوم بكثرة
د. مساعد. ما هو أثر القرآن عليك؟ وهذه هي بالفعل الغاية الكبرى التي ذكرها الدكتور محمد (إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) الإسراء) الهداية التي حصلت لك بالقرآن، ولهذا نحن قد نكون شُطّاراً في التقسيم والتنويع وفي فكّ المسائل وفي تفتيق المسائل وفي النقاش وفي الجدل شُطّار في هذا وعندنا قدرة، لكن أين العمل؟ أين الذي قالت عائشة رضي الله عنها لما سُئلت عن خُلُق الرسول صلى الله عليه وسلم قالت كان خُلُقه القرآن؟ هذا الحقيقة تكِعّ عنده كثير من النفوس، فأنا أقول من المهم جداً -وأنا لاحظت ولنكن صرحاء- لاحظت في كثير مما نشاهده في المؤتمرات وغيرها العناية بالصلاة العناية بالخُلُق لكن هناك أشياء دعا إليها القرآن ونحن نخالفها
د. القحطاني: جوهر القرآن
د. مساعد. هذا لا شك أنه مهم جداً أن من أراد أن يصل إلى الهداية الحقّة ليست في القضايا الذهنية وإنما في القضايا التطبيقية العملية
د. الشهري: الاستجابة
د. مساعد. الإستجابة ولهذا العلم قد يؤتاه الفاسق (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا (175) الأعراف) نسبه إلى أهل العلم لكنه انسلخ منها لا يطبِّقها فالمعلومة كمعلومة ليس لها أثر حيّ إذا لم نطبقها
د. الشهري: أستأذنكم في فاصل قصير ثم نعود لإكمال حوارنا فانتظرونا
———-فاصل———-
د. الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام في برنامجكم “أضواء القرآن” ولا زال حديثنا متصلاً مع ضيوفنا الكرام د. مساعد الطيار أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية وفضيلة الدكتور محمد بن عبدالله القحطاني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك خالد حول معالم أساسية في التعامل مع علوم القرآن الكريم وكنا قبل الفاصل أخذنا ثلاثة معالم من المعالم ولعلنا نُكمِلها مع الدكتور محمد
د. القحطاني: من المعالم المهمة جداً في هذا العلم أن يُبنى على أصول العلم التي هي القرآن والسُنّة والإجماع بمعنى أن نبحث منطلقين من هذه الأصول الأساسية حتى لا نشطح أو نقع في الخطأ فيؤخَذ من هذا المعلم لا بد من بناء هذا العلم على ما دلّت عليه أصول العلم وهي الكتاب والسنة والإجماع. أهمية العناية بتلك الأصول أولاً
د. الشهري: لعل معنى كلامك – بالمثال يتضح المقال- علوم القرآن نفسها كثيرٌ منها مستمد من القرآن نفسه مثل نزول القرآن (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ (185) البقرة) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) القدر) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ (3) الدخان) تجمعها من القرآن نفسه تجد أن أصولها فيه.
د. القحطاني: فلا بد من العناية بتلك الأصول، تستغرب أحياناً تجد متخصصاً في قسم القرآن وهو ليس بحافظ للقرآن وهذا من العجائب في هذا الزمن! أو ليس له إلمام بالقرآن وهذا شيء غريب! قد يُتَساهل في علم آخر مع أنه ينبغي لكن متخصص في علم القرآن! وأنا في الحقيقة أقول بأنه ينبغي في الأقسام العلمية أن تنتبه لهذه القضية اهتماماً تجعله ضابطاً لا ينخرِم شرط فيمن يُقبل خاصة في الدراسات القرآنية أن يكون حافظاً للقرآن وهناك الحمد لله الكثير من الحفّاظ وقد يميَّز الحافظ به لأن القرآن يعينه، هناك أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن من المعالم البارزة فيه أن القرآن بين عيني المؤلف يُفتَح عليه فتوحات عجيبة لا تجدها في مصنّف! أصول العلم السُنّة بعضهم يبحث في هذه العلوم وقد لا يميّز بين الأحاديث التي تثبت ولا تثبت وهذا خلل فلا بد أن ننطلق. الإجماع، قد يُخرق الإجماع في مسائل معينة بما دلّت أو بمسألة من المسائل فينبغي أن ننطلق من هذه الأصول فيكون عندنا قاعدة قوية نضبط بها هذا العلم. أهمية التأصيل
د. مساعد. إذا تكرمت دكتور محمد من ناحية العلوم التي ذكرتها الكتاب والسنّة والإجماع علوم القرآن أنا في نظري – هو نظر آخر لا أدري إن كان سيتداخل مع ما تقول أو يكون فيه- أن علوم القرآن حقيقة تنقسم إلى قسمين علوم نقلية وعلوم عقلية مبناها على الرأي من الأصل مثل إعجاز القرآن صحيح الآيات دلّت على التحدي ما نختلف عليه لكن كيف نُظهر التحدي؟ كيف نبرز أن هذه الآية فيها إعجاز؟ كيف؟ كيف؟ هذا مبحث عقلي فما أدري ما رأيك مع ما ذكرتم؟
د. القحطاني: لا شك هو أصلاً مما دلّ عليه القرآن نفسه هذا المعلم، لو انطلقنا من القرآن لوجدنا أن الله تعالى يقول (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44) النحل) التفكر الصحيح المبني على أصول العلم يضبط لأنه حتى الإعجاز -ولعل الشيخ إمام في هذا الباب وفقه الله- كثير من الأخطاء التي تقع في الحديث عن الإعجاز بسبب خلل في معرفة الأصول حتى تجلس مع كبار من يتحدث في الإعجاز يذكر أحاديث ضعيفة موضوعة تقول له هذا حديث موضوع يقول هذه أول مرة أعلم
د. مساعد. أيضاً يُستدلّ للفكرة التي ذكرتها قبل قليل في قوله سبحانه وتعالى (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا (82) النساء) فردّهم إلى تدبرهم هم والتدبر إنما هو بالرأي، بالعقل
د. الشهري: وأيضاً من ثمار كلام الدكتور محمد في قضية أنه لا بد أن يبنى على العلم -علوم القرآن – على أصول العلم القرآن والسنة استحضار على سبيل المثال كنت أحضر أحد اللقاءات العلمية في مؤتمر فسمعت أحدهم يرد حديثاً صحيحاً في البخاري ومسلم ويقول هذا الحديث فيه نظر يخالف آية في جمع القرآن على سبيل المثال ورد حديث في صحيح البخاري كيف نزل الوحي، فقلت له معذرة هذا الحديث صحيح في صحيح البخاري ومسلم قال كيف؟ قلت صحيح في صحيح البخاري ومسلم، قال وإن كان في البخاري ومسلم؟! قلت هذه مشكلة أنت الآن عندك أصل من الأضول مضروب أنت لا تعرف ما معنى حديث صحيح. فهذا المعلم الذي ذكرته يضبط مثل هذه الأخطاء الفادحة التي تقع.
د. مساعد. أنا قصدي ألا يمكن أن ندخل الرأي الصحيح؟
د. القحطاني: هو الرأي الصحيح القائم على تفكير سليم ولا يتعارض مع نصٍّ صريح فهذا حتى العقل ينبغي أن يكون مستحضراً للنصوص حتى لا يشطح. الأقوال المخالفة للأصول يعني كثير من مسائل أو تفريعات علوم القرآن يجد أنها مبنية على آراء واجتهادات علماء
د. الشهري: مثل ماذا؟
د. القحطاني: مثل فهوم خاطئة أحياناً لنصوص مثلاً لعله يأتي في نزول القرآن يتكلمون عن أنواع التنزلات يقولون أولاً التنزّل إلى اللوح المحفوظ ومذكور، هو موجود
د. الشهري: يعتبرونه نوعاً من النزول وهو ليس كذلك
د. القحطاني: قولهم نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل من بيت العزّة، ليس هناك دليل. بالعكس ابن عباس قال قولاً – لعله يأتي في حلقة قادمة- لكن واحد من المصنِّفين فهم أن ابن عباس يعني أن النزول الأول إلى السماء الدنيا هذا ليس فيه إشكال دلّ عليه أثر ابن عباس ولا مجال للرأي فيه. ثم نزل على محمد صلى الله عليه وسلم مفرّقاً، فقال (ثمّ) للتراخي إذن نزل من السماء الدنيا فأهادتهم في إثبات نفي الكلام وبنوا عليها وهذا لا شك نتيجة لعدم، أين (تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) فصّلت)؟ (تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (2) السجدة)؟ يعني نزول من الله مباشرة واضح ما يحتاج أن نعتمد على بعض الأشياء فلما نعود إلى الأصول تضبط لنا الكثير من المسائل. فحريّ خاصة الإخوة الباحثين أنا أتمنى – وهي فكرة- على هيئة كتاب التوحيد، كتاب التوحيد كله أدلّة وفيها مسائل أريد تأصيل علوم القرآن أدلة من الكتاب والسُنّة فيها مسائل، دلّت هذه الاية على كذا في علوم القرآن، دلّ هذا الحديث على كذا في علوم القرآن وهذه مادة ثرية جداً في علوم القرآن
د. الشهري: وهناك بحوث تخدم هذا لعلنا إن شاء الله نتناولها في بعض الحلقات إن شاء الله
د. القحطاني هذا معلَم مهم جداً أتصور أنه لا بد من العناية به وإذا عندكم إضافة أو شيء
د. الشهري: هل عندك تعليق على هذا المعلم دكتور؟
د. مساعد. لا، المَعْلَم واضح والأمثلة موجودة
د. الشهري: دكتور محمد يرى أنه لا بد من بنائها على أصول العلم القرآن والسنة لكن ليست مقصوراً عليها هناك بعض العلوم يدخل فيها مجال العقل والاجتهاد ولكن يبقى الأصل الذي يدور حوله لأن البعض يهمل الحديث تماماً وإذا ناقشته لا يزيد إلا إعراضاً، لا، لا بد أن تبقى هذه الأصول معتبرة.
د. القحطاني: ولذلك في المعلَم الخامس -هذا استقيته من عبارة الإمام عبد البرّ وقد أعجبتني وهو يعلّق على حديث النبي صلى الله عليه وسلم (مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل فإن تعاهدها أمسكها وإن أطلقها ذهبت) علّق عليه بكلمة جميلة، قال: “خير العلوم ما ضُبِطَ أصله واستُذكِر فرعه وقاد إلى الله تعالى ودلّ على ما يرضاه” يعني لما يضبط الأصل. نحن في علوم القرآن يمكن أن يقال بأنها خير العلوم علوم القرآن أن يُضبط أصله -أصل علوم القرآن هو القرآن وينبثق عنه السُنّة- فلا بد أن يُضبَط حفظاً، إتقاناً، فهماً. الأمر الثاني أن يستذكر فرعه وفروعه هي مسائله التي اشتمل عليها لا بد أن تستذكرها وتعرفها وتتقنها. الأمر الثالث أن يقود إلى الله تعالى وهذا يرجع إلى الهداية وذلك بالإخلاص لله تعالى أن يكون مقصدك هو الإخلاص، ودلّ على ما يرضاه الله من الطاعة والعمل الصالح والشكر (وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ (7) الزمر). الأمر الثاني الذي يتعلق بخير العلوم ما ضُبط أصله واستُذِكر فرعه أن نضبط أصول هذا العلم، ما هي أصول هذا العلم؟ لو قام الباحثون بضبط أصول العلم هذا كقواعد وأصول كلّية، صحيح أنها بُحثت في قواعد التفسير لكن قواعد علوم القرآن الخاصة بعلوم القرآن تُجعَل كقواعد وتطبيقاتها من خلال القرآن الكريم.
د. الشهري: وهذه مسألة مهمة جداً قضية التطبيق.
إتصال من الأخ محمود من السعودية: أتمنى في بداية مسيرة هذه الأضواء القرآنية أن تعمّنا في ملتقى أهل التفسير فعلى مدى العقد الماضي هنالك بيئة قرآنية متميزة جداً في ملتقى أهل التفسير وطُرِحت أيضاً عدة مشكلات بحثية في علوم القرآن ومسائل اختلفت فيها وجهات النظر ومسائل يرى كثير من الباحثين في علوم القرآن أن معالمها لم تتضح حتى اليوم بالنسبة لخلاف العلماء السابق فيها والتدوين في كتب علوم القرآن ووصلت إلى مرحلة معينة من المناقشات ثم توقف الأمر إلى هذا الحد فنتمنى من خلال هذا البرنامج الذي نعلّق عليه كثيراً من الآمال بالنسبة لعلوم التفسير وعلوم القرآن وما يتصل بها أن تواصل هذه النقاشات على طاولة برنامج أضواء القرآن وأن نلفت أيضاً الأنطار إلى هذه البيئة القرآنية في ملتقى أهل التفسير وما فيها من نتاج علمي ومناقشات ثرية بين الإخوان المتخصصين من شتى أنحاء العالم الإسلامي
د. الشهري: أحسنت، هذه فكرة جميلة وأنا أخطط لهذا يا شيخ محمود وهو أننا بإذن الله سنجعل ملتقى أهل التفسير هو غرفة العمليات لهذا البرنامج. نعود يا دكتور محمد لعلك تختم لنا في المعالم حتى ننتقل إلى خارطة علوم القرآن
د. القحطاني: سأذكر معلماً واحداً أظن أنه مهم. علم القرآن الكريم علمٌ جليلٌ حسن يحسُن جُمْعُهُ والعناية به ولا يليق بطالب العلم جهله والتفريط فيه. يمكن أن تقسّم موضوعات علوم القرآن إلى قسمين أحدهما موضوعات لا بد من تعلّمها ولا يُعذر أحد بجهالتها خاصة من تصدّر لدراسة القرآن: الناسخ والمنسوخ، أسباب النزول، قضايا الفهم للنصوص التي تتعلق بالعموم والخصوص والإطلاق والتقييد لذلك وردت آثار في التحذير من تعليم القرآن أو الاهتمام به من غير إتقان لها، لا تعلم الناسخ والمنسوخ هلكتَ وأهلكت. أسباب النزول، إذا لم يُعلَم سبب نزول الآية يُفهم حتى في الصدر الأول وقع هذا الفهم، هذه لا بد منها
د. الشهري: قبل فترة وجيزة إتصل علي أحد الإخوان قال يا شيخ عبد الرحمن النسخ في القرآن الذي نسمع به -وهو طبعاً غير متخصص- قال ما قصة النسخ هذا؟ قلت ما الذي جاء بها في ذهنك؟ قال شاهدت برنامجاً فيه واحد يُنكر القرآن الكريم، لا نسخ في القرآن وهذا أكذوبة وهذا فِريَة، ما القصة في هذا الموضوع؟ فشرحت له الفكرة، فقال أين أنتم من هذه البرامج التي تُذاع وتشوش الذهن على عامة الناس؟! فلا بد من هذه الفكرة نتعرض لها إن شاء الله.
د. القحطاني: القسم الثاني موضوعات يحسن تعلمها والعناية بها لما لها من أثر محمود على صاحبها وهي علم يُغبط عليه صاحبه، النبي صلى الله عليه وسلم كان مع أبي بن كعب رضي الله عنه فقال يا أبا المنذر أيّ آية في كتاب الله معك أعظم؟ فقال (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) فضرب على صدره وقال ليهنأك العلم. إذن هو علم ويُهنأ عليه مع أنه يتعلق بالفضائل ولا شك أن هذا بعد الاهتمام بالآية وفهمها
د. مساعد. ويبدو أن إدراكه أنها أعظم آية
د. القحطاني: نتيجة فهم. أخيراً – نختم حتى لا نطيل- هناك قسم ثالث من الموضوعات وهي لا تدخل تحت هذا المعنى ولكن ننبه عليه وهي ما الفائدة منه وما لا يترتب عليه لا فائدة دينية ولا دنيوية وهاذ موجود في أكثر العلوم
د. الشهري: مثل المبهمات
د. القحطاني: أحياناً تستغرب من اهتمام كثير من الباحثين في قضايا قد يفني عمره فيها والنتيجة الله أعلم يصل أو لا يصل. يعني بعض الناس يتكلّف في أشياء (قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86) ص) فأيّ علم لم يهتم به الأوائل وهم أحرص الناس على الانتفاع بالقرآن ينبغي أن نقف كثيراً قبل أن نقدم عليه. يعني الآن بعض التفصيل في أمور الاعجاز العددي والعدّ والحساب تحتاج هندسة وآلة حاسبة وحاسب لا تدري لماذا يهتمون بينما قضايا كلية بعض الأشياء التي عرفتها ثم ماذا بعد؟! ما لا فائدة منه ينبغي أيضاً أن يهتم بهذا
د. الشهري: هذه معالم نرجو أن الإخوة المشاهدين يستفيدوا منها وإن شاء الله تكون نبراساً ولعلك تنشرها يا دكتور محمد في ملتقى أهل التفسير كاملة. قبل أن ننتقل إلى خارطة علوم القرآن نستمع إلى الأخ عبد الله
إتصال من الأخ عبد الله من السعودية: علوم القرآن لا سيما أن المستهدف فيها أولاً هما طلبة العلم والمتخصصين لكن لا شك أن عامة الناس لهم حظ ونصيب من علوم القرآن، ما أريد أن أقترحه أو أسمع رأيكم فيه قضية ما هي العلوم التي تناسب عامة الناس وما هي العلوم التي تناسب طلبة العلم والمتخصصين منهم في أصول التفسير، تمييز وإخراج هذه العلوم التي تهمّ عامة الناس أمر مهم بحيث يستطيع طالب العلم أن يخاطب عامة الناس بما يناسبهم وبما يقرّب القرآن وفهم القرآن إليهم، هذه قضية
د. الشهري: تساؤل ممتاز جداً. هل عندك أي نقطة أخرى؟
الأخ عبد الله: الأمر الثاني لا شك أن التقنية المعاصرة أخذت حيّزاً كبيراً من استخدام الناس وتعاملاتهم وأوقاتهم وتوظيف هذه التقنية لما فيها من إيجابيات كثيرة وتعددت وسائلها أمر مطلوب ومهم لا سيما في القرآن وتفتيق الأفكار ومحاولة حثّ الناس على إيجاد أفكار جديدة لخدمة علوم القرآن أرى أنه من المهم أن يكون هذا البرنامج الذي أضاء علينا في هذه السنة المباركة أن يكون له دور في خدمة هذا الباب وهذا الجانب من الجوانب التقنية.
د. الشهري: جميل جداً. قبل أن ندخل في المحور نحن الآن نريد أن ننتقل إلى خارطة علوم القرآن، نختم حديثنا في بقية اللقاء كيف شجرة علوم القرآن إن صح التعبير. لكن قبل أن ننتقل إليها الأخ محمود أشار إلى قضية الاستفادة ملتقى أهل التفسير وكلاكما من أعمدة ملتقى أهل التفسير جزاكما الله خيراً، فكرة كيف نوظف الملتقى لعلنا نتدارسها من خلال الملتقى كيف يمكن أن نوظّف الملتقى في إثراء هذا البرنامج وإعداده بشكل جيد. النقطة الثانية التي ذكرها الأخ عبد الله الآن قضية العلوم المناسبة لعامة الناس من علوم القرآن والعلوم المناسبة لخاصة الناس كيف يمكن أن نميز بينها؟ وهل هناك جهد في التمييز بينها موجود يا دكتور مساعد الآن برأيك؟
د. مساعد. لا أعرف أن هناك جهد إلا بعض المختصرات التي عُملت الوجيزة في علوم القرآن لكن لعله أيضاً في الملتقى لو تُطرح هذه الفكرة والمتخصصون يمكن أن يدلوا برأيهم ما هي العلوم التي بالفعل ينبغي أن يدركها العامة، مكية مدنية أسباب النزول، ناسخ ومنسوخ فلو كان هناك على الأقل تعريفات موجزة لها وتمثيل لعله يكفي
د. الشهري: هل عندكم يا دكتور تعليق في هذا؟
د. القحطاني: سمعت هناك مشروع الميسّر لكن هل هو ميسر للطلاب أو لعامة الناس؟
د. الشهري: كتاب الميسر لعلنا نستعرض بعض أجزائه الآن، هو قضية أنه كتاب مخصص للطلاب المتوسطين والمبتدئين في علوم القرآن وأرجو أن يلبي حاجة من هذا القبيل
د. مساعد. سيلبي جزء من الحاجة
د. القحطاني: يمكن أن يصنّف رسالة أو شيء ما لا يسع المسلم جهله في علوم القرآن.
د. الشهري: هذا جيد، هذه مهمة. دعونا ننتقل إلى مسألة مهمة لعلنا نستغرق بقية الوقت في نقاشها وهي الآن هناك كتب كثيرة في علوم القرآن وتاريخ التأليف -ولعلنا نخصص له حلقة تاريخ التأليف- لكن بإيجاز ما هي الخارطة التي يمكن أن نرسمها لعلوم القرآن وأنت بين يديك يا دكتور مساعد الآن عدداً من الخرئط الإلكترونية والذهنية لعلنا نستعرضها ونعلق على بعضها ونستعرض بعض الشرائح الموجودة على الكمبيوتر
د. مساعد. رأيت عندك بعض الشرائح فلن أكرر الذي عندك. طبعاً أنا اجتهدت في أن أيّ مصنّف في علوم القرآن قسّم الكتاب على تقسيمات أن أجعل له تصنيفاً شجرياً من خلال العلم نفسه وفيما بعد سأعمل على ربط هذه العلوم بعضها ببعض. إذا كان هناك إمكانية لإخراج صورة كشكل للفكرة لأن هذا الآن عندنا كتاب “فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن” لابن الجوزي ومن الكتب المتقدمة التي كان فيها إشارة للتقسيمات. ننظر إلى لفظة الأبواب التي جعلها -لعلنا بإذن الله نرفع هذه الشجرة على الملتقى- عندنا على سبيل المثال لما ذكر الفرق بين التفسير والتأويل لم يتجاوز صفحة لكنه جعله باباً بدأ بفضائل القرآن ثم كرر مرة أخرى فضائل القرآن، نجد الباب الأول فضائل القرآن وسنجد أنه يكرر مرة أخرى فضل قراءة القرآن في الباب التاسع، القرآن غير مخلوق وجاء بنصوص وأطال قليلاً، نزول القرآن على سبعة أحرف، كتابة المصحف وهجاؤه، عدد سور القرآن وآياته وحروفه ونقطه، فضل قرآءة القرآن، أجزاء القرآن، عدد آيات السور، القرآئن في عدد آيات السور يعني الآيات التي عددها مثل بعض وهكذا، فهو ذكر مجموعة من العلوم
د. الشهري: وابن الجوزي متوفى سنة 597 هـ
د. مساعد. بعده عندنا “المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز” لأبي شامة
د. القحطاني: يبدو أن “فنون الأفنان” ليس فيه رابط واضح
د. مساعد. لا، لكن أغلبه فيما يختص بالقرآن نفسه، بين السور مكية مدنية، لغات القرآن أدب الابتداء، حذف الياءات، المتشابه في القرآن وطبعاً المتشابه اللفظي، مسائل يعايى بها في المتشابه يعني الألغاز الأوصاف التي شاركت أمتنا الأنبياء عليهم السلام وهذا مثلما ذكرت ليس لها ضابط معين. أبو شامة ذكر ست أبواب في “المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز”: كيفية نزول القرآن وتلاوته، جمع القرآن، معنى الأحرف السبعة، معنى القراءات السبعة، القراءة الصحيحة والشاذّة، وحق التلاوة الذي أشرت إليه قبل قليل وإلى أهميته. جمال قرّه السخاوي بناه على عشرة كتب “جمال القُرّاء وكمال الإقراء للسخاوي” توفي سنة 643 هـ
د. القحطاني: وهو من الكتب المهمة
د. مساعد. جداً، “نثر الدرر في ذكر الآيات والسور” “منازل الإجلال والتعظيم في فضائل القرآن العظيم” وكان حريصاً على السجع، ثم “تجزئة القرآن” لم يسمّه هكذا، ثم “أقوى العُدَد في معرفة العدد”، “الشواذ” أيضاً لم يسمّه، “الطود الراسخ في المنسوخ والناسخ”، “مراتب الأصول وأبراج الفصول”، “مناهج التوفيق إلى معرفة التجويد والتحقيق”، “علم الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء” وهناك كتاب يخفى على كثيرين وهو كتاب “الفوائد الجميلة على الآيات الجليلة” للرجراجي وهذا توفي سنة 899 هـ مطبوع في المغرب بُني على عشرين باب وفي كل باب مسائل متعددة (هل – هل) كثيرة جداً: نزول القرآن، كتابة القرآن، قرآءة القرآن، مشكلات تفسيره، أحوال حامل القرآن، أحكام المعلِّم وما يتعلق به، فضائل القرآن، ختم القرآن، وعيد القرآن، أسماؤه، صفاته، أصنافه، عدّ آياته وما يتعلق بها، هل القرآن مخلوق أم لا، ونلاحظ أنه يتوافق مع ابن الجوزي، تفضيل القرآن بعضه على بعض، السور التي تلقى على العلماء في المناظرات، الآيات التي تلقى على العلماء في المناظرات، فضل كل سورة، السور المنزلة في مكة والمدينة وهو المكي والمدني. وبعدها سيأتي التقسيم الذي عندك د. عبد الرحمن
د. الشهري: البلقيني ولعلنا نستعرض ما في الشاشة، هذا تقسيم علوم القرآن للبلقيني يظهر على الشاشة
هو قسّمها على سبعة أقسام: مواطن النزول وأوقاته ووقائعه ذكر تحتها ثلاثة عشر نوعاً المكي المدني السفري الحضري الليلي النهاري الصيفي الشتائي النومي الفراشي أسباب النزول أول ما نزل آخر ما نزل، كلها تحت النزول. والحقيقة أن ترتيب البلقيني من أجود التريبات منطقياً. ثم جاء بعده فتحدث عن علوم السند وهي التواتر والآحاد والشاذ وقراءات النبي صلى الله عليه وسلم والرواة والحفّاظ. ثم في علوم الأداء تحدّث عن الوقف والابتداء، الإمالة المد تخفيف الهمزة والادغام. ثم جاء عند الألفاظ ودراسة الألفاظ فتكلم عن الغريب، المعرّب، المجاز، المشترك، المترادف، الاستعارة، التشبيه، سبعة علوم. ثم جاء إلى العلوم المتعلقة بالأحكام تكلم عن 13 نوع: العامّ الباقي على عمومه
د. مساعد. أو 14 أنا عندي 14
د. الشهري: هنا 13. العام الذي أريد به الخصوص، ما خصّ فيه الكتاب السُنة، ما خصّت فيه السّنّة الكتاب، المُجمل، المبيّن، المأوّل، المطلق، المفهوم. ثم في الآخر واحد من الأبواب المعاني المتعلقة بالألفاظ وهي الفصل، الوصل، الإيجاز، الإطناب، هذا من أوائل من حاول أن يرتب علوم القرآن ترتيباً منطقياً والكتاب مطبوع ومُحقّق. ثم الزركشي وأظنه عندك دكتور مساعد
د. مساعد. لكن الزركشي قبل البلقيني، الزركشي توفي 794 هـ كتابه “البرهان في علوم القرآن” بناه على سبع وأربعين نوعاً وفيه لفتة ذكرها إتفق عليها ثلاثة الزركشي والبلقيني والسيوطي وكذلك ابن الجوزي قبلهم في أنهم هؤلاء الثلاثة لم يجدوا لعلوم القرآن مثل ما لعلوم الحديث، فعلوم الحديث كتبوا أصولاً في علوم الحديث ولم يكتبوا أصولاً في علوم القرآن فهذه الزاوية كانت أحد المنطلقات للكتابة في علوم القرآن. إبن الجوزي ذكر أنه لما كتب كتابه في علوم الحديث أحبّ أن يكتب مثله في علوم القرآن
د. القحطاني: ولذلك هو يُعتبر من أول من صنّف خاصة في الكتب الموجودة
د. مساعد. نعم، أول من ربط بين العَلَمين لأنها كانت الداعي له إلى الكتابة. معرفة النزول، المناسبات بين الآيات، الفواصل، الوجوه والنظائر،
د. الشهري: الزركشي قسّمها إلى سبع وأربعين نوعاً كما هو ظاهر على الشاشة الآن
د. مساعد. علم المتشابه، علم الفواتح، كثيرة جداً لا نحتاج أن نذكرها كلها
د. الشهري: لكنه لم يربطها بمحاور.
د. مساعد. لم يربطها، نحن بالفعل نحتاج -في نظري من الأشياء التي ينبغي أن يكون فيها تجديد – أن نربط هذه العلوم تحت معاقد التي ما سماها البلقيني، كل ما يتعلق بالنزول نضعه في مكان، وهكذا ما يتعلق بالتفسير، بالأداء
د. الشهري: بعد الزركشي السيوطي
د. مساعد. السيوطي له ثلاث كتب “رسالة في علوم القرآن” في كتابه والتحرير وهذان اعتمد فيهما على البلقيني وزاد في التحرير زيادات. ثم الإتقان
د. القحطاني: ومعترك الأقران كذلك
د. الشهري: نعم، الإتقان في علوم القرآن كما هو ظاهر قسمه إلى ثمانين نوعاً واستفاد كثيراً من تفسير الزركشي بدأ بالمكي والمدني ثم الحضري والسفري كلهم يبدأون في الغالب بما يتعلق بالنزول، الصيفي والشتائي،
د. مساعد. كان لي وقفة في التقسيم ما كان عندي وقت لتقسيم السيوطي، أنا جمعت كل ما له علاقة بنزول القرآن تحت عنوان “نزول القرآن” مثل طريقة الزركشي: نزول القرآن تدوين القرآن، أداء القرآن، دلالة ألفاظ القرآن، تفسير القرآن، بلاغة القرآن، علوم سور القرآن ثم علوم أخرى لا بد منها.
د. الشهري: هناك تقسيم ابن عقيل المكي له كتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن” قسّمها إلى 154 حاول أن يجمع بين السيوطي وبين الزركشي فخرجت في 154 وهذا الكتاب طبعناه في مركز تفسير في عشر مجلدات. وبإذن الله سيكون عندنا من الحلقة القادمة مسابقة في كل حلقة نطرح سؤالاً في علوم القرآن ثم تكون الجائزة نسخة من هذا الكتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن” في عشرة مجلدات من إصدار مركز تفسير.
د. القحطاني: هذه خاصة بطلبة العلم، الزيادة لا يصلح لكل الناس
د. الشهري: لعله من يحرص على إجابة السؤال سيحصل عليه. ننتقل إلى دكتور مساعد أنت قسمت في كتابك “أنواع التصنيف” أعطنا إياه باختصار لأن الوقت أدركنا.
د. مساعد. أنا كثير النسيان
د. الشهري: أنا رأيت أنك قسّمته ثلاثة أقسام: العلوم الناشئة من القرآن نفسه مثل نزول القرآن، علم القرآءات، جمع القرآن، الرسم والضبط، فضائل القرآن، خصائص القرآن، مبهماته، سوره وآياته، الوقف والابتداء، المكي والمدني، أسباب النزول، علم التفسير، أمثال القرآن، أقسام القرآن، الوجوه والنظائر، هذه خاصة بالقرآن. والعلوم المشتركة مع غيره التي هي الأحكام الفقهية (تقصد مع السنة النبوية التي لها علاقة باصول الفقه) الناسخ والمنسوخ، العام والخاص، المطلق والمقيد، المجمل والمبيّن، المحكم والمتشابه. المحور الثالث المتعلق به كنص عربي تحدثت عن معاني القرآن ومتشابهه، إعراب القرآن، أساليب القرآن، لغات القرآن وغريب القرآن. هذه طريقتك في كتابك. في كتاب “الميسّر في علوم القرآن” قسّمتها إلى هذه المحاور التي ذكرتها لكم في بداية الحلقة وهي المتعلقة بالنزول ثم القرآءة ثم التوثيق ثم التفسير، هذه أربعة. ثم تأتي التي تخدمه لغة القرآن وأسلوبه ثم أسماء القرآن وصفاته، صارت ستّة.
بالمناسبة الأخ محمد بن جماعة زميلنا في ملتقى أهل التفسير هو صاحب هذا العرض أنا أخذته من ملتقى أهل التفسير هو الذي قسّمه فقسّم علوم القرآن تقسيماً مقترحاً والأخ محمد بن جماعة من الشخصيات الذكية وعنده قدرة على الربط لكني لاحظت أنه بالغ في التقسيم فذكر مكان النزول، ترتيب النزول، أسباب النزول، كيفية النزول، هذه كلها يمكن أن تجمع تحت النزول نفسه. ثم تاريخ القرآن تحدث عن جمعه وإسناده وتدوينه وخطّه وخط المصاحف وتاريخ مخطوطات القرآن. ثم بنية القرآن تحدّث عن أسماء القرآن عدد السور فواتحه، فواصله، ومفرداته، الوقف، هذا في تقسيمه. ثم تحدث عن اللغة والبلاغة، كل علوم القرآن المتعلقة باللغة والبلاغة فجعلها تحت محور واحد التي هي الحقيقة، المجاز، إعراب القرآن، العام والخاص، المجمل والمقيد. ثم جاء عند الأساليب القرآنية فتحدث عن الأقسام، الأمثال، الجدل، القصص. ثم في فضائل القرآن تحدث عن بعض الخصائص التي اختص بها القرآن مثل فضائله، أفضل القرآن فضائل القرآن، فضائل السور.
هذه تعتبر خارطة موجزة -إن صح التعبير – إستعرضنا فيها طريقة العلماء وطريقة الباحثين في تناول علوم القرآن وأنا اقول ما زال فكرة عرض علوم القرآن ما زالت في ميدان الاجتهاد والإبداع والتميّز في عرض وكما كان يقول د. محمد الآن يمكن أن تستخدم التقنية كما ذكر الأخ عبد الله قبل قليل عندما قال استخدام التقنية في تقريب العلوم للناس، أحياناً وأنت تشرح وتتكلم بطريقة عادية يمكن أن لا توصل الفكرة لكن لما تستخدم طريقة معينة في عرض الفكرة أو رسم معين أو استخدام مصفوفة ترسمها تصل الفكرة بشكل جيد. بقي لنا دقائق معدودة ماذا تختم به د. محمد وأنت الآن في أول حلقة من حلقات هذا البرنامج أضواء القرآن في دقيقة؟
د. القحطاني: الخاتمة يصعب أن تختصرها، لم نتعود على الإيجاز. على كل حال عندي أمل إن شاء الله وتفاؤل كبير أن هذا البرنامج سيفتح آفاقاً للناس عموماً ولطلبة العلم خصوصاً في أشياء كثيرة تتعلق بعلوم القرآن، وهذا من بركة القرآن فالقرآن مبارك حتى وأنا معكم في هذا اللقاء تأتي أشياء وأفكار وتجليات وأقول لجميع الإخوة خاصة الحريصين والراغبين في الخير هذه مجالس سهلة ولها فوائد عظيمة “المذاكرة” في القاعدة “ما استُذكِر فرعه”، الاستذكار له أثر كبير فأتمنى تكثير مجالس الحوار والنقاش ثم نتبادل الآراء في كيفية إيصال هذه المعلومات بسهولة إلى الناس. شيخنا ابن عثيمين رحمه الله كنت قد حضرت قبل شهر ونصف ندوة عنه من الأسباب التي جعلت له قبولاً عظيماً في مشارق الأرض ومغاربها أنه استطاع أن يبسّط وييسّر العلوم للناس، يتكلم أحياناً في بعض المسائل بلغة سهلة لما تقرأ كتاب “التدمرية” وتسمع من غيره يعقّد لك المسألة تقرأ التدمرية للشيخ ابن عثيمين تستمتع والله قال (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ (17) القمر) ليس من موافقة مقصد القرآن أن تعقّد العلوم سهلة، القرآن سهل، الأصل في القرآن سهولة الألفاظ ووضوح المعاني وكثرة الدلائل ولعل الإخوة يفتحون مجالساً للنقاش في كل مكان، في الجامعات، في المدارس بدل تضييع الأوقات هذا مقترح أرى أنه مهم أسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب ويرضاه.
د. الشهري: ختام رائع. دكتور مساعد باقي دقيقة وإن شاء الله أنت دكتور محمد ودكتور مساعد ستكونون ضيوفاً تتكررون معنا فكل واحد يجهز نفسه.
د. مساعد. إن شاء الله. من الأشياء التي أتمنى أن تكون في البرنامج وتكون جزء من هدفه هو عرض الشُبَه بطريقة لا تدل على أنها شبهة ولكنها تفك مشكلة في عقل المستمع وكما أتمنى أنه في عرضنا لمثل هذه الموضوعات المتعلقة بالتاريخ خاصة النظر إلى الواقع آنذاك أيام كتابته، لما نتكلم عن تدوين القرآن ما هي الأدوات التي كانت بين يديهم؟ كيف دوّنوا القرآن؟ هذه ترجع إلى البيئة التي عندهم فأنا أقول مهم جداً النظر بها. القضية الثالثة جانب استنباط الدلالات العقلية من خلال النصوص وكذلك الدلالات العقلية التي يُرَد يها على الشُبَه بحيث تكون دلالات تأصلية وحجج عقلية لرد كثير من الشُبَه التي قد تقع في الذهن ولعله إن شاء الله في أحد اللقاءات إن سنح يكون هناك لقاء عن هذا الموضوع.
د. الشهري: أحسن الله لك د. مساعد. شكر الله لكم متابعتكم لنا خلال الساعة والنصف التي مضت سريعاً مع إخواني وزملائي د. مساعد بن سليمان الطيار أستاذ الدرسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس المجلس العلمي بمركز تفسير للدراسات القرآنية وأخي فضيلة الدكتور محمد بن عبدالله القحطاني أستاذ الدراسات القرآنية المساعد بجامعة الملك خالد تحدثنا حول خارطة علوم القرآن وبعض المعالم الأساسية التي تعين على فهم علوم القرآن الكريم كمقدمة بإذن الله تعالى بين يدي حلقات هذا البرنامج الذي أرجو بإذن الله تعالى أن يكون نافعاً لنا جميعاً وأن يكون هذا الحوار بإذن الله تعالى يفتح لنا الكثير من القضايا المتعلقة بالقرآن الكريم والتي تعيننا جميعاً على فهمه أرجو بإذن الله تعالى أن تجدوا الحلقات القادمة ما يسرّكم ويمتعكم وأرجو أن تتواصلوا معنا عبر وسائل الاتصال وسوف نعلنها بإذن الله في الحلقات القادمة عبر حلقاته إن شاء الله. سيكون معنا بدءاً من الحلقة القادمة مسابقة في كل حلقة وسوف تكون جائزتها أكبر كتاب “الزيادة والإحسان في علوم القرآن الكريم” أكرر شكري لكم كما أشكر ضيفي الكريمين الدكتور مساعد والدكتور محمد وشكر الله لكم وألقاكم عند الساعة العاشرة بإذن الله تعالى يوم السبت القادم بإذن الله تعالى وأنتم على خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
===============
روابط متعلقة بموضوع الحلقة:
تصنيف العلوم المتعلقة بعلوم للقرآن للدكتور مساعد الطيار
http://www.tafsir.net/vb/tafsir242/#post37527
وفي المشاركة على هذا الرابط يمكن تحميل عروض الأخ محمد بن جماعة والتي عرضها الدكتور الشهري خلال الحلقة وروابط تحميل العروض هي:
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir847d1180618740/
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir1008d1186677617/
سؤال للدكتور مساعد الطيار حول رسمه الشجري لأنواع علوم القرآن في كتاب الإتقان
http://www.tafsir.net/vb/tafsir19519/
تقسيمات علوم القرآن
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir4562d1322424860/
شجرة علوم القرآن
http://www.tafsir.net/vb/attachments/attachments/tafsir4563d1322424932/
تصنيف معهد الإمام الشاطبي لعلوم القرآن:
http://www.tafsir.net/vb/tafsir14541/#post74691