برنامج أضواء القرآن

أضواء القرآن – الحلقة 8 – آداب قرآءة القرآن الكريم

اسلاميات

الحلقة (8)

عنوان الحلقة: آداب قراءة القرآن الكريم

 

ضيوف الحلقة:

الشيخ صابر عبدالحكم (جمعية تحفيظ القرآن الكريم)

الشيخ وائل حسين صنبع (وزارة التربية والتعليم)

ويدير اللقاء د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود .

***************************

د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أيها الإخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا وسهلًا بكم في برنامجكم الأسبوعي “أضواء القرآن”. اليوم، سوف يكون حديثنا بإذن الله تعالى حول موضوع “آداب قرآءة القرآن الكريم”. القرآن الكريم منذ نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وحتى اليوم وهو يُقرأ بكيفية خاصة وله آداب ينبغي على قارء القرآن الكريم أن يتعلمها وأن يتأدب بها وأن يحرص عليها وأن يتخلق بها. وقد ناسب بعد حديثنا عن نزول القرآن الكريم والأمور المتعلقة به أن ننتقل بكم إلى محور آخر وهو محور قرآءة القرآن الكريم ونبدأ بإذن الله تعالى في هذا اللقاء الحديث حول آداب القرآن الكريم. حول هذا الموضوع أيها الإخوة المشاهدون يسرني ويسعدني أن أرحب باسمكم جميعاً بضيفيّ العزيزين في هذا اللقاء فضيلة الشيخ وائل حسين صنبع أستاذ القرآن والقرآءات بمدارس تحفيظ القرآن الكريم حياكم الله شيخنا العزيز، كما يسعدني أن أرحب بفضيلة الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم معلم القرآن الكريم بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض، وأظن الشيخ صابر له برامج في قناة المجد

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: كانت

د. عبد الرحمن الشهري: وستستمر إن شاء الله. حياكم الله. دعونا نبدأ في هذا اللقاء شيخ وائل بمقدمة عن شرف القرآن وعناية الأمة به وهذه الخصوصية التي نريد أن نشير إليها في موضوع قرآءة القرآن الكريم وآدابها.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على رسولنا الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد. فإن عناية الأمة بكتاب ربها عز وجل عناية قديمة فأنت تجد في بدء نزول هذا القرآن أن الذي كان يتلقّاه هو أفضل هذه الأمة وأن الذي ينقله من السماء هو أفضل ملائكتها والمتحدِّث به هو ربنا عز وجل وكافيك بهذا شرفاً في سند هذا الكتاب العظيم. ثم عندما تنظر إلى الصدر الأول من هذه الأمة وكيف أن الذي كان يكتب القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ليس أيّ رجل  بل هناك كتّابٌ خاصّين اشتغلوا بكتابة الوحي وكانوا يسمون كُتّاب الوحي ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمر الأمة بتلقي القرآن وقرآءته لم يجعل ذلك لكل أحد بل مع أنه أثنى على بعض القرآء من الصحابة في أصواتهم إلا أنه نصّ على عدد معين من الصحابة فقال: “خذوا القرآن عن أربعة”. وكذلك أمر بعض الصحابة أن يقرأ عليه ليستأنس قرآءتهم ويرى اتقانهم في الأداء. وبعد الصدر الأول وفي خلافة الصديق رضي الله عنه وكيف أنهم اعتنوا بجمع القرآن ووضعوه في مصحف واحد وكان ذلك أول ما جمع القرآن وكان هذا الجمع غرضه فقط أن يكون القرآن محفوظاً لكثرة الموت في القُرّاء فيما هو معروف تاريخياً. ثم بعد ذلك جاء الجمع الثاني في عهد عثمان رضي الله عنه وكان الغرض منه أن لا يختلف الناس في كتاب الله. ولذلك تجد أن الأمة من أول نزول هذا القرآن وإلى اليوم تعتني بهذا القرآن عناية كبيرة بل وتجد أنها ترفعه وتخصّه بخطوطه بكتابته حتى اليوم بطباعته بالعناية به بل إننا في العصر الأول نجد أنهم حتى ما يُدخلون مع القرآن غيره “ومن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحُه” أثرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم. المصاحف التي كانت تُهمّش بالتفاسير لم تكن موجودة في ذلك الوقت وما وجدت إلا في عصور متأخرة. ولذلك أهل العلم يقسّمون العلوم المتعلقة بالنص القرآني بناء عن هذا إلى أربعة أقسام:

  • القسم الأول علوم تتعلق بالنص القرآني -وهذا كله من العناية أنهم بعنايتهم بالقرآن جعلوا العلوم المتعلقة به نصًاً أربعة علوم فالعلم الأول ما يتعلق بنزوله وأسبابه مما سبق أن تحدثتم عنه
  • القسم الثاني هو أداء النص القرآني وكيف يؤدّى هذا النص القرآني
  • والقسم الثالث هو ما يتعلق بتفسير النص القرآني وفهمه ومطالعته وما إلى ذلك.
  • القسم الرابع هو ما يأتي بعد فهم النص القرآني وطبعاً بعد قرآءته وهو تطبيقه والعمل به.

فالقسم الأول العلوم المتعلقة بتاريخ النص القرآني مثل النزول مثلاً، أو أسباب النزول، أنواع النزول، عدّ الآيات، الناسخ والمنسوخ. أما العلوم المتعلقة بالنص القرآني فهي علوم محدودة مثل التجويد والقرآءات وفي هذا الزمان قد نضيف التلوين الصوتي لأداء القرآن. أما العلوم المتعلقة بفهم النص القرآني فهو التفسير وهو علم واسع جداً وقد نقول أنه في الأهمية من أهم العلوم لكنه يحتاج إلى أدوات. القسم الرابع قسم تابعة لفهم النص القرآني وهي الشريعة عموماً فقه النصوص واستنباط القضايا العقائدية، السلوك، التأمل، التدبر، كل ذلك من الأمور المتعلقة بالنصّ القرآني بعد فهمه. بناء على هذا التقسيم نجد أن قضية أداء النص أزعم أنها من أهم القضايا إن لم تكن متعلقة بكل مسلم، فالمسلم اليوم لا يمكن أن يبعد عن تلاوة القرآن وأدائه سواء في صلاته أو في تعبده لله عز وجل ويكاد يكون هذا العلم أو هذا القسم هو من حيث لزومه للناس هو أوسعها لزوماً فالمسلمون كلهم ملزمون بقرآءة القرآن ولا تقام صلاتهم إلا بالفاتحة ومن لا يعلم لا بد أن يتعلم ولذلك تجد أنه من أهم العلوم من حيث انتشاره بين الناس.

د. عبد الرحمن الشهري: وخاصة موضوعنا اليوم آداب التلاوة والقرآءة أعتقد أنه ينبغي على كل مسلم أن يحرص على تعلمه حتى يتعلم كيف يتأدب مع القرآن الكريم ودعنا نشير إلى المقصود بـ” آداب القرآن الكريم” ما المقصود بآداب القرآن الكريم؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هذا مهم جداً أنهم تدرجوا من الأداء أو بدأوا من الأداء قالوا: ما يجب أن يتأدب به القارئ عندما يقرأ القرآن سواء مع القرآن أو مع حاله هو في نفسه أو مع شيخه الذي يعلّمه القرآن. لكن ما هو الأدب؟ يناسب أن نقول أن الأدب هو وصف لحالة السلوك الذي تعتري القارئ سواء كان هذا السلوك واجباً أو مسنوناً أو مستحباً وليس معنى الأدب هنا أننا نقصد مرتبة أو حكماً شرعياً وإنما هو وصف للسلوك الذي يكون للقارئ أثناء قرآءته

د. عبد الرحمن الشهري: قد يكون واجباً وقد يكون مستحباً وقد يكون مسنوناً

الشيخ وائل بن حسين صنبع: الأحكام التكليفية قد يكون واجباً وما دون ذلك إلى أن نقول أنه فقط مستحب.

د. عبد الرحمن الشهري: دعنا ننقل الحديث إلى شيخنا صابر، الآن عندما يقول الشيخ آداب قرآءة القرآن الكريم، هناك آداب للقارئ تتعلق بالقارئ في نفسه وآداب تتعلق به مع شيخه، ليتك تحدثنا عن النوع الأول آداب القارئ مع نفسه أولاً

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بداية دعني أحييكم دكتور على هذه الاستضافة الطيبة مع أخي وحبيبي ومديري سابقاً الشيخ وائل صنبع وأشكر هذه القناة المباركة التي أسأل الله أن يجعل لها من اسمها حظاً ونصيباً ودليلاً لكل طالب للخير. كل العلوم لها آداب يقولون آداب طلب العلم بصفة عامة فكيف لا يكون أفضل الكتب وأعظمها واشرفها له أدب. الآداب قد تكون آداباً ظاهرية وقد تكون آداباً باطنية. الآداب الظاهرية ما أسهلها وما أظهر الظواهر في كل شيء! قفالانسان يلبس جيداً ويظهر بصورة جيدة لكن لأن الظاهر غالباً لا يحتاج إلى تكلّف لكن في الحقيقة الذي يحتاج إلى جهد ومجاهدة هي أعمال القلوب. ولذلك ينبغي لمن أراد أن يعيش مع القرآن سواء يتلوه سواء يدرسه سواء يدخل في تفسيره ويدخل في المجالات المتعلقة بحمل القرآن أو المتعلقة بالقُرب والمعايشة والمعاشرة للقرآن لا بد لصاحب القرآن أن يكون ذا أدب عظيم جمّ. أولاً كما تفضل شيخنا الغالي أبو معاذ هذا القرآن من عند الله ففيه من صفات الله سبحانه وتعالى، كلام الله سبحانه وتعالى، ففيه من العزة (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) فصلت) وهو كتاب كريم ونور وهداية، ينبغي في الحقيقة على من يعايش القرآن سواء كان معلماً سواء كان طالباً، كان يعمل في مجال القرآن أن يتخلق بأخلاق القرآن التي هي في أصل القرآن. لو قلنا القرآن كتاب كريم ينبغي على حامل القرآن أن يكون فيه من هذا الكرم، أن يكون كريماً أي متطهّراً بعيداً عن الأمور والصفات الرذيلة بعيداً الصفات التي لا ينبغي أن يتصف بها كل إنسان كريم. أيضاً الكرم بمعنى العطاء والبذل، القرآن لو تعطيه قليلاً من وقتك يعطيك كثيراً من المكانة بين الناس وهذا كرم، تعطيه قليلاً يعطيك كثيراً. تعطيه ساعة في يومك فيعطيك العمر كله شرفاً وتيهاً بل بعد العمر كله، فهذا كرم. أيضاً القرآن كتاب عزيز والعزة تعني الأنفة وتعني الكبرياء وتعني الغلبة وتعني البرهان وتعني السلطان والقوة وكذلك صاحب القرآن لا يكون ذليلاً ولا يكون دنيئاً ولا يكون في أرض القم بل يكون فيهم عزيزاً فيه من عزة القرآن كذلك. القرآن أصدق الحديث وأحسن الحديث صاحب القرآن لا بد أن يكون من أصدق الناس حديثاً ومن أحسن الناس حديثاً لا يكون كثير اللغو ولا كثير العبث ولا كثير المزاح قد يمزح لكن بحدود. كذلك القرآن واضح (هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ (185) البقرة) وكذلك صاحب القرآن لا يكون متلوناً بين الناس ولا يكون صاحب شخصية مزدوجة بل يكون واضحاً وحقيقةلاحظنا في مشايخنا بل وفي طلابنا تغيراً عظيماً في شخصياتهم. ولاحظنا أن الذين كانوا معنا في الكُتّاب وفي الحلقات تطوروا حياتهم تطورت حتى في حياتهم العلمية كانوا بارزين وأرجعنا بفضل الله هذا الفضل كله إلى القرب والمعاشرة لكتاب الله سبحانه وتعالى والتخلق ولو باليسير من أخلاق هذا القرآن العظيم الذي أسأل الله أن يجعله لنا نبراساً وهداية.

د. عبد الرحمن الشهري: لفتة كريمة من الشيخ صابر في قوله أنه لا بد على قارئ القرآن الكريم أن يتخلق بأخلاق القرآن وذكر منها هذه اللفتة وفي الحقيقة أنا دائماً عندما أتحدث عن أخلاق القرآن أركز على جانب الأخلاق التي وردت في القرآن الكريم مثل الأمر بالصدق والأمر بحفظ العهد والأمانة وغيرها ويغيب عني هذا المعنى الرائع الذي ذكرته وهو قضية أن يكون فيك شيء من هذه الصفات التي في القرآن مثل الكرم والعزّة، ما تعليقك يا شيخ وائل على هذه النقطة؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: بلا شك هذا كلام نفيس ولذلك أدب القارئ مع نفسه يعتبر من أهم أقسام آداب قرآءة القرآن الكريم فأنت تجد أن الذي يريد أن يتكلم عن أقسام هذه الآداب يجعل لهذا القسم من الآداب حظاً كبيراً ففاقد الشيء لا يعطيه. وفي عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان من حفظ من القرآن وقرأ القرآن أنبل الصحابة ولذلك حتى لما تجرأ بعض المنافقين وتكلم عليهم وقالوا: “ما رأينا مثل قُرّائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أجبَنَ عند اللقاء” كان الغضب الإلهي عليهم ليس سهلاً بل تجد أن القرآن نزل بكفرهم في اللحظة لم ينتظر أن يعودوا من سفرهم أو يضعوا عنهم نصب الخروج في سبيل الله.

د. عبد الرحمن الشهري: هل ترون قول عائشة رضي الله عنها عندما قالت لعروة أظن أو غيره عندما سأل عن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: هل تقرأ القرآن؟ قال نعم فقالت: كان خلقه القرآن. هل هذا ينطبق عليه ما ذكرت شيخ صابر وذكره الشيخ وائل الآن؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: أنا في تصوري نعم،

د. عبد الرحمن الشهري: يعني أنه يشمل الأخلاق التي دعا إليها القرآن وأيضاً الصفات التي اتصف بها القرآن ويمكن الاتصاف بها مثل العزة ومثل الكرامة

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: القرآن كلمات الله التامة فهو فيه الكمال، الكمال البشري قد يكون لا يوجد إلا في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم أو الأنبياء بصفة عامة كما في الحديث: كمُل من الرجال كثير منهم الأنبياء وبعض الناس في الكمال درجات لكن من أراد الكمال ينظر إلى الكامل ويأخذ منه، القرآن هو الكامل

د. عبد الرحمن الشهري: لا شك. دعونا نبدأ بالآداب يا شيخ وائل، نسرد الآداب ونتحدث عنها

الشيخ وائل بن حسين صنبع: أريد أن أعلق على قضية الأثر عن عائشة رضي الله عنها، فلو أُخذ الأثر كاملاً يوقِع، هي سألته “هل تقرأ القرآن؟” وكثير ما ينقل هذا الأثر بحذف هذه العبارة ويقال “كان خُلُقه القرآن” مع أنها سألته: هل تقرأ القرآن؟ إذن أنت تقرأ القرآن ترى النبي صلى الله عليه وسلم أخلاقاً. الأخلاق أو الآداب التي يجب على القارئ أن يتخلق بها القارئ:

أولاً آداب قبل القرآءة فقبل أن يقرأ القرآن هناك آداب لا بد منها لكي يكون حاضر القلب لما سيدخل لقرآءته فنحن نقول له  قبل أن تقرأ القرآن لا بد من وجود آداب كما أن هناك آداب أثناء قرآءة القرآن كما أن هناك آداب بعد قرآءتك القرآن.

آداب قبل قرآءة القرآن أن يكون متطهراً وهذا أدب خاصة إذا كان الانسان يقرأ قرآءة منفردة يريد أن يقرأ للتعبّد لله عز وجل ليس مثل الطالب الذي يحفظ يكون عنده ربع ساعة يريد أن يحفظ بها القرآن نشغله بأن يتوضأ مع أن هذا طيب وفاضل لكن إن كان هذا يضايق أوقاتاً أو أشياءً أخرى فهنا يصعب. لكن من أراد أن يقرأ قرآءة تعبدية هنا نقول له توضأ وان استطعت استقبل القبلة، إن استطعت طهّر فاكَ بسِواك أو بغيره، اختر مكاناً مناسباً للقرآءة فلا يناسب أن يقرأ الانسان في مكان فيه ضجيج أو يتابع التلفاز ويقرأ القرآن وغير ذلك من المشتتات ولذلك يستأنسون بأثر -وإن كان هذا في الشيء الجماعي- “اقرأوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا” هذا في الشيء الجماعي لكن أنا أقول يستأنس به أيضاً للشيء الفردي فالانسان المشغول بجوع أو دورة مياه أو بقرآءة هذه الحال ما تناسب أن يقرأ القرآن!

د. عبد الرحمن الشهري: هل يمكن أن يضاف إليها إغلاق الجوال في مثل هذه المناسبات، كنا نجلس في المجلس زمان يبقى الانسان في المسجد ساعة ساعتين لا يقطع خلوتك شيء الآن أصبحت ألاحظ أن بعض الناس يقرأ قليلاً ثم يرد على الجوال فأنا أشعر أنه أفسد هذه الخلوة فما تعليقكم؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هي نسبية، من كان ينتظر شيئاً صعب واغلاق الجوال سيكون مشكلة عليه لكن بالفعل من أراد أن ينقطع للقرآءة فالمفروض أن ينقطع بقلبه كما ينقطع بجسمه.

د. عبد الرحمن الشهري: إذن هذا آداب قبل التلاوة، هل بقي شيء من هذه الآداب تضيفه شيخ صابر؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: لا مزيد على ما قاله الشيخ

د. عبد الرحمن الشهري: آداب أثناء التلاوة، الآن توضأ واستقبل القبلة وانفرد في مكان خاشع يعينه ثم بدأ قرآءة القرآن الكريم سواء كان يقراه من المصحف مباشرة أو يقرأه من قلبه، ما هي الآداب التي يمكن أن نذكرها للإخوة المشاهدين؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: طبعاً من الآداب العملية أنه إذا قرأ ينبغي عليه أن يستعيذ كما قال ربنا تبارك وتعالى (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) النحل) ثم أن يبسمل وأما أشبه الاستعاذة والبسملة بالتخلية قبل التحلية. وأنا أعتبر أن الاستعاذة هي من تهيئة المكان المكان القلبي والمكان الحولي فقد يكون الانسان حوله من عالم الجن ما لا يراه فالاستعاذة هذه تُبعد الشيطان وتطرده وتبعد الوساوس إلى حد كبير كلما كان القلب مستعيذاً بالله أكثر ومعتمداً على الله أكثر ومجتمعاً على الله أكثر كلما كانت الاستعاذة لها أثر أكثر في إبعاد الشيطان

د. عبد الرحمن الشهري: وهذه عليها دليل من القرآن الكريم (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: بأي صيغة من الصيغ الواردة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من نفثه ونفخه ونزغه، صيغ متعددة وإن كان الكثير يرجح نصّ القرآن (فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ). كذلك من الآداب التي ينبغي للانسان أن بتأدب بها أثناء قرآءة القرآن اجتماع قلبه على ما يتلوه أنت تدلف إلى القرآن فيمر عليك نداء ربانياً كما أن تكون بدأت في سورة البقرة ومرّ عليك خبر من الله عز وجل أخبر في أول القرآن عن المتقين الذين يقيمون الصلاة ثم المفلحون ثم تكلم بآيتين عن الكفار ثم تكلم بإحدى عشرة آية عن المنافقين كل هذا إخبار من الله سبحانه وتعالى لو كان القلب غافلاً لما عرفت عمن أخبر الله ولماذا أخبر الله سبحانه وتعالى ولأي شيء أنت تقرأ؟. ثم يأتيك النداء الذي يقرع آذان الدنيا كلها أول نداء في القرآن وهو من عجائب النداء أن أول نداء لكل الناس وليس المؤمنين فقط (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)) أول ما نادى الله عز وجل أو أول نداء رباني في القرآن الكريم كان لكل البشر وناداهم بالربوبية حتى يستجيب له المسلم وغير المسلم قال (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ) ولم يقل إلهكم (الَّذِي خَلَقَكُمْ) وذكر الخلق فالذي لا يستحضر هذه المعاني ولا يستحضر في قلبه عظمة القرآن ولا جلال القرآن ولا جمال القرآن لا في أمره ولا في خبره ولا في نهيه ولا في ندائه سيضيع عليه خير كثير ويضيع عليه فضل كثير من قرآءة القرآن وربما يقرأ وقتاً طويلاً ساعة أو ساعتين ولا يزيد إيمانه ولا يستفيد حتى في حفظه ومراجعته، وقد تمر عليه الصفحة وهذه تحدث معنا أحياناً والله المستعان تمر عليه آية دائماً يقف عندها فيجد نفسه قد مرّ عليها ولم يقف وهذا كله من الغفلة والمشاغل كما ذكر شيخنا أبو معاذ إذا كان الانسان ينتظر شيئاً من الدنيا، ينتظر إتصالاً من بعض الأصحاب. أحد مشايخي حفظه الله وأطال في عمره كنا نتكلم مرة عن حفظ الشاطبية والمتون فقال: عشر دقائق بدون انشغال تساوي بالضبط ساعتين أو ثلاث ساعات منشغلة ويقول الساعة تساوي عشر ساعات وجرّبها، جرّب ما أنجزه في ساعة واحدة مستجمع القلب بعيد الانشغال مجتمع بكلّيته وقلبه وعقله وفكره على القرآن الساعة الواحدة تساوي عشر ساعات، اضرب العمر في عشرة يعطيك أضعاف العمر عشر مرات.

د. عبد الرحمن الشهري: صدقت ولذلك قال أحمد شوقي: قد يهون العمر إلا ساعة. الساعة التي تركّز فيها. إذن هذه آداب لتلاوة القرآن الكريم وأيضاً البسملة مهمة وتعلّم في التجويد بعد الاستعاذة. ليتك تشرح لنا يا شيخ وائل هذا الأدب هذه القضية الاستعاذة ثم البسملة ثم البدء، هذه المسألة قضية الأولى فيها الاستعاذة فيها ثم البسملة عندما يبدأ من منتصف السورة أو يبدأ من أولها

الشيخ وائل بن حسين صنبع: بالنسبة للبسملة والاستعاذة، البسملة عنوان القرآءة كما تفضل الشيخ وهي مفتاح القرآءة و علامة أن الانسان سيقرأ القرآن أنه يستعيذ ولذلك حتى خطيب الجمعة تجد أنه إذا أراد أن ينهي الخطبة الأولى في الغالب يستعيذ ثم يقرأ آية كأنه يقول: هذا الكلام الذي سبق كله شيء وملخصه هذه الآية فالاستعاذة عنوان القرآءة ولذلك حتى الامام الشاطبي عندما ذكرها في أبيات الشاطبية قال:

إذا ما أردت الدهر تقرأ فاستعذ          جهاراً من الشيطان بالله مُسْجِلا

على ما أتى في النحل يُسرا وإن تزد    لربك تنزيهاً فلست مجهلا

فالاستعاذة هي عنوان بداية القرآءة وإن لم يكتبها الصحابة ولم تكتب في المصاحف فإن الكثير على وجوبها وجوباً أدائياً بمعنى أنه يجب على القارئ الذي يريد أن يشرع في القرآءة وجوباً أدائياً أن يستعيذ

د. عبد الرحمن الشهري: سواء كان من أول السورة أو من وسطها

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هي عنوان القرآءة مطلقاً ولجميع القُراء وليس هناك خلاف بين جميع القُرّاء في أن الاستعاذة واجبة عند بدء القرآءة. والغريب أن الطالب اليوم إذا انتقل من سورة إلى سورة يستعيذ فإذا قرأ مثلاً آية من سورة وأراد أن يستشهد بآية أخرى في سورة أخرى يفصل بينهما باستعاذة وهذه لا وجه لها هنا لأن الاستعاذة هي عنوان بداية القرآءة أنت تستعيذ بالله من الشيطان لتبدأ بالقرآءة لكن إذا أنت انتقلت من قرآءة إلى قرآءة ما وجه الاستعاذة؟! ليس لها وجه. ثم تأتي بعد ذلك البسملة وهي مجال الخلاف بين القُرّاء في الرواية الواحدة فمثلاً البداءة بالسورة يكون فيها بسملة عند بعض القُرّاء أو عند الجمهور، إذا بدأ القرآءة الآن سيشرع في القرآءة فإنه يستعيذ ويبسمل لجميع القُراء

وَلاَ بُدَّ مِنْهاَ في ابْتِدَائِكَ سُورَةً (أي البسملة) سِوَاهاَ يعني سوى سورة التوبة فإنه يكتفى فيها بالاستعاذة لخصوصيتها أما إن إذا كان يصل سورة بسورة فهذا يختلف فيه القُرّاء فمنهم من بسمل ومنهم من ترك البسملة وأنا أتكلم هنا عن الذي يصل السورة بالسورة أما إذا وقف وبدأ فالجميع يبسمل كما أسلفنا. إذن لا يفرّق بين من بدأ القرآءة وبين من يواصل القرآءة من حيث البسملة إذا وقف على نهاية السورة. القضية الثانية أنه إذا أراد أن يقرأ في أجزاء السور وهنا من حيث القرآءة يقولون البسملة هنا ليست واجبة، يقرأ من منتصف السورة تكفيه الاستعاذة لكن أئمة الأداء والذين اهتموا بالتربية وبالأداء وبالأخلاق والآداب قالوا لا، يبسمل أولاً لن يعدم من بركة البسملة والاستعانة بالله عز وجل ثم هو أيضاً مخيّر ليس منهياً عنه ولذلك حتى الإمام الشاطبي قال:

وفي الأجزاء خيّر من تلا

يعني هو مخيّير لكن يقيناً خير الخيارين أن يقرأها والإمام أحمد كان له رأي أنها تقرأ تبركاً بها يتبرك باسم الله وباسمه الرحمن وباسمه الرحيم

د. عبد الرحمن الشهري: المسألة أنه يستعيذ ويبسمل في أول السورة إلا في برآءة فإنه يكتفي بالاستعاذة. وأيضاً في المنتصف أنه مخيّر يبدأ بالاستعاذة والبسملة أو يبدأ بالاستعاذة فقط والمسألة فيها سعة لأني ألاحظ أن بعضهم يتشدد في هذه النقطة ويبدّع من يرى البسملة أو يبدِّع من لا يراها ونقع أحياناً في جدالات عقيمة حقيقة لا تليق بحملة القرآن الكريم ولا بأهله.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: إضافة إلى النقطة التي اشار غليها أبو معاذ حفظه الله وهي البسملة في وسط السورة بعض الناس من عنايتهم بالتدبر والاهتمام فصّلوا بالبداية فقالوا من الأدب إذا كانت الآيات التي تقرأها تتكلم عن الله سبحانه وتعالى قالوا ينبغي عليك تأدباً أن تفصل بين الاستعاذة والقرآءة ببسم الله الرحمن الرحيم، على سبيل المثال (إليه يرد علم الساعة) الضمير في (إليه) يرجع إلى الله، فلو قلنا (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إليه يرد علم الساعة) أو (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، إليه يرد علم الساعة) أيتهما أحب إليك؟

د. عبد الرحمن الشهري: لا شك أنها البسملة

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: أو (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قالوا هذه من الآداب وإن لم يكن عليها دليل واضح لكن قالوا هذه من الآداب لأن الأصل في القرآن هو التدبر والأصل في القرآن إيصال المعاني الكاملة فقالوا مثل هذه الآيات التي تتحدث عن الله سبحانه تعالى وعن صفاته أو عن أفعاله يذكروا البسملة. بالعكس التي تتكلم عن الشيطان مثل (الشيطان يعدكم الفقر) قالوا في مثل هذه اترك البسملة ونزّه البسملة

د. عبد الرحمن الشهري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، الشيطان يعدكم الفقر. هذا في الحقيقة يدل على تدقيق وكمال تدقيق العلماء في قرآءة القرآن الكريم في مثل هذه النقاط وإن كانت كما تفضلت المسألة فيها سعة. يخطر على بالي شيخ وائل هل هناك قصص عن القُراء تدعم هذا الذي تقولونه؟ أنتم الآن يا شيخ وائل وشيخ صابر مشتغلون بإقراء القرآن الكريم ولديكم طلاب في الحلقات وطلاب في المدارس تدرسونهم، هل هناك قصص عن القُرّاء السابقين ذُكِرت في كتب طبقات القرّاء تشير إلى هذه الآداب وتخلّقهم بها وتربيتهم الطلاب عليها يمكن أن تذكرها للإخوة المشاهدين؟ ويمكن أن يُذكر أبو عبد الرحمن السُلمي فهو من الأمثال القديمة

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم، أبو عبد الرحمن السلمي مثال للصبر على الإقراء والمصابرة والمرابطة في المسجد للإقراء وقال: وهذا الذي أجلسني مجلسي” يقصد الحديث “خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه” وأيضاً يروى عن قالوا رحمه الله أنه كان أصمّاً شديد الصمم لكنه كان متقناً جداً للقرآءة وهذا يدلك أنها ليست مسألة كرامة فقط وإنما يستجمع نفسه حال السماع إلى هذا الطالب الذي عنده فلا تجده ينشغل بنظره لأنه ما يملك حاسة سمع قيل أنه أصمّ وقيل أنه شديد الصمم يعني ضعيف السمع لكن في كلا الحالتين فهو محتاج أن يدعم ضعف السمع بالتركيز في النظر وهذا يدلك فعلاً على أنه يوجه نفسه وحاله إلى الطالب وهذا مهم جداً. فاليوم مدرّس القرآن كلما كان حضوره مع الطالب كلما حصل ما ذكره الشيخ من التنبيه أنه الاستعاذة هنا لا تناسب أن يكون بعدها بدء السورة بل يكون البسملة أفضل وكذلك هنا لا يناسب أن يبسمل المفروض أن يستعيذ ثم يبدأ بالآيات، وهذا الطالب لا يُهدى له لوحده إلا بشيخه خاصة إذا كان مبتدئاً بل حتى المتوسطين قد نستثني المتقدمين. أيضاً مما يذكر في هذه القصص أن اهتمام الشيوخ بطلابهم ما يروى عن أبي عمر المضري رحمه الله تعالى زبّان بن علاء وهو من أئمة القُرّاء والنحو أيضاً ومن جهابذة العلماء بل يميز عن بقية القُراء بقدرته ومكانته وهناك قرآءات تعتمد عليه. فكان يقول ليحيى اليزيدي لو أن الله أذن لي أن أفرغ ما في قلبي في قلبك من علم لفعلت. قد ينظر لها أحدهم أنها فخر بعلمه، لا، هي حبه للطالب لما رأى من يحيى اليزيدي واليوم ما ينقل القرآءة عنه إلا يحيى اليزيدي، وهذا فعلاً شرف كيف استطاع أن يجعل هذا الطالب متأثراً به حاصلاً على علمه.

د. عبد الرحمن الشهري: تأذن لي شيخ وائل وأنت شيخ صابر بفاصل، أيها الأخوة المشاهدون فاصل ونواصل الحوار حول آداب قرآءة القرآن الكريم.

*.*.*.*.*.*.*.* فاصل *.*.*.*.*.*.*.*

إعلان جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

د. عبد الرحمن الشهري: مرحباً بكم أيها الأخوة المشاهدون مرة أخرى ولا زال حديثنا متصلاً حول آداب قرآءة القرآن الكريم مع ضيفينا الكريمين الشيخ وائل بن حسين صنبع والشيخ صابر بن محمد عبد الحكم، حياكم الله جميعاً. نواصل حديثنا يا شيخ وائل كنا قبل الفاصل نتحدث عن قصص بعض القُرّاء من السلف ومن المعاصرين إن كان لديكم بعض الأمثلة في إقراء القرآن الكريم وفي آداب الإقراء والقراءة.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم من آداب القُرّاء يروى أن شعبة رحمه الله تعالى لما حضرته الوفاة بكته أخته.

د. عبد الرحمن الشهري: طبعاً شعبة هو الذي يروي القراءة عن عاصم.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: شعبة بن عياش راوي عاصم.

د. عبد الرحمن الشهري: بعض المشاهدين ما يعرف من هو؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم هو شعبة بن عياش الراوي الأول للإمام عاصم بن أبي النجود الأسدي الكوفي.

د. عبد الرحمن الشهري: يعني شعبة يقدّم على حفص.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: بلا شك وهو مقدم عليه في الترتيب.

د. عبد الرحمن الشهري: في الترتيب إيه نعم.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: شعبة رحمه الله تعالى عندما حضرته الوفاة بكته أخته فكان يقول لها: لا تبكي فوالله لقد ختمت القرآن في هذه الزاوية ثنتي عشر ألف ختمة، يعني هو الآن يودع الحياة فلا يقال هذا افتراء، بالعكس هو بحال توديع الحياة.

د. عبد الرحمن الشهري: يعني يحسن الظن بربه.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: ويحسن الظن بربه. وأيضاً ويروى عن هذا أو قريباً من هذا عن قنبل وهو الراوي الثاني للإمام عبد الله بن كثير المكي يروى أيضاً عنه أنه عندما حضرته الوفاة قال لجُلاسه إنني ختمت القرآن عدداً هائلاً من الختمات في هذا المكان. وهذا يدلك على أنهم ليسوا فقط اشتغلوا بالأداء وإنما حتى لهم عبادتهم، لهم تفرغهم للأداء والعبادة، ولذلك لما ذكرهم الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى قال عن هؤلاء السبعة الذي تروى عنهم القراءة اليوم أكثر وأيضاً معهم الثلاثة قال عنهم:

تخيرّهم نُقّادهم كل بارعٍ       وليس على قرآنه متأكّلا

فهو تميز أولاً بأن الذي تخيره النقاد ليس أي واحد، يعني الذي اختاره ما اختاره من فراغ، بل نقد قراءته، ونقد أداءه، ونقد حاله، ثم اختاره. وأيضاً من أهم ميزاته أنه ليس على قرآنه متأكّلا، فهو في الأداء قوي وأيضاً في الأدب وفي التأدب والتعبد في القرآن أيضاً قوي. وهذا أيضاً بلا شك يعني كانت فضل من الله عز وجل فاليوم نحن وإن كان هم القراء العشرة وُجِدوا بعد عصر الصحابة وبعضهم تابعين وبعضهم بعد ذلك إلا أن القراءة اليوم لا بد أن تمر عليهم، فأنت اليوم لا يمكن أن تقرأ إلا بأحد أسماء هؤلاء القُراء تقول لعاصم، لحمزة، لغيره.

د. عبد الرحمن الشهري: هناك مسألة يا وائل يعني أريد أن ننبه إليها وهي قضية خصوصية التلقي في القرآن الكريم يعني أليس هذا من أهم الآداب التي ينبغي على قارئ القرآن الكريم أن يحرص عليها؟ أن يتلقى القرآن، لأن الناس الآن يحاولون بشكل أو بآخر أن يتنصّلوا من هذه المسألة ويقرأ القرآن بنفسه مباشرة من المصحف دون الحاجة إلى أن يتلقاه من أحد هل هذا يمكن يا شيخ صابر؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: بارك الله فيكم. في الحقيقة كلمة التلقي حتى اللفظ كان في القرآن واضحاً (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ (6) النمل) ولعل الله عز وجل قد اختار خير خلقه صلى الله عليه وسلم ليس بقارئ ولا بكاتب، إذاً فالوسيلة الوحيدة التي حفظ بها وأخذ بها القرآن هو أنه سمع وتلقى. جبريل عليه السلام تلقى القرآن من ربه فتلقاه منه النبي صلى الله عليه وسلم وتلقته الأمة كلها سمعوه وكانوا في البداية يمكن يتحرجوا من الكتابة في البداية وكان المعول على الحفظ وعلى السماع ثم بعد ذلك كتبوه وتلقته الأمة فيما بعد جيلاً عن جيل وخلفاً عن سلف حتى وصل إلينا نقياً ندياً كيوم أُنزِل وكله بسبب التلقي (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (49) العنكبت) فهو محفوظ في الصدور ومحفوظ في السطور. حتى لما الإنسان يقرأ ومعه المصحف يقرأ نظر أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) ستجد أناساً قد لا يكونوا دخلوا المدارس ولا تعلموا ولا يعرفون القراءة ولا الكتابة ولا يستطيع أن يميز أن هذه فتحة وهذه ضمة يقول لهم (الْحَيُّ الْقَيُّومُ) هذا بسبب التلقي. وهناك أشياء لا يمكن في القرآن أبداً أن تعرفها من الكتابة ومن الرسم، الرسم ينقل معظم نعم لا شك أنه ينقل الحركات والفتحة والضمة، لكن في الحقيقة بعض الأمور مثل الادغام والاخفاء والأشياء هذه كلها حتى لو وصفت وصفاً نظرياً ودقيقاً، ولو وصف لك الإمالة، وصف لك بعض الأشياء

د. عبد الرحمن الشهري: التقليل.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: التقليل أو الإشمام أو الاختلاس، بعض المصطلحات الموجودة في القراءة هذه كلها لا تكون إلا بالتلقي مطلقاً. إذاً التلقي أو السماع أو المشافهة وحتى الرؤية الإشمام مثلاً هو تحريك الشفتين يعني يُرى ولا يُسمع يعني لو كان الشيخ ضريراً قد لا يتمكن من أنك أشممت أو لم تشم.

د. عبد الرحمن الشهري: ونحن بإذن الله سوف نخصص حلقة عن التجويد بالذات لكننا أحببنا أن نشير إلى أدب التلقي وأنه لا بد منه لقارئ القرآن. نعود يا شيخ وائل إلى موضوع البيت الذي ذكرته في الحقيقة استوقفني بيت الشاطبي رحمه الله

تخيّرهم نُقّادهم كلَّ بارعٍ        وليس على قرآنه متأكّلا

هذه المسألة متعلقة بالشيخ المقرِئ أليس كذلك؟ وأيضاً بالطالب أليس كذلك؟ لأنه هو سوف يكون في يوم من الأيام مقرئاً.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: فإن تعود الأكل بالقرآن وهو طالب فهو شيخ.

د. عبد الرحمن الشهري: ما معنى المتأكل بالقرآن؟ هل معناها الذي يأخذ أجرة على إقرائه للقرآن الكريم أن هذا مذموم؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هذه تحتاج تفصيل. فإن كان الأجر الذي يؤخذ على الوقت المؤجَّر للقراءة فهذا لا شك أنه يعني من حق القارئ خاصة إذا كان ليس له إلا الاشتغال بالإقراء فهو سيشتغل عن قوت عياله بإقراء الناس القرآن فهو لا يأخذ مقابل القراءة وإنما يأخذ مقابل هذا الوقت. وأما إن كان يأخذ على قراءته بمعنى لو أعطي كثيراً قرأ كثيراً وأتقن وجوّد ولو أعطي قليلاً فرّط فهذا بلا شك أنه -يعني لا أطلق حكماً هنا- لكن لا شك أنه داخل في دائرة المذموم. بالإضافة إلى كل ما كان الإنسان يأخذ على القراءة فإن كل ما ارتفع الأجر كل ما قلّ الإتقان فهي عملية مقلوبة هو سيكون حريصاً على الأخذ بناء عليه سيتساهل مع الطالب وهذا غالباً يكون في الإجازات أو في القراءات التي تكون من باب العرض على الشيخ.

د. عبد الرحمن الشهري: بحكم خبرتكم يا مشايخ هل يوجد في القراء من يفعل ذلك؟.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: بلا شك.

د. عبد الرحمن الشهري: هناك من يفعل ذلك.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: ما ذكره الشيخ هو واقع نلاحظ في بعض الناس فعلاً يتأكّل بالقرآن وطبعاً سبحان الله يكون النشأة يعني قد لم يكن في البداية ينبّه.

د. عبد الرحمن الشهري: يعني مثلاً يقول تعال أنا سوف أقرئك برواية مثلاً ابن كثير براوييه وتعطني مثلا عشرة آلاف ريال أو خمسة آلاف ريال بهذه الصورة يعني ولكن يعني الأدب أن الذي لا يأخذ على تلاوته أو على اقرائه مالاً ويجعلها حسبةً لوجه الله أن هذا أبرك وهذا أفضل.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: أنا عندي أن في هذا ينقطع صراحةً وأنا لا ألوم من يأخذ، بل إذا كان الأخذ خاصة أن اليوم شيوخ الإقراء

د. عبد الرحمن الشهري: قليل.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: قليل، المتقنين. وأيضاً يكاد لا يجدون وظائف لأن سابقاً كان الإقراء هو عبارة عن شهادة شرفية وهو السند والمتن الذي يعطاها الطالب، واليوم النظر للسجلات الأكاديمية والشهادات الجامعية وهذا قد لا يتوفر معه كثير من المقرئين الذي هم في غاية الإتقان والتجويد لكنه ليس لديه شهادة جامعية ينال بها مرتبة العمل في الجامعات أو في المدارس.

د. عبد الرحمن الشهري: أضف إلى ذلك أنه أيضاً لا يقبل على أخذ هذه القراءات وخاصة القراءات العشر الكبرى مثلاً إلا قلة من الناس.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: تحتاج تفرغ يا شيخ وإلى جهد. ولذلك أنا تتميماً لما ذكره الشيخ أبو معاذ أنا لاحظت أن معظم أهل القرآن قديماً يعني لما كنا صغاراً معظمهم أصحاب حالة مادية ضعيفة، أن غالباً كان بعض الناس يلحق أبناءه بالكتاب ويخرجه حافظاً أو معلماً لعدم تمكنه من أن يُدخله الجامعة كما ذكر الشيخ ولذلك قد لا يُلام في ذلك الوقت أن يجدوا شيئاً يتكسبوا به لأنه فعلاً إن لم يجلسوا للقراءة سيذهبوا للعمل في أماكن أخرى وذهابهم للعمل سيحرم الناس من جلوسهم للإقراء، لكن يمكن وليس على قرآنه متأكّلا الذي يجعل كلّ همه

د. عبد الرحمن الشهري: المال.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: أو الغلو فيه أو الذي يذكر الناس به مجرد أن يذكّرهم بالقراءة ويتعبد كما كان يفعل بعض الناس قديماً مثلاً يدخل مسجد من المساجد يقرأ آيتين من القرآن ثم يسأل الناس وفي بعض البلاد الآن عند المقابر مثلاً يشيع بعض العادات أن بعض الناس يأتون ببعض الناس يقرؤون القرآن لموتاهم عند المقابر وهذه من البدع والمحدثات التي ليس لها أصل.

د. عبد الرحمن الشهري: وأنت ذكرت كلاماً رائعاً جداً في بداية حديثك يا شيخ صابر وقلت أنه ينبغي أن يكون قارئ القرآن عزيزاً عزيز نفس يعني وهذه أيضاً رسالة للحكومات حقيقة وللجامعات لأن توجد وظائف لأمثال هؤلاء المتقنين المبدعين حتى لا يتعرض لمثل هذه المواقف. نعود يا إخواني إلى آداب القراءة.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: أعلّق على هذه في قضية أيضاً ضعف ذات اليد أو قلّة ذات اليد عند القُرّاء ولو تنظر لحالهم الكثير الذي ما يعرف حالهم ولا قرأ على مشايخ ما يعرف شيئاً الذي قرأ عليهم يعرف ويأخذ وقته كاملاً يعني أدركنا مشايخنا قرأنا عليهم يقرأ من السادسة صباحاً إلى العاشرة ليلاً.

د. عبد الرحمن الشهري: والله صحيح أنا أتفق معك.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: شيخنا الله يرحمه ويغمده روحه الجنة الشيخ مصطفى أبو الحسن كان يقرئ القرآن حتى في طريقه إلى المسجد وفي عوده من المسجد بل قرأنا عليه حتى وهو يذهب أكرمكم الله إلى دورة المياه، كان كفيف البصر طبعاً والناس تنظر من حوله وهو كفيف ما يستغرب والقارئ يعاني من نظر الناس وهذا بلا شك يأخذ وقت القراءة ولا يطيقها أيّ أحد، تحتاج مجاهدة ولذلك يفرّ كثير من هذا الميدان لكن يبقى أن القارئ الذي يمنح وقته للإقراء سيجد أنه فعلاً لن يجد وقتاً للتأليف، لن يجد وقتاً للدارسة، لأنه ملكته عنده، هو تلقّى القرآن، هو يُقرئ ليُبقي الملكة عنده فهذه تأخذ وقته.

د. عبد الرحمن الشهري: وتستغرقه فعلاً، أتفق معك.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: ويمكن أن يشفع لهم بقية حديث صحيح مسلم « إن أحقّ ما اتخذتم عليه أجراً كتاب الله » حتى لا نهمل هذه النقطة.

د. عبد الرحمن الشهري: أنا يا شيخ صابر عندما أحاول أن أثير هذه النقطة لا ألومهم أبداً ولكن أريد أن يبلغ الإخوة المشاهدين كلامكم والموقف الصحيح من مثل هؤلاء وإلا أنا أعرف هؤلاء وأعرف كيف يستغرق وأذكر بعض مشايخنا كنا نذهب إليه قبل الفجر بساعة أو ساعتين أحياناً ونجده يتصدى للإقراء ويُقرئ في كل مكان، في الممشى، في السيارة، لا يوجد لديه وقت فهو بهذه الصورة

الشيخ وائل بن حسين صنبع: القضية التي ذكرها الشيخ مهمة وهي أن الدعوة للإقراء هي المشكلة هي التي تدل على أن الانسان صار فعلاً عنده رغب في المال وأظن أن هناك أثر أن من علامات الساعة أن يقول الرجل للرجل تعال أُقرئك القرآن، المطلوب للقرآءة ليس له رغبة والطالب يريد أن يُقرئه لشيء في نفسه -هكذا فهمته- أن الانسان لا يكون حريصاً على قرآءة القرآن بقدر ما يُدعى إليه

د. عبد الرحمن الشهري: وأيضاً المتقنون هم يؤتَون ولا يدعون إلى الاتيان. نعود إلى مسألة آداب قرآءة القرآن الكريم هل يمكن أن نقول أن هناك آداب لحفظ القرآن الكريم أيضاً؟ وهناك آداب لمراجعته أيضاً؟ هل يمكن أن نقول ذلك يا شيخ صابر؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: نعم

د. عبد الرحمن الشهري: آداب حفظ القرآن الكريم

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: آداب حفظ القرآن الكريم يمكن أن يدخل فيها بصورة أوضح الأشياء التي ينبغي عليه أن يفعلها، قد يدخل فيها الطرق والأشياء المستحبة لاتقان الحفظ. الكثير من الناس يُقبِل على الحفظ ثم ينقطع بعد فترة نقول هو لو مشى في الطريق الصحيح المرسوم والذي يحثّ عليه معظم الحافظين أو معظم الدارسين والمهتمين في هذا المجال وتأتينا في الجمعية وعندنا باب في موقع الجمعية اسمه “استفسارات قرآنية” تأتي استفسارات كثيرة دائماً: يا شيخ أنا حفظت أربع صفحات من سورة البقرة ثم توقفت، أنا حفظت كذا، أنا أحفظ وأنسى، نقول أبداً، هناك آداب. منها على سبيل المثال أن تبدأ بما تيسر لك لا تقول أنا سأبدأ اليوم إن شاء الله بخمس صفحات وأنت ما زلت في البداية ما تستطيع أن تتحمل نقول إبدأ بما تيسر لك ولو سطر ولو سطرين ولو نصف صفحة. أذكر أحد مشايخنا قال: مرّ علي رجل طبيب قال يا شيخ أنا أريد أن أحفظ عليك آية واحدة في اليوم، قال: آية واحدة! أنت ستضيع وقتي، قال لا، أنا أريد أن أحفظ عليك أنت، وأصرّ، القرآن 6236 آية بالعدّ الكوفي ويحتاج إلى 6236 يوماً وهناك آيات طويلة مثل آية الدَيْن، وهناك آية مثل (طه) فلو اعتبرنا متوسط الآية سطر ونصف أو سطرين متوسط الآيات نقول مثلاً، حفظ الرجل على طريقته فكأنه في البداية يريد أن لا يشق على نفسه وبدأ وفي الحقيقة تطور حفظه ونمت ملكة الحفظ عنده وأصبح عنده إمكانية حتى أن الشيخ يحكي في أحد الأيام، يقول الشيخ كنت أصلي في أحد المساجد ثم أخطأت فإذا بأحد المصلين يردني من خلفي قال بعد الصلاة التفت فإذا به الرجل الذي كان يحفظ سطراً وطان قد ترك الشيخ قبل فترة طويلة فقال له: قال الحمد لله حفظت القرآن كله ومعي ثلاث قرآءات. هو سبحان الله كان يريد أن يبدأ بآية، فابدأ بما تيسر لك، والقرآن يسير والله سبحانه وتعالى ألحّ على هذه الفكرة، بعض الناس يقول السورة الفلانية صعبة، الآية الفلانية صعبة، القرآن ليس فيه صعب أبداً لأن الله عز وجل قال في سورة القمر في أربع آيات (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) كأن الله تعالى أراد بهذا التكرار أن يثبت الفكرة، القرآن سهل وبعضه أسهل من بعضه، حتى السور التي توصف بأنها ليست الأسهل هي أيضاً ميسرة وسهلة. لا بد حقيقة أن يكون لك حظ من النظر تنظر إلى الصفحة والآية حتى ترسم صورة الصفحة أو الكلمات خصوصاً إذا كنت تقرأ، ولا بد أن يكون لك حظ من السمع بعض الناس السمع يؤثر فيه أكثر

د. عبد الرحمن الشهري: وهل هذا يلزم يا شيخ صابر أن يوحّد النسخة التي يحفظ منها؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: نعم، الانسان سبحان الله ما يراه وما يسمعه ينطبع في الذهن فهذا الانطباع في الذهن أنت أصبح في تصورك أن الصفحة تبدأ بالآية الفلانية وتنتهي بالآية الفلانية، فيها أربع أو خمس آيات، كأن لها صورة عندك لو اختلت الصورة ثاني يوم تضطرب عليك. فإذن توحيد المصحف وأن يكون لك حظ من النظر وحظ من السمع. وأن يكون لك حظ من والتكرار ولا تمل من التكرار يقولون إذا حفظت الآية أو السورة أو الوجه المقرر، إذا حفظته ومعنى حفظته أي استطعت أن تقرأه غيباً فهذه تكون بداية الحفظ وليست نهايته إذا حفظته كرره بعدها ثلاثين أربعين مرة  حتى تثبّت. الشيخ كان يقول بعد أن نسمّع له ونحن صغاراً كان يقول: إذهب ثبِّت يا بنيّ. فإنه يُحفظ لكن تخشى عليه كما تكتب على الأرض أو على الرمال أي لفحة هواء تزيله، يقول ثبّت التكرار مثل السبراي المثبِّت الذي يجعل الشيء ثابتاً في مكانه. فالتكرار تثبيت والنظر تثبيت والمحافظة على النسخة الواحدة تثبيت، كذلك المراجعة تثبيت، تحفظ اليوم وغداً وبعد غد، ماذا تفعل بالذي حفظته قبل ذلك؟ تراجعه وهذا أيضاً آداب المراجعة كيف تراجع تجعل لنفسك ورداً يومياً وعلى قدر ما تحفظ تكون مراجعتك.

د. عبد الرحمن الشهري: سنتحدث عن جدول مقترح لكن أستأذنكم لدينا اتصال معنا الأخ خالد رمضان، تفضل شيخ خالد

الشيخ خالد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حيّاكم الله يا دكتور أقدم شكري وتقديري لكم وللمشايخ الكرام الشيخ صابر والشيخ وائل وأسأل الله تعالى أن ينفع الله بكم جميعاً. أحب أن أشارك بثلاث نقاط:

  • النقطة الأولى لمزيد من التنبيه حول ما ذكر الشيخ صابر في أول حديثه أن الآداب الظاهرة يسيرة وهو يعني أنها يسيرة من حيث العمل مع أهميتها لكن العسير حقاً والذي يجد الانسان فيه مشقة حقيقة هي الآداب المتعلقة فيما نفسه فيما بينه وبين الله عز وجل وقيامه لليل وخشوعه وقنوطه وسلامة صدره تجاه الناس وغيرها من الأشياء المتعلقة بالقارئ.
  • النقطة الثانية من الآداب مسألة التعامل مع المصحف وأن مقتضى ذلك مقتضى تعظيم القرآن الكريم العناية برفعه وحسن حمله واختيار أفضل الأماكن لحفظه من عبث الأطفال ونحو ذلك وأشير في هذا الموضوع إلى دور الوالدين والمعليمن في هذا الشأن وقد رأينا أحياناً عند بعض معلمي القرآن عدم الاهتمام بهذا الأمر وقد تجد الأطفال لا يراعون العناية بالمصحف ويمسك المصحف بشكل سليم أثناء الحلقة في المسجد ونحو ذلك وفيما أذكر شيخنا الشيخ عبد الله الشنقيطي الذي كان يدرّس وما يزال في الحرم المدني في المدينة المنورة والذي كان يبالغ في تعظيم حتى أنه إذا رأى أحد الطلاب في المسجد يضع المصحف على الأرض يتغير لونه ويشتد غضبه وهذا حقيقة أورث الطلاب حسن التعظيم للقرآن الكريم وهذا السلوك ينبغي أن يكون مستمراً.
  • النقطة الأخيرة أيضاً من الآداب المهمة جداً والتي تتعلق بالقارئ تعهده للقرآن الكريم والمقصود أن يكون للمسام برنامجاً مع القرآن الكريم يقرأ القرآن بانتظام وقد كان للسلف رحمهم الله عادات في القرآءة فمنهم من كان يختم في الشهر مرة ومنهم من كان يختم مرتين ومنهم من كان يختم في الشهر ثلاث أو أربع حتى إذا جاءت مواسم الخير أصبح بعضهم ربما ختم القرآن كل ليلة، هذا الأمر بالتالي من الأمور المهمة جداً أن يكون للمسلم عناية بالقرآن يقرأ القرآن ويختمه بشكل مستمر فإذا كان هذا الانسان من حفظة القرآن وقرّاء القرآن فهذا الأمر في شأنه آكد وأجزم.

د. عبد الرحمن الشهري: كلام جميل للأخ خالد، هل من تعليق عليه؟ لأني أراه أنه كلام جيد، اختصر علينا وكنا سنأتي عليها هذه القضايا التي أشار إليها. نواصل الحديث، هو ذكر مسألة أعمال القلوب الي ذكرتها يا شيخ صابر، قضية أنه ينبغي على حامل القرآن أن يكون سليم الصدر حسن التعامل مع الآخرين وهذه لا شك تكاد تكون من المسلّمات أن حامل القرآن الكريم ينبغي أن يكون أكمل الناس أخلاقاً كما ذكرت عائشة كان خلقه القرآن. نكمل شيخ وائل الحديث عن آداب القارئ الذي كنا نتحدث عنه قبل الفاصل

الشيخ وائل بن حسين صنبع: حفظ القرآن،

د. عبد الرحمن الشهري: نعم، كأن الشيخ ذكر أنه ينبغي أن يكون لك برنامجاً وأشار الأخ خالد إليها، هل لديكم وأنا أريد أن أركز على هذه النقطة أنتم أهل تجربة في تدريس القرآن الكريم وفي القرآءة والاقراء هل تأخذون طلابكم بهذه الآداب؟ وما تقييمكم لواقع طلابكم اليوم في الحلقات وفي المدارس في هذه الأخلاق التي نتحدث عنها اليوم

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هذه قضية مهمة، فإنك تجد اليوم الاهتمام بحفظ القرآن عظيم جداً تحول إلى عمل مؤسسي وجمعيات خيرية ومسابقات دولية ومحلية ومسابقات تعليم لكن لا تزال تجد المقدار الموجود لا يتناسب مع الجهد المبذول. وأنا أعتقد أن الحفظ المفروض أن يكون نتيجة لأن الحفظ ليست صنعة المعلِّم وللأسف المعلم اليوم يشتغل في حفظ الطالب أكثر الأمور الأهم التي توصل للحفظ فالطالب إذا تغنّى بالقرآن وإذا أحس أثناء قرآءته بجمال هذا الكتاب وما يتعلق بحسن الأداء له وجماله والآداب التي أمر بها وغير ذلك سيجد نفسه يجتهد في حفظه في الاكثار من قرآءته، ولذلك نسمع كثيراً من أئمة المساجد يقول أول ما بدأت إمام مسجد ما كنت أحفظ، ويأتي رمضان فأفتح المصحف لكنه عاش مع القرآن فوجد أنه في النهاية مضطراً أن يحفظ القرآن فعاهد نفسه ألا يأتي رمضان القادم إلا وهو حافظ للقرآن، وهذه قصص تكاد تكون متواترة بين أئمة المساجد حُدثنا بها. أيضاً الطالب لا يُسأل من حفظك القرآن؟ وإنما يُسال كيف حفظت؟ وإنما يُسأل من علّمك القرآن؟ وإذا سمعت طالباً يحفظ حفظاً متقناً تقول له كيف حفظت؟ لكن إذا سمعت صوته جميل وقوي تقول من الذي علّمك؟ وهذه مهمة جداً أن المعلم يزرع في نفس الطالب حب قرآءة القرآن حتى لو لم يحفظ والمتأمل في القرآن من أوله لآخره لم يجد آية واحدة تأمر بالحفظ بل ولا حتى في السُنة القرآن لم يحثّ على الحفظ، كل ما جاء في القرآن فضل الحَفَظَة (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ (49) العنكبوت) لكن لن تجد آية “إحفظوا القرآن” لكن ستجد الأمر الكثير بالتلاوة. قد يعترض علينا شخص ويقول أن هذا في زمن كانت الناس تحفظ فنقول القرآن لكل زمن، لكن كم من الفضائل لحفظة القرآن؟ كثيرة جداً

د. عبد الرحمن الشهري: وأيضاً “إقرأ ورتل وارتقِ” أليست مرتبطة بالحفظ؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: بالحفظ. إذن هنا المفروض أن يكون الحفظ نتيجة، يكون الطالب عندما يتقن الأداء ويقرأ قرآءة مجودة متأنية قدر المستطاع يفهم المعاني يقف عند المفروض أن يقف عليه ويصل عند الموصول حتى يتبين له المعنى البسيط لا نتكلم عن التفسير المتقن وإنما المعنى البسيط هذا سيقوده إلى الحفظ. ولذلك يقولون – وهذا استطراد – في حفظ المعلومة لا بد من المرور في أربعة مراحل: أولاً سماع الآية سماعاً صحيحاً بمعنى أنه يسمع الآية من الشيخ أو من الآلة أو المسجّل سماعاً صحيحاً مجوّداً ثم يقرأها قرآءة نظرية أيضاً بنفس الطريقة ثم بعد ذلك يحفظها ثم يراجعها أي يسمّعها لأن التسميع هو مراجعة، فإذا مرّ بهذه المراحل الأربعة ستجد أن الحفظ النهائي هي آخر مرحلة، نتيجة. واليوم حتى في الشعر الانسان إذا أعجبته قصيدة يبادر إلى حفظها لأنها أعجبته كذلك القرآن إذا أعجبته تلاوته وقرآءته للسورة ما أقول فهمها فهماً كاملاً لكن ألمّ ببعض جزئياتها ستجد أنه يحفظها.

د. عبد الرحمن الشهري: أيضاً أريد أن أنبّه إلى مسألة التوازن في مثل هذه القضايا نحن الآن عندما نتحدث عن الآداب والكمال الذي ننشده وأيضاً عندما نتحدث عن الحفظ والاتقان الذي ننشده أيضاً وإلى فهم القرآن وتدبره والاتقان الذي ننشده في هذا نحن نتحدث عن التوازن في شخصية القارئ أن يكون لديه حظ من هذا وحظ من هذا وليس بينها تعارض لأني ألاحظ الآن في غمرة دعوة الناس إلى تدبر القرآن الكريم وفهمه والعمل به يهوّنون من شأن الحفظ ويقولون نحن لسنا بحاجة إلى نسخ مكرر في حين أن حفظ القرآن الكريم في حد ذاته غاية لكل مسلم أن يحفظ من القرآن الكريم ما يستطيع وأن يتغنى به ويقوم به الليل وأنا عن نفسي وقلت هذا لبعض الزملاء: أنا لا أستمتع بالسورة التي لا أحفظها كما أستمتع بالسورة التي أحفظها، تقرأها وأنت تمضي وأنت تركب الطائرة، السيارة، وأنت تقوم الليل بخلاف السورة التي تحتاج أن ترجع إلى المصحف وتقرأها من المصحف وقس على ذلك حتى الأدب وحتى الشعر فالذي تملكه وتحفظه وتتقنه تستطيع أن تراجعه وتتأمل فيه وتتدبر فيه. ما تعليقك شيخ صابر؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: لا شك أن هذا الكلام هو عين الحقيقة وعين الواقع. القرآن الذي يمر على قلبك ولا يستقر فيه غير الذي يمر على قلبك ويستقر فيه يتخذ من قلبك ومن جوارحك مكاناً له ولذلك في قول السلف “منه بدأ وإليه يعود” قالوا يعود إليه في آخر الزمان لأن الله عز وجل يخلي منه قلوب الناس ومسألة الحفظ والأدلة الظاهرة لكن الأدلة القوائم والإشارة للبعيد كما قال الشيخ أبو معاذ فعلاً الذي يحب سيحفظ، هناك بعض الناس يقول حفظت سورة يوسف لأنها أعجبته سورة يوسف سمعها من أحد المشايخ وتأثر بها فبدأ بها برغم أن هناك سوراً اسهل منها وأيسر منها وأقصر منها آيات لكنه بدأ بها لحبها ففعلاً الذي له حظ من القرآءة الكثيرة يقرأ كثيراً ويرتّل كثيراً سيرى طعم الآيات ويعيش مع الآيات فإذا عاش مع الآيات يقول هذه السورة لا أتركها حتى أحفظها. حتى الذي يصلي والأئمة يعرفون السورة التي لا تتردد في حفظها وتتقنها اتقاناً تكثر من قرآءتها في الصلاة وإذا قرأتها تقرأها بطريقة غير، لماذا؟ الانسان عبارة عن عدة مشاعر فلو كانت تتنازعك أنت قلق من المراجعة أو قلق من التجويد أو قلق من مخارج الحروف أو قلق من أي شيء، إن لم تكتمل المنظومة فلن تعيش مع القرآن. إذا كنت قلقاً من الحفظ ستجد أنك إذا أردت أن تقرأ بانفعال أو أن تقرأ بتلقائية أو تقرأ بتأثر وتعطي أحاسيسك ومشاعرك كلها للآية تخشى أن يأتي عليك متشابه وتخشى أن يأتي عليك خطأ ولذلك إذا كنت متقناً وأنا أسمي هذه منظومة الاتقان: حفظ متقن – تجويد متقن. الحفظ المتقن لا تفكر أبداً بالآية التي بعدها، تخرج معك كالفاتحة لماذا لا يخطئ الناس في الفاتحة؟ لكثرة تردادها، سورة الكهف غالباً بعض الناس لا يخطئون فيها. إذن اتقان الحفظ، اتقان الأحكام والأداء التجويدي -هذه قد نمر عليها فيما بعد- حتى يصبح سجية عندك لا تشغل بالك في المد يأتيك المد فتمد من دون أن تفكر بالمدّ، لا تهمك القلقلة ستخرج معك القلقلة المفخّم مفخّم والمرقّق مرقق فلا تشغل بالك إلا بالتدبر

د. عبد الرحمن الشهري: وهذا الاتقان الذي نتمناه

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: أما إذا كانت تتنازعك بعض الأمور فإنه سيقل انشغالك بالتدبر. ولذلك قال تقرأ قرآءة مع آيات الوعيد بنبرة مختلفة، أنت مشغول، لكن إذا كنت مستشعراً للمعنى ستكون قرآءتك متميزة تماماً وإحساسك

د. عبد الرحمن الشهري: ولعلنا نناقش هذه في مسألة التلوين الصوتي لكن نستأذنكم بأخذ هذا الفاصل الأخير في هذه الحلقة، فاصل قصير ثم نعود إليكم أيها الأخوة المشاهدون.

*.*.*.*.*. فاصل *.*.*.*.*.*

جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

د. عبد الرحمن الشهري: مرحباً بكم أيها الإخوة المشاهدون الكرام مرة  أخرى ولا زال حديثنا عن آداب قرآءة القرآن الكريم مع شيوخنا الأفاضل الشيخ وائل صنبع والشيخ صابر عبد الحكم. كنا يا شيخ وائل نتحدث قبل الفاصل عن ما ينبغي على قارئ القرآن الكريم من الإتقان والحرص على الحفظ ونحن عندما دائماً نتحدث على حفظ القرآن نتحدث دائماً على إتقانه كما تفضل الشيخ صابر وأن الذي يحفظ حفظاً متردداً لا يستطيع أن يؤم الناس بل أنني أشفق على بعضهم عندما يقرأ ثم يخطئ فيرد عليه هذا ثم يقرأ ويخطئ فيرد عليه ثم يقرأ ويخطئ فأشعر بالحرج الشديد لهذا الموقف الذي يقع فيه البعض فلا بد من الإتقان.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: ولذا راجت سوق المصاحف المقسّمة والصغيرة بل أذكر أن بعضهم حتى في الفرائض يقرأ معه المصحف في جيبه.

د. عبد الرحمن الشهري: هذا من ضعف الحفظ.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: وهذا من ضعف الحفظ وفعلاً سابقاً كان يندر أن تجد في المسجد مصحفاً هذا خير ونعمة وجود المصاحف وإنتشارها لكن أيضاً هذا التقسيم وهذا التجزيء حتى لو أن الإنسان طلب منه أن يقرأ من سورة أخرى ما استطاع.

د. عبد الرحمن الشهري: دعنا يا شيخ وائل حتى نستفيد من الوقت نتحدث عن ما سميته أنت التلوين الصوتي يعني كأنك أنت تشير إلى أن من أداب القرآن الكريم قضية العناية بالتلوين الصوتي، فماذا تقصد بالتلوين الصوتي يا شيخ وائل وما هو هذا الأدب؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: طبعاً التلوين الصوتي هو أن يؤدي القراءة بما فيها من معنى فيكون صوته موافقاً للمعنى الذي يقرأه فإن كانت الآيات مختومة بإستفهام فهو لا بد أن يعطي الإستفهام حقه من الصوت كذلك آيات القصص آيات الرحمة.

د. عبد الرحمن الشهري: مثل (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8) التين)

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم، أيضاً الآيات التي مثلاً تتكلم عن نسبة النقص إلى الله عز وجل هذه لها طريقة في الأداء وذكرها بعضهم بأنه من سوء الأدب أن ترفع صوتك مثلاً عندها.

د. عبد الرحمن الشهري: (وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ (57) النحل) مثلاً.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: يعني هذه ملتصقة لكن يعني مثل (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ (64) المائدة) هنا من سوء الأدب مع الله أن ترفع صوتك فيها بل بالعكس المفروض أن تخفض الصوت. (وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا (116) البقرة) نفس الشيء، (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ (30) التوبة) هذه كلها يخفض فيها الصوت لكن إذا جاء التقرير الصحيح (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ (64) المائدة)

د. عبد الرحمن الشهري: هنا يرفع الصوت.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هنا المناسب أن ترفع الصوت وتبين القراءة, وهكذا في كل الآيات التي تنسب النقص إلى الله عز وجل مثلاً أو إلى نبيه عليه الصلاة والسلام هنا يناسب أن يخفض الصوت بخلاف تلك يُرفع الصوت إذا أردت أن تُثبت هي مثل معادلة هنا تخفض ثم ترفع ليستوعب السامع أنك هنا هذا غير صحيح وهذا الصحيح ظاهر. كذلك آيات الإستفهام وآيات القصص تستمتع عندما تسمع بعض القُرّاء يقرأ سورة يوسف ويعيّشك مع القصة لأنه يرويها كأنها رواية بصوته فإذا حزن وقال (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ (68) يوسف) أعطاها الصوت المناسب لها كذلك إذا ذكر مكيدة الأخوة في هذا الاجتماع المصغّر (اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا (9) يوسف) أعطى الصوت حقه. كذلك إستفتاحات السور لما يفتتح الله عز وجل السورة (ص) حرف واحد لكن عندما تعطيه حقه تنبّه السامع (ص) حرف واحد لكنه تنبيه للسامع أن اسمع الكلام الذي سيأتي بعده فهو كلام مهم. ولذلك كل الأحرف المقطعة في القرآن يليها ذكر القرآن دائماً إذا ذكر الله حرفاً من الحروف المقطعة فلا بد أن يأتي بعده ذكر القرآن إلا سورة العنكبوت (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ)، أيضاً لما يتكلم الله عز وجل عن عذاب أهل النار أو عن دخول أهل الجنة الجنة أو المحاورة بينهم كل هذه المفروض الإنسان يجعل الصوت مناسباً.

د. عبد الرحمن الشهري: للمعنى.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: مناسباً للموضوع المقروء، للمعنى.

د. عبد الرحمن الشهري: أظن الدكتور إبراهيم الدوسري له كتاب في هذا.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: له كتاب “إبراز المعاني في الأداء القرآني” وهو جميل جداً.

د. عبد الرحمن الشهري: هل هو يناقش هذه القضية؟.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: يتعرض لها وله أيضاً كتاب آخر “(ما) في القرآن” أيضاً ذكر كيف تنطق (ما) إذا كانت موصولة أو نافية أو غير ذلك رسالة أصغر وهي قبل.

د. عبد الرحمن الشهري: أظن هي من بحوث ترقية الشيخ. هل لديك إضافة يا شيخ صابر حول هذه المسألة مسألة التلوين الصوتي وهل تعتني بها أنت في إقرائك وفي قراءتك؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: والله مسألة أني أعتني بها الناقدون يقولون، ولكن أتمم كلام الشيخ الله يحفظه أنه يدخل في التلوين كذلك تحسين الصوت، هذه النقطة.

د. عبد الرحمن الشهري: يعني التغن بالقرآن.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: التغني، التعبير القرآني والتعبير الأدائي وهي ضرب من ضروب التفسير يعني تعين من لم يفهم القرآن على الفهم، وهي تدل على أن القارئ يتدبر وأن القارئ يفهم، يفهم أن هذا إستفهام وهذا وصف ويدخل فيها أشياء كثيرة حتى يدخل فيها العطف، يعني بعض الواوات عاطفة وبعضها مستأنِفة تبدأ جملة جديدة، ويدخل فيها النبر في القرآن الكريم النبر في الصوت.

د. عبد الرحمن الشهري: تتالي الحركات.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: نعم، (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت) أو (لَمْعَ المحسنين) (فَقْست قلوبهم) أم (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ (16) الحديد) هذا تلوين صوتي.

د. عبد الرحمن الشهري: (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) الأعلى) ونحو ذلك.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: وهكذا، (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ (10) الحاقة) أم (فَعْصَوا رسول ربهم) (فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29) الحجر) أم (فَقْعُوا له ساجدين) لكن طبعاً هذا يدخل في التلوين الصوتي من باب أنه طبعاً ورد فيه حديث “ليس منا من لم يتغنى بالقرآن وما أذن الله بشيء أذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن فهو يقرأ القرآن يتغنى به” وتواتر مسألة تحسين الصوت بالقرآن، وأن القرآن يقرأ قراءة مختلفة عن كل الكتب.

د. عبد الرحمن الشهري: خاصة جداً.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: نعم خاصة جداً عن كل الكتب، في الحقيقة القرآن حقيقة عجيب، هو طبعاً ستمائة صفحة وكل صفحة فيها أربعة عشر أو خمسة عشر سطراً كل سطر فيه عدة كلمات كل كلة فيها عدة حروف كل حرف له عدة مقاييس كل حرف إما مجهور إما مهموس مستفل مستعلي مصمت منفتح مذلق مقلقل وإذا إجتمع الحرفان هل يظر أحدهما من الأخر أو يدغم أو يقلب أو يخفى عنده أو إذا إجتمعت الكلمتان لهما حكم إذا إجتمعت عدة كلمات في وقف وإبتداء في جمل في تقسيم برغم هذه الضوابط التي توهم أن القرآن هذه إشكالية، على قدر هذه الضوابط العظيمة هو أيسر الكتب التي يحفظها إبن ست سنوات عن ظهر قلب ويؤديها أداءً غير عادي سبحان الله، هذا هو الترتيل (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) المزمل) هذا هو الأداء.

د. عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليكم لعلي أستأذنكم هنا في بعض الأسئلة هنا في موقع ملتقى أهل التفسير هنا الأخت أم عبد الله تقول هناك آداب يتمسك بها البعض مثل إستقبال القبلة أثناء قراءة القرآن الكريم وتغطية المرأة لرأسها ويبدو أن هناك خصوصية للنساء في بعض الآداب، التكبير بعد الإنتهاء من بعض السور، قول صدق الله العظيم، تقبيل المصحف، الإجتماع على ختم القرآن الكريم فتسأل هل يشترط لكل أدب من هذه الآداب دليل؟ وإن لم يشترط وعمله الإنسان من باب التأدب مع القرآن فهل يجوز إلزام الناس به؟ ما جوابك يا شيخ وائل.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: طبعاً بالنسبة للآداب هي تعبدية ولذلك لابد له من دليل فالشيء الذي لم يرد فيه دليل مثل تقبيل المصحف هذا لم يرد فيه دليل وشيخ الإسلام ابن تيمية وقبله الإمام أحمد ابن حنبل ذكر هذا النص أنه لا يوجد عليه أي دليل، يوجد فِعل لعكرمة وفي سنده أيضاً إنقطاع.

د. عبد الرحمن الشهري: عكرمة مولى ابن عباس.؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: لا، عكرمة ابن أبي جهل.

د. عبد الرحمن الشهري: عكرمة الصحابي رضي الله تعالى عنه.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: تقبيل المصحف ليس عليه دليل.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: التقبيل الدائم بعد كل قراءة، لكن لو جاء في مرة من المرات يا شيخ وأحس بشوق وحنين للقرآن ولحفظ القرآن فقبل المصحف لكن ليست له عادة بعض الناس كلما يقرأ قبل المصحف ويضعه أو إذا أراد أن يقرأ قبله وفتح، نقول أن هذه الإستمرارية لها حكم غير أن يقبله مرة؟ أنا أستفهم

د. عبد الرحمن الشهري: وأنا أيضاً، أليس يدخل هذا في تعظيمه تعظيم المصحف وما يشتمل عليه، لاحظ أننا يبدو هناك شيء من الجفاء وبعض الإخوة يأتون من الهند ومن باكستان في المسجد النبوي وفي الحرم تلاحظ أنهم يعتنون به كثيراً وأذكر أني رأيت أحد الصغار وضع المصحف على الأرض عندما سجد، وصل إلى سجدة تلاوة فوضعه على الأرض وسجد فقام رجل كبير في السن يبدو أنه من الهند رفع المصحف ووبّخ الإبن هذا توبيخاً شديداً في صحن الحرم فخطرت على ذهني تلك المسألة يعني، يعني هل التعظيم للمصحف والعناية به ورفعه كما ذكر الأخ خالد في إتصاله قبل قليل، ألا يتعبر هذا من تعظيم المصحف والتأدب معه؟

الشيخ وائل بن حسين صنبع: سأعيد نفس الجواب التعبّد يحتاج إلى دليل. لو وجد شيء يستأنس به لكن لا يوجد دليل عليه ومما يدل على تعظيم الكتاب طبعه بأكثر من نسخة وكذا، غيرنا من الأمم طبعت كتبها المقدسة بأكثر من ألوان ومع ذلك أنت تجد أنه ليس تعظيماً في الحقيقة. كذلك تقبيل المصحف ليس دليلاً على تعظيمه يعني قد يكون الإنسان يقبل المصحف ثم يخرج ويمارس أي نوع من أنواع المعاصي بل حتى في نفس المجلس أناس يمسكون المصاحف ويحلفون عليها وهم كاذبين في حديثهم أو غير ذلك وهو ماسك المصحف ويقبله ومع ذلك يغتاب أو أو إلى آخره. تقبيل المصحف كقضية واحدة أنا لا أجد عليها دليلاً لكن كل ما يعظَّم به القرآن دون إعتقاد أنه تعبد هذا ليس فيه شك رفعه، وضعه بطريقة معينة إزالة ما عليه من تراب.

د. عبد الرحمن الشهري: إكرامه ورفعه وحتى يذكرون في آداب ترتيب الكتب في المكتبة رأيت بعض العلماء يذكر هذا أنه ينبغي أن يوضع القرآن في أعلى ولا يوضع فوقه أي كتاب من الكتب تكريماً له وتعظيماً من باب الآداب كما ذكرت أنت في بداية حديثك أن هذه الآداب فيها المستحب وفيها المسنون وفيها الواجب وكذا بقيت مسألة يا إخواني وهي الكتب التي صنفت في آداب قراءة القرآن الكريم لو تذكرون لنا بعضها يا شيخ وائل.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم، من المؤلفات التي ألفت في هذا الموضوع من المتقدمين طبعاً ألّف

– الإمام الآجري وهو متوفى سنة ثلاثمئة وستين كتابه “أخلاق حملة القرآن.”

– أيضاً الإمام القرطبي ألّف كتابه “التذكار في خير الأذكار” وهو من أهل القرن السابع 656 ه.

د. عبد الرحمن الشهري: التذكار في خير الأذكار له علاقة بآداب حملة القرآن.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: خير الأذكار في القرآن

– “التبيان في بيان آداب حملة القرآنّ للإمام النووي وهو من أكثر الكتب إشارة وعناية الناس به.

د. عبد الرحمن الشهري: ولعلك هنا تجيب على سؤال الأخ أبو إسحاق الحضرمي هو يسأل عن كتاب التبيان في أداب حملة القرآن يعني هو يقول أن الكتاب مشهور جداً هل له إختصار لأنه يشتمل على مسائل فقهية لا تناسب الصغار.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: هو مختصر ومشروح صوتياً ومكتوب يعني العناية به كثيرة صراحة ويكفي الإنسان يدخل على محرك البحث جوجل تجد أن عجيب جداً عناية الناس به من حيث شروحه ومن حيث إختصاراته ومن حيث شرحه المسموع.

د. عبد الرحمن الشهري: التبيان في آداب حملة القرآن”.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم في آداب حملة القرآن.

– “فضل القرآن وتلاوته” للإمام الرازي صاحب التفسير، نفس القرن السابع وسبحان الله القرن السابع زخر بهم.

– “فيض المعين على جمع الأربعين في فضل القرآن المبين” لمُلا على القاري وهو مشتغل بالتجويد.

د. عبد الرحمن الشهري: شرح الجزرية أظن.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: شرح الجزرية في المنح الفكرية، من الحديث

– “فتح الكريم المنان في آداب حملة القرآن” للإمام على الضبّاع وهو إمام صراحة في القراءة وفي التحرير وفي القراءات وفي التجويد وأيضاً في هذا العلم وكتابه نفيس صراحة.

– أيضاً “آداب تلاوة القرآن” وهذا كتاب إلكتروني وضعته مجموعة من طلاب جامعة القدس المفتوحة وعنونوا له بهذا العنوان “آداب تلاوة القرآن “وهو بحث أربعين صفحة أو أقل.

– أيضاً “آداب تلاوة القرآن رسالة في القرآن الكريم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، آداب تلاوة القرآن” بهذا النص الطويل وهي للشيخ محمد شامي شيبة، معاصر وقاضي سابق.

– أيضاً “آداب تلاوة القرآن الكريم” للشيخ محمد حسين يعقوب. بالإضافة إلى الشروح والمختصرات لكتاب النووي.

– أيضاً من الكتب المفيدة “الشفيع” لباشميل وهو أيضاً كتاب تكلم فيه عن آداب حملة القرآن وتكلم فيه عن القرآن عموماً بدأ باسمائه وتعريفه وعناية الأمة به وميّز فصولاً لآداب القارئ والمقرئ ومجلس الاقراء والكتاب جميل وصغير جداً.

– أيضاً “بيان العيوب التي يجتنبها القارئ والقراء” للإمام البنا وهو أيضاً من أهل القراءات له كتاب في القراءات وله كتب في التجويد.

د. عبد الرحمن الشهري: الذي حققها الدكتور غانم قدوري.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: نعم الشيخ غانم قدوري له تقدمة له وتحقيق عليه.

د. عبد الرحمن الشهري: هل بقي هناك كتب يا شيخ صابر تريد أن تضيفها إلى ما تفضل به الشيخ؟.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: لا بالعكس ما شاء الله الشيخ جمع معظم الكتب ربما كان “الإتقان” للإمام السيوطي وكذلك في “البرهان” للزركشي أفرد فصولاً لآداب حملة القرآن.

د. عبد الرحمن الشهري: أيضاً الإخوان في الإعداد للبرنامج الشيخ ضيف الله الشمراني والزملاء كتبوا لي قائمة طويلة من الكتب التي تتعلق بالآداب منها ما ذكره الشيخ

– ومنها كتاب “آداب أهل القرآن مع القرآن وأهله” للدكتور أحمد شكري وزملاء له.

– وأيضاً “فتح الرحمن في بيان هجر القرآن” للشيخ محمود الملاح ومحمد فتحي وهذا كتاب قيّم فعلاً ذكروا فيه قضايا الهجر وما يتعلق بها وذكروا كثير من الآداب التي تتعلق بقارئ القرآن الكريم ولعلي إن شاء لله أورد هذه القائمة في ملتقى أهل التفسير بإذن الله تعالى.

لعلنا في ختام هذا اللقاء، هنا بعض القضايا التي كنت قد أشرت إليها للشباب في أول حديثنا وهو مسألة تربية الطلاب على هذه الآداب وأنت يا شيخ صابر مشتغل بالإقراء منذ سنوات طويلة يعني هل أنت تأخذ طلابك بهذه الآداب وتعلمهم إياها كما تعلمهم السورة من القرآن الكريم وترى أثرها هذا في أخلاقهم؟

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: إلى الله المشتكى من تقصيرنا مع طلابنا لكن أنا في تصوري ينبغي على كل مشتغل بالإقراء وعلى كل معلمّ أن يعلّم نفسه أولاً ثم يعلم طلابه لأنه في الحقيقة إن لم نلتزم بهذه الآداب سيكون الطلاب عبارة عن مصاحف عفواً يعني لا أقول مصاحف- حتى يكونوا أشياء جوفاء.

د. عبد الرحمن الشهري: يعني يقلون عن مرتبة الكمال التي نسعى لها.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: أبداً لن يكون مثالاً لقرآن يمشي على الأرض، سيكون إنساناً معه آيات محفوظة مغلق عليها لا تشع نوراً في جوانحه ولا في جوانبه ولا في أخلاقه ولا في تصرفاته. على سبيل المثال أنا كان عندي طالب دائماً عصبي ودائماً يشاكس مع الطلاب فقلت له يا فلان أما تقرأ سورة الشورى؟ قال نعم أحفظ سورة الشورى، قلت له إقرأ لي (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (40) الشورى) فقرأ، قلت له تعرف شيئاً في هذه الآية؟ وفي الحقيقة إستحضرني فيها شيء ذكره الإمام القرطبي في التذكرة قال لما يؤتى بالنار يوم القيامة -والله يعني موقف عظيم- قال يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام لكل زمام سبعون ألف ملك يجرونها وهي عظيمة يقول فتزفر النار ثلاث زفرات يجثو كل أهل الموقف لا أحد يستطيع الوقوف ثم ينادي منادٍ ليقُم من كان أجره على الله فلا يستطيع القيام إلا أهل العفو مصداقاً لقوله (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ (40) الشورى) هو من حقه أن يأخذ حقه لكن لو مر على هذه الآية وأخذ منها خُلُق العفو تتغير حياته تماماً. فينبغي فعلاً لكل معلّم أن ينبه طلابه طبعاً بعض الطلاب فيه صفات كذا ولكن كلما وجدت في طالب من الطلاب صفة تحتاج إلى التقويم تقومه، الذي يتأخر عن المواعيد تذكره مثلاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان خلقه القرآن وكان ينضبط في مواعيده وفي أقواله وفي أفعاله. فكلما وجدت خللاً في نفسك وفي طلابك ينبغي عليك أن تنبه بما تعلمت من القرآن وبما أخذت من القرآن.

د. عبد الرحمن الشهري: كنت يا شيخ وائل قبل قليل ذكرت آداب المجالس القرآنية وكأنك تشير إلى مجالس الإقراء لو تذكرها لنا باقي معنا ثلاث دقائق.

الشيخ وائل بن حسين صنبع: أذكرها باختصار يعني من أداب مجلس الإقراء وهو يحتوي على ثلاث أشياء قارئ والمعلم وهو الشيخ ومقروء وهو القرآن.

1- أول شيء التوقير، والتوقير للثلاثة توقير للشيخ وتوقير الشيخ لتلميذه أيضاً وأيضاً توقير لهذا المجلس الذي يقرأ فيه القرآن.

2- أيضاً الملازمة لأن الشيخ يعطي الطالب ملاحظات فإذا لم يلازم على تصحيح هذه الملاحظات وعلى متابعتها فإنه يفقدها.

3- أيضاً إتباع النصائح والتوجيهات التي يعطيه إياها المعلم وكذلك التنبيه بأدب إلى ما يُخطئ فيه المتعلم فأحياناً يكون هنا طالب يراجع وطالب يسمّع فيخطئ الذي يسمِّع وهذا الجالس يعرف الخطأ فليس من الصحيح أن يمر الخطأ وليس من الصحيح أيضاً أن يرد بطريقة غير مؤدبة لكن يرد مع مراعاة للأدب.

4- أيضاً التأكد من حالة عدم الفهم بالملاحظة يعني الشيخ أحياناً يعطي الطالب ملاحظة في أثناء قراءته مثلاً إختلس في حركة أو فعل خطأ من أخطاء التجويد الدقيقة أو حتى عدم المد أو ما إلى ذلك فيكرر عليه الشيخ القراءة الصحيحة والطالب يرد القراءة فأحياناً لجلالة الشيخ أو للسرعة أو لغير ذلك يسرع ويحاول أن يأتي بها فأحياناً قد تأتي عَرَضاً ولم يفهم الصحيح هذه تأتي في الأشياء الدقيقة مثل الاختلاس أو الرَوْم وغيره فهنا لا بد للشيخ أن يتأكد من فهم الطالب. للخطأ

5- كذلك من آداب مجلس الإقراء ترك إحراج الشيخ بما لا يعرف فمثلاً أذكر هذه مرت معنا في دفعتنا فاحشة مثلها في سورة كذا في كذا؟ الفرق كذا؟ فأذكر أن شيخنا رحمه الله تعالى وجعل مثواه الجنة كان الشيخ سيد عبد الله قال لي لا تجعلني أخطئ إذا عندي شيء أنا أعطيك إياه ما عندي لا تورد عليّ تسألني في سورة أخرى أنت الآن في سورة فكن في هذه السورة إذا عندي شيء أنا أعطيك إياه أما إنك تورد علي تريد أن تختبرني إما إني أجاملك فأقول شيئاً بدون علم أو عندي علم وأنا ساعطيك إياه، وقد لا يستحضر.

6- أيضاً الأدب في المجلس عموماً في دخوله في خروجه في جلسته في مسكه لمصحفه، كل هذه من الآداب العامة.

7- كذلك عدم التعريض من الشيخ أو الطالب بغيره من الذين يقرأون أو الذين يُقرئون فمثلاً أخطأ الطالب الذي قبله وعدل له الشيخ فيأتي هو ويقول قرأتُها صح أم مثل فلان؟ هذه لا تنفع لا من الطالب ولا من الشيخ.

8- كذلك عدم القراءة على أكثر من شيخ في نفس الوقت يعني المفرض أن يلتزم في فترة القراءة على هذا الشيخ ينتهي معه ينتقل لغيره. يعني هذه باختصار وهناك آداب أخرى يعني قد يكون مجالها في غير هذا.

د. عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا أبا معاذ، لعلنا نستأذنك يا شيخ صابر لدينا مسابقة نحن نسأل سؤالاً، سألنا في الحلقة الماضية الإخوة المشاهدين سؤالاً وقلنا حديث أبي بن كعب الطويل في فضائل سور القرآن الكريم ما هو كلام العلماء عليه طبعاً الصحيح أنه موضوع وهذه الأجوبة لعلك تختار الفائز لعلنا نختم به هذا اللقاء.

الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم: على بركة الله بسم الله.

د. عبد الرحمن الشهري: جزاكم الله خيراً حلقة ممتعة وقد أفدت منها كثيراً. الفائز هو الأخ محمد خالد من الرياض هو الفائز في سؤال الحلقة الماضية وكنا سألنا عن حديث ابي إبن كعب في فضائل سور القرآن الكريم والجواب الصحيح أنه حديث موضوع. شكر الله لكم يا شيخ وائل ما تفضلتم به وشكر الله لكم يا شيخ صابر ما تفضلتم به وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم جميعاً وأن يرزقنا جميعاً والإخوة المشاهدين التخلق بأخلاق القرآن الكريم. كنا تحدثنا أيها الإخوة المشاهدون عن أخلاق وآداب قراءة القرآن الكريم مع فضيلة الشيخ وائل ابن حسين صنبع أستاذ القراءات والقرآن الكريم بمدارس تحفيظ القرآن الكريم بالرياض وفضيلة الشيخ صابر بن محمد عبد الحكم المعلّم بجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم وأسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم أيها الإخوة المشاهدون حتى ألقاكم بإذن الله تعالى في الأسبوع القادم وأنتم على خير أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.