برنامج أضواء القرآن

أضواء القرآن – الحلقة 11 – إجازات القُرّاء وتاريخها

اسلاميات

الحلقة (11)

عنوان الحلقة: إجازات القراء وتاريخها

ضيف الحلقة:

الشيخ الدكتور محمد بن فوزان العمر، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود، ورئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض، والمشرف على كرسي إقراء القرآن الكريم وتعليمه بالجامعة .

 

ويدير اللقاء د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود .

——————–

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أيها الأخوة المشاهدون الكرام في كل مكان السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بكم في برنامجكم الأسبوعي “أضواء القرآن”. اليوم سوف يكون حديثنا في هذه الحلقة حول موضوع “إجازات القُرّاء وتاريخها” سوف نتعرف على المقصود بإجازات القُرّاء ومتى بدأت وما قيمة إجازات القرآء والمسائل المتعلقة بها وحول هذا الموضوع أيها الإخوة المشاهدون يسعدني باسمكم جميعاً أن أرحب بضيفي العزيز فضيلة الدكتور محمد بن فوزان العمر، أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بجامعة الملك سعود ورئيس قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض، والمشرف على كرسي إقراء القرآن الكريم وتعليمه بجامعة الملك سعود فحياكم الله دكتور محمد وأهلاً وسهلاً بك وأيضاً الدكتور محمد مؤلف كتاب “إجازات القراءّ” الدكتور محمد له كتاب بنفس موضوع حلقتنا وأرجو بإذن الله تعالى أن نتناول خلاصة هذا الكتاب وخلاصة هذا البحث في هذه الحلقة. حياكم الله دكتور محمد مرة أخرى

د. محمد بن فوزان العمر: الله يحييك يا شيخ

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ويمكن التواصل معنا أيها الاخوة المشاهدون عبر الأرقام التي تظهر تباعاً على الشاشة بإذن الله تعالى. نبدأ دكتور محمد في موضوع الإجازات، قد يستمع بعض المشاهدين فيظن أن إجازات القُرّاء يعني حصولهم على إجازة من العمل فما المقصود بإجازات القُراء كمدخل لهذا اللقاء؟

د. محمد بن فوزان العمر: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والآه. اللهم لا علم لنا إلا ما علّمتنا إنك أنت العليم الحكيم. رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي. المقصود بالإجازات هي عبارة عن شهادة من المُقرئ إلى القارء أن يُقرئ بالقرآءة التي قرأ بها، هذه خلاصة تعريف الإجازة، يعني شهادة أنه مجاز بهذه القرآءة يصح له أو يجوز له أن يقرأ بهذه القرآءة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أن ينقل عنه ويُقرئ بها؟

د. محمد بن فوزان العمر: نعم، بسنده هو

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل هذا خاص بالقرآن الكريم فقط أو كان يُعمل به في كتب الفقه والسُنة النبوية؟ الإجازات؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا كان يعمل بها في كل العلوم بل الغريب أنه كان هناك إجازات للخطاطين وإجازات للأطباء وإجازات للعلماء وإجازات للفقهاء والقضاة وغيرهم ولكن تُوسِّع في هذا المصطلح حتى أصبح هناك إجازات للقُرّاء والمحدِّثين

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل ترى أنه في زماننا هذا اكتُفي بالشهادات التي تُمنح الآن في الجامعات وفي المدارس عن موضوع الإجازات أو ما زالت الإجازات أيضاً مستمرة بطريقتها التقليدية المعروفة؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا، هي مختلفة عنها، المقصود بالإجازات التي تذكرها إجازات القرآء هذه مطلوبة بالسند إلى الحبيب المعصوم صلى الله عليه وسلم أقرأني فلان وأقرأني فلان إلى الرواية التي قرأ بها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعلنا إن شاء الله في ثنايا الحديث نتناول بعض التفاصيل في بعض شروط الإقراء لكن قبل هذا المسألة التاريخية قد يسأس سائل هل مسألة إجازات القُراء والحرص على إجازات القُرّاء وما يتعلق بها مسألة حادثة ومتأخرة ما أتى بها إلا المتأخرون أم هي قديمة قدم إقراء القرآن الكريم منذ نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، تاريخ هذه الإجازات متى بدأ يا ترى؟

د. محمد بن فوزان العمر: إن كنت تسأل عن إجازات القراء فحرص الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أن يأخذوا من النبي صلى الله عليه وسلم ما نزل عليه صلى الله عليه وسلم هذا حرص منهم رضي الله عنهم وكانوا يؤدون القرآن كما سمعوه نظراً لفصاحة لسانهم وأنهم عرب خُلّص لم تشب لغتهم أي شائبة أما بالنسبة لغيرهم بالنسبة للعصر الحديث فنسمع كثيراً من الناس يحرصون كل الحرص على الإجازات القرآنية ويطرقون أبوابها سواء كانت صحيحة أم غير صحيحة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل يمكن أن نقول إذن أن تاريخ الإجازة بدأ من عهد النبي صلى الله عليه وسلم هل الرسول صلى الله عليه وسلم أجاز الصحابة؟ هل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال أنا أجزتك يا أبا موسى الأشعري، أجزتك يا أبي بن كعب، أجزتك يا فلان؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا، مجرد ما قال النبي صلى الله عليه وسلم “خذوا القرآن من أربعة”، هذه إجازة، عبد الله بن مسعود ومعاذ وأبي بن كعب رضي الله عنهم وأبي الدراداء رضي الله عنهم جميعاً والحديث في الصحيح، هذه إجازة لفظية من النبي صلى الله عليه وسلم ويكفي بهذا أنها أشرف إجازة من أشرف مُقرئ عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي. بل إن النبي صلى الله عليه وسلم – إن صح التعبير- هو أول شخص حصل على إجازة من جبريل عليه السلام هذا إن صح التعبير بهذا ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي آخر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع أنصت لجبريل وهذا ما يسمى بالعرض السماعي عند القُرّاء فالنبي صلى الله عليه وسلم سمع وعرض على جبريل في العام الذي توفي فيه مرتين كما في الصحيح. فالنبي صلى الله عليه وسلم طبّق عملية الإقراء بالعرض والسماع أنه عليه الصلاة والسلام سمع وأدّى كما سمع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: من خلال اطلاعك يا دكتور محمد على هذه النقطة بالذات قضية عرض النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم على جبريل هل مر معك طريقة هذا العرض؟ هل كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما يلحن أو يُخطئ فيقوّمه جبريل مثلاً؟ هل كانا يتدارسان بمعنى يحدث سؤال من النبي صلى الله عليه وسلم عن طريقة لفظ آية معينة أو عن بيان معناها فيجيبه جبريل؟ هل مرّ معك روايات في هذه النقطة؟

د. محمد بن فوزان العمر: ما مر معي، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يشوب لسانه لحن عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي المعصوم. لكن من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قرأ على جبريل عليه الصلاة والسلام وأدّاه كما سمعه عليه الصلاة والسلام الصحابة رضي الله عنهم سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك يقول القسطلاني في “لطائف الإشارات” وله عبارة جميلة عندما سُئل عن قضية الأداء عند الصحابة قال: إن الصحابة رضي الله عنهم كان عندهم ألسنة فصيحة قادرة على تأدية القرآن الكريم كما سمعوه وليس مثلهم كالمتأخرين، هذا القسطلاني في عصره فما بالنا بعصرنا اليوم؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نأتي إلى مسألة مهمة قد يسألها الإخوة المشاهدون: ما هو الغرض من الإجازة؟ نحن فهمنا أن الإجازة هي شهادة من المُقرئ للقارئ أن يُقرئ بهذه الرواية رواية حفص، رواية شعبة، رواية نافع، رواية قالون فما هو الغرض من هذه الإجازة؟ وهل هي ضرورية للإقراء؟ ألا يمكن لأحد أن يتعلم من شيخ القرآن الكريم ثم يعلم غيره دون الحصول على هذه الإجازة؟

د. محمد بن فوزان العمر: كأن سؤالك من شقين. طبعاً الحرص على الإجازة ينبغي للإنسان أن يحرص على شرف السند، هذا جانب اتصال السند وشرفه بل وعلو السند هذا الجانب الأول. الجانب الآخر وهو جانب الإقراء ولذلك قال السيوطي في “الاتقان” ولا يُشتَرط للإقراء أن يكون قد أجيز، لا يُشترط هذا ولذلك كثير من المقرئين كان يُقرئ لكن بدون سند وبدون إجازة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كيف يوثَق بإقرائه إذن؟!

د. محمد بن فوزان العمر: لا، هو قد يكون أنه قرأ على أحد وما أخذ إجازة، هذا جانب، أو قد يكون ما حرص على الأخذ، هذا شيء آخر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: معناه أن هناك من يجيد الإقراء ولكنه

د. محمد بن فوزان العمر: لا يُشترط ولذلك نص السيوطي رحمه الله تعالى في الجزء الأول على أن الإجازة ليست شرطاً في الإقراء، بهذا النصّ

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يمكن أن تُقرئ دون أن يكون عندك إجازة. شروط الإجازة، الناس يسمعون كلمة الإجازة الآن، ما هي الشروط التي ينبغي أن تتوافر في الإجازة المقبولة المعتبرة؟

د. محمد بن فوزان العمر: هناك شروط متفق عليها يعني شروط نستطيع أن نقول عنها شروط علمية في الشخص أولاً أن يكون متقناً ضابطاً مجوّداً أن يكون حافظاً لبعض المتون وهذا يختلف بين شخص يُقرئ بقرآءة أو يُقرئ بالسبع أو العشر فلا أتصور شخصاً يُقرئ بالقرآءات السبع أو العشر وليس عند سند وليس عنده ضبط في هذا. ولذلك قد تساهل البعض في العصر الحديث أنهم يأتون ببعض القرآء وليس عنده أيّ إجازة أو نسيَ فيُقرئ الناس بالروايات أو القرآءات السبع أو العشر فيصبح عنده الخلط وهذا حقيقة موجود مع الأسف خاصة في الأشخاص الذين كثر عندهم النسيان أو كثر عندهم التفريط

الشيخ عبد الرحمن الشهري: بسبب كبر السن؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا، لا نقول كبر السن لكن أهمل القرآءات وانشغل بغيرها ثم صُدّر للإقراء في أي مكان فأصبح يقرئ ومع هذا يقع في الخطأ ولذلك ابن الجزري في “منجد المقرئين” نبّه إلى قضية مهمة وهي أن الشخص من المقرئين قد ينسى بعض القرآءات وبعض المتون فقال: حبذا لو يكون الكتاب بين يديه فيُقرئ ضمن الكتاب لأن هذا يحدث عند كثير من الناس النسيان لكن إذا كان نسيانه كثيراً جداً ولا يستطيع أن يضبط المتون أو يضبط القرآءات فمثل هذا لا يصح أن يُصدّر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قد يقع بعض المقرئين كبار السن جداً لدرجة أنه ربما يفوّت بعض الحروف أو لا يسمع جيداً ما قيمة إجازة أمثال هؤلاء عندما يعطيك إجازة وهو قد جاوز المئة وقد أصبح يفوّت بعض الحروف وبعض الأحكام ولا ينتبه لها؟

د. محمد بن فوزان العمر: هذه يقال فيها ما يقال في الحديث عند المحدّثين، أنه إذا أجيز عند المحدّثين على أنه لم يخرُف بحيث أصبح

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لم يصل إلى مرحلة الخرف

د. محمد بن فوزان العمر: هذا فيه إشكال لكن إذا أصبح الشخص ينسى أو لا يضبط القرآءات ويخلط بينها ويركب بين الروايات فهذا لا تصح إجازته. أنت تذكرني بحادثة للإمام الذهبي وهي حادثة جميلة: دخل على أحد المقرئين وكان كبيراً في السن، قال دخلت إليه وكان رجلاً مُهاباً فجلست إليه وطلبت أن أقرأ عليه السبع فقال من؟ قال فقلت فلان عرّفه بنفسه، قال لي من؟ قلت فلان، فقال ماذا تريد؟ قال أقرأ عليك القرآءات السبع قال وكان سمعه قد ثقل من كبر السن فلم يسمع ماذا أريد، قال لي إذهب إلى فلان إقرأ عليه ثم تعال إليّ مرة أخرى. فمثل هذا يقال أنه لا يسمع القرآءات ولا الروايات فمثل هذا لا تصح روايته إن ثبت هذا عليه لكن لا بأس أن يُستشهد بكلامه أو يستأنس بالإجازة عنده أو بالأسانيد التي عنده ومجال الإجازات كبير جداً واسع خاصة في موضوع الأسانيد وما إلى ذلك.عندي بعض النقاط أريد أن أثيرها.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مثل ماذا؟

د. محمد بن فوزان العمر: الكتاب الذي بين أيديكم هذه محاولة وأنا كتب في بداية البحث وهو بحث قبل سنوات

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهو قابل للبسط والتوسع

د. محمد بن فوزان العمر: بلا شك، جداً. يعني أعطيك مثالاً على قضية الإجازات: لو تتبعنا إجازات المشارقة والمغاربة لخلُصنا إلى عدة أمور: أولاً شروط الإجازة وأركانها وضوابطها وألفاظها وطريقة إجازة المشارقة والمغاربة والمتقدمين والمتأخرين لوجدنا اختلافاً وأيضاً مادة علمية قوية جداً لكن ما ذكرته إنما هو تتميم لما ذكره المتقدمون وليس بدعاً من القول. كل هذا موجود في كتب المتقدمين، عندك مثلاً الإمام الذهبي في “معرفة القراء الكبار” وابن الجزري في “غاية النهاية” وطبعاً ما ذكره أصحاب القرآءات سواء كان أبو عمر ومكيّ والهذلي وغيره من أهل العلم كل هذا مذكور في ثنايا كتبهم لكن تفصيله من ناحية الشروط إنما هو استقراء

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود إلى موضوع شروط الاجازة، أنت ذكرت أن يكون مجوداً وأن يكون متقناً، هل يشترط للإجازة أن يكون هناك من يشهد عليها؟ الآن لاحظت بعضهم يأتي بأسانيد أو إجازة من شخص ربما لا يعرفه أحد ويقول أنا عندي إجازة بالقرآءات السبع أو العشر من فلان وعندما يذكر فلاناً لا يعرفه أحد فهل يشترط للإجازة أن يُشهد عليها؟ وأن يكون هناك شهود شهدوا على إجازة فلان بقرآءة كذا؟

د. محمد بن فوزان العمر: ذكرت هذا في الكتاب وأن الشهادة عبارة عن توثيق ولذلك ذكر ابن الجزري في “غاية النهاية” ذكر في بعض إجازاته قال: وأشهَدَ على إجازته. والحقيقة الشهادة على الإجازة أعتبرها في العصر الحديث هي شرط القبول لأنه كثر التدريس وكثر التزوير وطريقة الإجازة الآن يستطيع أي شخص أن يأتي بإجازة من أي مُقرئ عن طريق الانترنت ويضع هذه الإجازة وهي موقعة ومختومة. لكن الإشهاد على الإجازة ويشترط أن يكون الإشهاد من القرآئن والأشخاص الموجودين في المجلس ولذلك ابن الجزري في “غاية النهاية” ذكر هذا وقبله الإمام الذهبي في “معرفة القراء الكبار” وأنا ألفت النظر أيضاً في موضوع الإشهاد أن بعض القراء يتسامحون في هذا بل أنه في الفترة الأخيرة أصبح – إن صح التعبير – تزوير الإجازات شائعاً وفي فوضى في طريقة الإجازة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعلنا نناقش هذا لكن أستأذنك في أخذ اتصال

اتصال من الأخ أبو فجر من السعودية: من أشهر المقرئين عندنا في المملكة العربية السعودية؟ وسؤال آخر هل منطقة حائل فيها مقرئ معروف؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نعود إلى موضوع قضية تزوير هذه الإجازات وتحدث كثيراً خاصة على الانترنت كما تفضلت كثيراً وتبادل الاتهامات في مسألة تزوير الأسانيد والإجازات، هل هذه جديدة أو قديمة؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا، قديمة، أنا أُكثر من كلام ابن الجزري لأني اعتمدت عليه في كتاب “غاية النهاية” و”النشر” لأن ابن الجزري إذا أطلق عند أهل التجويد فهو محقق ابن الجزري. الحقيقة ذكر في “غاية النهاية” أن هناك من القراء من كان يُسرِد وهو غير مُسرِد أو أنه يُلبِس في السند وهذا متعارف عليه ومعروف كما هو معروف عند المحدثين التلبيس وغيره. ولا مؤاخذة بكلمة التزوير أنا أطلقت هذه الكلمة وإن كانت قوية جداً لكن في الحقيقة موجودة. يذكر لي أحد الأخوة أنه زار أحد المقرئين وهو صحيح ليس بمقرئ تصدر للإقراء وهو ليس أهلاً لذلك يقول بعد أن جلسنا عنده في البيت وجئنا للخروج من البيت وإذا عنده كرتون في المجلس كل من جاءه ختم له على إجازة وأعطاه إجازة، بكل بساطة! يقول لك اقرأ سورة الفاتحة، إقرأ أجزاء من سورة كذا وكذا ويعطيه إجازة! ثم تبين أن هذه الإجازة التي أعطاها هذا المجيز غير صحيحة أصلاً! هذا طبعاً من التجاوزات الموجودة. عند المتقدمين كانت الإجازة معروفة في سندها وقد يحدث هناك بعض اللبس لكن غير متعمّد لكن الموجود الآن سهولة خرق الإسناد، سهولة إسقاط الإسناد وما إلى ذلك. وأنا ذكرت في خاتمة الكتاب توصية وأرجو أن يؤخذ بها، أنت ذكرت قبل قليل توثيق الإجازة والإشهاد عليها كان بودي أن تكون هناك جهة علمية توثّق الإجازات الموودة على الأقل في المملكة بمعنى أي إجازة تراجع هذه الإجازة هل هي صحيحة بالسند؟ هل هو فعلاً قرأ؟ يُختبر الشخص الذي قرأ، هل القرآءة صحيحة ثم تُختم هذه الإجازة وتوقّع بحيث أنه تعتبر هذه الإجازة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحقيقة هذه لفتة كريمة وأيضاً توثيق إجازات القرآن الكريم أولى من توثيق شهادة البكالوريوس! أستأذنك الأخ عبد الله معنا

إتصال من الأخ عبد الله من السعودية: أنا على وشك أن آخذ الإجازة بقراءة حفص ختمة ثانية فهل تنصحني أن آخذ ختمة بقرآءة أخرى أو آخذ إجازة فقط عن حفص؟

الأخ أبو عائض من السعودية: هل يصلح أن أقرأ بكل القرآءات في آن واحد؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تقرأ بالقرآءات في آن واحد يعني؟ كيف؟ في مجلس واحد؟ أو في صلاة؟

الأخ أبو عائض: في صلاة

د. محمد بن فوزان العمر: يقصد الجمع بين القرآءات

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تقصد أن تصلي المغرب مثلاً الركعة الأولى برواية حفص والركعة الثانية برواية شعبة؟

الأخ أبو عائض: نعم

الأخ مصعب من السعودية: الذي يحفظ القرآن على الفطرة بدون إجازة ماذا يفعل؟

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أنت على يد من جوّدت القرآن لأول مرة؟ ما درست على شيخ أو مدرس ولو جزءاً من القرآن؟

الأخ مصعب: على يد الله سبحانه وتعالى. أول الوقت قرأت جزء عمّ على بعض الشباب ثم مللت وأكملت في بيتي أقرأ وأحفظ لكني أريد أن يكون حفظي صحيحاً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعلنا نكمل هذه النقطة ثم نجيب عليهم يا دكتور. ذكرت قضية الإشهاد والعناية به تقول جانب الإشهاد لا بد من توثيقه ويكون من ناس عدول. وفكرتك التي ذكرتها لماذا لا يكون كرسي تعليم وإقراء القرآن هو الجهة التي تتولى هذا؟

د. محمد بن فوزان العمر: هو عندنا خطة استراتيجية في الكرسي أن هذا من ضمن البنود التي إن شاء الله سوف نقوم بها وأبشر الإخوة المشاهدين أنه سيكون عندنا ملتقى لكبار القُرّاء عندنا في المملكة.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ممتاز ولعلك تجيب الأخ أبو فجر الذي سال عن أشهر المقرئين في المملكة

د. محمد بن فوزان العمر: لو سمع إذاعة القرآن الكريم لعرف الجواب

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما سمعها

د. محمد بن فوزان العمر: عندك الشيخ علي الحذيفي يُقرئ بالقرآءات العشر، الدكتور عبد الله الجار الله وهو يدرس في الحرم النبوي عليه الصلاة والسلام ويُقرء بالقرآءات العشر.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيضاً الشيخ عبد الرافع رضوان

د. محمد بن فوزان العمر: الشيخ عبد الرافع رضوان والشيخ أيمن سويد والشيخ محمد تميم الزعبي

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هؤلاء كلهم في المدينة

د. محمد بن فوزان العمر: في المدينة ومنهم في مكة والشيخ أيمن سويد في جدة وهناك الدكتور سالم الزهراني في جامعة أم القرى والشيخ علي الغامدي في أم القرى، الدكتور أحمد السديس معه القرآءات العشر في المدينة. في الرياض عندنا مجموعة كبيرة عندنا في الكلية مجموعة من الزملاء الشيخ محمد عوض، الشيخ محمد عبد المجيد، الأخ كامل العنيزي، الأخ عبد الرحمن الشمري، يزيد العمار، محمود كابر الشنقيطي عندكم في الملتقى، مجموعة من الزملاء يُقرئون بالقرآءات السبع والعشر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والشيخ ابراهيم الدوسري أيضاً في الرياض

د. محمد بن فوزان العمر: الدكتور ابراهيم طبعاً علم من أعلام القراء في المملكة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وفي حائل؟ الأخ أبو فجر يبدو أنه من حائل هل هناك أحد في حائل؟

د. محمد بن فوزان العمر: ما عندي خبر لكن قسم للقرآءات في كلية المعلمين في حائل وأعتقد أنه طبعاً لا بد أن يكون فيهم مقرئون

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأخ أبو فجر يوجد في كلية المعلمين في جامعة حائل قسم للقرآءات لعلك تستشيرهم تجد عندهم الخير الكثير.  الأخ عبد الله يقول أنا الآن على وشك الانتهاء من قرآءة حفص قال أنا أعيدها للمرة الثانية

د. محمد بن فوزان العمر: طبعاً هو أفضل، حتى أكثر اتقاناً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فهل ينتقل إلى قرآءات أخرى شعبة، ورش، نافع،

د. محمد بن فوزان العمر: على حسب، هو الأفضل إن أحد يقرأ رواية أكثر من مرة حتى يضبط الرواية ثم ينتقل إلى قرآءة أخرى.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أستأذنك معنا على الهاتف زميلنا الدكتور أحمد بن حمود الرويثي حياك الله دكتور أحمد. أهلاً وسهلاً دكتور أحمد بن حمود الرويثي أستاذ الدراسات القرآنية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. حياك الله وبيّاك

الدكتور أحمد بن حمود الرويثي: أهلاً وسهلاً الله يحييك

الشيخ عبد الرحمن الشهري: جاء اتصالك في وقت مناسب، إتصل علينا أحدهم قبل قليل الأخ عبد الله يقول أنا على وشك أنتهي من رواية حفص وأنا أعيدها الآن للمرة الثانية فخطر على بالي مسألة إتقان التلاوة وإتقان القرآءة هل هو أولى أم هو الحرص على الأسانيد والإجازات والاستكثار منها برأيك يا دكتور أحمد؟

الدكتور أحمد بن حمود الرويثي: أولاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأشكركم على هذا البرنامج الماتع الرائع وأرحب بفضيلة الدكتور ضيفكم الكريم دكتور محمد بن فوزان العمر. الحقيقة الأهم هو الاتقان اتقان القرآءة وهذا هو هدي السلف رحمهم الله ثم بعد اتقان القرآءة يتصدر التلميذ للإقراء ابتغاء وجه الله عز وجل إجازة من شيخه وفي سير أعلامنا من القرآء أمثلة رائعة مشرقة أود أن أعرض بعضها أقرب إلى الخيال: هذا حمدان بن عون الخولاني المصري إمام في رواية ورش قال عنه تلميذه عمر بن عراك سمعت حمدان بن عون يقول قرأت على ابن هلال ثلاثمائة ختمة برواية ورش ثم بعد ما قرأ على شيخه جاء به شيخه إلى اسماعيل النحات وهو شيخ ابن هلال الذي قرأ على الأزرق على ورش فذهب إلى اسماعيل النحات وقال هذا تلميذي وقد قرأ عليّ وجوّد فأخذ عليه قال وقرأت عليه ختمتين. وهذا جعفر بن أحمد الخطاب قرأ على شيخه ثلاثمائة ختمة كلها بحرف الكسائي، وآخر ابن أبي عمر النقّاش قرأ على شيخه محمد بن حسين بن نازك قال قرأت عليه نحواً من مئة ختمة. وانظر أيضاً إلى الإمام الحُصْري صاحب القصيدة الحُصْرية في قرآءة نافع يقول قرأت في ضمن أبيات قال:

وأذكر أشياخي الذين قرأتها عليهم فأبدأ بالإمام أبي بكر

قرأت عليه السبع تسعين ختمة بدأت من عشر ثم أتممت في عشر.

وهذا الأصفهاني راوي رواية روش قرأها على جماعة من أصحاب ورش ومن أصحاب أصحابه دخل مصر وقرأ ثمانين ختمة. وهذا عبد الوهاب القروي شيخ ابن الجزري الذي أسند عنه في “النشر” قرأ على شيخه أربعين ختمة  كتاب الإعلان للصفاوي، واسحق القزاعي أحد رواية ابن كثير قرأ على ابن صُليح وهو من رواة ابن كثير قرأ عليه سبعاً وعشرين ختمة ثم قال قرأت على البزّي ثلاثين ختمة. ثم محمد بن هارون المعروف بالدمّار قرأ على رويح أربعاً وعشرين ختمة. ومن الأمثلة أيضاً ابن مجاهد صاحب السبعة قرأ عل أبي الزعراء صاحب الدوري عشرين ختمة قرأ. وأبو حيان الإمام المفسّر المقرئ النحوي الشهير لازم شيخه عبد الحق وقال قرأت عليه السبع في نحو من عشرين ختمة إفراداً وجمعاً ومجاهد صاحب ابن عباس التابعي الجليل قرأ على ابن عباس رضي الله عنهما كما هو معلوم وعرض عليه ثلاث عرضات وفي رواية قال قرأت على ابن عباس تسع عشرة ختمة ولا تعارض بين هذين الخبرين كما قال ابن الجزري رحمه الله عن مجاهد قرأ على عبد الله بن عباس بضعاً وعشرين ختمة ويقال ثلاثين عرضة ومن جملتها ثلاث سأله عن كل آية فيما كانت، توفي مجاهد رحمه الله وهو ساجد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: قد يسأل سائل هؤلاء الذين ختموا ثلاثمائة ختمة وأربعين ختمة هل هذا طلباً للإتقان أم أن الحروف التي يقرأونها ويكررونها صعب وتحتاج إلى إعادة وتكرار حتى تُضبط؟ أم لعلو إسناد الشيخ المقرئ يطلبون التكرار عليه؟ ما هو السبب في هذا التكرار؟

الدكتور أحمد بن حمود الرويثي: لا شك أن الإتقان ملحظ وأساس هذا التكرار والقرآءة المتكررة وهذه الختمات ابتغاء الأجر من الله عز وجل والتعبّد من القارئ ومن المقرئ أيضاً لأنهم يتعبّدون بذلك لا يملّون لا يريدون ختمة فيتصدر أحدهم للتدريس وهو لم يتقن. وأيضاً يوسف بن عمرو الأزرق صاحب ورش لازم ورش مدة طويلة ونتيجة الملازمة حصل منه الاتقان فأسفر عنه الأداء وقال كنت نازلاً مع ورش في الدار فقرأت عليه عشرين ختمة بحدر وتحقيق فأما التحقيق فكنت أقرأ عليه في الدار التي نسكنها وأما الحدر فكنت أقرأ عليه إذا رابطت معه في الاسكندرية فهم قُرّاء ومرابطون مجاهدون في سبيل الله.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الحقيقة هذه قصص تبعث الهمّة ولعل الأخ عبد الله الذي يستمع إلينا يجد أنه ليس الوحيد الذي يكرر الختمة على شيخه وإنما هذا

الدكتور أحمد بن حمود الرويثي: وأخيراً أختم بالإمام قالون رحمه الله عيسى بن مينا الشهير بقالون لازم شيخه الإمام نافع، قيل لقالون كم قرأت على نافع؟ قال ما لا أحصيه كثرة إلا أني جالسته بعد الفراغ عشرين سنة حتى قال لي نافع كم تقرأ عليّ، إجلس إلى أسطوانة حتى أرسل إليك من يقرأ وهذه إجازة من نافع رحمه الله لقالون وانظر كيف كتب الله له القبول وكم له الأجر عندما يُقرأ من طريقه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فتح الله عليك يا دكتور أحمد وجزاك الله خيراً. شكراً جزيلاً للأستاذ الدكتور أحمد بن حمود الرويثي أستاذ القرآءات بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة. ما تعليقك يا دكتور محمد على مثل هذه القصص؟

د. محمد بن فوزان العمر: ما شاء الله!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مر معك

د. محمد بن فوزان العمر: نعم، أبو القاسم الهُذلي مثلاً صاحب كتاب “الكامل في القرآءات الخمسين” والكتاب حُقّق

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ويبدو أنه من أكبر الكتب

د. محمد بن فوزان العمر: نعم أكبر كتب. قال ذكر هذا الإمام الذهبي والله ما من جبل ولا بحر ولا سهل ولا أرض إلا وطأتها طلباً للعلم وقد قرأت على أكثر من ثلاثمائة من الشيوخ. الإمام نافع قال قرأت على سبعين من التابعين وهو إمام دار الهجرة. وإذا ما بحثت في كتب القرآءات والتراجم وسير أعلام النبلاء لوجدت أن القُراء يحرصون كل الحرص على كثرة القرآءة على المقرئين وهذا مؤداه إلى الضبط أولاً، ثانياً التنوع في السند والأمر الآخر أنه يأتي كل واحدمنهم بفوائد لم يأتِ بها الآخر في طريقة الأداء في طريقة التجويد في طريقة الملحوظات في طريق الفوائد التي يذكرها هذا يذكر فوائد فقهية هذا يذكر فوائد تفسيرية هذا في الحديث هذا في التجويد هذا في القرآءات هذا في الصفات كل واحد منهم يأتي بفوائد لم يأت به الآخر  ولذلك السلف رحمهم الله تعالى يحرصون كل الحرص أن يكون الواحد منهم يقرأ أكثر من ختمة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: الأخ أبو عائض سأل سؤالاً عن الجمع بين الروايات هل يجوز لي أن أجمع بين الروايات إما في مجلس وإما في صلاة؟

د. محمد بن فوزان العمر: هذا المجلس ليس للفتوى يا دكتور عبد الرحمن لكن المسألة حقيقة أنا عندي بحث فيها وهي مسألة -إن أذنت لي- وهي القرآءة بغير رواية أهل البلد وأنا عندي تحفظ كبير على

الشيخ عبد الرحمن الشهري: على القرآءة بغير الرواية المشهورة

د. محمد بن فوزان العمر: نعم، طبعاً في المساجد العامة لكن في مجالس العلم مجموعة من طلبة العلم في كلية أو في معهد علمي أو مجموعة من الناس يعرفون القرآءات هذا لا بأس به لكن إذا كان في مسجد عام ويقرأ بشعبة أو ورش أو بالكسائي أو غيره فأنا الحقيقة شخصياً لا أحبذ هذا لأنه يحدث بلبلة وهناك نصوص كثيرة جداً لو أردت لسقتها لك واحداً تلو آخر، أعطيك منها: أولاً الإمام ابن مجاهد استتاب من شنبوذ وقصته معروفة مذكورة في ترجمته وفي المرشد الوجيز لابن شامة المقدسي إنكار ابن مجاهد على ابن الشنبوذ ليس لأنه قرأ قرآءات شاذة وإنما عندما ذكر القرآءة واستتابه وذكر في المحضر الذي في شهود القضاة قال لأنه خالف قرآءة العامة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل يقصد بها قرآءة عامة الناس؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا، قرآءة عامة القراء، قرآءة الجمهور. أبو شامة في “إبراز المعاني” ذكر نصّاً عن ابن كثير رحمه الله تعالى قال لقد سمعت فلاناً أنه يقرأ بقرآءة ابن عامر فقولوا له ينتهي – هذا معنى كلامه- وإلا ضربته بدُرّة عمر

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لأنها ليست هي السائدة في البلد

د. محمد بن فوزان العمر: ليست هي السائدة. أعطيك المحاذير في القرآءة بغير رواية أهل البلد أولاً مثلما ذكرت إحداث البلبلة. الأمر الثاني أنه قد يدخل الإنسان عُجْب وقد هلك القُراء في هاتين الخصلتين الغيبة والعجب. الأمر الثالث أنه نفترض أن القارئ إذا كان في مسجد عام، هذا حديثنا، نفترض أنه أخطأ في القرآءة من يرد عليه؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يرد عليه واحد متخصص يذهب ليصلي معه

د. محمد بن فوزان العمر: لا، افترض ما عنده أحد هذا يفترض هذا مدعاة أن يخلط بين القرآءات. نفترض أيضاً أنه لم يخطئ هذا يجرّئ الناس على القرآءات القرآنية ويقرأ بها كل أحد، يسمع الإمالة يسمع الروم يسمع التسهيل يسمع النقر وما إلى ذلك ثم يأتي بها ويخلط بينها ومن المعلوم أن ابن الجزري في “النشر” في المجلد الأول ذكر ضوابط الترتيب والخلط بين القرآءات وأن الأصل فيهابانها مقروءة وفي بعض الأحيان قد تكون محرّمة إذا كان فيها خلط بين المعاني. أيضاً ابن قدامة في “المغني في كتاب الصلاة ذكر أنها مكروهة أن يقرأ الإمام بغير رواية أهل بلده، هذا أقل ما يقال، هذا إذا قلنا بالكلام الفقهي ومن المحاذير أيضاً أنه ليس هناك فائدة نحن قلنا الصحابة رضي الله عنهم كانوا يسمعون النبي صلى الله عليه وسلم ويؤدّون كما سمعوا، هل عامة الناس يؤدون كما سمعوا؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليس بالضرورة

د. محمد بن فوزان العمر: ليس بالضرورة. نحن عاجزون عن ضبط رواية حفص فكيف ننطلق إلى غيرها؟!

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعني يا دكتور محمد أذكر قصة يذكرونها عن الشيخ محمد أمين الشنقيطي رحمه الله أنه كان هنا في الرياض فاستخلفه إمام الجامع الكبير في إحدى الصلوات إما في المغرب أو العشاء والشيخ محمد الشنقيطي جاء من موريانيا ويقرأ برواية ورش فقرأ الفاتحة على سجيته (الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم) (ملك يوم الدين) فردّ عليه عامّاً (بغير ألف) هل بتعامل عامّة كما تفضلت (مالك يوم الدين)، (ملك يوم الدين – مالك يوم الدين) فلما انتهت الصلاة قام أحد كبار السن وقال له ما دام أنك لا تعرف أن تقرأ لماذا تصلي بالناس؟! فقال هذه رواية نافع، قالوا من نافع هذا؟! الله لا ينفعك أنت وهو! انظر كيف أحدث بلبلة مع أنه من كبار علمائنا الشيخ محمد بن كابر الشنقيطي. فالشيخ تنبّه لهذا وقال أنا نسيت

د. محمد بن فوزان العمر: وهناك فتوى من هيئة كبار العلماء في المملكة أنه القرآءة برواية غير رواية حفص بأنه محذور. هناك نقطة أخرى لكن حتى لا ندخل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعني أقلب عليك الطاولة يا دكتور محمد وأقول لك أنت الآن ترى أن فيها محاذير عندما تقرأ بين العامّة برواية قالون أو برواية ورش وهم يألفون رواية حفص أو في المغرب تقرأ برواية حفص وهم يألفون رواية قالون مثلاً لماذا لا نقول يا دكتور محمد وههذ بالمناسبة كنت تناقشتها مع الدكتور سالم الزهراني وهو إمام أحد الجوامع في مكة المكرمة وهو يفعل ذلك يقرأ بروايات فيقول: عارضني بعض الناس وقالوا لي لِمَ تقرأ بهذه الروايات وهي غير مألوفة؟ فقال أنا استمريت على هذا فقال أصبح الذين يرتادون على المسجد تعرفوا على القرآءات فأصبحوا يعرفون القرآءات هذه قرآءة ابن كثير وهذه قرآءة شعبة وهذه قرآءة أبي عمرو البصري وهكذا فيقول ألِفوا وعرفوا القرآءات، أليس هذه مكسب يا دكتور محمد؟

د. محمد بن فوزان العمر: نحن نفرّق بين معرفة الشيء وبين العمل به، هذا الجانب الأول. الجانب الثاني نحن في صلاة الصلاة ليست مجالاً لتعلم الناس القرآءات وما إلى ذلك. والأمر الآخر -أعيده مرة أخرى- أن القرآءات بالذات طريقة أدائية لا يستطيع كل أحد أن يؤديها إلا بالممارسة وكثرة القرآءة والإقراء على الشيوخ فأن تكون قرآءتي مدعاة للناس في كل وقت الصغير والكبير يتجرأ على القرآءات هذا في رأيي أنه غير صحيح. الجانب الآخر أيضاً أن قضية القرآءات ليست صعبة لكن يمكن أن نخصص مثلاً بعض الحلقات في المساجد المشهورة في كل مدينة أن يكون هناك قرآءات بروايات مختلفة يأخذ الناس بها لكن أن يكون الإمام اليوم قرآءة الكسائي غداً قرآءة حمزة بعده قرآءة ابن عامر ثم أبي عمرو أعتقد أن هذا مدعاة إلى تلاعب الناس بكتاب الله. الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عندما سُئل عن مثل هذا قال عبارة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله؟ بعض الناس لا يستأنس بمثل هذه القرآءات خاصة إذا جاءت بعض الألفاظ الغريبة في القرآءات. حدثني بعض الإخوة قال صلّينا في أحد الجوامع التراويح وكان يقرأ برواية فسمعنا الأطفال يضحكون، هذا هو مؤدّى هذا، فنحن نبحث عن الفائدة. تقول نريد أن نعرِّف بالقرآءات، يمكن أن نعرِّف بالقرآءات لكن في غير الصلاة لأن الصلاة عبادة يخشع الناس بها. ثم أيضاً أضيف أنه في الصلاة أنت الآن تتأمل ليس فقط المعاني بل ستتأمل ما هي الخلافات بينه وبين حفص، جاء بإمالة بعدها بروم واشمام صار ذهنك أشغلك بأمر أنت في غنى عنه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذن هذه مسألة مهمة جداً ترتبط بهذا ولعلها تكون إجابة للأخ أبو عائض وأستأذنك يا دكتور محمد نأخذ فاصلاً قصيراً ثم نعود إن شاء الله لإكمال حديثنا.

*.*.*.*.*.فاصل *.*.*.*.*.*

جوال تفسير

*.*.*.*.*.*.*.*.*.*.*

الشيخ عبد الرحمن الشهري: حياكم الله أيها الإخوة المشاهدون مرة أخرى وما زال حديثنا متصلاً مع فضيلة الدكتور محمد بن فوزان العمر حول مسألة إجازات القُرّاء وتاريخها. يسعدنا أن نرحب بأخي الدكتور عبد الله الجار الله معنا على الهاتف، حياك الله دكور عبد الله

د. عبد الله الجار الله: الله يحييكم ويبارك فيكم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أهلاً وسهلاً دكتور عبد الله الجار الله أستاذ متخصص في القرآءات والإقراء وأيضاً هو طبيب فوق ذلك ما شاء الله. وقف بنا الحديث حول مسألة مهمة وهي مسألة التساهل في منح الإجازات القرآنية هل هذا موجود في تاريخ الإجازات القرآنية وتاريخ القُراء أن هناك من يتساهل في منح الإجازة لمن لا يستحقها أو أنه هو أصلاً الذي يمنحها هو غير مؤهل لمنح الإجازة؟

د. عبد الله الجار الله: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. ابتداء أحييك يا دكتور عبد الرحمن وأحيي ضيفك الشيخ الخليل محمد العمر وهو خير من يتحدث في هذا الباب وبحوثه ودراساته معروفة في موضوع الإجازات والأسانيد. لكن برأيي أن مسألة التساهل في الإجازات القرآنية هي من المسائل المهمة التي ينبغي تناولها بالبحث وهذا البرنامج المبارك من المنابر التي يُدرس ويُطرح فيها مثل هذه المسائل. لذلك أهمية هذه المسألة لأن الإجازات القرآنية وتلك الأسانيد المتصلة الحقيقة إنما هي بمعناها ودلالاتها شهادات على تمام الضبط وإتقانه فلا ينبغي أن تُمنح إلا لمن يستحقها من الحُفّاظ المتقنين فإذا ما وجد تساهل في تلك الإجازات والشهادات كان واجباً على المتخصصين أن يتدخلوا وذلك صيانة لكتاب الله تعالى وأيضاً حفظاً لهيبة تلك الأسانيد والاجازات فإن تلك الأسانيد كما يعلم الجميع وتلك الإجازات تتصل صلتها بالنُخَب الطاهرة والعلماء الأفذاذ الذين تعبوا بتحقيق هذا العلم الشريف ومسائله وتدقيق أبوابه حتى ينتهي ذلك الإسناد إلى الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم عن اللوح المحفوظ عن ربه جلّ وعلا. فإذا كانت هذه الأسانيد وتلك الإجازان بهذه الفخامة وتلك الكيفية فلا بد أن ترعى حق رعايتها فتؤخذ بحقها وإلا كما يقال فلا. وأقصد بحقها هو أن يستوفي كلٌ من الشيخ والقارئ الختمة والقرآءة من جميع الجوانب بلا قصور ولا تقصير ولا يمكن أن يكون ذلك كذلك إلا بطول الصحبة والملازمة وأن يستحضر كلٌ منهما أي من الشيخ والقارئ أن الأمر متعلق بكتاب الله تعالى وكما تعلمنا من أشياخنا فإن الأمر إذا تعلق بكتاب الله فلا يكفي فيه حد الكفاية ولا حد الكفاءة بل لا بد فيه من الاجتهاد وبذل ما يستطيع ليصل إلى حد السنام. لو نظرنا شيخ عبد الرحمن إلى سير المشايخ الكبار ولا أتكلم عن الأموات رحمهم الله وإنما أتكلم عن أمثلة حية نراها ونسمع قرآءتها مثلاً شيخنا الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي أخبرني أنه مكث في ختمة القرآءات قريباً من أربع سنين. مثلاً شيخ القراء في المسجد النبوي الشيخ ابراهيم الأخضر مكث في القرآءات السبع وكانت قرآءته على الشيخ عبد الفتاح القاضي أكثر من ثلاث عشرة سنة. الشيخ عبد الرافع رضوان يحدثني أنه قرأ الشاطبية على شيخه بالقرآءات السبع ثم لما انتهى لم يعطه إجازة وطلب منه أن يعيد طلباً للضبط والإتقان وكذا شيخنا المحقق الشيخ محمد خليل الزعبي كما حدّثني في سيرته أنه لبث في قرآءاته للقرآءات العشر أكثر من سبع سنين وكذا قرآءاته على بقية المشايخ. وكل من ذكرت من أسماءهم من كبار المشايخ والمقرئين في العالم الإسلامي ولما كانت قرآءتهم بتلك الكيفية وهذا الشكل المتقن فقد بارك الله في إقرائهم وفي تلاميذهم. مسأل التساهل في منح الإجازات والأسانيد لها أسباب ولها أشكال. من أشكالها:

  • عدم الحرص على التدقيق في أحكام التجويد وتحقيقها
  • من أشكالها عدم إصغاء الشيخ للطالب أثناء القرآءة وربما اشتغل الشيخ بأمور أخرى كالإطلاع على كتاب أو الرد على الهاتف فيقرأ الطالب الصفحة والصفحتين والشيخ في شغل عنه
  • من أشكال التساهل التسريع في القرآءة فالطالب قد يختم في يومين أو ثلاث أيام وهو لا يزال في مرحلة الطلب وهناك أشكال أخرى.

لكن كما هناك أشكال في التساهل في منح الإجازات أيضاً هناك أسباب ولا أريد أن أتعرض لكل الأسباب لكن أريد أن أذكر سبباً لعله له حضور وتواجد في هذه الأزمان وهو ما أسميه أنا بتجارة الإقراء والإجازات فانتشر هذا الأمر وشاع بين المنتسبين بهذا العلم الشريف حتى ظهر قوم من المقرئين يتنافسون في أثمان الإجازات والإقراء فمنهم من جعل ثمناً للختمة الواحدة لراوٍ واحد وثمناً آخر لختمة القرآءات السبع منهم جعل ثمناً أكبر لختمة القرآءات العشر الصغرى وأما ختمة القرآءات العشر الكبرى فلا تسأل عن أثمانها بل بعضهم يشترط الثمن قبل بداية الختمة، هذا كله كان سبباً في التساهل في منح تلك الإجازات والأسانيد الغالية. قد يقول قائل إن هذا من باب أخذ الأجرة على كتاب الله ويستدل بالحديث الصحيح عند البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما “إن حق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله” لكن في الحقيقة يُردّ على مثل هذا أن هؤلاء المتاجرين بالأسانيد والإجازات إنما يكون إقراؤهم بعضهم أنا لا أتكلم عن الكل وإنما أتكلم عن شريحة من أولئك يكون إقراؤهم على حساب الضبط والتحقيق والاتقان فنجد الطالب عندهم يختم ختمة بالقرآءات العشر الصغرى أو الكبرى في أزمان لا يقدر عليها حتى المتقنون وأحياناً إذا أراد بعض الطلاب مثلاً مع أولئك المشايخ أن يستوفي قرآءته على الوجه الصحيح بحيث يأتي بالأوجه ويحرر المسائل يستعجلوه ولا يوافقوه. فهذه من الأسباب الرئيسية في التساهل في منح الإجازات وما يترتب على هذا مما يترتب من قلة الضبط والاتقان.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: يا دكتور عبد الله أنا أعرف أنك وفقك الله من الخبراء في الأسانيد والقراء وأنك سافرت كثيراً وكتبت كثيراً عن القُراء وقد قرأت لك الكثير في مجلة ضياء وفي غيرها في هذا الجانب، هل مر عليك من هذا النوع من يتساهل في الإجازات من يمنحها بمقابل ويحرص على مقابل عالي مثلاً دون ذكر أسماء؟

د. عبد الله الجار الله: والله لا نتحدث عن أسماء ولكن كل من قرأت عليه ورحلت إليه من الأشياخ الكبار كلهم بلا استثناء لا يمنحون تلك الإجازات وتلك الأسانيد إلا بحقها فهم يحرصون على الطالب إذا كان يريد أن يأخذ القرآءات ويشترطون عليه قرآءة بل إن بعض الأشياخ الذين نعرفهم حصل منه تساهل بمنح الإجازات كان يتأول في هذا ويقول إنها من إجازات أهل الحديث لكن لما اتضح له أن هذه الطريقة فتحت باباً إلى قلة الضبط وقلة الاتقان تبرأ من ذلك وخرج في إعلان أُعلِن في المنتديات وبعض المجلات أنه لا يجيز إلا من قرأ عليه ختمة كاملة. أنا لا أعرف من الأشياخ الكبار والمرجعيات العلمية المعتمدة من يقرئ بهذه الطريقة. هناك لا شك ما يسمى الإجازة بالمتابعة فيأتي الطالب ويقرأ على شيخ من المشايخ سورة الفاتحة وبعضاً من سورة البقرة ثم يجيزه بباقي القرآن وهذا كما يعرف المتخصصون أنه ذكره بعض المحققين من قبل وابن الجزري حصل على بعض إجازاته بهذه الطريقة لكنها لا تكون إلا للضابط المتقن فلا يجوز أن يُجاز بهذه الطريقة وجدنا من بعض المشايخ من يجيز من لم يقرأ القرآءات العشر أصلاً فيجيزه بالفاتحة وبعضاً من سورة البقرة وبعضهم يجيز من لا يحفظ وهذا حصل وأعرفه أنه يجيز من لا يحفظ القرآن

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه مشكلة. نختم يا دكتور عبد الله

د. عبد الله الجار الله: أنا أشكركم على طرح مثل هذا الموضوع

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك مسأل يا دكتور عبد الله لعلنا نختم بها معك وهي مسألة الحرص على علو الإسناد ألا يعتبر هذا من دواعي أو أسباب التساهل في منح الإجازات من كثرة تزاحم الناس عند بعض القُراء مثلاً لعلو إسناده ورحلة الناس إليه فيتساهل في منح الإجازة، هل هذا وارد؟

د. عبد الله الجار الله: لا شك أن الإسناد العالي مطلب عالي وهو منقبة ثانية لكنه كما قال أشياخنا أن المطلوب علو القرآءة أولاً لا علو الإسناد فلا يكون علو الإسناد على حساب الضبط والاتقان. إذا وصل الطالب إلى درجة من الضبط والتحقيق والاتقان فلا بأس أن يبحث عن الأسانيد العالية ولكن في الحقيقة في الأزمان الماضية كما يقول بعض المشايخ كان طلاب العلم يبحثون عن الأسانيد العالية وقلوبهم مليئة بالإخلاص وكان رقيّهم وتدرّجهم في هذا العلم رقياً علمياً منضبطاً أما أن يبحث عن الأسانيد العالية وهو في الحقيقة عنده خلل كبير في أدائه وقرآءته فهذا لا يوافَق عليه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكراً جزيلاً دكتور عبد الله، فتح الله عليك. الدكتور عبد الله الجار الله أستاذ القرآءات والإقراء والمتخصص فيه وهو طبيب أيضاً شكراً جزيلاً على هذه المداخلة الماتعة الرائعة وأنا أعرف الدكتور عبد الله ولعلك أعرف مني به له جهود كبيرة في ترجمة القُراء وينشرها كثيراً. هل من تعليق على ما ذكره الدكتور عبد الله؟

د. محمد بن فوزان العمر: كلام رائع جداً وأثنّي على كلامه بما ذكره الإمام الذهبي في معرفة القُراء الكبار في ترجمة محمد بن أحمد المعروف بابن صاحب صلاح ذكر في ترجمته قال ابن الأبّار لم آخذ عنه لتسمّحه في الإقراء سامح الله له. بما أنه يتسامح في الإقراء فأنا ما آخذ عنه.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وهذا كلام الذهبي؟

د. محمد بن فوزان العمر: قاله ابن الأبّار، نقل عنه. قال الذهبي بعد ما نقل كلامه: قلت وأنا رأيت له ما يدل على تسمّحه بخطّه أن بعض القرأة قرأ عليه في ليلة واحدة ختمة كاملة برواية نافع! وتعرف رواية نافع براوييه ورش وقالون. بل إنه ذكر بعض أهل العلم أن من أراد القرآءات أن يُفرد لوحده بختمة (كلمة غير واضحة) بختمة نظراً لصعوبة قرآءة نافع وحمزة وكثرة اختلاف الرواة عنهم. أيضاً هناك مسألة أخرى نحن ذكرناها في مسألة رواية حفص والقرآءة بغير رواية حفص هناك مسألة يذكرها أهل العلم: لماذا انتشرت رواية حفص؟ هناك بعض الأسباب

  • أولاً طباعة المصحف سبب رئيس في انتشار رواية حفص
  • ثانياً أن حفصاً رحمه الله انتشر هو بنفسه وذهب في البلاد ونشر روايته
  • أيضاً أن القضاة في العالم الإسلامي كان لهم دور في بقاء رواية حفص دون غيرها بمعنى أن بعض القضاة وبعض الأمراء والوزراء كانوا يفرضون على الناس رواية فلان عن فلان. فمثلاً الإمام نافع روايته موجودة في المغرب العربي كانت روياته مفروضة هناك فلا يقرأون إلا بها. وهذا من أسباب انتشارها وهذا أيضاً هو الذي جعلني أقول في اختلاف الروايات أن الإنسان لا بد أن يتمسك برواية التي هي رواية أهل بلده لأنها تمثل أيضاً المذهب الفقهي، رواية حفص هي اقرب شيء للمذهب الفقهي وأيضاً كما يقال في قرآءة الإمام نافع أنها تمثل المذهب المالكي.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإن كان الأمر يا دكتور محمد الآن مع انتشار القنوات الإعلامية والإذاعات أصبحت رواية حفص شائعة ومشهورة حتى في المغرب العربي. وأذكر أني صليت يوماً في المغرب صليت بهم صلاة في الجامع فكنت أريد أن أقرأ برواية ورش لأنها رواية البلد فأصرّوا عليّ كلهم أن أقرأ برواية حفص قالوا نحن نريد أن نسمع رواية حفص نحن نقرأ برواية ورش ونريد أن نسمع برواية حفص فهي مألوفة عندهم

د. محمد بن فوزان العمر: أُلِفت وأصبحت الآن في المغرب العربي طرقت ودخلت المغرب العربي بقوة رواية حفص وأنها أصبحت تزاحمهم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: دعنا يا دكتور محمد أخشى أن نزدحم الآن، الأخ مصعب عندما سالنا قبل قليل قال أنا قرأت القرآن واعتمدت على الله ثم على نفسي وقرأت القرآن وتعلمته ولم أنتظم فيه، ما توجيهك له؟ ليس حديثنا في الإجازات عن مثل مصعب ، مصعب ينبغي أن يبدأ.

د. محمد بن فوزان العمر: طبعاً أنا ذكرت هذا في مناسبات أخرى أن تعلّم القرآن الكريم الحمد لله الآن المجال مفتوح ومتوفر سواء كان في المصحف المعلِّم، في السيديهات، في الأقراص، سواء كان في الأشرطة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أو الحلقات في المساجد

د. محمد بن فوزان العمر: الحلقات في المساجد يعني هناك مجال كبير ولله الحمد في تعلم القرآن الكريم وبسهولة فأنا أعتفد الآن أن الإنسان لا يُعذَر إلا ما رحم الله في عدم قدرته على تعلم كتاب الله عز وجل على الأقل في مقدار ما تقوم به الصلاة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وإن كان الأخ مصعب في تصوري الشخصي الأفضل له أن يقرأ على شيخ أو على مقرئ يتعلم وإن كان بعض المقرئين أحياناً ينفّر القارئ يأتيه الطالب فيرى كثرة اللحن عنده فربما أنه يصيح عليه أو يزعجه فيترك القرآءة بالكلية. معنا الأخ أبو عبد الرحمن من المدينة المنورة.

الأخ أبو عبد الرحمن من المدينة المنورة: (الإتصال غير واضح)

الشيخ عبد الرحمن الشهري: مما فهمت أنك تحدثت عن السيد لاشين رحمه الله وتوثيق الإجازات

الأخ أبو عبد الرحمن: أنا ذهبت لإدارة الحرم حتى أوثق الإجازة فلا بد أن أختبر فجرى الاختبار على صحة توقيع الشيخ فلو كانت موجودة في باقي الجمعيات أو في إدارات أخرى ممكن تغني عن مسألة الشهادة لأن الشهادة قد يكون فيها صعوبة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأنت يا عبد الرحمن عندك إجازة من الشيخ سيد لاشين رحمه الله؟ بأية رواية؟ بالروايات السبع؟ أو بإحداها؟

عبد الرحمن: نعم من الشيخ سيد رحمه الله. رواية حفص

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ما شاء الله! الله يوفقك

عبد الرحمن: هذه مشكلة لو يعقّب عليها الضيف لعلها تكون في لقائه مع القرآء لأن كثيراً من القراء في المدينة لا يُقرئون حفص يقولون نحن مشغولون بالقرآءات العشر فاذهب إلى غيرنا، فلا تجد أصحاب السند العالي يُقرئون برواية حفص.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: نقطة مهمة جزاك الله خيراً. الحقيقة لفتة مهمة. أولاً قضية توثيق الإجازات الموجودة في الحرم المدني فكرة حلوة

د. محمد بن فوزان العمر: هذه فكرة جميلة وهذا ما ذكرته أن توثيق الإجازات هذا مهم ويجب أن يُعمّم على الجمعيات الخيرية

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ألا يوجد في الجمعية هنا في الرياض توثيق لمثل هذه الإجازات؟

د. محمد بن فوزان العمر: لا، لا يوجد. فيما أعلم أنه لا يوجد. يمكن يُجاز ويمشي الشخص، هذا أمر. الأمر الآخر ليس قضية التوثيق قضية ختم ويمشي، القضية أن يُختَبر أولاً ويُعلم هل هذا الشيخ سنده صحيح أو لا؟ هل هذا الشيخ فعلاً قرأ على فلان؟ سنده صحيح أو غير صحيح؟ نحن طبعاً لا نُصعّب نقول توثيق الإجازات أصبحت قضية مزعجة أو قضية

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لا، لكن نضعها في نصابها الصحيح

د. محمد بن فوزان العمر: نضعها في نصابها الصحيح بحيث أنها تكون موثّقة مثلما نوثّق الشهادات وغيرها. أيضاً قضية الأخ يذكر أن الحرم النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والسلام، طبعاً الحرم النبوي فيه جهود كبيرة جداً في الإقراء سواء كان بحفص أو بغيره والحقيقة أن الإخوة في الحرم النبوي لهم جهود تُذكَر فتُشكر. أذكر قصة الفظاظة في إقراء القرآن طبعاً هذه ليست حديثة عهد قديمة أذكر لك مسألة قال أبو عمرو الداني وهو معروف -قال أودعت فيه علمي كله- قال لي أبو الفتح قال لي عبد الباقي قال لي أبو الحسن قرأت بالرقّ قال ثم قم بعد ذلك فقرأ عليه ختمة قال لم يمنعني من أن أقرأ على أبي طاهر إلا أنه فظيعاً وكان يجلس للإقراء وبين يديه مفاتيح فكان ربما يضرب بها رأس القارئ إذا لَحَن فخفت ذلك فلم أقرأ عليه وسمعت منه كتبه. هذا طبعاً مثال على قضية – كما تفضلت- الشِّدة في الإقراء. والتوازن طيب في جميع الأمور وخاصة في مجال الإقراء وحتى بعض الناس من فظاظته وغلظته قد يكون الطفل الصغير يترك الحلقة من سوء خلق المقرئ

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تعليق على كلام الأخ عبد الرحمن عندما قال أن المشايخ المقرئين لا يُقرئون برواية حفص ويرون أنه يمكن أن يأخذها عن أيّ واحد من المقرئين الموجودين لكن الروايات العشر هي التي يمكن أن يُقرئ بها، هل من تعليق على هذا؟

د. محمد بن فوزان العمر: في الحرم النبوي؟ أنا أرى الإخوة في الحرم النبوي لهم جهود كبيرة جداً ولا أتصور أنهم لا يُقرئون، قد يكون مثالاً واحداً أو مثالين لكن أنا رأيت بنفسي في الحرم النبوي حلقات كثيرة جداً يُقرئون بحفص وبغير حفص.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تذكرت مسألة سمعت الدكتور عبد الله الجار الله يتحدث يقول الأسانيد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن اللوح المحفوظ عن رب العزة والجلالة وهناك كثير من الأسانيد رايتها بهذه الطريقة في حين أن الصواب والصحيح ومذهب أهل السنة أن يقال عن جبريل عن رب العزة، جبريل لم يكن يأخذ القرآن من اللوح المحفوظ، أليس كذلك؟

د. محمد بن فوزان العمر: بلى

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هناك مسائل يا دكتور قبل أن تنتهي الحلقة: الفرق بين الإجازة المقرونة بالعرض والسماع والإجازة المجرّدة عنهما، ماذا تقصد؟ ما المقصود بإجازة مقرونة بالعرض والسماع؟

د. محمد بن فوزان العمر: يعني أن يأخذ الإجازة وقد قرأ عرضاً وسماعاً طبعاً هذه الإجازة أنا ذكرتها اقرأها من الكتاب لو تسمح

الشيخ عبد الرحمن الشهري: طبعاً، أنت ذكرتها في المبحث الثامن صفحة 39، ذكرت أن قضية المقرونة بالعرض والسماع هي أعلى درجات الإجازة القرآنية

د. محمد بن فوزان العمر: نعم صحيح، هذه هي أعلى الدرجات، نحن تكلمنا عن قضية العرض والسماع وأعلى شيء أن يعرض التلميذ على الشيخ ويسمع الشيخ ثم الشيخ يلقن التلميذ الصواب وهذه أعلى درجة وهي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل وهي أعلى الدرجات الإجازة. أما أن يكون مجرّداً عنهما هذه بعض العلم لم يُجِز هذا بمعنى أنه سبق أنه أخذ إجازة على أحد ثم هذه تصبح كأنها تابعة لها أو قرينة لها أو من الإجازات التي يُستأنس بها

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولا تكون هي الأصل. بعضهم يا دكتور يأخذ إجازة من شيخ ثم يأتي إلى شيخ أشهر منه فيأخذ منه إجازة من هذا النوع متابعة ثم يأخذها ويجعلها أصلاً في ترجمته

د. محمد بن فوزان العمر: هذا غير صحيح، طبعاً هذه لها شرط وهو أن يكون قد قرأ على الشيخ الأول وعُرِف أو لا بد أن يكون متقناً ووصل إلى درجة كبيرة من الاتقان فليس كل واحد أن تكون متابعته صحيحة، ليست كل متابعة تكون صحيحة ولذلك ابن الجزري يقول: وهل يجوز أن يُقرئ القرآن بما أجيز له على أنواع الإجازة؟ يعني مفتوحة؟ جوز ذلك بعض أهل العلم ولا بد طبعاً من الأهلية والأهلية هي بكثرة العرض على المقرئين وسبق له بأن أجيز بأكثر من شيخ وتعورف أن هذا الرجل أصبح من الدرجة الكبيرة من الاتقان ولذلك ابن الجزري ذكر في “المنجد” قال ولا يكون إلا لذاك وذاك، يعني نادر وقليل من الناس من يكون مثل هذا. وتعقيباً على الدكتور عبد الله الجار الله واستئناساً بكلامه عندما ذكر أن بعض القُراء يمكن أن يقرأ القرآن الكريم بجزء من القرآن ويُجاز في الآخر هذا داخل في قضية أنه قد بلغ درجة كبيرة من الضبط والاتقان. وأضيف وأكرر ذكر في غاية النهاية أنه قرأ على أحد مشايخه قال: وقرأت عليه إلى قوله (وأولئك هم المفلحون) في أول البقرة، قال وأجازني في الباقي لأنه وصل درجة كبيرة من الاتقان.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لعلي استأذنك نريحك قليلاً مع اتصال هاتفي من أخينا الشيخ فهد الجريوي ليحدثنا عن جديد الدراسات القرآنية، حياكم الله يا شيخ فهد. يبدو لي أنك في الدمام اليوم.

الشيخ فهد الجريوي: حياكم الله شيخ عبد الرحمن، نعم.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: تفضل ما الجديد في كتب الدراسات القرآنية هذا الأسبوع؟

الشيخ فهد الجريوي: لن نطيل عليكم شيخنا.

1.      الكتاب الأول هو “منهج ابن قتيبة رحمه الله في تأويل مُشكل القرآن وأثره في الدراسات القرآنية” للدكتور فادي الرياحنة وهو دراسة لكتاب “تأويل مشكل القرآن” وحديث عنه.

2.      الكتاب الثاني هو “الإعجاز البلاغي لتحولات النظم القرآني في المتشابه من الألفاظ والتراكيب” للدكتور أحمد محمد أمين اسماعيل عضو هيئة التدريس في جامعة طيبة. ومن مباحث الكتاب الإعجاز البلاغي في النظم القرآني في المتشابه والحدث عن الإعجاز البلاغي وحديث كذلك عن النظم البلاغي وحديث عن تفسير الإمام ابن عاشور وتفسيره التحرير والتنوير.

3.      الكتاب الثالث “ليدّبروا آياته” لفضيلة الشيخ ناصر بن سليمان العمر وهو تفريغ لحلقات أذيعت للشيخ ناصر العمر في إحدى القنوات وهو الجزء الثاني، صدر منه الجزء الأول وهذا هو الجزء الثاني

4.      كذلك صدر للشيخ كتاب “ولا يلتفت منكم أحد”

هذا تقريباً ما يتعلق بجديد هذا الأسبوع من كتب في الدراسات القرآنية.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أحسنت، ولو لم يكن فيها إلا كتاب منهج ابن قتيبة هذا فهو كتاب مهم جداً. شكراً جزيلاً لك يا شيخ فهد. نعود لفت نظري مسالة مهمة في كتابك على وجازته وهي قواعد عامة في الإجازات القرآنية صفحة 56 في الكتاب، لعلنا نتحدث عنها في ختام هذه الحلقة لكي تكون ترسخ في أذهان الإخوة المشاهدين الأشياء العامة في مسألة الإجازات

د. محمد بن فوزان العمر: أنا ذكرت في بداية الحديث أن قضية الإجازات في الحقيقة تحتاج إلى تتبّع، مسألة إجازات المشارقة والمغاربة وكيف أستخلص من تلك الإجازات والأسانيد قواعد وأركان وضوابط وشروط وألفاظ هذه تحتاج إلى تتبع.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ألا يوجد كتاب حاول أن يجمعها؟

د. محمد بن فوزان العمر: الدكتور عبد الهادي حميتو ذكر في كتابه “قرءة الإمام نافع” في سبع مجلدات ذكر أمثلة للإجازات بأسانيدها فطبعاً حقيقة يحتاج هذا الأمر إلى تتبّع. أذكر آتي لأسانيد أفصّل فيها وأعرف القواعد العامة التي ذُكرت والضوابط كما ذكرت.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل هم يفرّقون يا دكتور وهذه أيضاً مسألة نسينا أن نطرحها في المقدمة وهي الفرق بين الإجازة والإسناد عندما تُعطى إسناداً، الإسناد هو تسلسل السند المتصل من المقرئ إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى من فوقه والإجازة هي مجرد إجازة أنني أنا فلان ابن فلان قد قرأ عليّ فلان وأجزته برواية حفص عن عاصم مثلاً، دون أن أذكر له الإسناد، هل هذا صحيح؟ هل هذا هو تفريق مقبول أم أن الإجازة  هي الإسناد والإسناد هو الإجازة؟

د. محمد بن فوزان العمر: هي في الحقيقة أربعة أقسام: أن يقول له الإذن والأهلية، ثانياً أن يعطيه الأهلية أو الإجازة مجرّدة أو الإذن مجرّداً.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وضحها لنا باختصار

د. محمد بن فوزان العمر: عندما قلت “الإذن والأهلية” ما ذكره ابن الجزري قال: ولا يعطها إلا لذاك وذاك. يعني أن يقول له أجزتك مثلاً برواية فلان أو بالقرآءات السبع أو العشر وما غير ذلك وأذنت لك بروايتها وإجازتها لكل أحد من الناس بشروطها المعتبرة، هذه أعلى درجات الإجازة. لكن يقول له أجزت لك رواية فلان هذه إجازة له خاصة لكن هذه ليست إذناً ليجيز غيره. هذا فرق واضح ومهم جداً. لكن عندما يقول له أجزت لك رواية فلان وأذنت لك أن تُقرئ بها هذا هو الصحيح بالإجازة وطبعاً هذا هو الإذن والأهلية. لكن عندما يقول له أنا أذنت له أن يُقرئ هذه ليست إجازة، هو ضبط إلى حد ما لكن لا أجيز له أن يتكلم بإسنادي أن أعطيه إسنادي. ولذلك قضية ضبط الألفاظ ألفاظ الإجازات تحتاج حقيقة إلى معرفة لألفاظ المجيزين من المقرئين المتقدمين وهي كما هي عند المحدّثين في ألفاظهم الدقيقة في الأخذ والأداء.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هل أنت يا دكتور محمد عندما كتبت الكتاب هنا هل حصلت على عدد كبير من صيغ الإجازات؟ أم اكتفيت بما في كتب التراجم والقرآءات؟

د. محمد بن فوزان العمر: حقيقة لا أخفيك أن تتبعها يحتاج إلى وقت وأنت تعرف أن مثل هذه البحوث إنما هي لفتات وقابلة للتوسع. وحدثني بعض الإخوة أنه تقدم برسالة دكتوراة في جامعة أم القرى عن الإجازات القرآنية طبعاً هذا إذا كان صحيحاً فلا بد أن يكون توسع فيها بل يشترط عليه أن يتوسع ويأتي بتفاصيل لكن الذي ذكرته في الكتاب إنما هو عبارة عن بعض الإشارات من باب الدراية وليس من باب الرواية

الشيخ عبد الرحمن الشهري: باقي معنا ست دقائق يا دكتور محمد. القاعدة الأول تقول: أن الشيخ المجيز يكتبها ويوقعها ويؤرخها إن اقتضى الحال بخط يده صيانة لها من التدليس والتزوير ودفعاً للظنون والشكوك ورفعاً للشبهات والأقاويل. هل أنت ضد الطباعة بالكمبيوتر أم ماذا؟ تشترط أن يكتبها بخط يده

د. محمد بن فوزان العمر: والله أفضل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: كاملة؟

د. محمد بن فوزان العمر: نعم، كاملة، ما الذي يمنع؟! بعض المقرئين قد يكون كفيفاً لكن يُلزِم الطالب أن يخطها بيده أو يخطها أحد ثم يقرأها عليه بسنده واحد تلو الآخر ثم يختمها (يبصم ويوقع)

الشيخ عبد الرحمن الشهري: إذن هذه هي القاعدة الأولى أو النقطة الأولى

د. محمد بن فوزان العمر: هو أفضل حقيقة ولعله إن شاء الله يكون أبرك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ولذلك تأييداً لكلامك الصكوك التي في المحاكم أنا أقارن بين الصكوك القديمة التي عندنا والمطبوعة حديثاً، صدِّق أن الصكوك القديمة أوثق وأتقن

د. محمد بن فوزان العمر: صحيح، وتملس فيها رائحة السلف في كتابتهم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: لها أيضاً بعد تاريخي وتراثي. القاعدة الثانية التي ذكرتها من القواعد؟

د. محمد بن فوزان العمر: يلتمسها الطالب متى أحس بثبوت قدمه في ميدان علم أستاذه هذا مثل ما ذكر د. عبد الله الجار الله أن كثير الآن يطمح أن يأخذ الإجازة بسرعة وأبو عمرو الداني ذكر في مفردات أبي عمرو ومفردات أبي عمرو الآن أخرجها الدكتور حاتم كل واحدة لوحدها قالوا بعضهم ختم في نصف يوم وبعضهم ختم في ساعة من نهار هذا كله يدل على عجلة بعض الناس في الختمة والأصل أن الإنسان يقرأ القرآن الكريم إرادة للثواب والأجر وأيضاً إرادة للإتقان (الذين يتلونه حق تلاوته) يعني يؤدونه حق التلاوة لكن هذا لا يمنع أن الإنسان يطلبها عندما يرى نفسه أهلاً لذلك.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: القاعدة الثالثة التي ذكرتها قلت أنها تكون شفوية كما تكون كتابية وهي الأغلب وقد يُجمعان فيجيزه كتابة وقولاً

د. محمد بن فوزان العمر: يقول له أنا أجزتك برواية كذا أو القرآءات السبع أو العشر وهذا معروف عند أهل الإقراء رواية وكتابة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: والرابعة قلت أنها تختلف طولاً وقصراً وقبضاً وبسطاً حسب العلاقة التي تربط الطرفين ووفقاً لحقيقة للشهادة العلمية التي تعطى لحاملها، تقصد أن بعضهم يطيل الثناء على تلميذه

د. محمد بن فوزان العمر: بعضهم يبالغ يقول هذا الجهبذ هذا العالِم يقصد الطالب والأصل التوسط في هذا يقال قرأ عليّ فلان وامتاز بكذا يذكر ما فيه لكن تجد أن كل الإجازات كلها على نسق واحد

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وأظن بعضهم يغلب عليه أن صيغتها واحدة ولكنه يكتب اسم الطالب والتاريخ

د. محمد بن فوزان العمر: الاسم والتاريخ واليوم والمكان

الشيخ عبد الرحمن الشهري: فكلهم يمتازون بهذه الصفات. قلت أيضاً: أنه قد يتحدث فيها معطيها عن شيوخه والإجازات الممنوحة له

د. محمد بن فوزان العمر: ولذلك قُدّمت بـ (قد)

الشيخ عبد الرحمن الشهري: ليست في كل الإجازات

د. محمد بن فوزان العمر: لا، بعضهم يذكر هذا من باب أنه ليس للثناء على نفسه ولكن للحديث حتى لا يُشكك أحد أن هذا الشيخ على من قرأ؟ من شيوخه؟ من باب تثبيت للإجازة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: هذه ليست أشبه ما تكون بالقواعد وإنما أشبه ما تكون بملاحظات عامة على الإجازات. أيضاً قلت تصف الممنوح بالمؤهلات العلمية التي خوّلته استحقاق هذه الشهادة وقلت أنها تشتكل على ما أجيز فيه لطالبها وتحتوي على وصايا من الشيخ ودعاء. قد يأتي سؤال يا دكتور لماذا لا يكون هناك صيغة موحدة مجازة للإجازات القرآنية يقال هذه الصيغة هي التي تُقبل في الإجازات القرآنية؟

د. محمد بن فوزان العمر: هذه صعبة، تضيّق واسعاً

الشيخ عبد الرحمن الشهري: باعتبار أنك أنت طرحت فكرة جميلة وهي قضية اعتماد الإجازات القرآنية يكون داخلاً فيها إن شاء الله

د. محمد بن فوزان العمر: هذه نحن إن شاء الله في كرسي تعليم القرآن الكريم نحن كما ذكرت هناك ملتقى كبار قرآء المملكة والفكرة إن شاء الله الآن منتهية وإن شاء الله سأقوم بعملها. أما بالنسبة لتوحيد ألفاظ الإجازات فأعتقد أن هذا فيه صعوبة وتمحّل

الشيخ عبد الرحمن الشهري: وربما لا يكون إليه حاجة أصلاً

د. محمد بن فوزان العمر: ليس له حاجة لكن المهم أن المعلوم أنه عُرف أن هذه الإجازة بهذه الصيغة عامة وأيضاً كما تفضلت أن يكون الألفاظ واحدة لكل الطلاب، هذه هي أهم

الشيخ عبد الرحمن الشهري: غير مقبولة ربما

د. محمد بن فوزان العمر: لا، غير مقبولة

الشيخ عبد الرحمن الشهري: شكر الله لك يا دكتور محمد، انتهى وقت الحلقة وأشكرك على ما تفضلت به وأتمنى لك التوفيق فيما تقوم به في كرسي تعليم القرآن الكريم وإقرائه وأرجو أن يوفقك الله لعمل هذا المشروع وهو الاعتماد الأكاديمي للإجازات القرآنية.

د. محمد بن فوزان العمر: إن شاء الله فإن وفّقت فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان واستغفر الله وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

الشيخ عبد الرحمن الشهري: أيها الإخوة المشاهدون الكرام شكراً لكم لمتابعتكم لهذا اللقاء مع الدكتور محمد بن فوزان العمر حول الإجازات القرآنية وبعض المسائل وأشكر الإخوة الذين داخلوا الدكتور أحمد الرويثي والدكتور عبد الله الجار الله والإخوة المتصلين وألقاكم بإذن الله تعالى الأسبوع القادم وأنتم على خير حتى ذلك الوقت أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

من قسم الفيديو

من هنا