سورة الحاقة
يقول تعالى: (الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ (3)) ربنا يخاطب نبيه ويسأله قائلاً : وما أعلمك ما هي القيامة؟ ثم لا يجيب على هذا السؤال. وذلك أخي الحبيب لأن القيامة بلغت من الهول والوصف بحيث لا يحيط بها وصف ولا خيال، فهي خطب فظيع وشيء مريع لا يكاد يبلغه علم إنسان ولا خياله. وهذا على عادة العرب فإنهم إذا أرادوا تشويق السامع جاؤوا بالإستفهام يقولون: أتدري ما الأمر؟ وإذا أرادوا وصفه بالشدة والهول سكتوا عن الجواب ليجول الخاطر في معرفة فظاعة الأمر في كل ميدان ممكن.
ويقول تعالى: (كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) الحاقة) إنظر أخي الحبيب إلى هذا الوصف الدقيق لحال (عاد) الذين كانوا متباهين بأجسامهم الضخمة القوية حتى قالوا (وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً (15) فصلت) وكذلك النخلة من أقوى الشجر و لكن لم فعلت هذه الريح العاتية فعلتها بهم وهي من جند الله الذي لا يعلم جنوده إلا هو؟ جعلتهم يقعون على الأرض ليسقط شموخهم عنهم ويصبحوا أذلاء صاغرين ويصبحوا أثراً بعد عين، فقد استأصل الله شأفتهم عن بكرة أبيهم فقال ربنا: (فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ (25) الأحقاف)